بسم الله الرحمن الرحيم
من فضائل الجهاد في سبيل الله وكرامات الشهداء
تضمن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة العديد من الفضائل والكرامات للجهاد وللإستشهاد في سبيل الله عزوجل, يُنعم بها المولى سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة على عباده المؤمنين المجاهدين, الذين يبذلون أموالهم وأنفسهم رخيصة في سبيل ربهم ويستشهدون من أجل أن ينالوا مرضاته سبحانه وتعالى وفي سبيل الدفاع عن دينه , ومن أجل أن تكون كلمته سبحانه وتعالى هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى, والدفاع عن أوطانهم وكراماتهم, واصلاح الأرض ورفع الظلم والقضاء على الفساد في البر والبحر, ونشر دين الله في الأرض.
منها ما يلي :-
1- الجهاد في سبيل الله لا يعدله شئ:-
إن الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس, يعتبر شئ عظيم لا يقوم به إلا من كان قوي في إيمانه بالله صادقاً في أقواله وأفعاله, قال تعالى(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) سورة الأحزاب الآية (23), فلا ينعم الله عزوجل بنعمة الجهاد في سبيله إلا على بعض المؤمنين الذين يصدقون فيما عاهدوا الله عليه, ولهذا فإن الجهاد في سبيل الله لا يعدله شئ , فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قيل يارسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله عز وجل؟ قال: لا تستطيعونه, فأعاد عليه مرتين أو ثلاثاً, كل ذلك يقول لا تستطيعونه, وقال في الثالثة:(مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لايفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله) رواه الخمسة
2-المجاهد في سبيل الله خير الناس :-
إن عظمة الجهاد في سبيل الله, ودوره الهام في إصلاح المجتمع والقضاء على الفساد والمفسدين, جعل المجاهد يصبح خير الناس في الأرض,لأنه يبذل في سبيل الله ومن أجل نيل مرضاته أغلى ما يمتلكه في الدنيا وهما ماله ونفسه, فعن إبن عباس رضى الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:[ ألا أخبركم بخير الناس ؟ رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله. ألا أخبركم بالذي يتلوه : رجل معتزل في غُنَيْمَةٍ له يؤدي حق الله فيها, ألا أخبركم بشر الناس : رجل يسأل بالله ولا يعطى به] وسئل النبي صلى الله عليه وسلم, أي الناس أفضل ؟ قال :(مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله) قالوا ثم من؟ قال:(مؤمن في شعب من الشعاب يتقى الله ويدع الناس من شره)
3- الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس أفضل صفقة تجارية وفوز عظيم:-
أن المولى عز وجل قد خلق الإنسان ويعلم ما يصلحه ويصلح شئونه, وخلق النفس البشرية بطباع تختلف عن بقية الخلائق وزرع فيها شهوات ورغبات منها حب النفس وحب المال والتملك وحب النساء والأولاد وحب الدنيا وشهواتها , فالنفس البشرية تحب المال حباً جما, وأكثر من ذلك حبها لذاتها وللحياة الدنيا, فالإنسان يحب نفسه أكثر من أي شئ في الدنيا, فهو يقطع الفيافي والقفار والأنهار والبحار, من بلد إلى أخرى من أجل الحصول على المال, أو من أجل الحصول على دواء لمرض يصيبه, فنفسه البشرية تكره الموت ومفارقة الدنيا وتحب الدنيا حتى ولو وصلت إلى أرذل العمر,وبما أن الجهاد في سبيل الله يتمثل ببذل أغلى شيئين يمتلكهما المؤمن,هما المال والنفس, فإن المولى عزوجل يعلم أن تشريعه للجهاد وفرضه على عباده المؤمنين,أمر عظيم على النفس البشرية المجبولة بحب المال والحياة الدنيا, ولهذا فأنه من أجل حثهم على الجهاد عقد معهم صفقة تجارية رابحة,يشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن يقاتلون في سبيله فيقتلون ويقتلون,ويكون لهم مقابل ذلك الجنة وما فيها من نعيم مقيم وحور عين وقصور من ذهب وفضة, قال تعالى(إن الله أشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقْتُلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التورات والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فأستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)سورة التوبة, وقال تعالى(يا أيها الذين ءامنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم* تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون) سورة الصف الآيات(10, 11) ورغم أن المال هو مال الله يعطيه لعبده متى شئ وبالمقدار الذي يشاء ويأخذه منه متى شاء, ورغم أننا جميعاً عبيد الله ونفوسنا ملكاً لله عز وجل يأخذها متى شاء, إلا أنه مع ذلك أعتبر المال والنفس الذي يبذلهما المؤمن في سبيل الله هما ملكه, فأشتراهما منه المولى عزوجل مقابل ثمن أغلى وأعظم منهما بل أنه أعظم وأغلى من كنوز الدنيا كلها,ألا وهو الجنة ونعيمها المقيم فهنئياً للشهداء المجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ذلك الثمن العظيم والنعيم المقيم والصفقة الرابحة.
4-الجهاد في سبيل الله لا يعدله شئ من الأعمال:
إن الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس لا يعدله شئ من الأعمال والقربات إلى الله مهما بلغ عظمة ذلك العمل , عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قيل : يارسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله عزوجل؟ قال: لا تستطيعونه. فأعاد عليه مرتين, أو ثلاثاً, كل ذلك يقول لا تستطيعونه. وقال في الثالثة ( مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله) رواه الخمسة.
جاء في كتاب فقه السنة, أن محمد بن إبراهيم قال :أملى عليَّ عبدالله بن المبارك, حين ودعته للخرود للجهاد في سبيل الله هذه الأبيات, وأرسلها معي إلى الفضيل بن عياض:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا *** لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه*** فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل *** فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا*** وهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقــــال نبينــــا*** قول صحيح صادقُ لا يكذب
لا يستوي غبار أهل الله في *** أنف امرئ ودخان نار لا يكذب
هذا كتاب الله ينطق بيننــــــا *** ليس الشهيد بميت لا يكذب
فلقيت الفضيل بن عياض بكتابه في المسجد الحرام.
فلما قرأه ذرفت عيناه وقال: صدق أبو عبد الرحمن ونصحني, ثم قال. أأنت ممن يكتب الحديث؟ قلت نعم. قال : فأكتب هذا الحديث. أجر حملك كتاب أب عبد الرحمن إلينا..
وأملى عليَّ الفضيل بن عياض : ( حدثنا منصور بن المعتمر عن أبي صالح, عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رجلا قال : يارسول الله علمني عملاً أنا به ثواب المجاهدين في سبيل الله, فقال هل تستطيع أن تصلي فلا تفتر وتصوم فلا تفطر؟ قال يارسول الله أنا أضعف من أن أستطيع ذلك.. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: فو الذي نفسي بيده لو طوَّقت ذلك ما بلغت المجاهدين في سبيل الله)
5- الجهاد في سبيل الله أفضل وأعظم درجة عند الله من الكثير من الأعمال:-
يعتبر الجهاد أفضل وأعظم درجة عند الله من الكثير من الأعمال, فهي أفضل وأعظم درجة من سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام قال تعالى(اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن ءامن بالله واليوم الآخر,وجاهد في سبيل الله لا يستون عندالله والله لا يهدي القوم الظالمين*الذين أمنوا وهاجروا وجاهدوا باموالهم وأنفسهم أعظم درجة عندالله وأولئك هم الفائزون* يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم*خالدين فيها أبداً إن الله عنده أجر عظيم)سورة التوبة الآيات(19- 22)
6-يرفع الله المجاهد في سبيل الله مائة درجة في الجنة:-
عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبى سعيد من رضى بالله رباً وبالإسلام ديناً, وبمحمد نبياً وجبت له الجنة, فعجب لها أبو سعيد فقال أعدها عليّ يارسول الله, ففعل, ثم قال(وأخرى يرفع بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين , كما بين السماء والأرض , قال: وما هي يار سول الله؟ قال: الجهاد في سبيل الله... الجهاد في سبيل الله)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله, ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض, فإذا سألتم الله فأسلوه الفردوس , فإنه أوسط الجنة, وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن, ومنه تفجر أنهار الجنة)
7-الجهاد في سبيل الله علامة على صدق المؤمن في إيمانه:-
إن الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال شرط لإكتمال الإيمان, وصفة من صفات الرجل الصادق وعلامة من علامات صدق المؤمن في إيمانه بالله, لأن في الجهاد تضحية وشجاعة وسخاء وهذه الصفات هي من صفات الرجولة الكاملة, وهو علامة على صدق الرجال المؤمنين في إيمانهم وعهدهم مع الله سبحانه وتعالى,لأنه لا يضحي إلانسان بنفسه وماله في سبيل الله عزوجل إلا إذا كان صادق الإيمان, قال تعالى(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) سورة الأحزاب الآية (23).
والجهاد في سبيل الله بالمال والنفس شرط لإكتمال الإيمان لا يتحقق الإيمان ولا يكتمل إيمان المسلم إلا بالجهاد في سبيل الله بالمال والنفس, قال تعالى(إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون) سورة الحجرات الآية(15)
8-الجهاد في سبيل الله طريق لإصلاح الأرض والقضاء على الفساد في البر والبحر:-
إن الله سبحانه وتعالى شرع الجهاد على عباده المؤمنين في كل زمان ومكان من أجل القضاء على الفساد والمفسدين في البر والبحر, والإصلاح في الأرض من خلال نشر الديانات السماوية وإقامة العدل في الأرض ومحاربة الظلم والفساد والطغيان, والقضاء على الفتن ما ظهر منها وما بطن, ولولا الجهاد في سبيل الله لهدمت صوامع ومساجد يذكر فيها إسم الله, وما ترك قوماً الجهاد في سبيل الله إلا كتب عليهم الذل والمسكنة والضعف والهوان, وهذا مانراه حالياً يحدث للمسلمين ومايعيشونه من ذل وقهر وهوان, وما يحدث لمنازلهم ومساجدهم ودورعبادتهم من تخريب وهدم وتدمير بسبب تركهم للجهاد..
قال تعالى(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن أنتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين) الآية(193) وقال تعالى(ولو دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها إسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصرهُ إن الله لقوي عزيزالذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) سورة الحج (40و41)
9- الشهيد في سبيل الله حي في الفردوس الأعلى, ويسأل الله عزوجل روحه في الجنة ماذا تشتهي لينعم عليها:-
أن الله سبحانه وتعالى يرزق الشهداء في سبيله كرامة لا يرزقها غيرهم ونعيم لا يجده سواهم منذ خروج أرواحهم إلى باريها, وهي أن الشهيد في سبيل الله لا يموت, وأنما يكون حياً في الفردوس الأعلى , تأكل روحه من ثمارها, وتنعم بنعيمها, روى البخاري في كتاب الجهاد والسير باب من أتاه سهم غرب فقتله, من حديث أنس بن مالك, أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأم حارثة بنت النعمان, وقد قتل ابنها معه في بدر, فسالته أين هو؟ قال:( إنه في الفردوس الأعلى)...
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه :(لما أصيب إخوانكم بأحد , جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة , وتـأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب, معلقة في ظل العرش , فلما وجدوا طيب مأكلهم, ومشربهم ومقيلهم قالوا, من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد , فقال الله تعالى :- أنا أبلغهم عنكم, وأنزل الله عزوجل, قوله تعالى(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون * فرحين بماءاتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجرالمؤمنين* الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم * الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم قأخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء وأتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) سورة آل عمران الآيات (169 - 174)
وفي رواية أخرى عن إبن عباس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[ لما أصيب أخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر تدد أنهار الجنة, وتأكل من ثمارها, وتأوى إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم, قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا في الحرب, فقال الله: أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله على رسوله هذه الآيات(( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون)سورة آل عمران :169 ]حديث حسن رواه أبو داود .
وعن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن أرواح الشهداء في جوف طير خضر, لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة, حيث شاءت, ثم تأوى إلى تلك القناديل, فاطلع إليهم ربهم إطلاعه, فقال: هل تشتهون شيئاً؟ فقالوا: أي شئ نشتهي, ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا, ففعل بهم ثلاث مرات, فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا, قالوا يارب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا, حتى نقتل في سبيلك, مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا) رواه مسلم
وروى الترمذي, عن جابر بن عبدالله أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له[ألا أخبرك ما قال الله لأبيك؟ قال بلى, قال ( ما كلم الله أحداً إلا من وراء حجاب, وكلم أباك كفاحاً, فقال يا عبدي, تمن علي أعطيك, قال يارب تحييني فأقتل فيك ثانية, قال إنه سبق مني, (أنهم إليها لا يرجعون) قال يارب فابلغ من ورائي, فأنزل الله تعالى هذه الآية( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون)سورة آل عمران :169 ]حديث حسن
فهنئياً للشهداء في سبيل الله هذه الحياة الدائمة والنعيم المقيم التي يرزقهم الله بها بدلاً عن دنياهم الفانية.
10- يغفر الله للشهيد في سبيله جميع ذنوبه بمجرد خروج دمه ويجار من عذاب القبر ويأمن الفزع الأكبر ويحلى بحلية الإيمان ويوضع على رأسه تاج الوقار ويشفع يوم القيامة لأثنين وسبعين من أهله ويتزوج يوم القيامة باثنين وسبعون من الحور العين:
وهناك أيضاً جملة من الكرامات والنعم التي ينعم الله عزوجل بها على الشهيد المجاهد في سبيله عزوجل, لا ينعم بها على غيرها من البشر, وهي إن الله سبحانه وتعالى يغفر له جميع ذنوبه من أول دفعة تنزل من دمه, ويرى مقعده في الجنة, ويجيره من عذاب القبر ويأمنه الفزع الأكبر, ويحليه بحلية الإيمان ويوضع على رأسه تاج الوقار ويشفعه الله عزوجل يوم القيامة لأثنين وسبعين من أهله ويزوجه باثنين وسبعون من الحور العين, فهنئياً للشهداء في سبيل الله هذه الكرامات والنعم الفاضلة.
عن المقدام بن معد يكرب رضى الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(إن للشهيد عند الله خصالاً يغفر له من أول دفعة من دمه, ويرى مقعده في الجنة, ويحلى حلية الإيمان, ويزوج من الحور العين, ويجار من عذاب القبر, ويأمن الفزع الأكبر, ويوضع على رأسه تاج الوقار, الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها, ويزوج اثنين وسبعين من الحور العين, ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه)رواه أحمد وصححه, ورواه الترمذي وقال حسن صحيح غريب
وعن أبي الدرداء رضى الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال(يشفع الشهيد في سبعين من أهله)صحيح رواه أبو داود.
11- يبعث الله عزوجل الشهيد يوم القيامة ورائحة المسك تنبعث من دمه:
من الكرامات التي يخص الله بها الشهداء يوم القيامة دون غيرهم من الخلق أيضاَ,أنهم يأتون إلى المحشر ورائحة المسك الطيبة تنبعث من دمائهم التي تخرج من أجسادهم بلونها الأحمر ...
روى البخاري من حديث النعمان, أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال(والذي نفسي بيده لا يكلم الله أحد في سبيل الله , والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة اللون لون الدم , والريح ريح المسك)
وفي رواية أخرى( إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثغب دماً اللون لون الدم , والريح ريح المسك)
12- إن الشهيد في سبيل الله عزوجل لا يشعر من الآم القتل سوى كمس القرصة:
أن الله سبحانه وتعالى يمن على المجاهد في سبيله إذا أستشهد منذ أن يدخل المعركة بالتخفيف من الآم الجروح التي تصيبه مهما كان حجمها, ويخفف عليه سكرات الموت, فلا يجد من القتل إلا كما نجد أحدنا من آلم لعسة نحلة أو حشرة,عن أبى هريرة رضى الله عنه,عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:ما يجد الشهيد من القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة)حديث صحيح رواه الترمذي.
من فضائل الجهاد في سبيل الله وكرامات الشهداء
تضمن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة العديد من الفضائل والكرامات للجهاد وللإستشهاد في سبيل الله عزوجل, يُنعم بها المولى سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة على عباده المؤمنين المجاهدين, الذين يبذلون أموالهم وأنفسهم رخيصة في سبيل ربهم ويستشهدون من أجل أن ينالوا مرضاته سبحانه وتعالى وفي سبيل الدفاع عن دينه , ومن أجل أن تكون كلمته سبحانه وتعالى هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى, والدفاع عن أوطانهم وكراماتهم, واصلاح الأرض ورفع الظلم والقضاء على الفساد في البر والبحر, ونشر دين الله في الأرض.
منها ما يلي :-
1- الجهاد في سبيل الله لا يعدله شئ:-
إن الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس, يعتبر شئ عظيم لا يقوم به إلا من كان قوي في إيمانه بالله صادقاً في أقواله وأفعاله, قال تعالى(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) سورة الأحزاب الآية (23), فلا ينعم الله عزوجل بنعمة الجهاد في سبيله إلا على بعض المؤمنين الذين يصدقون فيما عاهدوا الله عليه, ولهذا فإن الجهاد في سبيل الله لا يعدله شئ , فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قيل يارسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله عز وجل؟ قال: لا تستطيعونه, فأعاد عليه مرتين أو ثلاثاً, كل ذلك يقول لا تستطيعونه, وقال في الثالثة:(مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لايفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله) رواه الخمسة
2-المجاهد في سبيل الله خير الناس :-
إن عظمة الجهاد في سبيل الله, ودوره الهام في إصلاح المجتمع والقضاء على الفساد والمفسدين, جعل المجاهد يصبح خير الناس في الأرض,لأنه يبذل في سبيل الله ومن أجل نيل مرضاته أغلى ما يمتلكه في الدنيا وهما ماله ونفسه, فعن إبن عباس رضى الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:[ ألا أخبركم بخير الناس ؟ رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله. ألا أخبركم بالذي يتلوه : رجل معتزل في غُنَيْمَةٍ له يؤدي حق الله فيها, ألا أخبركم بشر الناس : رجل يسأل بالله ولا يعطى به] وسئل النبي صلى الله عليه وسلم, أي الناس أفضل ؟ قال :(مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله) قالوا ثم من؟ قال:(مؤمن في شعب من الشعاب يتقى الله ويدع الناس من شره)
3- الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس أفضل صفقة تجارية وفوز عظيم:-
أن المولى عز وجل قد خلق الإنسان ويعلم ما يصلحه ويصلح شئونه, وخلق النفس البشرية بطباع تختلف عن بقية الخلائق وزرع فيها شهوات ورغبات منها حب النفس وحب المال والتملك وحب النساء والأولاد وحب الدنيا وشهواتها , فالنفس البشرية تحب المال حباً جما, وأكثر من ذلك حبها لذاتها وللحياة الدنيا, فالإنسان يحب نفسه أكثر من أي شئ في الدنيا, فهو يقطع الفيافي والقفار والأنهار والبحار, من بلد إلى أخرى من أجل الحصول على المال, أو من أجل الحصول على دواء لمرض يصيبه, فنفسه البشرية تكره الموت ومفارقة الدنيا وتحب الدنيا حتى ولو وصلت إلى أرذل العمر,وبما أن الجهاد في سبيل الله يتمثل ببذل أغلى شيئين يمتلكهما المؤمن,هما المال والنفس, فإن المولى عزوجل يعلم أن تشريعه للجهاد وفرضه على عباده المؤمنين,أمر عظيم على النفس البشرية المجبولة بحب المال والحياة الدنيا, ولهذا فأنه من أجل حثهم على الجهاد عقد معهم صفقة تجارية رابحة,يشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن يقاتلون في سبيله فيقتلون ويقتلون,ويكون لهم مقابل ذلك الجنة وما فيها من نعيم مقيم وحور عين وقصور من ذهب وفضة, قال تعالى(إن الله أشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقْتُلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التورات والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فأستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)سورة التوبة, وقال تعالى(يا أيها الذين ءامنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم* تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون) سورة الصف الآيات(10, 11) ورغم أن المال هو مال الله يعطيه لعبده متى شئ وبالمقدار الذي يشاء ويأخذه منه متى شاء, ورغم أننا جميعاً عبيد الله ونفوسنا ملكاً لله عز وجل يأخذها متى شاء, إلا أنه مع ذلك أعتبر المال والنفس الذي يبذلهما المؤمن في سبيل الله هما ملكه, فأشتراهما منه المولى عزوجل مقابل ثمن أغلى وأعظم منهما بل أنه أعظم وأغلى من كنوز الدنيا كلها,ألا وهو الجنة ونعيمها المقيم فهنئياً للشهداء المجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ذلك الثمن العظيم والنعيم المقيم والصفقة الرابحة.
4-الجهاد في سبيل الله لا يعدله شئ من الأعمال:
إن الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس لا يعدله شئ من الأعمال والقربات إلى الله مهما بلغ عظمة ذلك العمل , عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قيل : يارسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله عزوجل؟ قال: لا تستطيعونه. فأعاد عليه مرتين, أو ثلاثاً, كل ذلك يقول لا تستطيعونه. وقال في الثالثة ( مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله) رواه الخمسة.
جاء في كتاب فقه السنة, أن محمد بن إبراهيم قال :أملى عليَّ عبدالله بن المبارك, حين ودعته للخرود للجهاد في سبيل الله هذه الأبيات, وأرسلها معي إلى الفضيل بن عياض:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا *** لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه*** فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل *** فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا*** وهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقــــال نبينــــا*** قول صحيح صادقُ لا يكذب
لا يستوي غبار أهل الله في *** أنف امرئ ودخان نار لا يكذب
هذا كتاب الله ينطق بيننــــــا *** ليس الشهيد بميت لا يكذب
فلقيت الفضيل بن عياض بكتابه في المسجد الحرام.
فلما قرأه ذرفت عيناه وقال: صدق أبو عبد الرحمن ونصحني, ثم قال. أأنت ممن يكتب الحديث؟ قلت نعم. قال : فأكتب هذا الحديث. أجر حملك كتاب أب عبد الرحمن إلينا..
وأملى عليَّ الفضيل بن عياض : ( حدثنا منصور بن المعتمر عن أبي صالح, عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رجلا قال : يارسول الله علمني عملاً أنا به ثواب المجاهدين في سبيل الله, فقال هل تستطيع أن تصلي فلا تفتر وتصوم فلا تفطر؟ قال يارسول الله أنا أضعف من أن أستطيع ذلك.. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: فو الذي نفسي بيده لو طوَّقت ذلك ما بلغت المجاهدين في سبيل الله)
5- الجهاد في سبيل الله أفضل وأعظم درجة عند الله من الكثير من الأعمال:-
يعتبر الجهاد أفضل وأعظم درجة عند الله من الكثير من الأعمال, فهي أفضل وأعظم درجة من سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام قال تعالى(اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن ءامن بالله واليوم الآخر,وجاهد في سبيل الله لا يستون عندالله والله لا يهدي القوم الظالمين*الذين أمنوا وهاجروا وجاهدوا باموالهم وأنفسهم أعظم درجة عندالله وأولئك هم الفائزون* يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم*خالدين فيها أبداً إن الله عنده أجر عظيم)سورة التوبة الآيات(19- 22)
6-يرفع الله المجاهد في سبيل الله مائة درجة في الجنة:-
عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبى سعيد من رضى بالله رباً وبالإسلام ديناً, وبمحمد نبياً وجبت له الجنة, فعجب لها أبو سعيد فقال أعدها عليّ يارسول الله, ففعل, ثم قال(وأخرى يرفع بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين , كما بين السماء والأرض , قال: وما هي يار سول الله؟ قال: الجهاد في سبيل الله... الجهاد في سبيل الله)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله, ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض, فإذا سألتم الله فأسلوه الفردوس , فإنه أوسط الجنة, وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن, ومنه تفجر أنهار الجنة)
7-الجهاد في سبيل الله علامة على صدق المؤمن في إيمانه:-
إن الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال شرط لإكتمال الإيمان, وصفة من صفات الرجل الصادق وعلامة من علامات صدق المؤمن في إيمانه بالله, لأن في الجهاد تضحية وشجاعة وسخاء وهذه الصفات هي من صفات الرجولة الكاملة, وهو علامة على صدق الرجال المؤمنين في إيمانهم وعهدهم مع الله سبحانه وتعالى,لأنه لا يضحي إلانسان بنفسه وماله في سبيل الله عزوجل إلا إذا كان صادق الإيمان, قال تعالى(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) سورة الأحزاب الآية (23).
والجهاد في سبيل الله بالمال والنفس شرط لإكتمال الإيمان لا يتحقق الإيمان ولا يكتمل إيمان المسلم إلا بالجهاد في سبيل الله بالمال والنفس, قال تعالى(إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون) سورة الحجرات الآية(15)
8-الجهاد في سبيل الله طريق لإصلاح الأرض والقضاء على الفساد في البر والبحر:-
إن الله سبحانه وتعالى شرع الجهاد على عباده المؤمنين في كل زمان ومكان من أجل القضاء على الفساد والمفسدين في البر والبحر, والإصلاح في الأرض من خلال نشر الديانات السماوية وإقامة العدل في الأرض ومحاربة الظلم والفساد والطغيان, والقضاء على الفتن ما ظهر منها وما بطن, ولولا الجهاد في سبيل الله لهدمت صوامع ومساجد يذكر فيها إسم الله, وما ترك قوماً الجهاد في سبيل الله إلا كتب عليهم الذل والمسكنة والضعف والهوان, وهذا مانراه حالياً يحدث للمسلمين ومايعيشونه من ذل وقهر وهوان, وما يحدث لمنازلهم ومساجدهم ودورعبادتهم من تخريب وهدم وتدمير بسبب تركهم للجهاد..
قال تعالى(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن أنتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين) الآية(193) وقال تعالى(ولو دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها إسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصرهُ إن الله لقوي عزيزالذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) سورة الحج (40و41)
9- الشهيد في سبيل الله حي في الفردوس الأعلى, ويسأل الله عزوجل روحه في الجنة ماذا تشتهي لينعم عليها:-
أن الله سبحانه وتعالى يرزق الشهداء في سبيله كرامة لا يرزقها غيرهم ونعيم لا يجده سواهم منذ خروج أرواحهم إلى باريها, وهي أن الشهيد في سبيل الله لا يموت, وأنما يكون حياً في الفردوس الأعلى , تأكل روحه من ثمارها, وتنعم بنعيمها, روى البخاري في كتاب الجهاد والسير باب من أتاه سهم غرب فقتله, من حديث أنس بن مالك, أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأم حارثة بنت النعمان, وقد قتل ابنها معه في بدر, فسالته أين هو؟ قال:( إنه في الفردوس الأعلى)...
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه :(لما أصيب إخوانكم بأحد , جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة , وتـأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب, معلقة في ظل العرش , فلما وجدوا طيب مأكلهم, ومشربهم ومقيلهم قالوا, من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد , فقال الله تعالى :- أنا أبلغهم عنكم, وأنزل الله عزوجل, قوله تعالى(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون * فرحين بماءاتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجرالمؤمنين* الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم * الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم قأخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء وأتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) سورة آل عمران الآيات (169 - 174)
وفي رواية أخرى عن إبن عباس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[ لما أصيب أخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر تدد أنهار الجنة, وتأكل من ثمارها, وتأوى إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم, قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا في الحرب, فقال الله: أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله على رسوله هذه الآيات(( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون)سورة آل عمران :169 ]حديث حسن رواه أبو داود .
وعن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن أرواح الشهداء في جوف طير خضر, لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة, حيث شاءت, ثم تأوى إلى تلك القناديل, فاطلع إليهم ربهم إطلاعه, فقال: هل تشتهون شيئاً؟ فقالوا: أي شئ نشتهي, ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا, ففعل بهم ثلاث مرات, فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا, قالوا يارب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا, حتى نقتل في سبيلك, مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا) رواه مسلم
وروى الترمذي, عن جابر بن عبدالله أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له[ألا أخبرك ما قال الله لأبيك؟ قال بلى, قال ( ما كلم الله أحداً إلا من وراء حجاب, وكلم أباك كفاحاً, فقال يا عبدي, تمن علي أعطيك, قال يارب تحييني فأقتل فيك ثانية, قال إنه سبق مني, (أنهم إليها لا يرجعون) قال يارب فابلغ من ورائي, فأنزل الله تعالى هذه الآية( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون)سورة آل عمران :169 ]حديث حسن
فهنئياً للشهداء في سبيل الله هذه الحياة الدائمة والنعيم المقيم التي يرزقهم الله بها بدلاً عن دنياهم الفانية.
10- يغفر الله للشهيد في سبيله جميع ذنوبه بمجرد خروج دمه ويجار من عذاب القبر ويأمن الفزع الأكبر ويحلى بحلية الإيمان ويوضع على رأسه تاج الوقار ويشفع يوم القيامة لأثنين وسبعين من أهله ويتزوج يوم القيامة باثنين وسبعون من الحور العين:
وهناك أيضاً جملة من الكرامات والنعم التي ينعم الله عزوجل بها على الشهيد المجاهد في سبيله عزوجل, لا ينعم بها على غيرها من البشر, وهي إن الله سبحانه وتعالى يغفر له جميع ذنوبه من أول دفعة تنزل من دمه, ويرى مقعده في الجنة, ويجيره من عذاب القبر ويأمنه الفزع الأكبر, ويحليه بحلية الإيمان ويوضع على رأسه تاج الوقار ويشفعه الله عزوجل يوم القيامة لأثنين وسبعين من أهله ويزوجه باثنين وسبعون من الحور العين, فهنئياً للشهداء في سبيل الله هذه الكرامات والنعم الفاضلة.
عن المقدام بن معد يكرب رضى الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(إن للشهيد عند الله خصالاً يغفر له من أول دفعة من دمه, ويرى مقعده في الجنة, ويحلى حلية الإيمان, ويزوج من الحور العين, ويجار من عذاب القبر, ويأمن الفزع الأكبر, ويوضع على رأسه تاج الوقار, الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها, ويزوج اثنين وسبعين من الحور العين, ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه)رواه أحمد وصححه, ورواه الترمذي وقال حسن صحيح غريب
وعن أبي الدرداء رضى الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال(يشفع الشهيد في سبعين من أهله)صحيح رواه أبو داود.
11- يبعث الله عزوجل الشهيد يوم القيامة ورائحة المسك تنبعث من دمه:
من الكرامات التي يخص الله بها الشهداء يوم القيامة دون غيرهم من الخلق أيضاَ,أنهم يأتون إلى المحشر ورائحة المسك الطيبة تنبعث من دمائهم التي تخرج من أجسادهم بلونها الأحمر ...
روى البخاري من حديث النعمان, أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال(والذي نفسي بيده لا يكلم الله أحد في سبيل الله , والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة اللون لون الدم , والريح ريح المسك)
وفي رواية أخرى( إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثغب دماً اللون لون الدم , والريح ريح المسك)
12- إن الشهيد في سبيل الله عزوجل لا يشعر من الآم القتل سوى كمس القرصة:
أن الله سبحانه وتعالى يمن على المجاهد في سبيله إذا أستشهد منذ أن يدخل المعركة بالتخفيف من الآم الجروح التي تصيبه مهما كان حجمها, ويخفف عليه سكرات الموت, فلا يجد من القتل إلا كما نجد أحدنا من آلم لعسة نحلة أو حشرة,عن أبى هريرة رضى الله عنه,عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:ما يجد الشهيد من القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة)حديث صحيح رواه الترمذي.