إنه الله
الشيخ إبراهيم الدويش
م الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد
عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم
أما بعد :
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته شكر الله لكم حضوركم ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم في هذا المجلس العلم النافع
والعمل الصالح وشكر الله لأخواني في جمعية تحفيظ القرآن الكريم في محافظة عنيزة هذا المنشط المبارك هذا الملتقى الذي هو الملتقى الثاني للقرآن الكريم
وهكذا دائما كتاب ربنا جل وعلى بركات تلوى بركات وخيرات تلوى خيرات نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن وممن يتدبر القرآن ويعمل به
أيها الأخوة والأخوات ( أفلا يتدبرون القرآن ..) إنه القرآن كلام الرحمن
أنت الذي يا رب قلت حروفه....... ووصفته بالوعظ والتبيان
ونظمته ببلاغة أزليـــة .......تكييفها يخفى على الأذهان
وكتبت في اللوح الحفيظ حروفه .......من قبل خلق الخلق في أزمان
أشرح به صدري لمعرفة الهدى....... وأعصم به قلب من الشيطان
يسر به أمري وقض مآربي....... وأجر به جسدي من النيران
واحطط به وزري واخلص نيتي .......واشدد به أزري وأصلح شأني
امزجه يارب بلحمي مع دمي .......واغسل به قلبي من الأضغان
هكذا معاشر المؤمنين هكذا أيها المسلم هكذا يا عبد الله بقلبك قبل اللسان إقراء القرآن لتجد عذوبة ترويك من ماء البيان ورقة تستروح منها نسيم الجنان
(ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ))
القرآن هو الذي يحقق السعادة للإنسان ..القرآن ينشر الأمن والاطمئنان عز وفخر ورفاهية وأمان كل هذا يحققه تطبيق القرآن وسنة خير الأنام عليه
الصلاة والسلام ((لقد تركت فيكم أمرين ما أن تمسكتم بهما لن تظلوا بعدي كتاب الله
وسنتي )) يتساءل الناس عن المخرج في زمن الفتن والشبهات والشهوات في زمن المغريات كيف نحافظ على إيماننا في الغربة ؟ كيف نحافظ على
إيماننا في غربة الشهوات وغربة الشبهات في زمن العولمة والانفتاح والتقنيات ؟ كيف نربي أبنائنا وبناتنا في مثل هذه الأوقات ؟ لماذا انصرفت
القلوب عن علام الغيوب ؟ لماذا تكالب الناس على الدنيا حتى ربما ظن البعض أنا لا نموت ؟ يشكو الناس من قسوة القلوب ومن كثرة الذنوب ..يشكو
الناس من الخواء خواء الروح والفراغ الإيماني ..وأقول الطريق أن يتعرف الناس على الله حق المعرفة أن تملئ القلوب بمحبة الله عز وجل
أشار القلب نحوك والضمير....... وسر السر أنت به خبير
وإني إن نطقت بكم أنادي .......وفي وقت السكوت لكم أشير
من لم يعرف الله حق المعرفة فهو جاهل ومسكين وهو معدم وفقير وأعظم طريق لمعرفة الله هو معرفة كتاب الله جل وعلا من عرف الله من كلامه
وآياته فإنه يعرف رب قد اجتمعت له صفات الكمال ونعوت الجلال منزه عن المثال برئ من النقائص والعيوب له كل اسم حسن وكل وصف
كمال ..فعال لما يريد ..أكبر من كل شيء ..وأجمل من كل شيء ..أرحم الرحمين .. وأقدر القادرين .. وأحكم الحاكمين .. القرآن أنزل للتعريف للتعريف
به جل جلاله لتعريف عباده به وبصراطه الوصل إليه وبحال السالكين بعد الوصول إليه فآيات الله القرآنية تنطق بالتعريف بالله تعالى كما أن آيات الله
الكونية تنطق بعظمة الله التفكر ..التدبر .. طريق لمعرفة الله سبحانه وتعالى معرفة الله طريق لمحبة الله محبة الله طريق السعادة والراحة والاطمئنان ..
فأين الباحثون عن السعادة ؟ أين القلوب التي تعلقت بغير الله تعالى ؟ أين هي عن الله ؟ نعم أين هي عن الله ؟ فالله محسن يحب المحسنين ..شكور يحب
الشاكرين .. جميل يحب الجمال .. طيب يحب كل طيب .. كريم يحب الكرم.. تواب يحب التائبين .. حيي يحب أهل الحياء .. يستحي من عبده إذا مد
يديه إليه أن يردهما صفرا عفو يحب العفو عن عباده .. غفور يغفر لهم إذا استغفروه .. تكثر الذنوب تعظم العيوب تقسو القلوب ويخشى الإنسان من
الخسران ويخاف من الحرمان فيناديه الرحيم الرحمن ((قل يا عبادي الذين أسرف على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه
هو الغفور الرحيم )) ينادي عبده نداء المتلطف به ..من الذي يناديك ؟ إنه ملك الملوك جل وعلا .. إنه الغني عن العالمين .. من الذي يناديك أيها العبد
الفقير ؟ إنه اللطيف الخبير ينادي عبده نداء المتلطف به يدعوه دعاء المشفق عليه (( يا ابن آدم إنك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان منك
ولا أبالي , يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي , يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني
لاتشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة , ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا , ومن تقرب إلي ذرعا تقربت إليه باعا , وإذا أقبل إلي يمشي أقبلت
إليه أهرول )) هكذا هو ربنا جل وعلا الباب مفتوح ولكن من يلج ؟ المجال مفسوح ولكن من
يقبل ؟ الحبل ممدود ولكن من يتشبث به ؟ الخير مبذول ولكن من يتعرض له ؟ أين من يملئ قلبه هيبة من الله ؟ أين من يملئ قلبه خشية من الله ؟ أين
من يعظم الله ؟ فالله عظيم .. الله عظيم والعظمة صفة من صفاته وآية من آياته وتعظيم الله يعني تعظيم حرماته (( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى
القلوب )) من كان بالله أعرف ..من كان بالله أعرف كان لله أخوف .. تأملوا تأملوا آية عظيمة في كتاب الله تعظم الله آية جليلة القدر عظيمة الشأن
رفيعة المنزلة بعيدة المكانة لها حلاوة وعليها طلاوة تنزل على القلب برد وسلام يسعد بها الفؤاد تأنس لها النفوس تستروح بها الروح حبيبه إلى الرحمن
حافظة للإنسان طاردة للشيطان حفظها أمن وأمان وقراءتها روح وريحان الترنم بها نعيم وسلوان هي أعظم أجل و آية في القرآن سأل النبي صلى الله
عليه وسلم أبي ابن كعب (( أي آية في كتاب الله أعظم )) فقال أبي : الله ورسوله أعلم فرددها عليه الحبيب صلى الله عليه وسلم ثم قال أبي : آية
الكرسي يا رسول الله . فقال عليه الصلاة والسلام : ((ليهنك العلم أبا المنذر , والذي نفسي بيده إن لها لسان وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش ))
كما عند أحمد . أيها المسلم يا عبد الله يا أمة الله أيها الحبيب هل فكرت في معانيها وأنت ترددها ؟ هل سألت نفسك لماذا سميت بآية الكرسي ؟ وما
المقصود بالكرسي ؟ ولماذا هي أعظم آية ؟ ولماذا نقرأها في الصباح والمساء وعند النوم وربما في أدبار الصلوات ؟ هل تدبرتها ؟ هل وقفت مع
معانيها ؟ أليس الله تعالى يقول ( أفلا يتدبرون القرآن ) ألست تقرأها في اليوم مرات ؟ آية الكرسي بعيدة أسرارها .. عظيمة أخبارها حتى الشياطين
عرفت مقدارها ((الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه وسع كرسيه
السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم )) إذا أويت إلى فرشاك فإقراء آية الكرسي فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولايقربنك
شيطان حتى تصبح هكذا علمنا الحبيب صلى الله عليه وسلم ((الله لا إله إلا هو الحي القيوم...)) يكفي هذه الآية العظمة عظمة استفتاحها بلفظ الجلالة
الله .. العلم الخاص بذات الله عز وجل لا يطلق على غيره سبحانه وتعالى (( هل تعلم له سميا )) لقد ورد هذا الاسم الله ورد في القرآن أكثر من ألف
وسبع مئة مرة وهو التعريف الذي عرف الله جل وعلا به نفسه (( أنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري ))
الله يا أعذب الألفاظ في لغتي....... ويا اجل حروف في معانيها
الله يا أمتع الأسماء كم سعدت نفسي .......وفاض سروري حين أرويها
الله كلمة جميلة وعظيمة قريبة من النفس ساكنة في الوجدان ,,الله محفورة في الضمير ممتزجة بالدم واللحم والعصب .. الله تطمئن بها القلوب تأنس بها
النفوس تسكن بها الآلام والهموم .. الله تعلقت بها القلوب عظمتها النفوس لهجت بها الألسن ..الله ..الله .. الله .. ما أعذب الكلمة ما أحسن الاسم ما أجل
المسمى
فاستمع يا زمان هذا محب .......سوف يتلو أنشودة للرواة
يا خلايا الفؤاد يا كل نبض....... هات ما عندكم من الحب هات
تاه لبي وذاب قلبي لربي...... فهو حبي وسلوتي وحياتي
وله كل ذرة في كياني .....ومماتي ومنسكي وصلاتي
يقصر اللفظ عن بيان الحب .....ومعان في مهجتي مضمرات
الله لا إله إلا هو .. بداية مشرقة جاءت فيها أول هذه الآية آية الكرسي جاءت كالتاج على الرأس ثم أتى بعدها مباشرة بالصفة الأسما بالقضية العظمى
جاءت كلمة التقوى عنوان الدين أساس الملة الكلمة التي من أجلها أنزلت الكتب من أجلها أرسلت الرسل أقيم سوق الجنة والنار .. لا إله إلا الله .. فلا
يستحق العبودية إلا الله هو المتفرد بالإلهية على جميع الخلائق ..لا إله إلا هو ..جملة فيها النفي والإثبات تفيد الحصر بأقوى صيغة بأن لا إله إلا الله
الحي القيوم .. الحي في نفسه الذي لا يموت أبدا فحياته كاملة لم تسبق بعدد ولا يلحقها زوال (( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال
والإكرام )) يقول الحق عز وجل (( توكل على الحي الذي لا يموت )) ويقول (( كل شيء هالك إلا وجهه )) سبحانه وتعالى -القيوم- أي القائم بنفسه
القائم على غيره . قيامه بنفسه يستلزم استغنائه عن كل شيء والله غني حميد . لا يحتاج إلى أكل ولا إلى شرب وهو يطعم ولا يطعم وهو يجير ولا
يجار عليه .. لا يحتاج إلى معين ولا ناصر فهو سبحانه قائم بنفسه أما غيره فمحتاج إليه الكل محتاج إلى الله عز وجل في إيجاده في إمداده فجميع
الموجودات مفتقرة إلى الله
من يعيد الرواء للأرض لما....... يطمس الجدب أوجه ضاحكات
من يعافي المريض من بعد سقم .......وقنوط من طب المستشفيات
من يبث السرور في كل بيت ......بالبنين والأطهار أو البنات
من يسلي النفوس بالصبر لما....... تبتلى بالنوازل القاصمات
من يغيث القلوب مما دهاها .......من هموم بئيسة جاثمات
إنه الله .. إنه الله الحي القيوم فيا الله .. يا لله برحمتك نستغيث فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ..لا إله لنا غيرك فنرجوه ولا رب لنا سواك فندعوه (( يا
ءايها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد إن يشاء يذهبكم ويأتي بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز )) (( وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا
مسكم الضر فإليه تجأرون )) إنه الحي القيوم ..الحي القيوم هما اسمان لله اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وقد ذكر في القرآن في ثلاثة مواضع
هذا أحدها والثاني في بداية سورة آل عمران (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) والثالث في سورة طه (( وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل
ظلما )) وإنما كان اسم الله الأعظم في اجتماع هاذين الاسمين الحي القيوم لأنه فيهما الكمال الذاتي والكمال السلطاني فالذاتي في قوله .. الحي ..
والسلطاني في قوله .. القيوم .. فهما جامعان لكمال الأوصاف والأفعال
قابض باسط معز مذل .......لم يزل مرغما أنوف الطغاة
شافع واسع حكيم عليم....... بالنوايا والغيب والخاطرات
خافض رافع بصير سميع ......لدبيب النمل فوق الحصاة
ظاهر باطن حسيب رقيب....... ليس يخفى عليه مثل القذاة
أول آخر علي غني .......كيف نحصي آلائه الوافرات
باعث وارث كفيل وكيل....... وأمان للأنفس الخائفات
إنه الله ...إنه الله لا تأخذه سنة ولا نوم ..لا يعتريه نقص ولا غفلة ولا ذهول عن خلقه بل هو قائم على كل نفس بما كسبت شهيد على كل شيء لا
يغيب عنه شيء لا تخفى عليه خافية .. ومن تمام القيومية أنه لا يعتليه سنة ولا نوم .. والسنة هي النعاس والوسن ولهذا قال .. ولا نوم ..لأنه أقوى من
السنة .. والنوم صفة نقص فلكمال حياته جل جلاله وكمال قيوميته لا تأخذه سنة ولا نوم وفي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قام فينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال : (( إن الله عز وجل لا ينام , ولا ينبغي له أن ينام )) إنه الله .. إنه الله .. ((له ما في السموات وما
في الأرض)) إخبار بأن الجميع عبيده وفي ملكه وله أن يتصرف فينا كما يشاء لأننا وما نملك ملكه أفلا يخض العبد الفقير منا لمالكه وسيده أفلا يصبر
لقضائه وقدره .. عجبا والله .. عجبا كيف يصر العبد على معصية سيده كيف يتكبر ..كيف يطغى ويتنكر (( إن كل من في السموات والأرض إلا آتي
الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا))
كل ما في السموات السبع والأراضين السبع وما بينهما له وحده لا شريك له ..هو الذي له الملك والتصرف ..هو الذي له السلطان والكبرياء .((قل كل
من عند الله )) إنه الله ..إنه الله .. ((له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه )) من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه .. استفهام
وتحدي ..وهذا من عظمته وجلاله وكبريائه عز وجل ..أنه لا يتجاسر أحد على أن يشفع عنده إلا أن يؤذن له بالشفاعة .. وهل هناك أعظم جاه ومكانه
من حبيبنا وأسوتنا وقدوتنا رسولنا عليه الصلاة والسلام ؟؟ ومع ذلك لا يشفع إلا بإذن الله .. لكمال سلطان الله وهيبته جل وعلا كما في حديث
الشفاعة يقول عليه الصلاة والسلام ((فآتي تحت العرش فأخر ساجدا , فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال ارفع يا محمد وقل يسمع وسل تعطى
واشفع تشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة )) الله أكبر .. أين الوجهاء ..أين الشفعاء .. أين الكبراء أين العظماء كلهم عبيد لله جل جلاله ((وكلهم آتيه يوم
القيامة فردا )) كلهم عبيد له مماليك لا يقدمون على شفاعة حتى يؤذن لهم ولابد من رضا الله عز وجل عن الشافع والمشفوع له
يا منى خاطري وسلى فؤادي....... ليس إلا أإلى رضاك التفاتي
من حولي وقوتي و أتكالي .......يا نصيري فلا تكلني لذاتي
يا غياث الملهوف من كل كرب ......يا معين للمرء في المعضلات
اهدي قلبي يا خالقي وارض عني....... فالرضا منك منتهى الأمنيات
إنه الله.. إنه الله .. اللهم ارض عنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض .. اللهم إنا نسألك رضاك والجنة
((يعلم مابين أيديهم وما خلفهم )) دليل على إحاطة علمه .. فهو يعلم مابين أيدينا من حاضر ومن مستقبل ويعلم ما خلفنا من الماضي ((يعلم ما يلج في
الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير )) يا لها من معاني تأخذ بالألباب يا لها من
كلمات تهز النفوس يا لها من كلمات تزرع العظمة والهيبة في القلوب سبحان الله لا تغيب عنه ذرة خلجات النفوس خواطر القلوب التفاتات العيون لا
تخفى عليه خافية ((يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور )) يعلم ماضيها وحاضرها ومستقبلها .. يعلم مابين أيدينا وما خلفنا ومابين ذلك(( وما كان
ربك نسيا )) فأين المفر ..أين المفر أخوة الإيمان ؟ أين الملجأ أين الملاذ ؟ سبحان الله إذا خفت من المخلوق فررت منه وإذا خفت من الخالق فررت
إليه .. انكسرت بين يديه تناجيه تدعوه تستغفر من ذنبك ترجوه ليس لكم إلا الله ففروا إليه انطرحوا بين يديه قفوا ببابه انكسروا لجنابه .. حقيقة
العبودية التي يحبها من عبده إنه الانكسار والخضوع لملك الملوك جل وعلا يوم يجد العبد لذة الانكسار والخضوع ويمرغ الجبين للرب جل جلاله
لا رب أرجوه سواك إذ...... لم يخب سعي من رجاك
أنت الذي لم تزل خفيا .......لم تبلغ الأوهام منتهاك
إن أنت لم تهدنا ظللنا .......يا رب إن الهدى هداك
أحط علما بنا جميعا....... أنت ترانا ولا نراك
إن الله يراك .. إن الله يراك ...إن الله مطلع عليك ..أتستطيع أن تختفي عن عين الله ؟ افعل ما شئت قل ماشيت تكلم بما شئت حدث بما شئت لكن أعلم
أن الله يراك يسمع كلامك مطلع على أفعالك
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل..... خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة....... ولا أن ما تخفي عليه يغيب
لهونا لعمر الله حتى تتابعت...... ذنوب على آثارهن ذنوب
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى .......ويأذن في توباتنا فنتوب
الخلق كلهم .. الخلق كلهم لا يعلمون عنه شيئا إلا ما أطلعهم عليه (( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء )) لايطلع أحد على شيء من علم الله إلا
بما أعلمه الله عز وجل وأطلعه عليه .. ولا يطلعون على شيء من علم ذاته وصفاته إلا بما أطلعهم الله عليه كما قال (( يعلم مابين أيديهم وما خلفهم ولا
يحيطون به علما )) فالخلق مهما أتوا من علم مهما أتوا من قدره ..مهما بلغت التقنيات مهما وصلوا للمخترعات لا يحيط أحد بشيء من علم الله ولاعن
صفات وذات الله إلا بما شاء الله وقد قال أعلم الخلق به وهم الرسل والملائكة ((سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا )) إنه الله .. إنه الله ((وسع كرسيه
السموات والأرض )) سبحان الله .. سبحان الله .. عجبا وسع كرسيه السموات والأرض هل وقفتم هنا ؟ هل فهمتم المعنى ؟ هل تدبرتم الم تتساءلوا في
يوم من الأيام في أحد الأيام وأنت يا عبد الله تقراء هذه الآية ربما كل يوم مرتين أو أكثر هل سألت نفسك ..أي كرسي هذا الذي يسع السموات السبع
والأرضين السبع ؟ ما الفرق بين الكرسي والعرش ؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما :الكرسي موضع قدمي الله عز وجل .. سبحان الله .. الكرسي
موضع قدمي الله عز وجل .. فإذا كان موضع قدمي الرحمن بهذه العظمة يسع السموات السبع والآراضين السبع فكيف إذا بالعرش الذي يستوي عليه
الرحمن ؟ ماصفته ؟ ما هيئته ؟ ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((أن السموات السبع والآراضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة
من الأرض , وأن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة )) فلا إله إلا الله (( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم
القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون)) سبحان الله السموات السبع والآراضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة
ونسبة الكرسي إلى العرش كحلقة ألقيت في فلاة .. فكيف إذا بمن يستوي على العرش .... إنه الله ..إنه العظيم جل جلاله فتفكر أخي فالله تفكر في آلاء الله
و لا تفكر في الله املئوا قلوبكم بالهيبة والإجلال والتعظيم والخشية ولكن لا تتصورا الكيفية ولا تمثلوه بالمخلوقين
حاشا الإله بأن تكيف ذاته....... فالكيف والتمثيل منتفيان
والأصل أن الله ليس كمثله شيء...... تعالى الرب ذي الإحسان
فالله على كل شيء قدير (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) إنه الله .. إنه الله العظيم يطوي عز وجل السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيمينه ثم
يقول (( أنا الملك أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الآراضين بشماله ويقول أنا الملك أبن الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟)) كما في صحيح
مسلم . وعند مسلم أيضا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال ((يأخذ الله عز وجل سماواته وأراضيه بيديه فيقول أنا الله ويقبض أصابعه ويبسطها
ويقول أنا الملك يقول ابن عمر: حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأني لأقول : أساقط هو برسول الله
صلى الله عليه وسلم . وروي عن ابن عباس قال : ما السموات السبع والأراضون السبع في كف الرحمن إلا كخردله في يد أحدكم .... إنه الله .. إنه
الله ..(( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ))
فهو رب من يضاهيه.... في صفات وذات
ما أتى من صفاته فهو حق ......وكمال برغم أنف النفاة
إنه الواحد الذي لا يضاها .....في معاني اسمائه والصفات
إذن في آية الكرسي أعظم آية يخبر الله عن عظمته وجلاله أن كرسيه شمل وأحاط السموات والأرض وهذا يدل على عظم هذه المخلوقات وعظم
المخلوق يدل على عظم الخالق فالله تعالى عظيم ..الله تعالى عظيم فملئوا القلوب بعظمته ((ولا يئوده حفظهما )) لا يثقله ولا يشق عليه حفظ السموات
والأرض ومن فيها ومن بينهما بل ذلك سهل عليه يسير جل جلاله عليه فهو الفعال لما يريد الذي (( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون )) إنه الله .. لا إله
غيره ولا رب سواه وهو- العلي – ذو العلو المطلق .. علي بذاته على جميع مخلوقاته وهو العلي بعظمة صفاته وكمالها ولله المثل الأعلى فصفاته كلها
عليا ليس فيه نقص بوجه من الوجوه هو العلي الذي قهر المخلوقات ودانت له الموجودات وخضت له الصعاب وذلت له الرقاب .. إنه الله .. إنه الله
العظيم ..العظيم .. العظمة الجامع لجميع صفات العظمة والكبرياء ... العظيم الجامع لجميع صفات المجد والبهاء فمالكم لا تملئون القلوب بمحبته ..مالكم
لا تملئون النفوس بعظمته ..مالكم لا تملئون الأرواح بهيبته وخشيته ((ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل ))
إنه الله جل جلاله .. إنه الله العظيم ..إن آية الكرسي تملئ القلب مهابة من الله وجلاله وكماله فهل وقفنا معها ؟ أفلا يتدبرون القرآن هذه آية وحدة في
كتاب الله كم فيها من المعاني كم فيها من العظمة ؟ كم فيها من الإيمان ؟ كم فيها من علو الإيمان وعلو الروح ؟ لمن تدبر حقا القرآن . السنا نرددها
صباح مساء ؟ أليس البعض منا ربما رددها في أدبار الصلوات ؟ فأين نحن من التدبر فيها وفي معانيها ؟أين نحن ونحن نتلوها ؟ ونرددها من أثرها
في قلوبنا وخشية الله تعالى وتعظيمه من أراد تعظيم الله حقا فليقرءا بتدبر آية الكرسي .من أراد حفظ الله له فليقرءا بتدبر آية الكرسي من أراد أن يعتمد
في كل شئونه على الخالق لا المخلوق فليردد آية الكرسي فحق لآية الكرسي أن تكون أعظم آيات القرآن لما احتوته من المعاني وحق لمن قرأها متدبرا
متفهما أن يمتلئ قلبه من اليقين ومن العرفان والأيمان وحق لمن قراء آية الكرسي بتدبر أن يكون محفوظا بها من شرور الشيطان .. فلنحفظ هذه الآية
نحفظها في صدورنا ولتعظم في قلوبنا ولتهز وجداننا ولتسر في عروقنا ودمائنا ولنربي عليها أنفسنا وأهلنا وأزواجنا ولنحفظها بناتنا وأولادنا
ولترتوي عليها نفوسنا وأرواحنا هكذا آيات القرآن هكذا هو كتاب الله عز وجل
إنني أسمو بروحي حين أتلو .......آية الكرسي والسبع المثاني
اللهم أجعل القرآن ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا وجلاء همومنا وأحزاننا اللهم أجعلنا من أهل القرآن وممن يتدبر القرآن وممن يعيش مع القرآن وآيات
القرآن اللهم أرفعنا بالقرآن اللهم عظم قلوبنا بالإيمان وبهيبتك وجلالك يا رحمن السموات والأرض
سبحانك الهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين