أبواب الأحكام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1 - باب ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القاضي.
بسم الله الرحمن الرحيم.
1337 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى. حدثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت عبد الملك يحدث عن عبد الله بن موهب؛ أن عثمان قال لابن عمر: اذهب فاقض بين الناس. قال: أوتعافيني يا أمير المؤمنين! قال: فما تكره من ذلك وقد كان أبوك يقضي؟ قال:
- إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من كان قاضيا فقضى بالعدل، فبالحري أن ينقلب منه كفافا". فما أرجو بعد ذلك؟
وفي الحديث قصة. وفي الباب عن أبي هريرة حديث ابن عمر حديث غريب. وليس إسناده عندي بمتصل وعبد الملك روى عنه المعتمر هذا، هو عبد الملك بن أبي جميلة.
1338 - حدثنا هناد. حدثنا وكيع عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن بلال بن أبي موسى، عن أنس بن مالك، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سأل القضاء، وكل إلى نفسه، ومن أجبر عليه، ينزل عليه ملك فيسدده".
1339 - حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن. حدثنا يحيى بن حماد عن أبي عوانة، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن بلال بن مرداس الفزاري عن خيثمة وهو البصري عن أنس،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتغى القضاء، وسأل فيه شفعاء، وكل إلى نفسه. ومن أكره عليه، أنزل الله عليه ملكا يسدده".
هذا حديث حسن غريب، وهو أصح من حديث إسرائيل عن عبد الأعلى.
1340 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي. حدثنا الفضيل بن سليمان عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ولى القضاء، أو جعل قاضيا بين الناس، فقد ذبح بغير سكين".
هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقد روي أيضا من غير هذا الوجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2 - باب ما جاء في القاضي يصيب ويخطئ.
1341 - حدثنا حسين بن مهدي، حدثنا عبد الرزاق. حدثنا معمر، عن سفيان الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب، فله أجران. وإذا حكم فأخطأ فله أجر واحد".
وفي الباب عن عمرو بن العاص وعقبة بن عامر. حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه. لا نعرفه من حديث سفيان الثوري، عن يحيى بن سعيد، إلا من حديث عبد الرزاق عن معمر، عن سفيان الثوري.
3 - باب ما جاء في القاضي كيف يقضي.
1342 - حدثنا هناد. حدثنا وكيع عن شعبة، عن أبي عون عن الحارث بن عمرو، عن رجال من أصحاب معاذ عن معاذ؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال "كيف تقضي" ؟ فقال: أقضي بما في كتاب الله. قال "فإن لم يكن في كتاب الله" ؟ قال "فبسنة رسول الله. قال "فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ " قال: أجتهد رأيي. قال "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله".
1343 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا محمد بن جعفر وعبد الرحمن بن مهدي قالا: حدثنا شعبة عن أبي عون عن الحارث بن عمرو، ابن أخ للمغيرة بن شعبة، عن أناس من أهل حمص، عن معاذ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده عندي بمتصل. وأبو عون الثقفي، اسمه محمد بن عبيد الله.
4 - باب ما جاء في الإمام العادل.
1344 - حدثنا علي بن المنذر الكوفي. حدثنا محمد بن فضيل عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة، وأدناهم منه مجلسا، إمام عادل. وأبغض الناس إلى الله، وأبعدهم منه مجلسا إمام جائر".
وفي الباب عن ابن أبي أوفى. حديث أبي سعيد حديث حسن، غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
1345 - حدثنا عبد القدوس بن محمد أبو بكر العطار. حدثنا عمرو بن عاصم. حدثنا عمران القطان عن أبي إسحاق الشيباني عن ابن أبي أوفى، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الله مع القاضي ما لم يجر. فإذا جار تخلى عنه ولزمه الشيطان".
هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمران القطان.
5 - باب ما جاء في القاضي لا يقضي بين الخصمين حتى يسمع كلامهما.
1346 - حدثنا هناد. حدثنا حسين الجعفي عن زائدة، عن سماك بن حرب، عن حنش، عن علي، قال:
- قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا تقاضى إليك رجلان، فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر. فسوف تدري كيف تقضي" قال علي: فما زلت قاضيا بعد. هذا حديث حسن.
6 - باب ما جاء في إمام الرعية.
1347 - حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال حدثني علي بن الحكم، حدثني أبو الحسن قال: قال عمرو بن مرة لمعاوية:
- إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة، إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته". فجعل معاوية رجلا على حوائج الناس.
وفي الباب عن ابن عمر. حديث عمرو بن مرة حديث غريب وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه. وعمرو بن مرة الجهني، يكنى أبا مريم.
1348 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا يحيى بن حمزة عن يزيد أبي مريم، عن القاسم بن مخيمرة، عن أبي مريم صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ؛ نحو هذا الحديث بمعناه.
7 - باب ما جاء لا يقضي القاضي وهو غضبان.
1349 - حدثنا قتيبة. حدثنا أبو عوانة؛ عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة. قال:
- كتب أبي إلى عبيد الله بن أبي بكرة وهو قاض، أن لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان. فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا يحكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان".
هذا حديث حسن صحيح، وأبو بكرة، اسمه نفيع.
8 - باب ما جاء في هدايا الأمراء.
1359 - حدثنا أبو كريب. حدثنا أبو أسامة عن داود بن يزيد الأودي، عن المغيرة بن شبيل، عن قيس بن أبي حازم، عن معاذ بن جبل قال:
- بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن. فلما سرت، أرسل في أثري. فرددت فقال "أتدري لم بعثت إليك؟ قال: لا تصيبن شيئا بغير إذني فإنه غلول. ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة. لهذا دعوتك، فامض لعملك".
وفي الباب عن عدي بن عميرة وبريدة والمستورد بن شداد وأبي حميد وابن عمر حديث معاذ، حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي أسامة عن داود الأودي.
9 - باب ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم.
1351 - حدثنا قتيبة. حدثنا أبو عوانة، عن عمرو بن أبي سلمة عن أبيه، عن أبي هريرة قال:
- لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وعائشة، وابن حديدة وأم سلمة. حديث أبي هريرة حديث حسن وقد روي هذا الحديث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله ابن عمرو.
وروى عن أبي سلمة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح. وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول: حديث أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أحسن شيء في هذا الباب وأصح.
1352 - حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى. حدثنا أبو عامر العقدي. حدثنا ابن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. هذا حديث حسن صحيح.
10 - باب ما جاء في قبول الهدية وإجابة الدعوة.
1353 - حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيغ. حدثنا بشر بن المفضل. حدثنا سعيد عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو أهدي إلي كراع لقبلت. ولو دعيت عليه لأجبت".
وفي الباب عن علي وعائشة والمغيرة بن شعبة وسلمان ومعاوية بن حيدة وعبد الرحمن بن علقمة. حديث أنس حديث حسن صحيح.
11 - باب ما جاء في التشديد على من يقضى له بشيء ليس له أن يأخذه.
1354 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني. حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة، قالت:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنكم تختصمون إلي، وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فإن قضيت لأحد منكم بشيء من حق أخيه، فإنما أقطع له من النار، فلا يأخذ منه شيئا".
وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة حديث أم سلمة، حديث حسن صحيح.
12 - باب ما جاء في أن البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه.
1355 - حدثنا قتيبة. حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل عن أبيه، قال:
- جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال الحضرمي يا رسول الله! إن هذا غلبني على أرض لي. فقال الكندي: هي أرضي وفي يدي ليس له فيها حق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم للحضرمي " ألك بينة؟ " قال: لا قال "فلك يمينه؟ " قال: يا رسول الله! إن الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه، وليس يتورع من شيء. قال "ليس لك منه إلا ذلك".
قال، فانطلق الرجل ليحلف له. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أدبر:
- "لئن حلف على مالك ليأكله ظلما، ليلقين الله وهو عنه معرض".
وفي الباب عن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو والأشعث بن قيس. حديث وائل بن حجر. حديث حسن صحيح.
1356 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا علي بن مسهر وغيره عن محمد بن عبيد الله، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته " البينة على المدعي. واليمين على المدعى عليه".
هذا حديث في إسناده مقال ومحمد بن عبيد الله العرزمي يضعف في الحديث من قبل حفظه. ضعفه ابن المبارك وغيره.
1357 - حدثنا محمد بن سهل بن عسكر البغدادي. حدثنا محمد بن يوسف. حدثنا نافع بن عمر الجمحي عن عبد الله بن أبي مليكة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى اليمين على المدعى عليه هذا حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم؛ أن البينة على المدعي؛ واليمين على المدعى عليه.
13 - باب ما جاء في اليمين مع الشاهد.
1358 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا عبد العزيز بن محمد قال: حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة،
- قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد الواحد قال ربيعة: وأخبرني ابن لسعد بن عبادة قال: وجدنا في كتاب سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد. وفي الباب عن علي وجابر وابن عباس وسرق حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد، حديث حسن غريب.
1359 - حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن أبان قالا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن جابر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد.
1360 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا إسماعيل بن جعفر. حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد الواحد قال: وقضى بها علي فيكم. وهذا أصح. وهكذا روى سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلا. وروى عبد العزيز بن أبي سلمة ويحيى بن سليم هذا الحديث عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم رأوا أن اليمين مع الشاهد الواحد جائزة في الحقوق والأموال. وهو قول مالك بن أنس والشافعي وأحمد وإسحاق. وقالوا: لا يقضى باليمين مع الشاهد الواحد إلا في الحقوق والأموال ولم ير بعض أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم أن يقضى باليمين مع الشاهد الواحد.
14 - باب ما جاء في العبد يكون بين الرجلين فيعتق أحدهما نصيبه.
1361 - حدثنا أحمد بن منيع. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق نصيبا، أو قال شقيصا، أو قال شركا له في عبد، فكان له من المال ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل، فهو عتيق. وإلا فقد عتق منه ما عتق".
قال أيوب: وربما قال نافع في هذا الحديث، يعني فقد عتق منه ما عتق. حديث ابن عمر حديث حسن صحيح. وقد رواه سالم عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1357 - حدثنا بذلك الحسن بن علي الخلال. حدثنا عبد الرزاق. حدثنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق نصيبا له في عبد، فكان له من المال ما يبلغ ثمنه، فهو عتيق من ماله".
هذا حديث حسن صحيح.
1358 - حدثنا علي بن خشرم. حدثنا عيسى بن يونس، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أعتق نصيبا، أو قال شقيصا في مملوك، فخلاصه في ماله إن كان له مال. وإن لم يكن له مال، قوم قيمة عدل ثم يستسعى في نصيب الذي لم يعتق، غير مشقوق عليه".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو.
1159 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن أبي عروبة، نحوه.
وقال: شقيصا. هذا حديث حسن صحيح. وهكذا روى أبان بن يزيد عن قتادة مثل رواية سعيد بن أبي عروبة، وروى شعبة هذا الحديث عن قتادة ولم يذكر فيه أمر السعاية. واختلف أهل العلم في السعاية فرأى بعض أهل العلم السعاية في هذا. وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة. وبه يقول إسحاق. وقد قال بعض أهل العلم: إذا كان العبد بين الرجلين، فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان له مال، غرم نصيب صاحبه وعتق العبد من ماله. وإن لم يكن له مال، عتق من العبد ما عتق، ولا يستسعى. وقالوا بما روى عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا قول أهل المدينة. وبه يقول مالك بن أنس والشافعي وأحمد وإسحاق.
15 - باب ما جاء في العمرى.
1360 - حدثنا محمد بن المثنى. حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة؛
- أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال "العمرى جائزة لأهلها، أو ميراث لأهلها".
وفي الباب عن زيد بن ثابت وجابر، وأبي هريرة وعائشة وابن الزبير ومعاوية.
1361 - حدثنا الأنصاري. حدثنا معن. حدثنا مالك عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه، فإنها للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها. لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث".
هذا حديث حسن صحيح. وهكذا روى معمر وغير واحد عن الزهري، مثل رواية مالك. وروى بعضهم عن الزهري، ولم يذكر فيه (ولعقبه) .
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. قالوا: إذا قال: هي لك، حياتك ولعقبك، فإنها لمن أعمرها، لا ترجع إلى الأول. وإذا لم يقل (لعقبك) فهي راجعة إلى الأول إذا مات المعمر. وهو قول مالك بن أنس والشافعي. وروي من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "العمرى جائزة لأهلها" والعمل على هذا عند بعض أهل العلم قالوا: إذا مات المعمر فهو لورثته. وإن لم يجعل لعقبه. وهو قول سفيان الثوري وأحمد وإسحاق.
16 - باب ما جاء في الرقبى.
1362 - حدثنا أحمد بن منيع. حدثنا هشيم عن داود بن أبي هند، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " العمرى جائزة لأهلها. والرقبى جائزة لأهلها".
هذا حديث حسن. وقد رواه بعضهم عن أبي الزبير عن جابر موقوفا. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم؛ أن الرقبى جائزة مثل العمرى وهو قول أحمد وإسحاق. وفرق بعض أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم بين العمرى والرقبى. فأجازوا العمرى ولم يجيزوا الرقبى وتفسير الرقبى أن يقول: هذا الشيء لك ما عشت. فإن مت قبلي فهي راجعة إلي. وقال أحمد وإسحاق: الرقبى مثل العمرى. وهي لمن أعطيها. ولا ترجع إلى الأول.
17 - باب ما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلح بين الناس.
1363 - حدثنا الحسن بن علي الخلال. حدثنا أبو عامر العقدي. حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه، عن جده؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الصلح جائز بين المسلمين. إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما. والمسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما".
هذا حديث حسن صحيح.
18 - باب ما جاء في الرجل يضع على حائط جاره خشبا.
1364 - حدثنا سعيد بن عبد الرحمن، حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: سمعته يقول:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا استأذن أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره، فلا يمنعه".
فلما حدث أبو هريرة، طأطأوا رؤوسهم، فقال: ما لي أراكم عنها معرضين؟ والله! لأرمين بها بين أكتافكم. وفي الباب عن ابن عباس ومجمع بن جارية. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وبه يقول الشافعي. وروى بعض أهل العلم منهم مالك بن أنس. قالوا: له أن يمنع جاره أن يضع خشبه في جداره. والقول الأول أصح.
19 - باب ما جاء أن اليمين على ما يصدقه صاحبه.
1365 - حدثنا قتيبة وأحمد بن منيع (المعنى واحد) قالا: حدثنا هشيم عن عبد الله بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اليمين على ما يصدقك به صاحبك".
هذا حديث حسن غريب. لا نعرفه إلا من حديث هشيم عن عبد الله بن أبي صالح. وعبد الله هو أخو سهيل بن أبي صالح. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وبه يقول أحمد وإسحاق. وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا كان المستحلف ظالما، فالنية نية الحالف. وإذا كان المستحلف مظلوما، فالنية نية الذي استحلف.
20 - باب ما جاء في الطريق إذا اختلف فيه، كم يجعل؟
1366 - حدثنا أبو كريب. حدثنا وكيع عن المثنى بن سعيد الضبعي، عن قتادة عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اجعلوا الطريق سبعة أذرع".
1367 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا يحيى بن سعيد. حدثنا المثنى بن سعيد عن قتادة، عن بشير بن كعب العدوي، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا تشاجرتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع".
وهذا أصح من حديث وكيع. وفي الباب عن ابن عباس. حديث بشير بن كعب العدوي عن أبي هريرة، حديث حسن صحيح. وروى بعضهم هذا عن قتادة، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة. وهو غير محفوظ.
21 - باب ما جاء في تخيير الغلام بين أبويه إذا افترقا.
1368 - حدثنا نصر بن علي. حدثنا سفيان عن زياد بن سعد، عن هلال بن أبي ميمونة الثعلبي، عن أبي ميمونة، عن أبي هريرة،
- أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وجد عبد الحميد بن جعفر. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. وأبو ميمونة اسمه سليم والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. قالوا: يخير الغلام بين أبويه إذا وقعت بينهما المنازعة في الولد. وهو قول أحمد وإسحاق. وقالا: ما كان الولد صغيرا فالأم أحق. فإذا بلغ الغلام سبع سنين خير بين أبويه. هلال بن أبي ميمونة هو هلال بن علي بن أسامة. وهو مدني. وقد روى عنه يحيى بن أبي كثير، ومالك ابن أنس، وفليح بن سليمان.
22 - باب ما جاء أن الوالد يأخذ من مال ولده.
1369 - حدثنا أحمد بن منيع. حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة. حدثنا الأعمش عن عمارة بن عمير، عن عمته، عن عائشة، قالت:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم. وإن أولادكم من كسبكم".
وفي الباب عن جابر وعبد الله بن عمرو. هذا حديث حسن. وقد روى بعضهم هذا عن عمارة بن عمير، عن أمه، عن عائشة وأكثرهم قالوا عن عمته عن عائشة والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. قالوا: إن يد الوالد مبسوطة في مال ولده يأخذ ما شاء.
وقال بعضهم: لا يأخذ من ماله إلا عند الحاجة إليه.
23 - باب ما جاء فيمن يكسر له الشيء، ما يحكم له من مال الكاسر.
1370 - حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا أبو داود الحفري عن سفيان، عن حميد، عن أنس قال:
- أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم طعاما في قصعة. فضربت عائشة القصعة بيدها. فألقت ما فيها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم "طعام بطعام، وإناء بإناء".
هذا حديث حسن صحيح.
1371 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا سويد بن عبد العزيز عن حميد، عن أنس؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار قصعة فضاعت فضمنها لهم.
وهذا حديث غير محفوظ. وإنما أراد - عندي سويد - الحديث الذي رواه الثوري. وحديث الثوري أصح.
24 - باب ما جاء في حد بلوغ الرجل والمرأة.
1372 - حدثنا محمد بن وزير الواسطي. حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال:
- عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش وأنا ابن أربع عشرة فلم يقبلني. فعرضت عليه من قابل في جيش وأنا ابن خمس عشرة فقبلني. قال نافع: وحدثت بهذا الحديث عمر ابن عبد العزيز فقال: هذا حد ما بين الصغير والكبير. ثم كتب أن يفرض لمن يبلغ الخمس عشرة.
حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. ولم يذكر فيه (أن عمر بن عبد العزيز كتب أن هذا حد ما بين الصغير والكبير) . وذكر ابن عيينة في حديثه. قال حدثت به عمر بن عبد العزيز. فقال: هذا حد ما بين الذرية والمقاتلة. هذا حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق. يرون أن الغلام إذا استكمل خمس عشرة سنة، فحكمه حكم الرجال. وإن احتلم قبل خمس عشرة فحكمه حكم الرجال. وقال أحمد وإسحاق، البلوغ ثلاثة منازل: بلوغ خمس عشرة، أو الاحتلام، فإن لم يعرف سنه ولا احتلامه فالإنبات (يعني العانة) .
25 - باب ما جاء فيمن تزوج امرأة أبيه.
1373 - حدثنا أبو سعيد الأشج. حدثنا حفص بن غياث عن أشعث، عن عدي بن ثابت، عن البراء قال:
- مر بي خالي أبو بردة بن نيار ومعه لواء فقلت: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه، أن آتيه برأسه. وفي الباب عن قرة. حديث البراء حديث حسن غريب، وقد روى محمد بن إسحاق هذا الحديث عن عدي بن ثابت، عن عبد الله بن يزيد عن البراء. وقد روي هذا الحديث عن أشعث، عن عدي، عن البراء عن أبيه. وروى عن أشعث، عن عدي، عن يزيد بن البراء، عن خاله، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
26 - باب ما جاء في الرجلين يكون أحدهما أسفل من الآخر في الماء.
1374 - حدثنا قتيبة. حدثنا الليث عن ابن شهاب، عن عروة، أنه حدثه؛ أن عبد الله بن الزبير حدثه؛
- أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة التي يسقون بها النخل. فقال الأنصاري. سرح الماء يمر. فأبى عليه. فاختصموا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير: " اسق يا زبير! ثم أرسل الماء إلى جارك" فغضب الأنصاري: فقال أن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال "يا زبير! اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر" فقال الزبير: والله!إني لأحسب نزلت هذه الآية في ذلك. { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} الآية. هذا حديث حسن.
وروى شعيب بن أبي حمزة عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن الزبير، ولم يذكر فيه (عن عبد الله بن الزبير) . ورواه عبد الله بن وهب عن الليث. ويونس عن الزهري، عن عروة، عن عبد الله بن الزبير. نحو الحديث الأول.
27 - باب ما جاء فيمن يعتق مماليكه عند موته، وليس له مال غيرهم.
1375 - حدثنا قتيبة. حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين؛ أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد له عند موته ولم يكن له مال غيرهم. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له قولا شديدا. قال ثم دعاهم فجزأهم ثم أقرع بينهم. فأعتق اثنين وأرق أربعة.
وفي الباب عن أبي هريرة. حديث عمران بن حصين حديث حسن صحيح. وقد روي من غير وجه عن عمران بن حصين. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وهو قول مالك بن أنس والشافعي وأحمد وإسحاق يرون القرعة في هذا وفي غيره. وأما بعض أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم فلم يروا القرعة. وقالوا: يعتق من كل عبد الثلث. ويستسعى في ثلثي قيمته. وأبو المهلب اسمه عبد الرحمن بن عمرو ويقال معاوية بن عمرو.
28 - باب ما جاء فيمن ملك ذا محرم.
1376 - حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من ملك ذا رحم محرم فهو حر".
هذا حديث لا نعرفه مسندا، إلا من حديث حماد بن سلمة. وقد روى بعضهم هذا الحديث عن قتادة، عن الحسن، عن عمر، شيئا من هذا.
1377 - حدثنا عقبة بن مكرم العمي البصري وغير واحد، قالوا حدثنا محمد بن بكر البرساني. عن حماد بن سلمة، عن قتادة. وعاصم الأحول عن الحسن، عن سمرة،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من ملك ذا رحم محرم فهو حر".
ولا نعلم أحدا ذكر في هذا الحديث عاصما الأحول عن حماد بن سلمة، غير محمد بن بكر. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وقد روي عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- " من ملك ذا رحم محرم فهو حر".
رواه ضمرة بن ربيعة عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا يتابع ضمرة على هذا الحديث. وهو حديث خطأ عند أهل الحديث.
29 - باب ما جاء من زرع في أرض قوم بغير إذنهم.
1378 - حدثنا قتيبة. حدثنا شريك بن عبد الله النخعي، عن أبي إسحاق، عن عطاء، عن رافع بن خديج:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء، وله نفقته".
هذا حديث حسن غريب. لا نعرفه من حديث أبي إسحاق، إلا من هذا الوجه من حديث شريك بن عبد الله. والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق. وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن. وقال: لا أعرف من حديث أبي إسحاق إلا من رواية شريك. قال محمد: حدثنا معقل بن مالك البصري. حدثنا عقبة بن الأصم، عن عطاء، عن رافع بن خديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه.
30 - باب ما جاء في النحل والتسوية بين الولد.
1379 - حدثنا نصر بن علي وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي (المعنى الواحد) قالا: حدثنا سفيان عن الزهري، عن عبد الرحمن وعن محمد بن النعمان بن بشير، يحدثان عن النعمان بن بشير،
- أن أباه نحل ابنا له غلاما. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يشهده فقال: "أكل ولدك قد نحلته مثل ما نحلت هذا؟ " قال: لا. قال "فاردده".
هذا حديث حسن صحيح. وقد روي من غير وجه عن النعمان بن بشير، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، يستحبون التسوية بين الولد، حتى قال بعضهم: يسوى بين ولده حتى في القبلة. وقال بعضهم: يسوي بين ولده في النحل والعطية (الذكر والأنثى سواء) وهو قول سفيان الثوري. وقال بعضهم: التسوية بين الولد، أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين، مثل قسمة الميراث، وهو قول أحمد وإسحاق.
31 - باب ما جاء في الشفعة.
1380 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا إسماعيل بن علية، عن سعيد عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "جار الدار أحق بالدار".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن الشريد وأبي رافع وأنس حديث سمرة حسن صحيح. وقد روى عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله. وروي عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة عنالنبي صلى الله عليه وسلم. والصحيح عند أهل العلم، حديث الحسن، عن سمرة. ولا نعرف حديث قتادة عن أنس، إلا من حديث عيسى بن يونس. وحديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن عمرو بن الشريد، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في هذا الباب هو حديث حسن. وروى إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد، عن أبي رافع، عن النبي صلى الله عليه وسلم: سمعت محمدا يقول: كلا الحديثين عندي صحيح.
32 - باب ما جاء في الشفعة للغائب.
1381 - حدثنا قتيبة. حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الجار أحق بشفعته. ينتظر به وإن كان غائبا، إذا كان طريقهما واحدا".
هذا حديث غريب. ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر.
وعبد الملك وهو ثقة مأمون عند أهل الحديث. لا نعلم أحدا تكلم فيه غير شعبة، من أجل هذا الحديث. وقد روى وكيع عن شعبة عن عبد الملك بن أبي سليمان هذا الحديث. وروي عن ابن المبارك. عن سفيان الثوري، قال: عبد الملك بن أبي سليمان ميزان. يعني في العلم. والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم، أن الرجل أحق بشفعته وإن كان غائبا. فإذا قدم فله الشفعة. وإن تطاول ذلك.
33 - باب ما جاء إذا حدت الحدود ووقعت السهام فلا شفعة.
1382 - حدثنا عبد بن حميد. حدثنا معمر عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة".
هذا حديث حسن صحيح. وقد رواه بعضهم مرسلا، عن أبي سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
منهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان. وبه يقول بعض فقهاء التابعين. مثل عمر بن عبد العزيز وغيره. وهو قول أهل المدينة. منهم يحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة بن أبي عبد الرحمن ومالك بن أنس. وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق. لا يرون الشفعة إلا للخليط. ولا يرون للجار شفعة إذا لم يكن خليطا.
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: الشفعة للجار. واحتجوا بالحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "جار الدار أحق بالدار". وقال "الجار أحق بسقبه". وهو قول الثوري وابن المبارك وأهل الكوفة.
34 - باب.
1383 - حدثنا يوسف بن عيسى. حدثنا الفضل بن موسى. عن أبي حمزة السكري، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن مليكة، عن ابن عباس قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء".
هذا حديث لا نعرفه مثل هذا، إلا من حديث أبي حمزة السكري. وقد روى غير واحد هذا الحديث عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلا وهذا أصح.
1384 - حدثنا هناد. حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه بمعناه. وليس فيه (عن ابن عباس) وهكذا روى غير واحد عن عبد العزيز بن رفيع، مثل هذا. ليس فيه (عن ابن عباس) وهذا أصح من حديث أبي حمزة، وأبو حمزة ثقة. يمكن أن يكون الخطأ من غير أبي حمزة.
1385 - حدثنا هناد. حدثنا أبو الأحوص، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحو حديث أبي بكر بن عياش. وقال أكثر أهل العلم: إنما تكون الشفعة في الدور والأرضين. ولم يروا الشفعة في كل شيء. وقال بعض أهل العلم: الشفعة في كل شيء. والقول الأول أصح.
35 - باب ما جاء في اللقطة وضالة الإبل والغنم.
1386 - حدثنا الحسن بن علي الخلال. حدثنا يزيد بن هارون وعبد الله بن نمير، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن غفلة، قال:
- خرجت مع زيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة. فوجدت سوطا (قال ابن نمير في حديثه: فالتقطت سوطا فأخذته) . قالا: دعه. فقلت: لا أدعه تأكله السباع، لآخذنه فلأستمتعن به. فقدمت على أبي بن كعب، فسألته عن ذلك، وحدثته الحديث. فقال: أحسنت. وجدت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صرة فيها مائة دينار، قال، فأتيته بها. فقال لي " عرفها حولا" فعرفتها حولا فما أجد من يعرفها، ثم أتيته بها. فقال "عرفها حولا آخر" فعرفتها حولا ثم أتيته. فقال "عرفها حولا آخر" وقال "أحص عدتها ووعاءها ووكاءها، فإن جاء طالبها فأخبرك بعدتها ووعائها ووكائها فادفعها إليه، وإلا فاستمتع بها".
هذا حديث حسن صحيح.
1387 - حدثنا قتيبة. أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد الجهني؛
- أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة؟ فقال "عرفها سنة؛ ثم اعرف؟؟ وكاءها ووعاءها وعفاصها. ثم استنفق بها. فإن جاء ربها فأدها إليه" فقال: يا رسول الله! فضالة الغنم؟ فقال "خذها. فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب" فقال: يا رسول الله! فضالة الإبل؟ قال، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه، أو احمر وجهه. فقال "ما لك ولها؟ معها حذاؤها وسقاؤها حتى تلقى ربها".
وفي الباب عن أبي بن كعب وعبد الله بن عمر والجارود بن المعلى وعياض بن حمار وجرير بن عبد الله. حديث زيد بن خالد حديث حسن صحيح. وقد روي عنه من غير وجه.
وحديث يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد، حديث حسن صحيح. وقد روي عنه من غير وجه. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، رخصوا في اللقطة إذا عرفها سنة فلم يجد من يعرفها، أن ينتفع بها، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: يعرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا تصدق بها. وهو قول سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك، وهو قول أهل الكوفة، لم يروا لصاحب اللقطة أن ينتفع بها إذا كان غنيا. وقال الشافعي: ينتفع بها؛ وإن كان غنيا، لأن أبي بن كعب أصاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صرة فيها مائة دينار، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرفها ثم ينتفع بها، وكان أبي كثير المال، من مياسير أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرفها، فلم يجد من يعرفها، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكلها، فلو كانت اللقطة لم تحل إلا لمن تحل له الصدقة، لم تحل لعلي بن أبي ؟؟طالب، لأن علي بن أبي طالب أصاب دينارا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفه فلم يجد من يعرفه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأكله، وكان علي لا تحل له الصدقة.
وقد رخص بعض أهل العلم، إذا كانت اللقطة يسيرة، أن ينتفع بها ولا يعرفها. وقال بعضهم: إذا كان دون دينار يعرفها قدر جمعة، وهو قول إسحاق بن إبراهيم.
1388 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا الضحاك بن عثمان. حدثني سالم أبو النضر عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد الجهني؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن اللقطة فقال "عرفها سنة. فإن اعترفت، فأدها. وإلا فاعرف وعاءها ووكاءها وعددها، ثم كلها فإن جاء صاحبها فأدها".
هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وقال أحمد بن حنبل: أصح شيء في هذا الباب هذا الحديث. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم رخصوا في اللقطة إذا عرفها سنة فلم يجد من يعرفها؛ أن ينتفع بها. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
36 - باب ما جاء في الوقف.
1389 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر، قال: أصاب عمر أرضا بخيبر فقال:
- يا رسول الله! أصبت مالا بخيبر، لم أصب مالا قط أنفس عندي منه. فما تأمرني؟ قال "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها". فتصدق بها عمر، أنها لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث. تصدق بها في الفقراء والقربى وفي الرقاب وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقا، غير متمول فيه. قال: فذكرته لمحمد بن سيرين فقال(غير متأثل مالا) .
قال: ابن عوف: فحدثني به رجل آخر أنه قرأها في قطعة أديم أحمر (غير متأثل مالا) هذا حديث حسن صحيح.
قال إسماعيل: وأنا قرأتها عند ابن عبيد الله بن عمر، فكان فيه (غير متأثل مالا) . والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. لا نعلم بين المتقدمين منهم في ذلك، اختلافا في إجازة وقف الأرضين وغير ذلك.
1390 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية. وعلم ينتفع به. وولد صالح يدعو له)
هذا حديث حسن صحيح.
37 - باب ما جاء في العجماء أن جرحها جبار.
1391 - حدثنا أحمد بن منيع. حدثنا سفيان عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (العجماء جرحها جبار: والبئر جبار. والمعدن جبار. وفي الركاز الخمس) .
قال: وفي الباب عن جابر، وعمرو بن عوف المزني، وعبادة بن الصامت. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
1392 - حدثنا قتيبة. حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه.
1393 - حدثنا الأنصاري حدثنا معن قال: قال مالك بن أنس: وتفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم (العجماء جرحها جبار) يقول: هدر لا دية فيه. ومعنى قوله (العجماء جرحها جبار) فسر ذلك بعض أهل العلم قالوا: العجماء الدابة المنفلتة من صاحبها. فما أصابت في انفلاتها فلا غرم على صاحبها. (والمعدن جبار) يقول: إذا احتفر الرجل معدنا فوقع فيها إنسان فلا غرم عليه. وكذلك البئر إذا احتفرها الرجل للسبيل، فوقع فيها إنسان فلا غرم على صاحبها. (وفي الركاز الخمس) فالركاز: ما وجد من دفن أهل الجاهلية. فمن وجد ركازا أدى منه الخمس إلى السلطان. وما بقي فهو له.
38 - باب ما ذكر في إحياء أرض الموات.
1394 - حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب. حدثنا أيوب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن سعد بن زيد،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من أحيى أرضا ميتة فهي له. وليس لعرق ظالم حق".
هذا حديث حسن غريب.
1395 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من أحيى أرضا ميتة فهي له".
هذا حديث حسن صحيح.
وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلا. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم وهو قول أحمد وإسحاق. قالوا: له أن يحيي الأرض الموات بغير إذن السلطان. وقال بعضهم ليس له أن يحييها إلا بإذن السلطان والقول الأول أصح.
وفي الباب عن جابر وعمرو بن عوف المزني جد كثير وسمرة.
1396 - حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال:
- سألت أبا الوليد الطياليسي عن قوله (وليس لعرق ظالم حق) فقال: العرق الظالم: الغاصب الذي يأخذ ما ليس له. قلت: هو الرجل الذي يغرس في أرض غيره؟ قال: هو ذاك.
39 - باب ما جاء في القطائع.
1397 - قال: قلت لقتيبة بن سعيد: حدثكم محمد بن يحيى بن قيس المأربي، قال أخبرني أبي عن ثمامة بن شراحيل، عن سمي بن قيس، عن شمير، عن أبيض بن حمال؛
- أنه وفدإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستقطعه الملح، فقطع له. فلما أن ولى قال رجل من المجلس: أتدري ما قطعت له؟ إنما قطعت له الماء العد. قال: فانتزعه منه. قال، وسأله عما يحمي من الأراك؟ قال: ما لم تنله خفاف الإبل: فأقر به قتيبة، وقال: نعم.
1398 - حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمرو. حدثنا محمد بن يحيى بن قيس المأربي، نحوه.
وفي الباب عن وائل وأسماء ابنة أبي بكر. حديث أبيض بن حمال حديث غريب. والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، في القطائع. يرون جائزا أن يقطع الإمام لمن رأى ذلك.
1399 - حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة عن سماك قال: سمعت علقمة بن وائل يحدث عن أبيه:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضا بحضرموت. قال محمود: وحدثنا النضر عن شعبة، وزاد فيه (وبعث معه معاوية ليقطعها إياه) .
هذا حديث حسن صحيح.
40 - باب ما جاء في فضل الغرس.
1400 - حدثنا قتيبة. حدثنا أبو عوانة عن قتادة، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه إنسان، أو طير، أو بهيمة إلا كانت له صدقة".
وفي الباب عن أبي أيوب وأم مبشر وجابر وزيد وخالد.
حديث أنس حديث حسن صحيح.
41 - باب ما ذكر في المزارعة.
1401 - حدثنا إسحاق بن منصور. حدثنا يحيى بن سعيد. عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع. وفي الباب عن أنس وابن عباس وزيد بن ثابت وجابر. هذا حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. لم يروا بالمزارعة بأسا على النصف والثلث والربع. واختار بعضهم أن يكون البذر من رب الأرض. وهو قول أحمد وإسحاق. وكره بعض أهل العلم المزارعة بالثلث والربع. ولم يروا بمساقاة النخيل بالثلث والربع بأسا. وهو قول مالك بن أنس والشافعي. ولم ير بعضهم أن يصح شيء من المزارعة، إلا أن يستأجر الأرض بالذهب والفضة.
42 - باب.
1402 - حدثنا هناد. حدثنا أبو بكر بن عياش. عن أبي حصين، عن مجاهد، عن رافع بن خديج، قال:
- نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعا. إذا كانت لأحدنا أرض أن يعطيها ببعض خراجها أو بدراهم. وقال "إذا كانت لأحدكم أرض فليمنحها أخاه أو ليزرعها".
1403 - حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا الفضل بن موسى الشيباني. حدثنا شريك عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس؛ - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم المزارعة. ولكن أمر أن يرفق بعضهم ببعض.
هذا حديث حسن صحيح. وفي الباب عن زيد بن ثابت. حديث رافع فيه اضطراب. يروى هذا الحديث عن رافع بن خديج، عن عمومته. ويروى عنه عن ظهير بن رافع، وهو أحد عمومته. وقد روي هذا الحديث عنه على روايات مختلفة.
1 - باب ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القاضي.
بسم الله الرحمن الرحيم.
1337 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى. حدثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت عبد الملك يحدث عن عبد الله بن موهب؛ أن عثمان قال لابن عمر: اذهب فاقض بين الناس. قال: أوتعافيني يا أمير المؤمنين! قال: فما تكره من ذلك وقد كان أبوك يقضي؟ قال:
- إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من كان قاضيا فقضى بالعدل، فبالحري أن ينقلب منه كفافا". فما أرجو بعد ذلك؟
وفي الحديث قصة. وفي الباب عن أبي هريرة حديث ابن عمر حديث غريب. وليس إسناده عندي بمتصل وعبد الملك روى عنه المعتمر هذا، هو عبد الملك بن أبي جميلة.
1338 - حدثنا هناد. حدثنا وكيع عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن بلال بن أبي موسى، عن أنس بن مالك، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سأل القضاء، وكل إلى نفسه، ومن أجبر عليه، ينزل عليه ملك فيسدده".
1339 - حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن. حدثنا يحيى بن حماد عن أبي عوانة، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن بلال بن مرداس الفزاري عن خيثمة وهو البصري عن أنس،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتغى القضاء، وسأل فيه شفعاء، وكل إلى نفسه. ومن أكره عليه، أنزل الله عليه ملكا يسدده".
هذا حديث حسن غريب، وهو أصح من حديث إسرائيل عن عبد الأعلى.
1340 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي. حدثنا الفضيل بن سليمان عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ولى القضاء، أو جعل قاضيا بين الناس، فقد ذبح بغير سكين".
هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقد روي أيضا من غير هذا الوجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2 - باب ما جاء في القاضي يصيب ويخطئ.
1341 - حدثنا حسين بن مهدي، حدثنا عبد الرزاق. حدثنا معمر، عن سفيان الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب، فله أجران. وإذا حكم فأخطأ فله أجر واحد".
وفي الباب عن عمرو بن العاص وعقبة بن عامر. حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه. لا نعرفه من حديث سفيان الثوري، عن يحيى بن سعيد، إلا من حديث عبد الرزاق عن معمر، عن سفيان الثوري.
3 - باب ما جاء في القاضي كيف يقضي.
1342 - حدثنا هناد. حدثنا وكيع عن شعبة، عن أبي عون عن الحارث بن عمرو، عن رجال من أصحاب معاذ عن معاذ؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال "كيف تقضي" ؟ فقال: أقضي بما في كتاب الله. قال "فإن لم يكن في كتاب الله" ؟ قال "فبسنة رسول الله. قال "فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ " قال: أجتهد رأيي. قال "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله".
1343 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا محمد بن جعفر وعبد الرحمن بن مهدي قالا: حدثنا شعبة عن أبي عون عن الحارث بن عمرو، ابن أخ للمغيرة بن شعبة، عن أناس من أهل حمص، عن معاذ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده عندي بمتصل. وأبو عون الثقفي، اسمه محمد بن عبيد الله.
4 - باب ما جاء في الإمام العادل.
1344 - حدثنا علي بن المنذر الكوفي. حدثنا محمد بن فضيل عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة، وأدناهم منه مجلسا، إمام عادل. وأبغض الناس إلى الله، وأبعدهم منه مجلسا إمام جائر".
وفي الباب عن ابن أبي أوفى. حديث أبي سعيد حديث حسن، غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
1345 - حدثنا عبد القدوس بن محمد أبو بكر العطار. حدثنا عمرو بن عاصم. حدثنا عمران القطان عن أبي إسحاق الشيباني عن ابن أبي أوفى، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الله مع القاضي ما لم يجر. فإذا جار تخلى عنه ولزمه الشيطان".
هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمران القطان.
5 - باب ما جاء في القاضي لا يقضي بين الخصمين حتى يسمع كلامهما.
1346 - حدثنا هناد. حدثنا حسين الجعفي عن زائدة، عن سماك بن حرب، عن حنش، عن علي، قال:
- قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا تقاضى إليك رجلان، فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر. فسوف تدري كيف تقضي" قال علي: فما زلت قاضيا بعد. هذا حديث حسن.
6 - باب ما جاء في إمام الرعية.
1347 - حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال حدثني علي بن الحكم، حدثني أبو الحسن قال: قال عمرو بن مرة لمعاوية:
- إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة، إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته". فجعل معاوية رجلا على حوائج الناس.
وفي الباب عن ابن عمر. حديث عمرو بن مرة حديث غريب وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه. وعمرو بن مرة الجهني، يكنى أبا مريم.
1348 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا يحيى بن حمزة عن يزيد أبي مريم، عن القاسم بن مخيمرة، عن أبي مريم صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ؛ نحو هذا الحديث بمعناه.
7 - باب ما جاء لا يقضي القاضي وهو غضبان.
1349 - حدثنا قتيبة. حدثنا أبو عوانة؛ عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة. قال:
- كتب أبي إلى عبيد الله بن أبي بكرة وهو قاض، أن لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان. فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا يحكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان".
هذا حديث حسن صحيح، وأبو بكرة، اسمه نفيع.
8 - باب ما جاء في هدايا الأمراء.
1359 - حدثنا أبو كريب. حدثنا أبو أسامة عن داود بن يزيد الأودي، عن المغيرة بن شبيل، عن قيس بن أبي حازم، عن معاذ بن جبل قال:
- بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن. فلما سرت، أرسل في أثري. فرددت فقال "أتدري لم بعثت إليك؟ قال: لا تصيبن شيئا بغير إذني فإنه غلول. ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة. لهذا دعوتك، فامض لعملك".
وفي الباب عن عدي بن عميرة وبريدة والمستورد بن شداد وأبي حميد وابن عمر حديث معاذ، حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي أسامة عن داود الأودي.
9 - باب ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم.
1351 - حدثنا قتيبة. حدثنا أبو عوانة، عن عمرو بن أبي سلمة عن أبيه، عن أبي هريرة قال:
- لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وعائشة، وابن حديدة وأم سلمة. حديث أبي هريرة حديث حسن وقد روي هذا الحديث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله ابن عمرو.
وروى عن أبي سلمة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح. وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول: حديث أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أحسن شيء في هذا الباب وأصح.
1352 - حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى. حدثنا أبو عامر العقدي. حدثنا ابن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. هذا حديث حسن صحيح.
10 - باب ما جاء في قبول الهدية وإجابة الدعوة.
1353 - حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيغ. حدثنا بشر بن المفضل. حدثنا سعيد عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو أهدي إلي كراع لقبلت. ولو دعيت عليه لأجبت".
وفي الباب عن علي وعائشة والمغيرة بن شعبة وسلمان ومعاوية بن حيدة وعبد الرحمن بن علقمة. حديث أنس حديث حسن صحيح.
11 - باب ما جاء في التشديد على من يقضى له بشيء ليس له أن يأخذه.
1354 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني. حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة، قالت:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنكم تختصمون إلي، وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فإن قضيت لأحد منكم بشيء من حق أخيه، فإنما أقطع له من النار، فلا يأخذ منه شيئا".
وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة حديث أم سلمة، حديث حسن صحيح.
12 - باب ما جاء في أن البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه.
1355 - حدثنا قتيبة. حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل عن أبيه، قال:
- جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال الحضرمي يا رسول الله! إن هذا غلبني على أرض لي. فقال الكندي: هي أرضي وفي يدي ليس له فيها حق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم للحضرمي " ألك بينة؟ " قال: لا قال "فلك يمينه؟ " قال: يا رسول الله! إن الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه، وليس يتورع من شيء. قال "ليس لك منه إلا ذلك".
قال، فانطلق الرجل ليحلف له. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أدبر:
- "لئن حلف على مالك ليأكله ظلما، ليلقين الله وهو عنه معرض".
وفي الباب عن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو والأشعث بن قيس. حديث وائل بن حجر. حديث حسن صحيح.
1356 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا علي بن مسهر وغيره عن محمد بن عبيد الله، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته " البينة على المدعي. واليمين على المدعى عليه".
هذا حديث في إسناده مقال ومحمد بن عبيد الله العرزمي يضعف في الحديث من قبل حفظه. ضعفه ابن المبارك وغيره.
1357 - حدثنا محمد بن سهل بن عسكر البغدادي. حدثنا محمد بن يوسف. حدثنا نافع بن عمر الجمحي عن عبد الله بن أبي مليكة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى اليمين على المدعى عليه هذا حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم؛ أن البينة على المدعي؛ واليمين على المدعى عليه.
13 - باب ما جاء في اليمين مع الشاهد.
1358 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا عبد العزيز بن محمد قال: حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة،
- قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد الواحد قال ربيعة: وأخبرني ابن لسعد بن عبادة قال: وجدنا في كتاب سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد. وفي الباب عن علي وجابر وابن عباس وسرق حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد، حديث حسن غريب.
1359 - حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن أبان قالا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن جابر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد.
1360 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا إسماعيل بن جعفر. حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد الواحد قال: وقضى بها علي فيكم. وهذا أصح. وهكذا روى سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلا. وروى عبد العزيز بن أبي سلمة ويحيى بن سليم هذا الحديث عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم رأوا أن اليمين مع الشاهد الواحد جائزة في الحقوق والأموال. وهو قول مالك بن أنس والشافعي وأحمد وإسحاق. وقالوا: لا يقضى باليمين مع الشاهد الواحد إلا في الحقوق والأموال ولم ير بعض أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم أن يقضى باليمين مع الشاهد الواحد.
14 - باب ما جاء في العبد يكون بين الرجلين فيعتق أحدهما نصيبه.
1361 - حدثنا أحمد بن منيع. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق نصيبا، أو قال شقيصا، أو قال شركا له في عبد، فكان له من المال ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل، فهو عتيق. وإلا فقد عتق منه ما عتق".
قال أيوب: وربما قال نافع في هذا الحديث، يعني فقد عتق منه ما عتق. حديث ابن عمر حديث حسن صحيح. وقد رواه سالم عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1357 - حدثنا بذلك الحسن بن علي الخلال. حدثنا عبد الرزاق. حدثنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق نصيبا له في عبد، فكان له من المال ما يبلغ ثمنه، فهو عتيق من ماله".
هذا حديث حسن صحيح.
1358 - حدثنا علي بن خشرم. حدثنا عيسى بن يونس، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أعتق نصيبا، أو قال شقيصا في مملوك، فخلاصه في ماله إن كان له مال. وإن لم يكن له مال، قوم قيمة عدل ثم يستسعى في نصيب الذي لم يعتق، غير مشقوق عليه".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو.
1159 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن أبي عروبة، نحوه.
وقال: شقيصا. هذا حديث حسن صحيح. وهكذا روى أبان بن يزيد عن قتادة مثل رواية سعيد بن أبي عروبة، وروى شعبة هذا الحديث عن قتادة ولم يذكر فيه أمر السعاية. واختلف أهل العلم في السعاية فرأى بعض أهل العلم السعاية في هذا. وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة. وبه يقول إسحاق. وقد قال بعض أهل العلم: إذا كان العبد بين الرجلين، فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان له مال، غرم نصيب صاحبه وعتق العبد من ماله. وإن لم يكن له مال، عتق من العبد ما عتق، ولا يستسعى. وقالوا بما روى عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا قول أهل المدينة. وبه يقول مالك بن أنس والشافعي وأحمد وإسحاق.
15 - باب ما جاء في العمرى.
1360 - حدثنا محمد بن المثنى. حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة؛
- أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال "العمرى جائزة لأهلها، أو ميراث لأهلها".
وفي الباب عن زيد بن ثابت وجابر، وأبي هريرة وعائشة وابن الزبير ومعاوية.
1361 - حدثنا الأنصاري. حدثنا معن. حدثنا مالك عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه، فإنها للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها. لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث".
هذا حديث حسن صحيح. وهكذا روى معمر وغير واحد عن الزهري، مثل رواية مالك. وروى بعضهم عن الزهري، ولم يذكر فيه (ولعقبه) .
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. قالوا: إذا قال: هي لك، حياتك ولعقبك، فإنها لمن أعمرها، لا ترجع إلى الأول. وإذا لم يقل (لعقبك) فهي راجعة إلى الأول إذا مات المعمر. وهو قول مالك بن أنس والشافعي. وروي من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "العمرى جائزة لأهلها" والعمل على هذا عند بعض أهل العلم قالوا: إذا مات المعمر فهو لورثته. وإن لم يجعل لعقبه. وهو قول سفيان الثوري وأحمد وإسحاق.
16 - باب ما جاء في الرقبى.
1362 - حدثنا أحمد بن منيع. حدثنا هشيم عن داود بن أبي هند، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " العمرى جائزة لأهلها. والرقبى جائزة لأهلها".
هذا حديث حسن. وقد رواه بعضهم عن أبي الزبير عن جابر موقوفا. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم؛ أن الرقبى جائزة مثل العمرى وهو قول أحمد وإسحاق. وفرق بعض أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم بين العمرى والرقبى. فأجازوا العمرى ولم يجيزوا الرقبى وتفسير الرقبى أن يقول: هذا الشيء لك ما عشت. فإن مت قبلي فهي راجعة إلي. وقال أحمد وإسحاق: الرقبى مثل العمرى. وهي لمن أعطيها. ولا ترجع إلى الأول.
17 - باب ما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلح بين الناس.
1363 - حدثنا الحسن بن علي الخلال. حدثنا أبو عامر العقدي. حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه، عن جده؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الصلح جائز بين المسلمين. إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما. والمسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما".
هذا حديث حسن صحيح.
18 - باب ما جاء في الرجل يضع على حائط جاره خشبا.
1364 - حدثنا سعيد بن عبد الرحمن، حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: سمعته يقول:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا استأذن أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره، فلا يمنعه".
فلما حدث أبو هريرة، طأطأوا رؤوسهم، فقال: ما لي أراكم عنها معرضين؟ والله! لأرمين بها بين أكتافكم. وفي الباب عن ابن عباس ومجمع بن جارية. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وبه يقول الشافعي. وروى بعض أهل العلم منهم مالك بن أنس. قالوا: له أن يمنع جاره أن يضع خشبه في جداره. والقول الأول أصح.
19 - باب ما جاء أن اليمين على ما يصدقه صاحبه.
1365 - حدثنا قتيبة وأحمد بن منيع (المعنى واحد) قالا: حدثنا هشيم عن عبد الله بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اليمين على ما يصدقك به صاحبك".
هذا حديث حسن غريب. لا نعرفه إلا من حديث هشيم عن عبد الله بن أبي صالح. وعبد الله هو أخو سهيل بن أبي صالح. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وبه يقول أحمد وإسحاق. وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا كان المستحلف ظالما، فالنية نية الحالف. وإذا كان المستحلف مظلوما، فالنية نية الذي استحلف.
20 - باب ما جاء في الطريق إذا اختلف فيه، كم يجعل؟
1366 - حدثنا أبو كريب. حدثنا وكيع عن المثنى بن سعيد الضبعي، عن قتادة عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اجعلوا الطريق سبعة أذرع".
1367 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا يحيى بن سعيد. حدثنا المثنى بن سعيد عن قتادة، عن بشير بن كعب العدوي، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا تشاجرتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع".
وهذا أصح من حديث وكيع. وفي الباب عن ابن عباس. حديث بشير بن كعب العدوي عن أبي هريرة، حديث حسن صحيح. وروى بعضهم هذا عن قتادة، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة. وهو غير محفوظ.
21 - باب ما جاء في تخيير الغلام بين أبويه إذا افترقا.
1368 - حدثنا نصر بن علي. حدثنا سفيان عن زياد بن سعد، عن هلال بن أبي ميمونة الثعلبي، عن أبي ميمونة، عن أبي هريرة،
- أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وجد عبد الحميد بن جعفر. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. وأبو ميمونة اسمه سليم والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. قالوا: يخير الغلام بين أبويه إذا وقعت بينهما المنازعة في الولد. وهو قول أحمد وإسحاق. وقالا: ما كان الولد صغيرا فالأم أحق. فإذا بلغ الغلام سبع سنين خير بين أبويه. هلال بن أبي ميمونة هو هلال بن علي بن أسامة. وهو مدني. وقد روى عنه يحيى بن أبي كثير، ومالك ابن أنس، وفليح بن سليمان.
22 - باب ما جاء أن الوالد يأخذ من مال ولده.
1369 - حدثنا أحمد بن منيع. حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة. حدثنا الأعمش عن عمارة بن عمير، عن عمته، عن عائشة، قالت:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم. وإن أولادكم من كسبكم".
وفي الباب عن جابر وعبد الله بن عمرو. هذا حديث حسن. وقد روى بعضهم هذا عن عمارة بن عمير، عن أمه، عن عائشة وأكثرهم قالوا عن عمته عن عائشة والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. قالوا: إن يد الوالد مبسوطة في مال ولده يأخذ ما شاء.
وقال بعضهم: لا يأخذ من ماله إلا عند الحاجة إليه.
23 - باب ما جاء فيمن يكسر له الشيء، ما يحكم له من مال الكاسر.
1370 - حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا أبو داود الحفري عن سفيان، عن حميد، عن أنس قال:
- أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم طعاما في قصعة. فضربت عائشة القصعة بيدها. فألقت ما فيها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم "طعام بطعام، وإناء بإناء".
هذا حديث حسن صحيح.
1371 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا سويد بن عبد العزيز عن حميد، عن أنس؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار قصعة فضاعت فضمنها لهم.
وهذا حديث غير محفوظ. وإنما أراد - عندي سويد - الحديث الذي رواه الثوري. وحديث الثوري أصح.
24 - باب ما جاء في حد بلوغ الرجل والمرأة.
1372 - حدثنا محمد بن وزير الواسطي. حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال:
- عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش وأنا ابن أربع عشرة فلم يقبلني. فعرضت عليه من قابل في جيش وأنا ابن خمس عشرة فقبلني. قال نافع: وحدثت بهذا الحديث عمر ابن عبد العزيز فقال: هذا حد ما بين الصغير والكبير. ثم كتب أن يفرض لمن يبلغ الخمس عشرة.
حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. ولم يذكر فيه (أن عمر بن عبد العزيز كتب أن هذا حد ما بين الصغير والكبير) . وذكر ابن عيينة في حديثه. قال حدثت به عمر بن عبد العزيز. فقال: هذا حد ما بين الذرية والمقاتلة. هذا حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق. يرون أن الغلام إذا استكمل خمس عشرة سنة، فحكمه حكم الرجال. وإن احتلم قبل خمس عشرة فحكمه حكم الرجال. وقال أحمد وإسحاق، البلوغ ثلاثة منازل: بلوغ خمس عشرة، أو الاحتلام، فإن لم يعرف سنه ولا احتلامه فالإنبات (يعني العانة) .
25 - باب ما جاء فيمن تزوج امرأة أبيه.
1373 - حدثنا أبو سعيد الأشج. حدثنا حفص بن غياث عن أشعث، عن عدي بن ثابت، عن البراء قال:
- مر بي خالي أبو بردة بن نيار ومعه لواء فقلت: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه، أن آتيه برأسه. وفي الباب عن قرة. حديث البراء حديث حسن غريب، وقد روى محمد بن إسحاق هذا الحديث عن عدي بن ثابت، عن عبد الله بن يزيد عن البراء. وقد روي هذا الحديث عن أشعث، عن عدي، عن البراء عن أبيه. وروى عن أشعث، عن عدي، عن يزيد بن البراء، عن خاله، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
26 - باب ما جاء في الرجلين يكون أحدهما أسفل من الآخر في الماء.
1374 - حدثنا قتيبة. حدثنا الليث عن ابن شهاب، عن عروة، أنه حدثه؛ أن عبد الله بن الزبير حدثه؛
- أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة التي يسقون بها النخل. فقال الأنصاري. سرح الماء يمر. فأبى عليه. فاختصموا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير: " اسق يا زبير! ثم أرسل الماء إلى جارك" فغضب الأنصاري: فقال أن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال "يا زبير! اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر" فقال الزبير: والله!إني لأحسب نزلت هذه الآية في ذلك. { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} الآية. هذا حديث حسن.
وروى شعيب بن أبي حمزة عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن الزبير، ولم يذكر فيه (عن عبد الله بن الزبير) . ورواه عبد الله بن وهب عن الليث. ويونس عن الزهري، عن عروة، عن عبد الله بن الزبير. نحو الحديث الأول.
27 - باب ما جاء فيمن يعتق مماليكه عند موته، وليس له مال غيرهم.
1375 - حدثنا قتيبة. حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين؛ أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد له عند موته ولم يكن له مال غيرهم. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له قولا شديدا. قال ثم دعاهم فجزأهم ثم أقرع بينهم. فأعتق اثنين وأرق أربعة.
وفي الباب عن أبي هريرة. حديث عمران بن حصين حديث حسن صحيح. وقد روي من غير وجه عن عمران بن حصين. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وهو قول مالك بن أنس والشافعي وأحمد وإسحاق يرون القرعة في هذا وفي غيره. وأما بعض أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم فلم يروا القرعة. وقالوا: يعتق من كل عبد الثلث. ويستسعى في ثلثي قيمته. وأبو المهلب اسمه عبد الرحمن بن عمرو ويقال معاوية بن عمرو.
28 - باب ما جاء فيمن ملك ذا محرم.
1376 - حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من ملك ذا رحم محرم فهو حر".
هذا حديث لا نعرفه مسندا، إلا من حديث حماد بن سلمة. وقد روى بعضهم هذا الحديث عن قتادة، عن الحسن، عن عمر، شيئا من هذا.
1377 - حدثنا عقبة بن مكرم العمي البصري وغير واحد، قالوا حدثنا محمد بن بكر البرساني. عن حماد بن سلمة، عن قتادة. وعاصم الأحول عن الحسن، عن سمرة،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من ملك ذا رحم محرم فهو حر".
ولا نعلم أحدا ذكر في هذا الحديث عاصما الأحول عن حماد بن سلمة، غير محمد بن بكر. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وقد روي عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- " من ملك ذا رحم محرم فهو حر".
رواه ضمرة بن ربيعة عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا يتابع ضمرة على هذا الحديث. وهو حديث خطأ عند أهل الحديث.
29 - باب ما جاء من زرع في أرض قوم بغير إذنهم.
1378 - حدثنا قتيبة. حدثنا شريك بن عبد الله النخعي، عن أبي إسحاق، عن عطاء، عن رافع بن خديج:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء، وله نفقته".
هذا حديث حسن غريب. لا نعرفه من حديث أبي إسحاق، إلا من هذا الوجه من حديث شريك بن عبد الله. والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق. وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن. وقال: لا أعرف من حديث أبي إسحاق إلا من رواية شريك. قال محمد: حدثنا معقل بن مالك البصري. حدثنا عقبة بن الأصم، عن عطاء، عن رافع بن خديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه.
30 - باب ما جاء في النحل والتسوية بين الولد.
1379 - حدثنا نصر بن علي وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي (المعنى الواحد) قالا: حدثنا سفيان عن الزهري، عن عبد الرحمن وعن محمد بن النعمان بن بشير، يحدثان عن النعمان بن بشير،
- أن أباه نحل ابنا له غلاما. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يشهده فقال: "أكل ولدك قد نحلته مثل ما نحلت هذا؟ " قال: لا. قال "فاردده".
هذا حديث حسن صحيح. وقد روي من غير وجه عن النعمان بن بشير، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، يستحبون التسوية بين الولد، حتى قال بعضهم: يسوى بين ولده حتى في القبلة. وقال بعضهم: يسوي بين ولده في النحل والعطية (الذكر والأنثى سواء) وهو قول سفيان الثوري. وقال بعضهم: التسوية بين الولد، أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين، مثل قسمة الميراث، وهو قول أحمد وإسحاق.
31 - باب ما جاء في الشفعة.
1380 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا إسماعيل بن علية، عن سعيد عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "جار الدار أحق بالدار".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن الشريد وأبي رافع وأنس حديث سمرة حسن صحيح. وقد روى عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله. وروي عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة عنالنبي صلى الله عليه وسلم. والصحيح عند أهل العلم، حديث الحسن، عن سمرة. ولا نعرف حديث قتادة عن أنس، إلا من حديث عيسى بن يونس. وحديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن عمرو بن الشريد، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في هذا الباب هو حديث حسن. وروى إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد، عن أبي رافع، عن النبي صلى الله عليه وسلم: سمعت محمدا يقول: كلا الحديثين عندي صحيح.
32 - باب ما جاء في الشفعة للغائب.
1381 - حدثنا قتيبة. حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الجار أحق بشفعته. ينتظر به وإن كان غائبا، إذا كان طريقهما واحدا".
هذا حديث غريب. ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر.
وعبد الملك وهو ثقة مأمون عند أهل الحديث. لا نعلم أحدا تكلم فيه غير شعبة، من أجل هذا الحديث. وقد روى وكيع عن شعبة عن عبد الملك بن أبي سليمان هذا الحديث. وروي عن ابن المبارك. عن سفيان الثوري، قال: عبد الملك بن أبي سليمان ميزان. يعني في العلم. والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم، أن الرجل أحق بشفعته وإن كان غائبا. فإذا قدم فله الشفعة. وإن تطاول ذلك.
33 - باب ما جاء إذا حدت الحدود ووقعت السهام فلا شفعة.
1382 - حدثنا عبد بن حميد. حدثنا معمر عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة".
هذا حديث حسن صحيح. وقد رواه بعضهم مرسلا، عن أبي سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
منهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان. وبه يقول بعض فقهاء التابعين. مثل عمر بن عبد العزيز وغيره. وهو قول أهل المدينة. منهم يحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة بن أبي عبد الرحمن ومالك بن أنس. وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق. لا يرون الشفعة إلا للخليط. ولا يرون للجار شفعة إذا لم يكن خليطا.
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: الشفعة للجار. واحتجوا بالحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "جار الدار أحق بالدار". وقال "الجار أحق بسقبه". وهو قول الثوري وابن المبارك وأهل الكوفة.
34 - باب.
1383 - حدثنا يوسف بن عيسى. حدثنا الفضل بن موسى. عن أبي حمزة السكري، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن مليكة، عن ابن عباس قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء".
هذا حديث لا نعرفه مثل هذا، إلا من حديث أبي حمزة السكري. وقد روى غير واحد هذا الحديث عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلا وهذا أصح.
1384 - حدثنا هناد. حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه بمعناه. وليس فيه (عن ابن عباس) وهكذا روى غير واحد عن عبد العزيز بن رفيع، مثل هذا. ليس فيه (عن ابن عباس) وهذا أصح من حديث أبي حمزة، وأبو حمزة ثقة. يمكن أن يكون الخطأ من غير أبي حمزة.
1385 - حدثنا هناد. حدثنا أبو الأحوص، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحو حديث أبي بكر بن عياش. وقال أكثر أهل العلم: إنما تكون الشفعة في الدور والأرضين. ولم يروا الشفعة في كل شيء. وقال بعض أهل العلم: الشفعة في كل شيء. والقول الأول أصح.
35 - باب ما جاء في اللقطة وضالة الإبل والغنم.
1386 - حدثنا الحسن بن علي الخلال. حدثنا يزيد بن هارون وعبد الله بن نمير، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن غفلة، قال:
- خرجت مع زيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة. فوجدت سوطا (قال ابن نمير في حديثه: فالتقطت سوطا فأخذته) . قالا: دعه. فقلت: لا أدعه تأكله السباع، لآخذنه فلأستمتعن به. فقدمت على أبي بن كعب، فسألته عن ذلك، وحدثته الحديث. فقال: أحسنت. وجدت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صرة فيها مائة دينار، قال، فأتيته بها. فقال لي " عرفها حولا" فعرفتها حولا فما أجد من يعرفها، ثم أتيته بها. فقال "عرفها حولا آخر" فعرفتها حولا ثم أتيته. فقال "عرفها حولا آخر" وقال "أحص عدتها ووعاءها ووكاءها، فإن جاء طالبها فأخبرك بعدتها ووعائها ووكائها فادفعها إليه، وإلا فاستمتع بها".
هذا حديث حسن صحيح.
1387 - حدثنا قتيبة. أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد الجهني؛
- أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة؟ فقال "عرفها سنة؛ ثم اعرف؟؟ وكاءها ووعاءها وعفاصها. ثم استنفق بها. فإن جاء ربها فأدها إليه" فقال: يا رسول الله! فضالة الغنم؟ فقال "خذها. فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب" فقال: يا رسول الله! فضالة الإبل؟ قال، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه، أو احمر وجهه. فقال "ما لك ولها؟ معها حذاؤها وسقاؤها حتى تلقى ربها".
وفي الباب عن أبي بن كعب وعبد الله بن عمر والجارود بن المعلى وعياض بن حمار وجرير بن عبد الله. حديث زيد بن خالد حديث حسن صحيح. وقد روي عنه من غير وجه.
وحديث يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد، حديث حسن صحيح. وقد روي عنه من غير وجه. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، رخصوا في اللقطة إذا عرفها سنة فلم يجد من يعرفها، أن ينتفع بها، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: يعرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا تصدق بها. وهو قول سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك، وهو قول أهل الكوفة، لم يروا لصاحب اللقطة أن ينتفع بها إذا كان غنيا. وقال الشافعي: ينتفع بها؛ وإن كان غنيا، لأن أبي بن كعب أصاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صرة فيها مائة دينار، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرفها ثم ينتفع بها، وكان أبي كثير المال، من مياسير أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرفها، فلم يجد من يعرفها، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكلها، فلو كانت اللقطة لم تحل إلا لمن تحل له الصدقة، لم تحل لعلي بن أبي ؟؟طالب، لأن علي بن أبي طالب أصاب دينارا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفه فلم يجد من يعرفه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأكله، وكان علي لا تحل له الصدقة.
وقد رخص بعض أهل العلم، إذا كانت اللقطة يسيرة، أن ينتفع بها ولا يعرفها. وقال بعضهم: إذا كان دون دينار يعرفها قدر جمعة، وهو قول إسحاق بن إبراهيم.
1388 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا الضحاك بن عثمان. حدثني سالم أبو النضر عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد الجهني؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن اللقطة فقال "عرفها سنة. فإن اعترفت، فأدها. وإلا فاعرف وعاءها ووكاءها وعددها، ثم كلها فإن جاء صاحبها فأدها".
هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وقال أحمد بن حنبل: أصح شيء في هذا الباب هذا الحديث. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم رخصوا في اللقطة إذا عرفها سنة فلم يجد من يعرفها؛ أن ينتفع بها. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
36 - باب ما جاء في الوقف.
1389 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر، قال: أصاب عمر أرضا بخيبر فقال:
- يا رسول الله! أصبت مالا بخيبر، لم أصب مالا قط أنفس عندي منه. فما تأمرني؟ قال "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها". فتصدق بها عمر، أنها لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث. تصدق بها في الفقراء والقربى وفي الرقاب وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقا، غير متمول فيه. قال: فذكرته لمحمد بن سيرين فقال(غير متأثل مالا) .
قال: ابن عوف: فحدثني به رجل آخر أنه قرأها في قطعة أديم أحمر (غير متأثل مالا) هذا حديث حسن صحيح.
قال إسماعيل: وأنا قرأتها عند ابن عبيد الله بن عمر، فكان فيه (غير متأثل مالا) . والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. لا نعلم بين المتقدمين منهم في ذلك، اختلافا في إجازة وقف الأرضين وغير ذلك.
1390 - حدثنا علي بن حجر. حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية. وعلم ينتفع به. وولد صالح يدعو له)
هذا حديث حسن صحيح.
37 - باب ما جاء في العجماء أن جرحها جبار.
1391 - حدثنا أحمد بن منيع. حدثنا سفيان عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (العجماء جرحها جبار: والبئر جبار. والمعدن جبار. وفي الركاز الخمس) .
قال: وفي الباب عن جابر، وعمرو بن عوف المزني، وعبادة بن الصامت. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
1392 - حدثنا قتيبة. حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه.
1393 - حدثنا الأنصاري حدثنا معن قال: قال مالك بن أنس: وتفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم (العجماء جرحها جبار) يقول: هدر لا دية فيه. ومعنى قوله (العجماء جرحها جبار) فسر ذلك بعض أهل العلم قالوا: العجماء الدابة المنفلتة من صاحبها. فما أصابت في انفلاتها فلا غرم على صاحبها. (والمعدن جبار) يقول: إذا احتفر الرجل معدنا فوقع فيها إنسان فلا غرم عليه. وكذلك البئر إذا احتفرها الرجل للسبيل، فوقع فيها إنسان فلا غرم على صاحبها. (وفي الركاز الخمس) فالركاز: ما وجد من دفن أهل الجاهلية. فمن وجد ركازا أدى منه الخمس إلى السلطان. وما بقي فهو له.
38 - باب ما ذكر في إحياء أرض الموات.
1394 - حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب. حدثنا أيوب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن سعد بن زيد،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من أحيى أرضا ميتة فهي له. وليس لعرق ظالم حق".
هذا حديث حسن غريب.
1395 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من أحيى أرضا ميتة فهي له".
هذا حديث حسن صحيح.
وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلا. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم وهو قول أحمد وإسحاق. قالوا: له أن يحيي الأرض الموات بغير إذن السلطان. وقال بعضهم ليس له أن يحييها إلا بإذن السلطان والقول الأول أصح.
وفي الباب عن جابر وعمرو بن عوف المزني جد كثير وسمرة.
1396 - حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال:
- سألت أبا الوليد الطياليسي عن قوله (وليس لعرق ظالم حق) فقال: العرق الظالم: الغاصب الذي يأخذ ما ليس له. قلت: هو الرجل الذي يغرس في أرض غيره؟ قال: هو ذاك.
39 - باب ما جاء في القطائع.
1397 - قال: قلت لقتيبة بن سعيد: حدثكم محمد بن يحيى بن قيس المأربي، قال أخبرني أبي عن ثمامة بن شراحيل، عن سمي بن قيس، عن شمير، عن أبيض بن حمال؛
- أنه وفدإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستقطعه الملح، فقطع له. فلما أن ولى قال رجل من المجلس: أتدري ما قطعت له؟ إنما قطعت له الماء العد. قال: فانتزعه منه. قال، وسأله عما يحمي من الأراك؟ قال: ما لم تنله خفاف الإبل: فأقر به قتيبة، وقال: نعم.
1398 - حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمرو. حدثنا محمد بن يحيى بن قيس المأربي، نحوه.
وفي الباب عن وائل وأسماء ابنة أبي بكر. حديث أبيض بن حمال حديث غريب. والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، في القطائع. يرون جائزا أن يقطع الإمام لمن رأى ذلك.
1399 - حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة عن سماك قال: سمعت علقمة بن وائل يحدث عن أبيه:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضا بحضرموت. قال محمود: وحدثنا النضر عن شعبة، وزاد فيه (وبعث معه معاوية ليقطعها إياه) .
هذا حديث حسن صحيح.
40 - باب ما جاء في فضل الغرس.
1400 - حدثنا قتيبة. حدثنا أبو عوانة عن قتادة، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه إنسان، أو طير، أو بهيمة إلا كانت له صدقة".
وفي الباب عن أبي أيوب وأم مبشر وجابر وزيد وخالد.
حديث أنس حديث حسن صحيح.
41 - باب ما ذكر في المزارعة.
1401 - حدثنا إسحاق بن منصور. حدثنا يحيى بن سعيد. عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع. وفي الباب عن أنس وابن عباس وزيد بن ثابت وجابر. هذا حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. لم يروا بالمزارعة بأسا على النصف والثلث والربع. واختار بعضهم أن يكون البذر من رب الأرض. وهو قول أحمد وإسحاق. وكره بعض أهل العلم المزارعة بالثلث والربع. ولم يروا بمساقاة النخيل بالثلث والربع بأسا. وهو قول مالك بن أنس والشافعي. ولم ير بعضهم أن يصح شيء من المزارعة، إلا أن يستأجر الأرض بالذهب والفضة.
42 - باب.
1402 - حدثنا هناد. حدثنا أبو بكر بن عياش. عن أبي حصين، عن مجاهد، عن رافع بن خديج، قال:
- نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعا. إذا كانت لأحدنا أرض أن يعطيها ببعض خراجها أو بدراهم. وقال "إذا كانت لأحدكم أرض فليمنحها أخاه أو ليزرعها".
1403 - حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا الفضل بن موسى الشيباني. حدثنا شريك عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس؛ - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم المزارعة. ولكن أمر أن يرفق بعضهم ببعض.
هذا حديث حسن صحيح. وفي الباب عن زيد بن ثابت. حديث رافع فيه اضطراب. يروى هذا الحديث عن رافع بن خديج، عن عمومته. ويروى عنه عن ظهير بن رافع، وهو أحد عمومته. وقد روي هذا الحديث عنه على روايات مختلفة.