الفصل السابع
أخواني: ذهبت الأيام، وكتبت الآثام، وإنما ينفع الملام متيقظاً والسلام.وعـظـتـنـا بـمـرهــا الأيام | | وارتـنـا مـصـيرنـا الأرجـامُ |
ودعتنا المنون في سنة الـغـفـلة | | هبـوا واسـتـيقـظـوا يا نـيام |
ليت شعري ما يتقي المرء والرامي | | له الموت والخـطـوب سـهـامُ |
منهل واحـد شـرايعـه شـتـى | | علـيه لـلـواردين ازدحـــامُ |
نتحاماه ما استطـعـنـا وتـحـدو | | نا إلـيه الـشـهـور والأعـوامُ |
وإذا راعـنـا فـقـيد نـسـينـاه | | تناسي مـا راعـهـن الـسـوامُ |
أوقوفاً على غـرور وقـد زلـت | | بمـن كـان قـبـلـنـا الأقـدامُ |
ووراء المصير في هـذه الأجـدا | | ث دار يكون فـيهـا الـمـقـامُ |
أخواني خلفنا نتقلب في ستة أسفار، إلى أن يستقر بنا المنزل، السفر الأول، سفر السلالة من الطين، والثاني سفر النطفة من الصلب، والثالث من البطون إلى الدنيا، والرابع، من الدنيا إلى القبور، والخامس من القبور إلى العرض، والسادس إلى منزل الإقامة، فقد قطعنا نصف الطريق، وما بعد أصعب.
أخواني. السنون مراحل، والشهور فراسخ، والأيام أميال، والأنفاس خطوات، والطاعات رؤس أموال، والمعاصي قطاع الطريق، والريح الجنة، والخسران النار، لهذا الخطب شمر المتقون عن سوق الجد في سوق المعاملة، كلما رأوا مراكب الحياة تخطف في بحر العمر شغلهم هول ما هم فيه عن التنزه في عجائب البحر، فما كان إلا قليل حتى قدموا من السفر فاعتنقتهم الراحة في طريق التلقي، فدخلوا بلد الوصل وقد حازوا ربح الدهر.
المهيار:
زمّوا المطايا فدمع العين منطلـق | | والقلب عان وراء الخوف مأسورُ |
فلم يهبهب بأولى الزجر سائقهـم | | حتى تشابك مهتوك ومسـتـورُ |
فغلّسوا من زرود وجه يومـهـم | | وحطّهم لظلال البان تـهـجـيرُ |
وضمنوا الليل سلعاً إذ رأوه وقـد | | غنت على فتنى سلع العصافـير |
للمهيار:
يا سايق الأظعان إن مع الصَّبا | | خبراً لو أنك للصبا تتوقـفُ |
هبّت بعارفة تسوق من الحمى | | أرجاً بريّا أهلـه يتـعـرّفُ |
كفى سائقاً بالشوق بين الأضالع | | لهيب اشتياق ثم فيض مدامع |
اعف عني واقلني عن عثرتي | | يا عتادي لملمات الـزمـن |
لا تعاقبني فقد عـاقـبـنـي | | ندم أقلق روحي في البـدن |
لا تطير وسناً عن مقـلـتـي | | أنت أهديت لها حلو الوسـن |
يا حبيبي بلسان الـعـربـي | | ولسان الفارسي يا دوست من |
قد كان لي مشرب يصفو برؤيتكم فكدرته يد الأيام حين صفا.
والخائف ينادي ليت شعري ما الذي أسقطني من عينك? قلت: "هذا فراق بيني وبينك"?.
لأية عـــلة ولأي حــــال | | صرمت حبال وصلك عن حبالي |
وعوضت البعاد من الـتـدانـي | | ومر الهجر من حلو الوصـال |
فإن أك قد جنيت علـيك ذنـبـاً | | ولم أشعر بـقـول أو فـعـال |
فعاقبنـي عـلـيه بـأي شـيء | | أردت سوى الصدود فما أبالـي |
تحمل أصحابي ولم يجدوا وجدي | | وللناس أشجان ولي شجن وحدي |
أحبكم ما دمت حـياً وإن أمـت | | فواكبدي من ذا يحبكم بـعـدي |
للمهيار:
أيا بانة الغور عطفاً شُـفـيت | | وإن كنتُ أكني وأعني سواكِ |
أحبكِ من أجل من تعلـمـين | | لو أني أراه كمـا قـد أراكِ |
ذكرت ويا لهفي هل نـسـيتُ | | لياليَ أسمـرُهـا فـي ذراكِ |
كفى الوجد أني إذا ما استرحت | | إلى اسمك عمّيتُـه بـالأراكِ |
إذا الصد أرضاكِ فهو الوصال | | فإني فعلت فـأهـلاً بـذاكِ |