الإمام الصابر المحتسب أحمد بن حنبل رضى الله عنه
وفتنة خلق القرآن الكريم
نسبه ومولده:
هو الإمام الصابر المحتسب أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبدالله بن حيان بن عبدالله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن الشيباني جاءت به أمه من مرو حملاً , فولدته في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة من الهجرة, ببغداد من سلالة عربية.
طلبه للعلم ومكانته العلمية:
طلب الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه العلم وهو صغير ورحل في سبيل تحصيله إلى الآفاق وقطع الفيافي والقفار وطاف البلدان الإسلامية شرقاً وغرباً ,ونبغ في الحديث وعلله ورجاله وفي كافة العلوم حتى صار إمام أهل السنة في زمانه بلا منازع,كما صار في الفقه من الأئمة الأعلام الذين يعتبر ويعتد بأقوالهم في الفقه وفي معرفة الحلال والحرام إلى جانب ما اشتهر به من التمسك بالسنة والزهد والورع وإليه ينسب أحد المذاهب الفقهية الصحيحة الذي سار عليه العديد من البلدان الإسلامية في المعاملات والأحكام القضائية وعمل به العديد من فقهاء وعلماء الأمة الإسلامية في فتواهم الشرعية لجميع شئون حياة وأمورها الفقهية والدينية,كما أنه صاحب المدرسة الحنبلية للفقه الإسلامي التي تخرج منها العديد من العلماء والفقهاء في شتئ البلدان الإسلامية.
فعن أبي زرعة قال كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث قيل له وما يدريك؟ قال ذاكرته فأخذت عليه الأبواب.
وقيل له أيضاَ من رأيت من المشايخ المحدثين أحفظ؟ قال أحمد بن حنبل: حرزت كتبه اليوم الذي مات فيه فبلغت اثنى عشر حملاً وعدل ماكان على ظهر كتاب منها حديث فلان ولا في بطنه حديث فلان وكل ذلك كان يحفظه على ظهر قلب.
وعن إبراهيم الحربي, قال: رأيت أحمد بن حنبل كأن الله قد جمع له علم الأولين والأخرين من كل صنف, يقول ما شاء ويمسك ما شاء.
تواضعه لمعلميه أثناء طلبه للعلم:
إن تواضع الطالب للمعلم من الصفات التي تدل حسن تربية الطالب وأستقامته وحبه للعلم ورغبته الشديدة في طلبه, وكان الإمام أحمد بن حنبل من أكثر طلاب العلم في زمنه تواضعاً لمعلميه.
عن إدريس بن عبد الكريم قال: قال خلف جاءني أحمد بن حنبل يستمع حديث أبي عوانه فاجتهدت أن أرفعه فأبى وقال: لا أجلس إلاَّ بين يديك أمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه.
تقواه وعبادته:
عن عبدالله بن أحمد قال: كان أبي أصبر الناس على الوحدة لم يره أحد إلا في مسجد أو حضور جنازة, أو عيادة مريض وكان يكره المشي في الأسواق.
وعنه قال: كان أبي يصلي كل يوم وليلة ثلاث مائة ركعة فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة, وقد كان قر من الثمانين وكان يقرأ كل يوم سبعاً يختم في كل سبعة أيام,وكانت له ختمة في كل سبع ليال سوى صلاة النهار, وكان يصلى عشاء الآخرة ينام نومة خفيفة ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو وحجّ أبي خمس حجات ثلاث حجج ماشياً واثنين راكباً وأنفق في بعض حجاته عشرين درهماً.
زهده وورعه وتقشفه عن الدنيا:
كان الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه من أزهد الناس وأورعهم في عصره, فكأن يهتم بالعلم والتعلم إهتماماً كبيراً جعله لا يجد متسعاً للهو في الدنيا وزخرفها ونعيمها حتى أنه أثناء مجالسته لأصحابه كان يجعل كل كلامه وحديثه عن العلم ولا يذكر الدنيا ولا يخوض في أمورها وهمومها بشئ ,لأنها في نظره أدنى من أن تستحق الخوض فيها.
فعن أبي داوود السجستاني رضى الله عنه قال: لم يكن أحمد بن حنبل يخوض في شئ مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا فإذا ذكر العلم تكلم.
وقال أيضا: كانت مجالسة أحمد بن حنبل(مجالسة الآخرة لا يذكر فيها شئ من أمر الدنيا ما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قط).
محنة خلق القرآن الكريم والإمام الصابر:
ظهرت فتنة خلق القرآن الكريم في زمن الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه فكان أول من أمتحن بها كثيراً, حيث طلب إلى مجلس المعتصم وطلب منه أن يجيبهم إلى القول بخلق القرآن الكريم فلم يفعل ورفض ذلك القول, فأوذي من قبل بعض العباسيين وضرب حتى أغمى عليه, وحبس ولكنه مع ذلك صبر وثبت على ذلك محتسباً الأجر والمثوبة من الله عزوجل.
عن ميمون بن الأصبغ قال : كنت ببغداد فسمعت ضجة فقلت: ماهذا؟ فقالوا: أحمد بن حنبل يمتحن, فدخلت, فلما ضرب سوطاً قال: بسم الله, فلما ضرب الثاني, قال لا حول ولا قوة إلاَّ بالله فلما ضرب الثالث, قال: القرآن كلام الله غير مخلوق, فلما ضرب الرابع قال(قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) فضرب تسعة وعشرين سوطاً وكانت تكة أحمد حاشية ثوب, فانقطعت فنزل السراويل إلى عانته فرمى أحمد طرفه إلى السماء وحركَّ شفتيه, فما كان بأسرع أن بقي السراويل لم ينزل, فدخلت إليه بعد سبعة أيام فقلت : يا أبا عبدالله رأيتك تحرك شفتيك فأي شئ قلت؟ قال : قلت: الله إني أسألك باسمك الذي ملأت به العرش إن كنت تعلم إني على الصواب فلا تهتك لي سراً.
مؤلفاته:
خلف لنا الإمام أحمد بن حنبل العدي من الكنوزالفقهية العظيمة منها كتابه(المسند)الذي لم يوجد له نظير في زمنه وكتاب(السنِّة) وكتاب (معرفة الصحابة) وكتاب(الأشربة) وغيرها من المصنفات العظيمة.
ثناء العلماء عليه:
أثنى العلماء على الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه كثيراً, لورعه وتقواه وزهده, وأعترفوا بمكانته العلمية في الحديث وعلله ورجاله وفي كافة العلوم وانه إمام أهل السنة في زمانه بلا منازع ومن أجل الأئمة الأعلام الذين يعتد بأقوالهم في الفقه وفي معرفة الحلال والحرام .
قال عبدالرزاق: ما رأيت أفقه ولا أروع من أحمد بن حنبل.
وقال أبو الوليد الطيالسي : ما بالمصريين أحد أحب إليَّ مثل أحمد بن حنبل.
وقال يحيى بن سعيد: ما قدم عليَّ مثل أحمد بن حنبل.
وقال أبو عاصم النبيل وقد ذكر طلاب العلم: ما رأينا في القوم مثل أحمد بن حنبل.
مرضه ووفاته:
قال المروزي : مرض أبو عبدالله ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول سنة إحدوأربعين ومائتين ومرض تسعة أيام وتسامع الناس فأقبلوا لعيادته ولزموا الباب الليل والنهار يبيتون فربما أذن للناس فيدخلون أفواجاً يسلمون عليه فيرد عليهم بيده.
توفي سنة(241هـ) ببغداد وقد استكمل سبعاً وسبعين سنة.
رحمه الله تعالى وجزاءه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.المراجع:
- كتاب مصطلح الحديث ورجاله -تأليف الأستاذ الدكتور حسن محمد مقبولي الأهدل- الطبعة الثالثة 1414هـ - 1993م -دار النشر للجامعات
-صفة الصفوة للإمام ابن الجوزي.
- جواهر الأدب تأليف المرحوم السيد أحمد الهاشمي.
وفتنة خلق القرآن الكريم
نسبه ومولده:
هو الإمام الصابر المحتسب أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبدالله بن حيان بن عبدالله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن الشيباني جاءت به أمه من مرو حملاً , فولدته في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة من الهجرة, ببغداد من سلالة عربية.
طلبه للعلم ومكانته العلمية:
طلب الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه العلم وهو صغير ورحل في سبيل تحصيله إلى الآفاق وقطع الفيافي والقفار وطاف البلدان الإسلامية شرقاً وغرباً ,ونبغ في الحديث وعلله ورجاله وفي كافة العلوم حتى صار إمام أهل السنة في زمانه بلا منازع,كما صار في الفقه من الأئمة الأعلام الذين يعتبر ويعتد بأقوالهم في الفقه وفي معرفة الحلال والحرام إلى جانب ما اشتهر به من التمسك بالسنة والزهد والورع وإليه ينسب أحد المذاهب الفقهية الصحيحة الذي سار عليه العديد من البلدان الإسلامية في المعاملات والأحكام القضائية وعمل به العديد من فقهاء وعلماء الأمة الإسلامية في فتواهم الشرعية لجميع شئون حياة وأمورها الفقهية والدينية,كما أنه صاحب المدرسة الحنبلية للفقه الإسلامي التي تخرج منها العديد من العلماء والفقهاء في شتئ البلدان الإسلامية.
فعن أبي زرعة قال كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث قيل له وما يدريك؟ قال ذاكرته فأخذت عليه الأبواب.
وقيل له أيضاَ من رأيت من المشايخ المحدثين أحفظ؟ قال أحمد بن حنبل: حرزت كتبه اليوم الذي مات فيه فبلغت اثنى عشر حملاً وعدل ماكان على ظهر كتاب منها حديث فلان ولا في بطنه حديث فلان وكل ذلك كان يحفظه على ظهر قلب.
وعن إبراهيم الحربي, قال: رأيت أحمد بن حنبل كأن الله قد جمع له علم الأولين والأخرين من كل صنف, يقول ما شاء ويمسك ما شاء.
تواضعه لمعلميه أثناء طلبه للعلم:
إن تواضع الطالب للمعلم من الصفات التي تدل حسن تربية الطالب وأستقامته وحبه للعلم ورغبته الشديدة في طلبه, وكان الإمام أحمد بن حنبل من أكثر طلاب العلم في زمنه تواضعاً لمعلميه.
عن إدريس بن عبد الكريم قال: قال خلف جاءني أحمد بن حنبل يستمع حديث أبي عوانه فاجتهدت أن أرفعه فأبى وقال: لا أجلس إلاَّ بين يديك أمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه.
تقواه وعبادته:
عن عبدالله بن أحمد قال: كان أبي أصبر الناس على الوحدة لم يره أحد إلا في مسجد أو حضور جنازة, أو عيادة مريض وكان يكره المشي في الأسواق.
وعنه قال: كان أبي يصلي كل يوم وليلة ثلاث مائة ركعة فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة, وقد كان قر من الثمانين وكان يقرأ كل يوم سبعاً يختم في كل سبعة أيام,وكانت له ختمة في كل سبع ليال سوى صلاة النهار, وكان يصلى عشاء الآخرة ينام نومة خفيفة ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو وحجّ أبي خمس حجات ثلاث حجج ماشياً واثنين راكباً وأنفق في بعض حجاته عشرين درهماً.
زهده وورعه وتقشفه عن الدنيا:
كان الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه من أزهد الناس وأورعهم في عصره, فكأن يهتم بالعلم والتعلم إهتماماً كبيراً جعله لا يجد متسعاً للهو في الدنيا وزخرفها ونعيمها حتى أنه أثناء مجالسته لأصحابه كان يجعل كل كلامه وحديثه عن العلم ولا يذكر الدنيا ولا يخوض في أمورها وهمومها بشئ ,لأنها في نظره أدنى من أن تستحق الخوض فيها.
فعن أبي داوود السجستاني رضى الله عنه قال: لم يكن أحمد بن حنبل يخوض في شئ مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا فإذا ذكر العلم تكلم.
وقال أيضا: كانت مجالسة أحمد بن حنبل(مجالسة الآخرة لا يذكر فيها شئ من أمر الدنيا ما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قط).
محنة خلق القرآن الكريم والإمام الصابر:
ظهرت فتنة خلق القرآن الكريم في زمن الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه فكان أول من أمتحن بها كثيراً, حيث طلب إلى مجلس المعتصم وطلب منه أن يجيبهم إلى القول بخلق القرآن الكريم فلم يفعل ورفض ذلك القول, فأوذي من قبل بعض العباسيين وضرب حتى أغمى عليه, وحبس ولكنه مع ذلك صبر وثبت على ذلك محتسباً الأجر والمثوبة من الله عزوجل.
عن ميمون بن الأصبغ قال : كنت ببغداد فسمعت ضجة فقلت: ماهذا؟ فقالوا: أحمد بن حنبل يمتحن, فدخلت, فلما ضرب سوطاً قال: بسم الله, فلما ضرب الثاني, قال لا حول ولا قوة إلاَّ بالله فلما ضرب الثالث, قال: القرآن كلام الله غير مخلوق, فلما ضرب الرابع قال(قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) فضرب تسعة وعشرين سوطاً وكانت تكة أحمد حاشية ثوب, فانقطعت فنزل السراويل إلى عانته فرمى أحمد طرفه إلى السماء وحركَّ شفتيه, فما كان بأسرع أن بقي السراويل لم ينزل, فدخلت إليه بعد سبعة أيام فقلت : يا أبا عبدالله رأيتك تحرك شفتيك فأي شئ قلت؟ قال : قلت: الله إني أسألك باسمك الذي ملأت به العرش إن كنت تعلم إني على الصواب فلا تهتك لي سراً.
مؤلفاته:
خلف لنا الإمام أحمد بن حنبل العدي من الكنوزالفقهية العظيمة منها كتابه(المسند)الذي لم يوجد له نظير في زمنه وكتاب(السنِّة) وكتاب (معرفة الصحابة) وكتاب(الأشربة) وغيرها من المصنفات العظيمة.
ثناء العلماء عليه:
أثنى العلماء على الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه كثيراً, لورعه وتقواه وزهده, وأعترفوا بمكانته العلمية في الحديث وعلله ورجاله وفي كافة العلوم وانه إمام أهل السنة في زمانه بلا منازع ومن أجل الأئمة الأعلام الذين يعتد بأقوالهم في الفقه وفي معرفة الحلال والحرام .
قال عبدالرزاق: ما رأيت أفقه ولا أروع من أحمد بن حنبل.
وقال أبو الوليد الطيالسي : ما بالمصريين أحد أحب إليَّ مثل أحمد بن حنبل.
وقال يحيى بن سعيد: ما قدم عليَّ مثل أحمد بن حنبل.
وقال أبو عاصم النبيل وقد ذكر طلاب العلم: ما رأينا في القوم مثل أحمد بن حنبل.
مرضه ووفاته:
قال المروزي : مرض أبو عبدالله ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول سنة إحدوأربعين ومائتين ومرض تسعة أيام وتسامع الناس فأقبلوا لعيادته ولزموا الباب الليل والنهار يبيتون فربما أذن للناس فيدخلون أفواجاً يسلمون عليه فيرد عليهم بيده.
توفي سنة(241هـ) ببغداد وقد استكمل سبعاً وسبعين سنة.
رحمه الله تعالى وجزاءه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.المراجع:
- كتاب مصطلح الحديث ورجاله -تأليف الأستاذ الدكتور حسن محمد مقبولي الأهدل- الطبعة الثالثة 1414هـ - 1993م -دار النشر للجامعات
-صفة الصفوة للإمام ابن الجوزي.
- جواهر الأدب تأليف المرحوم السيد أحمد الهاشمي.