بحث المساهمة الجنائية في مقياس القانون الجنائي
المقــــــدمـــة
المبحث الأول : الفاعل الأصلي ( صور الفاعل الأصلي )
المطلب الأول : مساهمة الفاعل المباشر
المطلب الثاني : المحرض
المطلب الثالث : الفاعل المعنوي
المبحث الثاني : الشريك
المطلب الأول : شروط الاشتراك
المطلب الثاني : عقوبة الاشتراك
المطلب الثالث : النظريات التي تميز بين الفاعل و الشريك و موقف
المشرع الجزائري
الخاتمـــــــة
المبحث الأول : الفاعل الأصلي
الفاعل هو من يرتكب الجريمة فتحقق لديه عناصرها المــادية والمعنوية على السواء ، مثل
أن يقدم أحدهم على القتــل أو السـرقة في هده الحالة ليس هناك مساهمة لأن الفاعل أقدم
على فعله وحيدا كما أنه يتــحمل المسـؤولية كاملة ، والمساهمة تبدأ عند تعدد الجـناة في ارتكاب جريمة واحدة وهي تظهــر في عدة صور كأن يكون للجريمة فاعل واحد مع شريـك
واحد أو مع عدة شــركاء أو أن يكون للجريمة عدة فاعلين للجريمة بدون شـركاء ويتـضح
من دلك أن وجــود الفاعل هو أمر ضروري في المساهمة الجنائية إذ لا يمـكن لها أن تتحقق بدون فاعل ميز قانون العقوبات الجزائرية بين الفاعـل والشريك وقد بين معنى الفاعـــل في
المادتين41و45 فقد نصت المادة 41 على مايلي.
يعتبر فاعل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ لجريمة أو حرض على ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلــطة أو الولاية أو التحايــل أو التدليـس الإجرامي
من يحمل شخص لا يخضع للعقوبة بسبب وضعه أو صفته الشخصــية على إرتكاب جريـمة
يعاقب بالعقوبات المقررة لها.
يرى من هده المواد تعدد صور الفاعل في القانون الجزائري ، هو الفاعل المباشر للجريمة وهو المحرض عليها وهو الفاعل المعنوي أيضا.
المطلب الأول : مساهمة الفاعل المباشر
حددت المادة 41 من قانون العقوبات الركن المادي للجريمة بقولها : يعتــبر فاعلا كــل من
ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة ويعني دلك أن الركن المادي للجريـمة يتــمثل في المساهمة المباشرة في تنفيذ الجريمة .
يعد ارتكاب الأعمال التنفيذية التي يتكون منـها الركن المادي للجـريمة ، جوهــر المساهمة المباشرة فلا خلاف على أن مرتكب هده الأعمال (كلها في حالة انفراد شخص بتنفيذ الجريمة أو بعضها في حالة تعدد الحياة ) هو فاعل الجريمة ضمن ساهم في أي فعل يدخــل ضمن الأفعال التي يتكون منها الركن المادي يعد مساهما مباشــرا في تنفيذها ويحاســب كما لو إرتكبـها بمفرده ومثال ذلك أن يلجأ شخصيا لقتل أحد الناس ، فيطعنها بطعـــنات تؤدي حياته ، هـنا
يعد كل منهما مشاركا في تنفيذ الركن المادي للجريمة ، وبالتالي فإن كلاهما فاعل :
وقد يكون معيار الشروع غير كاف في بعض الحالات للتمييز بين نوعي المساهــمة المباشرة
وغير المباشرة فنلجأ الى شرط متمم للتمييز بينهما ، ويتمثل هذا الشرط في ضرورة ظــهور الجاني بفعله على مسرح الجريمة فيعاصر نشاطه الوقت الذي وقعت فيه ، ولتوضيح هدا نقدم
هذا المثال يعد عمل اللــص الذي كسـر الباب لتمكين زميله من السرقة ، مساهمة مباشرة
إذا تم دخول السارق الأخر بعد الكسر مباشرة ، اذ يعني هدا الظهور الجاني على مسرح
الجريمة ويعد فعله لصيق الصلة بالتنفيذ ومعاصرا له أما إذا تم دخول المنزل في اليوم الثاني
فإن الفترة الزمنية الفاصلة بين الفعلين تجعل فعل الكسر عملا من الأعمال المساعدة التحضير
به فتكون المساهمة غير مباشرة لغياب الجاني عن مسرح الجريمة ويصبح عــندها من قام
بالكسر مجرد شريك في إرتكاب الجريمة ولا يعد فاعلا أصليا فيها ،هناك أعمال تخــرج من
الركن المادي للجريمة ولكنها ذات أهمية كبيرة في تنفيذها ، تبرز بأن يعتبر فاعلها في مصاف
من يرتكب جزاء من أجزاء الركن المادي وعليه تكن فكرة المساهمة المباشرة أو سع من أن
تحدد بركن المادي للجريمة فقط وهدا حســب رأي البعض ومن أمثله دلك أن يمسك أحدهم بالمجني عليه لتمكين حصصه من قتله أو كمن يراقب الطريق لتمكين زملائه من الســرقة ،
و كخادم يترك منزل ســيده مفتـــوحا لتمكن اللصوص من السرقته بالنسبة لهده الأمثلة
لا تعد أعمال هؤلاء كل من ما شك الشخــص مراقب الطريق الخادم من الأفعال التي تكون
الركن المادي للجريمة ولكنها ذات أهميـة في التنفيذ ومرتكبوها يعتبر فاعلا لا مجرد شريك
فضلا على أن الفاعل هو من يحقق ماديـات الجريمة ومعنوياتها أيضا ، ففي الجرائم العمدية يتطلب القانون قيام القصد الجانــي وهذا يعني وجوب أن يتحقق للفاعل العلم الإرادة بوصفهما عنصري .
القصد الجنائي : يجب ان يكون الفاعل على علم بكافة الأفعــال التي تتضـافر لتحقيق الركن
المادي للجريمة ، ما كان منها نتيجة لفعله أو لفعل غيره على حد سواء ، ولا يكـــفي العلم
بكافة العناصر التي يتطلب الأمر أيضا ضرورة أن يريد النتائج المتوقعة ، وعليه فلا مساهمة إذا
لم يتوفر لدى الجناة وحدة النتائج المتوقعة وعليه فل مساهمة إذا لم يتوفر لدي الجـناة وحـدة
الرابطة الدهنية التي يقوم عليها الركن المعنوي في جرائم المساهمة ، فإذا مر سـارق بمنـزل
ورآى بأنه مفتوحا فدخل وسرق بعض الأمتعة فلا يعد مساهما مع سـارق آخر كان قد سـبقه
في نفس الوقت لسرقة المنزل ففي هده الحالة تحقق للجريمة وحدتها المادية ولكنه لم يتحـقق
لها وحدتها المادية والمعنوية معا فإن المساهمة تقوم تاهيك عن النظـر لمفــردات إرتـكاب
الركن المادي فإن إتفق شخصان على قتل خصمهما و اطلــقا عليه الرصاص ، فإن كل منهما
يعد الفاعل ولو ثبت أن الرصاصة أحدهما قتلته فصاحب الرصاصة الغائبة يعد فاعلا أيضــا
لتوافره للركن المعنوي بإتفاقه مع زميله على القتل وأيضا لتوافره للركن المادي وهدا يكفي
للقول بمساهمته المباشرة أيضا .
المطلب الثاني : المحــرض
بموجب قانون رقم 82-04 المؤرخ في 13 فيفري 1982 أصبح المحرض فاعلا للجريمة وليس شريكا كما كان في الماضي وبهذا السياق نصت المادة 41 قانون على جزائري على مايلي : يعتبر فاعلا "كل من .....حرض على ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهـديد أو إساءة استعمال السلطة أو الولاية أو التحاليل أو التدليس الإجرامي".
واتجاه المشرع الجزائري يخرج الاتجاه التقليدي الذي تأخذ به معظم التشريعات والذي يعتبر المحرض مجرد شريك لافاعل ، كما يخالف أيضا توصية المؤتمر الدولي الـسابع لقانـون العقوبات المنعقد في أثينا 1957 ميلادي والذي أوصى بإخراج التحريــض من المساهمة الأصلية والتبعية وجعله كصورة مستقلة من المساهمة الجنائية .
فالتحريض من وجهة نظر المؤتمر لا يمكن اعتباره مساهمة أصلية لأن المساهمة الأصلية تقتصر على التفنيد ، كما لا يجوز أن تعد نشاط المحرض هو نشاط تبعي أنه هو الذي يخلق التصميم الإجرامي في دهن الفاعل.
لذلك التحريض هو خلق فكرة الجريمة لدى شخص لأخر و الدفـع به إلى التصـميم على ارتكابها كما كان التحريض يتكون من ركنين مادي و معنوي سنتكلم عنه :
- فبالرجوع إلى نص المادة 41 نستخلص أن المشروع قد حدد على سبيل الحصر الأعمال التي يقوم عليها التحريض :وقبل أن تحددها يجب ذكر أن المشروع في نصـه ادخل هـذه الأعمال ضمن قائمة الأعـمال الماديـة التي هي الركن المادي ويجب الإشـارة إلـى أن المشروع حصر الأعمال التي يقوم عليها التحريض فهي كثيرة وذكر أهــمها و سـنوضح الوسائل التى أعتد بها القانون و هي:
1/الهــــبة
و نعني بها أن يقدم المحرض إلى تحريض الغير و إقناعه بارتكاب الجريمة مقابل شيء ما يقدمه له كهبة و لم تحدد هذه الهبة سواء أكانت مالا أو سلعة أوعقـار أو أي شـيء أخر
و يكون تقديم الهبة قبل ارتكاب الجريمة لكي تعتبر وسيلة من وسائل التحريض فأذا قدمت من بعد لاتعد كذلك .
2/الوعـــد:
يسعى المحرض لاقناع الغير بارتكاب الجريمة مقابل وعد يقطعه على نفسه ، فالوعد قـد يكون بتقديم هبة أو القيام بخدمة أو غير ذلك و يشرط أن يكون الوعد قد تم قبـل تنفـيذ الجريمة حتى يمكن الاعتداد به كوسيلة من وسائل إغراء الجاني.
3/التهديــــد:
هنا يكون بالضغط على إرادة الغير لا قناعة يتنفيد الجريمة كـأن يـهدد المـحرض الغيـر بإفشاء سر معين ، أو تهديد بوقوع فعل ما لا يرغب فيه إن يتم بالجريمة و هـنا مـثل ما
سبق أن يتم التهديد قبل وليس بعد ارتكاب الجريمة .
4/إساءة استغلال السلطة أو الولاية :ذلك أن يكون للمحرض سلطة قانونية أو فعلية على الغير ،فسينعلها لا قناع الغير يتبنى مشروعه الإجرامي و تكون السلطة القانونية كما في حالة الرئيس و المرؤوس ، كما تكون السلطة الفعلية كسلطة المخدوم على الخادمه ويـقـع التحريـض عن طريق استغلال الولاية ، أن يقوم المحرض بما له من سلطة على إقناع من يخضع لولايته على القيام بالجريمة .مثل أن يكون الأب هو المحرض و الابن هو المنفذ.
5/التحاليل و التدليس الإجرامي :
يقع التحريض بالتحاليل على الغير لا قناعه بتنفيذ الجريمة و التحاليل هنا يعيد مباشرة المحرض لأعمال مادية تشجيع الغير باتحاد موقفه و يختلط مفهوم التحايل بالتدليس الإجرامي الذي يقوم على تعزيز الكذب بأفعال مادية و مظاهر خارجية تساهم في ا قناع الغير بالانصياع إلى رغبة المحرض .
- قد يتم التحريـض بواحدة من هذه الوسائل أو أكثر و هذه الوسائل التي يعـتد به القانون، ويشترط في التحريض أن يكون مباشر و فوريا وهنا يجب أن نمـيز بين التحريض الفـردي المباشر الذي نحن بصدده و بين جرائم التحريض العام التي نجدها في بعض نصوص القانون الجنائي حسب المادة 10من القانون العقوبات لقولها "كل تحريض مباشر على التجمهر غـير المسلح سواء بخطب تلقي علنا أو بكتابات أو مطبـوعات تعــلق أو تـوزع يعاقـب عليه بالحبس