حكم ومواعظ
خالدة
خالدة
-
قال الشيخ أبو سليمان الداراني : إني لأخرجُ من منزلي ، فما
يقع بصري على شيء إلا رأيت لله عَلَي فيه نِعْمَة ، أوْ لِي فيه عِبْرَة. رواه ابن
أبي الدنيا في كتاب "التفكر (6) والاعتبار".
-
وعن الحسن البصري أنه قال : تَفَكُّر سَاعَة خير من قيام
ليلة. وقال الفُضَيل : قال الحسن : الفكرة مِرْآة تريك حَسنَاتك وسيئاتك. وقال
سفيان بن عيينة : الفكرة نور يدخل قلبك. وربما تمثل بهذا البيت :
إذا المرء كانت له فكْرَةٌ... ففي كل شيء له عبرَة...
-
وعن عيسى ، عليه السلام ، أنه قال : طُوبَى لمن كان قِيلُه
تذكّرًا ، وصَمْته تَفكُّرًا ، ونَظَره عبرًا.
وقال لقمان الحكيم : إن طول الوحدة ألْهَمُ للفكرة ، وطولَ الفكْرة دليل على طَرْق
باب الجنة.
وقال وهب بن مُنَبِّه : ما طالت فكرة امرِئ قط إلا فهم ، وما (7) فهم امرؤ قط إلا
علم ، وما علم امرؤ قط إلا عمل.
-
وقال عمر بن عبد العزيز : الكلام بذكر الله ، عز وجل ،
حَسَن ، والفكرة في نعم الله أفضل العبادة.
-
وقال مغيث الأسود : زوروا القبور كل يوم تفكركم ، وشاهدوا
الموقف بقلوبكم ، وانظروا إلى المنصرف بالفريقين إلى الجنة أو النار ، وأشعروا
قلوبكم وأبدانكم ذكر النار ومقامعها وأطباقها ، وكان يبكي عند ذلك حتى يُرْفع صَريعا
من بين أصحابه ، قد ذهب عقله.
-
وقال عبد الله بن المبارك : مَرَّ رجل برَاهبٍ عند مَقْبَرة
ومَزْبَلَة ، فناداه فقال : يا راهب ، إن عندك كَنزين من كنوز الدنيا لك فيهما
مُعْتَبَر ، كنز الرجال وكنز الأموال.
-
وعن ابن عمر : أنه كان إذا أراد أن يتعاهد قلبه ، يأتي
الخَرِبة فيقف على بابها ، فينادي بصوت حزين فيقول : أين أهْلُك ؟ ثم يرجع إلى
نفسه فيقول : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ } [القصص : 88].
-
وعن ابن عباس أنه قال : ركعتان مقتصدتان في تَفكُّر ، خير
من قيام ليلة والقلب ساه (1).
-
وقال الحسن : يا ابن آدم ، كُلْ في ثلث بطنك ، واشرب في
ثلثه ، ودع ثلثه الآخر تتنفَّس للفكرة.
-
وقال بعض الحكماء : من نظر إلى الدنيا بغير العبرة انطَمَسَ
مِنْ بَصَرِ قلبه بقدر تلك الغَفْلَة.
-
وقال بِشْر بن الحارث الحافي : لو تفكر الناس في عظمة الله
تعالى لما عصوه.
-
وقال الحسن ، عن عامر بن عبد قيس قال : سمعت غير واحد ولا
اثنين ولا ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون : إن ضياء الإيمان ، أو
نور الإيمان ، التفكر.
-
وعن عيسى ، عليه السلام ، أنه قال : يا ابن آدم الضعيف ،
اتق الله حيثما كنت ، وكُنْ في الدنيا ضَيْفًا ، واتَّخِذِ المساجدَ بيتا ،
وعَلِّم عينيك البكاء ، وجَسَدك الصَّبْر ، وقلبك الفِكْر ، ولا تهتم برزق غد.
-
وعن أمير المؤمنين عُمَرَ بن عبد العزيز ، رضي الله عنه ،
أنه بكى يوما بين أصحابه ، فسُئل عن ذلك ، فقال : فَكَّرت في الدنيا ولذاتها
وشهواتها ، فاعتبرت منها بها ، ما تكاد شهواتها تَنْقَضي حتى تكدرها مرارتُها ،
ولئن لم يكن فيها عبرة لمن اعتبر إن فيها مواعظ لمن ادّكر.
-
وقال ابن أبي الدنيا : أنشدني الحُسَين بن عبد الرحمن :
نزهَة المؤمن الفكَرْ... لذّة المؤمن العِبرْ...
نحمدُ اللهَ وَحْدَه... نحْنُ كل عَلَى خَطَرْ...
رُبّ لاهٍ وعُمْرُه... قد تَقَضّى وما شَعَرْ...
رُبّ عيش قَدْ كَانَ فو... ق المُنَى مُونقَ الزَهَرْ...
في خَرير (2) من العيُو... ن وَظل من الشَّجَرْ...
وسُرُور من النَّبا... ت وَطيب منَ الثَمَرْ...
غَيَّرَتْه وَأهْلَهُ (3) سرعةُ الدّهْر بالغَيرْ...
نَحْمَد الله وحده... إنّ في ذا لمعتبر...
إن في ذَا لَعبرةً... للبيب إن اعْتَبَرْ...
المصدر : تفسير ابن
كثير