قصة موسى عليه السلام
المصدر : كتاب المدهش لابن الجوزي
كانت الكهنة أخبرت فرعون بوجود موسى، فأطلق الموسى في ذبح الأطفال، فلما اتهمت أم موسى بالوضع، أوضع الحرس إلى بيتها بالطلب، فأدركها عند العلم الدهش، فألقته في التنور إلقاء الحطب، فلما عادت فرأته قد سلم شاهدت في ضمن ما صنعت أثر "واصطنعتك" فكانت سلامته من النار نقداً لأجل احتمل لأجله وعداً لنجاة يوم أليم، لما سعت بتابوته إلى البحر، ارتعشت يد التسليم فأمسكها، فصاح شجاع الشجاعة بملء فيه: أن اقذفيه فيه، فصدرت بعد إلقائه بصدر قد لوى به لواعج الاشتياق، لا يعلم قدر ما به، إلا من قد رمي به، فتلقاها بالبشر بشير "إنّا رادُّوه" فلم تزل أمواج اليم، تيمم به مسالك القدر، إلى أن خبت به خيل النيل، فشرعت في تناوله مشرعة دار فرعون، فألقته في برية "فالتقطه" فلما فتحوا التابوت أسفر عن مسافر على نجيب النجابة، قد جعل زاده في مزود "ولتُصنع" ووشح قلادة الحب قد رصعت بدر "وألقيتُ" فقام فرعون على أقدام الإقدام على قتله، فخرجت آسية من كمين أتباعه، تنطق عن لسان "سبقت لهم" وتنادي في مخدع خديعة الحرب "قرة عين لي ولك" وتجمع في كلامها ما هو فرد في لغة الغدر "عسى أن ينفعنا" فلم يزل فرعون في أغباش غرور يذبح، حتى طلع غرر صبح "ونريد أن نمنّ" فلما قص شوق أمه جناح صبرها، قالت لأخته "قصيه فبَصُرَت به" في حريم "وحرّمنا" فدنت فدندنت حول حلة الحيلة، بحول "هل أدلكم" فلما حفظت باب المكر، بحارس "يكفلونه لكم" دخل طفيلي الوجد من باب "وهم له ناصحون" فجاءت بأمها يؤمها دليل الطرب، فكادت إذ حضرت تحضر في ميدان "لتبدي به" فكبحها لجام "لولا أن ربطنا" فخافت لسان جهرها لما خافت، فسل من أيديهم إلى سلم تسليمها، فقر في حجر "كي تقر عينها" وترنمت بلابل الوصال فأخرست بلابل الفراق.
فربي موسى في ربى فرعون، ونمى بين نمارقه، إلى أن آن أوان مشاجرته، فجرى القدر بقتل القبطي، ليكون سبباً في سر سير "ولما توجّه" فسعى على أرجاء رجاء "عسى ربي" فتزود مزود "ولما ورد" فتجمع شمل الصهر بواسطة "إنَّ أبي" فبقي ضمان الوفاء إلى أمانة "فلما قضى موسى الأجل" فتلمح معنى "قال لأهله امكثوا" فيبدو في بادية الحيرة أنيس "إني آنست" فترامى كف الطمع إلى مرامي "لعلِّي آتيكم" فأطل على طلل الطلب أقدام "فلما أتاها" فتلقط ثمار التكلم من غير كلفة "وهزي" تساقط من جني جنات التجلي "إني أنا الله".
تكليم الله عز وجل موسى
عليه السلام
لما خرج موسى بأهله من مدينة مدين، انطلق طلق الطلق بزوجته فما زال يكادح المقادح فلم تور، لأن عروس نار الطور لما همت بالتجلي، نوديت النيران بلسان الغيرة من المشاركة "غضى" فقام على أقدام التحيرة، فهتف به أنيس "آنس" فأنس:
فشمر موسى عن ساق القصد وساق، فلما أتى النادي "نودي" فحين ذاق لذة التكليم، جرح قلبه نصل الشوق، فلم يداوه إلا طبيب "وواعدنا".
فبعث في حرب فرعون، فلم يزل مشغولاً بالجهاد، إلى أن قبر القتيل في لحد اليم، فطلب قومه كتاباً يضبط شاردهم ويرد نادهم، فأمره الله أن يصوم ثلاثين ليلة، نهاره وليله فأمسك على مسك الإمساك بكف الكف في الوصال، فدام فِدامُ فيه عن مطمع المطعم، فقيد فقيد قوت الوقت، فصار في قيء ذكر الوعد، فما انقضت الليالي حتى انقضت ظهر البصر، فقام لتراى جلال الوفاء بالأمر، فلاح في مطلع فلاح القصد، فبادر يسعى على أقدام الحب، إلى زيادة ربع الحب، فكاد يقله قلقلة الوجد، فوجد الهواء متغير الريح، في عرضة الفم، فصاح به فصيح لسان الحزم من وراء رأي العزم: يا موسى غير أثراً لازم، فتناول مضغة من النبات فمضغها، فقيل له: أيها الصائم عن أمرنا، لم أفطرت برأيك? فقال: وجدت لفمي خَلوفاً، وما أردت بفعلي خلافاً، فقيل: ما علمت أن فور فورة الخلوف من قدر الإمساك، أطيب عندنا من فارة فارة المسك، إنا لننظر إلى قصد الفاعل لا إلى صورة الفعل، الدم نجس مجتنب، لكنه في حق الشهيد شهي "زملوهم بكلومهم ودمائهم" فرجع موسى عاكفاً على معتكف كف كفه "فتم ميقات ربه" وأحضر حظيرة القدس، فنسي الأنس، مما آنس من الأنس:
فلما دارت في دائرة دار الحب كؤوس للقرب، وسمع النداء وسط النادي بلا واسطة، وسيط له من وسيط أقداح المنى في المناجاة بلا وسيط، طاب له شراب الوصال من أوطاب الخطاب، في أواني سماع الكلام، فناداه توق شوقه:
رأى على الغور وميضاً فاشتاق، ما أجلب البرق لدمع الأماق فصاح لسان الوجد "أرني" فرد شارد شحذان الشوق على الطوى بطوق "لن تراني" إلا أن جزع الفطام سكن شعله بتعلة "ولكن" فلما تجلى جل جلاله للجبل مر، فخر موسى في بحر الصعق فرقاً، فرقي فرقه ذروة "سبحانك تبت إليك" ما انبسط موسى يقول أرني إلا ببسط، سلني ولو ملح عجينك، ولو تركه مع رعيه الغنم في شعب شعيب لما جال في ظنه ذلك الطمع، ولكنه استدعاه بالنداء، وآنسه بالتقريب، وباسطه بالتكليم.
كان موسى يطوف في بني إسرائيل، ويقول من يحمّلني رسالة إلى ربي? ما كان مراده إلا أن يطول الحديث مع الحبيب:
مات موسى قتيل شوق "أرني" فلما جاز عليه نبينا صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، ردده في الصلوات، ليسعد برؤية من قد رأى:
قصة الخضر عليه السلام
لما علا شرف الكليم بالتكليم كل شرف، قال له قومه أي الناس أعلم? فقال: أنا. ولم يقل فيما أعلم، فابتلي فيما أخبر به واعلم، فقام بين يدي الخضر، كما يقوم بين يدي السليم الأعلم، فابتدأ بسؤال "هل أتبعك" فتلقاه برد "لن" وكم أنّ موسى من لن. أمر قومه بالإيمان فقالوا "لن نؤمن" وقعوا في التيه فقالوا "لن نصبر" ندبوا إلى الجهاد فصاحوا "لن ندخلها" طرق باب أرني فرده حاجب "لن"، دنا إلى الخضر للتعلم فلفظه بلفظ "لن" ثم زاده من زاد الرد بكف "وكيف تصبر" فلما سامحه على نوبة السفينة، وواجهه بالعتاب في كرة الغلام، أراق ماء الصحبة في جدال الجدار "هذا فراق بيني وبينك" ثم فسر له سر المشكل، فجعل يشرح القصص فصلاً فصلاً، بمقول قائل يقول فصلاً، وكلما ذكره أصلاً أصلى، لم يبق لموسى عين تراه أصلاً، وكلما سل من حر للعتاب نصلاً، صاح لسان حال موسى: كم نصلى? فألقى تفسير الأمور على الكليم وأملى، والقدر يقول: أهو أعلم أم لا? فعلم موسى ويوشع أي عبد أمّا منذ ابتدأ بالشرح بأمّا، ثم أخذ لسان العتاب، يذكر منسى موسى، أتنكر خرق سفينة? لظاهر إفساد تضمن ضمنه صلاح "ولكم في القصاص حياة" أو تنكر? إتلاف شخص دنى لإبقاء دين شخصين? أو كرهت إقامة الجدار، لشح أهل القرية بالقرا أفاردت من الأصفياء? معاملة البخلاء بالبخل، أما تلمحت سر? صل من قطعك، لقد أنكرت ما جرى لك مثله، حذرت يوم السفينة من الغرق، فصحت بإنكار "أخرقتها" أنسيت يوم? "فألقيه في اليم" أنكرت قتل نفس بغير نفس، أنسيت يوم? "لو كره" نهيت عن عمل بلا أجر، أنسيت يوم "فسقى لهما" فلما بان البيان، خرج الخضر من باب الدعوى، وأخرج يده من ملك التصرف وأحال الحال على الغير "وما فعلته عن أمري".المصدر : كتاب المدهش لابن الجوزي
كانت الكهنة أخبرت فرعون بوجود موسى، فأطلق الموسى في ذبح الأطفال، فلما اتهمت أم موسى بالوضع، أوضع الحرس إلى بيتها بالطلب، فأدركها عند العلم الدهش، فألقته في التنور إلقاء الحطب، فلما عادت فرأته قد سلم شاهدت في ضمن ما صنعت أثر "واصطنعتك" فكانت سلامته من النار نقداً لأجل احتمل لأجله وعداً لنجاة يوم أليم، لما سعت بتابوته إلى البحر، ارتعشت يد التسليم فأمسكها، فصاح شجاع الشجاعة بملء فيه: أن اقذفيه فيه، فصدرت بعد إلقائه بصدر قد لوى به لواعج الاشتياق، لا يعلم قدر ما به، إلا من قد رمي به، فتلقاها بالبشر بشير "إنّا رادُّوه" فلم تزل أمواج اليم، تيمم به مسالك القدر، إلى أن خبت به خيل النيل، فشرعت في تناوله مشرعة دار فرعون، فألقته في برية "فالتقطه" فلما فتحوا التابوت أسفر عن مسافر على نجيب النجابة، قد جعل زاده في مزود "ولتُصنع" ووشح قلادة الحب قد رصعت بدر "وألقيتُ" فقام فرعون على أقدام الإقدام على قتله، فخرجت آسية من كمين أتباعه، تنطق عن لسان "سبقت لهم" وتنادي في مخدع خديعة الحرب "قرة عين لي ولك" وتجمع في كلامها ما هو فرد في لغة الغدر "عسى أن ينفعنا" فلم يزل فرعون في أغباش غرور يذبح، حتى طلع غرر صبح "ونريد أن نمنّ" فلما قص شوق أمه جناح صبرها، قالت لأخته "قصيه فبَصُرَت به" في حريم "وحرّمنا" فدنت فدندنت حول حلة الحيلة، بحول "هل أدلكم" فلما حفظت باب المكر، بحارس "يكفلونه لكم" دخل طفيلي الوجد من باب "وهم له ناصحون" فجاءت بأمها يؤمها دليل الطرب، فكادت إذ حضرت تحضر في ميدان "لتبدي به" فكبحها لجام "لولا أن ربطنا" فخافت لسان جهرها لما خافت، فسل من أيديهم إلى سلم تسليمها، فقر في حجر "كي تقر عينها" وترنمت بلابل الوصال فأخرست بلابل الفراق.
فربي موسى في ربى فرعون، ونمى بين نمارقه، إلى أن آن أوان مشاجرته، فجرى القدر بقتل القبطي، ليكون سبباً في سر سير "ولما توجّه" فسعى على أرجاء رجاء "عسى ربي" فتزود مزود "ولما ورد" فتجمع شمل الصهر بواسطة "إنَّ أبي" فبقي ضمان الوفاء إلى أمانة "فلما قضى موسى الأجل" فتلمح معنى "قال لأهله امكثوا" فيبدو في بادية الحيرة أنيس "إني آنست" فترامى كف الطمع إلى مرامي "لعلِّي آتيكم" فأطل على طلل الطلب أقدام "فلما أتاها" فتلقط ثمار التكلم من غير كلفة "وهزي" تساقط من جني جنات التجلي "إني أنا الله".
تكليم الله عز وجل موسى
عليه السلام
لما خرج موسى بأهله من مدينة مدين، انطلق طلق الطلق بزوجته فما زال يكادح المقادح فلم تور، لأن عروس نار الطور لما همت بالتجلي، نوديت النيران بلسان الغيرة من المشاركة "غضى" فقام على أقدام التحيرة، فهتف به أنيس "آنس" فأنس:
يا حار إن الركب قد حاروا | فاذهب تجسس لمن النـارُ | |
تبدو وتخبو إن خبت وقفوا | وإن أضاءت لهم سـاروا |
ليالينا بـذي الأثـلاث عـودي | ليورق في ربى الأثلاث عودي | |
فإن نسيم ذاك الـشـيح أذكـى | لديَّ من انتشاقي نشـر عـودِ | |
وإن حديثكم في القلب أحـلـى | وأغيب نغمة من صوت عـودِ |
فكل شيء رآه ظنه قـدحـاً | وكل شخص رآه ظنه الساقي |
أوان أنـت فـي هـذا الأوان | عن الراح المروق في الأواني |
فلما عاين الحـيرة | حادى جملي حارا |
فقلت له رد الحديث الذي انقضى | وذكراك من ذاك الحـديث أريدُ | |
يحدد تذكار الحـديث مـودتـي | فذكرك عندي والحـديث جـديدُ | |
أنـاشـده ألا أعـاد حـديثــه | كأني بطيء الفهم حـين يعـيدُ |
وإني لآتي أرضكم لا لحـاجة | لعلي أراكم أو أرى من يراكم | |
إن تشق عيني فطالما سعـدت | عين رسولي وفاز بالنـظـر | |
وكلما جاءني الرسـول لـهـم | رددت شوقاً في طرفه نظري | |
تظهر في طرفه محاسنـهـم | قد أثرت فيه أحـسـن الأثـرِ | |
خذ مقلتي يا رسـول عـارية | فانظر بها واحتكم على بصري |
قصة الخضر عليه السلام
وهذه القصة قد حرضت على جمع رحل الرحيل في طلب العلم، وعلمت كيفية الدب في كف كف الاعتراض على العالم، وصاح فصيح نصيحها بذي اللب: دع دعواك فعلى دعوى الكليم ليم، وفوق كل ذي علم عليم.