المقامة التفا حية
لمولانا شيخ الحديث جلال الدين الأسيوطي رحمه الله تعالى ورضي عنه ونفع المسلمين ببركاته بسم الله الرحمن الرحيم سألت طائفة فاقهة عن مناقب الفاكهة، وصفاتها المتشاكهة، وما ضرب لها من الأمثال والمشابهة، وما قاله فيها من كل طبيب أريب، وكل شاعر أديب واختارت منها سبعة زهراء وبضعة، جهر الزمان يحسنها جهراً، فأجبناها لما طلبت، وسالت قناة القلم بالبلاغة فيها لما سالت ورغبت، وبدأنا بالألطف فالألطف في الذات، والأشرف فالأشرف في الصفات.
الرمان
وما أدراك ما الرمان، مصرح بذكره في القرآن، في قوله تعالى في سورة الرحمن، (فيهما فاكهة ونخل ورمان) وفي الحديث (ليس في الأرض رمان تلقح إلا بحبة من حب الجنة).
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيما رواه البيهقي وأسنده: (كلوا الرمان بشحمه فإنه دباغ المعدة)، من غير أن يضر بعصبها، ويحدر منها الرطوبات المرية العفنة ويبريء من وصبها، ويحط الطعام إذا مص بعده عن فمها، وينفع من الحميات الغب المتطاولة وألمها، ومن الجرب والحكة والخفقان، وإذا أديم مص مع الطعام أخصب الأبدان، ويقوي الصدر، ويجلو الفؤاد، وإذا أكل بالخبز منعه من الفساد، جيد الكيموس قليل الغذاء، صالح للمحرورين دافع للأذى ويتغط لما يحدثه من قليل رياح، ويكون نفخه سريع التغشي لا يحتاج إلى إصلاح وفيه قبض لطيف، ويسير تجفيف، وحبه أشد في ذلك من قشره، ثم جنبذه الذي يسقط من الشجر إذا عقد زهره، وإذ وضع في شمس حادة ماؤه المعتصر، واكتحل به بعد غلظه أحد البصر، وكلما عتق كان أجود وأبر، وإذا طبخ ماؤه في إناء نحاس نفع من القروح والعفن والروايح المنتنة في الأنف والأذن، وحامض أنفع للمعدة الملتهبة وأكثر للبول إدرارا، وأقوى في تسكين الأبخرة الحارة مقدارا وأشد تبريدا للكبد ولاسيما أن أولى إدمانا وإكثارا، ويطفئ نارية الصفراء والدم، ويقطع القيء ويقطع من المعدة البلغم، وإذا عصر النوعان مع شحمهما وشرب منه نصف رطل مع سكر عشرين درهما أسهل المرة الصفراء، وقوى المعدة وأذهب عنها ضرا، وإن شرب أواق مع عسرة دراهم سكر، فإن هذا يقارب الأهليلج الأصفر، وفي الشراب المتخذ منهما خاصية في منع أخلاط الأبدان من التعفن، والرب المتخذ من الرمانين يقوي المعدة الحادة ويقطع العطش والقيء والغثيان وإذا عصر الرمانتان بشحمهما وتمضمض بمائها نفع من القلاع المتولد في أفواه الصبيان وإذا طبخ في إناء نحاس ماؤهما المعتصر وأكتحل بهما أذهبا الحكة والجرب والسلاق وقوى البصر، والأولى أن يمتص المحموم من الزمنة بعد غذائه ليمنع صعود البخار ولا يقدمه فيصرف المواد عن الانحدار، وإذا شويت الرمانة الحلوة وضمدت بها سكنت وجع العين الرمدة، وزهر الرمان يقطع القيء الزريع المفرط إذا خمدت به المعدة، وإذا فرغت رمانة من حبها وملئت بدهن ورد عن لبها، وفترت على نار هادية تفتيرا، سكن وجع الأذن تقطيرا، ومع دهن بنفسج ينفع للسعال اليابس كثيرا، وحب الرمان الحامض إذا جفف في الشمس ودق للأنعام ودر وطبخ مع الطعام، منع الفضول أن تسيل على المعدة والأمعاء، وإذا نقع في ماء المزن وشرب نفع من نفث الدم نفعا، وقشر الرمان إذا سحق وسفى منه عشرة دراهم أخرج الدود، وإذا عجن بعسل وطلى به آثار الجدري وغيرها أياما متوالية أذهبها وحصل المقصود، وإذا طبخ في ماء وتمضمض به قوى لثة الفم، وإن شربه أمسك استرسال البول وإسهال البطن وانضم، وإن استنجى به قوى المعدة وقوى ما انبعث من أفواه البواسير، وإن جلس فيه النساء نفع من النزف وسدده، أو الأطفال نفعهم من خروج المقعدة وجلناره يشد اللثاث ويلزق الجراحات، ويتمضمض بطبيخه للثة التي تدمي كثيرا والأسنان المتحركات. وزعم قوم أولوا عدد وعددا أن من ابتلع منه ثلاث حبات صغار لم يحدث له تلك السنة رمد، وأصل شجر الرمان إذا شرب طبيخه بنار موهجة قتل حب القرع وأخرجه. فسبحان من أوجده من العدم، وأودعه هذه المنافع والحكم، وصوره كرة للاعب، أو نهد لكاعب، وملأه بحبات العقيق والياقوت، وجعله لما شاء من طعام وشراب وتفكه ودواء وقوت، وذكرنا به رمان الجنان، الذي كل رمانة منه قدر المقتب من البعران، كما ورد عن سيد ولد عدنان، وشرف وكرم. وقد أكثر الشعراء فيه من التشبيه، وأجادوا في النظر والتمويه. فقال شاعر
رمانة مثل نهد الكاعـب الـريم | تزهى بشكل ولون غير مذموم | |
كأنها حقة من عسجد مـلـئت | من اليواقيت نشرا غير منظم |
وقال آخر
رمانة صبغ الزمـان أديمـهـا | فتبسمت في ناضر الأغصان | |
فكأنما هي حقة من عسـجـد | قد أودعت خرزا من المرجان |
وقال آخر
خذوا صفة الرمان عني فإن لـي | لسانا عن الأوصاف غير قصير | |
حقاق كأمثال العقيق تضمـنـت | فصوص بلخش في غشاء حرير |
وقال آخر
طعم الوصال يصونه طعم النوى | سبحان خالق ذا وذا من عـود | |
فكأنما والخضر من أوراقـهـا | خضر الثياب على نهود الغيد |
وقال آخر
وأشجار رمان كأن ثـمـارهـا | ثدي عذارى في ملابسها الخدر |
إذا فض عنه قـشـره فـكـأنـه | فصوص عقيق في حقاق من الدر | |
فدر لكـن لـم يدنـسـه عـارض | وماء ولكن في مخازن من حجر |
وقال آخر
ولاح رماننا فـأبـهـجـنـا | بين صحيح وبين مفـتـوت | |
من كل مصفرة مزعـفـرة | تفوق في الحسن كل منعوت | |
كأنها حقة فـإن فـتـحـت | فصرة من فصوص ياقوت |
وقال آخر في الجلنار
وجلنار مشرف على أعالـي شـجـره | قراضة من ذهب في خرقة معصفرة |
وقال آخر
وجلـنـار بـهـن ضـرامة يتـوقـد | بدا لنا في غضون خضر من الري ميد |
يحكي فصوص عقيق=في قبة من زبرجد
الأترج
وما أدراك ما الأترج، مذكور في التنزيل، ممدوح في الحديث منوه له بالتفصيل.
قال تعالى (واعتدت لهن متكأ). فسر بالأترج عن من روى ومن رأى. وفي الحديث الصحيح وهو الوابل الصيب، (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب، وريحها طيب). وفي حديث آخر استخرجه الحفاظ من اللج، أنه صلى الله عليه وسلم كان يعجبه النظر إلى الأترج. بارد رطب في الأولى، يصلح غذاء ودواء مشموما ومأكولا، يبرد عن الكبد جدا ويزيد في شهوة الطعام دسرا، ويقمع حدة المرة الصفراء، ويزيل الغم العارض منها ويبدله بشرا، ويسكن العطش وينفع اللقوة جهرا ويقطع القيء والإسهال المزمنين دهرا. وحماضه يقوي القلب الشديد حرا، وينفع الماليخوليا المتولدة من احتراق الصفراء، ويقمع البخار الحار والصفراء والقيء والخفقان، وينفع شربا وطلاء من لسعة العقربان، واكتحالا من الرمد واليرقان، وطلاء من القوبا والكلف ويجلو الأبدان ويحبس ما يتجلب من الكبد إلى المعدة والأمعاء، وكم له في الإسهال العارض من قبل الكبد نفعا، وإذا نقع في ماء الورد وقطر في العين نفع الرمد المزمن وأبرأه من الشين، وربه دابغ للمعدة من الرين، والمربى جيد للحلق والرئة من الغين، وطبيخه مسمن ونافع من الحمى يزيل وهجها. وإذا ألين طبخ بالخل وشرب قتل العلق المبلوعة وأخرجها، وعصارته تسكن علة النساء، وقشرة في الثالثة حرارة ويبسا، يقوي المعدة منه اليسير وينفع أكله من البواسير، وإمساكه في الفم يطيب لفاكهة المشمومة. وفي الثوب يمنع السوس أن يحومه، وعصارته إذا شربت نفع من نهش الأفاعي والأدوية المشمومة، وحراقته طلاء جيد للبرص معلومة. ورائحة الأترج تصلح فساد الهواء والوباء، وحبه ينفع من لدغ العقارب مدقوق طلاء ومقشرا مشوبا. وبزره يقوي اللثة ويحلل الأورام، وورقه مقوي للمعدة والأحشا ضم من الأكل ما يشاء للمعدة، مسخن موسع وللسدد البلغمية مفتح، ودهنه نافع للمعالج من استرخاء العصب والفالج. قالت طائفة من الحكماء جمع أنواعا من المحاسن والإحسان قشره مشموم وشحمه فاكهة، وحماضه إدام، وبذره دهان. وقد أكثر فيه الشعراء ونظم فيه الأدباء.
قال شاعر:
قال تعالى (واعتدت لهن متكأ). فسر بالأترج عن من روى ومن رأى. وفي الحديث الصحيح وهو الوابل الصيب، (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب، وريحها طيب). وفي حديث آخر استخرجه الحفاظ من اللج، أنه صلى الله عليه وسلم كان يعجبه النظر إلى الأترج. بارد رطب في الأولى، يصلح غذاء ودواء مشموما ومأكولا، يبرد عن الكبد جدا ويزيد في شهوة الطعام دسرا، ويقمع حدة المرة الصفراء، ويزيل الغم العارض منها ويبدله بشرا، ويسكن العطش وينفع اللقوة جهرا ويقطع القيء والإسهال المزمنين دهرا. وحماضه يقوي القلب الشديد حرا، وينفع الماليخوليا المتولدة من احتراق الصفراء، ويقمع البخار الحار والصفراء والقيء والخفقان، وينفع شربا وطلاء من لسعة العقربان، واكتحالا من الرمد واليرقان، وطلاء من القوبا والكلف ويجلو الأبدان ويحبس ما يتجلب من الكبد إلى المعدة والأمعاء، وكم له في الإسهال العارض من قبل الكبد نفعا، وإذا نقع في ماء الورد وقطر في العين نفع الرمد المزمن وأبرأه من الشين، وربه دابغ للمعدة من الرين، والمربى جيد للحلق والرئة من الغين، وطبيخه مسمن ونافع من الحمى يزيل وهجها. وإذا ألين طبخ بالخل وشرب قتل العلق المبلوعة وأخرجها، وعصارته تسكن علة النساء، وقشرة في الثالثة حرارة ويبسا، يقوي المعدة منه اليسير وينفع أكله من البواسير، وإمساكه في الفم يطيب لفاكهة المشمومة. وفي الثوب يمنع السوس أن يحومه، وعصارته إذا شربت نفع من نهش الأفاعي والأدوية المشمومة، وحراقته طلاء جيد للبرص معلومة. ورائحة الأترج تصلح فساد الهواء والوباء، وحبه ينفع من لدغ العقارب مدقوق طلاء ومقشرا مشوبا. وبزره يقوي اللثة ويحلل الأورام، وورقه مقوي للمعدة والأحشا ضم من الأكل ما يشاء للمعدة، مسخن موسع وللسدد البلغمية مفتح، ودهنه نافع للمعالج من استرخاء العصب والفالج. قالت طائفة من الحكماء جمع أنواعا من المحاسن والإحسان قشره مشموم وشحمه فاكهة، وحماضه إدام، وبذره دهان. وقد أكثر فيه الشعراء ونظم فيه الأدباء.
قال شاعر:
أنظر صنعة الـمـلـيك ومـا | أظهر في الأرض من أعاجيب | |
جسم لجين قـمـيصـه ذهـب | ركب في الحسن أي تركـيب | |
فيه لمـن شـمـه وأبـصـره | لون محب وريح مـحـبـوب |
وقال آخر:
كأن أترجنا النضير وقـد | زان بجناتنا تصنـيعـه | |
أيد من التبر أبصرت بدرا | من جوهر فانثنت تجمعه |
وقال آخر:
حباك من تهوى بأتـرجة | ناعمة مغـدودة غـضة | |
فجلدها من ذهـب سـائل | وجسمها الناعم من فضة |
وقال آخر:
يا حبذا أترجة تحدث للنفس طرب | كأنها كافورة لها غشاء من ذهب |
وقال آخر:
انظر إلى الأترج وهو مصنع | إن كنت للتشبيه أي محقـق | |
فكأنه كـف يضـم أنـامـلا | منها ليدخل في إناء ضـيق |
وقال آخر:
يا حسن أترج يلوح لـنـاظـري | عليه من الأوراق خضر الغلائل | |
حكى سمتها ما غير البين حـالـه | وقد عد أيام النوى بـالأنـامـل |
وقال آخر:
أمسيت أرحـم أتـرج وأحـبـسـه | في صفرة اللون من بعض المساكين | |
عجبت منه فمـا أدرى صـفـرتـه | من فرقة الغصن أم خوف السكاكين |
وقال آخر:
وصفراء من الأترج في وسط مجلس | يحاكي وجوه العاشقين إصفـرارا | |
تشير إذا لاحظـتـهـا بـأصـابـع | كأيدي جوار الترك لولا احمرارها |
وقال آخر
لله بل للـحـسـن أتـرجـه | تذكر الناس بأحر النـعـيم | |
كأنها قد جمعت نـفـسـهـا | من هيبة الفاضل عبد الرحيم |
السفرجل
وما أدراك ما السفرجل. ورد في حديث عن طلحة صحيح الإسناد (أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع إليه سفرجلة وقال دونكها فإنها تجم الفؤاد). وفي رواية أخرجها إمام عالي القدر، (فإنها تشد القلب وتطيب النفس وتذهب بطخاوة الصدر) وفي حديث له رواء وبريق (كلوا السفرجل على الريق). وفي حديث رواه من اسند واستند، (كلوا السفرجل فإنه يجم الفؤاد ويشجع القلب ويحسن الولد). بارد في آخر الأولى، يابس في أول الثانية، فيه منافع وقبض وتقوية يقوي المعدة القابلة للفضول، والشهوة الساقطة جداً للمأكول ويسكن العطش والقيء ويدر، وينفع من الدوسنطاريا ويقر، ويحبس النزف والعرق، وإذا دخل البطن على الطعام انطلق وعصارته نافعة من الربو وانتصاب النفس، وإذا قطرت في الاحليل نفعت من حرقة البول الذي انحبس، ولعابه يرطب ما في قصبة الرئة من اليبس، وحبه ملين لا قبض فيه لمن شاء. وهو يمنع سيلان الفضول في الأحشاء، وينفع الحلق من الخشونة، ويحدث في قصبة الرئة ليونة، ودهنه نافع من النملة والشقاق، ومن الجروح الجربية على الإطلاق، ومن وجع الكلى والمثانة وما في البول من الاحتراق ومشويه يوضع على العين للحار من الأورام، ويحقن بطيخة لنتوء المعدة والأرحام وإذا أدمنت الحامل أكله كان ولدها أحسن الصورة، وإذا وضع مطبوخه على الثدي نفع الأورام من انعقاد اللبن وأزال منه الضرورة، وكم له من منافع وخواص مذكورة وفيه أشعار كثيرة مشهورة.
قال الشاعر
قال الشاعر
سفرجلة جمعـت أربـعـا | فكأن لها كل معنى عجيب | |
صفاء النضار وطعم العقار | ولون المحب وريح الحبيب |
وقال آخر
حاز السفرجل لذات الورى وغدا | على الفواكه بالتفضيل مشهورا | |
كالراح طعماً ونشر المسك رائحة | والتبر لوناً وشكل البدر تـدويرا |
وقال آخر
سفرجلة صفراء تحكي بلوبها | محباً شداه للحبيب فـراق | |
إذا شمها المشتاق شبه ريحها | بريح حبيب لذ منه عنـاق |
وقال آخر
وتفاحة فيها احمرار وخضـرة | مخضبة بالطيب من كل جانب | |
تكامل فيها الحسن حتى كأنهـا | تورد خد فوق خضرة شارب |
وقال آخر
كأنما التفـاح لـمـا بـدا | يرفل في أثوابه الحمـر | |
شهد بماء الورد مستـودع | في أكر من جامد الخمر | |
كأننا حـين نـحـيا بـه | نستشف الند من الجمـر |
وقال آخر
تفاحة جمعت لونين خلـنـهـمـا | خدي حبيب ومحبوب قد اعتنقـا | |
تعانقا فبدا الواشي فراعـهـمـا | فاحمر إذا خجلا واصفر ذا فرقا |
وقال آخر
وتفاحة من كف ظبي أخذتـهـا | جناها من الغصن الذي مثل قده | |
بها لين عطفيه وطيب نسـيمـه | وطعم لماه ثم حـمـرة خـده |
وقال أخر
الخمر تفاح جرى ذائبـا | كذلك التفاح حمر حجد |
وما أدراك ما الكمثري بارد في الثانية رطب في الأولى، يشاكل التفاح في طبيعته ولكن التفاح خير منه وأولى، ويقوي القلب والمعدة من الاعتلال، ويقطع القيء والعطش والإسهال، ومن اشتدت حرارة معدته والتهبت وارتفعت عن درجة المبرودين وذهبت حصل له به نجاح، ولم يحتج منه إلى إصلاح. قال بعضهم: إن الكمثري أسرع إنهضاما من التفاح، وما يتولد منها في البدن أحد منه وأقرب إلى الإصلاح. وقال قوم: إن أكلها على الريق يضر بآكله ويسيء بفاعله. وخصه ابن البيطار بمن أكل على سبيل اللذة والغذاء، لا على سبيل الحاجة والدواء، فأما للداء فهو على الريق أفضل وأجدر، لأنه بعد الطعام مطلق وزائد في ضعف المعدة وأوقى، والحامض من الكمثرى دابغ للمعدة، زائد في الشدة مشه للأكل، مدر للبول، وشرابها وبزرها للمعدة يشدان، وللإسهال الصفراوي يقطعان ويسدان. وقد شبهه الشعراء بالنهد والسرة وناهيك بحسن هذا التشبيه في المسرة. قال شاعر:
وكمثري تـراه حـين يبـدوا | على الأغصان مخصر الثياب | |
كثدي ملـيحة أبـدتـه تـيهـا | له طعم ألذ مـن الـشـراب |
وقال آخر
حبا بكمثراية لـونـهـا | محب زائد الصـفـرة | |
يشبه نهدا لثيب قـعـدت | وهي لها إن قلبت سرة |
وقال آخر
وكمثري سباني منـه طـعـم | كطعم المسك شيب بماء ورد | |
لذيذ خـلـتـه لـمـا أتـانـا | نهود السمر في معنى وقـد |
وقال آخر
وكمـثـري بـسـتـان | شهي الطعم والمنظر | |
كأثـداء الـدمـاجـات | عليها السندس الأخضر | |
لهـا طـعــم إذا ذيق | كماء الورد والسكـر |
amiraliali- مراقب
- الجنس :
الابراج :
عدد المساهمات : 32
نقاط : 5015
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 23/10/2011
العمر : 44
الموقع : الجمهورية اليمنية
- مساهمة رقم 3
رد: مقامات الأسيوطي (المقامة التفاحية)
النبق Rhammus frangula
وما أدراك ما النبق. قال الملك المعبود: (في سدر مخضود) [الواقعة28]. وفي الحديث عن سيد البشر (رأيت سدرة المنتهى فإذا نبقها كقلال هجر). والسدرة المذكورة في القرآن وفي عدد من الأحاديث الصحاح الحسان بارد يابس في وسط الدرجة الأولى، نافع للمعدة يحدر عنها فضولا، يسهل المرة والصفراء، والمجتمعة في المعدة والأمعاء، وهو للحرارة قميع وينفع للإسهال الذريع، فهو مطلق وعاقل كالأهليلج الذي هو للبرد والعفونة فاعل. فسبحان خالق الأضداد، والأشباه والأنداد. يقوي المعدة من الضعف، وينفع من قروح الامعاء والنزف وهو يمنع تساقط الشعر ويقويه ويطوله، وورقه يلين الورم الحار ويحلله، ويصلح أمراض الرئة وللربو يزيله ويعد له، وطبيخ السدر لسيلان الرحميبطله وصمغه يذهب الابرية والخرار اذابه يغسله، وكم فيه من شعر يصفه ويفضله.
الخوخ Pronus Spinosa
وما أدراك ما النبق. قال الملك المعبود: (في سدر مخضود) [الواقعة28]. وفي الحديث عن سيد البشر (رأيت سدرة المنتهى فإذا نبقها كقلال هجر). والسدرة المذكورة في القرآن وفي عدد من الأحاديث الصحاح الحسان بارد يابس في وسط الدرجة الأولى، نافع للمعدة يحدر عنها فضولا، يسهل المرة والصفراء، والمجتمعة في المعدة والأمعاء، وهو للحرارة قميع وينفع للإسهال الذريع، فهو مطلق وعاقل كالأهليلج الذي هو للبرد والعفونة فاعل. فسبحان خالق الأضداد، والأشباه والأنداد. يقوي المعدة من الضعف، وينفع من قروح الامعاء والنزف وهو يمنع تساقط الشعر ويقويه ويطوله، وورقه يلين الورم الحار ويحلله، ويصلح أمراض الرئة وللربو يزيله ويعد له، وطبيخ السدر لسيلان الرحميبطله وصمغه يذهب الابرية والخرار اذابه يغسله، وكم فيه من شعر يصفه ويفضله.
قال الشاعر:
وسـدرة كـــل يوم | من حسنها في فنـون | |
كأنما النـبـق فـيهـا | وقد بـدا لـلـعـيون | |
جلاجل مـن نـضـار | قد علقت في الغصون |
وقال آخر
انظر إلى النبق في الأغصان منتظمـاً | والشمس قد أخذت تجلوه في القضب | |
كأن صفرته للنـاظـرين قـد غـدت | تحكي جلاجل قد صيغت من الذهب |
وقال آخر
انظر إلى النبق الـذي | فيه الشفاء لكـل ذائق | |
فكـأنـه فــي دوحة | والليل ممدود السرادق | |
ذهب تبهرجه الصيارف | فصار حباً للمجانـق |
وقال آخر
تفاءلت لكي تبـقـى | فأهديت لك النبـقـا | |
فلا زلت ولا زلـنـا | وفي النعمة لا تشقى |
وما أدراك ما الخوخ بارد في آخر الأولى رطب في مبدأ الثانية، ينفع الأبدان اليابسة الحارة الواهية، جيد للمعدة الحارة يقطع اللهيب والعطش ومضاره ويشهي الطعام، ويزيد في الباه والإغتلام، ويطفئ الحرارة المطلقة وينفع المحموم وقت صعود الحمى الحادة إذا كانت غباً خالصة أو محرقة. وورقه إذا دق وعصر وشرب مرات متوالية أسهل حب القرع والحيات وإذا ضمد به السرة قتل ما في البطن من الديدان، وإذا دلك به بعد الطلاء بالنورة طيب الأبدان، ودهنه ينفع من الشقيقة ومن أوجاع الأبدان والأذان.
وكم فيه للشعراء من تشبيهات حسان قال الشاعر
وكم فيه للشعراء من تشبيهات حسان قال الشاعر
وخوخة بستان ذكـي نـسـيمـهـا | من المسك والكافور قد كسبت نشرا |
مليسة ثوباً من التبر نصفـهـا | مصاغاً وباقيها كياقوتة حمرا |
وقال آخر
وخوخة جمعـت طـعـمـاً ورائحة | ومنظراً يا له من منظـر حـسـن | |
فيها من الطعم أصناف مضـاعـفة | طعم الفواكه مجنى من الغـصـن | |
وفي وسطها عجوه تشفي إذا عصرت | من كل داء جرى في الرأس والبدن | |
أضحت شفاء وريحـانـاً وفـاكـهة | زين الفواكه في ال**ار والمـدن |
وقال آخر
كأنما الخوخ على دوحـه | وقد بدا أحمره العندمي | |
بنادق من ذهب أصـفـر | قد خضبت أنصافها بالدم |
وقال آخر
وخوخة يحكى لنا نصـفـهـا | وجنة معشوق رآه الرقـيب | |
ونصفه الآخـر شـبـهـتـه | بلون صب غاب عنه الحبيب |
وقال آخر
يا حـبـذا الـخـوخ ويا حـبـذا | محمره المغموس في الأبيضاض | |
كأنـه خـد رشــا لـــم يزل | يبصر فيه أثـر الـعـضـاض |
وقال آخر
يا حبذا الخوخة والـذائق | وحسنها المستكمل الفائق | |
كأنما توريد حافـاتـهـا | توريد خد مصه عاشـق |
ونختم هذه المعاني بقول ابن شرف القيرواني
سقى الله عيشي تحت ريان يانـع | مغذا بالـنـدا وبـرد وظـلال | |
كأني إذا امتدت علـى ظـلالـه | مسحت على بردى درع غوالي | |
كأن على أوراقه أدمع الـحـيا | نظام لئال أو نـجـوم لـيالـي | |
كأن على أعتابـه سـنـدسـية | سواتر من حر الهجير كوالـي | |
كأن مديران العرايش فـوقـنـا | هوابط خلخال قلبين عـوالـي | |
كأن جنا المقطوف من ثمارتهـا | جنا النخل ممزوجاً بمـاء زلال | |
كانسنا النازنج فوق غـصـونـه | سنا الجمر تذكى بالالوة صالي | |
كأن ميادي الجلـنـار أنـامـل | مطرقة من دامـيات نـبـال | |
كأن در الرمان غـيد نـواهـد | جلاهن في أعلى المنصة جالي | |
كأن ثمار النبق أنجم عـسـجـد | بغير سنا شمس ونـور هـلال | |
كأن ثمار الخوخ تبدي جنوبـهـا | خدوداً من التخميش ذات بـلال | |
كأن جنا ورد به جمعـا مـعـاً | عقيق ودر في تـراب حـال | |
كأن ذكى الياسمين وحـسـنـه | جميل ثناء عن جـزيل نـوال | |
فيا حبذا حالي إذا رحت حـالـيا | بهذا وذا لونـان سـرى خـال |
alsaidilawyer- مدير المنتدى
- الجنس :
الابراج :
عدد المساهمات : 4030
نقاط : 81110
السٌّمعَة : 2684
تاريخ التسجيل : 01/03/2010
العمر : 53
الموقع : الجمهورية اليمنية - محافظة إب
- مساهمة رقم 4
رد: مقامات الأسيوطي (المقامة التفاحية)
موضـــوع ممتـــــاز ومشاركـة موفقــــة
جزاك الله خيراً في دنياك وأخرتك
ووفقك لما يحبه ويرضاه
وأعانك على طاعته
وجنبك معصيته
وأسكنك
الجنة
جزاك الله خيراً في دنياك وأخرتك
ووفقك لما يحبه ويرضاه
وأعانك على طاعته
وجنبك معصيته
وأسكنك
الجنة
_________________
*******************************************
hasanbalio- فارس جديد
- الجنس :
الابراج :
عدد المساهمات : 53
نقاط : 5716
السٌّمعَة : 70
تاريخ التسجيل : 24/02/2012
العمر : 53
الموقع : الجزائر
المزاج : ناري
- مساهمة رقم 5
رد: مقامات الأسيوطي (المقامة التفاحية)
شكرا على هذا الموضوع الرائع
alasmrani- فارس نشيط
- الجنس :
الابراج :
عدد المساهمات : 219
نقاط : 9849
السٌّمعَة : 344
تاريخ التسجيل : 24/07/2011
العمر : 43
الموقع : الجزيره العربيه
المزاج : رائق وحبوب
- مساهمة رقم 6
رد: مقامات الأسيوطي (المقامة التفاحية)
مشاركة رائعة
بارك الله فيك
_________________
*******************************************
» مقامات السيوطي (المقامة الفستقية) - جلال الدين الأسيوطي رحمه الله
» مقامات السيوطي ( المقامة الياقوتي)ة -الشيخ جلال الدين الأسيوطي رحمه الله تعالى
» مقامات السيوطي - المقامة الوردية
» مقامات السيوطي (المقامة المسكية) للعلامة جلال الدين السيوطي رحمه الله
» مقامات السيوطي - مقامة الخضروات السبعة المنفردة بالرواء واللمعة
» مقامات السيوطي ( المقامة الياقوتي)ة -الشيخ جلال الدين الأسيوطي رحمه الله تعالى
» مقامات السيوطي - المقامة الوردية
» مقامات السيوطي (المقامة المسكية) للعلامة جلال الدين السيوطي رحمه الله
» مقامات السيوطي - مقامة الخضروات السبعة المنفردة بالرواء واللمعة