محنة الجزائر وعروش الغدر
عبد الله ضراب الجزائري
***
غابَ الرّئيسُ فغابَ البِشْرُ والأملُ ... والشّعبُ أرهقه الإرجافُ والوجَلُ
ساد النّعيقُ فأصوات الرّدى طلعتْ ... باتت تصيح بها في ليلنا دُوَلُ
والخائنون رأوا في وضعنا فُرَصًا ... أتى العواءُ من الأعداء فامتثلوا
كم في العروبة من خصمٍ لنا برزت ْ... أنيابُه وبدتْ في ودِّه العِللُ
أعرابُنا كُشفت عوراتُهم وبَدتْ ... ما عاد يمنعهم عن طعننا خَجلُ
يُذكون حربا ًعلى شعبٍ يُناوؤهمْ ... لكي يسودوا ونارُ الحرب تشتعلُ
هم يحملون لنا حقدا عَتَا وطغى ... تبًّا لهم صَدَموا الدنيا بما فعلوا
ساروا وراء بني صهيون في بَلَهٍ ... مثل الحمير عليها الذلُّ والدَّغلُ
ليس العدوُّ الذي نخشاه شانئَنا ... من العلوجِ غزاةِ الأمسِ إن حَمَلوا
إنا نخاف نيوبَ الغدرِ في عَرَبٍ ... سلُّوا السّيوفَ لنصرِ الكفرِ واكْتتلُوا
إنا نخافُ عروشا لا عهود لها ... لها الدّناءة والأموال والخَبلُ
يستأسدون على أهل الهدى فَرقاً ... من وقفة الحقِّ في شعبٍ له المُثُلُ
يخشونَ أن تُرفعَ الراياتُ في بلدٍ ... يأبى الخنوع لمن خانوا ومن خذَلوا
إنَّ الجزائر ارضُ العزِّ صامدة ٌ... لَتجهلنَّ على الأذيال ان جَهِلُوا
***
يا شعبَنا افتضحتْ أعراشُ امّتنا ... اصمدْ بعزٍّ فأنت الباسلُ البطلُ
لا تخضعنَّ لذيلٍ خائنٍ أبدا ... فالعمر تحكمه الأقدارُ والأجلُ
واصدعْ بعزِّك في دار الفناء ولا ... تخشَ الخيانة في أخلاق من سفَلوا
إنَّا رأينا عروشَ الذلِّ راكعةً ... أمام نُصْبِ بني صهيون تبتهلُ
تُرضي العدوَّ بِقُربان الشُّعوب ولا ... تخشى عقوبة من عانوا ومن قُتِلُوا
تُكرِّسُ الكفرَ في ارضٍ مقدَّسةٍ ... غَدرا وتطمسُ ما نادى به الرُّسلُ
بُعداً لعرشٍ سخيفٍ خائنٍ عَفِنٍ ... كالنَّعلِ في أرجل الصّهيون يُنتعَلُ
أوهامُه احتدمتْ في رأسه فبغى ... قد صار بالغدر مزهوا ويَحتفلُ
شعبُ الجزائر شعبٌ صامدٌ أبدا ... فلن يُشكِّكه في العزِّ من نَكلوا
حتمًا سَيَمْسَخُ من راموا إهانته ... مهما استعانوا بأهل الكفرِ أو بَذلُوا
أهلُ العروش حريمٌ لليهود ألا ... ترى الملوك بعهر الذلِّ قد حَبَلُوا
شيطانُهم عَظمت آثامه فطغى ... ألا تراه وقد طاشت به السُّبُلُ
قد بذَّرَ المال في ظلمٍ وفي دَنسٍ ... أودى به الجهلُ والإسفافُ والعَجَلُ
يسعى ويكدحُ في شرِّ اليهود ولا ... يُثنيه عن غيِّه خوفٌ ولا مَلَلُ