سنن الترمذي – أبواب الطلاق واللعان
1 - باب ما جاء في طلاق السنة.
بسم الله الرحمن الرحيم
1185 - حدثنا قتيبة بن سعيد أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن يونس ابن جبير قال: سألت ابن عمر عن رجل طلق امرأته وهي حائض. فقال: هل تعرف عبد الله بن عمر؟ فإنه طلق امرأته وهي حائض. فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يراجعها.
قال: قلت: فيعتد بتلك التطليقة؟ قال: فمه. أرأيت إن عجز واستحمق؟
1186 - حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن سفيان، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن سالم، عن أبيه؛ أنه طلق امرأته في الحيض. فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
- " مره فليراجعها. ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا".
حديث يونس بن جبير عن ابن عمر، حديث حسن صحيح. وكذلك حديث سالم عن ابن عمر. وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أن طلاق السنة، أن يطلقها طاهرا من غير جماع. وقال بعضهم: إن طلقها ثلاثا وهي طاهر، فإنه يكون للسنة أيضا. وهو قول الشافعي وأحمد وقال بعضهم: لا تكون ثلاثا للسنة، إلا أن يطلقها واحدة واحدة.
وهو قول الثوري وإسحاق. وقالوا (في طلاق الحامل) : يطلقها متى شاء. وقال بعضهم: يطلقها عند كل شهر تطليقة. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
2 - باب ما جاء في الرجل طلق امرأته البتة.
1187 - حدثنا هناد أخبرنا قبيصة عن جرير بن حازم، عن الزبير بن سعد، عن عبد الله بن يزيد ابن ركانة، عن أبيه، عن جده قال:
- أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إني طلقت امرأتي البتة. فقال "ما أردت بها" ؟ قلت: واحدة. قال "والله؟ " قلت والله! قال "فهو ما أردت".
هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وقد اختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في طلاق البتة. فروي عن عمر بن الخطاب أنه جعل البتة واحدة.
وروى عن علي أنه جعلها ثلاثا.
وقال بعض أهل العلم. فيه نية الرجل إن نوى واحدة فواحدة، وإن نوى ثلاثا فثلاث، وإن نوى ثنتين لم تكن إلا واحدة. وهو قول الثوري وأهل الكوفة.
وقال مالك بن أنس (في البتة) : إن كان قد دخل بها فهي ثلاث تطليقات.
وقال الشافعي: إن نوى واحدة فواحدة، يملك الرجعة. وإن نوى ثنتين فثنتان. وإن نوى ثلاثا فثلاث.
3 - باب ما جاء في (أمرك بيدك) .
1188 - حدثنا علي بن نصر بن علي. أخبرنا سليمان بن حرب. أخبرنا حماد بن زيد قال: قلت لأيوب: هل علمت أن أحدا قال في (أمرك بيدك) إنها ثلاث إلا الحسن؟ فقال: لا إلا الحسن. ثم قال: اللهم غفرا إلا ما حدثني قتادة عن كثير مولى بني سمرة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ثلاث".
قال أيوب: فلقيت كثيرا مولى بني سمرة فسألته فلم يعرفه. فرجعت إلى قتادة فأخبرته فقال: نسي.
هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث سليمان بن حرب عن حماد بن زيد. وسألت محمدا عن هذا الحديث فقال: أخبرنا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد بهذا. وإنما هو عن أبي هريرة موقوفا.
ولم يعرف حديث أبي هريرة مرفوعا وكان علي بن نصر حافظا، صاحب حديث.
وقد اختلف أهل العلم في (أمرك بيدك) فقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود: هي واحدة. وهو قول غير واحد من أهل العلم من التابعين ومن بعدهم.
وقال عثمان بن عفان وزيد بن ثابت: القضاء ما قضت.
وقال ابن عمر: إذا جعل أمرها بيدها وطلقت نفسها ثلاثا، وأنكر الزوج وقال: لم أجعل أمرها بيدها إلا واحدة، استحلف الزوج وكان القول قوله مع يمينه.
وذهب سفيان وأهل الكوفة إلى قول عمر وعبد الله، وأما مالك بن أنس فقال: القضاء ما قضت. وهو قول أحمد وأما إسحاق فذهب إلى قول ابن عمر.
4 - باب ما جاء في الخيار.
1189 - حدثنا محمد بن بشار أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي. أخبرنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه. أفكان طلاقا؟.
1190 - حدثنا بندار أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي. أخبرنا سفيان عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة، بمثله. هذا حديث حسن صحيح. واختلف أهل العلم في الخيار. فروي عن عمر وعبد الله بن مسعود أنهما قالا: إن اختارت نفسها، فواحدة بائنة. وروى عنهما أنهما قالا أيضا: واحدة يملك الرجعة، وإن اختارت زوجها فلا شيء. وروى عن علي أنه قال: إن اختارت نفسها فواحدة بائنة. وإن اختارت زوجها فواحدة يملك الرجعة.
وقال زيد بن ثابت: إن اختارت زوجها فواحدة. وإن اختارت نفسها فثلاث. وذهب أكثر أهل العلم والفقه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم في هذا الباب إلى قول عمر وعبد الله. وهو قول الثوري وأهل الكوفة. وأما أحمد بن حنبل، فذهب إلى قول علي رضي الله عنه.
5 - باب ما جاء في المطلقة ثلاثا لا سكنى لها ولا نفقة.
1191 - حدثنا هناد أخبرنا جرير عن مغيرة، عن الشعبي، قال:
- قالت فاطمة بنت قيس: "طلقني زوجي ثلاثا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا سكنى لك ولا نفقة"
قال مغيرة: فذكرته لإبراهيم فقال: قال عمر: لا ندع كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة، لا ندري أحفظت أم نسيت. وكان عمر يجعل لها السكنى والنفقة.
حدثنا أحمد بن منيع. أخبرنا هشيم. أنبأنا حصين وإسماعيل ومجالد.
قال هشيم: وأخبرنا داود أيضا عن الشعبي قال: دخلت على فاطمة ابنة قيس فسألتها عن قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقالت: طلقها زوجها البتة. فخاصمته في السكنى والنفقة، فلم يجعل لها النبي صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة.
وفي حديث داود قالت: وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم.
هذا حديث حسن صحيح. وهو قول بعض أهل العلم. منهم الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح والشعبي. وبه يقول أحمد وإسحاق. وقالوا: ليس للمطلقة سكنى ولا نفقة، إذا لم يملك زوجها الرجعة. وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم عمر وعبد الله: إن المطلقة ثلاثا، لها السكنى والنفقة. وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة. وقال بعض أهل العلم: لها السكنى ولا نفقة لها. وهو قول مالك بن أنس والليث بن سعد والشافعي. وقال الشافعي: إنما جعلنا لها السكنى بكتاب الله قال الله تعالى: { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}. قالوا: هو البذاء، أن تبذو على أهلها، واعتل بأن فاطمة ابنة قيس لم يجعل لها النبي صلى الله عليه وسلم السكنى، لما كانت تبذو على أهلها.
قال الشافعي: ولا نفقة لها، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة حديث فاطمة بنت قيس.
6 - باب ما جاء لا طلاق قبل النكاح.
1192 - حدثنا أحمد بن منيع. أخبرنا هشيم أخبرنا عامر الأحول عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك".
وفي الباب عن علي ومعاذ بن جبل وجابر وابن عباس وعائشة. حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن صحيح. وهو أحسن شيء روى في هذا الباب. وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. روى ذلك عن علي بن أبي طالب وابن عباس وجابر بن عبد الله وسعيد بن المسيب والحسن وسعيد بن جبير وعلي بن الحسين وشريح وجابر بن زيد وغير واحد من فقهاء التابعين. وبه يقول الشافعي. وروي عن ابن مسعود أنه قال في (المنصوبة) : إنها تطلق. وقد روي عن إبراهيم النخعي والشعبي وغيرهما من أهل العلم؛ أنهم قالوا: إذا وقت نزل. وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس؛ أنه إذا سمى امرأة بعينها أو وقت وقتا أو قال: إن تزوجت من كورة كذا، فإنه إن تزوج فإنها تطلق. وأما ابن المبارك فشدد في هذا الباب وقال: إن فعل، لا أقول هي حرام. وذكر عن عبد الله بن المبارك؛ أنه سئل عن رجل حلف بالطلاق أن لا يتزوج ثم بدا له أن يتزوج. هل له رخصة أن يأخذ بقول الفقهاء الذين رخصوا في هذا؟ فقال ابن المبارك: إن كان يرى هذا القول حقا من قبل أن يبتلى بهذه المسألة فله أن يأخذ بقولهم. فأما من لم يرض بهذا، فلما ابتلى أحب أن يأخذ بقولهم، فلا أرى له ذلك. وقال أحمد: إن تزوج، لا آمره أن يفارق امرأته. وقال إسحاق: أنا أجيز في المنصوبة، لحديث ابن مسعود، وإن تزوجها لا أقول تحرم عليه امرأته ووسع إسحاق في غير المنصوبة.
7 - باب ما جاء أن طلاق الأمة تطليقتان.
1193 - حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري. أخبرنا أبو عاصم عن ابن جريج، قال أخبرنا مظاهر بن أسلم. قال: حدثني القاسم عن عائشة:
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "طلاق الأمة تطليقتان، وعدتها حيضتان".
قال محمد بن يحيى: وأخبرنا أبو عاصم. أخبرنا مظاهر بهذا.
قال: وفي الباب عن عبد الله بن عمر.
حديث عائشة حديث غريب. لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث مظاهر بن أسلم. ومظاهر لا يعرف له في العلم غير هذا الحديث. والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق.
8 - باب ما جاء فيمن يحدث نفسه بطلاق امرأته.
1194 - حدثنا قتيبة. أخبرنا أبو عوانة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تجاوز الله لأمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تكلم به، أو تعمل به".
هذا حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم: أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق، لم يكن شيئا حتى يتكلم به.
9 - باب ما جاء في الجد والهزل في الطلاق.
1195 - حدثنا قتيبة أخبرنا حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن أدرك المديني عن عطاء، عن ابن ماهك، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث جدهن جد: وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة".
هذا حديث حسن غريب، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: وعبد الرحمن، هو ابن حبيب بن أدرك وابن ماهك، هو عندي يوسف بن ماهك.
10 - باب ما جاء في الخلع.
1196 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا الفضل بن موسى عن سفيان. أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، وهو مولى آل طلحة عن سليمان بن يسار، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء؛ أنها اختلعت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم، أو أمرت أن تعتد بحيضة. وفي الباب عن ابن عباس. قال أبو عيسى: حديث الربيع بنت معوذ الصحيح؛ أنها أمرت أن تعتد بحيضة.
1197 - حدثنا محمد بن عبد الرحيم البغدادي حدثنا علي بن بحر. حدثنا هشام بن يوسف عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، عن ابن عباس ؛ أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة.
هذا حديث حسن غريب. واختلف أهل العلم في عدة المختلعة. فقال أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إن عدة المختلعة عدة المطلقة، وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة.وبه يقول أحمد وإسحاق. وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: عدة المختلعة حيضة. قال إسحاق: وإن ذهب ذاهب إلى هذا، فهو مذهب قوي.
11 - باب ما جاء في المختلعات.
1198 - حدثنا أبو كريب. حدثنا مزاحم بن ذواد بن علبة عن أبيه، عن ليت، عن أبي الخطاب، عن أبي زرعة، عن أبي إدريس، عن ثوبان،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المختلعات هن المنافقات".
هذا حديث غريب من هذا الوجه، وليس إسناده بالقوي.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "أيما امرأة اختلعت من زوجها من غير بأس، لم ترح رائحة الجنة".
1199 - حدثنا بذلك محمد بن بشار. حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عمن حدثه، عن ثوبان؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة".
وهذا حديث حسن. ويروى هذا الحديث عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان. ورواه بعضهم، عن أيوب بهذا الإسناد ولم يرفعه.
12 - باب ما جاء في مداراة النساء.
1200 - حدثنا عبد الله بن أبي زياد. حدثنا يعقوب بن إبراهيم عن ابن سعد. حدثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمه، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن المرأة كالضلع إن ذهبت تقيمها كسرتها. وإن تركتها استمتعت بها على عوج".
وفي الباب عن أبي ذر وسمرة وعائشة. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، غريب من هذا الوجه.
13 - باب ما جاء في الرجل يسأله أبوه أن يطلق امرأته.
1201 - حدثنا أحمد بن محمد. حدثنا ابن المبارك. حدثنا ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر: قال: كانت تحتي امرأة أحبها. وكان أبي يكرهها. فأمرني أبي أن أطلقها فأبيت. فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:
- "يا عبد الله بن عمر! طلق امرأتك".
هذا حديث حسن صحيح. إنما نعرفه من حديث ابن أبي ذئب.
14 - باب ما جاء لا تسأل المرأة طلاق أختها.
1202 - حدثنا قتيبة. حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- " لا تسأل المرأة طلاق أختها، لتكفئ ما في إنائها".
وفي الباب عن أم سلمة. حديث أبي هريرة، حديث حسن صحيح.
15 - باب ما جاء في طلاق المعتوه.
1203 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن عطاء بن عجلان، عن عكرمة بن خالد المخزومي، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل طلاق جائز، إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله".
هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن عجلان. وعطاء بن عجلان ضعيف، ذاهب الحديث. والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم؛ أن طلاق المعتوه المغلوب على عقله لا يجوز، إلا أن يكون معتوها، يفيق الأحيان، فيطلق في حال إفاقته.
16 - باب.
1204 - حدثنا قتيبة. حدثنا يعلى بن شبيب عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان الناس، والرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها. وهي امرأته إذا أرتجعها وهي في العدة. وإن طلقها مائة مرة أو أكثر. حتى قال رجل لامرأته: والله! لا أطلقك فتبينين مني، ولا آويك أبدا. قالت: وكيف ذاك؟ قال: أطلقك. فكلما همت عدتك أن تنقضي، راجعتك. فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة فأخبرتها. فسكتت عائشة حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، حتى نزل القرآن:
{ الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) . قالت عائشة: فاستأنف الناس الطلاق مستقبلا، من كان طلق ومن لم يكن طلق.
1205 - حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء. قال حدثنا عبد الله بن إدريس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، نحو هذا الحديث بمعناه. ولم يذكر فيه (عن عائشة) . وهذا أصح من حديث يعلى بن شبيب.
17 - باب ما جاء في الحامل المتوفى عنها زوجها تضع.
1206 - حدثنا أحمد بن منيع. حدثنا حسين بن محمد. حدثنا شيبان عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن أبي السنابل بن بعكك قال: وضعت سبيعة بعد وفاة زوجها بثلاثة وعشرين يوما، أو خمسة وعشرين يوما. فلما تعلت تشوفت للنكاح. فأنكر عليها ذلك. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم.
- فقال "إن تفعل فقد حل أجلها".
1207 - حدثنا أحمد بن منيع. حدثنا الحسن بن موسى. حدثنا شيبان عن منصور نحوه.
وفي الباب عن أم سلمة. حديث أبي السنابل حديث مشهور من هذا الوجه. ولا نعرف للأسود شيئا عن أبي السنابل. وسمعت محمدا يقول: لا أعرف أن أبا السنابل عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم؛ أن الحامل المتوفى عنها زوجها، إذا وضعت فقد حل التزويج لها، وإن لم تكن انقضت عدتها.
وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق. قال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. تعتد آخر الأجلين.
والقول الأول أصح.
1208 - حدثنا قتيبة. حدثنا الليث عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار؛ أن أبا هريرة وابن عباس وأبا سلمة بن عبد الرحمن تذاكروا المتوفى عنها زوجها، الحامل تضع عند وفاة زوجها. فقال ابن عباس: تعتد آخر الأجلين. وقال أبو سلمة: بل تحل حين تضع. وقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي. يعني أبا سلمة.
فأرسلوا إلى أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: قد وضعت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بيسير. فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأمرها أن تتزوج. هذا حديث حسن صحيح.
18 - باب ما جاء في عدة المتوفى عنها زوجها.
1209 - حدثنا الأنصاري. حدثنا معن بن عيسى حدثنا مالك بن أنس، عن عبد الله بن أبي بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم، عن حميد بن نافع، عن زينب بنت أبي سلمة، أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة:
1210 - قالت زينب: دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها، أبو سفيان بن حرب. فدعت بطيب فيه صفرة خلوق وغيره، فدهنت به جارية. ثم مست بعارضيها. ثم قالت: والله! مالي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاثة أيام. إلا على زوج، أربعة أشهر وعشرا ".
1211 -قالت زينب: فدخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها. فدعت بطيب فمست منه، ثم قالت: والله ! مالي في الطيب من حاجة. غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج، أربعة أشهر وعشرا".
1212 - قالت زينب: وسمعت أمي، أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها. وقد اشتكت عينيها. أفنكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
- "لا "مرتين أو ثلاث مرات، كل ذلك يقول "لا " ثم قال: "إنما هي أربعة أشهر وعشرا. وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول".
وفي الباب عن فريعة ابنة مالك بن سنان، أخت أبي سعيد الخدري. وحفصة بنت عمر. حديث زينب حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم؛ أن المتوفى عنها زوجها، تتقي في عدتها الطيب والزينة وهو قول سفيان الثوري، ومالك، والشافعي وأحمد وإسحاق.
19 - باب ما جاء في المظاهر يواقع قبل أن يكفر.
1213 - حدثنا أبو سعيد الأشج. حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر البياضي،
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المظاهر يواقع قبل أن يكفر، قال "كفارة واحدة". هذا حديث حسن غريب، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم. وهو قول سفيان الثوري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق.
وقال بعضهم إذا واقعها قبل أن يكفر، فعليه كفارتان. وهو قول عبد الرحمن بن مهدي.
1214 - حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث. حدثنا الفضل بن موسى عن معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة. عن ابن عباس؛
- أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، قد ظاهر امرأته فوقع عليها. فقال: يا رسول الله إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر. فقال "ما حملك على ذلك، يرحمك الله؟ قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر. قال: "فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله".
هذا حديث حسن صحيح غريب.
20 - باب ما جاء في كفارة الظهار.
1215 - حدثنا إسحاق بن منصور. حدثنا هارون بن إسماعيل الخزاز. حدثنا علي بن المبارك. حدثنا يحيى بن أبي كثير. حدثنا أبو سلمة ومحمد بن عبد الرحمن؛ أن سلمان بن صخر الأنصاري، أحد بني بياضة، جعل امرأته عليه كظهر أمه حتى يمضي رمضان. فلما مضى نصف من رمضان وقع عليها ليلا. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له.
- فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعتق رقبة" قال: لا أجدها. قال "فصم شهرين متتابعين" قال: لا أستطيع. قال: "أطعم ستين مسكينا" قال: لا أجد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفروة بن عمرو " أعطه ذلك العرق (وهو مكتل يأخذ خمسة عشر صاعا أو ستة عشر صاعا) إطعام ستين مسكينا".
هذا حديث حسن. يقال سلمان بن صخر، ويقال سلمة بن صخر البياضي.
والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم، في كفارة الظهار.
21 - باب ما جاء في الإيلاء.
1216 - حدثنا الحسن بن قزعة البصري. حدثنا مسلمة بن علقمة. حدثنا داود بن علي عن عامر، عن مسروق، عن عائشة قالت: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه، وحرم. فجعل الحرام حلالا، وجعل اليمين كفارة. وفي الباب عن أبي موسى وأنس.
حديث مسلمة بن علقمة عن داود، رواه علي بن مسهر وغيره عن داود، عن الشعبي؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلا. وليس فيه (عن مسروق عن عائشة) وهذا أصح من حديث مسلمة بن علقمة. والإيلاء أن يحلف الرجل أن لا يقرب امرأته أربعة أشهر فأكثر. واختلف أهل العلم فيه إذا مضت أربعة أشهر. فقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا مضت أربعة أشهر يوقف. فإما أن يفيء، وإما أن يطلق. وهو قول مالك بن أنس والشافعي وأحمد وإسحاق. وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة. وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة.
22 - باب ما جاء في اللعان.
1217 - حدثنا هناد. حدثنا عبدة بن سليمان، عن عبد الملك بن سليمان، عن سعيد بن جبير قال: سئلت عن المتلاعنين في إمارة مصعب بن الزبير، أيفرق بينهما؟ فما دريت ما أقول. فقمت مكاني إلى منزل عبد الله بن عمر. فاستأذنت عليه فقيل لي: إنه قائل. فسمع كلامي فقال: ابن جبير أدخل، ما أجاءك إلا حاجة.
قال: فدخلت فإذا هو مفترش بردعة رحل له. فقلت: يا أبا عبد الرحمن! المتلاعنان، أيفرق بينهما؟ فقال سبحان الله! نعم. إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان. أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أرأيت لو أن أحدنا رأى امرأته على فاحشة، كيف يصنع؟ إن تكلم، تكلم بأمر عظيم. وإن سكت. سكت على أمر عظيم. قال فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجبه.
فلما كان بعد ذلك، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به فأنزل الله الآيات التي في سورة النور { والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} حتى ختم الآيات. فدعا الرجل فتلاهن عليه. ووعظه وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. فقال: لا، والذي بعثك بالحق! ما كذبت عليها. ثم ثنى بالمرأة فوعظها وذكرها. وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقالت: لا، والذي بعثك بالحق! ما صدق. قال، فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصدقين. والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين. والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. ثم فرق بينهما وفي الباب عن سهل بن سعد، وابن عباس، وحذيفة وابن مسعود.
حديث ابن عمر حديث حسن صحيح. والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم.
1218 - حدثنا قتيبة. حدثنا مالك بن أنس عن نافع، عن ابن عمر، قال: لاعن رجل امرأته. وفرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بالأم. هذا حديث حسن صحيح.
23 - باب ما جاء أين تعتد المتوفى عنها زوجها.
1219 - حدثنا الأنصاري حدثنا معن. حدثنا مالك عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة؛ أن الفريعة بنت مالك بن سنان، وهي أخت أبي سعيد الخدري، أخبرتها أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة. وأن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا، حتى إذا كان بطرف القدوم لحقهم فقتلوه. قالت: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي. فإن زوجي لم يترك لي مسكنا يملكه، ولا نفقة. قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نعم". قالت: فانصرفت، حتى إذا كنت في الحجرة (أو في المسجد) ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم (أو أمر بي فنوديت له) فقال "كيف قلت" ؟ قالت: فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي. قال "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله" قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا. قالت: فلما كان عثمان، أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته. فاتبعه وقضى به.
1220 - حدثنا محمد بن بشار. حدثنا يحيى بن سعيد. حدثنا سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة. فذكر نحوه بمعناه. هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم لم يروا للمعتدة أن تنتقل من بيت زوجها حتى تنقضي عدتها.
وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: للمرأة أن تعتد حيث شاءت وإن لم تعتد في بيت زوجها. والقول الأول أصح.