معجم لسان العرب
أبو الفضل جمال الدين محمد
بن مكرم المعروف بـ ( إبن منظور)
حرف الألف
(آ) : الألف : تأليفها من همزة ولام وفاء ، وسميت ألفا لأنها تألف الحروف كلها ، وهي
أكثر الحروف دخولا في المنطق ، ويقولون : هذه ألف مؤلفة . وقد جاء عن بعضهم في
قوله تعالى : ( الم ) أن الألف اسم من أسماء الله تعالى وتقدس ، والله أعلم بما
أراد ، والألف اللينة لا صرف لها إنما هي جرس مدة بعد فتحة ، وروى الأزهري عن أبي العباس أحمد
بن يحيى ومحمد بن يزيد أنهما قالا : أصول الألفات ثلاثة ويتبعها الباقيات :
ألف أصلية وهي في الثلاثي من الأسماء . وألف قطعية وهي في الرباعي . وألف وصلية
وهي فيما جاوز الرباعي ، قالا : فالأصلية : مثل ألف ألف وإلف وألف وما أشبهه ،
والقطعية : مثل ألف أحمد وأحمر وما أشبهه . والوصلية : مثل ألف استنباط واستخراج ،
وهي في الأفعال إذا كانت أصلية مثل ألف أكل ، وفي الرباعي إذا كانت قطعية مثل ألف
أحسن ، وفيما زاد عليه مثل ألف استكبر واستدرج إذا كانت وصلية .
قالا : ومعنى ألف الاستفهام ثلاثة :
تكون بين الآدميين يقولها بعضهم لبعض استفهاما ، وتكون من الجبار لوليه تقريرا
ولعدوه توبيخا ، فالتقرير كقوله عز وجل للمسيح
: أأنت قلت للناس ؛ قال أحمد بن يحيى :
وإنما وقع التقرير لعيسى عليه
السلام ؛ لأن خصومه كانوا حضورا فأراد الله عز وجل من عيسى
أن يكذبهم بما ادعوا عليه ، وأما التوبيخ لعدوه : فكقوله عز وجل
: أصطفى البنات على البنين وقوله
: أأنتم أعلم أم الله أأنتم أنشأتم شجرتها .
وقال أبو
منصور :
فهذه أصول الألفات ، وللنحويين ألقاب لألفات غيرها تعرف
بها ، فمنها : الألف الفاصلة وهي في موضعين ؛ أحدهما : الألف التي تثبتها الكتبة
بعد واو الجمع ليفصل بها بين واو الجمع وبين ما بعدها مثل : كفروا وشكروا ، وكذلك
الألف التي في مثل : يغزوا ويدعوا ، وإذا استغني عنها لاتصال المكني بالفعل لم
تثبت هذه الألف الفاصلة . والأخرى : الألف التي فصلت بين النون التي هي علامة
الإناث وبين النون الثقيلة كراهة اجتماع ثلاث نونات في مثل قولك للنساء في الأمر :
افعلنان ؛ بكسر النون وزيادة الألف بين النونين . ومنها : ألف العبارة ؛ لأنها
تعبر عن المتكلم مثل قولك : أنا أفعل كذا وأنا أستغفر الله وتسمى العاملة . ومنها
: الألف المجهولة مثل : ألف فاعل وفاعول وما أشبهها ، وهي ألف تدخل في الأفعال
والأسماء مما لا أصل لها ، إنما تأتي لإشباع الفتحة في الفعل والاسم ، وهي إذا
لزمتها الحركة كقولك : خاتم وخواتم صارت واوا لما لزمتها الحركة بسكون الألف بعدها
، والألف التي بعدها هي ألف الجمع ، وهي مجهولة أيضا . ومنها : ألف العوض وهي
المبدلة من التنوين المنصوب إذا وقفت عليها كقولك : رأيت زيدا وفعلت خيرا وما
أشبهها . ومنها : ألف الصلة وهي ألف توصل بها
فتحة القافية ، فمثله قوله :
بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا
وتسمى ألف الفاصلة ، فوصل ألف العين
بألف بعدها . ومنه قوله عز وجل
: وتظنون بالله الظنونا الألف التي بعد النون الأخيرة هي صلة
لفتحة النون ، ولها أخوات في فواصل الآيات كقوله عز وجل : ( قواريرا ) و سلسبيلا وأما فتحة " ها " المؤنث
فقولك : ضربتها ومررت بها ، والفرق بين ألف الوصل وألف الصلة أن ألف الوصل إنما
اجتلبت في أوائل الأسماء والأفعال ، وألف الصلة في أواخر الأسماء كما ترى . [ ص: 30 ] ومنها : ألف النون الخفيفة كقوله عز
وجل : ( لنسفعا بالناصية ) وكقوله عز وجل : ( وليكونا من الصاغرين ) الوقوف على (
لنسفعا ) وعلى ( وليكونا ) بالألف ، وهذه الألف خلف من النون ، والنون الخفيفة
أصلها الثقيلة إلا أنها خففت ؛ من ذلك قول الأعشى :
ولا تحمد المثرين والله
فاحمدا
أراد فاحمدن ، بالنون الخفيفة ، فوقف
على الألف ، وقال آخر
:
وقمير بدا ابن خمس وعشري
ن ، فقالت له الفتاتان : قوما
أراد : قومن فوقف بالألف ؛ ومثله قوله :
يحسبه الجاهل ما لم
يعلما شيخا ، على
كرسيه ، معمما
فنصب " يعلم " لأنه أراد ما
لم يعلمن بالنون الخفيفة فوقف بالألف ؛ وقال أبو عكرمة
الضبي في قول امرئ القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب
ومنزل
قال : أراد قفن فأبدل الألف من النون
الخفيفة كقوله : قوما أراد قومن . قال أبو بكر : وكذلك قوله عز
وجل : ألقيا في جهنم ؛ أكثر الرواية أن الخطاب لمالك خازن جهنم وحده فبناه على ما وصفناه ، وقيل : هو
خطاب لمالك وملك معه ، والله أعلم ؛ ومنها : ألف
الجمع مثل : مساجد وجبال وفرسان وفواعل ، ومنها : التفضيل والتصغير كقوله : فلان
أكرم منك وألأم منك ، وفلان أجهل الناس ، ومنها : ألف النداء كقولك : أزيد ؛ تريد
يا زيد ، ومنها : ألف الندبة كقولك : وازيداه ! أعني الألف التي بعد الدال ،
ويشاكلها ألف الاستنكار إذا قال رجل : جاء أبو عمرو فيجيب المجيب أبو عمراه ، زيدت
الهاء على المدة في الاستنكار كما زيدت في وافلاناه في الندبة ، ومنها : ألف
التأنيث نحو مدة حمراء وبيضاء ونفساء ، ومنها : ألف سكرى وحبلى ، ومنها : ألف
التعايي وهو أن يقول الرجل : إن عمر ، ثم يرتج عليه كلامه فيقف على عمر ويقول : إن
عمرا ، فيمدها مستمدا لما يفتح له من الكلام فيقول : منطلق ، المعنى إن عمر منطلق
إذا لم يتعاي ، ويفعلون ذلك في الترخيم كما يقول : يا عما وهو يريد يا عمر ، فيمد
فتحة الميم بالألف ليمتد الصوت ؛ ومنها : ألفات المدات كقول العرب للكلكل :
الكلكال ، ويقولون للخاتم : خاتام ، وللدانق : داناق . قال أبو بكر :
العرب تصل الفتحة بالألف ، والضمة بالواو ، والكسرة
بالياء ؛ فمن وصلهم الفتحة بالألف قول الراجز :
قلت وقد خرت على الكلكال : يا ناقتي ما جلت عن مجالي
أراد : على الكلكل فوصل فتحة الكاف
بالألف ؛ وقال آخر
:
لها متنتان خظاتا كما
أراد : خظتا ؛ ومن وصلهم الضمة بالواو
ما أنشده الفراء :
لو أن عمرا هم أن يرقودا
فانهض فشد المئزر المعقودا
أراد : أن يرقد ، فوصل ضمة القاف
بالواو ؛ وأنشد أيضا
:
الله يعلم أنا في تلفتنا
يوم الفراق ، إلى إخواننا صور
وأنني حيثما يثني الهوى بصري من حيثما سلكوا ، أدنو فأنظور
أراد : فأنظر ؛ وأنشد في وصل الكسرة
بالياء
:
لا عهد لي بنيضال أصبحت كالشن البالي
أراد : بنضال ؛ وقال :
على عجل مني أطأطئ
شيمالي
أراد : شمالي ، فوصل الكسرة بالياء ؛
وقال عنترة :
ينباع من ذفرى غضوب جسرة
أراد : ينبع ؛ قال : وهذا قول أكثر
أهل اللغة ، وقال بعضهم : ينباع ينفعل من باع يبوع ، والأول يفعل من نبع ينبع ؛
ومنها : الألف المحولة ، وهي كل ألف أصلها الياء والواو المتحركتان كقولك : قال
وباع وقضى وغزا وما أشبهها ؛ ومنها : ألف التثنية كقولك : يجلسان ويذهبان ، ومنها
: ألف التثنية في الأسماء كقولك :
الزيدان والعمران . وقال أبو
زيد : سمعتهم يقولون : أيا أياه أقبل ، وزنه
عيا عياه . وقال أبو بكر بن الأنباري :
ألف القطع في أوائل الأسماء على وجهين ؛ أحدهما : أن
تكون في أوائل الأسماء المنفردة ، والوجه الآخر : أن تكون في أوائل الجمع ، فالتي
في أوائل الأسماء تعرفها بثباتها في التصغير بأن تمتحن الألف فلا تجدها فاء ولا
عينا ولا لاما ، وكذلك فحيوا بأحسن منها والفرق بين ألف القطع وألف الوصل أن
ألف الوصل فاء من الفعل ، وألف القطع ليست فاء ولا عينا ولا لاما ، وأما ألف القطع
في الجمع فمثل ألف ألوان وأزواج ، وكذلك ألف الجمع في الستة ، وأما ألفات الوصل في
أوائل الأسماء فهي تسعة : ألف ابن وابنة وابنين وابنتين وامرئ وامرأة واسم واست
فهذه ثمانية تكسر الألف في الابتداء وتحذف في الوصل ، والتاسعة الألف التي تدخل مع
اللام للتعريف ، وهي مفتوحة في الابتداء ساقطة في الوصل كقولك : الرحمن ، القارعة
، الحاقة ، تسقط هذه الألفات في الوصل وتنفتح في الابتداء . وتقول للرجل إذا
ناديته : آفلان وأفلان وآ يا فلان ، بالمد ، والعرب تزيد " آ " إذا
أرادوا الوقوف على الحرف المنفرد ؛ أنشد الكسائي :
دعا فلان ربه فأسمعا بالخير خيرات ، وإن شرا فآ
ولا أريد الشر إلا أن تآ
قال : يريد إلا أن تشاء ، فجاء بالتاء
وحدها وزاد عليها " آ " ، وهي في لغة بني سعد ، إلا أن " تا "
بألف لينة ويقولون ألا " تا " ، يقول : ألا تجيء ، فيقول الآخر : بلى فا
أي : فاذهب بنا ، وكذلك قوله وإن شرا فآ ، يريد : إن شرا فشر .
الجوهري : " آ "
حرف هجاء مقصورة موقوفة ، فإن جعلتها اسما مددتها ، وهي تؤنث ما لم تسم حرفا ،
فإذا صغرت آية قلت أيية ، وذلك إذا كانت صغيرة في الخط ، وكذلك القول فيما [ ص: 31 ] أشبهها من الحروف ؛ قال ابن بري :
صواب هذا القول إذا صغرت " آء " فيمن أنث قلت
: أيية ، على قول من يقول زييت زايا ، وذيلت ذالا ، وأما على قول من يقول زويت
زايا فإنه يقول في تصغيرها : أوية ، وكذلك تقول في الزاي : زوية . قال الجوهري في آخر ترجمة أوا : آء حرف يمد ويقصر ، فإذا
مددت نونت ، وكذلك سائر حروف الهجاء ، والألف ينادى بها القريب دون البعيد ، تقول
: أزيد أقبل ، بألف مقصورة والألف من حروف المد واللين ، فاللينة : تسمى الألف ،
والمتحركة : تسمى الهمزة ، وقد يتجوز فيها فيقال أيضا : ألف ، وهما جميعا من حروف
الزيادات ، وقد تكون الألف ضمير الاثنين في الأفعال نحو فعلا ويفعلان ، وعلامة
التثنية في الأسماء ، ودليل الرفع نحو زيدان ورجلان ، وحروف الزيادات عشرة يجمعها
قولك : " اليوم تنساه " وإذا تحركت فهي همزة ، وقد تزاد في الكلام
للاستفهام ، تقول : أزيد عندك أم عمرو ، فإن اجتمعت همزتان فصلت بينهما بألف ؛ قال
ذو الرمة :
أيا ظبية الوعساء بين
جلاجل وبين النقا ،
آأنت أم أم سالم ؟
قال
: والألف على ضربين : ألف وصل وألف قطع ، فكل ما ثبت في الوصل ، فهو ألف القطع ،
وما لم يثبت فهو ألف الوصل ، ولا تكون إلا زائدة ، وألف القطع قد تكون زائدة مثل
ألف الاستفهام ، وقد تكون أصلية مثل أخذ وأمر ، والله أعلم .
أبو الفضل جمال الدين محمد
بن مكرم المعروف بـ ( إبن منظور)
حرف الألف
(آ) : الألف : تأليفها من همزة ولام وفاء ، وسميت ألفا لأنها تألف الحروف كلها ، وهي
أكثر الحروف دخولا في المنطق ، ويقولون : هذه ألف مؤلفة . وقد جاء عن بعضهم في
قوله تعالى : ( الم ) أن الألف اسم من أسماء الله تعالى وتقدس ، والله أعلم بما
أراد ، والألف اللينة لا صرف لها إنما هي جرس مدة بعد فتحة ، وروى الأزهري عن أبي العباس أحمد
بن يحيى ومحمد بن يزيد أنهما قالا : أصول الألفات ثلاثة ويتبعها الباقيات :
ألف أصلية وهي في الثلاثي من الأسماء . وألف قطعية وهي في الرباعي . وألف وصلية
وهي فيما جاوز الرباعي ، قالا : فالأصلية : مثل ألف ألف وإلف وألف وما أشبهه ،
والقطعية : مثل ألف أحمد وأحمر وما أشبهه . والوصلية : مثل ألف استنباط واستخراج ،
وهي في الأفعال إذا كانت أصلية مثل ألف أكل ، وفي الرباعي إذا كانت قطعية مثل ألف
أحسن ، وفيما زاد عليه مثل ألف استكبر واستدرج إذا كانت وصلية .
قالا : ومعنى ألف الاستفهام ثلاثة :
تكون بين الآدميين يقولها بعضهم لبعض استفهاما ، وتكون من الجبار لوليه تقريرا
ولعدوه توبيخا ، فالتقرير كقوله عز وجل للمسيح
: أأنت قلت للناس ؛ قال أحمد بن يحيى :
وإنما وقع التقرير لعيسى عليه
السلام ؛ لأن خصومه كانوا حضورا فأراد الله عز وجل من عيسى
أن يكذبهم بما ادعوا عليه ، وأما التوبيخ لعدوه : فكقوله عز وجل
: أصطفى البنات على البنين وقوله
: أأنتم أعلم أم الله أأنتم أنشأتم شجرتها .
وقال أبو
منصور :
فهذه أصول الألفات ، وللنحويين ألقاب لألفات غيرها تعرف
بها ، فمنها : الألف الفاصلة وهي في موضعين ؛ أحدهما : الألف التي تثبتها الكتبة
بعد واو الجمع ليفصل بها بين واو الجمع وبين ما بعدها مثل : كفروا وشكروا ، وكذلك
الألف التي في مثل : يغزوا ويدعوا ، وإذا استغني عنها لاتصال المكني بالفعل لم
تثبت هذه الألف الفاصلة . والأخرى : الألف التي فصلت بين النون التي هي علامة
الإناث وبين النون الثقيلة كراهة اجتماع ثلاث نونات في مثل قولك للنساء في الأمر :
افعلنان ؛ بكسر النون وزيادة الألف بين النونين . ومنها : ألف العبارة ؛ لأنها
تعبر عن المتكلم مثل قولك : أنا أفعل كذا وأنا أستغفر الله وتسمى العاملة . ومنها
: الألف المجهولة مثل : ألف فاعل وفاعول وما أشبهها ، وهي ألف تدخل في الأفعال
والأسماء مما لا أصل لها ، إنما تأتي لإشباع الفتحة في الفعل والاسم ، وهي إذا
لزمتها الحركة كقولك : خاتم وخواتم صارت واوا لما لزمتها الحركة بسكون الألف بعدها
، والألف التي بعدها هي ألف الجمع ، وهي مجهولة أيضا . ومنها : ألف العوض وهي
المبدلة من التنوين المنصوب إذا وقفت عليها كقولك : رأيت زيدا وفعلت خيرا وما
أشبهها . ومنها : ألف الصلة وهي ألف توصل بها
فتحة القافية ، فمثله قوله :
بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا
وتسمى ألف الفاصلة ، فوصل ألف العين
بألف بعدها . ومنه قوله عز وجل
: وتظنون بالله الظنونا الألف التي بعد النون الأخيرة هي صلة
لفتحة النون ، ولها أخوات في فواصل الآيات كقوله عز وجل : ( قواريرا ) و سلسبيلا وأما فتحة " ها " المؤنث
فقولك : ضربتها ومررت بها ، والفرق بين ألف الوصل وألف الصلة أن ألف الوصل إنما
اجتلبت في أوائل الأسماء والأفعال ، وألف الصلة في أواخر الأسماء كما ترى . [ ص: 30 ] ومنها : ألف النون الخفيفة كقوله عز
وجل : ( لنسفعا بالناصية ) وكقوله عز وجل : ( وليكونا من الصاغرين ) الوقوف على (
لنسفعا ) وعلى ( وليكونا ) بالألف ، وهذه الألف خلف من النون ، والنون الخفيفة
أصلها الثقيلة إلا أنها خففت ؛ من ذلك قول الأعشى :
ولا تحمد المثرين والله
فاحمدا
أراد فاحمدن ، بالنون الخفيفة ، فوقف
على الألف ، وقال آخر
:
وقمير بدا ابن خمس وعشري
ن ، فقالت له الفتاتان : قوما
أراد : قومن فوقف بالألف ؛ ومثله قوله :
يحسبه الجاهل ما لم
يعلما شيخا ، على
كرسيه ، معمما
فنصب " يعلم " لأنه أراد ما
لم يعلمن بالنون الخفيفة فوقف بالألف ؛ وقال أبو عكرمة
الضبي في قول امرئ القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب
ومنزل
قال : أراد قفن فأبدل الألف من النون
الخفيفة كقوله : قوما أراد قومن . قال أبو بكر : وكذلك قوله عز
وجل : ألقيا في جهنم ؛ أكثر الرواية أن الخطاب لمالك خازن جهنم وحده فبناه على ما وصفناه ، وقيل : هو
خطاب لمالك وملك معه ، والله أعلم ؛ ومنها : ألف
الجمع مثل : مساجد وجبال وفرسان وفواعل ، ومنها : التفضيل والتصغير كقوله : فلان
أكرم منك وألأم منك ، وفلان أجهل الناس ، ومنها : ألف النداء كقولك : أزيد ؛ تريد
يا زيد ، ومنها : ألف الندبة كقولك : وازيداه ! أعني الألف التي بعد الدال ،
ويشاكلها ألف الاستنكار إذا قال رجل : جاء أبو عمرو فيجيب المجيب أبو عمراه ، زيدت
الهاء على المدة في الاستنكار كما زيدت في وافلاناه في الندبة ، ومنها : ألف
التأنيث نحو مدة حمراء وبيضاء ونفساء ، ومنها : ألف سكرى وحبلى ، ومنها : ألف
التعايي وهو أن يقول الرجل : إن عمر ، ثم يرتج عليه كلامه فيقف على عمر ويقول : إن
عمرا ، فيمدها مستمدا لما يفتح له من الكلام فيقول : منطلق ، المعنى إن عمر منطلق
إذا لم يتعاي ، ويفعلون ذلك في الترخيم كما يقول : يا عما وهو يريد يا عمر ، فيمد
فتحة الميم بالألف ليمتد الصوت ؛ ومنها : ألفات المدات كقول العرب للكلكل :
الكلكال ، ويقولون للخاتم : خاتام ، وللدانق : داناق . قال أبو بكر :
العرب تصل الفتحة بالألف ، والضمة بالواو ، والكسرة
بالياء ؛ فمن وصلهم الفتحة بالألف قول الراجز :
قلت وقد خرت على الكلكال : يا ناقتي ما جلت عن مجالي
أراد : على الكلكل فوصل فتحة الكاف
بالألف ؛ وقال آخر
:
لها متنتان خظاتا كما
أراد : خظتا ؛ ومن وصلهم الضمة بالواو
ما أنشده الفراء :
لو أن عمرا هم أن يرقودا
فانهض فشد المئزر المعقودا
أراد : أن يرقد ، فوصل ضمة القاف
بالواو ؛ وأنشد أيضا
:
الله يعلم أنا في تلفتنا
يوم الفراق ، إلى إخواننا صور
وأنني حيثما يثني الهوى بصري من حيثما سلكوا ، أدنو فأنظور
أراد : فأنظر ؛ وأنشد في وصل الكسرة
بالياء
:
لا عهد لي بنيضال أصبحت كالشن البالي
أراد : بنضال ؛ وقال :
على عجل مني أطأطئ
شيمالي
أراد : شمالي ، فوصل الكسرة بالياء ؛
وقال عنترة :
ينباع من ذفرى غضوب جسرة
أراد : ينبع ؛ قال : وهذا قول أكثر
أهل اللغة ، وقال بعضهم : ينباع ينفعل من باع يبوع ، والأول يفعل من نبع ينبع ؛
ومنها : الألف المحولة ، وهي كل ألف أصلها الياء والواو المتحركتان كقولك : قال
وباع وقضى وغزا وما أشبهها ؛ ومنها : ألف التثنية كقولك : يجلسان ويذهبان ، ومنها
: ألف التثنية في الأسماء كقولك :
الزيدان والعمران . وقال أبو
زيد : سمعتهم يقولون : أيا أياه أقبل ، وزنه
عيا عياه . وقال أبو بكر بن الأنباري :
ألف القطع في أوائل الأسماء على وجهين ؛ أحدهما : أن
تكون في أوائل الأسماء المنفردة ، والوجه الآخر : أن تكون في أوائل الجمع ، فالتي
في أوائل الأسماء تعرفها بثباتها في التصغير بأن تمتحن الألف فلا تجدها فاء ولا
عينا ولا لاما ، وكذلك فحيوا بأحسن منها والفرق بين ألف القطع وألف الوصل أن
ألف الوصل فاء من الفعل ، وألف القطع ليست فاء ولا عينا ولا لاما ، وأما ألف القطع
في الجمع فمثل ألف ألوان وأزواج ، وكذلك ألف الجمع في الستة ، وأما ألفات الوصل في
أوائل الأسماء فهي تسعة : ألف ابن وابنة وابنين وابنتين وامرئ وامرأة واسم واست
فهذه ثمانية تكسر الألف في الابتداء وتحذف في الوصل ، والتاسعة الألف التي تدخل مع
اللام للتعريف ، وهي مفتوحة في الابتداء ساقطة في الوصل كقولك : الرحمن ، القارعة
، الحاقة ، تسقط هذه الألفات في الوصل وتنفتح في الابتداء . وتقول للرجل إذا
ناديته : آفلان وأفلان وآ يا فلان ، بالمد ، والعرب تزيد " آ " إذا
أرادوا الوقوف على الحرف المنفرد ؛ أنشد الكسائي :
دعا فلان ربه فأسمعا بالخير خيرات ، وإن شرا فآ
ولا أريد الشر إلا أن تآ
قال : يريد إلا أن تشاء ، فجاء بالتاء
وحدها وزاد عليها " آ " ، وهي في لغة بني سعد ، إلا أن " تا "
بألف لينة ويقولون ألا " تا " ، يقول : ألا تجيء ، فيقول الآخر : بلى فا
أي : فاذهب بنا ، وكذلك قوله وإن شرا فآ ، يريد : إن شرا فشر .
الجوهري : " آ "
حرف هجاء مقصورة موقوفة ، فإن جعلتها اسما مددتها ، وهي تؤنث ما لم تسم حرفا ،
فإذا صغرت آية قلت أيية ، وذلك إذا كانت صغيرة في الخط ، وكذلك القول فيما [ ص: 31 ] أشبهها من الحروف ؛ قال ابن بري :
صواب هذا القول إذا صغرت " آء " فيمن أنث قلت
: أيية ، على قول من يقول زييت زايا ، وذيلت ذالا ، وأما على قول من يقول زويت
زايا فإنه يقول في تصغيرها : أوية ، وكذلك تقول في الزاي : زوية . قال الجوهري في آخر ترجمة أوا : آء حرف يمد ويقصر ، فإذا
مددت نونت ، وكذلك سائر حروف الهجاء ، والألف ينادى بها القريب دون البعيد ، تقول
: أزيد أقبل ، بألف مقصورة والألف من حروف المد واللين ، فاللينة : تسمى الألف ،
والمتحركة : تسمى الهمزة ، وقد يتجوز فيها فيقال أيضا : ألف ، وهما جميعا من حروف
الزيادات ، وقد تكون الألف ضمير الاثنين في الأفعال نحو فعلا ويفعلان ، وعلامة
التثنية في الأسماء ، ودليل الرفع نحو زيدان ورجلان ، وحروف الزيادات عشرة يجمعها
قولك : " اليوم تنساه " وإذا تحركت فهي همزة ، وقد تزاد في الكلام
للاستفهام ، تقول : أزيد عندك أم عمرو ، فإن اجتمعت همزتان فصلت بينهما بألف ؛ قال
ذو الرمة :
أيا ظبية الوعساء بين
جلاجل وبين النقا ،
آأنت أم أم سالم ؟
قال
: والألف على ضربين : ألف وصل وألف قطع ، فكل ما ثبت في الوصل ، فهو ألف القطع ،
وما لم يثبت فهو ألف الوصل ، ولا تكون إلا زائدة ، وألف القطع قد تكون زائدة مثل
ألف الاستفهام ، وقد تكون أصلية مثل أخذ وأمر ، والله أعلم .