أبواب الصلاة
113- باب ما جاء في مواقيت الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
149- حدثنا هناد بن السري حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن عياش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم، وهو ابن عباد بن حنيف، أخبرني نافع بن جبير بن مطعم قال أخبرني ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "أمني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين، فصلى الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشرك، ثم صلى العصر حين كان كل شيء مثل ظله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم. وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله، لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه، ثم صلى المغرب لوقته الأول، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض، ثم التفت إلي جبريل فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي هريرة، وبريدة وأبي موسى، وأبي مسعود الأنصاري وأبي سعيد، وجابر، وعمرو بن حزم، والبراء، وأنس.
150- أخبرني أحمد بن محمد بن موسى أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا حسين بن علي بن حسين أخبرني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمني جبريل" فذكر نحو حديث ابن عباس بمعناه، ولم يذكر فيه "لوقت العصر بالأمس".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
وحديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
وقال محمد: أصح شيء في المواقيت حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: وحديث جابر في المواقيت قد رواه عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار وأبو الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث وهب بن كيسان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
114- باب منه
151- حدثنا هناد حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت صلاة الظهر حين تزول الشمس وآخر وقت حين يدخل وقت العصر، وإن أول وقت صلاة العصر حين يدخل وقتها، وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس، وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق، وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق، وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل، وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر، وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس".
قال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: وسمعت محمدا يقول: حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت: أصح من حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، وحديث محمد بن فضيل خطأ، أخطأ فيه محمد بن فضيل.
حدثنا هناد حدثنا أبو أسامة عن أبي إسحق الفزاري عن الأعمش عن مجاهد قال: كان يقال: إن للصلاة أولا وآخرا، فذكر نحو حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، نحوه بمعناه.
115- باب منه
152- حدثنا أحمد بن منيع والحسن بن الصباح البزار وأحمد بن محمد بن موسى، المعنى واحد، قالوا: حدثنا إسحق بن يوسف الأزرق عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال:
- "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فسأله عن مواقيت الصلاة فقال: أقم معنا إن شاء الله، فأمر بلالا فأقام حين طلع الفجر، ثم أمره فأقام حين زالت الشمش فصلى الظهر، ثم أمره فأقام فصلى العصر والشمس بيضاء مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وقع حاجب الشمس، ثم أمره بالعشاء فأقام حين غاب الشفق، ثم أمره من الغد فنور بالفجر، ثم أمره بالظهر فأبرد وأنعم أن يبرد، ثم أمره بالعصر فأقام والشمس آخر وقتها فوق ما كانت، ثم أمره فأخر المغرب إلى قبيل أن يغيب الشفق، ثم أمره بالعشاء فأقام حين ذهب ثلث الليل. ثم قال: أين السائل عن مواقيت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا، فقال: مواقيت الصلاة كما بين هذين".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح.
قال: وقد رواه شعبة عن علقمة بن مرثد أيضا.
116- باب ما جاء في التغليس بالفجر
153- حدثنا قتيبة عن مالك بن أنس قال: وحدثنا الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت:
- "إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء قال الأنصاري: فيمر النساء متلففات بمروطهن ما يعرفن من الغلس". وقال قتيبة: "متلفعات".
قال: وفي الباب عن ابن عمر، وأنس، وقيلة بنت مخرمة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
وقد رواه الزهري عن عروة عن عائشة نحوه.
وهو الذي اختاره غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم أبو بكر، وعمر، ومن بعدهم من التابعين.
وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق: يستحبون التغليس بصلاة الفجر.
117- باب ما جاء في الإسفار بالفجر
154- حدثنا هناد حدثنا عبدة هو ابن سليمان عن محمد بن إسحق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر".
قال: وقد روى شعبة والثوري هذا الحديث عن محمد بن إسحق.
قال: ورواه محمد بن عجلان أيضا عن عاصم بن عمر بن قتادة.
قال: وفي الباب عن أبي برزة الأسلمي وجابر، وبلال.
قال أبو عيسى: حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح.
وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين الإسفار بصلاة الفجر.
وبه يقول سفيان الثوري.
وقال الشافعي وأحمد وإسحق: معنى الإسفار: أن يضح الفجر فلا يشك فيه، ولم يروا أن معنى الإسفار تأخير الصلاة.
118- باب ما جاء في التعجيل بالظهر
155- حدثنا هناد بن السري حدثنا وكيع عن سفيان عن حكيم بن جبير عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت:
- "ما رأيت أحدا أشد تعجيلا للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا من أبي بكر، ولا من عمر".
قال: وفي الباب عن جابر بن عبد الله، وخباب، وأبي برزة، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وجابر بن سمرة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن.
وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم.
قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل حديثه الذي روى عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم:
- "من سأل الناس وله ما يغنيه".
قال يحيى: وروى له سفيان وزائدة، ولم ير يحيى بحديثه بأسا.
قال محمد: وقد روي عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل الظهر.
156- حدثنا الحسن بن علي الحلواني أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر حين زالت الشمس".
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح. وهو أحسن حديث في هذا الباب وفي الباب عن جابر.
119- باب ما جاء في تأخير الظهر في شدة الحر
157- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم".
قال: وفي الباب عن أبي سعيد، وأبي ذر، وابن عمر، والمغيرة، والقاسم بن صفوان عن أبيه وأبي موسى، وابن عباس وأنس.
قال: وروي عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا، ولا يصح.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وقد اختار قوم من أهل العلم تأخير صلاة الظهر في شدة الحر.
وهو قول ابن المبارك وأحمد، وإسحق.
قال الشافعي: إنما الإبراد بصلاة الظهر إذا كان مسجدا ينتاب أهله من البعد فأما المصلي وحده والذي يصلي في مسجد قومه فالذي أحب له أن لا يؤخر الصلاة في شدة الحر.
قال أبو عيسى: ومعنى من ذهب إلى تأخير الظهر في شدة الحر هو أولى وأشبه بالإتباع.
وأما ما ذهب إليه الشافعي أن الرخصة لمن ينتاب من البعد وللمشقة على الناس: فإن في حديث أبي ذر ما يدل على خلاف ما قال الشافعي.
قال أبو ذر:
- "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأذن بلال بصلاة الظهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا بلال أبرد ثم أبرد".
فلو كان الأمر على ما ذهب إليه الشافعي: لم يكن للإبراد في ذلك الوقت معنى، لاجتماعهم في السفر، وكانوا لا يحتاجون أن ينتابوا من البعد.
158- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي قال: أنبأنا شعبة عن مهاجر أبي الحسن عن زيد بن وهب عن أبي ذر:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر ومعه بلال، فأراد أن يقيم، فقال: أبرد، ثم أراد أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبرد في الظهر، قال: حتى رأينا فيء التلول، ثم أقام فصلى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شدة الحر من فيح جهنم فأبردوا عن الصلاة".
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح.
120- باب ما جاء في تعجيل العصر
159- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت:
- "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر والشمس في حجرتها، لم يظهر الفيء من حجرتها".
قال: وفي الباب عن أنس، وأبي أروى، وجابر، ورافع بن خديج، قال: ويروى عن رافع أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم في تأخير العصر، ولا يصح.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
وهو الذي اختاره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم عمر، وعبد الله بن مسعود، وعائشة، وأنس، وغير واحد من التابعين: تعجيل صلاة العصر، وكرهوا تأخيرها.
وبه يقول عبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد وإسحق.
160- حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن
- "أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر، وداره بجنب المسجد، فقال: قوموا فصلوا العصر، قال: فقمنا فصلينا، فلما انصرفنا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
121- باب ما جاء في تأخير صلاة العصر
161- حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة أنها قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد تعجيلا للظهر منكم، وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه".
قال أبو عيسى: وقد روي هذا الحديث عن إسماعيل بن علية عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة نحوه.
162- ووجدت في كتابي: أخبرني علي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج.
163- وحدثنا بشر بن معاذ البصري قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن جريج بهذا الإسناد نحوه وهذا أصح.
122- باب ما جاء ما جاء في وقت المغرب
164- حدثنا قتيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب إذا غربت الشمش وتوارت بالحجاب".
قال: وفي الباب عن جابر، والصنابحي، وزيد بن خالد، وأنس، ورافع بن خديج، وأبي أيوب، وأم حبيبة، وعباس بن عبد المطلب وابن عباس.
وحديث العباس قد روي موقوفا عنه، وهو أصح.
والصنابحي لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم: وهو صاحب أبي بكر رضي الله عنه.
قال أبو عيسى: حديث سلمة بن الأكوع حديث حسن صحيح.
وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين: اختاروا تعجيل صلاة المغرب، وكرهوا تأخيرها، حتى قال بعض أهل العلم: ليس لصلاة المغرب إلا وقت واحد، وذهبوا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث صلى به جبريل.
وهو قول ابن المبارك والشافعي.
123- باب ما جاء في وقت صلاة العشاء الآخرة
165- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال:
- "أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة".
166- حدثنا أبو بكر محمد بن أبان حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن أبي عوانة، بهذا الإسناد نحوه.
قال أبو عيسى: روى هذا الحديث هشيم عن أبي بشر عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير. ولم يذكر فيه هشيم "عن بشير بن ثابت".
وحديث أبي عوانة أصح عندنا، لأن يزيد بن هارون روى عن شعبة عن أبي بشر نحو رواية أبي عوانة.
124- باب ما جاء في تأخير صلاة العشاء الآخرة
167- حدثنا هناد حدثنا عبدة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه".
قال: وفي الباب عن جابر بن سمرة، وجابر بن عبد الله، وأبي برزة، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن خالد، وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وهو الذي اختاره أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وغيرهم: رأوا تأخير صلاة العشاء الآخرة.
وبه يقول أحمد وإسحق.
125- باب ما جاء في كراهية النوم قبل العشاء والسمر بعدها
168- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا عوف.
قال أحمد: وحدثنا عباد بن عباد هو المهلبي وإسماعيل بن علية: جميعا عن عوف عن سيار بن سلامة هو أبو المنهال الرياحي عن أبي برزة قال:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم: يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها".
قال وفي الباب عن عائشة، وعبد الله بن مسعود، وأنس.
قال أبو عيسى: حديث أبي برزة حديث حسن صحيح.
وقد كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها ورخص في ذلك بعضهم.
وقال عبد الله بن المبارك: أكثر الأحاديث على الكراهية.
ورخص بعضهم في النوم قبل صلاة العشاء في رمضان.
وسيار بن سلامة هو أبو المنهال الرياحي.
126- باب ما جاء من الرخصة في السمر بعد العشاء
169- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عمر بن الخطاب قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر مع أبي بكر في الأمر من أمر المسلمين وأنا معهما".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وأوس بن حذيفة، وعمران بن حصين. قال أبو عيسى: حديث عمر حديث حسن.
وقد روى هذا الحديث الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن علقمة عن رجل من جعفي يقال له "قيس" أو "ابن قبس" عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: هذا الحديث في قصة طويلة.
وقد اختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم في السمر بعد صلاة العشاء الآخرة: فكره قوم منهم السمر بعد صلاة العشاء، ورخص بعضهم إذا كان في معنى العلم وما لا بد منه من الحوائج. وأكثر الحديث على الرخصة.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا سمر إلا لمصل أو مسافر".
127- باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل
170- حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن عمر العمري عن القاسم بن غنام عن عمته أم فروة، وكانت ممن بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
- "سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لأول وقتها".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب حسن.
171- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا يعقوب بن الوليد المدني عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "الوقت الأول من الصلاة رضوان الله، والوقت الآخر عفو الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
وقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
قال: وفي الباب عن علي، وابن عمر، وعائشة، وابن مسعود.
172- حدثنا قتيبة قال حدثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
- "يا علي: ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤا".
قال أبو عيسى: حديث أم فروة لا يروى إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري وليس هو بالقوي عند أهل الحديث. واضطربوا عنه في هذا الحديث وهو صدوق، وقد تكلم فيه يحيى بن سعيد من قبل حفظه.
173- حدثنا قتيبة حدثنا مروان بن معاوية الفزاري عن أبي يعفور عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو الشيباني: "أن رجلا قال لابن مسعود: أي العمل أفضل؟ قال سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:
- "الصلاة على مواقيتها قلت: وماذا يا رسول الله؟ قال: وبر الوالدين. قلت: وماذا يا رسول الله؟ قال: والجهاد في سبيل الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقد روى المسعودي وشعبة وسليمان هو أبو إسحق الشيباني وغير واحد عن الوليد بن العيزار: هذا الحديث.
174- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن خالد بن بزيد عن سعيد ابن أبي هلال عن إسحق بن عمر عن عائشة قالت:
- "ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة لوقتها الآخر مرتين حتى قبضه الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، غريب، وليس إسناده بمتصل.
قال الشافعي: والوقت الأول من الصلاة أفضل. ومما يدل على فضل أول الوقت على آخره: اختيار النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلم يكونوا يختارون إلا ما هو أفضل ولم يكونوا يدعون الفضل، وكانوا يصلون في أول الوقت.
قال: حدثنا بذلك أبو الوليد المكي عن الشافعي.
128- باب ما جاء في السهو عن وقت صلاة العصر
175- حدثنا قتيبة حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله".
وفي الباب عن بريدة، ونوفل بن معاوية.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
وقد روى الزهري أيضا عن سالم عن أبيه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
129- باب ما جاء في تعجيل الصلاة إذا أخرها الإمام
176- حدثنا محمد بن موسى البصري حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- "يا أبا ذر أمراء يكونون بعدي يميتون الصلاة، فصل الصلاة لوقتها كانت لك نافلة، وإلا كنت قد أحرزت صلاتك".
وفي الباب عن عبد الله بن الصامت.
قال أبو عيسى: حديث أبي ذر حديث حسن.
وهو قول غير واحد من أهل العلم: يستحبون أن يصلي الرجل الصلاة لميقاتها إذا أخرها الإمام، والصلاة الأولى هي المكتوبة عند أكثر أهل العلم. وأبو عمران الجوني اسمه "عبد الملك بن حبيب".
130- باب ما جاء في النوم عن الصلاة
177- حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة قال:
- "ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة فقال: إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة فليصلها إذا ذكرها".
وفي الباب عن ابن مسعود، وأبي مريم، وعمران بن حصين، وجبير بن مطعم، وأبي جحيفة، وأبي سعيد، وعمرو بن أمية الضمري وذي مخبر ويقال: ذي مخمر وهو ابن أخي النجاشي.
قال أبو عيسى: وحديث أبي قتادة حديث حسن صحيح.
وقد اختلف أهل العلم في الرجل ينام عن الصلاة أو ينساها فيستيقظ أو يذكر وهو في غير وقت صلاة، عند طلوع الشمس أو عند غروبها.
فقال بعضهم: يصليها إذا استيقظ أو ذكر، وإن كان عند طلوع الشمس أو عند غروبها. وهو قول أحمد، وإسحق، والشافعي، ومالك. وقال بعضهم: لا يصلي حتى تطلع الشمس أو تغرب.
131- باب ما جاء الرجل ينسى الصلاة
187- حدثنا قتيبة وبشر بن معاذ قالا: حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها".
وفي الباب عن سمرة، وأبي قتادة.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
ويروى عن علي بن أبي طالب: أنه قال في الرجل ينسى الصلاة قال: يصليها متى ذكرها في وقت أو في غير وقت. وهو قول الشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحق.
ويروى عن أبي بكرة: أنه نام عن صلاة العصر، فاستيقظ عند غروب الشمس، فلم يصل حتى غربت الشمس.
وقد ذهب قوم من أهل الكوفة إلى هذا.
وأما أصحابنا فذهبوا إلى قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
132- باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ
179- حدثنا هناد حدثنا هشيم عن أبي الزبير عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال: قال عبد الله بن مسعود:
- "إن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالا فأذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء".
قال: وفي الباب عن أبي سعيد، وجابر.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله ليس بإسناده بأس، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله.
وهو الذي اختاره بعض أهل العلم في الفوائت: أن يقيم الرجل لكل صلاة إذا قضاها. وإن لم يقم أجزأه. وهو قول الشافعي.
180- وحدثنا محمد بن بشار بندار حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله:
- "أن عمر بن الخطاب قال يوم الخندق، وجعل يسب كفار قريش، قال: يا رسول الله؟ ما كدت أصلي العصر حتى تغرب الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إن صليتها قال: فنزلنا بطحان، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما غربت الشمش ثم صلى بعدها المغرب".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
133- باب ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر وقد قيل: إنها الظهر
181- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي وأبو النضر عن محمد بن طلحة بن مصرف عن زبيد عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "صلاة الوسطى صلاة العصر". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
182- حدثنا هناد حدثنا عبدة عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "صلاة الوسطى صلاة العصر".
قال: وفي الباب عن علي وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وعائشة، وحفصة، وأبي هريرة، وأبي هاشم بن عتبة.
قال أبو عيسى: قال محمد: قال علي بن عبد الله حديث الحسن عن سمرة بن جندب حديث صحيح، وقد سمع منه.
قال أبو عيسى: حديث سمرة في صلاة الوسطى حديث حسن.
وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
وقال زيد بن ثابت وعائشة صلاة الوسطى صلاة الظهر.
وقال ابن عباس وابن عمر. صلاة الصبح.
حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد قال لي محمد بن سيرين: سل الحسن: ممن سمع حديث العقيقة؟ فسألته، فقال سمعته من سمرة بن جندب.
قال أبو عيسى: وأخبرني محمد بن إسماعيل حدثنا علي بن عبد الله بن المديني عن قريش بن أنس بهذا الحديث.
قال محمد: قال علي: وسماع الحسن من سمرة صحيح. واحتج بهذا الحديث.
134- باب ما جاء في كراهية الصلاة بعد العصر وبعد الفجر
183- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا منصور، وهو ابن زاذان عن قتادة قال: أخبرنا أبو العالية عن ابن عباس قال: سمعت غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: منهم عمر بن الخطاب، وكان من أحبهم إلي:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس".
قال: وفي الباب عن علي، وابن مسعود، وعقبة بن عامر، وأبي هريرة، وابن عمر، وسمرة بن جندب، وعبد الله بن عمرو، ومعاذ بن عفراء، الصنابحي. ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وسلمة بن الأكوع، وزيد بن ثابت، وعائشة، وكعب بن مرة، وأبي أمامة، وعمرو بن عبسة، ويعلى بن أمية، ومعاوية.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس عن عمر حديث حسن صحيح.
وهو قول أكثر الفقهاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: أنهم كرهوا الصلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس. وأما الصلوات الفوائت فلا بأس أن تقضى بعد العصر وبعد الصبح.
قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: قال شعبة: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا ثلاثة أشياء: حديث عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس"، وحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى"، وحديث علي: "القضاة ثلاثة".
135- باب ما جاء في الصلاة بعد العصر
184- حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
- "إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر لأنه أتاه مال فشغله عن الركعتين بعد الظهر، فصلاهما بعد العصر، ثم لم يعدلهما".
وفي الباب عن عائشة، وأم سلمة، وميمونة، وأبي موسى.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن.
وقد روى غير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه صلى بعد العصر ركعتين".
وهذا خلاف ما روي عنه: "أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس".
وحديث ابن عباس أصح حيث قال: "لم يعد لهما".
وقد روي عن زيد بن ثابت نحو حديث ابن عباس.
وقد روي عن عائشة في هذا الباب روايات:
روي عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم ما دخل عليها بعد العصر إلا صلى ركعتين".
وروي عنها عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس".
والذي اجتمع عليه أكثر أهل العلم: على كراهية الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، إلا ما استثني من ذلك، مثل الصلاة بمكة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس بعد الطواف، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في ذلك.
وقد قال به قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق.
وقد كره قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم الصلاة بمكة أيضا بعد العصر وبعد الصبح.
وبه يقول سفيان الثوري ومالك بن أنس، وبعض أهل الكوفة.
136- باب ما جاء في الصلاة قبل المغرب
185- حدثنا هناد حدثنا وكيع عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "بين كل آذانين صلاة لمن شاء".
وفي الباب عن عبد الله بن الزبير.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن صحيح.
وقد اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قبل المغرب فلم ير بعضهم الصلاة قبل المغرب.
وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أنهم كانوا يصلون قبل صلاة المغرب ركعتين، بين الأذان والإقامة.
وقال أحمد وإسحق: إن صلاهما فحسن. وهذا عندهما على الاستحباب.
137- باب ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل تغرب الشمس
186- حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بسر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر".
وفي الباب عن عائشة.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وبه يقول أصحابنا والشافعي، وأحمد، وإسحق.
ومعنى هذا الحديث عندهم لصاحب العذر، مثل الرجل ينام عن الصلاة أو ينساها فيستيقظ ويذكر عند طلوع الشمس وعند غروبها.
138- باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين في الحضر
187- حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
- "جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بالمدينة، من غير خوف ولا مطر.
قال: فقيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته".
وفي الباب عن أبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس قد روي عنه من غير وجه: رواه جابر بن زيد وسعيد بن جبير وعبد الله بن شقيق العقيلي.
وقد روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا:
188- حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف البصري حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر".
قال أبو عيسى: وحنش هذا هو: "أبو علي الرحبي" وهو "حسين بن قيس" وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أحمد وغيره.
والعمل على هذا عند أهل العلم: أن لا يجمع بين الصلاتين إلا في السفر أو بعرفة.
ورخص بعض أهل العلم من التابعين في الجمع بين الصلاتين للمريض وبه يقول أحمد، وإسحق.
وقال بعض أهل العلم: يجمع بين الصلاتين في المطر.
وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق.
ولم ير الشافعي للمريض أن يجمع بين الصلاتين.
139- باب ما جاء في بدء الأذان
189- حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه قال:
- "لما أصبحنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بالرؤيا، فقال: إن هذه لرؤيا حق، فقم مع بلال، فإنه أندى وأمد صوتا منك، فألق عليه ما قيل لك، وليناد بذلك، قال فلما سمع عمر بن الخطاب نداء بلال بالصلاة خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يجر إزاره، وهو يقول: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لقد رأيت مثل الذي قال، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلله الحمد، فذلك أثبت".
قال: وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن زيد حديث حسن صحيح.
وقد روى هذا الحديث إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحق أتم من هذا الحديث وأطول، وذكر فيه قصة الأذان مثنى مثنى والإقامة مرة مرة.
وعبد الله بن زيد هو ابن عبد، ويقال ابن عبد عبد ربه.
ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يصح إلا هذا الحديث الواحد في الأذان.
وعبد الله بن زيد بن عاصم المازني له أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عم عباد بن تميم.
190- حدثنا أبو بكر بن النضر بن أبي النضر حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرنا نافع عن ابن عمر قال:
- "كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلوات، وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: اتخذوا قرنا مثل قرن اليهود، قال: فقال عمر بن الخطاب: أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة؟ ! قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال قم فناد بالصلاة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، غريب من حديث ابن عمر.
140- باب ما جاء في الترجيع في الأذان
191- حدثنا بشر بن معاد البصري حدثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: أخبرني أبي وجدي جميعا عن أبي محذورة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقعده وألقى عليه الأذان حرفا حرفا. قال إبراهيم: مثل أذاننا. قال بشر. فقلت له: أعد علي فوصف الأذان بالترجيع".
قال أبو عيسى: حديث أبي محذورة في الأذان حديث صحيح. وقد روي عنه من غير وجه.
وعليه العمل بمكة، وهو قول الشافعي.
192- حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا عفان حدثنا همام عن عامر بن عبد الواحد الأحول عن مكحول عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وأبو محذورة اسمه "سمرة بن معير".
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا في الأذان.
وقد روي عن أبي محذورة أنه كان يفرد الإقامة.
141- باب ما جاء في إفراد الإقامة
193- حدثنا قتيبة حدثنا عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن زريع عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال:
- "أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة". وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
وهو قول بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين. وبه يقول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحق.
142- باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى
194- حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عقبة بن خالد عن ابن أبي ليلى عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال:
- "كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا شفعا: في الأذان والإقامة".
قال أبو عيسى: حديث عبد الإله بن زيد رواه وكيع عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام".
وقال شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: "أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام".
وهذا أصح من حديث ابن أبي ليلى.
وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد.
وقال بعض أهل العلم: الأذان مثنى مثنى، والإقامة مثنى مثنى.
قال أبو عيسى: ابن أبي ليلى هو: "محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى" كان قاضي الكوفة، ولم يسمع من أبيه شيئا، إلا أنه يروي عن رجل عن أبيه.
وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، وأهل الكوفة.
143- باب ما جاء في الترسل في الأذان
195- حدثنا أحمد بن الحسن حدثنا المعلى بن أسد حدثنا عبد المنعم هو صاحب السقاء، قال: حدثنا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال:
- "يا بلال، إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحذر، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته، ولا تقوموا حتى تروني".
196- حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد عن عبد المنعم نحوه.
قال أبو عيسى: حديث جابر هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد المنعم: وهو إسناد مجهول.
وعبد المنعم شيخ بصري.
144- باب ما جاء في إدخال الإصبع في الأذن عند الأذان
197- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان الثوري عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال:
- "رأيت بلالا يؤذن ويدور، ويتبع فاه هاهنا وهاهنا، وإصبعاه في أذنيه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة له حمراء، أراه قال: من أدم، فخرج بلال بين يديه بالعنزة فركزها بالبطحاء، فصلى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بين يديه الكلب والحمار، وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بريق ساقيه، قال سفيان: نراه حبرة".
قال أبو عيسى: حديث أبي جحيفة حديث حسن صحيح.
وعليه العمل عند أهل العلم: يستحبون أن يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان.
وقال بعض أهل العلم: وفي الإقامة أيضا، يدخل إصبعيه في أذنيه وهو قول ألأوزاعي.
وأبو جحيفة اسمه "وهب بن عبد الله السوائي".
145- باب ما جاء في التثويب في الفجر
198- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا أبو إسرائيل عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لاتثوبن في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر". قال: وفي الباب عن أبي محذورة.
قال أبو عيسى: حديث بلال لا نعرفه إلا من حديث أبي إسرائيل الملائي.
وأبو إسرائيل لم يسمع هذا الحديث من الحكم بن عتيبة قال: إنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة.
وأبو إسرائيل اسمه "إسماعيل بن أبي إسحق". وليس هو بذاك القوي عند أهل الحديث.
وقد اختلف أهل العلم في تفسير التثويب.
قال بعضهم: التثويب أن يقول في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم". وهو قول ابن المبارك وأحمد.
وقال إسحق في التثويب غير هذا، قال: التثويب المكروه هو شيء أحدثه الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أذن المؤذن فاستبطأ القوم قال بين الأذان والإقامة: "قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح".
قال: وهذا الذي قال إسحق: هو التثويب الذي قد كرهه أهل العلم، والذي أحدثوه بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
والذي فسر ابن المبارك وأحمد: أن التثويب أن يقول المؤذن في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم".
وهو قول صحيح، ويقال له "التثويب أيضا".
وهو الذي اختاره أهل العلم ورأوه.
وروي عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول في صلاة الفجر "الصلاة خير من النوم".
وروي عن مجاهد قال: دخلت مع عبد الله بن عمر مسجدا وقد أذن فيه، ونحن نريد أن نصلي فيه، فثوب المؤذن، فخرج عبد الله بن عمر من المسجد وقال: اخرج بنا من عند هذا المبتدع! ولم يصل فيه.
قال وإنما كره عبد الله التثويب الذي أحدثه الناس بعد.
146- باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم
199- حدثنا هناد حدثنا عبدة ويعلى بن عبيد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الصدائي قال:
- "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوذن في صلاة الفجر، فأذنت، فأراد بلال أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخا صداء قد أذن فهو يقيم".
قال: وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: وحديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي.
والإفريقي هو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره، قال أحمد: لا أكتب حديث الإفريقي.
قال: ورأيت محمد بن إسماعيل يقوي أمره، ويقول: هو مقارب الحديث.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: أن من أذن فهو يقيم.
113- باب ما جاء في مواقيت الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
149- حدثنا هناد بن السري حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن عياش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم، وهو ابن عباد بن حنيف، أخبرني نافع بن جبير بن مطعم قال أخبرني ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "أمني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين، فصلى الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشرك، ثم صلى العصر حين كان كل شيء مثل ظله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم. وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله، لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه، ثم صلى المغرب لوقته الأول، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض، ثم التفت إلي جبريل فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي هريرة، وبريدة وأبي موسى، وأبي مسعود الأنصاري وأبي سعيد، وجابر، وعمرو بن حزم، والبراء، وأنس.
150- أخبرني أحمد بن محمد بن موسى أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا حسين بن علي بن حسين أخبرني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمني جبريل" فذكر نحو حديث ابن عباس بمعناه، ولم يذكر فيه "لوقت العصر بالأمس".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
وحديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
وقال محمد: أصح شيء في المواقيت حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: وحديث جابر في المواقيت قد رواه عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار وأبو الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث وهب بن كيسان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
114- باب منه
151- حدثنا هناد حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت صلاة الظهر حين تزول الشمس وآخر وقت حين يدخل وقت العصر، وإن أول وقت صلاة العصر حين يدخل وقتها، وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس، وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق، وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق، وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل، وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر، وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس".
قال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: وسمعت محمدا يقول: حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت: أصح من حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، وحديث محمد بن فضيل خطأ، أخطأ فيه محمد بن فضيل.
حدثنا هناد حدثنا أبو أسامة عن أبي إسحق الفزاري عن الأعمش عن مجاهد قال: كان يقال: إن للصلاة أولا وآخرا، فذكر نحو حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، نحوه بمعناه.
115- باب منه
152- حدثنا أحمد بن منيع والحسن بن الصباح البزار وأحمد بن محمد بن موسى، المعنى واحد، قالوا: حدثنا إسحق بن يوسف الأزرق عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال:
- "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فسأله عن مواقيت الصلاة فقال: أقم معنا إن شاء الله، فأمر بلالا فأقام حين طلع الفجر، ثم أمره فأقام حين زالت الشمش فصلى الظهر، ثم أمره فأقام فصلى العصر والشمس بيضاء مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وقع حاجب الشمس، ثم أمره بالعشاء فأقام حين غاب الشفق، ثم أمره من الغد فنور بالفجر، ثم أمره بالظهر فأبرد وأنعم أن يبرد، ثم أمره بالعصر فأقام والشمس آخر وقتها فوق ما كانت، ثم أمره فأخر المغرب إلى قبيل أن يغيب الشفق، ثم أمره بالعشاء فأقام حين ذهب ثلث الليل. ثم قال: أين السائل عن مواقيت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا، فقال: مواقيت الصلاة كما بين هذين".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح.
قال: وقد رواه شعبة عن علقمة بن مرثد أيضا.
116- باب ما جاء في التغليس بالفجر
153- حدثنا قتيبة عن مالك بن أنس قال: وحدثنا الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت:
- "إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء قال الأنصاري: فيمر النساء متلففات بمروطهن ما يعرفن من الغلس". وقال قتيبة: "متلفعات".
قال: وفي الباب عن ابن عمر، وأنس، وقيلة بنت مخرمة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
وقد رواه الزهري عن عروة عن عائشة نحوه.
وهو الذي اختاره غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم أبو بكر، وعمر، ومن بعدهم من التابعين.
وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق: يستحبون التغليس بصلاة الفجر.
117- باب ما جاء في الإسفار بالفجر
154- حدثنا هناد حدثنا عبدة هو ابن سليمان عن محمد بن إسحق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- "أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر".
قال: وقد روى شعبة والثوري هذا الحديث عن محمد بن إسحق.
قال: ورواه محمد بن عجلان أيضا عن عاصم بن عمر بن قتادة.
قال: وفي الباب عن أبي برزة الأسلمي وجابر، وبلال.
قال أبو عيسى: حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح.
وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين الإسفار بصلاة الفجر.
وبه يقول سفيان الثوري.
وقال الشافعي وأحمد وإسحق: معنى الإسفار: أن يضح الفجر فلا يشك فيه، ولم يروا أن معنى الإسفار تأخير الصلاة.
118- باب ما جاء في التعجيل بالظهر
155- حدثنا هناد بن السري حدثنا وكيع عن سفيان عن حكيم بن جبير عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت:
- "ما رأيت أحدا أشد تعجيلا للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا من أبي بكر، ولا من عمر".
قال: وفي الباب عن جابر بن عبد الله، وخباب، وأبي برزة، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وجابر بن سمرة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن.
وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم.
قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل حديثه الذي روى عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم:
- "من سأل الناس وله ما يغنيه".
قال يحيى: وروى له سفيان وزائدة، ولم ير يحيى بحديثه بأسا.
قال محمد: وقد روي عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل الظهر.
156- حدثنا الحسن بن علي الحلواني أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر حين زالت الشمس".
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح. وهو أحسن حديث في هذا الباب وفي الباب عن جابر.
119- باب ما جاء في تأخير الظهر في شدة الحر
157- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم".
قال: وفي الباب عن أبي سعيد، وأبي ذر، وابن عمر، والمغيرة، والقاسم بن صفوان عن أبيه وأبي موسى، وابن عباس وأنس.
قال: وروي عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا، ولا يصح.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وقد اختار قوم من أهل العلم تأخير صلاة الظهر في شدة الحر.
وهو قول ابن المبارك وأحمد، وإسحق.
قال الشافعي: إنما الإبراد بصلاة الظهر إذا كان مسجدا ينتاب أهله من البعد فأما المصلي وحده والذي يصلي في مسجد قومه فالذي أحب له أن لا يؤخر الصلاة في شدة الحر.
قال أبو عيسى: ومعنى من ذهب إلى تأخير الظهر في شدة الحر هو أولى وأشبه بالإتباع.
وأما ما ذهب إليه الشافعي أن الرخصة لمن ينتاب من البعد وللمشقة على الناس: فإن في حديث أبي ذر ما يدل على خلاف ما قال الشافعي.
قال أبو ذر:
- "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأذن بلال بصلاة الظهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا بلال أبرد ثم أبرد".
فلو كان الأمر على ما ذهب إليه الشافعي: لم يكن للإبراد في ذلك الوقت معنى، لاجتماعهم في السفر، وكانوا لا يحتاجون أن ينتابوا من البعد.
158- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي قال: أنبأنا شعبة عن مهاجر أبي الحسن عن زيد بن وهب عن أبي ذر:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر ومعه بلال، فأراد أن يقيم، فقال: أبرد، ثم أراد أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبرد في الظهر، قال: حتى رأينا فيء التلول، ثم أقام فصلى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شدة الحر من فيح جهنم فأبردوا عن الصلاة".
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح.
120- باب ما جاء في تعجيل العصر
159- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت:
- "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر والشمس في حجرتها، لم يظهر الفيء من حجرتها".
قال: وفي الباب عن أنس، وأبي أروى، وجابر، ورافع بن خديج، قال: ويروى عن رافع أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم في تأخير العصر، ولا يصح.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
وهو الذي اختاره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم عمر، وعبد الله بن مسعود، وعائشة، وأنس، وغير واحد من التابعين: تعجيل صلاة العصر، وكرهوا تأخيرها.
وبه يقول عبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد وإسحق.
160- حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن
- "أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر، وداره بجنب المسجد، فقال: قوموا فصلوا العصر، قال: فقمنا فصلينا، فلما انصرفنا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
121- باب ما جاء في تأخير صلاة العصر
161- حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة أنها قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد تعجيلا للظهر منكم، وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه".
قال أبو عيسى: وقد روي هذا الحديث عن إسماعيل بن علية عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة نحوه.
162- ووجدت في كتابي: أخبرني علي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج.
163- وحدثنا بشر بن معاذ البصري قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن جريج بهذا الإسناد نحوه وهذا أصح.
122- باب ما جاء ما جاء في وقت المغرب
164- حدثنا قتيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب إذا غربت الشمش وتوارت بالحجاب".
قال: وفي الباب عن جابر، والصنابحي، وزيد بن خالد، وأنس، ورافع بن خديج، وأبي أيوب، وأم حبيبة، وعباس بن عبد المطلب وابن عباس.
وحديث العباس قد روي موقوفا عنه، وهو أصح.
والصنابحي لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم: وهو صاحب أبي بكر رضي الله عنه.
قال أبو عيسى: حديث سلمة بن الأكوع حديث حسن صحيح.
وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين: اختاروا تعجيل صلاة المغرب، وكرهوا تأخيرها، حتى قال بعض أهل العلم: ليس لصلاة المغرب إلا وقت واحد، وذهبوا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث صلى به جبريل.
وهو قول ابن المبارك والشافعي.
123- باب ما جاء في وقت صلاة العشاء الآخرة
165- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال:
- "أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة".
166- حدثنا أبو بكر محمد بن أبان حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن أبي عوانة، بهذا الإسناد نحوه.
قال أبو عيسى: روى هذا الحديث هشيم عن أبي بشر عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير. ولم يذكر فيه هشيم "عن بشير بن ثابت".
وحديث أبي عوانة أصح عندنا، لأن يزيد بن هارون روى عن شعبة عن أبي بشر نحو رواية أبي عوانة.
124- باب ما جاء في تأخير صلاة العشاء الآخرة
167- حدثنا هناد حدثنا عبدة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه".
قال: وفي الباب عن جابر بن سمرة، وجابر بن عبد الله، وأبي برزة، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن خالد، وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وهو الذي اختاره أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وغيرهم: رأوا تأخير صلاة العشاء الآخرة.
وبه يقول أحمد وإسحق.
125- باب ما جاء في كراهية النوم قبل العشاء والسمر بعدها
168- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا عوف.
قال أحمد: وحدثنا عباد بن عباد هو المهلبي وإسماعيل بن علية: جميعا عن عوف عن سيار بن سلامة هو أبو المنهال الرياحي عن أبي برزة قال:
- "كان النبي صلى الله عليه وسلم: يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها".
قال وفي الباب عن عائشة، وعبد الله بن مسعود، وأنس.
قال أبو عيسى: حديث أبي برزة حديث حسن صحيح.
وقد كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها ورخص في ذلك بعضهم.
وقال عبد الله بن المبارك: أكثر الأحاديث على الكراهية.
ورخص بعضهم في النوم قبل صلاة العشاء في رمضان.
وسيار بن سلامة هو أبو المنهال الرياحي.
126- باب ما جاء من الرخصة في السمر بعد العشاء
169- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عمر بن الخطاب قال:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر مع أبي بكر في الأمر من أمر المسلمين وأنا معهما".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وأوس بن حذيفة، وعمران بن حصين. قال أبو عيسى: حديث عمر حديث حسن.
وقد روى هذا الحديث الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن علقمة عن رجل من جعفي يقال له "قيس" أو "ابن قبس" عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: هذا الحديث في قصة طويلة.
وقد اختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم في السمر بعد صلاة العشاء الآخرة: فكره قوم منهم السمر بعد صلاة العشاء، ورخص بعضهم إذا كان في معنى العلم وما لا بد منه من الحوائج. وأكثر الحديث على الرخصة.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا سمر إلا لمصل أو مسافر".
127- باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل
170- حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن عمر العمري عن القاسم بن غنام عن عمته أم فروة، وكانت ممن بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
- "سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لأول وقتها".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب حسن.
171- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا يعقوب بن الوليد المدني عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "الوقت الأول من الصلاة رضوان الله، والوقت الآخر عفو الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
وقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
قال: وفي الباب عن علي، وابن عمر، وعائشة، وابن مسعود.
172- حدثنا قتيبة قال حدثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
- "يا علي: ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤا".
قال أبو عيسى: حديث أم فروة لا يروى إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري وليس هو بالقوي عند أهل الحديث. واضطربوا عنه في هذا الحديث وهو صدوق، وقد تكلم فيه يحيى بن سعيد من قبل حفظه.
173- حدثنا قتيبة حدثنا مروان بن معاوية الفزاري عن أبي يعفور عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو الشيباني: "أن رجلا قال لابن مسعود: أي العمل أفضل؟ قال سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:
- "الصلاة على مواقيتها قلت: وماذا يا رسول الله؟ قال: وبر الوالدين. قلت: وماذا يا رسول الله؟ قال: والجهاد في سبيل الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقد روى المسعودي وشعبة وسليمان هو أبو إسحق الشيباني وغير واحد عن الوليد بن العيزار: هذا الحديث.
174- حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن خالد بن بزيد عن سعيد ابن أبي هلال عن إسحق بن عمر عن عائشة قالت:
- "ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة لوقتها الآخر مرتين حتى قبضه الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، غريب، وليس إسناده بمتصل.
قال الشافعي: والوقت الأول من الصلاة أفضل. ومما يدل على فضل أول الوقت على آخره: اختيار النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلم يكونوا يختارون إلا ما هو أفضل ولم يكونوا يدعون الفضل، وكانوا يصلون في أول الوقت.
قال: حدثنا بذلك أبو الوليد المكي عن الشافعي.
128- باب ما جاء في السهو عن وقت صلاة العصر
175- حدثنا قتيبة حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله".
وفي الباب عن بريدة، ونوفل بن معاوية.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
وقد روى الزهري أيضا عن سالم عن أبيه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
129- باب ما جاء في تعجيل الصلاة إذا أخرها الإمام
176- حدثنا محمد بن موسى البصري حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- "يا أبا ذر أمراء يكونون بعدي يميتون الصلاة، فصل الصلاة لوقتها كانت لك نافلة، وإلا كنت قد أحرزت صلاتك".
وفي الباب عن عبد الله بن الصامت.
قال أبو عيسى: حديث أبي ذر حديث حسن.
وهو قول غير واحد من أهل العلم: يستحبون أن يصلي الرجل الصلاة لميقاتها إذا أخرها الإمام، والصلاة الأولى هي المكتوبة عند أكثر أهل العلم. وأبو عمران الجوني اسمه "عبد الملك بن حبيب".
130- باب ما جاء في النوم عن الصلاة
177- حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة قال:
- "ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة فقال: إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة فليصلها إذا ذكرها".
وفي الباب عن ابن مسعود، وأبي مريم، وعمران بن حصين، وجبير بن مطعم، وأبي جحيفة، وأبي سعيد، وعمرو بن أمية الضمري وذي مخبر ويقال: ذي مخمر وهو ابن أخي النجاشي.
قال أبو عيسى: وحديث أبي قتادة حديث حسن صحيح.
وقد اختلف أهل العلم في الرجل ينام عن الصلاة أو ينساها فيستيقظ أو يذكر وهو في غير وقت صلاة، عند طلوع الشمس أو عند غروبها.
فقال بعضهم: يصليها إذا استيقظ أو ذكر، وإن كان عند طلوع الشمس أو عند غروبها. وهو قول أحمد، وإسحق، والشافعي، ومالك. وقال بعضهم: لا يصلي حتى تطلع الشمس أو تغرب.
131- باب ما جاء الرجل ينسى الصلاة
187- حدثنا قتيبة وبشر بن معاذ قالا: حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها".
وفي الباب عن سمرة، وأبي قتادة.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
ويروى عن علي بن أبي طالب: أنه قال في الرجل ينسى الصلاة قال: يصليها متى ذكرها في وقت أو في غير وقت. وهو قول الشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحق.
ويروى عن أبي بكرة: أنه نام عن صلاة العصر، فاستيقظ عند غروب الشمس، فلم يصل حتى غربت الشمس.
وقد ذهب قوم من أهل الكوفة إلى هذا.
وأما أصحابنا فذهبوا إلى قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
132- باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ
179- حدثنا هناد حدثنا هشيم عن أبي الزبير عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال: قال عبد الله بن مسعود:
- "إن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالا فأذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء".
قال: وفي الباب عن أبي سعيد، وجابر.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله ليس بإسناده بأس، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله.
وهو الذي اختاره بعض أهل العلم في الفوائت: أن يقيم الرجل لكل صلاة إذا قضاها. وإن لم يقم أجزأه. وهو قول الشافعي.
180- وحدثنا محمد بن بشار بندار حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله:
- "أن عمر بن الخطاب قال يوم الخندق، وجعل يسب كفار قريش، قال: يا رسول الله؟ ما كدت أصلي العصر حتى تغرب الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إن صليتها قال: فنزلنا بطحان، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما غربت الشمش ثم صلى بعدها المغرب".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
133- باب ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر وقد قيل: إنها الظهر
181- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي وأبو النضر عن محمد بن طلحة بن مصرف عن زبيد عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "صلاة الوسطى صلاة العصر". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
182- حدثنا هناد حدثنا عبدة عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
- "صلاة الوسطى صلاة العصر".
قال: وفي الباب عن علي وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وعائشة، وحفصة، وأبي هريرة، وأبي هاشم بن عتبة.
قال أبو عيسى: قال محمد: قال علي بن عبد الله حديث الحسن عن سمرة بن جندب حديث صحيح، وقد سمع منه.
قال أبو عيسى: حديث سمرة في صلاة الوسطى حديث حسن.
وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
وقال زيد بن ثابت وعائشة صلاة الوسطى صلاة الظهر.
وقال ابن عباس وابن عمر. صلاة الصبح.
حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد قال لي محمد بن سيرين: سل الحسن: ممن سمع حديث العقيقة؟ فسألته، فقال سمعته من سمرة بن جندب.
قال أبو عيسى: وأخبرني محمد بن إسماعيل حدثنا علي بن عبد الله بن المديني عن قريش بن أنس بهذا الحديث.
قال محمد: قال علي: وسماع الحسن من سمرة صحيح. واحتج بهذا الحديث.
134- باب ما جاء في كراهية الصلاة بعد العصر وبعد الفجر
183- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا منصور، وهو ابن زاذان عن قتادة قال: أخبرنا أبو العالية عن ابن عباس قال: سمعت غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: منهم عمر بن الخطاب، وكان من أحبهم إلي:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس".
قال: وفي الباب عن علي، وابن مسعود، وعقبة بن عامر، وأبي هريرة، وابن عمر، وسمرة بن جندب، وعبد الله بن عمرو، ومعاذ بن عفراء، الصنابحي. ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وسلمة بن الأكوع، وزيد بن ثابت، وعائشة، وكعب بن مرة، وأبي أمامة، وعمرو بن عبسة، ويعلى بن أمية، ومعاوية.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس عن عمر حديث حسن صحيح.
وهو قول أكثر الفقهاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: أنهم كرهوا الصلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس. وأما الصلوات الفوائت فلا بأس أن تقضى بعد العصر وبعد الصبح.
قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: قال شعبة: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا ثلاثة أشياء: حديث عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس"، وحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى"، وحديث علي: "القضاة ثلاثة".
135- باب ما جاء في الصلاة بعد العصر
184- حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
- "إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر لأنه أتاه مال فشغله عن الركعتين بعد الظهر، فصلاهما بعد العصر، ثم لم يعدلهما".
وفي الباب عن عائشة، وأم سلمة، وميمونة، وأبي موسى.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن.
وقد روى غير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه صلى بعد العصر ركعتين".
وهذا خلاف ما روي عنه: "أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس".
وحديث ابن عباس أصح حيث قال: "لم يعد لهما".
وقد روي عن زيد بن ثابت نحو حديث ابن عباس.
وقد روي عن عائشة في هذا الباب روايات:
روي عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم ما دخل عليها بعد العصر إلا صلى ركعتين".
وروي عنها عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس".
والذي اجتمع عليه أكثر أهل العلم: على كراهية الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، إلا ما استثني من ذلك، مثل الصلاة بمكة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس بعد الطواف، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في ذلك.
وقد قال به قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق.
وقد كره قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم الصلاة بمكة أيضا بعد العصر وبعد الصبح.
وبه يقول سفيان الثوري ومالك بن أنس، وبعض أهل الكوفة.
136- باب ما جاء في الصلاة قبل المغرب
185- حدثنا هناد حدثنا وكيع عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "بين كل آذانين صلاة لمن شاء".
وفي الباب عن عبد الله بن الزبير.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن صحيح.
وقد اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قبل المغرب فلم ير بعضهم الصلاة قبل المغرب.
وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أنهم كانوا يصلون قبل صلاة المغرب ركعتين، بين الأذان والإقامة.
وقال أحمد وإسحق: إن صلاهما فحسن. وهذا عندهما على الاستحباب.
137- باب ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل تغرب الشمس
186- حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بسر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر".
وفي الباب عن عائشة.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وبه يقول أصحابنا والشافعي، وأحمد، وإسحق.
ومعنى هذا الحديث عندهم لصاحب العذر، مثل الرجل ينام عن الصلاة أو ينساها فيستيقظ ويذكر عند طلوع الشمس وعند غروبها.
138- باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين في الحضر
187- حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
- "جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بالمدينة، من غير خوف ولا مطر.
قال: فقيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته".
وفي الباب عن أبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس قد روي عنه من غير وجه: رواه جابر بن زيد وسعيد بن جبير وعبد الله بن شقيق العقيلي.
وقد روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا:
188- حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف البصري حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر".
قال أبو عيسى: وحنش هذا هو: "أبو علي الرحبي" وهو "حسين بن قيس" وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أحمد وغيره.
والعمل على هذا عند أهل العلم: أن لا يجمع بين الصلاتين إلا في السفر أو بعرفة.
ورخص بعض أهل العلم من التابعين في الجمع بين الصلاتين للمريض وبه يقول أحمد، وإسحق.
وقال بعض أهل العلم: يجمع بين الصلاتين في المطر.
وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحق.
ولم ير الشافعي للمريض أن يجمع بين الصلاتين.
139- باب ما جاء في بدء الأذان
189- حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه قال:
- "لما أصبحنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بالرؤيا، فقال: إن هذه لرؤيا حق، فقم مع بلال، فإنه أندى وأمد صوتا منك، فألق عليه ما قيل لك، وليناد بذلك، قال فلما سمع عمر بن الخطاب نداء بلال بالصلاة خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يجر إزاره، وهو يقول: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لقد رأيت مثل الذي قال، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلله الحمد، فذلك أثبت".
قال: وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن زيد حديث حسن صحيح.
وقد روى هذا الحديث إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحق أتم من هذا الحديث وأطول، وذكر فيه قصة الأذان مثنى مثنى والإقامة مرة مرة.
وعبد الله بن زيد هو ابن عبد، ويقال ابن عبد عبد ربه.
ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يصح إلا هذا الحديث الواحد في الأذان.
وعبد الله بن زيد بن عاصم المازني له أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عم عباد بن تميم.
190- حدثنا أبو بكر بن النضر بن أبي النضر حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرنا نافع عن ابن عمر قال:
- "كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلوات، وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: اتخذوا قرنا مثل قرن اليهود، قال: فقال عمر بن الخطاب: أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة؟ ! قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال قم فناد بالصلاة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، غريب من حديث ابن عمر.
140- باب ما جاء في الترجيع في الأذان
191- حدثنا بشر بن معاد البصري حدثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: أخبرني أبي وجدي جميعا عن أبي محذورة:
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقعده وألقى عليه الأذان حرفا حرفا. قال إبراهيم: مثل أذاننا. قال بشر. فقلت له: أعد علي فوصف الأذان بالترجيع".
قال أبو عيسى: حديث أبي محذورة في الأذان حديث صحيح. وقد روي عنه من غير وجه.
وعليه العمل بمكة، وهو قول الشافعي.
192- حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا عفان حدثنا همام عن عامر بن عبد الواحد الأحول عن مكحول عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة:
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وأبو محذورة اسمه "سمرة بن معير".
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا في الأذان.
وقد روي عن أبي محذورة أنه كان يفرد الإقامة.
141- باب ما جاء في إفراد الإقامة
193- حدثنا قتيبة حدثنا عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن زريع عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال:
- "أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة". وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
وهو قول بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين. وبه يقول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحق.
142- باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى
194- حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عقبة بن خالد عن ابن أبي ليلى عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال:
- "كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا شفعا: في الأذان والإقامة".
قال أبو عيسى: حديث عبد الإله بن زيد رواه وكيع عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام".
وقال شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: "أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام".
وهذا أصح من حديث ابن أبي ليلى.
وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد.
وقال بعض أهل العلم: الأذان مثنى مثنى، والإقامة مثنى مثنى.
قال أبو عيسى: ابن أبي ليلى هو: "محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى" كان قاضي الكوفة، ولم يسمع من أبيه شيئا، إلا أنه يروي عن رجل عن أبيه.
وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، وأهل الكوفة.
143- باب ما جاء في الترسل في الأذان
195- حدثنا أحمد بن الحسن حدثنا المعلى بن أسد حدثنا عبد المنعم هو صاحب السقاء، قال: حدثنا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال:
- "يا بلال، إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحذر، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته، ولا تقوموا حتى تروني".
196- حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد عن عبد المنعم نحوه.
قال أبو عيسى: حديث جابر هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد المنعم: وهو إسناد مجهول.
وعبد المنعم شيخ بصري.
144- باب ما جاء في إدخال الإصبع في الأذن عند الأذان
197- حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان الثوري عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال:
- "رأيت بلالا يؤذن ويدور، ويتبع فاه هاهنا وهاهنا، وإصبعاه في أذنيه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة له حمراء، أراه قال: من أدم، فخرج بلال بين يديه بالعنزة فركزها بالبطحاء، فصلى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بين يديه الكلب والحمار، وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بريق ساقيه، قال سفيان: نراه حبرة".
قال أبو عيسى: حديث أبي جحيفة حديث حسن صحيح.
وعليه العمل عند أهل العلم: يستحبون أن يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان.
وقال بعض أهل العلم: وفي الإقامة أيضا، يدخل إصبعيه في أذنيه وهو قول ألأوزاعي.
وأبو جحيفة اسمه "وهب بن عبد الله السوائي".
145- باب ما جاء في التثويب في الفجر
198- حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا أبو إسرائيل عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "لاتثوبن في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر". قال: وفي الباب عن أبي محذورة.
قال أبو عيسى: حديث بلال لا نعرفه إلا من حديث أبي إسرائيل الملائي.
وأبو إسرائيل لم يسمع هذا الحديث من الحكم بن عتيبة قال: إنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة.
وأبو إسرائيل اسمه "إسماعيل بن أبي إسحق". وليس هو بذاك القوي عند أهل الحديث.
وقد اختلف أهل العلم في تفسير التثويب.
قال بعضهم: التثويب أن يقول في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم". وهو قول ابن المبارك وأحمد.
وقال إسحق في التثويب غير هذا، قال: التثويب المكروه هو شيء أحدثه الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أذن المؤذن فاستبطأ القوم قال بين الأذان والإقامة: "قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح".
قال: وهذا الذي قال إسحق: هو التثويب الذي قد كرهه أهل العلم، والذي أحدثوه بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
والذي فسر ابن المبارك وأحمد: أن التثويب أن يقول المؤذن في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم".
وهو قول صحيح، ويقال له "التثويب أيضا".
وهو الذي اختاره أهل العلم ورأوه.
وروي عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول في صلاة الفجر "الصلاة خير من النوم".
وروي عن مجاهد قال: دخلت مع عبد الله بن عمر مسجدا وقد أذن فيه، ونحن نريد أن نصلي فيه، فثوب المؤذن، فخرج عبد الله بن عمر من المسجد وقال: اخرج بنا من عند هذا المبتدع! ولم يصل فيه.
قال وإنما كره عبد الله التثويب الذي أحدثه الناس بعد.
146- باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم
199- حدثنا هناد حدثنا عبدة ويعلى بن عبيد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الصدائي قال:
- "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوذن في صلاة الفجر، فأذنت، فأراد بلال أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخا صداء قد أذن فهو يقيم".
قال: وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: وحديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي.
والإفريقي هو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره، قال أحمد: لا أكتب حديث الإفريقي.
قال: ورأيت محمد بن إسماعيل يقوي أمره، ويقول: هو مقارب الحديث.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: أن من أذن فهو يقيم.