رثاء للقائد الصّالح
عبد الله ضراب الجزائري
أبيات هذه القصيدة رثاء لقائدنا ومجاهدنا احمد القايد صالح رحمه الله واسكنه فسيح جنانه، الذي كان اسما على مسمى، وفّى بعهده ،وصان الأمانة، وادّى الوديعة ، ثم رحل الى العلياء، لينعم بالهدوء والأمان و الجنان مع الأبرار والشهداء.
***
الهَوْلُ يُبْدِي قيمةَ الأسماءِ ... فاعْرِفْ طباعَ النَّاسِ في البأساءِ
ليس الرِّجالُ بمِيزةٍ موروثة ٍ... يُلقي بها الآباءُ للأبناءِ
إنَّ الرّجولةَ موقفٌ يسمو بنا ... يوم اشْتدادِ الرُّعبِ في الأرجاءِ
في الضِّيقِ تبدو في النُّفوسِ طِباعُها ... وتُمَيَّزُ المُثلَى من الخَرْقاءِ
كم خائرٍ يوم الزَّعازِعِ رَهْبة ً... كم هالكٍ في الفتنةِ العمياءِ
كم قائدٍ يرمي اللِّواءَ تَهَيُّباً ... كم فارسٍ يَلْوِي من الأعداءِ
فتحيّةً للقائدِ الفذِّ الذي ... رفعَ اللِّوا في اللّيلةِ اللَّيلاءِ
أعني الوَفِيَّ بِعهدهِ لبلادهِ ... أهلَ العُلا في زُمرةِ النُّبلاءِ
أعني سَليلَ العزِّ في أوْراسِنَا ...ابن الكرامِ السَّادةِ الشُّرفاءِ
***
يا قائداً صانَ البلاد َمنَ الرَّدَى ... ومنَ الدَّمارِ ومنظرِ الأشلاءِ
أدّيتَ دورَك للجزائرِ صادقاً ... ورحلتَ في عَجَلٍ إلى العلْياءِ
فانعمْ بحبِّ النَّاسِ تاجاً في الورَى ... وانعمْ بجنَّاتٍ مع الشُّهداءِ
أنقذتَ شعبكَ من مَكيدةِ غادرٍ ... ألْجَمْتَ أهلَ الطَّيْشِ والأهواءِ
فالشَّعبُ يذكرُ صدقَكمْ ووفاءَكمْ ... وثباتَكمْ في لُجَّةِ اللَّؤْواءِ
أبديتَ عزماً صارماً مُتوهِّجاً ... ألغى العمى في الأنفسِ الرَّعناءِ
أثبتَّ للأقوام أنَّ بلادَنا ... أرضُ الهُدَى والحكمةِ العَصماءِ
إنَّ الوجودَ اليومَ يمدحُ رأيكمْ ... ويَعُدُّكمْ عَلَمًا من الحُكماءِ
فلقدْ صَدَدْتَ عن الذين تهوَّرُوا ... عاملتهم بالعفوِ والإرْجاءِ
ذاكمْ لأنَّ طِباعكمْ وخصالكم ْ... أنوارُ شمسِ سماحةٍ وإباءِ
لولا يقيني أنَّ شأنك في العُلاَ ... لكتبتُ فيكَ مَراثيَ الخنساءِ
أنوارُ سَعيكَ في حياتك مَهَّدتْ ... لمنازلِ الأبرارِ والنُّجباءِ
خُتِمَتْ حياتُكَ يا وَفِيُّ بِقُرْبَة ٍ... تُعليكَ فوقَ كواكبِ الجوزاءِ
الشَّعبُ يَلْهَجُ بالدُّعاءِ مَحبَّة ً... واللهُ أهلُ إجابة وعطاءِ
أترى يَخِيبُ دُعاءُ شَعبٍ مُؤمِنٍ ... لمَّا يُنادي أكرمَ الكُرماءِ
طُوبَى لك الجنَّات لستُ بواهمٍ ... فأنا المُحِبُّ وذاكَ سَهْمُ رَجائي
خُضْتَ المعاركَ مُصلِحاً ومُكافِحاً ... حتَّى أتتكَ مَنيَّةُ الإعياءِ
ليس الشَّهيدُ فقطْ مَنِ اجْتَثَّ الرَّدَى ... أنفاسَهُ في ساحةِ الهيجاءِ
فكذا الشَّهيدُ من استمرَّ مُجاهداً ... حتَّى أتاه الموتُ بعد عَناءِ
***
عِشْ يا مُوَفَّقُ في السَّماءِ مُكرَّماً ... يا من حَظيتَ بأكرمِ الأسماءِ
قد كانَ موتُكَ في الزَّمانِ كَرَامةً... كُبرى دليلَ طَهارةٍ وسَناءِ