الغزوة الثانية : تحالف 94م يستبيح عدن من جديد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
علي البخيتي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
علي البخيتي
albkyty@gmai.com
لا تكفي الكلمات لوصف ما حدث في عدن الخميس
الماضي, ويقف العقل عن التفكير أمام هول الفاجعة, ويعجز المنطق عن ايجاد
مبررات للاحتفال بذكرى الجلوس بتلك الدموية.
قد أتفهم دواعي التجمع اليمني للإصلاح
لإقامة الفعالية, لكني استغرب سماح هادي بذلك في ضل الأجواء المشحونة
والمتشنجة في الجنوب, وقبل اسابيع من انطلاق مؤتمر الحوار الوطني, وفي
مناسبة تخصه هو ولا تخص أحداً غيره.
من ناحية المبدأ من حق أي قوة سياسية أن
تنظم مثل تلك الاحتفالات, لكن السؤال هو : هل التوقيت والمكان مناسبين؟ وهل
الذكرى تخص فرع الاصلاح في عدن؟
وما لذي قدمة هادي و الإصلاح للقضية
الجنوبية؟ حتى يعتقدوا أن الأجواء متهيئة لممارسة كل هذا الترف الديمقراطي؟
وهل نسي الطرفان دورهما في غزوة عدن الأولى في 1994م ليقوما بغزوها مرة
جديدة في 2013 م.
كان على الرئيس ابتداءً اقناع الاصلاح –
خصوصاً بعد اقراره للنقاط العشرين - بالاعتذار عن مشاركتهم في حرب 94 م
والتراجع عن الفتاوى التي صدرت من الزنداني والديلمي والتي استباحة كل شيء
في الجنوب, كان على الرئيس أن يعتذر هو شخصياً عن مساهمته في تلك الحرب مع
انه لم يشارك في ما حصل بعدها, كان عليه أيضاً أن يقوم بتطبيق الحد الأدنى
من ما ورد في النقاط العشرين, ثم يمكن بعد ذلك الاحتفال بذكرى انتخابه,
ويمكن للإصلاح ايضاً تنظيم أي فعالية يريدها.
للإصلاح الحق في أن يحتفل في عدن, لكن
للجنوبيين الحق في الاعتذار واستعادة حقوقهم التي أقرت في النقاط العشرين
قبل أن نطالبهم بالتعاطي بإيجابية وروح ديمقراطية مع فعاليات ينظمها حزب لا
تزال قياداته التي كفرتهم واستباحت دمائهم على رأسه.
ما حصل في عدن الخميس الماضي جريمة تعادل
جريمة غزوة 94م, لآنها ارتكبت في عهد غير عهد الرئيس السابق صالح, الذي
حُمل كل أوزار المرحلة الماضية, ارتكبت في ضل رئيس جنوبي وحكومة تدعي أنها
ثورية, أحداث الخميس الأسود أثبتت أن صالح لم يكن الا واحداً من تلك القوى
التي لا تزال تمارس نفس المنهجية في التعاطي مع الجنوب وقضيته العادلة.
لا ننكر أن بعض فصائل الحراك تتطرف في
خطابها و في معارضتها, الى الحد الذي حاول فيه البعض انكار هوية الجنوب
الذي هو جزء من اليمن الحضاري الثقافي, وان لم يكن جزء من اليمن السياسي
الا في مراحل محدودة زمنياً, لا ننكر كذلك ما يتعرض له بعض الشماليين في
الجنوب من ممارسات عنصرية لا يمكن تبريرها, ذلك الخطاب وتلك الممارسات
أفقدت القضية الجنوبية جزءً مهماً من البعد الاخلاقي اللازم لأي قضية
لتحقيق مطالبها المشروعة.
كما ان بعض تلك الفصائل تفتقد لأبجديات
العمل السياسي, وتتعامل بسقف عالي من المطالب لا يراعي المتغيرات الداخلية
والخارجية, وهذا كان سبباً في ما تضمنه بيان مجلس الأمن الأخير, وقد تناولت
ذلك الاخفاق تفصيلاً في مقالين سابقين الأول بعنوان "الجنوب ضحية نخبه" و
الثاني بعنوان " هل سيقرأ المعنيين بيان مجلس الأمن قراءة صحيحة؟" يمكن
للقارئ الكريم الرجوع اليهما.
ما يهمني اليوم هو الجريمة التي ارتكبت في
عدن في 21 فبراير ذكرى انتخاب الرئيس هادي, والتي تم تخليدها في ذاكرتنا
بالدماء التي سفكت وفي ذاكرة الجنوبيين بغزوة عدن الثانية.
ضَرب الاصلاح بتلك الفعالية عدة عصافير
بحجر واحد, فقد تمكن من اقامة الفعالية تحت خط النار وبدعم من السلطات
الأمنية وأثبت وجوده وبالقوة, مع أن جزء مهم من المشاركين تم نقلهم من
المحافظات الشمالية ولم تكفِ الغتر والمعاوز "لجونبة" الفعالية ان صح
التعبير, فظهر الكثير بزيهم التقليدي وأهازيجهم الشعبية ورقصاتهم التراثية,
كما تمكن الاصلاح من جر هادي الى معركة ضارة جداً بالنسبة له, فقد عُمد
يوم انتخابه بالدماء, وبدماء الجنوبيين تحديداً, وفي عدن بشكل خاص, وهذا ما
سيضع حاجز نفسي بين الكثير من الجنوبيين وبين هادي, مما يجعل هادي أكثر
اعتماداً على الاصلاح ليس في الشمال فقط إنما في الجنوب أيضاً, كما تمكن
الاصلاح من توسيع الهوة أكثر بين فصائل الحراك الجنوبي مما يُصعب عملية لم
الشمل اللازمة لتحقيق الحد الأدنى من متطلبات القضية الجنوبية, كما ان
الإصلاح تمكن من وضع المزيد من العراقيل أمام مؤتمر الحوار وبغطاء من ذكرى
انتخاب الرئيس هادي.
لا يريد الاصلاح ان تنتهي المرحلة
الانتقالية حتى يُجهز على بقية المناصب الحساسة في الدولة, ويُكمل " أخونة "
كل أجهزتها المدنية والعسكرية, لذلك يسعى الى تمديدها ومن الآن حتى قبل أن
يبدأ الحوار.
الفترة الانتقالية تعد فترة ذهبية بالنسبة
للإصلاح, فهادي وباسندوة واجهة جميلة له لتطبيق مشروع الأخونة, وخلطة حكومة
الوفاق وعضويته في المشترك تحميه من المسائلة, ودون أن يتحمل أي مسؤولية
بحكم أنه أحد الشركاء.
صحيح أن الاصلاح حقق بعض المكاسب الوقتية
من تلك الغزوة لكنه سيخسر على المدى الطويل, فقد رسخ أكثر في عقول
الجنوبيين أنه لم يكن مجرد شريك لصالح في حربه ضدهم, إنما كان المستفيد
الأول وصاحب المعركة وما صالح الا كرت تم استخدامه وقتها كما يستعمل غيره
اليوم.
المصدر
موقع اليمن السعيد
لا تكفي الكلمات لوصف ما حدث في عدن الخميس
الماضي, ويقف العقل عن التفكير أمام هول الفاجعة, ويعجز المنطق عن ايجاد
مبررات للاحتفال بذكرى الجلوس بتلك الدموية.
قد أتفهم دواعي التجمع اليمني للإصلاح
لإقامة الفعالية, لكني استغرب سماح هادي بذلك في ضل الأجواء المشحونة
والمتشنجة في الجنوب, وقبل اسابيع من انطلاق مؤتمر الحوار الوطني, وفي
مناسبة تخصه هو ولا تخص أحداً غيره.
من ناحية المبدأ من حق أي قوة سياسية أن
تنظم مثل تلك الاحتفالات, لكن السؤال هو : هل التوقيت والمكان مناسبين؟ وهل
الذكرى تخص فرع الاصلاح في عدن؟
وما لذي قدمة هادي و الإصلاح للقضية
الجنوبية؟ حتى يعتقدوا أن الأجواء متهيئة لممارسة كل هذا الترف الديمقراطي؟
وهل نسي الطرفان دورهما في غزوة عدن الأولى في 1994م ليقوما بغزوها مرة
جديدة في 2013 م.
كان على الرئيس ابتداءً اقناع الاصلاح –
خصوصاً بعد اقراره للنقاط العشرين - بالاعتذار عن مشاركتهم في حرب 94 م
والتراجع عن الفتاوى التي صدرت من الزنداني والديلمي والتي استباحة كل شيء
في الجنوب, كان على الرئيس أن يعتذر هو شخصياً عن مساهمته في تلك الحرب مع
انه لم يشارك في ما حصل بعدها, كان عليه أيضاً أن يقوم بتطبيق الحد الأدنى
من ما ورد في النقاط العشرين, ثم يمكن بعد ذلك الاحتفال بذكرى انتخابه,
ويمكن للإصلاح ايضاً تنظيم أي فعالية يريدها.
للإصلاح الحق في أن يحتفل في عدن, لكن
للجنوبيين الحق في الاعتذار واستعادة حقوقهم التي أقرت في النقاط العشرين
قبل أن نطالبهم بالتعاطي بإيجابية وروح ديمقراطية مع فعاليات ينظمها حزب لا
تزال قياداته التي كفرتهم واستباحت دمائهم على رأسه.
ما حصل في عدن الخميس الماضي جريمة تعادل
جريمة غزوة 94م, لآنها ارتكبت في عهد غير عهد الرئيس السابق صالح, الذي
حُمل كل أوزار المرحلة الماضية, ارتكبت في ضل رئيس جنوبي وحكومة تدعي أنها
ثورية, أحداث الخميس الأسود أثبتت أن صالح لم يكن الا واحداً من تلك القوى
التي لا تزال تمارس نفس المنهجية في التعاطي مع الجنوب وقضيته العادلة.
لا ننكر أن بعض فصائل الحراك تتطرف في
خطابها و في معارضتها, الى الحد الذي حاول فيه البعض انكار هوية الجنوب
الذي هو جزء من اليمن الحضاري الثقافي, وان لم يكن جزء من اليمن السياسي
الا في مراحل محدودة زمنياً, لا ننكر كذلك ما يتعرض له بعض الشماليين في
الجنوب من ممارسات عنصرية لا يمكن تبريرها, ذلك الخطاب وتلك الممارسات
أفقدت القضية الجنوبية جزءً مهماً من البعد الاخلاقي اللازم لأي قضية
لتحقيق مطالبها المشروعة.
كما ان بعض تلك الفصائل تفتقد لأبجديات
العمل السياسي, وتتعامل بسقف عالي من المطالب لا يراعي المتغيرات الداخلية
والخارجية, وهذا كان سبباً في ما تضمنه بيان مجلس الأمن الأخير, وقد تناولت
ذلك الاخفاق تفصيلاً في مقالين سابقين الأول بعنوان "الجنوب ضحية نخبه" و
الثاني بعنوان " هل سيقرأ المعنيين بيان مجلس الأمن قراءة صحيحة؟" يمكن
للقارئ الكريم الرجوع اليهما.
ما يهمني اليوم هو الجريمة التي ارتكبت في
عدن في 21 فبراير ذكرى انتخاب الرئيس هادي, والتي تم تخليدها في ذاكرتنا
بالدماء التي سفكت وفي ذاكرة الجنوبيين بغزوة عدن الثانية.
ضَرب الاصلاح بتلك الفعالية عدة عصافير
بحجر واحد, فقد تمكن من اقامة الفعالية تحت خط النار وبدعم من السلطات
الأمنية وأثبت وجوده وبالقوة, مع أن جزء مهم من المشاركين تم نقلهم من
المحافظات الشمالية ولم تكفِ الغتر والمعاوز "لجونبة" الفعالية ان صح
التعبير, فظهر الكثير بزيهم التقليدي وأهازيجهم الشعبية ورقصاتهم التراثية,
كما تمكن الاصلاح من جر هادي الى معركة ضارة جداً بالنسبة له, فقد عُمد
يوم انتخابه بالدماء, وبدماء الجنوبيين تحديداً, وفي عدن بشكل خاص, وهذا ما
سيضع حاجز نفسي بين الكثير من الجنوبيين وبين هادي, مما يجعل هادي أكثر
اعتماداً على الاصلاح ليس في الشمال فقط إنما في الجنوب أيضاً, كما تمكن
الاصلاح من توسيع الهوة أكثر بين فصائل الحراك الجنوبي مما يُصعب عملية لم
الشمل اللازمة لتحقيق الحد الأدنى من متطلبات القضية الجنوبية, كما ان
الإصلاح تمكن من وضع المزيد من العراقيل أمام مؤتمر الحوار وبغطاء من ذكرى
انتخاب الرئيس هادي.
لا يريد الاصلاح ان تنتهي المرحلة
الانتقالية حتى يُجهز على بقية المناصب الحساسة في الدولة, ويُكمل " أخونة "
كل أجهزتها المدنية والعسكرية, لذلك يسعى الى تمديدها ومن الآن حتى قبل أن
يبدأ الحوار.
الفترة الانتقالية تعد فترة ذهبية بالنسبة
للإصلاح, فهادي وباسندوة واجهة جميلة له لتطبيق مشروع الأخونة, وخلطة حكومة
الوفاق وعضويته في المشترك تحميه من المسائلة, ودون أن يتحمل أي مسؤولية
بحكم أنه أحد الشركاء.
صحيح أن الاصلاح حقق بعض المكاسب الوقتية
من تلك الغزوة لكنه سيخسر على المدى الطويل, فقد رسخ أكثر في عقول
الجنوبيين أنه لم يكن مجرد شريك لصالح في حربه ضدهم, إنما كان المستفيد
الأول وصاحب المعركة وما صالح الا كرت تم استخدامه وقتها كما يستعمل غيره
اليوم.
المصدر
موقع اليمن السعيد