قصة يوسف عليه السلام
المصدر : كتاب المدهش لابن الجوزي
تمكن الحسد من قلوب أخوة يوسف، أرى الظلوم مال الظالم في مرآة "إني رأيت أحد عشر كوكباً" فتلطفوا بخداع "ما لك لا تأمنّا" وشوقوا يوسف إلى رياض "نرتع ونلعب" فلما أصحروا أظهروا المقت له، ورموا بسهم العدوان مقتله، ففسخ نهار رفقهم به ليلَ انتهارهم له، فصاح يهودا، في بقايا شفق الشفقة وأغباش غيابة الجب "لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابةِ الجُب" فلما ألقوه، وقالوا هلك، جاء ملك من عند ملك، يقول: ستبلغ أملك "لتنبئنَّهُم" فعادوا عمن عادوا كالأعشى "عِشاءً يبكون" ولطخوا قميصه الصحيح "بدمٍ كَذِب" فلاحت علامة سلامة القميص كي يظهر كيدهم، فقال حاكم الفراسة "بل سوَّلتْ".
فلما ورد وارد السيارة، باعوا الصدفة ولم يتلمحوا الدرة، واعجبا لقمر قومر به، فلما وصل إلى مصر تفرس فيه العزيز، فأجلسه على أعزاز "أكرمي" فشغف قلب سيدته وفرى "فراودته" فسار بأقدام الطبع في فلاة غفلات "همَّت به وهمَّ بها" رد "لولا أن رأى" فأنقذ قوى الفرار وما استبقى "فاستبقا" فانبسطت يد العدوان وامتدت "وقدَّت" فلما بانت حجته في إبان "وشهد شاهد" أخذت تزكي مصراة الإصرار، بيمين يمين "ولئن لم يفعل" فاختارت درة فهمه، صدفة الحبس لجهل الناقد "ربِّ السجن أحبُّ إليَّ" فلما ضاق قفص الحصر، على بلبل الطبع ترنم بصوت "اذكرني" فعوقب بإيثاق باب "فلبث في السجن" فلما آن أوان الفرج، خرج إلى الملك.
هذا ويعقوب مفترض فراش الأسى على حزن الحزن، لا يستلذ نوماً ولا سِنة، ثمانين سنة، حتى نحل البدن، وذهب البصر:
فلما عمَّ عامُ القحط أرض كنعان، خرج أخوته لطلب الميرة، فدخلوا عليه في ظلام ظلمهم، فرآهم المظلوم بعين "لتنبئنَّهم" وخفي عليهم نعمة "اقتلوا يوسف" فأقبل عليهم سائلاً، وأقبل الدمع سايلاً وتقلقل تقلقُلَ الواجد، ليسمع أخبار الوالد:
فقالوا: جئنا من أرض كنعان، ولنا شيخ يقال له يعقوب، وهو يقرأ عليه السلام، فلما سمع رسالة أبيه، انتفض طائر الوجد لذكر الحبيب:
فرد السلام قلبه قبل لسانه، وشغله وكف شانه عن شانه، وقال مقول إبدائه بعبارة صعدائه:
ثم إنه طلب آخاه، فاحتالوا بحجة "مُنع منّا الكيل" فلما حملوا حال بينهم وبينه، بحيلة "جعل السقاية" فلما دخل وقت التهمة "أذَّن مؤذِّن" فعادوا إلى أبيهم بشجى على شجن، وقرحٍ على جرح، وعقر على عقر في عقر، فقام وقد تقوس، وعسى على باب "عسى" ثم بعثه لطف "لا تقنطوا" على أن بعثهم برسالة "فتحسَّسوا" فلما رجعوا دخلوا من قفر الفقر، فاستقلوا في ساحة الضر، ينادون على غليل عليل الذل "وتصدق علينا" تالله لقد جوزيت أيد، مدها تغشرم "وشَرَوْهُ" أن مدت في طريق ذل "وتصدّق علينا" فلما عرفوه اعترفوا، فمحى ما اقترفوا بكف "لا تثريب" فرفع من موائد تلك الفوائد نصيب الوالد "اذهبوا بقميصي" فهبت نسايم الفرح، فتوغلت في خياشيم مريض كالفرخ، من فُرَج الفرج، فخر ركام الزكام، عن منخر الضر، فنادى مدنف الوجد "إني لأجد":
فلما كشف يعقوب فدام الوجد، بكف "إني لأجد" أحدقت به عواذل "تالله تفتؤ"، تالله لو وجدوا ما وجد ما أنكروا ما عرف.
للمهيار:
المصدر : كتاب المدهش لابن الجوزي
تمكن الحسد من قلوب أخوة يوسف، أرى الظلوم مال الظالم في مرآة "إني رأيت أحد عشر كوكباً" فتلطفوا بخداع "ما لك لا تأمنّا" وشوقوا يوسف إلى رياض "نرتع ونلعب" فلما أصحروا أظهروا المقت له، ورموا بسهم العدوان مقتله، ففسخ نهار رفقهم به ليلَ انتهارهم له، فصاح يهودا، في بقايا شفق الشفقة وأغباش غيابة الجب "لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابةِ الجُب" فلما ألقوه، وقالوا هلك، جاء ملك من عند ملك، يقول: ستبلغ أملك "لتنبئنَّهُم" فعادوا عمن عادوا كالأعشى "عِشاءً يبكون" ولطخوا قميصه الصحيح "بدمٍ كَذِب" فلاحت علامة سلامة القميص كي يظهر كيدهم، فقال حاكم الفراسة "بل سوَّلتْ".
فلما ورد وارد السيارة، باعوا الصدفة ولم يتلمحوا الدرة، واعجبا لقمر قومر به، فلما وصل إلى مصر تفرس فيه العزيز، فأجلسه على أعزاز "أكرمي" فشغف قلب سيدته وفرى "فراودته" فسار بأقدام الطبع في فلاة غفلات "همَّت به وهمَّ بها" رد "لولا أن رأى" فأنقذ قوى الفرار وما استبقى "فاستبقا" فانبسطت يد العدوان وامتدت "وقدَّت" فلما بانت حجته في إبان "وشهد شاهد" أخذت تزكي مصراة الإصرار، بيمين يمين "ولئن لم يفعل" فاختارت درة فهمه، صدفة الحبس لجهل الناقد "ربِّ السجن أحبُّ إليَّ" فلما ضاق قفص الحصر، على بلبل الطبع ترنم بصوت "اذكرني" فعوقب بإيثاق باب "فلبث في السجن" فلما آن أوان الفرج، خرج إلى الملك.
هذا ويعقوب مفترض فراش الأسى على حزن الحزن، لا يستلذ نوماً ولا سِنة، ثمانين سنة، حتى نحل البدن، وذهب البصر:
لم يبق بعدكم رسم ولا طلـلُ | إلا وللشوق في حافاته عملُ | |
إذا شممت نسيماً من بلادكـم | فقدت عقلي كأني شاربٌ ثملُ |
إيه أحاديث نعمان وسـاكـنـه | إن الحديث عن الأحباب أسمارُ | |
أفتش الريح عنكم كلما نفحـت | من نحو أرضكم نكباء معطارُ |
وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى | فهيج أحزان الفؤاد ومـا يدري |
خذي نفسي يا ريح من جانب الحمى | فلاقى به ليلاً نسيم ربـى نـجـدِ | |
فإن بذاك الجو حـبـاً عـهـدتـه | وبالرغم مني أن يطول به عهـدي |
نشدتك اللـه يا نـسـيم | ما فعلت بعدنا الرسومُ | |
هل استهلت بها الغوادي | ونمقت روضها الغيومُ | |
وهل بها من عهدت فيها | بعد على حاله مـقـيمُ | |
علل بروح الوصال صبا | أنفاسه للجري سمـومُ | |
وعد فسلم علـى أنـاس | ما أنا من بعدهم سلـيمُ | |
واشرح لهم حال مستهام | أنت بأشواقـه عـلـيمُ | |
وقل غريب ثوى بأرض | في غيرها قلبه يهـيمُ | |
يكابدُ الشوق حين يمسي | وتعتري قلبه الهمـومُ | |
أحبابنا تنقضي الليالـي | وما انقضت تلكم الكلومُ | |
ذاك اللديغ الذي عهدتم | بعد على حاله سقـيمُ | |
أصبح من فقركم وحيداً | فلا خليل ولا حمـيمُ | |
لم تجر ذكر الفراق إلا | حن كما حنت الرزومُ |
للمهيار:
هل لكما من عـلـمِ | بالطارق الـمـلـمِ | |
سرى على الدياجـي | سُرى أخيه النجـمِ | |
يشقُّ نجداً عـرضـاً | من شخصه بسهـمِ | |
فنوّر الليلَ وليسـت | من ليالـي الـتَّـمِّ | |
خذ يا نسيم عـنـي | تحيتي ولـثـمـي | |
وهنهم بـوجـدهـم | من الكرى وعُدْمي | |
قالوا هجرتَ أرضَهم | أهجرُها برغمـي | |
قد وصلت إلى الحشا | رسلكُمُ بالـسـقـمِ | |
فلـم تـدع واسـطةً | بين دمي ولحمـي | |
عج كي ترى رسوماً | ثلاثة فـي رســمِ | |
سوَّى النحول بينـنـا | تعرفنا بـالـوهـمِ | |
خط هـلال لــيلة | ودارهم وجسمـي |