الباب التاسع عشر
في فضيلة الشرع
في فضيلة الشرع
من كتاب : تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين
الراغب الأصفهاني
الراغب الأصفهاني
اعلم ان احكام الشرع من وجه دواءٌ ومعجون مفروغ منه تولى ايجاده مَنْ له الخلق والأمر. وهو دواءٌ مفيد للحياة الأبدية والسلامة الدائمة كما قال الله تعالى: )أَوَ من كان ميّتاً فأحييناه( وقال تعالى: )وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراطٍ مستقيم(. فجعل ذلك روحاً لإفادة الحياة الأبدية. وقال الله تعالى: )قل هو للذين أمنوا هدى وشفاءٌ(. وقوله: )شفاءٌ لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤّ منين(.ومن وجهٍ هو ماءٌ مطهر مزيل للأنجاس والأرجاس النفسية كما قال الله تعالى في وصفه للقرآن: )أنزل من السماء ماءً فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابياً(. وكذلك قال الله تعالى: )إنما يريد الله ليذهب الرجس عنكم أهل البيت ويطهركم تطهيرا(. ومن وجه ٍ هو نورٌ وسراجٌ مزيل للظلمة والحيرة والجهالة قال الله تعالى:)قد حائكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراطٍ مستقيم( وقوله تعالى: )الله نور السموات والأرض(. ومن وجهٍ وسيلةٌ إلى الله عز وجل كما قال: )يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة(. وقال فيمن مدحهم: )يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيُّهم أقرب ويرجون رحمته( وقوله تعالى: )واعتصموا بحبل الله جميعاً( وقوله تعالى: )فليتفرقوا في الأسباب(. ومن وجهٍ هو الطريق المستقيم كما قال الله تعالى: )وإن هذا صراطي مستقيماً(.
فصل
ذكر بعض الحكماء أن الأرض المقدسة المذكورة في قوله تعالى: )يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم(. هي في الدنيا الشريعة وفي الآخرة الجنة لأنها هي التي إذا دخلها الإنسان لا يرتد على دُبُره ونال السعادة الكبرى بلا مثنوية. فأما بيت المقدس في الأرض فإن من يدخله فبنفس دخوله إياه لا يستحق مثوبة بل المثوبة تستحق بأُمور أُخر يكون دخوله المكان الذي هو بيت المقدس آخرها بعد أن يكون دخوله على وجه مخصوص. قال وعلى هذا الحرم المذكور في قوله تعالى: )أو لم يروا إنا جعلنا حَرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون(. وسأل جعفر بن محمد الصادق بعض الفقهاء عن هذه الآية فقال أُريد بها مكة فقال: "وا عجبا وأيُّ أرض أكثر تخطفاً لمن حولها من مكة. ويدل على ما قال قول الله تعالى بعد ذلك: )وما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون( وكذلك قوله تعالى: )وإذا قيل لهم أسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سُجَّداً نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين(. والسفر الموعود بالغنيمة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "سافروا تغنموا" هو السفر إلى هذه الدار. وكذلك القرار المدّعو إليه من جهة المثل بقوله ففرُّوا إلى الله. وكذا الحج الأكبر الذي دعا الناس إليه بقوله: )وأذانٌ من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر( وقوله تعالى: )ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا( وكذا الجهاد الأعظم في قوله تعالى: )وجاهِدوا في الله حقَّ جهادِهِ( والهجرة الكبرى في قوله تعالى: )أَلم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها(.
فصل
ذكر بعض الحكماء أن الأرض المقدسة المذكورة في قوله تعالى: )يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم(. هي في الدنيا الشريعة وفي الآخرة الجنة لأنها هي التي إذا دخلها الإنسان لا يرتد على دُبُره ونال السعادة الكبرى بلا مثنوية. فأما بيت المقدس في الأرض فإن من يدخله فبنفس دخوله إياه لا يستحق مثوبة بل المثوبة تستحق بأُمور أُخر يكون دخوله المكان الذي هو بيت المقدس آخرها بعد أن يكون دخوله على وجه مخصوص. قال وعلى هذا الحرم المذكور في قوله تعالى: )أو لم يروا إنا جعلنا حَرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون(. وسأل جعفر بن محمد الصادق بعض الفقهاء عن هذه الآية فقال أُريد بها مكة فقال: "وا عجبا وأيُّ أرض أكثر تخطفاً لمن حولها من مكة. ويدل على ما قال قول الله تعالى بعد ذلك: )وما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون( وكذلك قوله تعالى: )وإذا قيل لهم أسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سُجَّداً نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين(. والسفر الموعود بالغنيمة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "سافروا تغنموا" هو السفر إلى هذه الدار. وكذلك القرار المدّعو إليه من جهة المثل بقوله ففرُّوا إلى الله. وكذا الحج الأكبر الذي دعا الناس إليه بقوله: )وأذانٌ من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر( وقوله تعالى: )ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا( وكذا الجهاد الأعظم في قوله تعالى: )وجاهِدوا في الله حقَّ جهادِهِ( والهجرة الكبرى في قوله تعالى: )أَلم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها(.