جريمة الفساد في القانون الجزائري
المشرع
ألغى المواد المتعلقة بهذه الجريمة في ق.ع العقوبات ، وجعل لهذه الجريمة قانون خاص
وهو ق06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته والمواد الملغاة هي:
119-119مكرر1- 121-122-123-124مكرر-126-129-131-133-134 هذه الموادكانت في الأصل
تشكل جريمةالإختلاس، وم 119 تتعلق بصورها من بينها إستعمال الأموال العمومية
لأغراض شخصية أو لفائدة الغير ، فإستعمال هذه الأموال سواء بالإستغلال أو التصرف
أو الإيجار مؤقتا لصالح الغير دون مبرر يشكل جنحة معاقب معاقب عليها في الم119
مكرر1 أما م121 فتتعلق بالغدر وتتمثل هذه الجريمة في طلب أو قبول أو تحصيل ما هو
غير مستحق ، أوالقبض أكثر مما هو مستحق للدولة، والعقوبة هي الحبس من سنتين إلى
10سنوات ، أما الم123 فتتعلق بأخذ فوائد ولو بعقد صوري أو عن طريق شخص ثالث بعض
الفوائد أو المزايدات أو المناقصات ، أما م126 فتتعلق بالرشوة وإستغلال النفوذ
فهذه الجرائم بمختلف صورها ألغاها المشرع بموجب الق السالف الذكر بحيث أن المشرع
جمع جميع النصوص المتعلقة بحماية المال العام ووضعها في قانون خاص يختلف عن ق.ع
بعدما كانت من القواعد الثابتة ، مع ملاحظة مايلي :
1/ أن جميع النصوص الملغاة المتمثلة في جريمة الإختلاس والغدر
والرشوة وإستعمال المال لأغراض شخصية ، تم تحويلها وتثبيتها في ق المكافحة من
الفساد ، فمثلا جريمة الإختلاس أصبح منصوص عليها في م 29ق06/01 ، وكل ما في الأمر
أن هذه الجريمة في نظامها الجديد تأخذ وصفا واحدا وهو وصف الجنحة مهما بلغت قيمة
المال المختلس (حتى دينار واحدا) ، بينما في السابق كان الإختلاس كانت تأخذ وصف
الجناية المغلضة ووصف الجنحة المغلضة إذ كانت العقوبة كالتالي:
أ/الحبس من سنة إلى 5سنوات إذا كانت قيمة الأشياء المختلسة أو
المبددة أو المحتجزة أو المسروقة أقل من 1.000.000دج.(جنحةمغ)
ب/الحبس من سنتين إلى 10سنوات إذا كانت القيمة تعادل أو تفوق
مبلغ 1.000.000دج وتقل عن 5.000.000دج .(جنحة مغ).ج/السجن المؤقت مدة 10سنوات
إلى 20سنة إذا كانت القيمة تعادل أو تفوق مبلغ 5.000.000 وتقل عن 10.000.000دج.(جنايةمغ)د/ السجن المؤبد إذا كانت القيمة تعادل أو تفوق 10.000.000 دج (جناية مغلضة)
.
هذا التكييف لم يعد له وجود بشرط أن
ترتكب الجريمة بعد صدور هذا الق،أماإذاإرتكبت قبل ذلك فتخضع لقاعدة القانون الأصلح
للمتهم .
2/حاليا الخبرة غير إلزامية ليقدر الضرر بينما في السابق إلزامية
لأن التكييف يتغير بتغير القيمة المالية المبددة.
3/في السابق هذه الجريمةلاتقوم الدعوى العمومية إلا بناء على
شكوى من أجهزة الشركة العمومية ، حاليا هذا الشرط منتف ، بل الأكثر من هذا أشار
ق.الفساد إلى مشاركة المجتمع المدني ، بحيث يجب على الإدارة أن تجيب على الشكاوى
الصادرة من المواطنين أو الجمهور كما تلزم الإدارة بإعتماد قواعد تمكن الجمهور
بالحصول على معلومات تتعلق بكيفية تنظيمها وسيرها وكيفية إتخاذ القرارات منها :
نشر المعلومات التي تدفع المواطنين بالتبليغ عن أي ظاهرة من ظواهر الفساد إلى جانب
هذا فيما يتعلق بمجال الصفقات العمومية تلزم الإدارة بأن تعلق بصفة علانية و واسعة
عن وجود صفقة عمومية ، وتكون المعلومات المتعلقة بها علنية يمكن الإطلاع عليها في
أي لحظة مع توضيح شروط المشاركة والإنتقاء ، كما يجوز للمشارك في الصفقة ممارسة
طرق الطعن في حالة عدم إحترام قواعد إبرام الصفقات العمومية . هذه التدابير
الوقائية جعلت الجريمة الحالية تختلف عن الجريمة السابقة كما أشير إليه .
4/ حتى أن المشرع الجزائري قام بتحريض الجمهور على ممارسة الفساد
، بل حتى المتورطين فيها ، كما قرر لهم الإعفاء من العقوبات أي الإستفادة من
الظروف المخففة ، كما أن الذي يقوم بالمشاركة في جريمةأوأكثروقام قبل تحريك الدعوى
العمومية بتبليغ السلطات القضائية أو الإدارية شفاهة أو كتابة أو عن طريق الإعلام
أو ساعد على معرفة مرتكبيها ففي هذه الحالة يستفيد الإعفاء من العقوبة كليا وهو
إجراء لم يكن موجود في السابق وهذا مانصت عليه م 49.
كما أن المشرع كذلك حتى بعد تحريك
الدعوى العمومية قرر إستفادة الجاني المرتكب أو المشترك في الجريمة من العذر
المخفف بحيث تخفض العقوبة إلى النصف إذا ساعد في القبض على شخص أو أكثر من الأشخاص
المتورطين في الجريمة سواء كفاعل أصلي أو شريك .
5/ نلاحظ أيضا أن المشرع في ق.الفساد إعتمد على الجانب الوقائي
بحيث حدد التدابير الوقائية الواجب إتخاذها في القطاع العام أو الخاص ومخالفة هذه
التدابير يرتب جريمة .
كما أن المشرع أنشأ مجموعة من الجرائم
ووضعها في نموذج وقائي بالإضافة إلى تحديد إجراءات خاصة .
ففيما يخص التدابير الوقائية فيلاحظ
أن المشرع أنشأ ما يسمى التصريح بالممتلكات :وهو عبارة عن جرد العقارات والمنقولات
التي يحوزها الموظف وأولاده القصر ولو على الشيوع في الجزائر أو في الخارج .
هذا التصريح هو عبارة عن نموذج يقوم
الموظف شخصيا بتحريره وتوقيعه عليه ، ويشهد فيه بشرفه على صحة المعلومات المبينة
فيه وسلامتها ، وهذا التصريح يقصد به ضمان الشفافية في الحياة السياسية والشؤون
العمومية ويسمح بمراقبة نزاهة الموظف عند قيامه بخدمة عمومية ، كما يخضع له جميع
الأشخاص الذين يمارسون مهنة إنتخابية وطنية أو محلية ، ويتم هذا التصريح خلال
الشهرالذي يلي تنصيبه ولا يمد إلا بقوة قاهرة ، ويتم هذا التصريح لدى هيئة تختلف بإختلاف
صفة الموظف : فرئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان ورئيس المجلس الدستوري وأعضائه
وكذلك رئيس الحكومة وأعضائه بالإضافة إلى مجلس المحاسبة ، محافظ بنك الجزائر
والسفراء والقناصلة والولاة تقدم تصاريحهم أما الرئيس الأول للمحكمة العليا ، هذا
الأخير يقدم هذا التصريح إلى لجنة التصريح بالممتلكات والمكونة من الرئيس الأول
للمحكمة العليا وممثل عن مجلس الدولة وممثل عم مجلس المحاسبة وعضوين يعينهما رئيس
اللجنة التشريعية من بين أعضائه
.
هذه اللجنة تقوم بنشر محتوى التصريح
بالجريدة الرسمية خلال شهرين من إنتخاب المعنيين أو تسلمهم مهامهم .
ويكون التصريح المتعلق برؤساء وأعضاء
المجالس الشعبية الولائية والبلدية أمام الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد
ومكافحته ، وينشر ملخص عن الجرد في لوحة الإعلانات في مقر البلدية والولاية خلال
شهر .
ويلاحظ أن ق.الفساد ألزم بالتصريح حتى
لباقي الموظفين خلافا لرئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان والمجالس الشعبية البلدية
والولائية ، بحيث ألزم كل موظف بالتصريح لدى الهيئة التي يعمل بها وهذه الأخيرة
تقوم بتحويله إلى هيئة متخصصة بمكافحة الفساد .
6/ وق. الفساد انشأ كما سبق وأن أشير إليها هيئة وطنية تكلف
بالوقاية من الفساد ومكافحته من بين مهامها تلقي التصريحات بالممتلكات وتقديم
توجيهات لكل هيئة عمومية بالإضافة إلى إقتراح تدابير من أجل الوقاية من الفساد ،
كما تقوم بجمع واستغلال كل المعلومات التي تفيد الكشف عن أعمال الفساد والوقاية
منها ، كما يمكن لها أن تستعين بالنيابة العامة لجمع الأدلة والتحري في وقائع ذات
علاقة بالفساد ، وفي هذا الإطار لها أن تطلب من أي هيئة عمومية أو شخص طبيعي أو
معنوي معلومات تراها مفيدة للكشف عن الفساد والرفض يشكل جريمة إعاقة السير الحسن
للعدالة والتي يعاقب عليها بالحبس من6أشهرإلى 5سنوات طبقا لنص الم 44 ، بحيث رفض
إعطاء المعلومات يشكل في ذاته إعاقة للسير الحسن للعدالة وهو مفهوم جديد لم يشر
إليه القانون السابق .
المشرع مكن هذه السلطة من تحويل الملف
إلى وزير العدل في حالة ما إذا ظهر بأن هذه الجريمة تشكل فساد بحيث يقوم وزير
العدل بإخطار النائب العام من أجل تحريك الدعوى العمومية ، كما أن هذه اللجنة
ملزمة بإعداد تقرير سنوي ترسله إلى رئيس الجمهورية .
*هذه الهيئة هي هيئة إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية
والإستقلال المالي وتوضع تحت تصرف رئيس الجمهورية ، ومن أجل ضمان الإستقلالية فإن
المشرع قرر حماية أعضاء وموظفي الهيئة من كل أشكال الضغط أو التهديد أو الترهيب أو
الإهانة أو الشتم وتمكينها بالوسائل البشرية والمادية اللازمة لتأدية مهامها
والتكوين المناسب والعالي لمستخدميها
.
**على العموم التصريح بالممتلكات هو
إلزامي وعدم القيام به يشكل جريمة يعاقب عليها بنص م36والعقوبة الحبس من6أشهر إلى
5سنوات وغرامة مالية تصل إلى 500.000 دج . حيث هذه الجريمة تقوم بعد مضي شهرين من
تاريخ التنصيب وتم تذكيره بالطرق القانونية ولم يدل بالتصريح لدى الهيئة تصبح الجريمة
قائمة ، كذلك التصريح غير الكامل بإغفال بعض الممتلكات أو أدلى بتصريح كاذب أو
خاطئ فيعد مرتكبا لهذه الجريمة أي جريمة التصريح الكاذب بالممتلكات ، وبذلك يخضع
الموظف للرقابة ، بحيث في جميع الحالات يسأل من طرف الدولة من خلال هذا التصريح
بالصيغة التالية "من أين لك هذا
".
7/يلاحظ أيضا أن ق.الفساد بعدما قرر تدابير وقائية من بينها
التصريح بالممتلكات ألزم الموظف أن يخبر السلطة التابع لها عند تعارض مصالحه
الخاصة مع المصلحة العامة أومن طبيعة مصلحته الخاصة أو تؤثر على ممارسة الوظيفة
بشكل عادي ، بحيث إغفال ذلك يشكل جريمة ، يعاقب عليها بنص م34 بعقوبة من 6أشهر إلى سنتين وبغرامة مالية تصل إلى 200.000دج ، بمجرد تعارض
المصالح لابد من إخطار الهيئة لتتخذ ما يمكن إتخاذه ، كما أن المشرع نص بشأن إبرام
الصفقات العمومية على ضرورة علانية المعلومات بإعداد مسبق لشروط المشاركة والإنتقاء
ومخالفة ذلك يشكل يشكل جريمة تعارض المصالح والمعاقب عليها في نص م 34 ، وهذا
الإجراء لم يكن في السابق بل هو مستحدث
.
8/وأخيرا ألزم المشرع كل شخص بحكم مهنته أو وظيفته سواء دائمة أو
مؤقتة بوقوع جريمة ولم يبلغ عنها السلطات في الوقت المناسب يعاقب بعقوبة الحبس من 6أشهر إلى 5سنوات بمجرد الإحجام عن الإبلاغ عن جرائم الفساد
يشكل جريمة معاقب عليها بنص م47 ، بحيث أن هذا النص يطبق على جرائم الفساد دون
غيرها .
9/إلى جانب التدابير الوقائية أنشأ المشرع مجموعة من الجرائم بعض
منها قديم والبعض الآخر مستحدث ، ولكن ما نلاحظه على مجموع هذه الجرائم الواردة من
نص الم 25إلى48 أ، المشرع أخذ بوصف الجنحة غير أنها مغلظة إذ العقوبة تصل إلى
10سنوات كحد أقصى بحيث أن المشرع أراد إخضاع هذه الجرائم إلى المحاكم المهنية وليس
المحاكم الشعبية (محكمة الجنايات المشكلة من محلفين وقضاة).
هذه الجرائم بأنواعها تخضع إلى
التقادم وإذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج فالجريمة لا تتقادم إطلاقا أما
إذا بقيت العائدات في الجزائر فتخضع للتقادم الوارد في ق.إ.ج وهو 10سنوات .
غير أن المشرع في جريمة الإختلاس جعل
مدة التقادم تكون مساوية للحد الأقصى في العقوبة المقرر لها وهي حسب نص م29
10سنوات ، مع ملاحظة أن هذا التمييز ليس له مبرر ما دامت جريمة الفساد صورة من صور
الفساد .
*وجرائم الفساد تخضع من حيث الإجراءات
إلى إجراءات خاصة وإستثنائية بحيث الدخول إلى المساكن يتم في أي وقت دون إحترام
الميعاد القانوني بشأن الجرائم العادية ، ولا يشترط حضور المشتبه به أو الشهود ،
ويمكن وضع أي آلة للتجسس على الموظف كإلتقاط صورة أو تسجيل مكالمة خاصة أو عادية
أو عامة ، مراقبة الإتصالات السلكية واللاسلكية وهذا دون إستشارة المعني بالأمر ،
الموظف بحيث يمكن خرق سر المراسلات وإلتقاط الصور والمكالمات وتسجيل المحادثات من
طرف ضباط شرطة قضائية ، كل هذه الإجراءات يشترط أن يقوم بها ضابط شرطة قضائية بناء
على أمر مكتوب صادر من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق ، وهذا الأمر محدد المدة ،
كما يمكن لهؤلاء الضباط القيام بعملية التسرب ويتمثل ذلك بإنتحال صفة الموظف
والقيام بواجباته ويرتكب الجريمة مع بقية الموظفين ثم يقوم بإعداد تقرير عن مهمته
ويستدعى الضابط كشاهد للإدلاء بتصريحاته ، كما يمكن للضابط أن يستعين بأي شخص تقني
ليقوم بهذه المهمة ، كذلك ملزم بالحصول على إذن من وكيل الجمهورية وهو الغطاء
الوحيد أما بقية القيود المتعلقة خاصة بعدم المساس بالحياة الخاصة فهي كلها
إجراءات يمكن مخالفتها عندما يتعلق الأمر بجريمة الفساد والتي شابهها بإجراءات
جريمة المخدرات وتبييض الأموال وجرائم القرض ، جرائم المعلوماتية وجرائم العابرة
للحدود ، بحيث لهذه الجرائم إجراءات خاصة للبحث فيها .
10/والمشرع نص في هذه الجرائم على عقوبة
الحبس بالإضافة إلى الغرامة التي يصل في بعض الجرائم حدها الأدنى إلى 200.000دج
وفي بعض الجرائم الأخرى يصل إلى 1000.000 دج ، كما ألزم المشرع الجهات القضائية
الناظرة في هذه الجرائم بأن تحكم على المدانين بدفع تعويض مدني للدولة الطالبة عن
الضرر اللاحق بها ، بالإضافة إلى إسترداد الممتلكات ، وهو إجراء لم يكن منصوص عليه
في السابق بل إستحدثه المشرع في م62 ق06/01 .
المشرع
ألغى المواد المتعلقة بهذه الجريمة في ق.ع العقوبات ، وجعل لهذه الجريمة قانون خاص
وهو ق06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته والمواد الملغاة هي:
119-119مكرر1- 121-122-123-124مكرر-126-129-131-133-134 هذه الموادكانت في الأصل
تشكل جريمةالإختلاس، وم 119 تتعلق بصورها من بينها إستعمال الأموال العمومية
لأغراض شخصية أو لفائدة الغير ، فإستعمال هذه الأموال سواء بالإستغلال أو التصرف
أو الإيجار مؤقتا لصالح الغير دون مبرر يشكل جنحة معاقب معاقب عليها في الم119
مكرر1 أما م121 فتتعلق بالغدر وتتمثل هذه الجريمة في طلب أو قبول أو تحصيل ما هو
غير مستحق ، أوالقبض أكثر مما هو مستحق للدولة، والعقوبة هي الحبس من سنتين إلى
10سنوات ، أما الم123 فتتعلق بأخذ فوائد ولو بعقد صوري أو عن طريق شخص ثالث بعض
الفوائد أو المزايدات أو المناقصات ، أما م126 فتتعلق بالرشوة وإستغلال النفوذ
فهذه الجرائم بمختلف صورها ألغاها المشرع بموجب الق السالف الذكر بحيث أن المشرع
جمع جميع النصوص المتعلقة بحماية المال العام ووضعها في قانون خاص يختلف عن ق.ع
بعدما كانت من القواعد الثابتة ، مع ملاحظة مايلي :
1/ أن جميع النصوص الملغاة المتمثلة في جريمة الإختلاس والغدر
والرشوة وإستعمال المال لأغراض شخصية ، تم تحويلها وتثبيتها في ق المكافحة من
الفساد ، فمثلا جريمة الإختلاس أصبح منصوص عليها في م 29ق06/01 ، وكل ما في الأمر
أن هذه الجريمة في نظامها الجديد تأخذ وصفا واحدا وهو وصف الجنحة مهما بلغت قيمة
المال المختلس (حتى دينار واحدا) ، بينما في السابق كان الإختلاس كانت تأخذ وصف
الجناية المغلضة ووصف الجنحة المغلضة إذ كانت العقوبة كالتالي:
أ/الحبس من سنة إلى 5سنوات إذا كانت قيمة الأشياء المختلسة أو
المبددة أو المحتجزة أو المسروقة أقل من 1.000.000دج.(جنحةمغ)
ب/الحبس من سنتين إلى 10سنوات إذا كانت القيمة تعادل أو تفوق
مبلغ 1.000.000دج وتقل عن 5.000.000دج .(جنحة مغ).ج/السجن المؤقت مدة 10سنوات
إلى 20سنة إذا كانت القيمة تعادل أو تفوق مبلغ 5.000.000 وتقل عن 10.000.000دج.(جنايةمغ)د/ السجن المؤبد إذا كانت القيمة تعادل أو تفوق 10.000.000 دج (جناية مغلضة)
.
هذا التكييف لم يعد له وجود بشرط أن
ترتكب الجريمة بعد صدور هذا الق،أماإذاإرتكبت قبل ذلك فتخضع لقاعدة القانون الأصلح
للمتهم .
2/حاليا الخبرة غير إلزامية ليقدر الضرر بينما في السابق إلزامية
لأن التكييف يتغير بتغير القيمة المالية المبددة.
3/في السابق هذه الجريمةلاتقوم الدعوى العمومية إلا بناء على
شكوى من أجهزة الشركة العمومية ، حاليا هذا الشرط منتف ، بل الأكثر من هذا أشار
ق.الفساد إلى مشاركة المجتمع المدني ، بحيث يجب على الإدارة أن تجيب على الشكاوى
الصادرة من المواطنين أو الجمهور كما تلزم الإدارة بإعتماد قواعد تمكن الجمهور
بالحصول على معلومات تتعلق بكيفية تنظيمها وسيرها وكيفية إتخاذ القرارات منها :
نشر المعلومات التي تدفع المواطنين بالتبليغ عن أي ظاهرة من ظواهر الفساد إلى جانب
هذا فيما يتعلق بمجال الصفقات العمومية تلزم الإدارة بأن تعلق بصفة علانية و واسعة
عن وجود صفقة عمومية ، وتكون المعلومات المتعلقة بها علنية يمكن الإطلاع عليها في
أي لحظة مع توضيح شروط المشاركة والإنتقاء ، كما يجوز للمشارك في الصفقة ممارسة
طرق الطعن في حالة عدم إحترام قواعد إبرام الصفقات العمومية . هذه التدابير
الوقائية جعلت الجريمة الحالية تختلف عن الجريمة السابقة كما أشير إليه .
4/ حتى أن المشرع الجزائري قام بتحريض الجمهور على ممارسة الفساد
، بل حتى المتورطين فيها ، كما قرر لهم الإعفاء من العقوبات أي الإستفادة من
الظروف المخففة ، كما أن الذي يقوم بالمشاركة في جريمةأوأكثروقام قبل تحريك الدعوى
العمومية بتبليغ السلطات القضائية أو الإدارية شفاهة أو كتابة أو عن طريق الإعلام
أو ساعد على معرفة مرتكبيها ففي هذه الحالة يستفيد الإعفاء من العقوبة كليا وهو
إجراء لم يكن موجود في السابق وهذا مانصت عليه م 49.
كما أن المشرع كذلك حتى بعد تحريك
الدعوى العمومية قرر إستفادة الجاني المرتكب أو المشترك في الجريمة من العذر
المخفف بحيث تخفض العقوبة إلى النصف إذا ساعد في القبض على شخص أو أكثر من الأشخاص
المتورطين في الجريمة سواء كفاعل أصلي أو شريك .
5/ نلاحظ أيضا أن المشرع في ق.الفساد إعتمد على الجانب الوقائي
بحيث حدد التدابير الوقائية الواجب إتخاذها في القطاع العام أو الخاص ومخالفة هذه
التدابير يرتب جريمة .
كما أن المشرع أنشأ مجموعة من الجرائم
ووضعها في نموذج وقائي بالإضافة إلى تحديد إجراءات خاصة .
ففيما يخص التدابير الوقائية فيلاحظ
أن المشرع أنشأ ما يسمى التصريح بالممتلكات :وهو عبارة عن جرد العقارات والمنقولات
التي يحوزها الموظف وأولاده القصر ولو على الشيوع في الجزائر أو في الخارج .
هذا التصريح هو عبارة عن نموذج يقوم
الموظف شخصيا بتحريره وتوقيعه عليه ، ويشهد فيه بشرفه على صحة المعلومات المبينة
فيه وسلامتها ، وهذا التصريح يقصد به ضمان الشفافية في الحياة السياسية والشؤون
العمومية ويسمح بمراقبة نزاهة الموظف عند قيامه بخدمة عمومية ، كما يخضع له جميع
الأشخاص الذين يمارسون مهنة إنتخابية وطنية أو محلية ، ويتم هذا التصريح خلال
الشهرالذي يلي تنصيبه ولا يمد إلا بقوة قاهرة ، ويتم هذا التصريح لدى هيئة تختلف بإختلاف
صفة الموظف : فرئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان ورئيس المجلس الدستوري وأعضائه
وكذلك رئيس الحكومة وأعضائه بالإضافة إلى مجلس المحاسبة ، محافظ بنك الجزائر
والسفراء والقناصلة والولاة تقدم تصاريحهم أما الرئيس الأول للمحكمة العليا ، هذا
الأخير يقدم هذا التصريح إلى لجنة التصريح بالممتلكات والمكونة من الرئيس الأول
للمحكمة العليا وممثل عن مجلس الدولة وممثل عم مجلس المحاسبة وعضوين يعينهما رئيس
اللجنة التشريعية من بين أعضائه
.
هذه اللجنة تقوم بنشر محتوى التصريح
بالجريدة الرسمية خلال شهرين من إنتخاب المعنيين أو تسلمهم مهامهم .
ويكون التصريح المتعلق برؤساء وأعضاء
المجالس الشعبية الولائية والبلدية أمام الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد
ومكافحته ، وينشر ملخص عن الجرد في لوحة الإعلانات في مقر البلدية والولاية خلال
شهر .
ويلاحظ أن ق.الفساد ألزم بالتصريح حتى
لباقي الموظفين خلافا لرئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان والمجالس الشعبية البلدية
والولائية ، بحيث ألزم كل موظف بالتصريح لدى الهيئة التي يعمل بها وهذه الأخيرة
تقوم بتحويله إلى هيئة متخصصة بمكافحة الفساد .
6/ وق. الفساد انشأ كما سبق وأن أشير إليها هيئة وطنية تكلف
بالوقاية من الفساد ومكافحته من بين مهامها تلقي التصريحات بالممتلكات وتقديم
توجيهات لكل هيئة عمومية بالإضافة إلى إقتراح تدابير من أجل الوقاية من الفساد ،
كما تقوم بجمع واستغلال كل المعلومات التي تفيد الكشف عن أعمال الفساد والوقاية
منها ، كما يمكن لها أن تستعين بالنيابة العامة لجمع الأدلة والتحري في وقائع ذات
علاقة بالفساد ، وفي هذا الإطار لها أن تطلب من أي هيئة عمومية أو شخص طبيعي أو
معنوي معلومات تراها مفيدة للكشف عن الفساد والرفض يشكل جريمة إعاقة السير الحسن
للعدالة والتي يعاقب عليها بالحبس من6أشهرإلى 5سنوات طبقا لنص الم 44 ، بحيث رفض
إعطاء المعلومات يشكل في ذاته إعاقة للسير الحسن للعدالة وهو مفهوم جديد لم يشر
إليه القانون السابق .
المشرع مكن هذه السلطة من تحويل الملف
إلى وزير العدل في حالة ما إذا ظهر بأن هذه الجريمة تشكل فساد بحيث يقوم وزير
العدل بإخطار النائب العام من أجل تحريك الدعوى العمومية ، كما أن هذه اللجنة
ملزمة بإعداد تقرير سنوي ترسله إلى رئيس الجمهورية .
*هذه الهيئة هي هيئة إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية
والإستقلال المالي وتوضع تحت تصرف رئيس الجمهورية ، ومن أجل ضمان الإستقلالية فإن
المشرع قرر حماية أعضاء وموظفي الهيئة من كل أشكال الضغط أو التهديد أو الترهيب أو
الإهانة أو الشتم وتمكينها بالوسائل البشرية والمادية اللازمة لتأدية مهامها
والتكوين المناسب والعالي لمستخدميها
.
**على العموم التصريح بالممتلكات هو
إلزامي وعدم القيام به يشكل جريمة يعاقب عليها بنص م36والعقوبة الحبس من6أشهر إلى
5سنوات وغرامة مالية تصل إلى 500.000 دج . حيث هذه الجريمة تقوم بعد مضي شهرين من
تاريخ التنصيب وتم تذكيره بالطرق القانونية ولم يدل بالتصريح لدى الهيئة تصبح الجريمة
قائمة ، كذلك التصريح غير الكامل بإغفال بعض الممتلكات أو أدلى بتصريح كاذب أو
خاطئ فيعد مرتكبا لهذه الجريمة أي جريمة التصريح الكاذب بالممتلكات ، وبذلك يخضع
الموظف للرقابة ، بحيث في جميع الحالات يسأل من طرف الدولة من خلال هذا التصريح
بالصيغة التالية "من أين لك هذا
".
7/يلاحظ أيضا أن ق.الفساد بعدما قرر تدابير وقائية من بينها
التصريح بالممتلكات ألزم الموظف أن يخبر السلطة التابع لها عند تعارض مصالحه
الخاصة مع المصلحة العامة أومن طبيعة مصلحته الخاصة أو تؤثر على ممارسة الوظيفة
بشكل عادي ، بحيث إغفال ذلك يشكل جريمة ، يعاقب عليها بنص م34 بعقوبة من 6أشهر إلى سنتين وبغرامة مالية تصل إلى 200.000دج ، بمجرد تعارض
المصالح لابد من إخطار الهيئة لتتخذ ما يمكن إتخاذه ، كما أن المشرع نص بشأن إبرام
الصفقات العمومية على ضرورة علانية المعلومات بإعداد مسبق لشروط المشاركة والإنتقاء
ومخالفة ذلك يشكل يشكل جريمة تعارض المصالح والمعاقب عليها في نص م 34 ، وهذا
الإجراء لم يكن في السابق بل هو مستحدث
.
8/وأخيرا ألزم المشرع كل شخص بحكم مهنته أو وظيفته سواء دائمة أو
مؤقتة بوقوع جريمة ولم يبلغ عنها السلطات في الوقت المناسب يعاقب بعقوبة الحبس من 6أشهر إلى 5سنوات بمجرد الإحجام عن الإبلاغ عن جرائم الفساد
يشكل جريمة معاقب عليها بنص م47 ، بحيث أن هذا النص يطبق على جرائم الفساد دون
غيرها .
9/إلى جانب التدابير الوقائية أنشأ المشرع مجموعة من الجرائم بعض
منها قديم والبعض الآخر مستحدث ، ولكن ما نلاحظه على مجموع هذه الجرائم الواردة من
نص الم 25إلى48 أ، المشرع أخذ بوصف الجنحة غير أنها مغلظة إذ العقوبة تصل إلى
10سنوات كحد أقصى بحيث أن المشرع أراد إخضاع هذه الجرائم إلى المحاكم المهنية وليس
المحاكم الشعبية (محكمة الجنايات المشكلة من محلفين وقضاة).
هذه الجرائم بأنواعها تخضع إلى
التقادم وإذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج فالجريمة لا تتقادم إطلاقا أما
إذا بقيت العائدات في الجزائر فتخضع للتقادم الوارد في ق.إ.ج وهو 10سنوات .
غير أن المشرع في جريمة الإختلاس جعل
مدة التقادم تكون مساوية للحد الأقصى في العقوبة المقرر لها وهي حسب نص م29
10سنوات ، مع ملاحظة أن هذا التمييز ليس له مبرر ما دامت جريمة الفساد صورة من صور
الفساد .
*وجرائم الفساد تخضع من حيث الإجراءات
إلى إجراءات خاصة وإستثنائية بحيث الدخول إلى المساكن يتم في أي وقت دون إحترام
الميعاد القانوني بشأن الجرائم العادية ، ولا يشترط حضور المشتبه به أو الشهود ،
ويمكن وضع أي آلة للتجسس على الموظف كإلتقاط صورة أو تسجيل مكالمة خاصة أو عادية
أو عامة ، مراقبة الإتصالات السلكية واللاسلكية وهذا دون إستشارة المعني بالأمر ،
الموظف بحيث يمكن خرق سر المراسلات وإلتقاط الصور والمكالمات وتسجيل المحادثات من
طرف ضباط شرطة قضائية ، كل هذه الإجراءات يشترط أن يقوم بها ضابط شرطة قضائية بناء
على أمر مكتوب صادر من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق ، وهذا الأمر محدد المدة ،
كما يمكن لهؤلاء الضباط القيام بعملية التسرب ويتمثل ذلك بإنتحال صفة الموظف
والقيام بواجباته ويرتكب الجريمة مع بقية الموظفين ثم يقوم بإعداد تقرير عن مهمته
ويستدعى الضابط كشاهد للإدلاء بتصريحاته ، كما يمكن للضابط أن يستعين بأي شخص تقني
ليقوم بهذه المهمة ، كذلك ملزم بالحصول على إذن من وكيل الجمهورية وهو الغطاء
الوحيد أما بقية القيود المتعلقة خاصة بعدم المساس بالحياة الخاصة فهي كلها
إجراءات يمكن مخالفتها عندما يتعلق الأمر بجريمة الفساد والتي شابهها بإجراءات
جريمة المخدرات وتبييض الأموال وجرائم القرض ، جرائم المعلوماتية وجرائم العابرة
للحدود ، بحيث لهذه الجرائم إجراءات خاصة للبحث فيها .
10/والمشرع نص في هذه الجرائم على عقوبة
الحبس بالإضافة إلى الغرامة التي يصل في بعض الجرائم حدها الأدنى إلى 200.000دج
وفي بعض الجرائم الأخرى يصل إلى 1000.000 دج ، كما ألزم المشرع الجهات القضائية
الناظرة في هذه الجرائم بأن تحكم على المدانين بدفع تعويض مدني للدولة الطالبة عن
الضرر اللاحق بها ، بالإضافة إلى إسترداد الممتلكات ، وهو إجراء لم يكن منصوص عليه
في السابق بل إستحدثه المشرع في م62 ق06/01 .