من حكايات الأولين
الرجل الفقير وكنز الثعبان الأسود
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كان في إحدى القرى منزل كبير وجد أهالى القرية في أحد الايام أن كل أفراد أسرته موتى وكلما سكنته أسرة لم يمضي عليها أيام الا ووجدوا كل أفرادها موتى لا أحد يعرف السبب ولا كيف ماتوا جميعاً ..
حتى أصبح ذلك المنزل مهجوراً لا أحد يجرؤ على الأقتراب منه أو دخوله .. ونسجت عنه الأساطير والحكايات ..
وجاء رجل فقيراً من قرية أخرى الى تلك القرية يبحث عن منزل يسكنه مع أسرته ، فقال له أهل القريه لا يوجد منزل فارغ سوى ذلك المنزل المهجور الذي لم يجرؤ على دخوله او العيش فيه أحد من الناس وأصبح تسكنه الجن والعفاريت والافاعي والحيات ..
فسأل الرجل الفقير عن سبب ذلك ؟
فقالوا له أنه كلما سكنته أسرة وجدناها بعد أيام وقد توفوا جميعاً ولا نعرف السبب وربما قتلهم ثعبان كبير يسكن في المنزل
فقال ذلك الرجل سوف أسكن المنزل وما قدره الله سيكون ثم ذهب الى ذلك المنزل وقام بتنظيفه وتشطيبه وتجهيزه للسكن..
وأثناء قيامه بتنظيف المنزل وجد في الدور الاول جحر عميق مثل جحر الارنب لكن لا يعرف نهايته فعلم أنه جحر ثعبان كبيراً يصعب التغلب عليه فاراد أن يسد ذلك الجحر لكنه تراجع عن ذلك لأنه يعلم أنه مهما سده فسوف يقوم الثعبان بفتحه والخروج منه غاضباً فتركه على حاله ثم ذهب الى قريته واخذ أثاثه وفراشه وزوجته واولاده وعاد الى المنزل للعيش فيه رغم ما سمع عنه ومارأه بعينه ..
وظل طيلة الليل يحرس اسرته بينما هم نائمون ينتقل من الدور الاول الى الدور الثاني ثم يجلس في الصالة بالدور الثاني أمام باب الغرفة التي يسكن فيها زوجته وأولاده ينتظر ذلك الشيء الذي كان يقتل تلك الاسر قبله ولكنه لم يجد في اول ليلة شيء وكذلك في الليلة الثانية لم يرى شيئاً
وفي الليلة الثالثة وضعت زوجته جرة ماء الشرب في شباك صغير مفتوح بصالة الدور الثاني يدخل منها الهواء لكي يبرد الماء واثناء ما كان جالساً كعادته على فرش صغير بالدور الثاني في الصالة متكئاً بظهره الى باب الغرفة التي ينام فيها زوجته واولاده اتته غفوة وسبات ونوم خفيف فرى كابوس أفزعه فصحا يرتعش وطار النوم من عيونه واذا به يسمع صوتاً يأتي من الدور الأول يصعد الدرج ليس صوت اقدام وانما صوت انسحاب شيء على الأرض فعرف أنه صوت مشيء ثعبان فاشعل المصباح واذا به يرى ثعبان أسود كسواد الليل المظلم يصعد من الدرج يتجه نحو جرة الماء لم يرى في حياته مثله بحجمه وطوله وسماكته ، فبقى الرجل الفقير صامتاً دون أي حركة
فأتجه الثعبان الى جرة الماء وشرب كل ما فيها ثم بقى قليلا واخرج الماء من داخله الى تلك الجرة مختلط فيه من سمومه ثم التف ذلك الثعبان واتجه الى جحره دون أن يمسه الرجل بشيء ..
ولما أصبح الصباح أخبر الرجل زوجته واولاده بالذي رأه وأمرهم بأن لا يشربوا من ذلك الماء وتركه كما هو في الجرة وترك الجرة في مكانها.
وفي اليوم التالي بقى ذلك الرجل يحرس أسرته كعادته في مكانه الذي يجلس فيه كل ليله وفي منتصف الليل اذا بصوت الثعبان يأتي من الدور الاسفل يصعد الدرج فاشعل الرجل المصباح واذا بالثعبان يتجه نحو جرة الماء وقام بشرب الماء الذي فيها وبعد قليل اراد ان يخرج ذلك الماء الى الجره كعادته لكنه لم يستطع فشعر بسمه الذي وضعه في الماء بالامس يقتله اليوم فالتف باتجاه جحره يتقلب شمالاً وجنوباً من شدة سكرات الموت ولم يصل باب جحره الا وقد مات ، فلحقه الرجل وبيده المصباح يتفقد حاله وينظر مصيره فوجد أنه قد مات قبل أن يصل الى باب جحره فحمد ذلك الرجل الفقير ربه الذي أنقذه وأسرته من ذلك الثعبان ..
ثم عاد الرجل الفقير الى فراشه فرحاً مسروراً ونام باقي ليلته نوماً هنيئاً ولما سمع المؤذن يؤذن لصلاة الفجر قام وصحى زوجته واخبرها بالخبر وأخذها الى مكان الثعبان واراها الثعبان وهو ميت
ولما رأته صاحت بصوتها راعبة ترتجف من حجم ذلك الثعبان وضخامته واسكتها زوجها ووضع يده على فاهها وقال ما هذا الخوف وهو ميت ولو شاهدته وهو حي ماذا ستفعلين
قالت لو رأيته حياً كنتُ ساموت .
فقال الزوج يجب أن لا تخبري أحداً بذلك وأنا ساذهب للصلاة في المسجد ثم أعود واخذه وادفنه خارج القرية حتى لا يراه أحد..
ومرت الايام والرجل الفقير يعيش في ذلك المنزل سعيداً رغم فقره وحاجته وفاقته يعمل طيلة يومه هنا وهناك لطلب الرزق لا يكل ولا يمل يؤدي الصلوات الخمس في المسجد يشكر الله ويحمده ويمجده في كل وقت ، يعامل الناس في القرية بالطيب والاحترام ويساعد كل من يطلب منه المساعده حتى أحبه جميع أهل القرية وأعتبروه أنه منهم وليس غريباً .
وفي أحد الليالي وأثناء ماكان نائماً اتاه رجل يقول له مات الثعبان وبقي كنزه مات الثعبان وبقي كنزه مات الثعبان وبقي كنزه ..
فصحي الرجل الفقير من نومه لم يدري ماذا يقصد ذلك الرجل الذي أتاه في المنام
وفي الليلة الثانية جاءه نفس الرجل وقال له بنفس ما قال له بالأمس وقام الرجل من النوم لا يعرف على ماذا يدله الرجل
وفي الليلة الثالثة أتاه ذاك الرجل وقال له بأسمه يا فلان بن فلان مات الثعبان وبقي كنزه .
فقال الفقير ماذا تقصد؟
قال الرجل اذهب واحفر جحر الثعبان فأن فيه كنز هو رزقك وهبة من الله لك خذه واحمد الله واتقيه ولا تعمل به الا الخير والاحسان وكل ما يرضي الله فأنك محاسب عليه ..
فصحي الفقير من نومه واخبر زوجته بالخبر..
فقالت له إن شاء الله سيكون رزقنا كتبه الله لنا فاذهب واحفر ..
فاخذ فأساً ومعولا وحفر جحر الثعبان حتى وصل الى جرة كبيرة مملؤة بالذهب والمجواهرات فاخرجها والسعادة تملئ قلبه ، وتحول حال ذلك الفقير من ضيق الى سعة ومن فقر الى غنى وامتلك الاراضي الفسيحة في العديد من الوديان والشعاب القريبه من القرية والبعيده واصبح من أثرياء تلك البلاد ولكن ذلك الغنى لم يجعله ينسى أو يتناسى ما كان فيه من فقر وحاجه فكان يتفقد الفقراء والايتام والارامل والمساكين ويساعدهم ويتصدق عليهم فلا يمر يوماً الا وساعد مسكيناً وقضى حاجة محتاج وايسر على معسر وتكفل برعاية الايتام وكان يذكر ابناءه بحاله قبل غناه ويحظهم على رعاية تلك النعمة وان لا يترتكبوا بذلك المعصيه ولا يتكبرون به على أحد وأن يساعدوا به الفقراء والمساكين والايتام والارامل وان لا يقهروا سائلاً ولا يردوا محروماً وجعل ذلك لهم بعد تقوى الله عند موته.