كتاب الأحكام السلطانية للماوردي
الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ : فِي وِلَايَةِ الصَّدَقَاتِ .
الصَّدَقَةُ زَكَاةٌ , وَالزَّكَاةُ صَدَقَةٌ , يَفْتَرِقُ الِاسْمُ وَيَتَّفِقُ الْمُسَمَّى , وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي مَالِهِ حَقٌّ سِوَاهَا , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ } . وَالزَّكَاةُ تَجِبُ فِي الْأَمْوَالِ الْمُرْصَدَةِ لِلنَّمَاءِ إمَّا بِأَنْفُسِهَا أَوْ بِالْعَمَلِ فِيهَا طُهْرَةً لِأَهْلِهَا وَمَعُونَةً لِأَهْلِ السَّهْمَانِ . وَالْأَمْوَالُ الْمُزَكَّاةُ ضَرْبَانِ : ظَاهِرَةٌ وَبَاطِنَةٌ , فَالظَّاهِرَةُ مَا لَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ كَالزَّرْعِ وَالثِّمَارِ وَالْمَوَاشِي , وَالْبَاطِنَةُ مَا أَمْكَنَ إخْفَاؤُهُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ وَلَيْسَ لِوَالِي الصَّدَقَاتِ نَظَرٌ فِي زَكَاةِ الْمَالِ الْبَاطِنِ , وَأَرْبَابُهُ أَحَقُّ بِإِخْرَاجِ زَكَاتِهِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَبْذُلَهَا أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ طَوْعًا فَيَقْبَلُهَا مِنْهُمْ وَيَكُونُ فِي تَفْرِيقِهَا عَوْنًا لَهُمْ ; وَنَظَرُهُ مُخْتَصٌّ بِزَكَاةِ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ يُؤْمَرُ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ . وَفِي هَذَا الْأَمْرِ إذَا كَانَ عَادِلًا فِيهَا قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِيجَابِ وَلَيْسَ لَهُمْ التَّفَرُّدُ بِإِخْرَاجِهَا وَلَا تُجْزِئُهُمْ إنْ أَخْرَجُوهَا وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ إظْهَارًا لِلطَّاعَةِ , وَإِنْ تَفَرَّدُوا بِإِخْرَاجِهَا أَجْزَأَتْهُمْ , وَلَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا أَنْ يُقَاتِلَهُمْ عَلَيْهَا إذَا امْتَنَعُوا مِنْ دَفْعِهَا كَمَا قَاتَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه مَانِعِي الزَّكَاةِ لِأَنَّهُمْ يَصِيرُونَ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ طَاعَةِ وُلَاةِ الْأَمْرِ إذَا عَدَلُوا بُغَاةً , وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه مِنْ قِتَالِهِمْ إذَا أَجَابُوا إلَى إخْرَاجِهَا بِأَنْفُسِهِمْ .
***********************
وَالشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي هَذِهِ الْوِلَايَةِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا عَادِلًا عَالِمًا بِأَحْكَامِ الزَّكَاةِ إنْ كَانَ مِنْ عُمَّالِ التَّفْوِيضِ , وَإِنْ كَانَ مُنَفِّذًا قَدْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ عَلَى قَدْرٍ يَأْخُذُهُ جَازَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَا وَيَجُوزُ أَنْ يَتَقَلَّدَهَا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَاتُ مِنْ ذِي الْقُرْبَى وَلَكِنْ يَكُونُ رِزْقُهُ عَنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ . وَلَهُ إذَا قُلِّدَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ : أَحَدُهَا أَنْ يُقَلَّدَ أَخْذَهَا وَقَسْمَهَا , فَلَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ عَلَى مَا سَنَشْرَحُ . وَالثَّانِي : أَنْ يُقَلَّدَ أَخْذَهَا وَيُنْهَى عَنْ قِسْمَتِهَا فَنَظَرُهُ مَقْصُورٌ عَنْ الْأَخْذِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْقَسْمِ وَالْمُقَلَّدُ بِهِمَا بِتَأْخِيرِ قَسْمِهَا مَأْثُومٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ تَقْلِيدَهَا لِمَنْ يَنْفَرِدُ بِتَعْجِيلِ قَسْمِهَا . وَالثَّالِثُ : أَنْ يُطْلَقَ تَقْلِيدُهُ عَلَيْهَا , فَلَا يُؤْمَرُ بِقَسْمِهَا وَلَا يُنْهَى عَنْهُ فَيَكُونُ بِإِطْلَاقِهِ مَحْمُولًا عَلَى عُمُومِهِ فِي الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَخْذِهَا وَقَسْمِهَا , فَصَارَتْ الصَّدَقَاتُ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْأَخْذِ وَالْقَسْمِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمٌ وَسَنَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى الِاخْتِصَارِ
********************
وَنَبْدَأُ بِأَحْكَامِ أَخْذِهَا فَنَقُولُ : إنَّ الْأَمْوَالَ الْمُزَكَّاةَ أَرْبَعَةٌ :
أَحَدُهَا الْمَوَاشِي وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَسُمِّيَتْ مَاشِيَةً لِرَعْيِهَا وَهِيَ مَاشِيَةٌ . فَأَمَّا الْإِبِلُ فَأَوَّلُ نِصَابِهَا خَمْسٌ , وَفِيهَا إلَى تِسْعٍ شَاةٌ جَذَعَةٌ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ ثَنِيَّةٌ مِنْ الْمَعْزِ , وَالْجَذَعُ مِنْ الْغَنَمِ مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ , وَالثَّنِيُّ مِنْهَا مَا اسْتَكْمَلَ سَنَةً , فَإِذَا بَلَغَتْ الْإِبِلُ عَشْرًا فَفِيهَا إلَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ شَاتَانِ , وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ إلَى تِسْعَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَفِي الْعِشْرِينَ إلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ , فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ عَدَلَ فِي فَرْضِهَا عَنْ الْغَنَمِ وَكَانَ فِيهَا إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَهِيَ الَّتِي اسْتَكْمَلَتْ السَّنَةَ , فَإِنْ عُدِمَتْ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٍ , فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ وَهِيَ مَا اسْتَكْمَلَتْ سَنَتَيْنِ ; فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا إلَى سِتِّينَ حِقَّةٌ وَهِيَ مَا اسْتَكْمَلَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ وَاسْتَحَقَّتْ الرُّكُوبَ وَطُرُوقَ الْفَحْلِ , فَإِذَا بَلَغَتْ إحْدَى وَسِتِّينَ فَفِيهَا إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ جَذَعَةٌ وَهِيَ مَا اسْتَكْمَلَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ , فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ فَفِيهَا إلَى تِسْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ , فَإِذَا بَلَغَتْ إحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ حِقَّتَانِ , وَهَذَا مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ وَانْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ ذَلِكَ ; فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُسْتَأْنَفُ بِهَا الْفَرْضُ الْمُبْتَدَأُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا اعْتِبَارَ بِالزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ فَيَكُونَ بِهَا حِقَّةٌ وَابْنَتَا لَبُونٍ , وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : إذَا زَادَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَاحِدَةً كَانَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ , فَيَكُونُ فِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ , وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ , وَفِي مِائَةٍ وَسِتِّينَ أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ , وَفِي مِائَةٍ وَسَبْعِينَ حِقَّةٌ وَثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ , وَفِي مِائَةٍ وَثَمَانِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتَا لَبُونٍ : وَفِي مِائَةٍ وَتِسْعِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ , فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَحَدُ فَرْضَيْنِ إمَّا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ , فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا إلَّا أَحَدُ الْفَرْضَيْنِ أُخِذَ وَإِنْ وُجِدَا مَعًا أَخَذَ الْعَامِلُ أَفْضَلَهُمَا , وَقِيلَ يَأْخُذُ الْحِقَاقَ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مَنْفَعَةً وَأَقَلُّ مُؤْنَةً , ثُمَّ عَلَى هَذَا الْقِيَاسُ فِيمَا زَادَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ ; وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ .
وَأَمَّا الْبَقَرُ , فَأَوَّلُ نِصَابِهَا ثَلَاثُونَ وَفِيهَا تَبِيعٌ ذَكَرٌ وَهُوَ مَا اسْتَكْمَلَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَقَدَرَ عَلَى اتِّبَاعِ أُمِّهِ فَإِنْ أَعْطَى تَبِيعَةً أُنْثَى قُبِلَتْ مِنْهُ , فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا مُسِنَّةٌ أُنْثَى وَهِيَ الَّتِي قَدْ اسْتَكْمَلَتْ سَنَةً , فَإِنْ أَعْطَى مُسِنًّا ذَكَرًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إنْ كَانَ فِي بَقَرِهِ أُنْثَى , وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا ذُكُورًا فَقَدْ قِيلَ يُقْبَلُ الْمُسِنُّ الذَّكَرُ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ . وَاخْتُلِفَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ مِنْ الْبَقَرِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي إحْدَى رِوَايَاتِهِ : يُؤْخَذُ مِنْ خَمْسِينَ بَقَرَةٍ مُسِنَّةٌ وَرُبُعٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا شَيْءَ فِيهَا بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ فَيَجِبُ فِيهَا تَبِيعَانِ ثُمَّ فِيمَا بَعْدَ السِّتِّينَ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ ; وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ فَيَكُونُ فِي سَبْعِينَ مُسِنَّةٌ وَتَبِيعٌ , وَفِي ثَمَانِينَ مُسِنَّتَانِ , وَفِي تِسْعِينَ ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ , وَفِي مِائَةٍ تَبِيعَانِ وَمُسِنَّةٌ وَفِي مِائَةٍ وَعَشَرَةٍ مُسِنَّتَانِ , وَفِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ أَحَدُ فَرْضَيْنِ كَالْمِائَتَيْنِ مِنْ الْإِبِلِ , إمَّا أَرْبَعَةُ أَتْبِعَةٍ أَوْ ثَلَاثُ مُسِنَّاتٍ , وَقِيلَ يَأْخُذُ الْعَامِلُ مِنْهُمَا مَا وَجَدَ , فَإِنْ وَجَدَهُمَا أَخَذَ أَفْضَلَهُمَا وَقِيلَ يَأْخُذُ الْمُسِنَّاتِ , ثُمَّ عَلَى هَذَا الْقِيَاسُ فِيمَا زَادَ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ , وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ
وَأَمَّا الْغَنَمُ فَأَوَّلُ نِصَابِهَا أَرْبَعُونَ , وَفِيهَا إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ شَاةٌ جَذَعَةٌ أَوْ ثَنِيَّةٌ مِنْ الْمَعْزِ , إلَّا أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا صِغَارًا دُونَ الْجِذَاعِ وَالثَّنَايَا فَيُؤْخَذُ مِنْهَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ صَغِيرَةٌ دُونَ الْجَذَعِ وَالثَّنِيَّةِ . وَقَالَ مَالِكٌ : لَا يُؤْخَذُ إلَّا جَذَعَةٌ أَوْ ثَنِيَّةٌ , فَإِذَا صَارَتْ مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ فَفِيهَا شَاتَانِ إلَى مِائَتَيْ شَاةٍ , فَإِذَا صَارَتْ مِائَتَيْ شَاةٍ وَشَاةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعَمِائَةِ شَاةٍ , فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ , ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةٍ اسْتَكْمَلَهَا مِنْ بَعْدِ الْأَرْبَعِمِائَةِ شَاةٌ وَيُضَمُّ الضَّأْنُ إلَى الْمَعْزِ وَالْجَوَامِيسُ إلَى الْبَقَرِ وَالْبَخَاتِيُّ إلَى الْعِرَابِ لِأَنَّهُمَا نَوْعَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ , وَلَا يُضَمُّ الْإِبِلُ إلَى الْبَقَرِ وَلَا الْبَقَرُ إلَى الْغَنَمِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ , وَيُجْمَعُ مَالُ الْإِنْسَانِ فِي الزَّكَاةِ وَإِنْ تَفَرَّقَتْ أَمْوَالُهُ
وَالْخُلَطَاءُ يُزَكُّونَ زَكَاةَ الْوَاحِدِ إذَا اجْتَمَعَتْ فِيهَا شَرَائِطُ الْخُلْطَةِ , وَقَالَ مَالِكٌ : لَا تَأْثِيرَ لِلْخُلْطَةِ حَتَّى يَمْلِكَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ نِصَابًا فَيُزَكُّونَ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا اعْتِبَارَ بِالْخُلْطَةِ وَيُزَكِّي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَالَهُ عَلَى انْفِرَادِهِ .
وَزَكَاةُ الْمَوَاشِي تَجِبُ بِشَرْطَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ سَائِمَةً تَرْعَى الْكَلَأَ فَتَقِلُّ مُؤْنَتُهَا وَيَتَوَفَّرُ دَرُّهَا وَنَسْلُهَا , فَإِنْ كَانَتْ عَامِلَةً أَوْ مَعْلُوفَةً لَمْ تَجِبْ فِيهَا زَكَاةٌ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَوْجَبَهَا مَالِكٌ كَالسَّائِمَةِ وَالشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ الَّذِي يُسْتَكْمَلُ فِيهِ النَّسْلُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : { لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ } .
وَالسِّخَالُ تُزَكَّى بِحَوْلِ أُمَّهَاتِهَا إذَا وُلِدَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ وَكَانَتْ الْأُمَّهَاتُ نِصَابًا , فَإِنْ نَقَصَتْ الْأُمَّهَاتُ عَنْ النِّصَابِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تُزَكَّى بِحَوْلِ الْأُمَّهَاتِ إذَا بَلَغَتَا نِصَابًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا يُسْتَأْنَفُ بِهَا الْحَوْلُ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ النِّصَابِ .
وَلَا زَكَاةَ فِي الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَأَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي إنَاثِ الْخَيْلِ السَّائِمَةِ دِينَارًا عَنْ كُلِّ فَرَسٍ , وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : { عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ } .
وَإِذَا كَانَ وَالِي الصَّدَقَاتِ مِنْ عُمَّالِ التَّفْوِيضِ أَخَذَهَا فِيمَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ لَا عَلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَلَا عَلَى اجْتِهَادِ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ وَلَمْ يَجُزْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَأْخُذُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ عُمَّالِ التَّنْفِيذِ عَمِلَ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ دُونَ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ وَلَمْ يَجُزْ لِهَذَا الْعَامِلِ أَنْ يَجْتَهِدَ وَلَزِمَ الْإِمَامَ أَنْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى الْقَدْرِ الْمَأْخُوذِ وَيَكُونَ رَسُولًا فِي الْقَبْضِ مُنَفِّذًا لِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ فَعَلَى هَذَا إنْ كَانَ هَذَا الْعَامِلُ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا جَازَ , فَإِنْ كَانَ فِي زَكَاةٍ عَامَّةٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ فِيهَا وِلَايَةً لَا يَصِحُّ ثُبُوتُهَا مَعَ الْكُفْرِ وَالرِّقِّ , وَإِنْ كَانَ فِي زَكَاةٍ خَاصَّةٍ نُظِرَ , فَإِنْ كَانَ فِي مَالٍ قَدْ عَرَفَ مَبْلَغَ أَصْلِهِ وَقَدْرَ زَكَاتِهِ جَازَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَأْمُورُ بِقَبْضِهِ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا لِأَنَّهُ تَجَرَّدَ مِنْ حُكْمِ الْوِلَايَةِ وَتَخَصَّصَ بِأَحْكَامِ الرِّسَالَةِ , وَإِنْ كَانَ فِي مَالٍ لَمْ يَعْرِفْ مَبْلَغَهُ وَلَا قَدْرَ زَكَاتِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ بِقَبْضِهِ ذِمِّيًّا لِأَنَّهُ اُؤْتُمِنَ عَلَى مَالٍ لَا يُعْمَلُ فِيهِ عَلَى خَبَرِهِ وَجَازَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِأَنَّ خَبَرَ الْعَبْدِ مَقْبُولٌ . وَإِذَا تَأَخَّرَ عَامِلُ الصَّدَقَاتِ عَنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ بَعْدَ وُجُوبِ زَكَاتِهِمْ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ وُرُودِ عَمَلِهِ وَتَشَاغُلِهِ بِغَيْرِهِمْ انْتَظَرُوهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا إلَّا مِنْ طَائِفَةٍ بَعْدَ طَائِفَةٍ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ جَمِيعِهِمْ وَتَجَاوَزَ الْعُرْفَ فِي وَقْتِ زَكَاتِهِمْ أَخْرَجُوهَا بِأَنْفُسِهِمْ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ مَشْرُوطٌ بِالْمُكْنَةِ وَسَاقِطٌ مَعَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ , وَجَازَ لِمَنْ يَتَوَلَّى إخْرَاجَهَا مِنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا عَلَى اجْتِهَادِهِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ اسْتَفْتَى مِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِ , وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَفْتِيَ غَيْرَهُ وَإِنْ اسْتَفْتَى فَقِيهَيْنِ فَأَفْتَاهُ أَحَدُهُمَا بِإِيجَابِهَا وَأَفْتَاهُ الْآخَرُ بِإِسْقَاطِهَا أَوْ أَفْتَاهُ أَحَدُهُمَا بِقَدْرٍ وَأَفْتَاهُ الْآخَرُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ , فَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا يَعْمَلُ بِهِ مِنْهُمَا , فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ يَأْخُذُ بِأَغْلَظِ الْقَوْلَيْنِ حُكْمًا وَقَالَ آخَرُونَ يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي الْأَخْذِ بِقَوْلِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا . فَلَوْ حَضَرَ الْعَامِلُ بَعْدَ أَنْ عَمِلَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى اجْتِهَادِ نَفْسِهِ أَوْ اجْتِهَادِ مَنْ اسْتَفْتَاهُ وَكَانَ اجْتِهَادُ الْعَامِلِ مُؤَدِّيًا إلَى إيجَابِ مَا أَسْقَطَهُ أَوْ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَخْرَجَهُ كَانَ اجْتِهَادُ الْعَامِلِ أَمْضَى إنْ كَانَ وَقْتُ الْإِمْكَانِ بَاقِيًا , وَاجْتِهَادُ رَبِّ الْمَالِ أَنْفَذَ إنْ كَانَ وَقْتُ الْإِمْكَانِ فَائِتًا , وَلَوْ أَخَذَ الْعَامِلُ الزَّكَاةَ بِاجْتِهَادِهِ وَعَمِلَ فِي وُجُوبِهَا وَأَسْقَطَهَا عَلَى رَأْيِهِ وَأَدَّى اجْتِهَادُ رَبِّ الْمَالِ إلَى إيجَابِ مَا أَسْقَطَهُ أَوْ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَخَذَهُ لَزِمَ رَبُّ الْمَالِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إخْرَاجُ مَا أَسْقَطَهُ مِنْ أَصْلٍ أَوْ تَرَكَهُ مِنْ زِيَادَةٍ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ لِأَهْلِ السَّهْمَانِ .
**********************
وَالْمَالُ الثَّانِي مِنْ أَمْوَالِ الزَّكَاةِ ثِمَارُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ فَأَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ الزَّكَاةَ فِي جَمِيعِهَا , وَأَوْجَبَهَا الشَّافِعِيُّ فِي ثِمَارِ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ خَاصَّةً , وَلَمْ يُوجِبْ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ جَمِيعِ الْفَوَاكِهِ وَالثِّمَارِ زَكَاةً . وَزَكَاتُهَا تَجِبُ بِشَرْطَيْنِ : أَحَدُهُمَا بُدُوُّ صَلَاحِهَا وَاسْتِطَابَةُ أَكْلِهَا وَلَيْسَ عَلَى مَنْ قَطَعَهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ زَكَاةٌ , وَيُكْرَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ , وَلَا يُكْرَهُ إنْ فَعَلَهُ لِحَاجَةٍ وَالشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ , فَلَا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْعِرَاقِيِّ وَأَوْجَبَهَا أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ , وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ خَرْصِ الثِّمَارِ عَلَى أَهْلِهَا ; وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ تَقْدِيرًا لِلزَّكَاةِ وَاسْتِظْهَارًا لِأَهْلِ السَّهْمَانِ ; فَقَدْ { وَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَرْصِ الثِّمَارِ عُمَّالًا وَقَالَ لَهُمْ : خَفِّفُوا الْخَرْصَ فَإِنَّ فِي الْمَالِ الْوَصِيَّةَ وَالْعَرِيَّةَ وَالْوَاطِئَةَ وَالنَّائِبَةَ } . فَالْوَصِيَّةُ مَا يُوصِي بِهَا أَرْبَابُهَا بَعْدَ الْوَفَاةِ وَالْعَرِيَّةُ مَا يُعْرَى لِلصِّلَاتِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ , وَالْوَاطِئَةُ مَا تَأْكُلُهُ السَّابِلَةُ مِنْهُمْ , وَسَمُّوهَا وَاطِئَةً لِوَطْئِهِمْ الْأَرْضَ , وَالنَّائِبَةُ مَا يَنُوبُ الثِّمَارَ مِنْ الْجَوَائِحِ . فَأَمَّا ثِمَارُ الْبَصْرَةِ فَيُخْرَصُ كُرُومُهَا وَهُمْ فِي خَرْصِهَا كَغَيْرِهِمْ , وَلَا يُخْرَصُ عَلَيْهِمْ نَخْلُهَا لِكَثْرَتِهِ وَلُحُوقِ الْمَشَقَّةِ فِي خَرْصِهِ , فَإِنَّهُمْ يُبِيحُونَ فِي التَّعَاوُنِ أَكْلَ الْمَارَّةِ مِنْهَا , وَإِنَّمَا مَا قَدَّرَ لَهُمْ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ مِنْ ثَنَايَاهَا فِي يَوْمَيْ الْجُمُعَةِ وَالثُّلَاثَاءِ يُصْرَفُ مُعْظَمُهُ فِي أَهْلِ الصَّدَقَاتِ , وَجُعِلَ لَهُمْ فِي عِوَضِ الثَّنَايَا كِبَارُ الثِّمَارِ , وَحَمْلُهَا إلَى كُرْسِيِّ الْبَصْرَةِ لِيُسْتَوْفَى أَعْشَارُهَا مِنْهُمْ هُنَاكَ , وَلَيْسَ يَلْزَمُ هَذَا غَيْرَهُمْ فَصَارُوا بِذَلِكَ مُخَالِفِينَ لِمَنْ سِوَاهُمْ .
وَلَا يَجُوزُ خَرْصُ الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ إلَّا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَيُخْرَصَانِ بُسْرًا وَعِنَبًا وَيُنْظَرُ مَا يَرْجِعَانِ إلَيْهِ تَمْرًا وَزَبِيبًا , ثُمَّ يُخَيَّرُ أَرْبَابُهَا إذَا كَانُوا أُمَنَاءَ بَيْنَ ضَمَانِهَا بِمَبْلَغِ خَرْصِهَا لِيَتَصَرَّفُوا فِيهَا وَيَضْمَنُوا قَدْرَ زَكَاتِهَا ; وَبَيْنَ أَنْ تَكُونَ فِي أَيْدِيهِمْ أَمَانَةٌ يُمْنَعُونَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا حَتَّى تَتَنَاهَى فَتُؤْخَذُ زَكَاتُهَا إذَا بَلَغَتْ . وَقُدِّرَ لِلزَّكَاةِ الْعُشْرُ إنْ سُقِيَتْ عَذْبًا أَوْ سَيْحًا وَنِصْفُ الْعُشْرِ إنْ سُقِيَتْ غَرْبًا أَوْ نَضْحًا ; فَإِنْ سُقِيَتْ بِهِمَا , فَقَدْ قِيلَ يُعْتَبَرُ أَعْلَاهُمَا , وَقِيلَ يُؤْخَذُ بِقِسْطِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , وَإِذَا اخْتَلَفَ رَبُّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ فِيمَا سُقِيَتْ بِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّهَا وَأَحْلَفَهُ الْعَامِلُ اسْتِظْهَارًا فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَا اعْتَرَفَ بِهِ , وَيَضُمُّ أَنْوَاعَ النَّخْلِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَكَذَلِكَ أَنْوَاعُ الْكَرْمِ لِأَنَّ جَمِيعَهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ , وَلَا يُضَمُّ النَّخْلُ إلَى الْكَرْمِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْجِنْسِ .
وَإِذَا كَانَتْ ثِمَارُ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ تَصِيرُ تَمْرًا وَزَبِيبًا لَمْ تُؤْخَذْ زَكَاتُهُمَا إلَّا بَعْدَ تَنَاهِي جَفَافُهُمَا تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا , وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُؤْخَذُ إلَّا رُطَبًا أَوْ عِنَبًا أُخِذَ عُشْرُ ثَمَنِهِمَا إذَا بِيعَا , فَإِنْ احْتَاجَ أَهْلُ السَّهْمَانِ إلَى حَقِّهِمْ مِنْهُمَا رُطَبًا أَوْ عِنَبًا جَازَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إذَا قِيلَ إنَّ الْقِسْمَةَ تَمْيِيزُ نَصِيبٍ , وَلَمْ يَجُزْ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي إذَا قِيلَ إنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ وَإِذَا هَلَكَتْ الثِّمَارُ بَعْدَ خَرْصِهَا بِجَائِحَةٍ مِنْ أَرْضٍ أَوْ سَمَاءٍ قَبْلَ إمْكَانِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ مِنْهَا سَقَطَتْ , وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ إمْكَانِ أَدَائِهَا أُخِذَتْ .