المقامة الوردية للعلامة أبي الفضل عبد الرحمن جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى ورضي عنه
مشتملة على ذكر عشرة رياحين ومنافعها: الورد والنرجس والياسمين والبان والبنفسج والنسرين والنيلوفر والآس والريحان والفاغية:
بسم الله الرحمن الرحيمقال مولانا شيخ الحديث جلال الدين الأسيوطي رحمه الله تعالى: حدثنا الريان عن أبي الريحان عن أبي الورد إبان عن بلبل الأغصان عن ناظر الإنسان عن كوكب البستان عن وابل الهتان قال: مررت يوماً على حديقة، خضرة أنيقة، ظلولها وديقة، وأغصانها وريقة، وكوكبها أبدي بريقه ذات ألوان وأفنان، وأكمام وأكفان، وإذا بها أزرار الأنهار مجتمعة، وأنوار الأنوار ملتمعة، وعلى منابر الأغصان أكابر الأزهار، والصبا تضرب على رؤوسها من الأوراق الخضر بالمزاهر، فقلت لبعض من عبر، ألا تحدثوني ما الخبر فقال أن عساكر الرياحين قد حضرت وأزهار البساتين قد نظرت لما نضرت واتفقت على عقد مجلس حافل، لاختيار من هو بالملك أحق وكافل، وها أكابر الأزاهر قد صعدت المنابر، ليبدي كل حجته للناظر ويناظر، من بين أهل المناظر في أنه أحق أن يلحظ بالنواظر، من بين سائر الرياحين النواظر، وأولى بأن يتأمر على البوادي منها والحواضر، فجلست لأحضر فصل الخطاب، وأسمع لما يأتي به كل من فنون الحديث المستطاب.
فهجم الورد بشوكته ونجم من بين الرياحين معجباً بإشراق صورته، وقال:بسم الله المعين، وبه نستعين، أنا الورد ملك الرياحين، والوارد منعشاً للأرواح ومتاعاً لها إلى حين، ونديم الخلفاء والسلاطين والمرفوع أبداً على الأسرّة لا أجلس على ترب ولا طين، والظاهر لوني الأحمر على أزاهر البساتين، والأشرف من كل ريحان فخراً (بأني خلقت من عرق المصطفى وجبريل والبراق ليلة الإسراء)، والمظفر بقوة الشوكة والصولة، والمنصور على من نائي لأني صاحب الدولة، والعزيز عند الناس، والمودود بين الجلاس للإيناص، والعادل في المزاج، والصلح في العلاج، أسكن حرارة الصفراء، وأقوى الباطن من الأعضاء، وأطيب رائحة البدن، من شم مائي وبه غثي أو صداع حار سكن، وأقوى المعدة، وأفتح من الكبد السدد، وأنفع الأحشاء، وأقوى الأعضاء أنا ومائي ودهني كيف شاء، وأبرد أنواع اللهيب الكائنة في الرأس، ربما أستخرجها منه بالعطاس، وأنبت اللحم في العروق العميقة وأقطع الثآليل إذا استعملت أزاري سحيقة، وأنفع القلاع والقروح وأنا بعطريتي ملائم لجوهر الروح، وشمي نافع من البخار، مسكن للصداع الحاد، وبزري نافع للثة الفم، وأقماعي تقطع الإسهال ونفث الدم، ومائي يسكن عن المعدة حرا، وينفع من التهاب المرة والصفراء، وشرابي يطلق الطبيعة القوية، وينفع من الحميات الصفراوية وإذا شرب مائي بالسكر الطبرزد قطع العطش من المادة، ونفع أصحاب الحمى الحادة وإذا ضمدت العين بورقي الطري نفع من انصباب المواد، ومطبوخي طريا ويابسا ينفع من المد بالضمادة، ومطبوخ يابس صالح لغلظ الجفون، ومسحوقه إذا ذر في فراش المجد ور والمحصوب نفع من العفون، ومن تجرع من مائي يسيرا نفع من الغشى والخفقان كثيرا، ودهني شديد النفع للجراحات، وفيه مآرب كثيرة لذوي الحاجات، وأنا مع ذلكجلد صابر، أجري مع الأقدار إذا صليت بالنار، وكفي رفعة على الأقران أن لفظي مذكور في القرآن. في قوله تعالى في سورة الرحمن (فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان)[الرحمن 37].وقد حماني أمير المؤمنين المتوكل كما حمى شقائق النعمان، وهذا تقليد من الخلافة بالملك على سائر الريحان، ولي من بينهم ابن يخلفني في الحكم إذا غبت طول الزمان، فلهذا رفعت من أغصاني الأشاير، ودقت في داراتي البشاير وأعلمت في المشاعر.
وقال فيّ الشاعر
وقال آخر
النرجسوقال فيّ الشاعر
للورد عندي محـل | ورتبة لا تـمـل | |
كل الرياحين جـنـد | وهو الأمير الأجل | |
إن جاء عزواً وتاهوا | حتى إذا غاب ذلوا |
مليك الورد أضحى في جيوش | من الأنهار في حلل بهـية | |
فوافته الأزاهـر طـائعـات | لان الورد شوكـتـه قـوية |
فقام النرجس على ساق، ورمى الورد منه بالأحداق، وقال لقد تجاوزت الحد يا ورد وزعمت أنك جمع في فرد، إن اعتقدت أن لك بحمرتك فخرة، فإنها منك فجرة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الشيطان يحب الحمرة، فإياكم والحمرة، وكل ثوب ذي شهرة).
وإن قلت أنك النافع في العلاج فكم لك في مهاج الطب من هاج، ألست الضار للمزكوم، المعطش المحرور الدماغ عند المشموم المضعف للباه، النائم بلا انتباه، أتغتر ببردك القشيب، وأنت الجالب للمشيب، فحفظ بالصمت حرمتك، وإلا كسرت بقائم سيفي شوكتك، ويكفيك قول ابن الرومي فيك.
ولكن أنا القائم لله عز وجل في الدياجي على ساقي، الساهر طول الليل في عبادة ربي فلا تطرف أحداقي، وأنا مع ذلك المعد للحروب، المدعو عند تزاحم الكروب ألا ترى وسطي لا يزال مشدودا، وسيفي لا يبرح مجردا وأنا فريد الزمان في المحاسن والإحسان، ولهذا قال في كسرى أنو شروا ن النرجس ياقوت أصفر بين در أبيض على زمرد أخضر، وأنا المشبه بي عيون الملاح المعروف في مهمات الأدواء بالصلاح، أنفع غاية النفع من داء الثعلب والصرع.
وقد روي في حديث رواية غير مقل ولا مفلس (شموا النرجس فإن في القلب حبة من الجنون والجذام والبرص لا يقطعها إلا شم النرجس).
وفي أصلي قوة تلحم الجراحات العظيمة، وتنفع ذكر العنين وتجيد تقويمه وشمي ينفع من وجع الرأس والزكام البارد، وفي تحليل قوي لمن هو قاصد ودهني نافع لأوجاع العصب والأرحام، وأوجاع المثانة والأذن والصلب من الأورام، ولولا اشتهاري بالنفع من الجوى ما أكثر النحاة التمثيل بقولهم نرجس الدواء، ومن الدليل على صلاحي أن أبا نواس غفر له بأبيات قالها في امتداحي.
وقال آخر
وقد أحسن ابن الرومي حيث قال
الياسمينقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الشيطان يحب الحمرة، فإياكم والحمرة، وكل ثوب ذي شهرة).
وإن قلت أنك النافع في العلاج فكم لك في مهاج الطب من هاج، ألست الضار للمزكوم، المعطش المحرور الدماغ عند المشموم المضعف للباه، النائم بلا انتباه، أتغتر ببردك القشيب، وأنت الجالب للمشيب، فحفظ بالصمت حرمتك، وإلا كسرت بقائم سيفي شوكتك، ويكفيك قول ابن الرومي فيك.
يا مادح الورد لا ينفك من غلـطـه | ألست تنظره في كف ملتـقـطـه | |
كأنه صرم بغل حبيس سـكـرجـه | عند البراز وباقي الروث في وسطه |
وقد روي في حديث رواية غير مقل ولا مفلس (شموا النرجس فإن في القلب حبة من الجنون والجذام والبرص لا يقطعها إلا شم النرجس).
وفي أصلي قوة تلحم الجراحات العظيمة، وتنفع ذكر العنين وتجيد تقويمه وشمي ينفع من وجع الرأس والزكام البارد، وفي تحليل قوي لمن هو قاصد ودهني نافع لأوجاع العصب والأرحام، وأوجاع المثانة والأذن والصلب من الأورام، ولولا اشتهاري بالنفع من الجوى ما أكثر النحاة التمثيل بقولهم نرجس الدواء، ومن الدليل على صلاحي أن أبا نواس غفر له بأبيات قالها في امتداحي.
تأمل في رياض الأرض وانظر | إلى آثار ما صنع الـمـلـيك | |
عيون من لـجـين فـاخـرات | بأحداق كما الذهب السـبـيك | |
على قضب الزبرجد شاهـدات | بأن اللـه لـيس لـه شـريك |
عيون إذا عاينـتـهـا كـأنـهـا | دموع الندا وما فوق أجفانها ور | |
محاجرها بيض وأحدافها صفـر | وأجسامها خضر وأنفاسها عطر |
فبينا فضلي علـى كـل حـال | أيها المحتج للورد بزود محال | |
وذهب النرجـس بـالـفـض | ل فانصف فـي الـمـقـال | |
لا تـقـاس الأعـين الـنـج | ل بـأصـرام الـبـغــال |
فقام الياسمين: وقال آمنت برب العالمين لقد تجبست يا جبس وأكثرك رجس نجس، وأنت قليل الحرمة، واسمك مشمول بالعجمة، وكيف تطلب الملك وأنت بعد قائم مشدود الوسط في الخدمة، رأسك لا يزال منكوس، وأنت المهيج للقيء المصدع من المحرورين للرؤوس، تسقط الجنين، ولا ترثي للحنين، أصفر من غير علة، مكسو أحقر حلة، ويكفيك بعض واصفيك.
ولكن أنا زين الرياض، والموسوم في الوجه بالبياض والبياض شطر الحسن كما ورد وأنا ألطف ورد جاء ورد.
وجاء ذكري في حديث فاح بنشره (أن قارئ القرآن يؤتى بياسمين الجنة في قبره).
فحديثي أصح من حديثك سندا، ونشري أعبق من نشرك صباحا وندا، فأنا أحق بالملك منك منصورا ومؤيدا، وأنا النافع من أمراض العصب الباردة والملطف للرطوبات الجامدة، والصالح للمشايخ القاعدة، أنفع من اللوقة والشقيقة والزكام، ومن وجع الرأس البلغمي والسوداوي وأقطع نزف الأرحام، ودهني نافع من الفالج ووجع المفاصل، ويحلل الأعياء ويجلب العرق الفاضل، ويقول لي لسان الحال ليس الهزيل مقام السمين، ويشهد لسان الألثع بأني الدر الغالي إذا قال يا ثمين، وقول بعض البلغاء في
البانأرى النرجس الغض الزكي مشمرا | على ساقه في خدمة الورد قـائم | |
وقد ذل حتى لف من فوق رأسـه | عمائم فيهـا لـلـيهـود عـلائم |
وجاء ذكري في حديث فاح بنشره (أن قارئ القرآن يؤتى بياسمين الجنة في قبره).
فحديثي أصح من حديثك سندا، ونشري أعبق من نشرك صباحا وندا، فأنا أحق بالملك منك منصورا ومؤيدا، وأنا النافع من أمراض العصب الباردة والملطف للرطوبات الجامدة، والصالح للمشايخ القاعدة، أنفع من اللوقة والشقيقة والزكام، ومن وجع الرأس البلغمي والسوداوي وأقطع نزف الأرحام، ودهني نافع من الفالج ووجع المفاصل، ويحلل الأعياء ويجلب العرق الفاضل، ويقول لي لسان الحال ليس الهزيل مقام السمين، ويشهد لسان الألثع بأني الدر الغالي إذا قال يا ثمين، وقول بعض البلغاء في
أنا الياسمين الذي لطفت فنلت الـمـنـا | فريحي لمن قد نأى وعيني إلى من دنا | |
وقـد شـرفـت حـضــرتـــي | بصـبـري عـلـى مـن جـنـى |
فقام البان وأبدى غاية الغضب وأبان، وقال لقد تعديت يا ياسمين طورك وأبعدت في المدى غورك، وكونك أضعف الكون، وكثرة شمك يصفر اللون وإذا سحق اليابس منك ورض، ودر على الشعر الأسود ابيض، وإذا قسم اسمك قسمين صار ما بين يأس ومين، وإن ذكرت نفعك، فأنت كما قبل لا تساوي جمعك ولقد صدق القائل من الأوائل.
ولكن أنا ذو الإسمين، والظافر من الأصل والقرع بالقسمين والقريب من الباز والمضروب بقدي المثل في الاهتزاز، إنها ري عالية، وأدهاني غالية، وقد ألبست حلة من السناجب، واتفق على فضلي الإنجاب، أنفع بالشم من مزاجه حار، وأرطب دماغه وأسكن صداعه الكائن من البخار، ودهني نافع لموضع كل وجع بارد، وتحت ذلك صور كثيرة الموارد، من الرأس والأذن والضرس وفقار المفلوج والمجدور، والمعدة والكبد والطحال وكل عصب بالصلابة مقصور ويكفي في وردي قول ابن الوردي.
النسرينلا مرحبا بـالـياسـمـين | وإن غدا في الروض زيناً | |
صحـفـتـه فـوجـدتـه | متقـلـداً ياسـاً ومـينـاً |
تجادلنا أمام الـزهـر أزكـى | أم الغلاف أم ورق القطـاف | |
وعقبي ذلك الجدل اصطلحنـا | وقد وقع الوفاق على الخلاف |
فقام النسرين بين القائمين منتصرا لأخيه الياسمين، وقال أتتعدى يا بان على شقيقي وابن الفراء من الذهب الدبيقي، وكيف يفاخر البلور من هو شبيه بذنب السنور، ألم يعرفك الحال قول من قال:
ولكن أنا زين البستان، وفي من الذهب والفضة لونان، أنفع من أورام الحلق واللوزتين ووجع الأسنان، ومن برد العصب والدوي والطنين في الآذان، وأفتح ما يسد به المنخران، وأقتل الديدان، وأسكن القيء والفواق، وأقوي القلب والدماغ على الإطلاق، وأحلل الرياح من الصدر والرأس، وأخرجها منه بالعطاس، وينتفع بي أصحاب المرة السوداوية غاية الإنتفاع، والبري مني لطخ به الجبهة سكن الصداع، وإذا تدلك في الحمام بماء مني استحق طيب رائحة البدن والعرق، وإذا شربت من مجففي نصف مثقال، منع إسراع الشيب على التوال، ودهني يحلل أوجاع الأرحام الكائنة بردا وينفع من الشوصة العارضة من سوء المزاج والبلغم والمرة السوداء. ويكفيك من المعاني قول من عناني:
البنفسجلله بستان حـلـلـنـا دوحـه | في جنة قد فتحت أبوابهـا | |
والبان تحسبه سنـانـير رأت | بعض الكلاب فنفشت أذنابها |
ما أحسن النسـرين عـنـدي | وما أملحه مذ كان في عيني | |
زهر إذا ما أنا صحـفـتـه | وجدته بشـرى وبـشـرين |
فقام البنفسج: وقد التهب ولاحت عليه زرقة الغضب، وقال أيها النسرين لست عندنا من المعدودين، ولا في الصلاح من المحمودين، لأنك حار يابس إنما توافق المبرودين، ولا تصلح إلا للمشايخ المبلغمين، وأنت كثير الإذاعة فلست على حفظ الأسرار بأمين، ويعجبني ما قاله فيك بعض المتقدمين:
ولكن أنا اللطيف الذات، البديع الصفات، المشبه بزرقة اليواقيت وأعناق الفواخيت، مزاجر رطب بارد، ومنافعي كثيرة الموارد، أولد دما في غاية الاعتدال، وأنفع الحار من الرمد والسعال وأسكن الصداع الصفراوي والدموي لمن شم أو ضمد، وألين الصدر وأنفع من التهاب المعد، وأنفع من ورم العين ومن كل ورم حاد، ومن نتؤ المقعدة إذا تضمد به على التكرار، وشرابي لذات الجنب والرئة والكلى وللسعال، والشوصة ويدر البول مخللا ويابس يستعمل للصفراء ليسهل غاية الإسهال، والمربى منه بالسكر يلين الحلق والبطن وينفع من السعال، وورقي طلاء جيد للجرب الصفراوي والدموي، وزهري ينفع من النزلات الصدرية والزكام القوي، وإذا شرب بالماء نفع من أم الصبيان وهو الخناق أو سفه من به إطلاق صفراوي لداغ أجد ر بقية الخلط وأقطع الإطلاق.
وكفاني ما بين الإخوان ما روي عن سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم (أن دهني سيد الأدهان).
بارد في الصيف حار في الشتاء فهو صالح في كل زمان، وذلك لأنه يسكن القلق وينوم أصحاب الأرق، وينفع المصطكي من الورم الصفراوي بين أصابع الإنسان، ويجذب الصداع من الرأس إذا دهن به الرجلان ويلين صلابة المفاصل والعصب، وهو طلاء جيد للجرب، ويعدل الحرارة التي لم تتعدل، ويسهل حركة المفاصل فتتسهل، وينفع سعوطا من الصداع الحاد، ويحفظ طلاء صحة الأظفار، وينفع من الحرقة والحرارة التي تكون في الجسد، ويصلح من الشعر المنتثر دهنا ما فسد، وإذا قطر في الإحليل سكن حرقه وحرقة المثانة، وينفع من يبس الخياشيم فجل الخالق الباري سبحانه، وإذا تحسس منه في الحمام وزن درهمين نفع من ضيق النفس على الريق بلا مين، وإذا حل فيه شمع مقصور أبيض ودهن به صدر الأطفال نفعهم منفعة قوية من السعال.
وروى ابن أبي حاتم وغيره عن الإمام الشافعي صاحب المذهب المهذب أنه قال: لم أر للوباء أنفع من البنفسج يدهن به ويشرب.
ومنافعي لا تحصى، وما أودعه خالقي في لا يستعصى، وبي تعطر الجيوب، ويشبه عذار المحبوب، وأنا مع ذلك حسن القال، بديع الجمال، من رآني أذن بالانشراح، وتفاءل بالإنفساح، ألا تسمع قول من باح وصاح.
ولم أنس قول الورد لا تركنوا إلى | معاهدة النسرين فـهـو يمـين | |
ألا تنظروا منه بنانا مخـضـبـا | وليس لمخضوب البنـان يمـين |
ولكن أنا اللطيف الذات، البديع الصفات، المشبه بزرقة اليواقيت وأعناق الفواخيت، مزاجر رطب بارد، ومنافعي كثيرة الموارد، أولد دما في غاية الاعتدال، وأنفع الحار من الرمد والسعال وأسكن الصداع الصفراوي والدموي لمن شم أو ضمد، وألين الصدر وأنفع من التهاب المعد، وأنفع من ورم العين ومن كل ورم حاد، ومن نتؤ المقعدة إذا تضمد به على التكرار، وشرابي لذات الجنب والرئة والكلى وللسعال، والشوصة ويدر البول مخللا ويابس يستعمل للصفراء ليسهل غاية الإسهال، والمربى منه بالسكر يلين الحلق والبطن وينفع من السعال، وورقي طلاء جيد للجرب الصفراوي والدموي، وزهري ينفع من النزلات الصدرية والزكام القوي، وإذا شرب بالماء نفع من أم الصبيان وهو الخناق أو سفه من به إطلاق صفراوي لداغ أجد ر بقية الخلط وأقطع الإطلاق.
وكفاني ما بين الإخوان ما روي عن سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم (أن دهني سيد الأدهان).
بارد في الصيف حار في الشتاء فهو صالح في كل زمان، وذلك لأنه يسكن القلق وينوم أصحاب الأرق، وينفع المصطكي من الورم الصفراوي بين أصابع الإنسان، ويجذب الصداع من الرأس إذا دهن به الرجلان ويلين صلابة المفاصل والعصب، وهو طلاء جيد للجرب، ويعدل الحرارة التي لم تتعدل، ويسهل حركة المفاصل فتتسهل، وينفع سعوطا من الصداع الحاد، ويحفظ طلاء صحة الأظفار، وينفع من الحرقة والحرارة التي تكون في الجسد، ويصلح من الشعر المنتثر دهنا ما فسد، وإذا قطر في الإحليل سكن حرقه وحرقة المثانة، وينفع من يبس الخياشيم فجل الخالق الباري سبحانه، وإذا تحسس منه في الحمام وزن درهمين نفع من ضيق النفس على الريق بلا مين، وإذا حل فيه شمع مقصور أبيض ودهن به صدر الأطفال نفعهم منفعة قوية من السعال.
وروى ابن أبي حاتم وغيره عن الإمام الشافعي صاحب المذهب المهذب أنه قال: لم أر للوباء أنفع من البنفسج يدهن به ويشرب.
ومنافعي لا تحصى، وما أودعه خالقي في لا يستعصى، وبي تعطر الجيوب، ويشبه عذار المحبوب، وأنا مع ذلك حسن القال، بديع الجمال، من رآني أذن بالانشراح، وتفاءل بالإنفساح، ألا تسمع قول من باح وصاح.
يا مهديا لي بنفسـي أرجـا | يرتاح صدري له وينشرح | |
بشرني عاجلا ومصحـفـه | بأن ضيق الأمور ينفسـح |