كتاب الجنائز ([1])
يجوز التداوي اتفاقًا ولا ينافي التوكل، ويكره الكي، وتستحب الحمية، ويحرم بمحرم أكلاً وشربًا وصوت ملهاة لقوله r «لا تداووا بحرام»([2]) وتحرم التميمة وهي عوذة أو خرزة تعلق، ويسن الإكثار من ذكر الموت والاستعداد له([sup][3]) وعيادة المريض، ولا بأس أن يخبر المريض بما يجد من غير شكوى بعد أن يحمد الله، ويجب الصبر، والشكوى إلى الله لا تنافيه، بل هي مطلوبة ويحسن الظن بالله وجوبًا ولا يتمنى الموت لضر نزل به ، ويدعو العائد للمريض بالشفاء فإذا نزل به([sup][4]) استحب أن يلقن لا إله إلا الله، ويوجه إلى القبلة، فإذا مات أغمضت عيناه، ولا يقول أهله إلا الكلام الحسن.لأن الملائكة يؤمنون على ما يقولون ويسجى بثوب ويسارع في قضاء دينه وإبراء ذمته من نذر أو كفارة لقوله r: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضي عنه» حسنه الترمذي ويسن الإسراع في تجهيزه لقوله r «لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله» رواه أبو داود ويكره النعي وهو النداء بموته.
وغسله، والصلاة عليه وحمله وتكفينه ودفنه موجها إلى القبلة فرض كفاية ويكره أخذ الأجرة على شيء من ذلك، وحمل الميت إلى غير بلده لغير حاجة، ويسن للغاسل أن يبدأ بأعضاء الوضوء والميامن ويغسله ثلاثًا أو خمسًا ويكفي مرة، وإذا ولد السقط لأكثر من أربعة أشهر غسل وصلي عليه لقوله r «والسقط يصلى عليه ويدعي لوالديه بالمغفرة والرحمة» صححه الترمذي ولفظه «والطفل يصلى عليه» .
ومن تعذر غسله لعدم ماء أو غيره ([sup][5]) يمم والواجب في كفنه ثوب يستر جميعه، فإن لم يجد ما يستره ستر العورة ثم رأسه وما يليه ويجعل على باقي جسده حشيشًا أو ورقًا.
ويقوم الإمام في الصلاة عليه عند صدر رجل ووسط امرأة ويكبر فيقرأ الفاتحة ثم يكبر فيصلي على النبي r ثم يكبر ويدعو للميت، ثم يكبر الرابعة ويقف بعدها قليلا ثم يسلم واحدة عن يمينه، ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ويقف مكانه حتى ترفع، روي ذلك عن عمر، ويستحب لمن لم يصل عليها أن يصلي عليها إذا وضعت أو بعد الدفن على القبر ولو جماعة إلى شهر من دفنه، ولا بأس بالدفن ليلاً، ويكره عند طلوع الشمس وعند غروبها وقيامها، ويسن الإسراع بها دون الخبن، ويكره جلوس من تبعها حتى توضع على الأرض للدفن، ويكون التابع لها متخشعًا متفكرًا في مآله، ويكره التبسم والتحدث في أمر الدنيا، ويستحب أن يدخله قبره من عند رجليه إن كان أسهل، ويكره أن يسجى قبر رجل، ولا يكره للرجل دفن امرأة وثم محرم.
واللحد أفضل من الشق، ويسن تعميقه وتوسيعه، ويكره دفنه في تابوت، ويقول عند وضعه: بسم الله وعلى ملة رسول الله ويستحب الدعاء للميت عند القبر بعد الدفن واقفا عنده، ويستحب لمن حضر أن يحثو عليه من قبل رأسه ثلاث حثيات.
ويستحب رفع القبر قدر شبر ويكره فوقه لقوله r لعلي: «لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته» رواه مسلم.
ويرش عليه الماء ويوضع عليه حصباء تحفظ ترابه ولا بأس بتعليمه بحجر ونحوه ليعرف لما روي في قبر عثمان بن مظعون ([sup][6]) .
ولا يجوز تجصيصه ولا البناء عليه، ويجب هدم البناء، ولا يزاد على تراب القبر من غيره للنهي عنه، رواه أبو داود.
ولا يجوز تقبيله ولا تخليقه ولا تبخيره ولا الجلوس عليه ولا التخلي عليه وكذلك بين القبور.
ولا الاستشفاء بترابه، ويحرم إسراجه واتخاذ المسجد عليه ويجب هدمه، ولا يمشي بالنعل في المقبرة للحديث قال: أحمد: إسناده جيد.
وتسن زيارة القبور بلا سفر لقوله r «لا تشد الرحال إلى إلى ثلاثة مساجد» ([sup][7]) .
ولا يجوز للنساء لقوله r «لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج» رواه أهل السنن.
ويكره التمسح به والصلاة عنده وقصده لأجل الدعاء، فهذه من المنكرات بل من شعب الشرك، ويقول الزائر والمار بالقبر: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ([sup][8]) يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم ([sup][9]).
([1]) من كتاب آداب المشي إلى الصلاة للشيخ الإمام: محمد بن سليمان التميمي رحمه الله.
([2]) رواه أبو داود وغيره.
([3]) قوله: والاستعداد له، أي بالتوبة من المعاصي، والخروج من المظالم لقوله تعالى: }فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا{ ولقوله عليه السلام: أكثروا من ذكر هاذم اللذات، الموت» رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
([4]) أي نزل به ملك الموت لقبض روحه.
([5]) قوله: أو لعذر، غير عدم الماء كالحرق والجذام فإنه ييمم كما سيأتي 16 ثم إن يمم الميت لعدم الماء وصلى عليه ثم وجد الماء قبل دفنه وجب غسله وتعاد الصلاة عليه.
([6]) أخرجه أبو داود (3206) مرسلاً وابن ماجه (1561) من طريق آخر عن أنس.
([7]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
([8]) قوله: «إن شاء الله بكم لا حقون» قال في شرح الإقناع: الاستثناء للتبرك قاله العلماء، وفي البغوي أنه يرجع إلى اللحوق لا إلى الموت، وفي الشافي أنه يرجع إلى البقاء.
([9]) انظر كشاف القناع عن متن الإقناع (2/ 76، 159).؟