الحمد لله رب العالمين، أسعد قلوب الطائعين، وأراح نفوس القانعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال سبحانه وتعالى:( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
أيها المسلمون: إن السعادة مطلب كل إنسان، ورغبة كل عاقل، وقد وعد الله تعالى المؤمنين الطائعين بالحياة السعيدة، فقال سبحانه:( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون). قال ابن عباس رضي الله عنهما: الحياة الطيبة هي السعادة... وتشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت.
وأهم هذه الوجوه وأولها، وأكرمها وأعظمها؛ سعادة القلب ونعيمه، وبهجته وسروره بالإيمان بالله ومحبته، والإنابة إليه وطاعته، فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحب القلب الطائع، ولا نعيم فوق نعيمه، إلا نعيم الجنة، قال أحد الصالحين: إنه لتمر بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب، وذلك لما يدرك الطائعون من سرور القلب، وفرحته وابتهاجه، ونوره وانشراحه.
وإذا سعد القلب طابت حياة الجوارح كلها، فمن أكثر من الصالحات، واستزاد من الحسنات؛ نال السعادة في الدنيا، والفوز في الآخرة؛ قال تعالى:( الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب). قال ابن عباس رضي الله عنهما: نالوا فرحا وقرة عين. أي مصدر سعادة. وأما حسن المآب والعاقبة؛ فهو في الآخرة، في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، فيسعدون في دنياهم وآخرتهم.
وذكر الله تعالى مما يمنح الإنسان صفاء النفس، فيطيب خاطره، وتتبدد مخاوفه، ويأنس بخالقه، ويرضى به مولى ونصيرا. قال الله عز وجل:( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب). قيل: بذكر الله أي: بطاعته.
ومن أهم مقومات سعادة الفرد وراحته، وسكينة فؤاده وطمأنينته؛ الإيمان بالقدر، فهو أحد أصول الإيمان، وقد بينه الشرع أوضح بيان, وحقيقته أن يحسن المؤمن الظن بربه في السراء والضراء, والشدة والرخاء, فيطمع فيما عند الله, ويرجو رحمته, فمن ابتلي بشيء فلا يمل ولا يضجر ، بل يأخذ بأسباب النجاح، فيجتهد ويدعو، ويعمل ويسعى؛ فإذا حصل غير الذي أراد فلا يحزن ولا يندم، ولا يتسخط على القدر؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان». أي: أنه يفعل الخير، ويحرص على عدم فواته، فإن فاته أمر من أمور الدنيا؛ فلا يشغل نفسه بالتحسر عليه، لأن ذلك اعتراض على المقادير، ولا يغني شيئا. بل يوقن الإنسان أن الله تعالى هيأ له الأفضل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« عجبت للمؤمن، إن الله لم يقض له قضاء إلا كان خيرا له». ويستبشر المرء بقوله صلى الله عليه وسلم :« واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا». فمن امتلأ قلبه رضا بالقدر، فاض قناعة وطمأنينة، وغنى وأمنا، فإن القناعة من أسباب السعادة، وحقيقتها الرضا والتعفف، وترك السؤال والتشوف، فذلك هو الغنى الحقيقي، قال صلى الله عليه وسلم :« وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس». فإن من قنع بما قسم الله تعالى له، ولم يطمع فيما في أيدي الناس؛ أصبح غنيا عنهم؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس».
وأوصى الحكماء أبناءهم بالقناعة لينعموا بالسعادة وراحة النفس، وهناءة العيش؛ فقال أحدهم لابنه: يا بني من قنع بما هو فيه نال السعادة. قال الشاعر:
هي القناعة لا ترضى بها بدلا فيها النعيم وفيها راحة البدن
عباد الله: وإن السعادة على مستوى الأسر قوامها طاعة ربها واتباع هدي نبيها صلى الله عليه وسلم وقناعتها بما قسمه الله تعالى لها، وزوج يقودها بحكمة وروية، وتقدير للمسؤولية، يحوطها بأبوة راعية، وعقلية واعية، والزوجة محور السعادة في بيتها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء».
فإذا كان الزوجان على وفاق تحققت بينهما السعادة والسكينة، والمودة والرحمة، وينعم أفراد الأسرة بالبيت الهانئ، والحياة السعيدة، فإذا سعدت الأسر؛ سعد المجتمع، فإنها النواة الأساسية في تكوين النسيج المجتمعي، فليسأل كل منا نفسه: عن مدى اطمئنان قلبه وإقباله على ربه تعالى، ورضاه بما قدر سبحانه له، وقناعته بما رزقه عز وجل، وأين هو من تحقيق السعادة في أسرته، فتلك من مقومات السعادة.
فاللهم ارزقنا السعادة في قلوبنا وأسرنا ومجتمعنا، وهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وارزقنا بر آبائنا وأمهاتنا، ووفقنا لطاعتك، وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال سبحانه وتعالى:( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
أيها المسلمون: إن السعادة مطلب كل إنسان، ورغبة كل عاقل، وقد وعد الله تعالى المؤمنين الطائعين بالحياة السعيدة، فقال سبحانه:( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون). قال ابن عباس رضي الله عنهما: الحياة الطيبة هي السعادة... وتشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت.
وأهم هذه الوجوه وأولها، وأكرمها وأعظمها؛ سعادة القلب ونعيمه، وبهجته وسروره بالإيمان بالله ومحبته، والإنابة إليه وطاعته، فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحب القلب الطائع، ولا نعيم فوق نعيمه، إلا نعيم الجنة، قال أحد الصالحين: إنه لتمر بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب، وذلك لما يدرك الطائعون من سرور القلب، وفرحته وابتهاجه، ونوره وانشراحه.
وإذا سعد القلب طابت حياة الجوارح كلها، فمن أكثر من الصالحات، واستزاد من الحسنات؛ نال السعادة في الدنيا، والفوز في الآخرة؛ قال تعالى:( الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب). قال ابن عباس رضي الله عنهما: نالوا فرحا وقرة عين. أي مصدر سعادة. وأما حسن المآب والعاقبة؛ فهو في الآخرة، في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، فيسعدون في دنياهم وآخرتهم.
وذكر الله تعالى مما يمنح الإنسان صفاء النفس، فيطيب خاطره، وتتبدد مخاوفه، ويأنس بخالقه، ويرضى به مولى ونصيرا. قال الله عز وجل:( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب). قيل: بذكر الله أي: بطاعته.
ومن أهم مقومات سعادة الفرد وراحته، وسكينة فؤاده وطمأنينته؛ الإيمان بالقدر، فهو أحد أصول الإيمان، وقد بينه الشرع أوضح بيان, وحقيقته أن يحسن المؤمن الظن بربه في السراء والضراء, والشدة والرخاء, فيطمع فيما عند الله, ويرجو رحمته, فمن ابتلي بشيء فلا يمل ولا يضجر ، بل يأخذ بأسباب النجاح، فيجتهد ويدعو، ويعمل ويسعى؛ فإذا حصل غير الذي أراد فلا يحزن ولا يندم، ولا يتسخط على القدر؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان». أي: أنه يفعل الخير، ويحرص على عدم فواته، فإن فاته أمر من أمور الدنيا؛ فلا يشغل نفسه بالتحسر عليه، لأن ذلك اعتراض على المقادير، ولا يغني شيئا. بل يوقن الإنسان أن الله تعالى هيأ له الأفضل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« عجبت للمؤمن، إن الله لم يقض له قضاء إلا كان خيرا له». ويستبشر المرء بقوله صلى الله عليه وسلم :« واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا». فمن امتلأ قلبه رضا بالقدر، فاض قناعة وطمأنينة، وغنى وأمنا، فإن القناعة من أسباب السعادة، وحقيقتها الرضا والتعفف، وترك السؤال والتشوف، فذلك هو الغنى الحقيقي، قال صلى الله عليه وسلم :« وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس». فإن من قنع بما قسم الله تعالى له، ولم يطمع فيما في أيدي الناس؛ أصبح غنيا عنهم؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس».
وأوصى الحكماء أبناءهم بالقناعة لينعموا بالسعادة وراحة النفس، وهناءة العيش؛ فقال أحدهم لابنه: يا بني من قنع بما هو فيه نال السعادة. قال الشاعر:
هي القناعة لا ترضى بها بدلا فيها النعيم وفيها راحة البدن
عباد الله: وإن السعادة على مستوى الأسر قوامها طاعة ربها واتباع هدي نبيها صلى الله عليه وسلم وقناعتها بما قسمه الله تعالى لها، وزوج يقودها بحكمة وروية، وتقدير للمسؤولية، يحوطها بأبوة راعية، وعقلية واعية، والزوجة محور السعادة في بيتها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء».
فإذا كان الزوجان على وفاق تحققت بينهما السعادة والسكينة، والمودة والرحمة، وينعم أفراد الأسرة بالبيت الهانئ، والحياة السعيدة، فإذا سعدت الأسر؛ سعد المجتمع، فإنها النواة الأساسية في تكوين النسيج المجتمعي، فليسأل كل منا نفسه: عن مدى اطمئنان قلبه وإقباله على ربه تعالى، ورضاه بما قدر سبحانه له، وقناعته بما رزقه عز وجل، وأين هو من تحقيق السعادة في أسرته، فتلك من مقومات السعادة.
فاللهم ارزقنا السعادة في قلوبنا وأسرنا ومجتمعنا، وهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وارزقنا بر آبائنا وأمهاتنا، ووفقنا لطاعتك، وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.