أحكام الزواج في القانون
الجزائري
المقـدمــة
المبحث الأول : ركن الولاية في عقد الزواج
و أثر تخلفه
المطلب الأول : تعريف الولاية و أقسامها و
دليل شرعيتها
الفرع الأول : تعريف الولاية
الفرع الثاني : أقسام الولاية في الزواج
الفرع الثالث : دليل شرعية الولاية في
الزواج
المطلب الثاني : شروط الولي
الفرع الأول : الشروط المتفق على وجوب
توفرها في الولي
الفرع الثاني : الشروط الغير متفق على وجوب
توفرها في الولي
المطلب الثالث : الولي و وظيفته وفقا لما
هو محدد في قانون الأسرة
الفرع الأول : ولي المرأة في الزواج
الفرع الثاني : دور الولي في الزواج
الفرع الثالث : حدود دور الولي في إبرام
عقد الزواج
المطلب الرابع : أثار تخلف ركن الولي
الفرع الأول : موقف الفقهاء الشريعة
الإسلامية في حالة تخلف الولي
الفرع الثاني : أثر تخلف ركن الولي في
قانون الأسرة
المبحث الثاني : مفهوم الصداق و أثر تخلفه
المطلب الأول : مفهوم الصداق و حكمته
الفرع الأول : مفهومه
الفرع الثاني : الحكمة منه
الفرع الثالث : أدلته
المطلب الثاني : و ضعيات الصداق
الفرع الأول : مقدار الصداق
الفرع الثاني : حالات الصداق
الفرع الثالث : أنواع الصداق
المطلب الثالث : إستحقاق الصداق
الفرع الأول : موقف الفقهاء المسلمين من
إستحقاق الصداق
الفرع الثاني : موقف المشروع الجزائري من
ٌإستحقاق الصداق
المطلب الرابع : المنازعات في الصداق
الفرع الأول : المنازعات في الصداق وفقا
للشريعة الإسلامية
الفرع الثاني : المنازعات في الصداق وفقا
لقانون الأسرة
المطلب الخامس : أثر تخلف ركن الصداق
الفرع الأول : أثر تخلف في الشريعة
الإسلامية
الفرع الثاني : أثر تخلف ركن الصداق في
قانون الأسرة
الخاتمـــة
المقدمة
:
نص المشرع الجزائري في المادة 9 من قانون
الأسرة بأنه " يتم عقد الزواج برضا الزوجين و بولي الزوجة و شاهدين و صداق "
و تنص المادة 33 من نفس القانون على أنه
"إدا تم الزواج بدون ولي أو شاهدين أو صداق يفسخ قبل الدخول و لا صداق فيه
ويثبت بعد الدخول بصداق المثل ..."
و من هنا يتضح لنا أن الولي و الصداق هما
ركنان من أركان عقد الزواج الأساسية و بالتالي سنتطرق في بحثنا هدا إلى دراسة
شاملة لهدين الركنين ليتبين لنا المغزى من إشتراطهما حتى يكون الزواج صحيحا و أثر تخلفهما.
المبحث الأول : ركـن الولايـة في
عقــد الـزواج
و أثــرتخلفـه
أخد المشرع الجزائري بما ذهب إليه المذهب
المالكي وأعتبر الولي على الزوجة ركن من أركان عقد الزواج ونظم هذا الركن في
المواد 09 – 11– 13 – 32 – 33 من قانون الأسرة وسنتعرض لهذا الركن في النقاط التالية:
المطلـب الأول: تعريف الولايـة
وأقسامها ودليل شرعيتها
المشرع الجزائري لم يعرف الولاية في الزواج
ولم يحدد أقسامها ولا دليل شرعيتها وهذا ما يؤدي بنا إلى الرجوع إلى ما ذهب إليه
فقهاء الشريعة الإسلامية.
الفـرع الأول: تعريـف الولايـة
ونتعرض إلى تعريف الولايـة لغة وإصطلاحا
أ- الولايـة لغـة: هي سلطة يملكها المرء
على شيء من الأشياء ومنها أخذت كلمة الوالي الذي له سلطة ونفوذ على قطر معين .
ب- الولايـة إصطلاحا: ويقصد بها الفقهاء
" تنفيذ القول على الغير والإشراف على شؤونه" ويعرفها الإمام أبو زهرة
بأنها "القدرة على إنشاء عقد الزواج نافذا من غير الحاجة إلى إجازة من أحد" .
الفـرع الثـانـي: أقسـام
الولايـة فـي الـزواج
يقسم الفقهاء الولاية في الزواج إلى قسمبن
ولاية إختيار و ولاية إجبار.
أ – ولايـة الإجبـار: وهي الولاية الكاملة
لأن الولي يقوم بإنشاء عقد الزواج دون أن يشاركه فيه أحد وهي تثبت كما إتفق عليه
جمهور الفقهاء على الصغير و الصغيرة والمجنون و المجنونة وزاد على ذلك الشافعي والإمام
مالك وأحمد بن حنبل على أن البكر حتى ولو كانت بالغة فتكون عليها ولاية الإجبار
مادامت لا تزال يكرا أما لمن تثبت هذه الولاية فقد اختلفوا فيها، فالحنفية ترى
بأنه تثبت للعصبة وذوي الأرحام أما الشافعي فقد ثبتها للأب أو للوصي الذي جعل له
الأب ولاية الزواج وهذا ما ذهب إليه أحمد إلا أن الوصي إشترط أن يكون الأب قد حدد
الزوج.
ب- ولايـة الإختيار (الإستحباب): وهي
الولاية التى تثبت على المرأة البالغة، العاقلة الثيب لما ذهب إليه الجمهور في حين
الحنفية ذهبت إلى أن المرأة البالغة الراشدة العاقلة لاولاية عليها وتبرم عقد زواجها
بنفسها وبعباراتها ويستحب أن يتولى وليها ذلك فقط وأن يكون راضيا بذلك وإستبدلت
الولاية بشرطين يجب أن
ترعيهما الفتاة البالغة العاقلة التى تريد
التزوج وهما الكفاءة ومهر المثل وأعطى للولي حق المطالبة بفسخ العقد إذا تزوجت
الفتاة بمن هو غير كفىء لها وإذا كان العقد بأقل من مهر المثل جاز له المطالبة برفع
المهر إلى غاية مهر المثل وإلا طالب بفسخ العقد.
الفـرع الثـالث: دليـل شرعيـة
الولايـة في الـزواج
يستدل جمهور الفقهاء على وجوب الولاية في
الزواج بآيات وأحاديث كثيرة منها قوله تعالى في الآية 282 من سورة البقرة ''
وأنكحوا الأيامى منكم … " وقوله تعالى"فانكحوهن بإدن أهلهن" وقول الرسول صلى الله عليه
وسلم '' لا نكاح إلا بولي '' وكذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم '' أيما إمرأة أنكحت
نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، باطل، باطل وإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب
منها، فإن إشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له '' وروي عن أبو هريرة أن الرسول صلى
الله عليه وسلم قال '' لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية
هي التى تزوج نفسها '' هذه الأدلة التى أتى بها جمهور الفقهاء الذين يقولون بوجوب
الولاية في الزواج أما الذين يرون أن الولاية لا تكون إلا على القصر والمجانين دون
البالغة العاقلة فقد إختلفوا في تفسير تلك الآيات والأحاديث واستدلوا بالآية
الكريمة قوله تعالى '' فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره … '' وغيرها من
الآيات وكذا الحديث النبوى الشريف '' الأيم أحق بنفسها من وليها '' ويقصدون بالأيم
من لبس لها زوجا سواءا كانت يكرا أم ثيبا.
المطلـب الثـانـي: شـروط الولـي
لم يحدد المشرع الجزائري الشروط التى يجب
أن تتوافر في الولي ولهذا يجب الرجوع إلى ما حدده فقهاء الشريعة الإسلامية وفقا
لنص المادة 222 من قانون الأسرة ويمكن تقسيم هذه الشروط إلى قسمين:
الفـرع الأول: الشروط المتفق على
وجوب توفرها في الولي
إتفق الفقهاء المسلمين على شروط يجب أن
تتوفر في الولي وهي كالتالي:
1- أن يكون الولي بالغا عاقلا حرا: يجب أن
يكون الولي كامل الأهلية أي أن لا يكون فاقدا للأهلية ولا ناقصها
2- إتحـاد الدين بين الولي والمولى عليها:
فإتحاد الدين تتفق المصلحة بين الولي والمولى عليها ويستثنى من هذه الشروط من له
ولاية عامة القاضي والحاكم والمالك بالنسبة للأمة الكافرة.
الفـرع الثانـي: الشروط الغير متفق على
وجوب توفرها في الولي
- الـذكـورة: ذهب جمهور الفقهاء إلى إشتراط
الذكورة في الولي وخالفهم أبو حنيفة وأجاز للمرأة أن تكون ولي على الصغير والكبير
فاقد الأهلية عند عدم وجود الأولياء الذكور وذهبت المالكية إلى إجازة ولاية المرأة
في حالات استثنائية جدا وهي حالة ما إذا تعاق الأمر بوصية من الولي أو إذا كانت
مالكة .
أما بخصوص ما ذهب إليه المشرع الجزائري
فيما يخص هذا الشرط فحسب رأي الشخصي فإنه يتماشى أكثر مع الرأى الذي يشترط الذكورة
في الولي و فقا لما ورد في المادة 11 من قانون الأسرة .
المطلب الثالث
الولي
ووظيفته وفـقـا لمــا هو محـدد في
قانــون الأســرة
بعـد أن حددت المادة 9 من قانون الأسرة بأن
ولي الزوجة هو ركن من أركان جاءت المواد 11 و 13 لتحدد من هو الولي ووظيفته وحدود
وظيفته، وبالتالي سأتطرق إلى هذه النقاط كمايلي:
الفـرع الأول: ولـي المـرأة في
الـزواج
تنص المادة 11 تعقد المرأة الراشدة زواجها
بحضور وليها وهو أبوها أو أحد أقاربها أو أي شخص أخر تختاره من خلال هذه المادة
تستنتج أنه المشرع جعل ولي المرأة في الزواج هو أبوها مطلقا بغض النظر أكان للمرأة
إبن أم لا و بالتالي فهو قد نهج بما ذهب إليه الشافعية والحنابلة في جعلهم الولاية
ابتداء للأب ولو كان لها ابن وذلك بخلاف ما ذهب إليه فقهاء المذهب المالكي وبعض
الحنفية في تقديمهم الفروع على الأصول، وبما أن المادة 11 لما سبقت الأصول على
الفروع إبتداءا من الأب ثم الأقربون قد كان قصد المشرع الجزائري الأخذ بما ذهبت
اليه الشافعية والحنابلة في تقديمهم الأب ثم الأقربون وإن علوا ثم يأتي بذلك الإبن
وإبن الإبن وإن نزلوا ولقد إستدلوا الذين سبقوا الأصول في الولاية على الفروع بقول
الرسول صلى الله عليه وسلم '' أيما إمرأة أنكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل ''
والإبن حسبهم لا ينطبق عليه اسم مولى وهذا بعكس ما ذهب إليه البعض إلى القول بأن
المشرع الجزائري قد أخد بما ذهب إليه المذهب المالكي وإن لم يكن للمرأة ولي على الإطلاق
تنتقل هذه الولاية إلى القاضي الذي يعتبر ولي من لا ولي له.
الفـرع الثـانـي: دور الولـي فـي
الـزواج
لقد نصت المادة 11 على دور الولي في إبرام
عقد الزواج فالولي هو الذي يتولي زواج المرأة وهذا يعني بتوافر رضا طرفي عقد
الزواج يجب أن يرضى الولي بهذا الزواج ويقوم بنقل إرادة الزوجة خصوصا وإن حياء المرأة
يمنعها من مناقشة أمور الزواج في مجلس العقد وبالتالي فهو الذي يقوم بهذه المهمة
وهذا ما يتبين من خلال نص المادة 11.
الفـرع الثالث: حـدود دور الولـي
في إبرام عقد الزواج
لقد نص المشرع الجزائري في نص والمادة 13
من قانون الأسرة على الحدود الموضوعة للصلاحيات الممنوحة للولي في تزويجه للتي هي
تحت ولايته
ناقش فقهاء الشريعة الإسلامية هذه المسألة
وذهب جمهور الفقهاء المسلمين إلى أن للولي على المولى عليها البكر البالغة ولاية
إجبار أما الثيب فعليها ولاية إختيار وإستحباب أما الحنفية فتجعل ولاية الإستحباب
والإختيار على البالغة سواءا كانت بكرا أم ثيبا لأن ولاية الإجبار مناطها نقص
العقل أما الشرع الجزائري فلقد تناول المسألة في المادة 13 من قانون الأسرة وخالف ما ذهب إليه جمهور الفقهاء وأخد بالمذهب الحنفي
بحيث نص على عدم جوازية إجبار الولي لموليته على الزواج ولا تزويجها بدون موافقتها
دون أن يميز بين البكر والثيب، وعليه فسلطة الولي محدودة و يجب أن يأخد برأي
موليته.
إضافة إلى ما سبق فإن المادة 13 من قانون
الأسرة لا تميز بين البنت البالغة لسن الزواج أي 18 سنة وبين من لم تلبغ والتي
تحصلت على إذن بالزواج من القاضي، وبالتالي فالمشرع هنا قد خالف رأي الفقهاء المسلمين
واستغني على ولاية الإجبار على القاصرة و حسنا ما فعل.
المطلـب الرابع: أثـر تخلف ركـن
الولـي
ونتعرض إلى أثر تخلف ركن الولي في عقد
الزواج في نقطتين أساسيتين هما كالتالي:
الفـرع الأول: موقف فقهاء
الشريعة الإسلامية في حالة تخلف الولـي
الرأي الأول: جمهور الفقهاء إتفقو على انه
لا يجوز النكاح إلا بولي و أدلتهم في دلك :
قوله تعالى"و إدا طلقتم النساء فبلغن
أجلهن فلا تعضرهن أن ينكحن أزواجهن إدا تراضو بينهم بالمعروف ".سورة البقرة
الأية 232
قوله تعالى"فأنكحوهن بإدن أهلهن
" سورة النساء.
عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال
رسول الله (ص) "أيما إمراة نكحت بغير إدن وليها فنكحها باطل باطل باطل وأن
دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها فإن إشتجارا فالسلطان ولي من لا ولي له"
رواه أحمد و ابي داود و الترمدي و إبن ماجة.
قال رسول الله" لا نكاح إلا بولي ........"
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول
الله "لا تزوج المرأة المرأة و لا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي
تزوج نفسها "
الحنفية يجوز للمرأة البالغة العاقلة سواء
كانت بكرا أو ثيب أن تزوج نفسها و تزوج غيرها
ادلته
قوله تعالى"وأدا طلقتم النساء فبلغن
اجلهن فلا تعضرهن أن ينكحن أزواجهن ادا تراضو بينهم بالمعروف"سورة البقرة أية
232
قوله تعالى" فلا جناح عليكم فيما فعلن
في أنفسهن بالمعروف " سورة البقرة
عن إبن عباس رضي الله عنه روى أن فتاة جاءت
إلى الرسول (ص) فقالت يارسول الله إن أبي زوجني بإبني أخيه ..في خصيصته و أن له
كارهة.فجعل الأمر أبيها فقالت لقد أجزت ما صنع ابي يارسول الله و لكني أردت أن أعلم
النساء أن ليس للأباء من أمور بناتهن شيء.رواه ابو داود
الفـرع الثانـي: أثر تخلف ركن
الولي في قانون الأسرة
لقد نص قانون الأسرة على أثر تخلف الولي في
عقد الزواج في نص المادتين 32 و 33 منه والتى يمكن تقسيمها إلى ثلاث حالات:
أ- في حالة ما إذا تخلف ركن الولي و تم
إكتشافه قبل الدخول فإن نص المادة 32 و 33 قد حددت بأنه يفسخ العقد ولا تستحق
الزوجة الصداق.
ب – في حالة ما إذا تخلف ركن الولي ولم يتم
إكتشافه أو لم يثار هذا الخلف إلا بعد الدخول فهنا وفقا لنص المادة 33 الزواج يثبت
بصداق المثل، ويرتب أثار العقد الصحيح.
ج – في حالة ما إذا تخلف ركن الولي مع أحد
الأركان الثلاثة الرضا، الصداق، الشاهدين، فالعقد يكون في هذه الحالة باطل سواءا
كان ذلك قبل الدخول أو بعد الدخول ولا يمكن إثباته وهذه المسألة مكرسة في التطبيقات
الفضائيـة وفقا لما جـاء في قرار المحكمة العليـا المؤرخ في 02 جانفـي 1989 تحت رقم 51107 الذي جـاء فيه " … و من المقرر أيضا
أنه إذا إختل ركنان من أركان عقد الزواج غير الرضا يبطل الزواج ... الخ ''.