علم الإنشاء والكتابة(الفصل الثاني:أصول الأنشاء)
الفصل الثاني
أصـــول الإنشــــاء
جاء في كتاب جواهر الأدب للمرحوم السيد أحمد الهاشمي أن أصول الإنشاء أربعة هي:مواده وخواصه ومحاسنه وطبقاته.
بينما رأيت أن أصول الإنشاء ثلاثة فقط وهي: مواده وخواصه أي(محاسنه)وطبقاته,لأن صاحب كتاب جواهر الأدب في شرحه لأصول الإنشاء أكد أن خواص الإنشاء هي محاسنه وهذا ما يجعلهما أصلاً واحداً.
وسوف نتكلم عن أصول الإنشاء في ثلاثة مباحث هي:
المبحث الأول:مواد الإنشاء.
المبحث الثاني:خواص الإنشاء(محاسنه)
المبحث الثالث:طبقات الإنشاء
المبحث الأول
الأصل الأول/مواد الإنشاء
لعلم الإنشاء مواد ثلاث هي:
المادة الأولى:الألفاظ الفصيحة الصريحة.
أي الألفاظ البينة الظاهرة المتبادرة إلى الفهم المأنوسة الإستعمال لمكان حسنها,والألفاظ التي تدل على نفس المطلوب بحيث تكون كقالب لمعناها ويتوصل إلى ذلك بمعرفة المترادفات والصفات والإبدال.
المادة الثانية:المعاني
للمعاني شروط وأنواع فأما شروطها فهي ثلاثة شروط :
الشرط الأول:أن يكون المعنى واضحاً,أي سهل المأخذ خالياً من اللبس والإشكال كقول الأخطل:
وإذا أفتقرت إلى الذخائر لم تجد ذخراً يكون كصالح الأعمال
الشرط الثاني:أن يكون المعنى سديداً أي أن يكون القول مطابقاً للواقع كقول لبيد:
الا كل شئ ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل
الشرط الثالث:أن يكون المعنى مطابقاً لمقتضى الحال كقول أبى العتاهية:
إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصداً ندمت على التفريط في زمن البذر
والمراد بمقتضى الحال الأمر الذي يقتضيه الداعي الى المتكلم على وجه مخصوص الناشئ عن مراعاة أحوال المتكلم والمخاطب ومقام الكلام.
وأما أنواع المعاني فهي:
1-إما أن يكون المعنى مبتكراً أي مخترعاً كقول ابن النبيه:
الناس للموت كخيل الطراد فالسابق السابق منها جواد
2-أن يكون المعنى دقيقاً فهو مالطف مأخذه وبعد مرامه ودل على توقد فهم قائله كقول ابن عنين في فخر الدين الرازاي وكانت قد دخلت إلى مجلسه حمامة خلفها صقر يريد صيدها فاستجارة بحجرته:
جاءت سليمان الزمان حمامة والموت يلمح في جناحي خاطف
من أنباء الورقاء أن محلكم حرم وأنك ملجأ للخائف
3-أن يكون المعنى فطرياً وهو ما أورده الطبع السليم للقائل بلا تصنع ولا إعمال روية ودل على بعض السذاجة في قائله, كقولهم وقد سئل هلا تسافر بحراً فأنشد:
لا أركب البحر أخشى على منه المعاطب
طين أنا وهو ماء والطين في الماء ذائب
وكقول الصياد :
سبحان ربي يعطي ذا ويحرم ذا هذا يصيد وهذا يأكله السمك
4-أن يكون المعنى ليناً وهو ما كان لطيف التعبير سلس الألفاظ دالاً على أشياء تطرب المسامع وتبهج القلب كقوله:
إن السماء إن لم تبك مقلتها لم تضح الأرض عن شئ من الزهر
5-أن يكون المعنى نافذاً,وهو ما وصل إلى الفهم بسرعة البرق وأخذ لحدته ومضائه بمجامع القلب كقول عنترة:
وما ناديت شخص الموت إلا كما يدنو الشجاع من الجبان
6-أن يكون المعنى جامعاً وهو ما أفاد باللفظ القليل المعنى الكثير كقول أبي تمام في المعتصم:
تراه إذا ما جئته متهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله
تعود بسط الكف حتى لو أنه أراد انقباضا لم تطعه أنامله
وكقول المتنبي:
وقد شرف الله أرضاً أنت ساكنها وشرف الناس إذ سواك إنسانا
7-أن يكون المعنى متيناً وهو ما اتسم بالضبط والحزم وتمكن من ذهن سامعه كقول أبي العتاهية:
لدوا للموت وابنوا للخراب فكلكم يصير إلى الذهاب
8-أن يكون المعنى موغلاً والموغل والإيغال هو ما فتن بسموه القلب وسبى العقل وبلغ الغاية القصوى من البلاغة كما قال قائل على لسان ربه:
سألت عبدي وأنت في كنفي وكل ما قلت قد سمعناه
سلني بلا خشية ولا رهب ولا تخف إني أنا الله
وأعلم أنه ليس لهذه المعاني مصدر خاص وإنما يحصل عليها الأديب أو الكاتب من كثرة تلاوة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ومطالعة كتب البلغاء وإعمال الفكرة الطويلة والتبصر في الموضوع الذي يقصد وصفه ليست منه المعاني اللأئقة به,وإنما يلتجئ الأديب إلى هذه المعاني عند مسيس الحاجة وذلك يختلف بإختلاف أحوال المتكلم ومقام المخاطب ومواقع الكلام.
فصاحة الألفاظ ومطابقتها للمعاني
وتكون فصاحة الألفاظ بثلاثة أوجه:
الأول:مجانبة الغريب الوحشيِّ حتى لا يمجه سمعٌ ولا ينفر منه طبع.
الثاني:تنكب اللفظ المبتذل, والبعد عن الكلام المسترذل حتى لا يسقطه خاصىٌّ, ولا ينبو عنه فهم عامىّ .
الثالث:أن يكون بين الألفاظ ومعانيها مناسبة ومطابقةٌ.
أما المطابقة:فهي أن يكون بين الألفاظ كالقوالب لمعانيها فلا تزيد عليها ولا تنقص عنها.
وأما المناسبة: فهي أن يكون المعنى يليق ببعض الألفاظ -إما نعرف مستعمل أو لا تفاقٍ مستحسنٍ حتى إذا ذكرت تلك المعاني بغير تلك الألفاظ كانت نافرةً عنها,وإن كانت أفصح وأوضح لا عتياد ماسواها.
(عن كتاب((أدب الدين والدنيا)) بإختصار)
المادة لثالثة:إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة
بمعنى أن يأتي للمعنى الواحد عدة ألفاظ مختلفة أو أن يأتي للفظ الواحد عدة معانٍ متباينة ويكون مرجعها إلى الفصاحة وعلمي المعاني والبيان.
الفصل الثاني
أصـــول الإنشــــاء
جاء في كتاب جواهر الأدب للمرحوم السيد أحمد الهاشمي أن أصول الإنشاء أربعة هي:مواده وخواصه ومحاسنه وطبقاته.
بينما رأيت أن أصول الإنشاء ثلاثة فقط وهي: مواده وخواصه أي(محاسنه)وطبقاته,لأن صاحب كتاب جواهر الأدب في شرحه لأصول الإنشاء أكد أن خواص الإنشاء هي محاسنه وهذا ما يجعلهما أصلاً واحداً.
وسوف نتكلم عن أصول الإنشاء في ثلاثة مباحث هي:
المبحث الأول:مواد الإنشاء.
المبحث الثاني:خواص الإنشاء(محاسنه)
المبحث الثالث:طبقات الإنشاء
المبحث الأول
الأصل الأول/مواد الإنشاء
لعلم الإنشاء مواد ثلاث هي:
المادة الأولى:الألفاظ الفصيحة الصريحة.
أي الألفاظ البينة الظاهرة المتبادرة إلى الفهم المأنوسة الإستعمال لمكان حسنها,والألفاظ التي تدل على نفس المطلوب بحيث تكون كقالب لمعناها ويتوصل إلى ذلك بمعرفة المترادفات والصفات والإبدال.
المادة الثانية:المعاني
للمعاني شروط وأنواع فأما شروطها فهي ثلاثة شروط :
الشرط الأول:أن يكون المعنى واضحاً,أي سهل المأخذ خالياً من اللبس والإشكال كقول الأخطل:
وإذا أفتقرت إلى الذخائر لم تجد ذخراً يكون كصالح الأعمال
الشرط الثاني:أن يكون المعنى سديداً أي أن يكون القول مطابقاً للواقع كقول لبيد:
الا كل شئ ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل
الشرط الثالث:أن يكون المعنى مطابقاً لمقتضى الحال كقول أبى العتاهية:
إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصداً ندمت على التفريط في زمن البذر
والمراد بمقتضى الحال الأمر الذي يقتضيه الداعي الى المتكلم على وجه مخصوص الناشئ عن مراعاة أحوال المتكلم والمخاطب ومقام الكلام.
وأما أنواع المعاني فهي:
1-إما أن يكون المعنى مبتكراً أي مخترعاً كقول ابن النبيه:
الناس للموت كخيل الطراد فالسابق السابق منها جواد
2-أن يكون المعنى دقيقاً فهو مالطف مأخذه وبعد مرامه ودل على توقد فهم قائله كقول ابن عنين في فخر الدين الرازاي وكانت قد دخلت إلى مجلسه حمامة خلفها صقر يريد صيدها فاستجارة بحجرته:
جاءت سليمان الزمان حمامة والموت يلمح في جناحي خاطف
من أنباء الورقاء أن محلكم حرم وأنك ملجأ للخائف
3-أن يكون المعنى فطرياً وهو ما أورده الطبع السليم للقائل بلا تصنع ولا إعمال روية ودل على بعض السذاجة في قائله, كقولهم وقد سئل هلا تسافر بحراً فأنشد:
لا أركب البحر أخشى على منه المعاطب
طين أنا وهو ماء والطين في الماء ذائب
وكقول الصياد :
سبحان ربي يعطي ذا ويحرم ذا هذا يصيد وهذا يأكله السمك
4-أن يكون المعنى ليناً وهو ما كان لطيف التعبير سلس الألفاظ دالاً على أشياء تطرب المسامع وتبهج القلب كقوله:
إن السماء إن لم تبك مقلتها لم تضح الأرض عن شئ من الزهر
5-أن يكون المعنى نافذاً,وهو ما وصل إلى الفهم بسرعة البرق وأخذ لحدته ومضائه بمجامع القلب كقول عنترة:
وما ناديت شخص الموت إلا كما يدنو الشجاع من الجبان
6-أن يكون المعنى جامعاً وهو ما أفاد باللفظ القليل المعنى الكثير كقول أبي تمام في المعتصم:
تراه إذا ما جئته متهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله
تعود بسط الكف حتى لو أنه أراد انقباضا لم تطعه أنامله
وكقول المتنبي:
وقد شرف الله أرضاً أنت ساكنها وشرف الناس إذ سواك إنسانا
7-أن يكون المعنى متيناً وهو ما اتسم بالضبط والحزم وتمكن من ذهن سامعه كقول أبي العتاهية:
لدوا للموت وابنوا للخراب فكلكم يصير إلى الذهاب
8-أن يكون المعنى موغلاً والموغل والإيغال هو ما فتن بسموه القلب وسبى العقل وبلغ الغاية القصوى من البلاغة كما قال قائل على لسان ربه:
سألت عبدي وأنت في كنفي وكل ما قلت قد سمعناه
سلني بلا خشية ولا رهب ولا تخف إني أنا الله
وأعلم أنه ليس لهذه المعاني مصدر خاص وإنما يحصل عليها الأديب أو الكاتب من كثرة تلاوة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ومطالعة كتب البلغاء وإعمال الفكرة الطويلة والتبصر في الموضوع الذي يقصد وصفه ليست منه المعاني اللأئقة به,وإنما يلتجئ الأديب إلى هذه المعاني عند مسيس الحاجة وذلك يختلف بإختلاف أحوال المتكلم ومقام المخاطب ومواقع الكلام.
فصاحة الألفاظ ومطابقتها للمعاني
وتكون فصاحة الألفاظ بثلاثة أوجه:
الأول:مجانبة الغريب الوحشيِّ حتى لا يمجه سمعٌ ولا ينفر منه طبع.
الثاني:تنكب اللفظ المبتذل, والبعد عن الكلام المسترذل حتى لا يسقطه خاصىٌّ, ولا ينبو عنه فهم عامىّ .
الثالث:أن يكون بين الألفاظ ومعانيها مناسبة ومطابقةٌ.
أما المطابقة:فهي أن يكون بين الألفاظ كالقوالب لمعانيها فلا تزيد عليها ولا تنقص عنها.
وأما المناسبة: فهي أن يكون المعنى يليق ببعض الألفاظ -إما نعرف مستعمل أو لا تفاقٍ مستحسنٍ حتى إذا ذكرت تلك المعاني بغير تلك الألفاظ كانت نافرةً عنها,وإن كانت أفصح وأوضح لا عتياد ماسواها.
(عن كتاب((أدب الدين والدنيا)) بإختصار)
المادة لثالثة:إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة
بمعنى أن يأتي للمعنى الواحد عدة ألفاظ مختلفة أو أن يأتي للفظ الواحد عدة معانٍ متباينة ويكون مرجعها إلى الفصاحة وعلمي المعاني والبيان.