بعض الجرائم الماسة بالمال في القانون الجزائري
أولا/السرقة:
حدد المشرع نصوصها القانونية في
المواد من350-371، بحيث حدد ما معنى السرقة وحدد ظروف تشديدها بالإضافة إلأى تحديد
جرائم تعتبر من ملحقات جريمةالسرقة كجريمة رفض دفع أجرة سيارة مستأجرة ، جريمة
سرقة المواشي ، وجريمة نزع الحدود الفاصلة بين الأملاك ، بالإضافة إلىالإستيلاء
على الأشياء المحجوزة سواء بالإتلاف أو التبذيذ .وإعتبرها المشرع من ملحقات السرقة
لأن ظروف التشديد لاتلحقها فهي جنحة مستقلة تحتفظ بطابعها الخاص .
على العموم السرقة هي إختلاس مال
منقول مملوك للغير بنية التملك بحيث يجب أن يكون ثمة فعل إختلاس والإختلاس هو
الإستلاء على حيازة الشيء دون رضى المالك أوالحائز، وهناك من يعرفها بأنها نزع
الشيء أو نقله أو أخذه دون رضى مالكه ، وعليه فإذا إستولى شخص على حيازة غيره يعد
سارقا،وإذاتسلم شخص مال من المجني عليه على شرط رده وقام بإسترداده بأي طريقة من
الطرق فلايعد هذاسرقة، فلابد من تحقق الإستيلاء على الحيازة القانونية للشيء دون
رضى المالك أو الحائز،بالإضافة إلىكون موضوع الإختلاس مال قابل للتملك ومنقول ،
واخيرا أن يكون المال المنقول مملوكا للغير .
1/تحقق الإستيلاء:ويقصد به إخراج الشيء من حيازة المالك
أوالحائز، وإدخاله في حيازة شخص آخر ، كأن يأمر شخص بأخذ مال من جيب الضحية ويضعه
في جيب شخص آخر ، فهنا يهد سارقا ، ولكن إذا إقتصر فعل المتهم على إخراج الشيء من
حيازة صاحبه دون الإدخال في حيازته أو حيازة شخص آخر فلا يعد سارقا ، كإطلاق طائر
من قفصه ليسترد حريته فلا يعد الفاعل سارقا ، وكذلك إنتقال الشيء في حيازة الشخص
بنية التملك يعد سارقا ولو لمدة قصيرة ، كأن يقوم بإختلاس طعام أو شراب ويقوم
بتناوله في الحال أو إختلاس شيء ليتصرف فيه غيره ، كذلك فعل الإختلاس كائن حتى وإن
كانت حيازة الشخص غير مشروعة ، فمن سرق مالا مسروقا يعد سارقا ، ولكن إذا كان
السارق هو المالك للشيء المسروق فلا يعد سارقا ، يترتب على ذلك مايلي : إذا كان
الشخص حائز على شيء بصفة مالك أو مستأجر في الأصل وإستولى على هذا الشيء وفقا لذلك
فلا يعد سارقا ، أما إذا كان الشيء في حيازة الآخر حيازة عرضية كأن يسلم البائع
الشيء للمشتري ليطلع ويعاينه ثم يفر بالشيء قبل شرائه فيعد سارقا.
2/عدم رضى المالك :
والمقصود به عدم رضى المجني عليه
بالإختلاس وليس عدم علمه ، فعدم الرضى هو الأهم في جريمة السرقة فقد يكون المجني
عليه عالما بوقوع الإستيلاء على الشيء الذي في حيازته ، ومع ذلك تقع السرقة إذا
كان غير راضي على ذلك ، ويلاحظ أن الرضى المعاصر لفعل الإختلاس ينفي الجريمة أما
إذا كان لاحقا فلا ينفي الجريمة
.
3/موضوع الإختلاس مال قابل للتملك
ومنقول:
فلا يصح أن يكون الشيء موضوعا لجريمة
السرقة إلا إذا كان مالا وهو كل شيء يمكن أن يكون محل حق من الحقوق المالية بمعنى
أن يكون قابلا للتملك ، وبالتالي الإنسان لايمكن أن يكون محلا للسرقة فهو لايباع
ولايشترى ، وكذلك يجب أن يكون ذا قيمة فإذا تجرد من قيمته فلا تقع جريمة السرقة .
غير أنه يستوي أن تكون قيمة الشيك صغيرة أو كبيرة .
فإذا تحقق أن يكون موضوع الإختلاس أنه
قاب للتملك وذا قيمة ، فلا أهمية لأن تكون الحيازة مشروعة أو غير كذلك ، فيكفي أن
تكون محل إختلاس ناتجة عن مخدرات أو أسلحة أو نقود ناتجة عن قمار .
إلى جانب ذلك يجب أن يكون منقولا أي
يستطاع نقله من حيازة إلى أخرى ولو كان عقارا وفقا للقانون المدني فالعقارات
بالتخصيص ك الجرار فهو منقول في القانون الجنائي رغم أنه رصد لخدمة هذا العقار فمن
يختلس أدوات زراعية خصصت للأرض يعد سارقا ، ويعتبر منقولا العقار بالإتصال
كالأبواب والنوافذ إذا فصلت عن المبنى وكذلك الأشجار والمحاصيل الزراعية إذا فصلت
عن الأرض وكذلك الأتربة والرمال والمعادن بشرط أن تفصل عن الأرض ، وهذا حتى إن تم
الفصل من الجاني ، يشترط أن يكون المال منقولا ذا طبيعة مادية ، يعتبر كيان ملموس
قابل للحيازة ، وبالتالي لاتقع جريمة السرقة إذا تعلق الشيء بالموال المعنوية كالأفكار
والآراء والمخترعات ، غير أن إختلاس المستندات المجسدة لهذه الأفكار والآراء و
المخترعات كالكتاب المدون لها يعد سارقا ، فالحقوق العينية لاتصل أن تكون محلا
للسرقة كمن يستأجر مسكن ويقيم فيه ويرفض الخروج فلا يعد سارقا لأن له حق الإنتفاع
، كما لاتقع السرقة على القوة الطبيعية كالضوء والحرارة والبرودة ، فمن وضع طعام
على نار أوقدها غيره أو قام بتبريد طعامه في ثلاجة غيره لا يعد سارقا لأن ثمة
إعتداء على القوة الطبيعية ولكن إذا وقع إختلاس على المصدر فيعد سرقة ، إذ يشترط
في السرقة تحقق الكيان المادي ويستوي أن يكون الشيء ذا طبيعة صلبة أو غازية .
على
العموم تدخل المشرع إستثناء في النص على مختلس المياه والغاز والكهرباء في نص
م350، فلولا هذا النص لما خضع سارقها إلى احكام نص م350 كون موضوع الإختلاس قوة
طبيعية .
ويبقى الإشكال بالنسبة لسرقة الهاتف
فيلاحظ أن سرقة الخط أو الآلة المستعملة المتمثلة في الهاتف فهي جريمة سرقة ، أما
سرقة المكالمات فالأصل أنها غير معاقب عليها غير أن المشرع تدخل ونص على عقوبات
خاصة بمثل هذه الجريمة(ج.الإعتداءعلىحرمةالحياة الخاصة).
4/المال موضوع الإختلاس مملوكا للغير :
فإذا كان للمتهم فلا تقع السرقة ،
وإذا تعلق الأمر بأشياء محجوزة قضائيا أو إداريا فإستولى عليها الجاني فنكون في
هذه الحالة أمام جريمة خاصة ، وهي تبذيذ أشياء محجوزة موضوعة تحت حراسته م 564،
كذلك إختلاس الأشياء المبددة التي كانت موضوع حجر فتخضع لنص م365 ، وكذلك الأموال
الواقع عليها رهن ضمانا للدين فهي كذلك تخضع لنص م364 وليس لنص السرقة م350 ، لأن
المال في أساسه مملوك للجاني وتصرف فيه ، خارج هذه الحالات إذا ثبتت ملكية الجاني
للمال محل السرقة فلا يعد سارقا أي في غياب الجدران أو حجز وإستولى الشخص على
الشيء فلا يعد سارقا.
أما إذا كان المال مملوك للغير ويكون
مجهولا أو مفقودا فيثير ذلك عدة إشكاليات ، فالمال المفقود لايعد مالا مباحا أو
متروكا بل هو مال مملكوك لصاحبه ، فإلتقاط شيء بنية رده إلى صاحبه لايعد سارقا ،
أما إلتقطه بينة تملكه فيعد سارقا ، وقد يلتقط شيء بنية رده فتسوء نيته ويريد تملكه
، فهناك من يعتبره لايشكل جريمة لأن نية التملك غير معاصرة لفعل الإلتقاط ، بحيث
يشكل بذلك جريمة خيانة الأمانة أكثر من جريمة السرقة.أما المال المكنوز فهو المال
الذي يعثر عليه مدفونا في عقار دون أن تثبت ملكيته لأحد ، فيلاحظ هنا أنه إذا عثر
عليه ذاخل ملكيته فلا يعد سارقا والعكس إذا عثر عليه خارج ملكيته .
والأموال المودعة في قبور الموتى
والمودعة مع جسم الميت يشكل الإستيلاء عليها سرقة بالإضافة إلى الإعتداء على حرمة
الموتى .
فالأموال غيرالمملوكة لأحد وهي تتنوع
أموال مباحة وأموال متروكة ، فالأموال المباحة التي لامالك لها ولايمكن تملكها
بوضع اليد عليها كالحيوانات الأليفة ، الرمال في الصحراء ، الأشجار في الغابات ،
فهذه كلها لامالك لها ولايمكن تملكها ، فالسرقة لا تقع عليها ولكن إذا إستولى
عليها شخص فيما بعد دخولها في حيازة صاحبها فيعد سارقا ، كأن أخذ قطع خشب من
الغابة فهنا يعد سارقا لأن هذه الأخشاب إنتقلت إلىالضحية ، اما الأموال المتروكة
فهي التي يعترف مالكها بنية التخلى عنها كالثياب البالية ، بقايا الطعام ، بقايا
الأغصان وغيرها فالإستيلاء عليها لايعد سرقة .
على العموم يشترط أن يتوافر في
الجريمة الركن المعنوي ، والمتمثل في القصد الجنائي أي الإٍرادة والعلم ، إرادة
فعل الإختلاس التي تتجه إلى إخراج الشيء من حيازة المجني عليه وإدخاله في حيازته ،
علاوة على ذلك يجب أن يتوافر لدى الجاني العلم بأن هذا الشيء ملك للغير وأنه يقوم
بفعل الإختلاس بدون رضى المجني عليه ، فإذا كان الجاني يجهل أن الشيء من حيازة
الغير فلا يعد سارقا كأن يحمل حقيبة من مكان لآخردون علمه أن الأشياء الموجودة
داخل الحقيبة مملوكة للغير.
علاوة على ذلك لابد من توفر قصد خاص
وهو نية التملك أي يباشر عليها السلطات التي يمتلكها المالك ، وبالنتيجة إذا
إقتصرت نية الجاني على مجرد حيازة الشيء حيازة ناقصة تخلف القصد الخاص ، فمن يسرق
كتابا لقراته وإرجاعه إلى صاحبه لاحقا فلا يعد سارقا ، وإختلاس سيارة للنزهة بها
ثم ردها لايعد سارقا ، وإنما يمكن يتابع على سرقة البنزين أو الوقود لأنه إستعملها
وهو يعلم أنها ليست ملكه.
إضافة إلى أن وضع اليد العارضة على
الشيء لايعد سرقة نلاحظ أن نتيجة الإثراء على حساب الغير ليس شرطا في توافر القصد
الجنائي ، فمن إختلس شيء ثم وهبه إلأى شخص آخر أو أتلفه يعد سارقا ، حيث يجب أن
يكون القصد الجنائي معاصر لعملية الإختلاس والقصد اللاحق لايعتد به .
الجرائم الملحقة بالسرقة :
أنشأ المشرع نصوصا خاصة بها وهذا
لإخراجها من جريمة السرقة ، وتتمثل في إختلاس الأشياء المحجوزة (م364) ، سرقة
الحيوان(م361) ، نزع الحدود الفاصلة بين العقارات (م362) ، سرقة المال المشاع ،
عدم دفع ثمن الطعام أو الشراب في محل معد لذلك (366) ، عدم دفع ثمن سيارة
الأجرة(367) ، إغتصاب السندات بالقوة أو التهديد (367) ، وهذه الجرائم تعد من
ملحقات جريمة السرقة ولها نصوص مستقلة عنها ، بحيث أن ظروف التشديد التي تخضع لها
جريمة السرقة لاتخضع لها هذه الجرائم
.
1/ إختلاس الأموال المحجوزة :
فنلاحظ
أنها تتضمن حالتين:
حالة تتضمن سرقة الأشياء المحجوزة من
غير الحارس وهي المحددة في م364/1 ، أما الحالة الثانية فهي تخص سرقة الأشياء
المحجوزة من حارسها .على العموم يستوي أن يكون السارق هو الحاجز أو غيره بحيث
تبديده للمال المحجوز أو إتلافه بأي طريقة ، وكانت تحت حراسته فيعاقب بالحبس من
6أشهر إلى سنتين وغرامة مالية ، فموضوع الجريمة يجب أن يكون شيء محدوز ، أي أن
المال موضوع تحت يد السلطة العامة لمنع مالكه بأ، يقوم بأي عمل مادي أو قانوني يضر
بحق الدائن ويستوي أن يكون الحجز قضائيا أو إداريا ، تنفيذي أو تحفظي ، ولكن يشترط
أن يكون صحيحا مستوفيا لشروطه القانونية أي قام به شخص مختص ، وأنه قد وقعت السرقة
وقت الحجز ، فإذا كان قد سقط بالتنازل أو بسداد الدين أو بقوة القانون فلا أساس
للجريمة ، فالمشرع إشترط وجود حجز قانوني وتم تنفيذه وحدث تبديده ، ثم إشترط المشع
أن يقع فعل الإختلاس على الأشياء المحجوزة بحيث يمنع التنفيذ أو يعرقله ويدخل بذلك
إخفاء الشيء المحجوز عليه ، والتصرف فيه بتوقيع حجز آخر ، أو إتلاف الشيء في مكانه
لمنع التنفيذ.
وهذه الجريمة مثل السرقة جريمة عمدية
تتمثل في قصد الجاني منع التنفيذ أو عرقلته ولكن لايشترط نية التملك كما هو الحال
في السرقة ، والعقوبة تختلف بإختلاف ما إذا كان الحجز تم على أشياء وضعت تحت حراسة
مالكها أو سلمت للغير من أجل حراستها ، ففي الحالة الأولى العقوبة بالحبس من 6أشهر
إلى 3سنوات أما الحالة الثانية بالحبس من سنتين(2)إلى 5سنوات وغرامة
مالية ، وهذه العقوبة الأخيرة تطبق أيضا في حالة المدين أو المقترض أو الراهن الذي
يتلف أو يختلس الأشياء التي تسلمها على سبيل الرهن .
على العموم يشترط أن يكون الشيء
منقولا فلا يسري على العقار ، ولايشترط أن يكون عند الرهن الحيازي صحيحا فوجود عقد
يكفي لقيام الجريمة ، ولكن قد يحدث في بعض الحالات أن ينقل شخص شيء إلى الغير وهو
في وضعية الرهن فهنا لايعتبر مبددا بل هو بيع شيء أولي قائم على شرط وهو رفض الرهن
، ولكن إذا نقل الشيء رغم وجود هذا الرهن وتصرف فيه فهنا يعد مرتكبا لفعل السرقة ،
أما فيما يخص 2/جريمة الإمتناع عن دفع ثمن الطعام :
حددت لها م366 ، بحيث تناول الطعام
مأكولات أوالمشروبات في محل معد لذلك ، ثم امتناع عن دفع الثمن سواء لايستطيع دفعه
أو رفض ذلك فالعقوبة بالحبس من شهرين إلى 6أشهر، فلا بد أن يكون ثمة طلب لتقديمها
صادر عن الجاني أو وجود ما يدل على أنه يرغب في ذلك ثم إستهلكها ، بحثت إذا قدم
الطلب ثم عدل عنه وإمتنع عن دفع الثمن فلا تقوم الجريمة لأن المشرع إشترط
الإستهلاك الكلي أو الجزئي
.
على
العموم تطبق نس العقوبة على من طلب تخصيص غرفة أو أكثر في فندق أو نزل وشغلها فعلا
مع العلم أنه لايستطيع دفع أجرها على الإطلاق فينصرف فيعد سارقا ، ولكن يشترط أن
لاتتجاوز مدة الإقامة 10أيام فإذا تجاوزت فيخضع لقواعد الإيجار يحيث رفض دفع الثمن
لايشكل جريمة بل إخلالا بأنه يستحيل عليه دفع الأجرة فيعاقب بالحبس كما سبق من
شهرين إلى 6أشهر.
3/جريمة نزع معالم الحدود :
حدد لها المشرع نص م362 ، بحيث وجود
معالم وضعت من قبل الأشخاص أو القضاء وتم تغييرها يفترض إرتكاب السرقة،فالعقوقة
بالحبس من سنتين إلى 5سنوات وبغرامة مالية.
4/جريمة سرقة الحيوان :
خصص لها المشرع م361 بحيث نص على
معاقبة كل من سرق خيولا أو دوابا أو مواشي كبيرة أو صغيرة أو أدوات للزراعة فيعاقب
بالحبس من سنة إلى 5سنوات حيوانا وبغرامة مالية ، ويشترط في السارق لهذه الحيوانات
أن يقوم بفعل الإختلاس وعدم رضى المجني عليه ، وأن يكون موضوع الإختلاس حيوانات
بمختلف أنواعها ، كما أن سرقة محاصيل أو منتجات أخرى نافعة للأرض تشكل جريمة تخضع
لنص م 361 وليس لنص م350 فكل من سرق من الحقول محاصيل أو منتجات ناتجة عن الأرض
فيعاقب بجريمة السرقة ، وكذلك سرقة الأخشاب والأحجار في المحاجر ، وسرقة الأسماك
من البرك أو الأحواض أو الخزانات فيشكل جريمة خاصة .
5/جريمة سرقة المال المشاع:
حدد لها المشرع م363 ، وعقوبتها
بالحبس من شهرين إلى 3سنوات فجريمة الشريك للميراث الذي يستولي على التركة قبل
تقسيمها بطريق الغش سواء تعلق الأمر بالشريك في الميراث أو الشريك في الملك ، بحيث
يستولي على أشياء مشتركة أو على أموال التركة فيعد سارقا ، وكذا أ، الشركة قائمة
ولم يتم حلها فلا يمكن أخذ شيء منهاإلا برضى الشركاء، فإذا تم الإستيلاء عن طريق
الغش والطرق الإحتيالية فالجريمة قائمة ، وهو نفس الشيء الذي ينصرف إلى التركة أو
على أي مال مشترك .
وعلى العموم في هذه الجريمة يعاقب
المشرع على الشروع ويقرر لها نفس العقوبة المقررة في الجريمة التامة .
جريمة السرقة المنصوص عليها في م350
السالفة الذكرقد تكون جريمة بسيطة تأخذ وصف الجنحة وتخضع لعقوبة الحبس من سنة إلى
5سنوات على الأكثر ، والشروع يعاقب عليه ، بالإضافة إلى إمكانية حرمان الجاني من
الحقوق الوطنية ومنعه من الإقامة لمدة سنة على الأقل و5سنوات على الأكثر وهذه
عقوبة تكميلية جوازية ، ومادامت العقوبة هي جنحة فيمكن أن تكون موقوفة النفاذ أو
نافذة ويمكن حتى معاقبة الجاني بعقوبة الغرامة وهي من 100 ألف إلى 500 ألف دينار
حسب التعديل الجديد ، حيث المشرع رفع الغرامة في ق06/22 ، كما أوجد المشرع جريمة
جديدة وهي جريمة السرقة مع إستعمال العنف أو التهديد أو إذا سهل إرتكابها ضعف
الضحية الناتج عن سنها أو مرضها أو إعاقتها أو عجزها الذهني أو البدني أو حالة
الحمل ، بحيث هذه الظروف لاتعد ظرفا مشددا بل قرر المشرع عقوبة الحبس من سنتين إلى
10سنوات وغرامة مالية من 200ألف 1000.000 دج والشروع يعاقب عليه في إرتكاب الجنحة .
إلى جانب هذا المشرع في تعديله الجديد
جنح السرقة من جناية إلى جنحة وذلك بتعديل نص م354 بحيث إذا إرتكبت السرقة في ظل
الظروف معينة فهي جنحة غير أن عقوبتها مغلظة وهي الحبس من 5سنوات إلى 10سنوات
وغرامة من 50ألف إلى 1000.000دج ، هذه الظروف هي :
1/ إذا إرتكبت السرقة ليلا بعد صلاة المغرب إلى صلاة الفجر.
2/ إذا إرتكبت بواسطة شخصين أو أكثر .
3/إذا إرتكبت بواسطة التسلق ، والتسلق عرفته م 357 أو الكسر من
خارج أو الداخل أو عن طريق مداخل تحت الأرض أو بإستعمال مفاتيح مصطنعة أو بكسر الأختام
، حتى ولو وقعت في مبنى غير مستعمل للسكن .
فبتوافر هذا الظرف تشدد العقوبة ولكن
تحتفظ بطبيعتها القانونية وهي الجنحة علىخلاف ما كان سابقا ، كذلك تشدد العقوبة :
إذا إرتكبت أثناء حريق أو بعد إنفجار
أو إنهيار أو زلزال أو فيضان أو تمرد أو فتنة أو إضطراب آخر .
غير أنه يلاحظ أن التعديل الجديد لم
يمس الفقرة وهي إرتكاب الجريمة بعد التفجير مما يفيذ أن المشرع إختفظ لها بتكييف
الجناية والعقوبة المقررة هي السجن من 5إلى 10سنوات .
يلاحظ أن المشرع حدد معنى المسكن
ومعنى الكسر ومعنى التسلق وإصطناع المفاتيح في المواد 355-356-357-358 .
كما أن جريمة السرقة تأخذ وصف الجناية
عند توافر ظرفين على الأقل والمحدد بنص م 353 وهي :
1/ إذا إرتكبت السرقة مع إستعمال العنف أو التهديد به .
2/ إذا
إرتكبت ليلا .
3/ إذا إرتكبت السرقة بواسطة شخص أو أكثر .
4/ إذا إرتكبت السرقة بواسطة التسلق أو الكسر من الخارج أو من
الداخل أو عن طريق مداخل تحت الأرض أو بإستعمال مفاتيح مصطنعة أو بكسر الأختام أو
في المنازل أو المساكن أو الغرف أو الدور المسكونة أو غير المستعملة أو في توابعها.
5/ إذا إستحضر مرتكبو السرقة مركبة ذات محرك بغرض تسهيل فعلهم أو
تيسير هروبهم .
6/ إذا كان الفاعل خادما أو مستخدما بأجر في منزل مخدومه أو
المنزل الذي كان يصحبه إليه .
7/ إذا كان الفاعل عاملا ولو تحت التدريب في منل مخدومه أو
مصنعه أو مخزنه .
بحيث توافر ظرفين من هذه الظروف
المشار إليها ولو بغير ترتيب فالجريمة تأخذ وصف الجناية السجن المؤقت من 10إلى
20سنة ، بحيث هذه الجريمة تحال على التحقيق ثم غرفة الاتهام في محكمة الجنايات
وهذه الأخيرة لايمكن لها أن تخفض العقوبة إلى أقل من 3سنوات حبس عند الأخذ بظروف
التخفيف لأن العقوبة الأصلية هي السجن المؤقت من 10إلى20 سنة.
يلاحظ أن المشرع يعاقب بالسجن المؤبد
بعدما كان يعاقب بالإعدام على كل من يقوم بالسرقة وهو يحمل أسلحة ظاهرة أو مخبأة
وحتى إن وقعت الجريمة من شخص واحد ولم يتوافر أي ظرف مشدد ، فالمشرع عدل عن عقوبة
الإعدام وإستخلفها بالسجن المؤيد ، ولكن المقصود بالسلاح الناري وليس السلاح الوارد
في م93 كالعصاوالمقص وغيرها، فهذه أسلحة بيضاء وليس أسلحة نارية .
يلاحظ كذلك أن المشرع جنح السرقة التي
ترتكب في الطرق العمومية وفي المركبات المستعملة لنقل المسافرين والمتعة وذلك داخل
نطاق السكة الحديدية والمحطات والموانئ والمطارات وأرصفة الشحن والتفريغ ، بحيث
قرر لها العقوبة بالحبس من 5سنوات إلى 10سنوات والغرامة من 500 ألف إلى 1000.000
دج وقد كانت سابقا هذه الجريمة يعاقب عليها بالسجن المؤقت غير لأن المشرع عدل عن
ذلك وأخضعها إلى محاكم الجنح لأن المشرع إستعمل عبارة الحبس بدل السجن ، وقد نص
على معاقبة الشروع في إرتكاب مثل هذه الجريمة ، مما يفيد بأن المشرع بموجب تعديل
ق.ع بموجب ق06/23 جنح بعض الجرائم كانت في السابق جناية ، غير أن هذا التجنيح رفع
عقوبة الحبس إذ أنها تصل إلى 10 سنوات وغرامة مالية تصل إلى 1.000.000 دج ، وهذا
التجنيح مس الجرائم التي ترتكب في في الطرق العمومية وفي المركبات المستعملة لنقل
المسافرين والمتعة وذلك داخل نطاق السكة الحديدية والمحطات والموانئ والمطارات
وأرصفة الشحن والتفريغ إذا إرتكبت الجريمة بظرف واحد فقط من الظروف المنصوص عليها
في م353 وهي : ظرف اليل ، وظرف شخصين أو أكثر ، ظرف التسلق أو الكسر أو بإصطناع
المفاتيح أو كسر الأختام أو في المساكن حتى غير المستعملة ، فأحد هذه الظروف يرفع
العقوبة من 5سنوات إلى 10سنوات مع الإحتفاظ بتكييفها الأصلي جنحة .
غير
أن المشرع إحتفظ بتكييف الجناية وقرر عقوبة السجن المؤبد ‘ذا إرتكبت السرقة أثناء
ح ريق أو بعد إنفجار أو إنهيار أو فيضان أو غرق أو تمرد أو فتنة أو وقعت السرقة
على أحد الأشياء المستعملة لتأمين سلامة أي وسيلة من وسائل النقل العمومي أو الخاص
، بالإضافة إلى هذا فالمشرع إحتفظ بتكييف الجنحة غير أن العقوبة هي السجن المؤبد
بدل الإعدام مما يفيد أن المشرع تراجع عن فكرة الإعدام . كما أبقى المشرع على
عقوبة السجن المؤقت في نص م353 عند توافر ظرفين أو أكثر غير أن التعديل الجديد رفع
مبلغ الغرامة من 1.000.000
دج إلى 2.000.000 دج .
نلاحظ أخيرا أن المشرع في تعديله
الجديد نص على غرامات في الأصل تتجاوز مقدرات المتهم ، حيث تطرح إشكالية فيما بعد
تتعلق بطريقة التحصيل وبالخصوص أن المشرع أخذ بفكرة الإكراه البدني في المسائل
الجزائية وهي عبارة عن إيداع الشخص في مؤسسة عقابية لغاية تسديد مبلغ الغرامة ،
مما يؤدي إلى إكتظاظ السجون من جراء الإكراه البدني مما يفيد أن المشرع لم يأخذ
بعين الإعتبار هذا الطرح ، ولم يأخذ بعين الإعتبار طريقة التحصيل ، وعلى العموم
فهي تشكل وسيلة ردع للجاني ، غير أنه يلاحظ أن المشرع رفعها إلى حد غير معقول وهذا
لإعطاء إمكانية للقضاء من أجل إستبدالها بعقوبة الحبس ، ونلاحظ أن رفع مبلغ
الغرامة لم يسر فقط على ج.السرقة ، بل إمتد إلى ج.خيانة الأمانة وج.النصب ، وج.
إصدار شيك بدون رصيد.
إضافة إلى هذا فإنه هناك بعض السرقات
التي ترتكب من الأشخاص لاتجوز فيها المتابعة (م368) وبالتالي الإعفاء من المسؤولية
الجزائية وتخول لهم الحق فقط في التعويض المدني وهم :
1/الأصول
إضرارا بأولادهم أو غيرهم من الفروع
.2/
الفروع إضرارا بأصولهم .
3/أحد
الزوجين إضرارا بالزوج الآخر ، كما أنه لايجوز إتخاذ الإجراءات الجزائية بالنسبة
لهذا النوع من السرقات التي تقع بين الأقارب والحواشي والأصهار لغاية الدرجة
الرابعة إلا بناء على شكوى من المضرور كما أن التنازل يضع حدا للمتابعة ، وهذا
الإجراء يطبق العقوبات المقررة في المادتين 387-388 المتعلقتين بمرتكبي وإخفاء
الأشياء المسروقة (م369)، وخيانة الأمانة ،وجريمة النصب حيث نصت م373"تطبق
الإعفاءات والقيود الخاصة بمباشرة الدعوى العمومية المقررة بالمادتين 368-369 على
جنحة النصب المنصوص عليها في ف 1من الم.372"
.
ثانيا/ جريمة النصب :
وبالتالي مما سبق ذكره أن هناك تشابه
بين جريمة السرقة وجريمة النصب من حيث الإعفاء من العقوبة بالنسبة للأصول والفروع
والحواشي والأقارب الذي يشترط فيه الشكوى والتنازل عن الدعوى العمومية يضع حدا
للمتابعة ولكن يبقى فقط الحق في طلب التعويض المدني ، غير أن جريمة النصب تختلف
عنها في كون الجاني في السرقة يسلب الحيازة الكاملة للمال بدون رضى صاحبه في
التسليم بينما في النصب ينتقل المال إلى المجني عليه برضا وطواعية منه بل أكثر من
ذلك أحيانا يتم في ظروف جد معتدلة وفي فرح غير أن هذا التسليم مصدره وسائل
إحتيالية توقع الضحية في غلط وتدفعه إلى تسليم المالي إلى الجاني على خلاف السرقة
والنصب ففي خيانة الأمانة يتم التسليم بصفة مؤقتة بناء على عقد من عقود الإئتمان
م376 ، وبموجب ذلك يغير الجاني حيازته من حيازة مؤقتة إلى حيازة كاملة بنية التملك
، ولكن في جميع الحالات يقع ثمة تسليم أي خروج الشيء من حيازة الضحية ليقع في حوزة
الجاني،فالتسليم في النصب هوالنتيجة الإجرامية، أما التسليم في خيانة الأمانة
فيكون سابق على الإستيلاء ، ولايتحقق إلا بفعل لاحق على التسليم ، وهو التبديد أو
الإختلاس أو الإستعمال ، فأساس النصب هو الغش والخداع بحيث الجاني يخضع الضحية
ليحمله على تسليم المال ، غير أن التدليس الجنائي يختلف عن التدليس المدني فهذا
الأخير يقوم على مجرد الكذب أما التدليس الجنائي فهو وسيلة لسلب المال من الغير
كله أو بعضه ويتم ذلك بإحدى الوسائل الإحتيالية الذي عليه الإعتداء على الملكية ،
وبالتالي فهو ليس عيب في الرضا بل يتعدى ذلك مما يجعله يختلف عن التدليس المدني
الذي يعتبر عيب من عيوب الرضا خطأ يستوجب التعويض فقط ، فالنصب هو الإستيلاء على
المال ويتم بإستخدام أحد وسائل التدليس الجنائي ، والذي يؤدي إلأى قيام الجريمة
المنصوص عليها في م 372.
وجريمة النصب تقوم على ركنين :
مادي و معنوي :
أولا/
المادي :ويتجسد في
3عناصر :1/إستعمال وسلة من وسائل التدليس المحددة قانونا للتأثيرعلى الضحية .
2/وجود نتيجة وهي تسليم المال . 3/علاقة سببية بين النشاط و النتيجة ، أي ضرورة
توافر صلة بين التدليس وتسليم المال
.
1/التدليس : ويكون بإستعمال وسائل محددة وهي إستعمال طرق إحتيالية للتصرف
في مال الغير وإستعمال أسماء أو صفات كاذبة ، فإذا كان التسليم تم بتأثير إحدى هذه
الطرق فإن ذلك يشكل جريمة ، والقاض ملزم بإظهار هذه الوسيلة المستعملة ، وهذا مما
يفيد أن الطرق والوسائل الإحتيالية محددة قانونا على سبيل الحصر ، فالطرق
والمناورات الإحتيالية حدد المشرع نوعها والغرض منها ، وهي إدعاءات كاذبة يدعمها
الجاني بمظاهر خارجية من شأنها إيهام الضحية بأمر من الأمور أي لابد من وجود إدعاء
كاذب ومظاهر خارجية ، ويكون غاية هذه الطرق هو الإستيلاء على المال طواعية ،
فالإدعاء الكاذب هو ذكر شيء مخالف للحقيقة فإذا كان مطابق لها فالجريمة تنعدم ،
فالطرق الإحتيالية يجب أن يكون مصدرها الكذب ، هذا الكذب تم بصفة شفاهية أو كتابة
، وينصب على الحقيقة كلية أو جزء منها ، فالقول والكتابة المخالفة للحقيقة في جزء
معين أو في كله يعد كذبا ، هذا الكذب لابد من تدعيمه بمظاهر خارجية أي لابد أن
تحاط بمظاهر خارجية توحي بصدقها ، فالقول والكذب المجرد لايشكل تدليسا ، بحيث إذا
تم تسليم المال على ضوء كلام براق أو كلام مغشوش ، فالشخص ملزم بأخذ الحيطة والحذر
ولابد من تحريه على صحة مايسمع ، ويتمعن فيما يتلقى من أقوال فالإهمال يشكل تفريط
من جانبه وبالتالي يتحمل مسؤوليته ويصبح غير جدير بالحماية ، فإيهام شخص بأنه سوف
يسترد له أشياء مسروقة منه ويستلم مقابل ذلك مبلغ من المال فلا يشكل نصبا فهو يدخل
في خانة الكذب ، كذلك ترديد إدعاءات كا دبة دون أي صاحبها شيء لايشكل نصبا ، كما
أن الكتمان هو عبارة عن مجرد إمتناع لايشكل نصبا ولا يشكل طريقة إحتيالية ، كأن
يدفع شخص أكثر مما طلب غلطا ويقبل ذلك الشخص الأخر ذلك العطاء فإن ذلك لايشكل
جريمة نصب ، وإن كان ثمة خطأ مدني
.
فعلى العموم يجب أن يقترن الكذب
بالمظاهر الخارجية وتتمثل كالتالي:
أ/إستعانة الجاني بشخص آخر بتدخله بإضافة جديد لإدعاءاته وأكاذيبه ، وذلك
بأقوال أو أفعال أو أوراق بحيث أن هذا العمل هو الذي يرقي الكذب إلى مرتبة الطرق
الإحتيالية ، التي تقوم عليها جريمة النصب ويجب أن يكون تدخل الشخص الآخر بناء على
سعي وترتيب من الجاني ، فإذا كان تلقائيا فهذا غير كافي لتكوين الطرق الإحتيالية ،
بحيث أن الجاني يسأل على أقواله الكاذبة وإذا ترتب عن ذلك تسليم مال فلا يعد نصبا .
على
العموم لايهم فيما إذا كان الغير سيء النية أو حسنها كأن يعتقد صحة مزاعم الجاني
ويتدخل ويترتب على هذا التدخل تدعيم الكذب ويوقع الضحية في غلط ، ولايهم إذا كان
التدخل شفاهة أو كتابة كإرسال رسالة تعزز إدعاءات الجاني، كما أنه لايشترط أن يكون
الشخص الغير قد تدخل فعلا ، كما لايشترط أن يكون له وجود حقيقي فقد يصطنع الجاني
محررا يؤكذ أكاذيبه وينسب صدوره كذبا إلى شخص طبيعي أو معنوي خيالي .
فعلى العموم الوقائع والظاهر يجب أن
تكون خارجية أو أعمال مادية أي كون لها كيان منفصل عن شخص الجاني بحيث يستمد
الضحية الدليل على صحة ما يدعيه الجاني ، فإذا كانت الإدعاءات والأكاذيب مدمجة في
الموضوع فالإحتيال ينتفي ، ولايهم فيما إذا كانت الوسائل الخارجية قد إفتعلها
الجاني أو مجرد ظروف أو ملابسات لم يهيأ لها الجاني ، ولكن إستقبلها لتأكيد مزاعمه
، ومثال ذلك إرتداء قميص أبيض يخص الطبيب وإستحضار أدوات طبية لتدعيم أنه طبيب
ويقوم بالفحص ويتلقى المال مقابل ذلك ، وكذلك يشكل نصبا الجاني الذي يستخدم بخورا
ويردد أصوات مختلفة على أنه إتصال بالجن ، ووضع لافتة على الباب على أنه يشفي
المرضى من الجن أو أنه محامي وأنه في حقيقة الأمر ليس كذلك .
ويلاحظ أن الظهور بمظهر الثراء
بإستعمال سيارة فخمة وكراء مساكن فخمة لتغليط الأشخاص الآخرين يشكل نصبا لأن ثمة
كذب بالإضافة إلأى مظاهر خارجية غير حقيقية ، كذلك إفتعال حادث مزور والحصول على
شهادة طبية مزورة وهذا للحصول على مبلغ التعويض أو التأمين يعد نصبا ، وقد يقوم
شخص بجمع مبالغ مالية بمناسبة حفل مستعملا صفته بأنه صاحب الحفل .
على العموم الإدعاءات الكاذبة
المصحوبة بمظاهر خارجية مادية بحيث تهدف إلى وجود واقعة مزورة أو بحصول الأمر
والفوز أو إعتماد مالي خيالي ، بحيث المشرع إستعمل عبارة إستعمال سلطة خيالية أو
إعتماد مالي خيالي أو إحداث الأمل والفوز ، فالإيهام يقصد به إيقاع الشخص في غلط
وحمله على تكوين إعتقاد مخالف للواقع ، وقد يؤدي إلأى إيجاد عقيدة وهمية لدى
الضحية لقبول إدعاءات الجاني ، بحيث يجب أن لايكون الضحية عالما بحقيقة ما وقع
عليه من أساليب ، فإذا كان كذلك تنتفي الجريمة ، ويجب أن يكون الإيهام غايته في
وجود مشروع كاذب والذي قد يتمثل في وجود مشروع تجاري أو صناعي أو زراعي ..إلخ ، كما أن الإيهام كما يكون في وجود سلطة خيالية أو إعتقاد
مالي خيالي ، قد يكون بمناسبة إحداث الأمل والفوز بأي شيء كوقوع حادث أو أي واقعة
وهمية أو الخشي من وقوعها
.
ب/قد يتمثل النصب في الكذب المصحوب بإنتحال إسم كاذب أو صفة غير
صحيحة ، حيث مجرد الكذب في الإسم أو الصفة يجعل التدليس قائما ، فإهمال الضحية في
التحري عن ذلك لايعفي الجاني من العقاب ، فالمشرع لم يشترط في الكذب غاية معينة
على عكس الطرق الإحتيالية التس يشترط فيها الإيهام ، فيكفي إثبات ثمة إستعمال صفة
أو إسم كاذب غير صحيح يجعل الوصف قائما ، ولكن يشترط أن يتخذ الجاني جانبا إيجابيا
وليس موقفا سلبيا ، بحيث بحيث يدعي الجاني الإسم الكاذب أو الصفة غير الصحيحة
لنفسه، ولكن يشترط أن يكون إدعاء إسم كاذب أو صفة غير صحيحة هو السند الذي حمل
المجني عليه إلى تسليم ماله ، والإنتحال قد يكون شفاهة أو كتابة، والإسم الكاذب هو
الإسم المتخذ خلافا للإسم الحقيقي ولو كان إسما خياليا ليس له وجود في الواقع ،
كما أنه لايهم إذا كان بعض الإسم خياليا والبعض الآخر منه حقيقيا، وإذا ذكر إسما
غير حقيقي ولم يصدر منه أدنى كذب فالنصب منعدم ، أما الصفة فهي المكانة التي
يستغلها الفرد في المجتمع بمقتضى مؤهلات مهنية أو حرفية ، كإدعاء بأنها زوجة فلان
وتستلم المال ويظهر أنها مطلقة ، غير أن الإدعاء بالملكية أو المديونية لاشكل نصبا .
2/النتيجة:
وهي مايترتب على السلوك المادي
بإستعمال الطرق الإحتيالية، وهي تسلم المال فهذا التسليم ضروري وجوهري لتكوين
الجريمة ، وقد عبر عنه المشرع بعبارة وكان ذلك بالإحتيال لسلب كل ثروة الغير أو
بعضها أوالشروع فيها ، أي الهدف من كل هذا هو الوصول إلى الإستيلاء وسلب الثروة ،
بحيث إذا غابت هذه النتيجة يغيب النصب ، وعلى العموم يجب أن ينصب التسليم على مال
ذا قيمة ومنقول ومملوك للغير أي مثله مثل المال المتعلق بالسرقة وبالتالي يخرج
الإنسان من دائرة النصب ، ولكن لايشترط أن يكون المجني عليه حائز للمال حيازة
مشروعة ، فقد تكون غير كذلك ، ويجب أن يكون هذا المال له كيان مادي ملموس حتى يمكن
أن يكون محلا للتسليم ، فركوب شخص في حافلة بغير أجرة بالإدعاء بأنه شرطي لايعد
نصبا لأنه يهدف إلأى الحصول على مجرد منفعة بغير حق .
3/العلاقة السببية بين التدليس وتسلم
المال :
بمعنى وجب توافر إحدى وسائل التدليس
وأن تكون هذه الوسائل السابقة على تسليم المال قد أدت إلى إيقاع المجني عليه في
غلط ، بحيث هذا الغلط حمله على تسليم ماله .
فبتوافر هذه العناصر : التدليس وتسليم
المال تقوم جريمة النصب ، بحيث التوصل إلى نيل شيء من الغير بطرق ومناورات
إحتيالية وأن هذا التوصل إلى تلك الغاية لم يكن مجديا إلا بإستعمال هذه الطرق
فجريمة النصب تصبح قائمة، ولكن يجب في جميع الأحوال بيان جميع الوسائل والمراوغات
التي يقوم بها الجاني للحصول على ملك الغير ، بحيث لولاها لما أقدم الضحية على دفع
المال ، وبالتالي فالقضاء يجب عليه أن يثبت أن الجاني قد إستعمل إحدى وسائل
التدليس وهي إستعمال إحدى الأسماء أوالصفات الكاذبة أو إحدى المناورات الإحتيالية
وإثبات الإستيلاء على مال الغير وإثبات العلاقة السببية بين وسيلة التدليس وسلب
المال .
ثانيا /الركن المعنوي:فهو أيضا يجب أن
يثبته القضاء لأنها جريمة عمدية ويتخذ ركنها المعنوي صورة القصد ، فالخطأ لايكفي
لقيام الجريمة حتى ولو كان خطأ جسيما ، والقصد يتكون من عنصرين : الإرادة و العلم
، فالإرادة يجب أن تتجه إلى إحداث الواقعة الإجرامية وهي الإحتيال والإستيلاء على
مال الغير وأنه أراد إستعمال الأساليب التي حددها القانون، بحيث الإرادة لم تقتصر
على مجرد الكذب بل تجاوزت ذلك بالإستعانة بمظاهر خارجية ، إلى جانب هذا يجب أن
يحيط الجاني علما بهذه الجريمة ويعلم بأنه يرتكب فعلا من أفعال التدليس والإحتيال
وأن العمل من طبيعته أن يخدع الضحية ويحمله على تسليم ماله ، والعلم يختلف بإختلاف
صوره ، فقد يتخذ صورة الكذب وقد يتخذ صورة الكذب مع مظاهر خارجية .
على العموم بتوافر القصد الجاني
الجريمة قائمة بغض النظر على الأغراض التي يهدف إليها الجاني وإذا كان غرض
الإستيلاء على مال الأغنياء للتصدق به على الفقراء فذلك لاينفي الجريمة ، فالباعث
سواء كان شريفا أم لا لايحول دون قيام الجريمة ، ومما يمكن أن يستفيد منه الجاني
ظروف التخفيف فقط .
ويلاحظ أن المشرع إعتبر جريمة النصب
جنحة خصص لها عقوبة من سنة إلى 5سنوات وغرامة من 500إلى 20.000دج مع الملاحظ أن
المشرع في تعديله الجديد لم يرفع عقوبة الغرامة إلى حد يتناسب وم 5 على خلاف ما
فعله بالنسبة للجرائم الأخرى كجريمة السرقة .
يلاحظ كذلك أن الشخص المعنوي الذي
يرتكب جريمة النصب عن طريق ممثليه يعاقب هؤلاء ، فالمشرع لم ينص على ذلك بنص خاص ،
وبالتالي فالشركة التي تستعمل صفة وهمية ووجود غير قانوني وتستولي على أموال الغير
فيعاقب ممثلوها دون الشركة ، وهذا رغم أن المشرع كمبدأ عام يعاقب على الجريمة
المرتكبة من الشخص المعنوي ‘ذ نص على ذلك في م50 وذلك لغياب نص خاص فالمتابعة غيرقائمة
أولا/السرقة:
حدد المشرع نصوصها القانونية في
المواد من350-371، بحيث حدد ما معنى السرقة وحدد ظروف تشديدها بالإضافة إلأى تحديد
جرائم تعتبر من ملحقات جريمةالسرقة كجريمة رفض دفع أجرة سيارة مستأجرة ، جريمة
سرقة المواشي ، وجريمة نزع الحدود الفاصلة بين الأملاك ، بالإضافة إلىالإستيلاء
على الأشياء المحجوزة سواء بالإتلاف أو التبذيذ .وإعتبرها المشرع من ملحقات السرقة
لأن ظروف التشديد لاتلحقها فهي جنحة مستقلة تحتفظ بطابعها الخاص .
على العموم السرقة هي إختلاس مال
منقول مملوك للغير بنية التملك بحيث يجب أن يكون ثمة فعل إختلاس والإختلاس هو
الإستلاء على حيازة الشيء دون رضى المالك أوالحائز، وهناك من يعرفها بأنها نزع
الشيء أو نقله أو أخذه دون رضى مالكه ، وعليه فإذا إستولى شخص على حيازة غيره يعد
سارقا،وإذاتسلم شخص مال من المجني عليه على شرط رده وقام بإسترداده بأي طريقة من
الطرق فلايعد هذاسرقة، فلابد من تحقق الإستيلاء على الحيازة القانونية للشيء دون
رضى المالك أو الحائز،بالإضافة إلىكون موضوع الإختلاس مال قابل للتملك ومنقول ،
واخيرا أن يكون المال المنقول مملوكا للغير .
1/تحقق الإستيلاء:ويقصد به إخراج الشيء من حيازة المالك
أوالحائز، وإدخاله في حيازة شخص آخر ، كأن يأمر شخص بأخذ مال من جيب الضحية ويضعه
في جيب شخص آخر ، فهنا يهد سارقا ، ولكن إذا إقتصر فعل المتهم على إخراج الشيء من
حيازة صاحبه دون الإدخال في حيازته أو حيازة شخص آخر فلا يعد سارقا ، كإطلاق طائر
من قفصه ليسترد حريته فلا يعد الفاعل سارقا ، وكذلك إنتقال الشيء في حيازة الشخص
بنية التملك يعد سارقا ولو لمدة قصيرة ، كأن يقوم بإختلاس طعام أو شراب ويقوم
بتناوله في الحال أو إختلاس شيء ليتصرف فيه غيره ، كذلك فعل الإختلاس كائن حتى وإن
كانت حيازة الشخص غير مشروعة ، فمن سرق مالا مسروقا يعد سارقا ، ولكن إذا كان
السارق هو المالك للشيء المسروق فلا يعد سارقا ، يترتب على ذلك مايلي : إذا كان
الشخص حائز على شيء بصفة مالك أو مستأجر في الأصل وإستولى على هذا الشيء وفقا لذلك
فلا يعد سارقا ، أما إذا كان الشيء في حيازة الآخر حيازة عرضية كأن يسلم البائع
الشيء للمشتري ليطلع ويعاينه ثم يفر بالشيء قبل شرائه فيعد سارقا.
2/عدم رضى المالك :
والمقصود به عدم رضى المجني عليه
بالإختلاس وليس عدم علمه ، فعدم الرضى هو الأهم في جريمة السرقة فقد يكون المجني
عليه عالما بوقوع الإستيلاء على الشيء الذي في حيازته ، ومع ذلك تقع السرقة إذا
كان غير راضي على ذلك ، ويلاحظ أن الرضى المعاصر لفعل الإختلاس ينفي الجريمة أما
إذا كان لاحقا فلا ينفي الجريمة
.
3/موضوع الإختلاس مال قابل للتملك
ومنقول:
فلا يصح أن يكون الشيء موضوعا لجريمة
السرقة إلا إذا كان مالا وهو كل شيء يمكن أن يكون محل حق من الحقوق المالية بمعنى
أن يكون قابلا للتملك ، وبالتالي الإنسان لايمكن أن يكون محلا للسرقة فهو لايباع
ولايشترى ، وكذلك يجب أن يكون ذا قيمة فإذا تجرد من قيمته فلا تقع جريمة السرقة .
غير أنه يستوي أن تكون قيمة الشيك صغيرة أو كبيرة .
فإذا تحقق أن يكون موضوع الإختلاس أنه
قاب للتملك وذا قيمة ، فلا أهمية لأن تكون الحيازة مشروعة أو غير كذلك ، فيكفي أن
تكون محل إختلاس ناتجة عن مخدرات أو أسلحة أو نقود ناتجة عن قمار .
إلى جانب ذلك يجب أن يكون منقولا أي
يستطاع نقله من حيازة إلى أخرى ولو كان عقارا وفقا للقانون المدني فالعقارات
بالتخصيص ك الجرار فهو منقول في القانون الجنائي رغم أنه رصد لخدمة هذا العقار فمن
يختلس أدوات زراعية خصصت للأرض يعد سارقا ، ويعتبر منقولا العقار بالإتصال
كالأبواب والنوافذ إذا فصلت عن المبنى وكذلك الأشجار والمحاصيل الزراعية إذا فصلت
عن الأرض وكذلك الأتربة والرمال والمعادن بشرط أن تفصل عن الأرض ، وهذا حتى إن تم
الفصل من الجاني ، يشترط أن يكون المال منقولا ذا طبيعة مادية ، يعتبر كيان ملموس
قابل للحيازة ، وبالتالي لاتقع جريمة السرقة إذا تعلق الشيء بالموال المعنوية كالأفكار
والآراء والمخترعات ، غير أن إختلاس المستندات المجسدة لهذه الأفكار والآراء و
المخترعات كالكتاب المدون لها يعد سارقا ، فالحقوق العينية لاتصل أن تكون محلا
للسرقة كمن يستأجر مسكن ويقيم فيه ويرفض الخروج فلا يعد سارقا لأن له حق الإنتفاع
، كما لاتقع السرقة على القوة الطبيعية كالضوء والحرارة والبرودة ، فمن وضع طعام
على نار أوقدها غيره أو قام بتبريد طعامه في ثلاجة غيره لا يعد سارقا لأن ثمة
إعتداء على القوة الطبيعية ولكن إذا وقع إختلاس على المصدر فيعد سرقة ، إذ يشترط
في السرقة تحقق الكيان المادي ويستوي أن يكون الشيء ذا طبيعة صلبة أو غازية .
على
العموم تدخل المشرع إستثناء في النص على مختلس المياه والغاز والكهرباء في نص
م350، فلولا هذا النص لما خضع سارقها إلى احكام نص م350 كون موضوع الإختلاس قوة
طبيعية .
ويبقى الإشكال بالنسبة لسرقة الهاتف
فيلاحظ أن سرقة الخط أو الآلة المستعملة المتمثلة في الهاتف فهي جريمة سرقة ، أما
سرقة المكالمات فالأصل أنها غير معاقب عليها غير أن المشرع تدخل ونص على عقوبات
خاصة بمثل هذه الجريمة(ج.الإعتداءعلىحرمةالحياة الخاصة).
4/المال موضوع الإختلاس مملوكا للغير :
فإذا كان للمتهم فلا تقع السرقة ،
وإذا تعلق الأمر بأشياء محجوزة قضائيا أو إداريا فإستولى عليها الجاني فنكون في
هذه الحالة أمام جريمة خاصة ، وهي تبذيذ أشياء محجوزة موضوعة تحت حراسته م 564،
كذلك إختلاس الأشياء المبددة التي كانت موضوع حجر فتخضع لنص م365 ، وكذلك الأموال
الواقع عليها رهن ضمانا للدين فهي كذلك تخضع لنص م364 وليس لنص السرقة م350 ، لأن
المال في أساسه مملوك للجاني وتصرف فيه ، خارج هذه الحالات إذا ثبتت ملكية الجاني
للمال محل السرقة فلا يعد سارقا أي في غياب الجدران أو حجز وإستولى الشخص على
الشيء فلا يعد سارقا.
أما إذا كان المال مملوك للغير ويكون
مجهولا أو مفقودا فيثير ذلك عدة إشكاليات ، فالمال المفقود لايعد مالا مباحا أو
متروكا بل هو مال مملكوك لصاحبه ، فإلتقاط شيء بنية رده إلى صاحبه لايعد سارقا ،
أما إلتقطه بينة تملكه فيعد سارقا ، وقد يلتقط شيء بنية رده فتسوء نيته ويريد تملكه
، فهناك من يعتبره لايشكل جريمة لأن نية التملك غير معاصرة لفعل الإلتقاط ، بحيث
يشكل بذلك جريمة خيانة الأمانة أكثر من جريمة السرقة.أما المال المكنوز فهو المال
الذي يعثر عليه مدفونا في عقار دون أن تثبت ملكيته لأحد ، فيلاحظ هنا أنه إذا عثر
عليه ذاخل ملكيته فلا يعد سارقا والعكس إذا عثر عليه خارج ملكيته .
والأموال المودعة في قبور الموتى
والمودعة مع جسم الميت يشكل الإستيلاء عليها سرقة بالإضافة إلى الإعتداء على حرمة
الموتى .
فالأموال غيرالمملوكة لأحد وهي تتنوع
أموال مباحة وأموال متروكة ، فالأموال المباحة التي لامالك لها ولايمكن تملكها
بوضع اليد عليها كالحيوانات الأليفة ، الرمال في الصحراء ، الأشجار في الغابات ،
فهذه كلها لامالك لها ولايمكن تملكها ، فالسرقة لا تقع عليها ولكن إذا إستولى
عليها شخص فيما بعد دخولها في حيازة صاحبها فيعد سارقا ، كأن أخذ قطع خشب من
الغابة فهنا يعد سارقا لأن هذه الأخشاب إنتقلت إلىالضحية ، اما الأموال المتروكة
فهي التي يعترف مالكها بنية التخلى عنها كالثياب البالية ، بقايا الطعام ، بقايا
الأغصان وغيرها فالإستيلاء عليها لايعد سرقة .
على العموم يشترط أن يتوافر في
الجريمة الركن المعنوي ، والمتمثل في القصد الجنائي أي الإٍرادة والعلم ، إرادة
فعل الإختلاس التي تتجه إلى إخراج الشيء من حيازة المجني عليه وإدخاله في حيازته ،
علاوة على ذلك يجب أن يتوافر لدى الجاني العلم بأن هذا الشيء ملك للغير وأنه يقوم
بفعل الإختلاس بدون رضى المجني عليه ، فإذا كان الجاني يجهل أن الشيء من حيازة
الغير فلا يعد سارقا كأن يحمل حقيبة من مكان لآخردون علمه أن الأشياء الموجودة
داخل الحقيبة مملوكة للغير.
علاوة على ذلك لابد من توفر قصد خاص
وهو نية التملك أي يباشر عليها السلطات التي يمتلكها المالك ، وبالنتيجة إذا
إقتصرت نية الجاني على مجرد حيازة الشيء حيازة ناقصة تخلف القصد الخاص ، فمن يسرق
كتابا لقراته وإرجاعه إلى صاحبه لاحقا فلا يعد سارقا ، وإختلاس سيارة للنزهة بها
ثم ردها لايعد سارقا ، وإنما يمكن يتابع على سرقة البنزين أو الوقود لأنه إستعملها
وهو يعلم أنها ليست ملكه.
إضافة إلى أن وضع اليد العارضة على
الشيء لايعد سرقة نلاحظ أن نتيجة الإثراء على حساب الغير ليس شرطا في توافر القصد
الجنائي ، فمن إختلس شيء ثم وهبه إلأى شخص آخر أو أتلفه يعد سارقا ، حيث يجب أن
يكون القصد الجنائي معاصر لعملية الإختلاس والقصد اللاحق لايعتد به .
الجرائم الملحقة بالسرقة :
أنشأ المشرع نصوصا خاصة بها وهذا
لإخراجها من جريمة السرقة ، وتتمثل في إختلاس الأشياء المحجوزة (م364) ، سرقة
الحيوان(م361) ، نزع الحدود الفاصلة بين العقارات (م362) ، سرقة المال المشاع ،
عدم دفع ثمن الطعام أو الشراب في محل معد لذلك (366) ، عدم دفع ثمن سيارة
الأجرة(367) ، إغتصاب السندات بالقوة أو التهديد (367) ، وهذه الجرائم تعد من
ملحقات جريمة السرقة ولها نصوص مستقلة عنها ، بحيث أن ظروف التشديد التي تخضع لها
جريمة السرقة لاتخضع لها هذه الجرائم
.
1/ إختلاس الأموال المحجوزة :
فنلاحظ
أنها تتضمن حالتين:
حالة تتضمن سرقة الأشياء المحجوزة من
غير الحارس وهي المحددة في م364/1 ، أما الحالة الثانية فهي تخص سرقة الأشياء
المحجوزة من حارسها .على العموم يستوي أن يكون السارق هو الحاجز أو غيره بحيث
تبديده للمال المحجوز أو إتلافه بأي طريقة ، وكانت تحت حراسته فيعاقب بالحبس من
6أشهر إلى سنتين وغرامة مالية ، فموضوع الجريمة يجب أن يكون شيء محدوز ، أي أن
المال موضوع تحت يد السلطة العامة لمنع مالكه بأ، يقوم بأي عمل مادي أو قانوني يضر
بحق الدائن ويستوي أن يكون الحجز قضائيا أو إداريا ، تنفيذي أو تحفظي ، ولكن يشترط
أن يكون صحيحا مستوفيا لشروطه القانونية أي قام به شخص مختص ، وأنه قد وقعت السرقة
وقت الحجز ، فإذا كان قد سقط بالتنازل أو بسداد الدين أو بقوة القانون فلا أساس
للجريمة ، فالمشرع إشترط وجود حجز قانوني وتم تنفيذه وحدث تبديده ، ثم إشترط المشع
أن يقع فعل الإختلاس على الأشياء المحجوزة بحيث يمنع التنفيذ أو يعرقله ويدخل بذلك
إخفاء الشيء المحجوز عليه ، والتصرف فيه بتوقيع حجز آخر ، أو إتلاف الشيء في مكانه
لمنع التنفيذ.
وهذه الجريمة مثل السرقة جريمة عمدية
تتمثل في قصد الجاني منع التنفيذ أو عرقلته ولكن لايشترط نية التملك كما هو الحال
في السرقة ، والعقوبة تختلف بإختلاف ما إذا كان الحجز تم على أشياء وضعت تحت حراسة
مالكها أو سلمت للغير من أجل حراستها ، ففي الحالة الأولى العقوبة بالحبس من 6أشهر
إلى 3سنوات أما الحالة الثانية بالحبس من سنتين(2)إلى 5سنوات وغرامة
مالية ، وهذه العقوبة الأخيرة تطبق أيضا في حالة المدين أو المقترض أو الراهن الذي
يتلف أو يختلس الأشياء التي تسلمها على سبيل الرهن .
على العموم يشترط أن يكون الشيء
منقولا فلا يسري على العقار ، ولايشترط أن يكون عند الرهن الحيازي صحيحا فوجود عقد
يكفي لقيام الجريمة ، ولكن قد يحدث في بعض الحالات أن ينقل شخص شيء إلى الغير وهو
في وضعية الرهن فهنا لايعتبر مبددا بل هو بيع شيء أولي قائم على شرط وهو رفض الرهن
، ولكن إذا نقل الشيء رغم وجود هذا الرهن وتصرف فيه فهنا يعد مرتكبا لفعل السرقة ،
أما فيما يخص 2/جريمة الإمتناع عن دفع ثمن الطعام :
حددت لها م366 ، بحيث تناول الطعام
مأكولات أوالمشروبات في محل معد لذلك ، ثم امتناع عن دفع الثمن سواء لايستطيع دفعه
أو رفض ذلك فالعقوبة بالحبس من شهرين إلى 6أشهر، فلا بد أن يكون ثمة طلب لتقديمها
صادر عن الجاني أو وجود ما يدل على أنه يرغب في ذلك ثم إستهلكها ، بحثت إذا قدم
الطلب ثم عدل عنه وإمتنع عن دفع الثمن فلا تقوم الجريمة لأن المشرع إشترط
الإستهلاك الكلي أو الجزئي
.
على
العموم تطبق نس العقوبة على من طلب تخصيص غرفة أو أكثر في فندق أو نزل وشغلها فعلا
مع العلم أنه لايستطيع دفع أجرها على الإطلاق فينصرف فيعد سارقا ، ولكن يشترط أن
لاتتجاوز مدة الإقامة 10أيام فإذا تجاوزت فيخضع لقواعد الإيجار يحيث رفض دفع الثمن
لايشكل جريمة بل إخلالا بأنه يستحيل عليه دفع الأجرة فيعاقب بالحبس كما سبق من
شهرين إلى 6أشهر.
3/جريمة نزع معالم الحدود :
حدد لها المشرع نص م362 ، بحيث وجود
معالم وضعت من قبل الأشخاص أو القضاء وتم تغييرها يفترض إرتكاب السرقة،فالعقوقة
بالحبس من سنتين إلى 5سنوات وبغرامة مالية.
4/جريمة سرقة الحيوان :
خصص لها المشرع م361 بحيث نص على
معاقبة كل من سرق خيولا أو دوابا أو مواشي كبيرة أو صغيرة أو أدوات للزراعة فيعاقب
بالحبس من سنة إلى 5سنوات حيوانا وبغرامة مالية ، ويشترط في السارق لهذه الحيوانات
أن يقوم بفعل الإختلاس وعدم رضى المجني عليه ، وأن يكون موضوع الإختلاس حيوانات
بمختلف أنواعها ، كما أن سرقة محاصيل أو منتجات أخرى نافعة للأرض تشكل جريمة تخضع
لنص م 361 وليس لنص م350 فكل من سرق من الحقول محاصيل أو منتجات ناتجة عن الأرض
فيعاقب بجريمة السرقة ، وكذلك سرقة الأخشاب والأحجار في المحاجر ، وسرقة الأسماك
من البرك أو الأحواض أو الخزانات فيشكل جريمة خاصة .
5/جريمة سرقة المال المشاع:
حدد لها المشرع م363 ، وعقوبتها
بالحبس من شهرين إلى 3سنوات فجريمة الشريك للميراث الذي يستولي على التركة قبل
تقسيمها بطريق الغش سواء تعلق الأمر بالشريك في الميراث أو الشريك في الملك ، بحيث
يستولي على أشياء مشتركة أو على أموال التركة فيعد سارقا ، وكذا أ، الشركة قائمة
ولم يتم حلها فلا يمكن أخذ شيء منهاإلا برضى الشركاء، فإذا تم الإستيلاء عن طريق
الغش والطرق الإحتيالية فالجريمة قائمة ، وهو نفس الشيء الذي ينصرف إلى التركة أو
على أي مال مشترك .
وعلى العموم في هذه الجريمة يعاقب
المشرع على الشروع ويقرر لها نفس العقوبة المقررة في الجريمة التامة .
جريمة السرقة المنصوص عليها في م350
السالفة الذكرقد تكون جريمة بسيطة تأخذ وصف الجنحة وتخضع لعقوبة الحبس من سنة إلى
5سنوات على الأكثر ، والشروع يعاقب عليه ، بالإضافة إلى إمكانية حرمان الجاني من
الحقوق الوطنية ومنعه من الإقامة لمدة سنة على الأقل و5سنوات على الأكثر وهذه
عقوبة تكميلية جوازية ، ومادامت العقوبة هي جنحة فيمكن أن تكون موقوفة النفاذ أو
نافذة ويمكن حتى معاقبة الجاني بعقوبة الغرامة وهي من 100 ألف إلى 500 ألف دينار
حسب التعديل الجديد ، حيث المشرع رفع الغرامة في ق06/22 ، كما أوجد المشرع جريمة
جديدة وهي جريمة السرقة مع إستعمال العنف أو التهديد أو إذا سهل إرتكابها ضعف
الضحية الناتج عن سنها أو مرضها أو إعاقتها أو عجزها الذهني أو البدني أو حالة
الحمل ، بحيث هذه الظروف لاتعد ظرفا مشددا بل قرر المشرع عقوبة الحبس من سنتين إلى
10سنوات وغرامة مالية من 200ألف 1000.000 دج والشروع يعاقب عليه في إرتكاب الجنحة .
إلى جانب هذا المشرع في تعديله الجديد
جنح السرقة من جناية إلى جنحة وذلك بتعديل نص م354 بحيث إذا إرتكبت السرقة في ظل
الظروف معينة فهي جنحة غير أن عقوبتها مغلظة وهي الحبس من 5سنوات إلى 10سنوات
وغرامة من 50ألف إلى 1000.000دج ، هذه الظروف هي :
1/ إذا إرتكبت السرقة ليلا بعد صلاة المغرب إلى صلاة الفجر.
2/ إذا إرتكبت بواسطة شخصين أو أكثر .
3/إذا إرتكبت بواسطة التسلق ، والتسلق عرفته م 357 أو الكسر من
خارج أو الداخل أو عن طريق مداخل تحت الأرض أو بإستعمال مفاتيح مصطنعة أو بكسر الأختام
، حتى ولو وقعت في مبنى غير مستعمل للسكن .
فبتوافر هذا الظرف تشدد العقوبة ولكن
تحتفظ بطبيعتها القانونية وهي الجنحة علىخلاف ما كان سابقا ، كذلك تشدد العقوبة :
إذا إرتكبت أثناء حريق أو بعد إنفجار
أو إنهيار أو زلزال أو فيضان أو تمرد أو فتنة أو إضطراب آخر .
غير أنه يلاحظ أن التعديل الجديد لم
يمس الفقرة وهي إرتكاب الجريمة بعد التفجير مما يفيذ أن المشرع إختفظ لها بتكييف
الجناية والعقوبة المقررة هي السجن من 5إلى 10سنوات .
يلاحظ أن المشرع حدد معنى المسكن
ومعنى الكسر ومعنى التسلق وإصطناع المفاتيح في المواد 355-356-357-358 .
كما أن جريمة السرقة تأخذ وصف الجناية
عند توافر ظرفين على الأقل والمحدد بنص م 353 وهي :
1/ إذا إرتكبت السرقة مع إستعمال العنف أو التهديد به .
2/ إذا
إرتكبت ليلا .
3/ إذا إرتكبت السرقة بواسطة شخص أو أكثر .
4/ إذا إرتكبت السرقة بواسطة التسلق أو الكسر من الخارج أو من
الداخل أو عن طريق مداخل تحت الأرض أو بإستعمال مفاتيح مصطنعة أو بكسر الأختام أو
في المنازل أو المساكن أو الغرف أو الدور المسكونة أو غير المستعملة أو في توابعها.
5/ إذا إستحضر مرتكبو السرقة مركبة ذات محرك بغرض تسهيل فعلهم أو
تيسير هروبهم .
6/ إذا كان الفاعل خادما أو مستخدما بأجر في منزل مخدومه أو
المنزل الذي كان يصحبه إليه .
7/ إذا كان الفاعل عاملا ولو تحت التدريب في منل مخدومه أو
مصنعه أو مخزنه .
بحيث توافر ظرفين من هذه الظروف
المشار إليها ولو بغير ترتيب فالجريمة تأخذ وصف الجناية السجن المؤقت من 10إلى
20سنة ، بحيث هذه الجريمة تحال على التحقيق ثم غرفة الاتهام في محكمة الجنايات
وهذه الأخيرة لايمكن لها أن تخفض العقوبة إلى أقل من 3سنوات حبس عند الأخذ بظروف
التخفيف لأن العقوبة الأصلية هي السجن المؤقت من 10إلى20 سنة.
يلاحظ أن المشرع يعاقب بالسجن المؤبد
بعدما كان يعاقب بالإعدام على كل من يقوم بالسرقة وهو يحمل أسلحة ظاهرة أو مخبأة
وحتى إن وقعت الجريمة من شخص واحد ولم يتوافر أي ظرف مشدد ، فالمشرع عدل عن عقوبة
الإعدام وإستخلفها بالسجن المؤيد ، ولكن المقصود بالسلاح الناري وليس السلاح الوارد
في م93 كالعصاوالمقص وغيرها، فهذه أسلحة بيضاء وليس أسلحة نارية .
يلاحظ كذلك أن المشرع جنح السرقة التي
ترتكب في الطرق العمومية وفي المركبات المستعملة لنقل المسافرين والمتعة وذلك داخل
نطاق السكة الحديدية والمحطات والموانئ والمطارات وأرصفة الشحن والتفريغ ، بحيث
قرر لها العقوبة بالحبس من 5سنوات إلى 10سنوات والغرامة من 500 ألف إلى 1000.000
دج وقد كانت سابقا هذه الجريمة يعاقب عليها بالسجن المؤقت غير لأن المشرع عدل عن
ذلك وأخضعها إلى محاكم الجنح لأن المشرع إستعمل عبارة الحبس بدل السجن ، وقد نص
على معاقبة الشروع في إرتكاب مثل هذه الجريمة ، مما يفيد بأن المشرع بموجب تعديل
ق.ع بموجب ق06/23 جنح بعض الجرائم كانت في السابق جناية ، غير أن هذا التجنيح رفع
عقوبة الحبس إذ أنها تصل إلى 10 سنوات وغرامة مالية تصل إلى 1.000.000 دج ، وهذا
التجنيح مس الجرائم التي ترتكب في في الطرق العمومية وفي المركبات المستعملة لنقل
المسافرين والمتعة وذلك داخل نطاق السكة الحديدية والمحطات والموانئ والمطارات
وأرصفة الشحن والتفريغ إذا إرتكبت الجريمة بظرف واحد فقط من الظروف المنصوص عليها
في م353 وهي : ظرف اليل ، وظرف شخصين أو أكثر ، ظرف التسلق أو الكسر أو بإصطناع
المفاتيح أو كسر الأختام أو في المساكن حتى غير المستعملة ، فأحد هذه الظروف يرفع
العقوبة من 5سنوات إلى 10سنوات مع الإحتفاظ بتكييفها الأصلي جنحة .
غير
أن المشرع إحتفظ بتكييف الجناية وقرر عقوبة السجن المؤبد ‘ذا إرتكبت السرقة أثناء
ح ريق أو بعد إنفجار أو إنهيار أو فيضان أو غرق أو تمرد أو فتنة أو وقعت السرقة
على أحد الأشياء المستعملة لتأمين سلامة أي وسيلة من وسائل النقل العمومي أو الخاص
، بالإضافة إلى هذا فالمشرع إحتفظ بتكييف الجنحة غير أن العقوبة هي السجن المؤبد
بدل الإعدام مما يفيد أن المشرع تراجع عن فكرة الإعدام . كما أبقى المشرع على
عقوبة السجن المؤقت في نص م353 عند توافر ظرفين أو أكثر غير أن التعديل الجديد رفع
مبلغ الغرامة من 1.000.000
دج إلى 2.000.000 دج .
نلاحظ أخيرا أن المشرع في تعديله
الجديد نص على غرامات في الأصل تتجاوز مقدرات المتهم ، حيث تطرح إشكالية فيما بعد
تتعلق بطريقة التحصيل وبالخصوص أن المشرع أخذ بفكرة الإكراه البدني في المسائل
الجزائية وهي عبارة عن إيداع الشخص في مؤسسة عقابية لغاية تسديد مبلغ الغرامة ،
مما يؤدي إلى إكتظاظ السجون من جراء الإكراه البدني مما يفيد أن المشرع لم يأخذ
بعين الإعتبار هذا الطرح ، ولم يأخذ بعين الإعتبار طريقة التحصيل ، وعلى العموم
فهي تشكل وسيلة ردع للجاني ، غير أنه يلاحظ أن المشرع رفعها إلى حد غير معقول وهذا
لإعطاء إمكانية للقضاء من أجل إستبدالها بعقوبة الحبس ، ونلاحظ أن رفع مبلغ
الغرامة لم يسر فقط على ج.السرقة ، بل إمتد إلى ج.خيانة الأمانة وج.النصب ، وج.
إصدار شيك بدون رصيد.
إضافة إلى هذا فإنه هناك بعض السرقات
التي ترتكب من الأشخاص لاتجوز فيها المتابعة (م368) وبالتالي الإعفاء من المسؤولية
الجزائية وتخول لهم الحق فقط في التعويض المدني وهم :
1/الأصول
إضرارا بأولادهم أو غيرهم من الفروع
.2/
الفروع إضرارا بأصولهم .
3/أحد
الزوجين إضرارا بالزوج الآخر ، كما أنه لايجوز إتخاذ الإجراءات الجزائية بالنسبة
لهذا النوع من السرقات التي تقع بين الأقارب والحواشي والأصهار لغاية الدرجة
الرابعة إلا بناء على شكوى من المضرور كما أن التنازل يضع حدا للمتابعة ، وهذا
الإجراء يطبق العقوبات المقررة في المادتين 387-388 المتعلقتين بمرتكبي وإخفاء
الأشياء المسروقة (م369)، وخيانة الأمانة ،وجريمة النصب حيث نصت م373"تطبق
الإعفاءات والقيود الخاصة بمباشرة الدعوى العمومية المقررة بالمادتين 368-369 على
جنحة النصب المنصوص عليها في ف 1من الم.372"
.
ثانيا/ جريمة النصب :
وبالتالي مما سبق ذكره أن هناك تشابه
بين جريمة السرقة وجريمة النصب من حيث الإعفاء من العقوبة بالنسبة للأصول والفروع
والحواشي والأقارب الذي يشترط فيه الشكوى والتنازل عن الدعوى العمومية يضع حدا
للمتابعة ولكن يبقى فقط الحق في طلب التعويض المدني ، غير أن جريمة النصب تختلف
عنها في كون الجاني في السرقة يسلب الحيازة الكاملة للمال بدون رضى صاحبه في
التسليم بينما في النصب ينتقل المال إلى المجني عليه برضا وطواعية منه بل أكثر من
ذلك أحيانا يتم في ظروف جد معتدلة وفي فرح غير أن هذا التسليم مصدره وسائل
إحتيالية توقع الضحية في غلط وتدفعه إلى تسليم المالي إلى الجاني على خلاف السرقة
والنصب ففي خيانة الأمانة يتم التسليم بصفة مؤقتة بناء على عقد من عقود الإئتمان
م376 ، وبموجب ذلك يغير الجاني حيازته من حيازة مؤقتة إلى حيازة كاملة بنية التملك
، ولكن في جميع الحالات يقع ثمة تسليم أي خروج الشيء من حيازة الضحية ليقع في حوزة
الجاني،فالتسليم في النصب هوالنتيجة الإجرامية، أما التسليم في خيانة الأمانة
فيكون سابق على الإستيلاء ، ولايتحقق إلا بفعل لاحق على التسليم ، وهو التبديد أو
الإختلاس أو الإستعمال ، فأساس النصب هو الغش والخداع بحيث الجاني يخضع الضحية
ليحمله على تسليم المال ، غير أن التدليس الجنائي يختلف عن التدليس المدني فهذا
الأخير يقوم على مجرد الكذب أما التدليس الجنائي فهو وسيلة لسلب المال من الغير
كله أو بعضه ويتم ذلك بإحدى الوسائل الإحتيالية الذي عليه الإعتداء على الملكية ،
وبالتالي فهو ليس عيب في الرضا بل يتعدى ذلك مما يجعله يختلف عن التدليس المدني
الذي يعتبر عيب من عيوب الرضا خطأ يستوجب التعويض فقط ، فالنصب هو الإستيلاء على
المال ويتم بإستخدام أحد وسائل التدليس الجنائي ، والذي يؤدي إلأى قيام الجريمة
المنصوص عليها في م 372.
وجريمة النصب تقوم على ركنين :
مادي و معنوي :
أولا/
المادي :ويتجسد في
3عناصر :1/إستعمال وسلة من وسائل التدليس المحددة قانونا للتأثيرعلى الضحية .
2/وجود نتيجة وهي تسليم المال . 3/علاقة سببية بين النشاط و النتيجة ، أي ضرورة
توافر صلة بين التدليس وتسليم المال
.
1/التدليس : ويكون بإستعمال وسائل محددة وهي إستعمال طرق إحتيالية للتصرف
في مال الغير وإستعمال أسماء أو صفات كاذبة ، فإذا كان التسليم تم بتأثير إحدى هذه
الطرق فإن ذلك يشكل جريمة ، والقاض ملزم بإظهار هذه الوسيلة المستعملة ، وهذا مما
يفيد أن الطرق والوسائل الإحتيالية محددة قانونا على سبيل الحصر ، فالطرق
والمناورات الإحتيالية حدد المشرع نوعها والغرض منها ، وهي إدعاءات كاذبة يدعمها
الجاني بمظاهر خارجية من شأنها إيهام الضحية بأمر من الأمور أي لابد من وجود إدعاء
كاذب ومظاهر خارجية ، ويكون غاية هذه الطرق هو الإستيلاء على المال طواعية ،
فالإدعاء الكاذب هو ذكر شيء مخالف للحقيقة فإذا كان مطابق لها فالجريمة تنعدم ،
فالطرق الإحتيالية يجب أن يكون مصدرها الكذب ، هذا الكذب تم بصفة شفاهية أو كتابة
، وينصب على الحقيقة كلية أو جزء منها ، فالقول والكتابة المخالفة للحقيقة في جزء
معين أو في كله يعد كذبا ، هذا الكذب لابد من تدعيمه بمظاهر خارجية أي لابد أن
تحاط بمظاهر خارجية توحي بصدقها ، فالقول والكذب المجرد لايشكل تدليسا ، بحيث إذا
تم تسليم المال على ضوء كلام براق أو كلام مغشوش ، فالشخص ملزم بأخذ الحيطة والحذر
ولابد من تحريه على صحة مايسمع ، ويتمعن فيما يتلقى من أقوال فالإهمال يشكل تفريط
من جانبه وبالتالي يتحمل مسؤوليته ويصبح غير جدير بالحماية ، فإيهام شخص بأنه سوف
يسترد له أشياء مسروقة منه ويستلم مقابل ذلك مبلغ من المال فلا يشكل نصبا فهو يدخل
في خانة الكذب ، كذلك ترديد إدعاءات كا دبة دون أي صاحبها شيء لايشكل نصبا ، كما
أن الكتمان هو عبارة عن مجرد إمتناع لايشكل نصبا ولا يشكل طريقة إحتيالية ، كأن
يدفع شخص أكثر مما طلب غلطا ويقبل ذلك الشخص الأخر ذلك العطاء فإن ذلك لايشكل
جريمة نصب ، وإن كان ثمة خطأ مدني
.
فعلى العموم يجب أن يقترن الكذب
بالمظاهر الخارجية وتتمثل كالتالي:
أ/إستعانة الجاني بشخص آخر بتدخله بإضافة جديد لإدعاءاته وأكاذيبه ، وذلك
بأقوال أو أفعال أو أوراق بحيث أن هذا العمل هو الذي يرقي الكذب إلى مرتبة الطرق
الإحتيالية ، التي تقوم عليها جريمة النصب ويجب أن يكون تدخل الشخص الآخر بناء على
سعي وترتيب من الجاني ، فإذا كان تلقائيا فهذا غير كافي لتكوين الطرق الإحتيالية ،
بحيث أن الجاني يسأل على أقواله الكاذبة وإذا ترتب عن ذلك تسليم مال فلا يعد نصبا .
على
العموم لايهم فيما إذا كان الغير سيء النية أو حسنها كأن يعتقد صحة مزاعم الجاني
ويتدخل ويترتب على هذا التدخل تدعيم الكذب ويوقع الضحية في غلط ، ولايهم إذا كان
التدخل شفاهة أو كتابة كإرسال رسالة تعزز إدعاءات الجاني، كما أنه لايشترط أن يكون
الشخص الغير قد تدخل فعلا ، كما لايشترط أن يكون له وجود حقيقي فقد يصطنع الجاني
محررا يؤكذ أكاذيبه وينسب صدوره كذبا إلى شخص طبيعي أو معنوي خيالي .
فعلى العموم الوقائع والظاهر يجب أن
تكون خارجية أو أعمال مادية أي كون لها كيان منفصل عن شخص الجاني بحيث يستمد
الضحية الدليل على صحة ما يدعيه الجاني ، فإذا كانت الإدعاءات والأكاذيب مدمجة في
الموضوع فالإحتيال ينتفي ، ولايهم فيما إذا كانت الوسائل الخارجية قد إفتعلها
الجاني أو مجرد ظروف أو ملابسات لم يهيأ لها الجاني ، ولكن إستقبلها لتأكيد مزاعمه
، ومثال ذلك إرتداء قميص أبيض يخص الطبيب وإستحضار أدوات طبية لتدعيم أنه طبيب
ويقوم بالفحص ويتلقى المال مقابل ذلك ، وكذلك يشكل نصبا الجاني الذي يستخدم بخورا
ويردد أصوات مختلفة على أنه إتصال بالجن ، ووضع لافتة على الباب على أنه يشفي
المرضى من الجن أو أنه محامي وأنه في حقيقة الأمر ليس كذلك .
ويلاحظ أن الظهور بمظهر الثراء
بإستعمال سيارة فخمة وكراء مساكن فخمة لتغليط الأشخاص الآخرين يشكل نصبا لأن ثمة
كذب بالإضافة إلأى مظاهر خارجية غير حقيقية ، كذلك إفتعال حادث مزور والحصول على
شهادة طبية مزورة وهذا للحصول على مبلغ التعويض أو التأمين يعد نصبا ، وقد يقوم
شخص بجمع مبالغ مالية بمناسبة حفل مستعملا صفته بأنه صاحب الحفل .
على العموم الإدعاءات الكاذبة
المصحوبة بمظاهر خارجية مادية بحيث تهدف إلى وجود واقعة مزورة أو بحصول الأمر
والفوز أو إعتماد مالي خيالي ، بحيث المشرع إستعمل عبارة إستعمال سلطة خيالية أو
إعتماد مالي خيالي أو إحداث الأمل والفوز ، فالإيهام يقصد به إيقاع الشخص في غلط
وحمله على تكوين إعتقاد مخالف للواقع ، وقد يؤدي إلأى إيجاد عقيدة وهمية لدى
الضحية لقبول إدعاءات الجاني ، بحيث يجب أن لايكون الضحية عالما بحقيقة ما وقع
عليه من أساليب ، فإذا كان كذلك تنتفي الجريمة ، ويجب أن يكون الإيهام غايته في
وجود مشروع كاذب والذي قد يتمثل في وجود مشروع تجاري أو صناعي أو زراعي ..إلخ ، كما أن الإيهام كما يكون في وجود سلطة خيالية أو إعتقاد
مالي خيالي ، قد يكون بمناسبة إحداث الأمل والفوز بأي شيء كوقوع حادث أو أي واقعة
وهمية أو الخشي من وقوعها
.
ب/قد يتمثل النصب في الكذب المصحوب بإنتحال إسم كاذب أو صفة غير
صحيحة ، حيث مجرد الكذب في الإسم أو الصفة يجعل التدليس قائما ، فإهمال الضحية في
التحري عن ذلك لايعفي الجاني من العقاب ، فالمشرع لم يشترط في الكذب غاية معينة
على عكس الطرق الإحتيالية التس يشترط فيها الإيهام ، فيكفي إثبات ثمة إستعمال صفة
أو إسم كاذب غير صحيح يجعل الوصف قائما ، ولكن يشترط أن يتخذ الجاني جانبا إيجابيا
وليس موقفا سلبيا ، بحيث بحيث يدعي الجاني الإسم الكاذب أو الصفة غير الصحيحة
لنفسه، ولكن يشترط أن يكون إدعاء إسم كاذب أو صفة غير صحيحة هو السند الذي حمل
المجني عليه إلى تسليم ماله ، والإنتحال قد يكون شفاهة أو كتابة، والإسم الكاذب هو
الإسم المتخذ خلافا للإسم الحقيقي ولو كان إسما خياليا ليس له وجود في الواقع ،
كما أنه لايهم إذا كان بعض الإسم خياليا والبعض الآخر منه حقيقيا، وإذا ذكر إسما
غير حقيقي ولم يصدر منه أدنى كذب فالنصب منعدم ، أما الصفة فهي المكانة التي
يستغلها الفرد في المجتمع بمقتضى مؤهلات مهنية أو حرفية ، كإدعاء بأنها زوجة فلان
وتستلم المال ويظهر أنها مطلقة ، غير أن الإدعاء بالملكية أو المديونية لاشكل نصبا .
2/النتيجة:
وهي مايترتب على السلوك المادي
بإستعمال الطرق الإحتيالية، وهي تسلم المال فهذا التسليم ضروري وجوهري لتكوين
الجريمة ، وقد عبر عنه المشرع بعبارة وكان ذلك بالإحتيال لسلب كل ثروة الغير أو
بعضها أوالشروع فيها ، أي الهدف من كل هذا هو الوصول إلى الإستيلاء وسلب الثروة ،
بحيث إذا غابت هذه النتيجة يغيب النصب ، وعلى العموم يجب أن ينصب التسليم على مال
ذا قيمة ومنقول ومملوك للغير أي مثله مثل المال المتعلق بالسرقة وبالتالي يخرج
الإنسان من دائرة النصب ، ولكن لايشترط أن يكون المجني عليه حائز للمال حيازة
مشروعة ، فقد تكون غير كذلك ، ويجب أن يكون هذا المال له كيان مادي ملموس حتى يمكن
أن يكون محلا للتسليم ، فركوب شخص في حافلة بغير أجرة بالإدعاء بأنه شرطي لايعد
نصبا لأنه يهدف إلأى الحصول على مجرد منفعة بغير حق .
3/العلاقة السببية بين التدليس وتسلم
المال :
بمعنى وجب توافر إحدى وسائل التدليس
وأن تكون هذه الوسائل السابقة على تسليم المال قد أدت إلى إيقاع المجني عليه في
غلط ، بحيث هذا الغلط حمله على تسليم ماله .
فبتوافر هذه العناصر : التدليس وتسليم
المال تقوم جريمة النصب ، بحيث التوصل إلى نيل شيء من الغير بطرق ومناورات
إحتيالية وأن هذا التوصل إلى تلك الغاية لم يكن مجديا إلا بإستعمال هذه الطرق
فجريمة النصب تصبح قائمة، ولكن يجب في جميع الأحوال بيان جميع الوسائل والمراوغات
التي يقوم بها الجاني للحصول على ملك الغير ، بحيث لولاها لما أقدم الضحية على دفع
المال ، وبالتالي فالقضاء يجب عليه أن يثبت أن الجاني قد إستعمل إحدى وسائل
التدليس وهي إستعمال إحدى الأسماء أوالصفات الكاذبة أو إحدى المناورات الإحتيالية
وإثبات الإستيلاء على مال الغير وإثبات العلاقة السببية بين وسيلة التدليس وسلب
المال .
ثانيا /الركن المعنوي:فهو أيضا يجب أن
يثبته القضاء لأنها جريمة عمدية ويتخذ ركنها المعنوي صورة القصد ، فالخطأ لايكفي
لقيام الجريمة حتى ولو كان خطأ جسيما ، والقصد يتكون من عنصرين : الإرادة و العلم
، فالإرادة يجب أن تتجه إلى إحداث الواقعة الإجرامية وهي الإحتيال والإستيلاء على
مال الغير وأنه أراد إستعمال الأساليب التي حددها القانون، بحيث الإرادة لم تقتصر
على مجرد الكذب بل تجاوزت ذلك بالإستعانة بمظاهر خارجية ، إلى جانب هذا يجب أن
يحيط الجاني علما بهذه الجريمة ويعلم بأنه يرتكب فعلا من أفعال التدليس والإحتيال
وأن العمل من طبيعته أن يخدع الضحية ويحمله على تسليم ماله ، والعلم يختلف بإختلاف
صوره ، فقد يتخذ صورة الكذب وقد يتخذ صورة الكذب مع مظاهر خارجية .
على العموم بتوافر القصد الجاني
الجريمة قائمة بغض النظر على الأغراض التي يهدف إليها الجاني وإذا كان غرض
الإستيلاء على مال الأغنياء للتصدق به على الفقراء فذلك لاينفي الجريمة ، فالباعث
سواء كان شريفا أم لا لايحول دون قيام الجريمة ، ومما يمكن أن يستفيد منه الجاني
ظروف التخفيف فقط .
ويلاحظ أن المشرع إعتبر جريمة النصب
جنحة خصص لها عقوبة من سنة إلى 5سنوات وغرامة من 500إلى 20.000دج مع الملاحظ أن
المشرع في تعديله الجديد لم يرفع عقوبة الغرامة إلى حد يتناسب وم 5 على خلاف ما
فعله بالنسبة للجرائم الأخرى كجريمة السرقة .
يلاحظ كذلك أن الشخص المعنوي الذي
يرتكب جريمة النصب عن طريق ممثليه يعاقب هؤلاء ، فالمشرع لم ينص على ذلك بنص خاص ،
وبالتالي فالشركة التي تستعمل صفة وهمية ووجود غير قانوني وتستولي على أموال الغير
فيعاقب ممثلوها دون الشركة ، وهذا رغم أن المشرع كمبدأ عام يعاقب على الجريمة
المرتكبة من الشخص المعنوي ‘ذ نص على ذلك في م50 وذلك لغياب نص خاص فالمتابعة غيرقائمة