الفتاة ألم وأمل
الشيخ إبراهيم الدويش
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم
أمــــا بعـــــد :
هذا يوم السبت الموافق للخامس والعشرين من الشهر السابع للعام التاسع عشر بعد الأربعمائة والألف وفي هذا المكان المبارك بمدينة الرس، ألتقي بأخواتي الكريمات في موضوع بعنوان :
والفتاة..(ألم وأمل)
مقدمــــة :
ما إن تفوهت بكلمات " الشباب ألم وأمل " إلا ووجدت نفسي غارقاً بسيل منهمر من العتاب ،لماذا الحديث خاص بالشباب ؟! ولماذا هذا التهميش للمرأة ،والغفلة عن مشاكلها وقضاياها ؟!
وهاهو أخيتي "الفتاة ألم وأمل " بين يديك ، علماً أني يعلم الله قد طويت النية من تلك اللحظات التي أهديتُ فيها الشباب تلك الكلمات ، أن أوجه مثلها للفتيات . أما سبب التأخير فهو ذلك السيل الهادر، والبحر الكاسر من أكوام الورق والأخبار ، والصور والمواقف، والمشاكل والعقبات عن حال بعض بنات اليوم حتى أنني وقعت في حيرة وتردد ، وإقدام وإحجام عن الحديث للفتاة فهل أكون صريحاً فأتهم ،أم تكفي الإشارة والتلميح فأخشى أن يأتي العلاج بارداً باهتاً لا لون له ولا طعم . فآثرت التوسط بين التصريح والتلميح .. وهنا يعذرني الكثير من الاخوة والأخوات لترك ما ذكروه من بعض الصور والمواقف من باب حدثوا الناس بما يعقلون ،ولعل مثل هذه المظاهر شواذ ؛ فالكثير من أخواتنا وإن بعدت عن الله فإن فيها خيراً كثيراً،وفيها حباً لله ولرسوله لكنها الغفلة . ورسالتي هذه ليس لها حدود ، لا بجنس ولا سن ، بل هي تنبيهاً لكل أخت أسرفت على نفسها بالمعاصي والذنوب،وتذكير لكل بنت أصابها شيء من الغفلة والتقصير .وأعرف بدءً أن الأبوين يشاركان الفتاة في بعض مشاكلها ، لكن ليس لهما نصيب من حديثي الليلة ،ولعله حديث خاص في مستقبل قريب إن شاء اللهُ تعالى .
وقد اعتمدت بعد الله على استبانة قام بها بعض الباحثات ،وكان عدد العينة في الاستبانة (759) فتاة ،واستفدت أيضاً من عدد من الاستبيانات قامت به بعض المجلات :كالدعوة ،وتحت العشرين ،ومن المشاركات من كثير من الاخوة والأخوات ،فشكر الله الجميع ،وجزاهم عني وعن المسلمين خير الجزاء .وأسأله التوفيق والسداد ،والعون والقبول والصواب .
أيتهـا الأخــت:
أُقلب طرفي أتأملُ،فيتألم القلب ويأمل،ويحزن ويفرح،ويسعد ويشقى .من أجلك أنت،فأنا كغيري من الناصحين أحمل همك في الليل والنهار،وفي اليقظة والمنام ..أيْ والله
فما طَوَّفَتْ بالقلبِ مني سحــابةٌ من الحزنِ إلا كنتِ منها على وعـدي
ولا رقصتْ في القلبِ أطيافُ فرحةٍ فغنّتْ إلا كنتِ طــالعـةَ السّعـدِ
أثـرتِ ابتسامتي وأحييتِ لوعـتي فمن أنتِ يا اُنسي ومن أنتِ يا وَجْدِي
إنها أنت أيها الأمل : فالقلب يشقى ويحزن ويتألم عندما أراك أُلعوبة تتأرجح ،وسلعة رخيصة ، وفتاة لعوبا لا هم لها سوى اللذات والشهوات . ويسعد القلب ويفرح ، ويعقد الآمال وأنت تصارعين طوفان الفساد ،وتصرخين في وجه الرذيلة :أنا مسلمة مستقيمة ، وبنت أصيلة ،أعرف أن للمكر ألف صورة وحيلة .
أختاه ..أيتها الغالية ..يا نسمة العبير ،أنت بسمتنا المنشودة ،وأنت شمسنا التي تبدد الظلام،فا سمعي هذه الكلمات ..إنها ليست مجرد كلمات ..بل هي وربي آهات قلب المؤمن الغيور..فيا أيتها الأمل :تعالي قبل فوات الأوان فاسمعي هذا النداء ،فربما عرفت الداء ،والدواء ..
تعـــاليْ هذه الأيامُ لا تَرْجِــعْ
ولا تُصـغي لنا الدنيا ولا تَسمـعْ
ولا تُجدي شِكاةُ الدهـرِ أو تنفعْ
********
تعـالي نحن بعثــرنا السُّويعَـات
وضحَّينـا بــأيامٍ عَــزيـزات
فيـا أُختـاه يكفينـا حَماقــات
********
أجـلْ يا أختْ ما قد ضاع يكفيـنا
فَعُـودي هـاهو العمـرُ يُناديـنا
فـلا نُخْـرِبْه يا أُخـتُ بأيدينــا
أخيتي :اسمعي هذه الكلمات ،بعيدا عن إله الهوى والشهوات ، فربما رق القلب فانقلب بعواطفه وأشجانه،وربما صحا الضمير فيحس بآلامه وآماله،وربما تنبه العقل ليتحرر بأفكاره وآرائه،إنها إشراقة لتشرقي في سمائنا يا شروق !!.وهي الحنان من نبع لا يجف يا حنان !!.إنها الأمل الذي نرجوه يا أمل !! فهل أنت أمل فنعقد عليك الآمال ؟ أم أنت ألم فتزيدين الآلام آلاما .
** كتبت فتاة رسالة ـ بعد سماعها للشباب ألم وأمل ـ وكانت رسالتها ستاً وعشرون صفحة ،وعنونت لها ( الفتاة ألم بلا أمل ) وقد كتبتها بدم قلبها ،ووقعتها باسم :أمل ،وهي أمل إن شاء الله رغم كل ما كتبته ،فقلب يشتعل حرقة وندماً سيصل في النهاية مهما طال الطريق ، ومما قالت فيها :" المثيرات تحاصرني من كل مكان … قنوات فضائية .. أفلام هابطة ..أغانٍ وأشرطة تحوي كلام ساقط ،إلى من ألجأ في مثل هذه الظروف ،ارحموني نهايتي تقترب ..أوجدوا حلا لمعاناتي .. اسمعوا صرخاتي .. من قلبي .. من أعماقي ..أسرعوا في إيجاد الحل فها أنا اقفل حقائبي وألملم شتات نفسي للرحيل .. لقد عزمت على الرحيل .." الخ كلامها الذي سأعود إلى بعضه في هذا الدرس وغيره .
** وتتحسر أخرى فتقول: "أبحث عما يريح نفسي من الهم الذي أثقلها ..لم أجد في الأفلام أو الأغاني أو القصص ما ينسيني ما أنا فيه ..لا أدري ،ما الذي أفعله ؟وما نهاية هذا الطريق الذي أسير فيه .." [المعاكسات ..من التسلية إلى الزنا ص 72] .
** وثالثة تبث همومها وأحزانها كما ذكرت ، وتقول:" أعيش في موج من الكدر يحرم عيني المنام ،فأنا دائماً أُفكر في حالي ،وكيف أبحث عن السعادة ، فأنا كما يقولون :غريبة ،والغربة هنا ليست غربة المكان ، ولكنها غربة الروح ،وغربة المشاعر الحزينة ، التي تشتكي بين ضلوعي لما أفعله تجاه ربي ونفسي والناس ، فلقد طال صبري كثيراً على حالي ،فمتى وقت رجوعي .؟!." [من الاستبانة ]
**ورابعة تصرخ فتقول : "أُقسم بالله أن أياماً مرت عليَ حاولت فيها الانتحار ،ولكن كل محاولة تفشل ، لا أعلم لماذا ؟هل الله يريد أن يُطيل بعذابي ، أم أن أجلي لم يحن بعد ؟ ولكن ما أعرفه أنني أموت كل يوم وليلة .." [الاستبانة 107 الشرقية ]
وهكذا تتوالى الآهات والحسرات من الكثير الكثير من الفتيات الغافلات .
أيها الاخوة والأخوات : ارحموا الفتيـات
أيهــا المــجتـمـــــــع:رويداً رويداً بالفتاة
أيها الآباء والأمهات:حناناً وعطفاً للفتاة
أيهـــا الإعـــــلاميـــون : رفقاً بالقواريـر
أيهــا الشباب:اتقوا الله في الأزهار والورود
لم يبقَ من ظلِّ الحياةِ سوى رَمـقْ وحُطامُ قلبٍ عاشَ مشبوبَ القلقْ
قد أشرقَ المصباحُ يوماً..واحترقْ جفتْ به آمـالُهُ حـتىَّ اخـتنق
هذه حال الفتاة ،فالمشاكل والأخطار تفترسها : ( فراغ وسهر ، انحراف وفساد ، عشق وغرام تبرج وسفور ، عجب وغرور ، عقوق للوالدين ، ترك للصلاة ، تبذير للأموال ، تقليد للغرب ، ضياع للشخصية ، سفر لبلاد الكفر والإباحية ، جلساء السوء ، الكذب والغيبة وبذاءة اللسان ، التدخين والمخدرات ، العادة السرية ، التشبه بالرجال ، أفلام وقنوات ، فُحْش وروايات ، غناء ومجلات ، معاكسات ومقابلات، جنس وشهوة وإثارة للغرائز..)وغيرها من مشاكل الفتاة .
إنه الألم الذي تعيشه الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية ، وشان بين الألـم والأمــــل
معاشر الأخوات:
لماذا بعض الفتيات حياتها من وحل إلى وحل ، ومن مستنقع إلى مستنقع ؟ مرة مع القنوات الفضائية ،ومرة مع المجلات الهابطة ،ومرة في المعاكسات ، وربما الزنا ، فهي غارقة في أوحال الفساد والشهوات !
تقول صاحبة الرسالة : ( لم أجد بابا إلا طرقته ، ولا معصية وخطيئةً إلا جربتها ، والنهايةُ أسوأُ من البداية ، ألم وضياع ، وحرقة واكتئاب ) .
أيتها الأخوات:
قلب تفرق بين هذه المشاكل ، فإذا مل هذه انتقل إلى تلك ، قلب في الشهوات منغمس ، وعقل في اللذات منتكس ، همته مع السفليات،ودينُه مستهلك بالمعاصي والمخالفات،كيف حاله ؟كيف سيكون ؟
فيــــا أختــاه :
شدّي وَثاق الطّهـر لا تتغرّبـي عن عالمِ الدينِ الحنيفِ الأَرْحـبِ
شُدُّي وَثاق الطُّهْرِ سِيري حُـرّةً لا تُخْدَعِي بِحَدِيثِ كُــلِّ مُخـرّبِ
لكِ من رحالِ المجدِ أَخْصَبُ بُقْعَةٍ وَلِغَيرِكِ الأرضُ التّي لمْ تُخْصَـبِ
لكِ من عُيونِ الحَقِّ أصْفَى مَشْرَبٍ ولِعِاشِقَـاتِ الوهْـمِ أَسْوأُ مَشْرَبِ
هُزّي إليـك بجـذعِ نخْلَتِنَـا التّي تُعْطِي عَطَاءَ الخَيْرِ ، دُونَ تَهـيّبِ
وقِـفِي عَلى نَهْـرِ المـروءةِ إنّه يُرْوي العِطَاشَ بمائه المستعـذبِ
وإذا رأيـتِ الهَابِطـاتِ فَحَوْقِـلِي وَقِفِي عِلى قِمَمِ الهُدَى،وتحَـجّبي
إنّ الحجَابَ هو التحرّرُ من هَـوى "ولاّدة " ذاتِ الهَـوى المتَـذبـذبِ
وهو الطريقُ إلى صَفـاءِ سريـرةٍ وعلوّ منـزلةٍ ورفعـةِ مَنْصِـبِ
ولعلك تتساءلين ماذا نريد .. ؟:
فأقول : إن لك تأثيرا كبيرا في المجتمع ، وقد يكون التأثير سلباً أو إيجاباً ، فإن كنت ذا عقل ناضج كان لك تأثيرك البناء الفعال ، وإن كنت ذا عقل خفيف طائش ،أو عقل فاسد منحرف كنت بؤرة فساد وإفساد للمجتمع وهدمه .أخيتي أرجو أن لا تُزعجك صراحتي : فوالله إننا نستطيع كغيرنا أن نتلاعب بالعواطف ،وأن ندغدغ المشاعر بكلمات الحب والغرام ، وأن نجعلك تعشين في عالم الأحلام ،نعم لا تُعجزنا كلمات الغزل ،ولا همسات العشاق ، بل نتحدى كل من يعزف على أوتار المحبين .. ولكن مـاذا بعد ؟! شتان بين من يريدك لشهوته ،وبين من يريدك لأمته ، نعم نريدك أن تكوني أكبر من هذا ، أن تنفعين ، أن تساهمين في بناء المجتمع ونهضته ، لا كما يريدك الآخرين للغزل والحب والشهوة ، والغناء والرقص والطرب . ألهذا خلقتِ فقط ؟ وهل الحياة حب وعشق فقط؟لماذا ننام على الشهوة ، ونصحوا عليها ؟إن من النساء من لا تنام ولا تقوم إلا على غناء العاشق الولهان ؟!أوقات لمشاهدة لقطات الحب والتقبيل ؟!وأوقات لقراءة روايات العشق والغرام؟!وأوقات لتصفح مجلات الفن والغناء؟!وأوقات للهمسات والمعاكسات؟!لماذا عواطف فقط ؟ أين العقل ؟ وأين الإيمان ؟ وأين المروءة ؟ بل أين البناء والتربية والفكر ،والمبادئ والأهداف في حياة المرأة ؟!
أيتها الأخت :
هل تعلمين وتفهمين أن هناك من يريد إبعاد المرأة عن دينها ،وصدها عن كتاب ربها ؟ وإن كنت لا تعلمين ،فيكفي ما تشاهدين من ذاك الركام الذي يزكم الأنوف من المجلات والأفلام والقنوات ، والأقلام والروايات ،والتي لا هم لها إلا عبادة جسد المرأة ، من فن وطرب ، وشهوة وجنس ، ومساحيق وموضات فلماذا الاهتمام بالصورة لا بالحقيقة ،وبالجسد لا بالروح ؟ كم أتمنى _ أخيتي _ أن تفرقين بين من يحترم عقلك لا جسدك ،ويهتم بملء الفراغ الروحي والفكري لديك لا من يهتم بالشهوة والجسد والطرب .فهل عرفت ماذا نريد ؟وأنت تقرأين القرآن قفي وتأملي قول الحق عز وجل ) إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (
فهل عرفت إذاً :إنه ابتلاء وامتحان ،فاسألي نفسك :هل نجحت أم رسبت في الامتحان ؟!
إنني ممن يطالب وبقوة بحقوق المرأة ،وبالعدل بينها وبين الرجل،نعم بحقوق المرأة التي جاء بها الإسلام ليكرمها ،وبخسها بعض الرجال بجهله وظلمه وتسلطه . أقول بالعدل لا بالمسـاواة ،أتدرون ما تعني المساواة ؟:أن نجعل المرأة رجلاً،والرجل امرأة،وهذا انتكاس بالفطرة،وجهل بحقيقة الخِلقة لكل منهما،فإن الله تبارك وتعالى خلقهما وجعل لكل منهما وظيفة،وأعمالا،لكل منهما دور في الأسرة والمجتمع يجب أن يقوم به في الحياة ، "..وقد سبقتِ المرأةُ المسلمةُ غيرها في الإسهامِ الحضاري بمئات السنين ،لكنها لم تخرج عن وظيفتها ولا عن طبيعتها ،لم تطلب أن تتشبه بالرجال أو تتساوى بهم في الطبيعة والوظيفة لأن ذلك غير ممكن ،غير مستطاع.." بل محال إلا إذا انتكست الفطرة ، وانقلبت الموازين وتداخلت الأدوار، وفي هذا اضطراب للمجتمع وتفكك وشقاء .وإياك إياك أن تنسي الوظيفة الأولى والأصلية التي جعل الله لك :أن تكوني ملكة بيت ، ومربية أجيال ورجال . فالزمي بيتك لتسعدي، ولِنَهَبَ لك قلباً تحبينه ويحبك ، فيريحك من النفقة ، ويشبع غريزتك ، ويصونك عن الذئاب المسعورة .وإذا كان لديك فضل من وقت ،ونشاط وهمة ، فالمجتمع وبنات جنسك بأمس الحاجة إليك ،وإلى مَوَاهِبَكِ ، وبشرط الستر والعفاف ،لكن تذكري دائماً ،وكرري دائماً:بيتي أولاً .أما جعل الوظيفة أولاً ، وإهمال البيت والأولاد،والتبرج والسفور ،والاختلاط ، وباسم الحرية المزعومة ،فهذا والله خلل في المفاهيم ..انتكاس في الفطرة ، وتجربة البلاد المجاورة تُصدقُ ما يكذبه سفهاء الأحلام . فما أعظم الخطب !!وما أشد المصيبة !! إذا اختل المنطق ، وانتكست المفاهيم ، وأصبحت العبودية للشهوات واللذات حرية ندعوا لها .[ بعض الكلمات مقتبسة من رسالة :المرأة وذئاب تخنق ولا تأكل ص 28 بتصرف].
هذا ما نريد باختصار . وإذا أردت أن تعرفي ماذا يريدون هم ،فاقرئي كتاباً نفيساً جداً بعنوان :ماذا يريدون من المرأة ؟ لعبد السلام بسيوني . ( وهو أحد كتب مجلة الأسرة ، وهي مجلة جميلة ، إضافة إلى مجلة الشقائق ، فهما شمعتان في طريق المرأة ) ( وكتابا آخر بعنوان : يا فتاة الإسلام اقرأي حتى لا تخدعي لفضية الشيخ صالح البليهي _ رحمه الله _ ) ، اقرأي أمثال هذه الكتب ، وأمثال هذه المجلات ؛ لتتضح لك الحقيقة .
• صناعة الفكر ،وتوجيه الع أيتها الغالية :اسألي نفسك بصراحة :من يصنع أفكارك ويبنيها ؟ أهو العلم والثقافة ،والتربية الصالحة وتوجيه الأبوين ؟! أم هو الإعلام ومجلات وروايات ومسلسلات الحب والغرام ؟!
أجاب 32% _ من فتيات الاستبانة _ بأن توجيه الأبوين والأسرة هو الذي يصنع العقل والفكر.وأجاب 30% بأنه العلم والتعليم .وأما التربية الذاتية فـ 26% .وقال 12% بأن الذي يصنع الفكر هو الإعلام.
وعن سؤال آخر أجاب 50% أن للإعلام والمجلات ومسلسلات الحب والغرام أثرا في حياتهن وعلى أفكارهن وعقولهن .وقال 46% أنه ليس لذلك أثر في حياتنا ولا على الفكر والعقل . وربما استغرب البعض وهو يسمع هذه النسب الخاصة بالإعلام ، فإن المشهور أن للإعلام اليوم أثر كبير في حياة الناس،ولعل السر هنا أن الكثير من الناس ،لا يشعرون أن ما يشاهدونه ويقرءونه عبر وسائل الإعلام له أثر ،وأثر كبير في حياتهم ،أو أن البعض يشعر لكنه يتصنع الشخصية المستقلة التي لا تتأثر،خوفاً من الاتهام بالتَّبَعِيةِ والتقليد .والعجيب لو سألت هؤلاء هل للإعلام أثر على الآخرين ؟ ، لأجاب وبسرعة :بنعم ,وهذا ما حصل : فقد أجاب 60% بلا عندما سئلن : هل للقنوات تأثير عليك ؟!وعندما سئلن :هل للقنوات تأثير على الآخرين ؟ أجاب :93% بنعم ، منهم 55% ذكرن أن الآثار سلبية .و38% ذكرن أن الآثار سلبية وإيجابية .وهكذا فنحن نجيد فن اتهام الآخرين ،أما اتهامُ النفسِ والشجاعةُ في مواجهتِها ومصارحتها فآخر ما يفكر به الحيارى وضعاف النفوس.
أما البحوث والدراسات فقد أثبتت أن الذين يتعرضون لفترات طويلة لوسائل الإعلام يُتصور لديهم عالم خاص من صنعهم ،وهو في الواقع عالم مزيف ،مليء بالحقائق والأرقام الوهمية .وأما الاعترافات بأن للإعلام أثر في الحياة وعلى الفكر والعقل فاسمعي بعضاً منها :ومن مجلة تحت العشرين في عددها (27) تقول فتاة :" أحلم أن أُصبح فنانة مشهورة تملأ صوري الصحفَ والمجلات،ويشير المجتمع إليَّ في كل مكان ،ولهذا فإنني أُتابع بحرص شديد كلَّ أخبار فنانتي المفضلة والتي أعتبرها مثلي الأعلى ،وأُراقب بدقة حركاتها وأسلوبها سواء في التمثيل أو في الحياة ،ومن يدري قد أُصبح يوماً في مثل شهرتها ! " .
وتقول فتاة أخرى :" أنها تحب هذا الفنان كثيراً، فصوره تملأ كل مكان في غرفتي ،وأرفض أن ينتقده أي إنسان ،ولو كانت صديقتي المقربة ".
وتقول ثالثة :" أنا أعشق عالم الموضة والأزياء ،وتبهرني كثيراً عارضات الأزياء برشاقتهن وطريقتهن في الحركة والمشي ، وأحاول قدر الإمكان تقليدهن في حركاتهن حتى أنني أتبع رجيماً قاسياً لأصل لنفس القوام الذي يتمتعن به " .ولا أدري أقرأتْ هذه وأمثالها توبة "فابيان " أشهر عارضة أزياء فرنسية ؟،وهل هي سمعتْ قولها : " إن بيوت الأزياء جعلت مني مجرد صنماً متحرك ،مهمته العبث بالقلوب والعقول..فقد تعلمت كيف أكون باردةً قاسيةً مغرورةً فارغةً من الداخل ،لا أكون سوى إطار يرتدي الملابس ،فكنت جماداً يتحرك ويبتسم ولكنه لا يشعر ..كنا نحيى في عالم الرذيلة بكل أبعادها ،والويل لمن تعترض عليها وتحاول الاكتفاء بعملها فقط "الخ حديثها .[المسلمون عدد 238،عن العائدون إلى الله 3/39-40] فهل نستيقظ
هل نستفيد من تجارب الآخرين الذين سبقونا في مثل هذا الطريق ؟
وحول سؤال عن الآثار السلبية للقنوات الفضائية ذكر 38% الانحراف والانحلال الخلقي.وذكر 25% التقليد.و 21% ضياع الوقت.وذكر 15% البعد عن الدين الإسلامي.و13% ذكرن عدم احترام المجتمع وزرع الأفكار السيئة.وذكر 6% أنها تُلهي عن الصلاة.و 4% أنها تُثير الغرائز الجنسية ..وغير ذلك من الآثار السلبية التي ذُكرت على لسان الفتيات من عينة الاستبانة .وكل ما نراه الآن من الآثار التخريبية للحرب الفضائية _ أو الفضائحية _ إنما هي مقدمات فقط ،ستتضح آثارها المدمرة على المجتمعات الإسلامية والعربية في الأجيال القادمة ،بل أقول : في الجيل القريب،نسأل الله أن يحفظ المسلمين من كل سوء ،وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم .
.إذاً فصياغة الإعلام للأفكار والمفاهيم لا ينكره عاقل "حتى كاد العيب أن يختفي من قاموس القيم والتقاليد العربية والآداب الإسلامية النقية "[مقتبس من كتيب مسؤولية الإعلام ..ص 17]واسألي نفسك بكل صراحة :لماذا سلمت أفكارك وعواطفك للتجار الفن ودعاة الرذيلة،يتلاعبون بها لمصالحهم وشهواتهم كيف شاءوا؟!لم لا نَزِنِي ما نقرأين وتشاهدين وتسمعين بميزان شرعنا وعقيدتنا فما وافقه قبلناه،وما أنكره رفضناه . أتقبلين _ يا أختاه _ أن يجعلوك أداة لهو لهم ،وتتركي لهم الصدارة في العلم والتربية والثقافة والأدب والفكر !! إن صلاح المرأة من أهم العناصر لبناء المجتمع ، فأين هؤلاء _ اسألي نفسك أنت وفكري _عن توجيه المرأة لصلاح دينها ودنياها ؟ أين هم عن المرأة فوق الأربعين ، وهمومها ومشاكلها ؟ لم نقرأ أو نسمع من يحمل همها ، ويُشاطرها أحزانها،ويطالب بحقوقها . وكذلك الفتاة الصغيرة ذات السبع ،والتسع، والثنتي عشر ،لماذا لا يهتم أولئك بهؤلاء ؟! أين هم عنها معاقة،ومطلقة،ومسجونة ؟أم أنهم يحملون هَم فتاة الخامسة عشر،والعشرين،والثلاثين،وربما أيضاً بشرط أن تكون جميلة، وبيضاء،وطويلة وأنيقة ؟! نعم .. هذه هي المرأة التي يطالبون بحقوقها وتحريرها؟!حتى هذه أين هم من فكرها،وأدبها،وخلقها، وثقافتها ؟!حتى المحتشمة ،والتائبة لم يتركوها؟!_ سبحان الله _ أليسوا يطالبون بحريتها كما يزعمون !!هاهي تريد أن تتوب،أن تحتشم فلم يرحموها ؟!ولم يتركوها !!أليست هذه حرية ؟! أم أنها الحرية التي يرسمونها هم ؟!ولهؤلاء قال المنفلوطي:" إنكم لا ترثون لها بل ترثون لأنفسكم ،ولا تبكون عليها بل على أيام قضيتموها في ديار يسيل جوها تبرجاً وسفوراً ،ويتدفق خلاعة واستهتاراً ،وتودون بجدع الأنف لو ظفرتم هنا بذلك العيش الذي خلفتموه هناك..."الخ كلام المنفلوطي في[العبرات ص 744]هذا خطاب المنف**** لهم ،وخطابي ليس لهم بل لك أنت أيتها الفتاة فتنبهي وأفيقي.وفكري .
الشيخ إبراهيم الدويش
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم
أمــــا بعـــــد :
هذا يوم السبت الموافق للخامس والعشرين من الشهر السابع للعام التاسع عشر بعد الأربعمائة والألف وفي هذا المكان المبارك بمدينة الرس، ألتقي بأخواتي الكريمات في موضوع بعنوان :
والفتاة..(ألم وأمل)
مقدمــــة :
ما إن تفوهت بكلمات " الشباب ألم وأمل " إلا ووجدت نفسي غارقاً بسيل منهمر من العتاب ،لماذا الحديث خاص بالشباب ؟! ولماذا هذا التهميش للمرأة ،والغفلة عن مشاكلها وقضاياها ؟!
وهاهو أخيتي "الفتاة ألم وأمل " بين يديك ، علماً أني يعلم الله قد طويت النية من تلك اللحظات التي أهديتُ فيها الشباب تلك الكلمات ، أن أوجه مثلها للفتيات . أما سبب التأخير فهو ذلك السيل الهادر، والبحر الكاسر من أكوام الورق والأخبار ، والصور والمواقف، والمشاكل والعقبات عن حال بعض بنات اليوم حتى أنني وقعت في حيرة وتردد ، وإقدام وإحجام عن الحديث للفتاة فهل أكون صريحاً فأتهم ،أم تكفي الإشارة والتلميح فأخشى أن يأتي العلاج بارداً باهتاً لا لون له ولا طعم . فآثرت التوسط بين التصريح والتلميح .. وهنا يعذرني الكثير من الاخوة والأخوات لترك ما ذكروه من بعض الصور والمواقف من باب حدثوا الناس بما يعقلون ،ولعل مثل هذه المظاهر شواذ ؛ فالكثير من أخواتنا وإن بعدت عن الله فإن فيها خيراً كثيراً،وفيها حباً لله ولرسوله لكنها الغفلة . ورسالتي هذه ليس لها حدود ، لا بجنس ولا سن ، بل هي تنبيهاً لكل أخت أسرفت على نفسها بالمعاصي والذنوب،وتذكير لكل بنت أصابها شيء من الغفلة والتقصير .وأعرف بدءً أن الأبوين يشاركان الفتاة في بعض مشاكلها ، لكن ليس لهما نصيب من حديثي الليلة ،ولعله حديث خاص في مستقبل قريب إن شاء اللهُ تعالى .
وقد اعتمدت بعد الله على استبانة قام بها بعض الباحثات ،وكان عدد العينة في الاستبانة (759) فتاة ،واستفدت أيضاً من عدد من الاستبيانات قامت به بعض المجلات :كالدعوة ،وتحت العشرين ،ومن المشاركات من كثير من الاخوة والأخوات ،فشكر الله الجميع ،وجزاهم عني وعن المسلمين خير الجزاء .وأسأله التوفيق والسداد ،والعون والقبول والصواب .
أيتهـا الأخــت:
أُقلب طرفي أتأملُ،فيتألم القلب ويأمل،ويحزن ويفرح،ويسعد ويشقى .من أجلك أنت،فأنا كغيري من الناصحين أحمل همك في الليل والنهار،وفي اليقظة والمنام ..أيْ والله
فما طَوَّفَتْ بالقلبِ مني سحــابةٌ من الحزنِ إلا كنتِ منها على وعـدي
ولا رقصتْ في القلبِ أطيافُ فرحةٍ فغنّتْ إلا كنتِ طــالعـةَ السّعـدِ
أثـرتِ ابتسامتي وأحييتِ لوعـتي فمن أنتِ يا اُنسي ومن أنتِ يا وَجْدِي
إنها أنت أيها الأمل : فالقلب يشقى ويحزن ويتألم عندما أراك أُلعوبة تتأرجح ،وسلعة رخيصة ، وفتاة لعوبا لا هم لها سوى اللذات والشهوات . ويسعد القلب ويفرح ، ويعقد الآمال وأنت تصارعين طوفان الفساد ،وتصرخين في وجه الرذيلة :أنا مسلمة مستقيمة ، وبنت أصيلة ،أعرف أن للمكر ألف صورة وحيلة .
أختاه ..أيتها الغالية ..يا نسمة العبير ،أنت بسمتنا المنشودة ،وأنت شمسنا التي تبدد الظلام،فا سمعي هذه الكلمات ..إنها ليست مجرد كلمات ..بل هي وربي آهات قلب المؤمن الغيور..فيا أيتها الأمل :تعالي قبل فوات الأوان فاسمعي هذا النداء ،فربما عرفت الداء ،والدواء ..
تعـــاليْ هذه الأيامُ لا تَرْجِــعْ
ولا تُصـغي لنا الدنيا ولا تَسمـعْ
ولا تُجدي شِكاةُ الدهـرِ أو تنفعْ
********
تعـالي نحن بعثــرنا السُّويعَـات
وضحَّينـا بــأيامٍ عَــزيـزات
فيـا أُختـاه يكفينـا حَماقــات
********
أجـلْ يا أختْ ما قد ضاع يكفيـنا
فَعُـودي هـاهو العمـرُ يُناديـنا
فـلا نُخْـرِبْه يا أُخـتُ بأيدينــا
أخيتي :اسمعي هذه الكلمات ،بعيدا عن إله الهوى والشهوات ، فربما رق القلب فانقلب بعواطفه وأشجانه،وربما صحا الضمير فيحس بآلامه وآماله،وربما تنبه العقل ليتحرر بأفكاره وآرائه،إنها إشراقة لتشرقي في سمائنا يا شروق !!.وهي الحنان من نبع لا يجف يا حنان !!.إنها الأمل الذي نرجوه يا أمل !! فهل أنت أمل فنعقد عليك الآمال ؟ أم أنت ألم فتزيدين الآلام آلاما .
** كتبت فتاة رسالة ـ بعد سماعها للشباب ألم وأمل ـ وكانت رسالتها ستاً وعشرون صفحة ،وعنونت لها ( الفتاة ألم بلا أمل ) وقد كتبتها بدم قلبها ،ووقعتها باسم :أمل ،وهي أمل إن شاء الله رغم كل ما كتبته ،فقلب يشتعل حرقة وندماً سيصل في النهاية مهما طال الطريق ، ومما قالت فيها :" المثيرات تحاصرني من كل مكان … قنوات فضائية .. أفلام هابطة ..أغانٍ وأشرطة تحوي كلام ساقط ،إلى من ألجأ في مثل هذه الظروف ،ارحموني نهايتي تقترب ..أوجدوا حلا لمعاناتي .. اسمعوا صرخاتي .. من قلبي .. من أعماقي ..أسرعوا في إيجاد الحل فها أنا اقفل حقائبي وألملم شتات نفسي للرحيل .. لقد عزمت على الرحيل .." الخ كلامها الذي سأعود إلى بعضه في هذا الدرس وغيره .
** وتتحسر أخرى فتقول: "أبحث عما يريح نفسي من الهم الذي أثقلها ..لم أجد في الأفلام أو الأغاني أو القصص ما ينسيني ما أنا فيه ..لا أدري ،ما الذي أفعله ؟وما نهاية هذا الطريق الذي أسير فيه .." [المعاكسات ..من التسلية إلى الزنا ص 72] .
** وثالثة تبث همومها وأحزانها كما ذكرت ، وتقول:" أعيش في موج من الكدر يحرم عيني المنام ،فأنا دائماً أُفكر في حالي ،وكيف أبحث عن السعادة ، فأنا كما يقولون :غريبة ،والغربة هنا ليست غربة المكان ، ولكنها غربة الروح ،وغربة المشاعر الحزينة ، التي تشتكي بين ضلوعي لما أفعله تجاه ربي ونفسي والناس ، فلقد طال صبري كثيراً على حالي ،فمتى وقت رجوعي .؟!." [من الاستبانة ]
**ورابعة تصرخ فتقول : "أُقسم بالله أن أياماً مرت عليَ حاولت فيها الانتحار ،ولكن كل محاولة تفشل ، لا أعلم لماذا ؟هل الله يريد أن يُطيل بعذابي ، أم أن أجلي لم يحن بعد ؟ ولكن ما أعرفه أنني أموت كل يوم وليلة .." [الاستبانة 107 الشرقية ]
وهكذا تتوالى الآهات والحسرات من الكثير الكثير من الفتيات الغافلات .
أيها الاخوة والأخوات : ارحموا الفتيـات
أيهــا المــجتـمـــــــع:رويداً رويداً بالفتاة
أيها الآباء والأمهات:حناناً وعطفاً للفتاة
أيهـــا الإعـــــلاميـــون : رفقاً بالقواريـر
أيهــا الشباب:اتقوا الله في الأزهار والورود
لم يبقَ من ظلِّ الحياةِ سوى رَمـقْ وحُطامُ قلبٍ عاشَ مشبوبَ القلقْ
قد أشرقَ المصباحُ يوماً..واحترقْ جفتْ به آمـالُهُ حـتىَّ اخـتنق
هذه حال الفتاة ،فالمشاكل والأخطار تفترسها : ( فراغ وسهر ، انحراف وفساد ، عشق وغرام تبرج وسفور ، عجب وغرور ، عقوق للوالدين ، ترك للصلاة ، تبذير للأموال ، تقليد للغرب ، ضياع للشخصية ، سفر لبلاد الكفر والإباحية ، جلساء السوء ، الكذب والغيبة وبذاءة اللسان ، التدخين والمخدرات ، العادة السرية ، التشبه بالرجال ، أفلام وقنوات ، فُحْش وروايات ، غناء ومجلات ، معاكسات ومقابلات، جنس وشهوة وإثارة للغرائز..)وغيرها من مشاكل الفتاة .
إنه الألم الذي تعيشه الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية ، وشان بين الألـم والأمــــل
معاشر الأخوات:
لماذا بعض الفتيات حياتها من وحل إلى وحل ، ومن مستنقع إلى مستنقع ؟ مرة مع القنوات الفضائية ،ومرة مع المجلات الهابطة ،ومرة في المعاكسات ، وربما الزنا ، فهي غارقة في أوحال الفساد والشهوات !
تقول صاحبة الرسالة : ( لم أجد بابا إلا طرقته ، ولا معصية وخطيئةً إلا جربتها ، والنهايةُ أسوأُ من البداية ، ألم وضياع ، وحرقة واكتئاب ) .
أيتها الأخوات:
قلب تفرق بين هذه المشاكل ، فإذا مل هذه انتقل إلى تلك ، قلب في الشهوات منغمس ، وعقل في اللذات منتكس ، همته مع السفليات،ودينُه مستهلك بالمعاصي والمخالفات،كيف حاله ؟كيف سيكون ؟
فيــــا أختــاه :
شدّي وَثاق الطّهـر لا تتغرّبـي عن عالمِ الدينِ الحنيفِ الأَرْحـبِ
شُدُّي وَثاق الطُّهْرِ سِيري حُـرّةً لا تُخْدَعِي بِحَدِيثِ كُــلِّ مُخـرّبِ
لكِ من رحالِ المجدِ أَخْصَبُ بُقْعَةٍ وَلِغَيرِكِ الأرضُ التّي لمْ تُخْصَـبِ
لكِ من عُيونِ الحَقِّ أصْفَى مَشْرَبٍ ولِعِاشِقَـاتِ الوهْـمِ أَسْوأُ مَشْرَبِ
هُزّي إليـك بجـذعِ نخْلَتِنَـا التّي تُعْطِي عَطَاءَ الخَيْرِ ، دُونَ تَهـيّبِ
وقِـفِي عَلى نَهْـرِ المـروءةِ إنّه يُرْوي العِطَاشَ بمائه المستعـذبِ
وإذا رأيـتِ الهَابِطـاتِ فَحَوْقِـلِي وَقِفِي عِلى قِمَمِ الهُدَى،وتحَـجّبي
إنّ الحجَابَ هو التحرّرُ من هَـوى "ولاّدة " ذاتِ الهَـوى المتَـذبـذبِ
وهو الطريقُ إلى صَفـاءِ سريـرةٍ وعلوّ منـزلةٍ ورفعـةِ مَنْصِـبِ
ولعلك تتساءلين ماذا نريد .. ؟:
فأقول : إن لك تأثيرا كبيرا في المجتمع ، وقد يكون التأثير سلباً أو إيجاباً ، فإن كنت ذا عقل ناضج كان لك تأثيرك البناء الفعال ، وإن كنت ذا عقل خفيف طائش ،أو عقل فاسد منحرف كنت بؤرة فساد وإفساد للمجتمع وهدمه .أخيتي أرجو أن لا تُزعجك صراحتي : فوالله إننا نستطيع كغيرنا أن نتلاعب بالعواطف ،وأن ندغدغ المشاعر بكلمات الحب والغرام ، وأن نجعلك تعشين في عالم الأحلام ،نعم لا تُعجزنا كلمات الغزل ،ولا همسات العشاق ، بل نتحدى كل من يعزف على أوتار المحبين .. ولكن مـاذا بعد ؟! شتان بين من يريدك لشهوته ،وبين من يريدك لأمته ، نعم نريدك أن تكوني أكبر من هذا ، أن تنفعين ، أن تساهمين في بناء المجتمع ونهضته ، لا كما يريدك الآخرين للغزل والحب والشهوة ، والغناء والرقص والطرب . ألهذا خلقتِ فقط ؟ وهل الحياة حب وعشق فقط؟لماذا ننام على الشهوة ، ونصحوا عليها ؟إن من النساء من لا تنام ولا تقوم إلا على غناء العاشق الولهان ؟!أوقات لمشاهدة لقطات الحب والتقبيل ؟!وأوقات لقراءة روايات العشق والغرام؟!وأوقات لتصفح مجلات الفن والغناء؟!وأوقات للهمسات والمعاكسات؟!لماذا عواطف فقط ؟ أين العقل ؟ وأين الإيمان ؟ وأين المروءة ؟ بل أين البناء والتربية والفكر ،والمبادئ والأهداف في حياة المرأة ؟!
أيتها الأخت :
هل تعلمين وتفهمين أن هناك من يريد إبعاد المرأة عن دينها ،وصدها عن كتاب ربها ؟ وإن كنت لا تعلمين ،فيكفي ما تشاهدين من ذاك الركام الذي يزكم الأنوف من المجلات والأفلام والقنوات ، والأقلام والروايات ،والتي لا هم لها إلا عبادة جسد المرأة ، من فن وطرب ، وشهوة وجنس ، ومساحيق وموضات فلماذا الاهتمام بالصورة لا بالحقيقة ،وبالجسد لا بالروح ؟ كم أتمنى _ أخيتي _ أن تفرقين بين من يحترم عقلك لا جسدك ،ويهتم بملء الفراغ الروحي والفكري لديك لا من يهتم بالشهوة والجسد والطرب .فهل عرفت ماذا نريد ؟وأنت تقرأين القرآن قفي وتأملي قول الحق عز وجل ) إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (
فهل عرفت إذاً :إنه ابتلاء وامتحان ،فاسألي نفسك :هل نجحت أم رسبت في الامتحان ؟!
إنني ممن يطالب وبقوة بحقوق المرأة ،وبالعدل بينها وبين الرجل،نعم بحقوق المرأة التي جاء بها الإسلام ليكرمها ،وبخسها بعض الرجال بجهله وظلمه وتسلطه . أقول بالعدل لا بالمسـاواة ،أتدرون ما تعني المساواة ؟:أن نجعل المرأة رجلاً،والرجل امرأة،وهذا انتكاس بالفطرة،وجهل بحقيقة الخِلقة لكل منهما،فإن الله تبارك وتعالى خلقهما وجعل لكل منهما وظيفة،وأعمالا،لكل منهما دور في الأسرة والمجتمع يجب أن يقوم به في الحياة ، "..وقد سبقتِ المرأةُ المسلمةُ غيرها في الإسهامِ الحضاري بمئات السنين ،لكنها لم تخرج عن وظيفتها ولا عن طبيعتها ،لم تطلب أن تتشبه بالرجال أو تتساوى بهم في الطبيعة والوظيفة لأن ذلك غير ممكن ،غير مستطاع.." بل محال إلا إذا انتكست الفطرة ، وانقلبت الموازين وتداخلت الأدوار، وفي هذا اضطراب للمجتمع وتفكك وشقاء .وإياك إياك أن تنسي الوظيفة الأولى والأصلية التي جعل الله لك :أن تكوني ملكة بيت ، ومربية أجيال ورجال . فالزمي بيتك لتسعدي، ولِنَهَبَ لك قلباً تحبينه ويحبك ، فيريحك من النفقة ، ويشبع غريزتك ، ويصونك عن الذئاب المسعورة .وإذا كان لديك فضل من وقت ،ونشاط وهمة ، فالمجتمع وبنات جنسك بأمس الحاجة إليك ،وإلى مَوَاهِبَكِ ، وبشرط الستر والعفاف ،لكن تذكري دائماً ،وكرري دائماً:بيتي أولاً .أما جعل الوظيفة أولاً ، وإهمال البيت والأولاد،والتبرج والسفور ،والاختلاط ، وباسم الحرية المزعومة ،فهذا والله خلل في المفاهيم ..انتكاس في الفطرة ، وتجربة البلاد المجاورة تُصدقُ ما يكذبه سفهاء الأحلام . فما أعظم الخطب !!وما أشد المصيبة !! إذا اختل المنطق ، وانتكست المفاهيم ، وأصبحت العبودية للشهوات واللذات حرية ندعوا لها .[ بعض الكلمات مقتبسة من رسالة :المرأة وذئاب تخنق ولا تأكل ص 28 بتصرف].
هذا ما نريد باختصار . وإذا أردت أن تعرفي ماذا يريدون هم ،فاقرئي كتاباً نفيساً جداً بعنوان :ماذا يريدون من المرأة ؟ لعبد السلام بسيوني . ( وهو أحد كتب مجلة الأسرة ، وهي مجلة جميلة ، إضافة إلى مجلة الشقائق ، فهما شمعتان في طريق المرأة ) ( وكتابا آخر بعنوان : يا فتاة الإسلام اقرأي حتى لا تخدعي لفضية الشيخ صالح البليهي _ رحمه الله _ ) ، اقرأي أمثال هذه الكتب ، وأمثال هذه المجلات ؛ لتتضح لك الحقيقة .
• صناعة الفكر ،وتوجيه الع أيتها الغالية :اسألي نفسك بصراحة :من يصنع أفكارك ويبنيها ؟ أهو العلم والثقافة ،والتربية الصالحة وتوجيه الأبوين ؟! أم هو الإعلام ومجلات وروايات ومسلسلات الحب والغرام ؟!
أجاب 32% _ من فتيات الاستبانة _ بأن توجيه الأبوين والأسرة هو الذي يصنع العقل والفكر.وأجاب 30% بأنه العلم والتعليم .وأما التربية الذاتية فـ 26% .وقال 12% بأن الذي يصنع الفكر هو الإعلام.
وعن سؤال آخر أجاب 50% أن للإعلام والمجلات ومسلسلات الحب والغرام أثرا في حياتهن وعلى أفكارهن وعقولهن .وقال 46% أنه ليس لذلك أثر في حياتنا ولا على الفكر والعقل . وربما استغرب البعض وهو يسمع هذه النسب الخاصة بالإعلام ، فإن المشهور أن للإعلام اليوم أثر كبير في حياة الناس،ولعل السر هنا أن الكثير من الناس ،لا يشعرون أن ما يشاهدونه ويقرءونه عبر وسائل الإعلام له أثر ،وأثر كبير في حياتهم ،أو أن البعض يشعر لكنه يتصنع الشخصية المستقلة التي لا تتأثر،خوفاً من الاتهام بالتَّبَعِيةِ والتقليد .والعجيب لو سألت هؤلاء هل للإعلام أثر على الآخرين ؟ ، لأجاب وبسرعة :بنعم ,وهذا ما حصل : فقد أجاب 60% بلا عندما سئلن : هل للقنوات تأثير عليك ؟!وعندما سئلن :هل للقنوات تأثير على الآخرين ؟ أجاب :93% بنعم ، منهم 55% ذكرن أن الآثار سلبية .و38% ذكرن أن الآثار سلبية وإيجابية .وهكذا فنحن نجيد فن اتهام الآخرين ،أما اتهامُ النفسِ والشجاعةُ في مواجهتِها ومصارحتها فآخر ما يفكر به الحيارى وضعاف النفوس.
أما البحوث والدراسات فقد أثبتت أن الذين يتعرضون لفترات طويلة لوسائل الإعلام يُتصور لديهم عالم خاص من صنعهم ،وهو في الواقع عالم مزيف ،مليء بالحقائق والأرقام الوهمية .وأما الاعترافات بأن للإعلام أثر في الحياة وعلى الفكر والعقل فاسمعي بعضاً منها :ومن مجلة تحت العشرين في عددها (27) تقول فتاة :" أحلم أن أُصبح فنانة مشهورة تملأ صوري الصحفَ والمجلات،ويشير المجتمع إليَّ في كل مكان ،ولهذا فإنني أُتابع بحرص شديد كلَّ أخبار فنانتي المفضلة والتي أعتبرها مثلي الأعلى ،وأُراقب بدقة حركاتها وأسلوبها سواء في التمثيل أو في الحياة ،ومن يدري قد أُصبح يوماً في مثل شهرتها ! " .
وتقول فتاة أخرى :" أنها تحب هذا الفنان كثيراً، فصوره تملأ كل مكان في غرفتي ،وأرفض أن ينتقده أي إنسان ،ولو كانت صديقتي المقربة ".
وتقول ثالثة :" أنا أعشق عالم الموضة والأزياء ،وتبهرني كثيراً عارضات الأزياء برشاقتهن وطريقتهن في الحركة والمشي ، وأحاول قدر الإمكان تقليدهن في حركاتهن حتى أنني أتبع رجيماً قاسياً لأصل لنفس القوام الذي يتمتعن به " .ولا أدري أقرأتْ هذه وأمثالها توبة "فابيان " أشهر عارضة أزياء فرنسية ؟،وهل هي سمعتْ قولها : " إن بيوت الأزياء جعلت مني مجرد صنماً متحرك ،مهمته العبث بالقلوب والعقول..فقد تعلمت كيف أكون باردةً قاسيةً مغرورةً فارغةً من الداخل ،لا أكون سوى إطار يرتدي الملابس ،فكنت جماداً يتحرك ويبتسم ولكنه لا يشعر ..كنا نحيى في عالم الرذيلة بكل أبعادها ،والويل لمن تعترض عليها وتحاول الاكتفاء بعملها فقط "الخ حديثها .[المسلمون عدد 238،عن العائدون إلى الله 3/39-40] فهل نستيقظ
هل نستفيد من تجارب الآخرين الذين سبقونا في مثل هذا الطريق ؟
وحول سؤال عن الآثار السلبية للقنوات الفضائية ذكر 38% الانحراف والانحلال الخلقي.وذكر 25% التقليد.و 21% ضياع الوقت.وذكر 15% البعد عن الدين الإسلامي.و13% ذكرن عدم احترام المجتمع وزرع الأفكار السيئة.وذكر 6% أنها تُلهي عن الصلاة.و 4% أنها تُثير الغرائز الجنسية ..وغير ذلك من الآثار السلبية التي ذُكرت على لسان الفتيات من عينة الاستبانة .وكل ما نراه الآن من الآثار التخريبية للحرب الفضائية _ أو الفضائحية _ إنما هي مقدمات فقط ،ستتضح آثارها المدمرة على المجتمعات الإسلامية والعربية في الأجيال القادمة ،بل أقول : في الجيل القريب،نسأل الله أن يحفظ المسلمين من كل سوء ،وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم .
.إذاً فصياغة الإعلام للأفكار والمفاهيم لا ينكره عاقل "حتى كاد العيب أن يختفي من قاموس القيم والتقاليد العربية والآداب الإسلامية النقية "[مقتبس من كتيب مسؤولية الإعلام ..ص 17]واسألي نفسك بكل صراحة :لماذا سلمت أفكارك وعواطفك للتجار الفن ودعاة الرذيلة،يتلاعبون بها لمصالحهم وشهواتهم كيف شاءوا؟!لم لا نَزِنِي ما نقرأين وتشاهدين وتسمعين بميزان شرعنا وعقيدتنا فما وافقه قبلناه،وما أنكره رفضناه . أتقبلين _ يا أختاه _ أن يجعلوك أداة لهو لهم ،وتتركي لهم الصدارة في العلم والتربية والثقافة والأدب والفكر !! إن صلاح المرأة من أهم العناصر لبناء المجتمع ، فأين هؤلاء _ اسألي نفسك أنت وفكري _عن توجيه المرأة لصلاح دينها ودنياها ؟ أين هم عن المرأة فوق الأربعين ، وهمومها ومشاكلها ؟ لم نقرأ أو نسمع من يحمل همها ، ويُشاطرها أحزانها،ويطالب بحقوقها . وكذلك الفتاة الصغيرة ذات السبع ،والتسع، والثنتي عشر ،لماذا لا يهتم أولئك بهؤلاء ؟! أين هم عنها معاقة،ومطلقة،ومسجونة ؟أم أنهم يحملون هَم فتاة الخامسة عشر،والعشرين،والثلاثين،وربما أيضاً بشرط أن تكون جميلة، وبيضاء،وطويلة وأنيقة ؟! نعم .. هذه هي المرأة التي يطالبون بحقوقها وتحريرها؟!حتى هذه أين هم من فكرها،وأدبها،وخلقها، وثقافتها ؟!حتى المحتشمة ،والتائبة لم يتركوها؟!_ سبحان الله _ أليسوا يطالبون بحريتها كما يزعمون !!هاهي تريد أن تتوب،أن تحتشم فلم يرحموها ؟!ولم يتركوها !!أليست هذه حرية ؟! أم أنها الحرية التي يرسمونها هم ؟!ولهؤلاء قال المنفلوطي:" إنكم لا ترثون لها بل ترثون لأنفسكم ،ولا تبكون عليها بل على أيام قضيتموها في ديار يسيل جوها تبرجاً وسفوراً ،ويتدفق خلاعة واستهتاراً ،وتودون بجدع الأنف لو ظفرتم هنا بذلك العيش الذي خلفتموه هناك..."الخ كلام المنفلوطي في[العبرات ص 744]هذا خطاب المنف**** لهم ،وخطابي ليس لهم بل لك أنت أيتها الفتاة فتنبهي وأفيقي.وفكري .