منتديات فرسان المعرفة

أهلا وسهلا زائرنا الكريم ومرحبا بك في منتديات فرسان المعرفة منتديات التميز والابداع ونتمنى أن تكون زيارتك الأولى مفتاحا للعودة إليه مرة أخرى والانضمام إلى أسرة المنتدى وأن تستفيد إن كنت باحثا وتفيد غيرك إن كنت محترفا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات فرسان المعرفة

أهلا وسهلا زائرنا الكريم ومرحبا بك في منتديات فرسان المعرفة منتديات التميز والابداع ونتمنى أن تكون زيارتك الأولى مفتاحا للعودة إليه مرة أخرى والانضمام إلى أسرة المنتدى وأن تستفيد إن كنت باحثا وتفيد غيرك إن كنت محترفا

منتديات فرسان المعرفة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الشمول والتنوع والتميز والإبداع

قال تعالى ( يا أيها الذين أمنوا اذكروا الله كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا)أ
عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(من قال صبيحة يوم الجمعة قبل صلاة الغداة , أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفرالله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)
عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يدعو بهذا الدعاء "اللهم! اغفر لي خطيئتي وجهلي. وإسرافي في أمري. وما أنت أعلم به مني. اللهم! اغفر لي جدي وهزلي. وخطئي وعمدي. وكل ذلك عندي. اللهم! اغفر لي ما قدمت وما أخرت. وما أسررت وما أعلنت. وما أنت أعلم به مني. أنت المقدم وأنت المؤخر. وأنت على كل شيء قدير". رواه مسلم في صحيحه برقم (2719)
عن عقبة بن عامر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة)رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحة
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اللهم! أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري. وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي. وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي. واجعل الحياة زيادة لي في كل خير. واجعل الموت راحة لي من كل شر". رواه مسلم في صحيحه برقم (2720)
عن أبي الأحوص، عن عبدالله رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يقول "اللهم! إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى". رواه مسلم في صحيحه برقم(2721)
عن زيد بن أرقم رضى الله عنه. قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان يقول "اللهم! إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر. اللهم! آت نفسي تقواها. وزكها أنت خير من زكاها. أنت وليها ومولاها. اللهم! إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها". رواه مسلم في صحيحه برقم(2722)
عن عبدالله رضى الله عنه قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال "أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لا إله إلا الله وحده لا شريك له". قال: أراه قال فيهن "له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. رب! أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها. وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها. رب! أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر. رب! أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر". وإذا أصبح قال ذلك أيضا "أصبحنا وأصبح الملك لله". رواه مسلم في صحيحه برقم(2723)
عن عبدالرحمن بن يزيد، عن عبدالله رضى الله عنه . قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال "أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لا إله إلا الله وحده. لا شريك له. اللهم! إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها. وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها. اللهم! إني أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر. وفتنة الدنيا وعذاب القبر". رواه مسلم في صحيحه برقم(2723)
عن أبي موسى رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت) رواه البخاري.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله, ورجل قلبه معلق بالمساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه, ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه, ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه, ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله , ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) متفق عليه
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) روه الشيخان والترمذي.
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الطهور شطر الإيمان والحمدلله تملأ الميزان وسبحان الله والحمدلله تملأ أو تملآن ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه أو موبقها) رواه مسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من قال سبحان الله وبحمده في يومه مائة مرة حُطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر)رواه البخاري ومسلم.
عن أبي سعيد رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( استكثروا من الباقيات الصالحات ) قيل وما هن يارسول الله؟ قال ( التكبير والتهليل والتسبيح والحمدلله ولا حول ولاقوة إلابالله ) رواه النسائي والحاكم وقال صحيح الاسناد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحب الكلام إلى الله أربع- لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ). رواه مسلم

2 مشترك

    خطبة جمعة - أحوال الصالحين عند الاحتضار

    alsaidilawyer
    alsaidilawyer
    مدير المنتدى
    مدير المنتدى


    الجنس : ذكر
    الابراج : الدلو
    عدد المساهمات : 4030
    نقاط : 81110
    السٌّمعَة : 2684
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    العمر : 53
    الموقع : الجمهورية اليمنية - محافظة إب

    خطبة جمعة - أحوال الصالحين عند الاحتضار Empty خطبة جمعة - أحوال الصالحين عند الاحتضار

    مُساهمة من طرف alsaidilawyer الثلاثاء 1 أكتوبر 2013 - 11:09

    خطبة جمعة

    أحوال الصالحين عند الاحتضار


     
    الخطبة الأولى

    الحمد لله الكريم الوهاب ,الرحيم التواب , الهادي إلى الصواب, مزيل الشدائد وكاشف المصاب وفارج الهم وكاشف الغم , مجيب دعوة المضطر, فما سأله سائل فخاب, يسمع جهر القول وخفي الخطاب, أخذ بنواصي جميع الدواب, فسبحانه من إله عظيم, لا يماثل  ولا يضاهى , ولا يرام له جناب.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , انفرد بالقهر والاستيلاء, واستأثر باستحقاق البقاء, وأذل أصناف الخلق بما كتب عليهم من الموت والفناء ....

    وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وحبيبه, كتب عليه الموت مثلما كتبه على سائر خلقه, قال تعالى (أنك ميت وأنهم ميتون) وأشهد أنه قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين , فصلاة ربي وسلامه عليه عدد ما كان وما سيكون وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..

    أما بعد : أخواني أحبتي في الله

    أوصيكم ونفسي أولاً بتقوى الله تعالى وطاعته, فالتقوى خير زاد المؤمن وخير متاع له في سفره الطويل بعد الموت يقول الله عزوجل : {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} ويقول تعالى ( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) ويقول جل جلاله ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءاً واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً) ثم اعلموا أن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار.

    أخواني :

    أننا سوف نتكلم اليوم إن شاء الله تعالى عن احوال بعض الصالحين الذين أتاهم الموت وهو مستعدون له بكل ما يستعد به المؤمن المشتاق لربه اتاهم ذلك الحدث الفضيع والامر المريع الذي لن يفلت منه مخلوق ولا كائن حي ولا يرده سلطان ولا جاه ولا منصب ...

    نعم, إنه الموت أعظم تحدٍّ تحدى الله به الناس أجمعين, الملوك والأمراء والسلاطين والرؤساء, والولاة والحُجّاب والوزراء  والشرفاء والوضعاء, والأغنياء والفقراء , كلهم عجزوا أن يثبتوا أمام هذا التحدي الإلهي, فحتى كبار الاطباء لا يقدرون أن يدرؤوا عن أنفسهم الموت قال تعالى { قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين }

    أين الجنود والضباط ؟ أين الملوك والامراء؟ وأين السلاطين والرؤساء ؟ أين الولاة والقضاة والخلفاء؟ أين الأكاسرة ؟ أين القياصرة ؟ أين الجبابرة والزعماء ؟ أين ذوي الجاه والأموال؟

    أتى على الكـل أمر لا مرد له** حتى قضوا فكأن القـوم ما كانوا

    وصار ما كان من مُلكٍ ومن مَلِكٍ **كما حكى عن خيال الطيف وسنان.

    مرض أبو بكرة رضي الله عنه واشتد مرضه .. فعرض عليه أبناؤه أن يأتوه بطبيب .. فأبى . فلما نزل به الموت صرخ بأبنائه وقال : أين طبيبكم ؟ .. ليرّدها إن كان صادقاً .. ووالله لو جاءه أطباء الدنيا .. ما ردوا روحه إليه .. { فلولا إذا بلغت الحلقوم * وأنتم حينئذ تنظرون * ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون * فلولا إن كنتم غير مدينين * ترجعونها إن كنتم صادقين * فأما إن كان من المقربين * فروح وريحان وجنة نعيم * وأما إن كان من أصحاب اليمين * فسلام لك من أصحاب اليمين * وأما إن كان من المكذبين الضالين * فنزل من حميم * وتصلية جحيم * إن هذا لهو حق اليقين * فسبح باسم ربك العظيم } ..

    إنه الموت,هادم اللذات , ومفرق الجماعات,وميتم البنين والبنات

    المــنايا تَجُوسُ كلّ البِـلادِ  ** والمــنايَا تَبيدُ كــلّ العِبَادِ

    لَتَنالَــنّ مــن قُرونٍ أراها    ** مثلَ ما نِلْنَ مــن ثَمُودٍ وعادِ

    هل تذكّرْتَ من خلا من بني الأصْـ **  ـفَرِ أهْلِ القِبابِ والأطْوادِ

    هلْ تذكّرْتَ من خَلا من بني سَا  **  سانَ أرْبابِ فارِسٍ والسّوَادِ

    أينَ داوُدُ أينَ ؟ أينَ سُلَيْمَا   **  نُ المــنيعُ الأعراضِ والأجنادِ ؟!

    أينَ نُمرُودُ وابْنُهُ أينَ قارُو  ** نُ وهامانُ أينَ ذو الأوتادِ

    وَرَدوا كلهم حِياضَ المــنايَا  **  ثمّ لم يَصْدِروا عَنِ الإيرادِ

    أتَنَاسَيْتَ أمْ نَسيتَ المــنايَا؟          **   أنَسيتَ الفِراقَ للأوْلادِ ؟

    أنَسيتَ القُبُورَ إذْ أنتَ فيها    **     بَينَ ذُلٍّ وَوَحشَةٍ وانفِرادِ

    أي يَوْمٍ يَومُ الممات وإذْ أنْـ         **  ـتَ تُنادى فَما تُجيبُ المنادي

    أيّ يَوْمٍ يوم الفِراقِ وإذْ نَفْــ **سُكَ تَرْقَى عَنِ الحَشا والفُؤادِ

    أيّ يَوْمٍ يَوْمُ الفراقِ وإذْ أنْـ ** ـتَ مـن النّزْعِ في أشَدّ الجِهادِ

    أيّ يَوْمٍ يَوْمُ الصّراخِ وإذْ يَلْـ**ـطِمـن حُرّ الوّجُوهِ والأجيَادِ

    بـاكِياتٍ عَلَيكَ يَندُبنَ شَجواً **  خافِقاتِ القُــلُوبِ والأكْبادِ

    يَتَجـاوَبْنَ بالرّنينِ ويَذْرِفْـ **   ـنَ دُمُوعاً تَفيضُ فَيضَ المَزادِ

    أيّ يَوْمٍ يوْمُ الوُقوفِ إلى الله **   ويَوْمُ الحِسابِ والإشْهادِ

    أيّ يَوْمٍ يوم المَرور عَلى النّا   **  رِ وأهْوَالِها العِظامِ الشّدادِ

    أيّ يَوْمٍ يَوْمُ الخَلاصِ من النّا **  رِ وهَوْلِ العَذابِ والأصْفادِ

    كم وكم في القُبُورِمن أهلِ ملكٍ **كمْ وكمْ في القُبورِمــن قُوّادِ

    كمْ وكم في القُبورِمن أهلِ دُنْيا **كمْ وكم في القُبورِ مــن زُهّادِ

    وَرَدوا كلهم حِياضَ المــنايَا   **   ثمّ لم يَصْدِروا عَنِ الإيرادِ

    *   *   *   *   *   *   *   *   *   *

    ومن تأمل في الموت علم أنه أمر كبّار , وكأس تدار , على من أقام أو سار , يخرج به العباد من الدنيا إلى جنة أو نار , ولو لم يكن في الموت إلا الإعدام , وانحلال الأجسام , ونسيان أجمل الليالي والأيام, لكان والله لأهل اللذات مكدراً , ولأصحاب النعيم مغيراً , وليست المشكلة في الموت, فالموت باب وكل الناس داخله , لكن المشكلة الكبرى , والداهية العظمى ما الذي يكون بعد الموت , أفي { جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر } ..

    أم في { ضلال وسعر * يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مسَّ سقر} ..

    ولأجل ذلك .. فالصالحون يشتاقون إلى لقاء ربهم , ويعدون الموت جسراً يعبرون عليه إلى الآخرة ونعيم الجنة الدائم ..

    نعم .. يفرحون بالموت ما دام يقربهم إلى ربهم , يفرحون بلقاء الملك الجليل, يفرحون بالموت ليريحهم من ضنك الدنيا وضيقها وهمومها وغمومها ومتاعبها وعناءها, فينقلهم إلى روضة من رياض الجنان إلى أن يتم البعث والحساب فيدخلهم ربهم جنات النعيم , فكانوا لأجل ذلك يبيعون أنفسهم لخالقهم رخيصة ...

    ذكر بعض المؤرخين .. أن العدو أغار على ثغر من ثغور الإسلام  فقام عبد الواحد بن زيد وكان خطيب البصرة وواعظها .. فحث الناس على البذل والجهاد .. ووصف ما في الجنة من نعيم .. ثم وصف الحور العين .. وقال :

    غــادة ذات دلال ومرح ***خلقت من كل شيء حسن

    أترى خاطبها يسمعها ****يا حبيباً لست أهوى غيره

    لا تكونن كمن جدّ إلى ***لا فما يخطب مثلي من سها

    يجد الواصف فيها ما اقترح****طيب فالليت عنها مطرح

    إذ تدير الكأس طوراً والقدح ****بالخواتيم يتم المفتتح

    منتهى حاجته ثم جمح ****إنما يخطب مثلي من ألحَّ

    فاشتاق الناس إلى الجنة .. وارتفع بكاء بعضهم ..ورخصت عليهم أنفسهم في سبيل الله .. فوثبت عجوز من بين النساء .. هي أم إبراهيم البصرية ..

    وقالت : يا أبا عبيد .. أتعرف ابني إبراهيم ! الذي يخطبه رؤساء أهل البصرة .. إلى بناتهم .. وأنا أبخل به عليهن .. قد والله أعجبتني هذه الجارية وقد رضيتها عروساً لابني إبراهيم .. فكرر ما ذكرت من أوصاف .. لعله يشتاق ..

    فقال أبو عبيد :

    إذا ما بدت والبدر ليلة تمـــه  *** رأيت لها فضـــلا مبينا على البدر

    وتبسم عن ثغر نقى كـــأنه  *** من اللؤلؤ المكنون في صــدف البحر

    فلووطئت بالنعل منها على الحصى*لأزهــرت الأحجار من غير ما قطر

    ولوشئت عقدالخصر منها عقدته*كغصن من الريحان ذي ورق خضـر

    ولو تفلت في البحر حلو لعابهـا  ***لطاب لأهل البر شرب من البحــر

    أبى الله إلا أن أموت صبــابة  ***    بساحرة العينين طيبـــــة النشر

    فاضطرب الناس , وكبروا ..  وقامت أم إبراهيم .. وقالت : يا أبا عبيد : قد والله رضيت بهذه الجارية زوجة لإبراهيم .. فهل لك أن تزوجها له في هذه الساعة؟وتأخذَ مني مهرها عشرة آلاف دينار لعل الله أن يرزقه الشهادة فيكون شفيعاً لي ولأبيه يوم القيامة

    فقال عبد الواحد:لئن فعلت,فأرجو والله أن تفوزوا فوزاً عظيماً .

    فصاحت العجوز : يا إبراهيم .. يا إبراهيم ..

    فوثب شاب نضر الوجه حسن الخلقة.. من وسط الناس .. وقال : لبيك يا أماه ..

    فقالت : أي بنيَّ .. أرضيت بهذه الجارية .. زوجة لك .. ومهرها أن تبذل مهجتك في سبيل الله؟

    فقال : أي والله يا أماه .. فذهبت العجوز مسرعة إلى بيتها .. ثم جاءت بعشرة آلاف دينار .. فوضعتها في حجر عبد الواحد .. ثم رفعت بصرها إلى السماء.

    وقالت : اللهم إني أشهدك .. أني زوجت ولدي من هذه الجارية , على أن يبذل مهجته في سبيلك.. فتقبله مني يا أرحم الراحمين .. ثم قالت : يا أبا عبيد .. هذا مهر الجارية مني عشرةُ آلاف دينار .

    تجهَّز به وجهز الغزاة في سبيل الله .. ثم انصرفت .. واشترت لولدها فرساً جيداً .. وسلاحاً حسناً .. وأخذت تعد الأيام لرحيله .. وهي تودعه غي كل نظرة تنظرها .. وكلمة تسمعها ..

    والمجاهدون يعدون العدة للخروج .. فلما حان وقت النفير خرج إبراهيم يعدو .. والمجاهدون حوله يتسابقون .. والقراء حولهم يقرؤون :{ إن الله اشترى من .. }.. فلما أرادت فراق ولدها .. دفعت إليه كفناً .. وطيباً يطيب به الموتى .. ثم نظرت إليه .. وكأنما هو قلبها يخرج من صدرها

    ثم قالت : يا بنيَّ, إذا أردت لقاء العدو, فالبس بهذا الكفن , وتطيب بهذا الطيب, وإياك أن يراك الله مقصراً في سبيله, ثم ضمته إلى صدرها, وكتمت من عبرتها, وأخذت تشمه, وتودعه وتقبله ..

    ثم قالت : اذهب يا بنيّ .. فلا جمع الله بيني وبينك .. إلا بين يديه يوم القيامة ..

    فمضى إبراهيم, والعجوز تتبعه بصرها, حتى غاب مع الجيش .. فلما بلغوا بلاد العدو وبرز الناس للقتال .. أسرع إبراهيم إلى المقدمة .. فابتدأ القتال .. ورميت النبال .. وتنافس الأبطال .. أما إبراهيم .. فقد جال بين العدو وصال .. وقاتل قتال الأبطال .. حتى قتل أكثر من ثلاثين من جيش العدو .. فلما رأى العدو ذلك .. أقبل عليه جمع منهم .. هذا يطعنه .. وهذا يضربه .. وهذا

    يدفعه .. وهو يقاوم .. ويقاتل .. حتى خارت قواه ووقع من فرسه فقتلوه .. وانتصر المسلمون .. وهزم الكافرون .. ثم رجع الجيش إلى البصرة .. فلما وصلوا البصرة تلقاهم الناس .. الرجال والعجائز والأطفال .. وأم إبراهيم بينهم .. تدور عيناها في القادمين .. فلما رأت عبد الواحد .. قالت : يا أبا عبيد ! هل قبل الله هديتي فأهنا ؟ أم رُدت علي فأعزى ؟

    فقال لها : بل قبل الله هديتك .. وأرجو أن يكون ابنك الآن مع الشهداء يرزق ..

    فصاحت قائلة : الحمد لله, الذي لم يخيب فيه ظني,  وتقبل نسكي مني, وانصرفت إلى بيتها وحدها, بعدما فارقت ولدها يشتد شوقها, فتأتي إلى فرشه فتشمها, وإلى ثيابه فتقلبها, حتى نامت.

    فلما كان الغد : جاءت أم إبراهيم إلى مجلس أبي عبيد وقالت : السلام عليك يا أبا عبيد .. بشراك .. بشراك .. فقال : لا زلت مبشرة بالخير يا أم إبراهيم .. ما خبرك ..؟ فقالت : رأيت البارحة ولدي إبراهيم .. في روضة حسناء .. وعليه قبة خضراء .. وهو على سرير من اللؤلؤ .. وعلى رأسه تاج يتلألأ .. وإكليل يزهر.. وهو يقول : يا أماه .. أبشري .. قد قُبل المهر .. وزُفت العروس.

    نعم .. هؤلاء أقوام .. أيقنوا أنه لا مهرب من نزول الموت .. فسعوا إليه قبل أن يسعى إليهم .. أحبّوا لقاء الله فأحبّ الله لقاءهم .. وبذلوا مهجهم رخيصة في سبيل الله تعالى ..

    فما هو الجزاء ؟ { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع

    أجر المؤمنين * الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم }  ..

    نعم والله .. ذلك الفوز الكبير .. إذا أوقفهم ربهم بين يديه .. فرحوا بما ماتوا عليه  .. فيبيض وجوههم .. ويرفع درجاتهم ..

    ومن عدل الله تعالى أن العبد يختم له في الغالب على ما عاش عليه .. فمن كان في حياته يشتغل بالذكر والقيام .. والصدقات والصيام .. ختم له بالصالحات .. ومن تولى وأعرض عن الخير .. خشي عليه أن يموت على ما اعتاد عليه .. ولأجل هذا الفرق العظيم .. كان الصالحون يستعدون للموت قبل نزوله .. بل يغتنم أحدهم آخر الأنفاس واللحظات .. في التزود ورفع الدرجات .. فتجده يجاهد .. ويأمر بالمعروف .. وينهى عن المنكر .. ويشتغل بالطاعات .. إلى آخر نفس يتنفسه ..

    *   *   *   *   *   *   *   *   *   *

    وكان الصالحون من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم, يستعدون للموت, بالإكثار من الطاعات , والمسارعة إلى القربات, وهم مع كثرة أعمالهم, وحسن أفعالهم, إذا فجأهم الموت, رجوا رحمة ربهم, وخافوا من عقابه .. ولم يركنوا إلى أعمالهم ..

    عمر بن الخطاب الخليفة الراشد, الذي نصر الدين, وجاهد لرب العالمين , وأطفأ نيران دولة المجوس, حقد عليه الكافرون .. وكان من أكثرهم حقداً, أبو لؤلؤة المجوسي .. وكان عبداً نجاراً حداداً في المدينة .. وكان يصنع الرحاء .. جمع رحى وهي آلة لطحن الشعير .. وهي حجران مصفحان يوضع أحدهما فوق الآخر ويطرح الحب بينهما .. وتدار باليد .. فيطحن .. أخذ هذا العبد يتحين الفرص للانتقام من عمر .. فلقيه عمر يوماً في طريق فسأله وقال : حدثت أنك تقول لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح ؟! فالتفت العبد عابساً إلى عمر .. وقال : بلى .. لأصنعن لك رحى يتحدث بها أهل المشرق والمغرب .. فلتفت عمر إلى من معه .. وقال : توعدني العبد .. ثم مضى العبد وصنع خنجراً له رأسان مقبضه في وسطه, فهو إن طعن به من هذه الجهة قتل .. وإن طعن به من الجهة الأخرى قتل .. وأخذ يطليه بالسم .. حتى إذا طعن به يقتل إما بقوة الطعن أو السم .. ثم جاء في ظلمة الليل .. فاختبأ لعمر في زاوية من زوايا المسجد .. فلم يزل هناك حتى دخل عمر إلى المسجد ينبه الناس لصلاة الفجر, ثم أقيمت الصلاة .. وتقدم بهم عمر, فكبر , فلما ابتدأ القراءة , خرج عليه المجوسي, وفي طرفة عين عاجله بثلاث طعنات وقعت الأولى في صدره والثانية في جنبه ,والثالثة تحت سرته, فصاح عمر, ووقع على الأرض, وهو يردد قوله تعالى : وكان أمر الله قدراً مقدوراً .. وتقدم عبد الرحمن بن عوف وأكمل الصلاة بالناس....

    أما ذلك العبد الفاجر فقد طار بسكينه يشق صفوف المصلين .. ويطعن المسلمين .. يميناً وشمالاً .. حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً , مات منهم سبعة .. ثم وقف شاهراً سكينه ما يقترب منه أحد إلا طعنه .. فاقترب منه رجل وألقى عليه رداءً غليظاً, فاضطرب المجوسي .. وعلم أنهم قدروا عليه .. فطعن نفسه ..

    وحُمِل عمر مغشياً عليه إلى بيته .. وانطلق الناس معه يبكون .. وظل مغمى عليه .. حتى كادت أن تطلع الشمس .. فلما أفاق .. نظر في وجوه من حوله .. ثم كان أول سؤال سأله .. أن قال : أصلى الناس ؟ قالوا : نعم .. فقال : الحمد لله .. لا إسلام لمن ترك الصلاة .. ثم دعا بماء فتوضأ .. وأراد أن يقوم ليصلي فلم يقدر .. فأخذ بيد ابنه عبد الله فأجلسه خلفه .. وتساند إليه ليجلس .. فجعلت جراحه تنزف دماً .. قال عبد الله بن عمر .. والله إني لأضع أصابعي .. فما تسد الجرح .. فربطنا جرحه بالعمائم .. فصلى الصبح .. ثم قال : يا ابن عباس انظر من قتلني .. فقال : طعنك الغلام المجوسي .. ثم طعن معك رهطاً .. ثم قتل نفسه .. فقال عمر : الحمد لله .. الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط .. ثم دخل الطبيب على عمر .. لينظر إلى جرحه .. فسقاه ماءً مخلوطاً بتمر .. فخرج الماء من جروحه .. فظن الطبيب أن الذي خرج دم وصديد .. فأسقاه لبناً .. فخرج اللبن من جرحه الذي تحت سرته .. فعلم الطبيب أن الطعنات قد مزقت جسده ..

    فقال : يا أمير المؤمنين .أوص .. فما أظنك إلا ميتاً اليوم أو غداً.

    فقال عمر : صدقتني .. ولو قلت غير ذلك لكذبتك ..

    ثم قال : والله لو أن لي الدنيا كلها .. لافتديت به من هول المطلع .. يعني الوقوف بين يدي الله تعالى .. فقال ابن عباس : وإن قلت ذلك .. فجزاك الله خيراً ..

    أليس قد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أن يعز الله بك الدين والمسلمين .. إذ يخافون بمكة ؟

    فلما أسلمت .. كان إسلامك عزاً .. وظهر بك الإسلام .. وهاجرت .. فكانت هجرتك فتحاً .. ثم لم تغب عن مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم .. من قتال المشركين ؟ ثم قبض وهو عنك راضٍ .. ووازرت الخليفة بعده .. وقُبض وهو عنك راض .. ثم وليت بخير ما ولي الناس .. مصّر الله بك ال**ار .. وجبا بك الأموال .. ونفى بك العدو .. ثم ختم لك بالشهادة .. فهنيئا لك .. فقال عمر : أجلسوني .. فلما جلس .. قال لابن عباس : أعد عليَّ كلامك ..

    فلما أعاد عليه  قال : والله إن المغرور من تغرونه ..أتشهد لي بذلك عند الله يوم تلقاه ؟ فقال بن عباس : نعم .. ففرح عمر .. وقال : اللهم لك الحمد … ثم جاء الناس فجعلوا يثنون عليه .. ويودعونه .. وجاء شاب .. فقال : أبشر يا أمير المؤمنين .. صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ثم وليت فعدلت .. ثم شهادة  فقال عمر : وددت أني خرجت منها كفافاً .. لا عليَّ ولا لي  فلما أدبر الشاب فقال عمر : ردوا علي الغلام .. قال : يا ابن أخي .. ارفع ثوبك .. فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك .. ثم اشتد الألم على عمر وجعل يتغشاه الكرب  ويغمى عليه قال عبد الله بن عمر: غشي على أبي فأخذت رأسه فوضعته في حجري فأفاق .

    فقال : ضع رأسي في الأرض ثم غشي عليه فأفاق ورأسه في حجري ..

    فقال : ضع رأسي على الأرض .. فقلت : وهل حجري والأرض إلا سواء يا أبتاه .. فقال : اطرح وجهي على التراب .. لعل الله تعالى أن يرحمني .. فإذا قبضت .. فأسرعوا بي إلى حفرتي ..

    فإنما هو خير تقدموني إليه .. أو شر تضعونه عن رقابكم .. ثم قال : ويل لعمر .. وويل لأمه .. إن لم يغفر له .. ثم ضاق به النفس .. واشتدت عليه السكرات واشتدت عليه السكرات واشتدت عليه السكرات .. أنها السكرات الأخيرة التي يودع بها الدنيا ويلقى بعدها ربها (يا أيتها النفس المطمئنة * أخرجي إلى ربك راضية مرضية) ثم مات رضى الله عنه ودفنوه بجانب صاحبيه ..

    نعم , مات الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه الخليفة الراشد الذي ملئ الأرض عدلاً .. لكن مثله في الحقيقة لم يمت .. قدم على أعمال صالحات .. ودرجات رفيعات .. صاحبه في قبره قراءته للقرآن .. وبكاؤه من خشيته الرحمن .. تؤنسه صلاته في وحشته .. ويرفع جهاده من درجته, وبعدله يظله الله يوم القيامة في ظله, تعب في دنياه قليلاً, لكنه استراح في آخرته طويلاً .. بل قد عده النبي صلى الله عليه وسلم من العشرة المبشرين بالجنة . وليس هذا فحسب بل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بشره برؤية قصره في الجنة, فقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً : بينا أنا نائم رأيتني في الجنة .. فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر .. فقلت : لمن هذا القصر ؟ قالوا : لعمر .. فذكرت غيرته فوليت مدبراً .. فبكى عمر وقال : أعليك أغار يا رسول الله !! ..

    *   *   *   *   *   *   *   *   *   *

    اقول ما سمعتم واستغفروا الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والأموات أنه هو الغفور الرحيم
    .......................


     
    الخطبة الثانية

    الحمدلله حمداً حمدا , والشكر له شكراً شكرا , نحمده كما ينبغي لجلال وجهه الكريم وعظيم سلطانه, على نعمة الإسلام ونصلى ونسلم على سيد الخلق اجمعين وخاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله واصحابه اجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..

    أما بعد أخواني:

    نواصل معكم موضوع خطبتنا عن أحوال الصالحين

    الصالحون .. أيقنوا بنزول الموت فاستعدوا للقائه في كل لحظة لم تضحك عليهم الدنيا ولم تغرهم بزخرفها ولم تلههم بنعيمها عن عبادة ربهم, والاستعداد لليوم الذي لا بد منه, والتزود بالزاد الذي ينجيهم من فتنة الموت وفتنة القبر وعذاب النار..

    لما نزل الموت بالعابد الزاهد عبد الله بن إدريس .. اشتد عليه الكرب .. فلما اخذ يشهق .. بكت ابنته .. فقال : يا بنيتي .. لا تبكي .. فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة .. كلها لأجل هذا المصرع ..

    أمّا عامر بن عبد الله بن الزبير .. فلقد كان على فراش الموت .. يعد أنفاس الحياة .. وأهله حوله يبكون .. فبينما هو يصارع الموت .. سمع المؤذن ينادي لصلاة المغرب .. ونفسه تحشرج في حلقه .. وقد أشتدّ نزعه .. وعظم كربه .. فلما سمع النداء قال لمن حوله : خذوا بيدي ..!! قالوا : إلى أين ؟ قال : إلى المسجد .. قالوا : وأنت على هذه الحال !! قال : سبحان الله .. !! أسمع منادي الصلاة ولا أجيبه .. خذوا بيدي .. فحملوه بين رجلين .. فصلى ركعة مع الإمام .. ثمّ مات في سجوده ..

    نعم .. مات وهو ساجد .. فمن أقام الصلاة .. وصبر على طاعة مولاه .. ختم الله له برضاه .. واحسن له خاتمته

    اصبر لمر حوادث الدهر **  فلتحمدن مغبة الصبر

    وامهد لنفسك قبل ميتتها  **   واذخر ليوم تفاضل الذخر

    فكأن أهلك قد دعوك فلم   **  تسمع وأنت محشرج الصدر

    وكأنهم قد هيئوك بما       **  يتهيأ الهلكى من العطر

    وكأنهم قد قلبوك على       ** ظهر السرير وظلمة القبر

    يا ليت شعري كيف أنت     **  على ظهر السرير وأنت لا تدري

    أم ليت شعري كيف أنت     **  إذا غسلت بالكافور والسدر

    أم ليت شعري كيف أنت    ** إذا وضع الحساب صبيحة الحشر

    ما حجتك فيما أتيت وما     **    قولك لربك بل وما العذر

    ألا تكون أخذت عذرك أو     **  أقبلت ما استدبرت من أمر

    *   *   *   *   *   *   *   *   *   *

    بل كان الصالحون يتحسرون عند الممات .. ليس على فراق الدنيا الفانية أو على نعيمها الزائل أو على ترك الدور والقصور والأهل والخلان والمزارع والبساتين, والذهب والفضة وأنما على فراق الأعمال الصالحات .. ويودون لو طالت بهم الحياة للتزود في رفع الدرجات .. وتكثير الحسنات ..

    احتضر عبد الرحمن بن الأسود .. فبكى .. فقيل له : ما يبكيك !! وأنت كذا  .. وأنت كذا وكذا .. يعني في العبادة والخشوع .. والزهد والخضوع والعمل الصالح وطاعة مولاه ..  فقال : أبكي والله .. أسفاً على الصلاة والصوم .. ثمّ لم يزل يتلو حتى مات ..

    أما يزيد الرقاشي فإنه لما نزل به الموت , أخذ يبكي ويقول : من يصلي لك يا يزيد إذا متّ ؟ ومن يصوم لك ؟ ومن يستغفر لك من الذنوب .. ثم تشهد ومات ..

    هذه مشاهد الاحتضار , لأرباب التعبدّ والأسرار, فلوا رأيتهم تجافوا عن دفء فرشهم في الأسحار, يخافون يوماً تنقلب فيه القلوب والأبصار, فدفنوا تحت الثرى , وقد أرضوا من يعلم السرّ وأخفى, هذا هو احتضار المؤمنين, وما عند الله خير وأبقى ..

    الموت لا يفرق بين كبير وصغير, ولا غني وفقير , ولا عبد وأمير, وكل منهم يحدد مصيره بعد موته عند خروج روحه.... (يثبت الله الذين أمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة)

    هارون الرشيد ذاك الذي ملك الأرض وملأها جنوداً .. ذاك الذي كان يرفع رأسه .. فيقول للسحابة : أمطري في الهند أو في الصين .. أو حيث شئت .. فوالله ما تمطرين في أرض إلا وهي تحت ملكي .. هارون الرشيد .. خرج يوماً في رحلة صيد فمرّ برجل يقال له بُهلول ..

    فقال هارون : عظني يا بُهلول .. قال : يا أمير المؤمنين !! أين آباؤك وأجدادك ؟ من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيك؟ قال هارون:ماتوا..قال:فأين قصورهم ؟ قال : تلك قصورهم

    قال : وأين قبورهم ؟ قال : هذه قبورهم .. فقال بُهلول : تلك قصورهم .. وهذه قبورهم .. فما نفعتهم قصورهم في قبورهم؟

    قال : صدقت .. زدني يا بهلول .. قال : أما قصورك في الدنيا فواسعة * فليت قبرك بعد الموت يتسع.

    فبكى هارون وقال : زدني .. فقال : يا أمير المؤمنين : هب أنك ملكت كنوز كسرى وعُمرت السنين فكان ماذا أليس القـبر غـاية كـل حيٍ وتُسأل بعده عن كل هذا ؟

    قال : بلى .. ثم رجع هارون .. وانطرح على فراشه مريضاً .. ولم تمضِ عليه أيام حتى نزل به الموت فلما حضرته الوفاة .. وعاين السكرات .. صاح .. بقواده وحجابه : اجمعوا جيوشي .. فجاؤوا بهم .. بسيوفهم .. ودروعهم .. لا يكاد يحصي عددهم إلا الله .. كلهم تحت قيادته وأمره .. فلما رآهم .. بكى .. ثم قال : يا من لا يزول ملكه ..ارحم من قد زال ملكه .. ثم لم يزل يبكي حتى مات .. فلما مات..أخذ هذا الخليفة ..الذي ملك الدنيا وأودع حفرة ضيقة .. لم يصاحبه فيها وزراؤه, ولم يساكنه ندماؤه, لم يدفنوا معه طعاماً  ولم يفرشوا له فراشا ما أغنى عنه ملكه وماله ..

    سل الخليفة إذ وافت منيته * أين الجنود أين الخيل والخول

    أين الكنوز التي كانت مفاتحها * تنوء بالعصبة المقوين لو حملوا

    أن الجيوش التي أرصدتها عدداً* أين الحديد وأين البيض والأسل

    لا تنكرن فما دامت على أحد * إلا أناخ عليه الموت والوجل

    أما عبد الملك بن مروان .. فإنه لما نزل به الموت ..جعل يتغشاه الكرب .. ويضيق عليه النفس .. فأمر بنوافذ غرفته ففتحت .. فالتفت فرأى غسالاً فقيراً في دكانه .. فبكى عبد الملك ثم قل : يا ليتني كنت غسالاً .. يا ليتني كنت نجاراً .. يا ليتني كنت حمالاً .. يا ليتني لم ألِ من أمر المؤمنين شيئاً .. ثم مات..

    عجباً ..

    باتوا على قلل الأجبال تحرسهم  * غلب الرجال فما أغنتهم القلل

    واستنزلوا بعد عز عن معاقلهم * فأودعوا حفراً يا بئس ما نزلوا

    ناداهم صارخ من بعد ما قبروا * أين الأسرة والتيجان والحلل

    أين الوجوه التي كانت منعمة * من دونها تضرب الأستار والكلل

    أين الرماة ألم تُمنع بأسهمهم * لما أتتك سهام الموت تنتصل

    أين الأحبة والجيران أجمعهم * أين الأطباء ما اغنوا ولا الحيل

    ما ساعدك ولا واساك أقربهم * بل سلموك لها يا قبح ما فعلوا

    ما بال ذكرك منسياً ومطرحاً * وكلهم باقتسام المال قد شغلوا

    ما بال قبرك وحشاً لا أنيس به *يغشاك من جانبيه الروع والوهل

    ما بال قبرك لا يأتي به أحد * ولا يمرّ به من بينهم رجل

    فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم * تلك الوجوه عليها الدود يقتتل

    قد طال ماأكلوا دهراًوما شربوا*فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا

    وطالما كنزوا الأموال وادخروا * فخلفوها على الأعداء وارتحلوا

    وطالما شيدوا دوراً لتحصنهم* ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا

    نعم .. انتقلوا إلى دور ليس فيها خدم يخدمون .. ولا أهل يكرمون .. ولا وزراء ينادمون .. انتقلوا إلى دور .. تجالسهم فيها أعمالهم .. وتخاصمهم صحائفهم .. وما ربك بظلام للعبيد ..

    وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين وخير المرسلين واحشرنا تحت لوائه أجمعين على منهاجه وسنته غير مبدلين ولا مغيرين موفقين معصومين غير مغضوب علينا ولا ضالين يا أرحم الراحمين وارضي اللهم عن أزواجه وذريته وأهل بيته وعلى الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعلى الصحابة أجمعين ومن تبعهم وسار على نهجهم واقتفى اثرهم إلى يوم الدين.

    اللهم يا أكرم الأكرمين تفضل علينا وعلى جميع المذنبين من المسلمين بتوبة تنقلنا من ذل المعصية إلى عز الطاعة, وثبتنا عليها حتى تخرجنا من الدنيا بلا ذل ولا تباعه على منهاج أهل السنة والجماعة الذين أوجبت لهم الرحمة والشفاعة, اللهم إن الطاعة بقدرك والمعاصي ... وفي قبضتك القلوب والنواصي.. فطهر قلوبنا بماء التوبة... واغسلها من دنس الحوبة ومتعنا بالسلامة في ديننا ودنيانا ما أبقيتنا ولا تردنا على أعقابنا بعد إذ هديتنا.

    اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا ووالدينا عذاب الخزئ والنار,اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات, اللهم أتي نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها, اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن, اللهم ارحم أمواتنا وأموات المسلمين أجمعين, واغفر لهم ذنوبهم واغسلهم بالماء والثلج والبرد ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس, ووسع مدخلهم وأنس وحشتهم وأجعل قبورهم من رياض الجنان ولا تجعلها من حفر النيران.

    اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا وكن معنا حيث كنا, اللهم أصلح ولاة أمورنا وأهدهم إلى الطريق القويم والعمل بكتابك وسنة رسولك وسخر لهم البطانة الصالحة التي تعينهم على خدمة الإسلام والمسلمين وتطبيق شرع الله وأحكامه ونشر العدل بين الرعيه ورفع الظلم عنهم وحماية حقوقهم ورعاية مصالحهم وجنبهم البطانة الفاسدة التي تجرهم إلى الظلم والفساد والإفساد وتضييع حقوق العباد ..

    اللهم أنصر اخواننا في فلسطين وفي كل بقاع الأرض, واشدد ازرهم , ووحد صفوفهم وأهلك اعداهم واجعلهم وأموالهم غنيمة للاسلام والمسلمين , اللهم وحد كلمة المسلمين, ولم شملهم ولا تجعلهم شيعاً وأحزابا تقتل بعضهم بعضاً ويفتك اقواهم باضعفهم..

    عباد الله:

    إن الله يأمركم بثلاث فأقيموها وينهاكم عن ثلاث فاجتنبوها إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون, فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون وأقم الصلاة.



    _________________

    *******************************************

    خطبة جمعة - أحوال الصالحين عند الاحتضار 08310

    خطبة جمعة - أحوال الصالحين عند الاحتضار 17904110
    mohamedalsaidi
    mohamedalsaidi
    مراقب
    مراقب


    الجنس : ذكر
    الابراج : الاسد
    عدد المساهمات : 272
    نقاط : 10789
    السٌّمعَة : 130
    تاريخ التسجيل : 24/07/2011
    العمر : 44
    الموقع : yemen
    المزاج المزاج : رائق
    أوسمه : خطبة جمعة - أحوال الصالحين عند الاحتضار Ououo_20

    خطبة جمعة - أحوال الصالحين عند الاحتضار Empty رد: خطبة جمعة - أحوال الصالحين عند الاحتضار

    مُساهمة من طرف mohamedalsaidi السبت 19 أكتوبر 2013 - 7:57

    *****************************


    خطبة جمعة - أحوال الصالحين عند الاحتضار Tpn91830

    **********************************


    _________________

    *******************************************
    خطبة جمعة - أحوال الصالحين عند الاحتضار 1461863191210119333

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 21 نوفمبر 2024 - 4:31