إن ديننا الإسلامي الحنيف قد أمرنا بالاعتصام والتآزر والتلاحم والتعاون والوقوف بجانب بعضنا البعض,وجعل ذلك من الأخوة الإسلامية,حيث قال المولى عزوجل في كتابه الحكيم(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان)سورة المائدة الاية رقم (2),وقال عليه الصلاة والسلام(مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)وقال عليه الصلاة والسلام(المسلم للمسلم كالبَنَان أو كالبُّنيان يشد بعضه بعضا).
ونظرا للتطور والازدهار والتقدم العلمي الذي يعيشه العالم اليوم, فقد وجدت في المجتمعات العربية والاسلامية العديد من طرق التأزر والتعاون بين المسلمين,ومنها إنشاء الجمعيات والإتحادات التعاونية والجمعيات والمؤسسات الأهلية(الخيرية).
حيث تعتبرالجمعيات والاتحادات التعاونية اليوم من أهم الشخصيات الإعتبارية التي تساهم في الدفع بعجلة التنمية والبناء نحو تقدم البلدان وإزدهارها,كما تعتبر في المجتمعات المدنية من أهم طرق التعاون والاستثمار الجماعي,والتي تفتح المجال أمام أصحاب روؤس الأموال الصغيرة من المواطنين وذوي الدخل المحدود من موظفي القطاع العام والمختلط,في استثمار أموالهم وتشغيلها وتنميتها وتحسين أوضاعهم وظروفهم المعيشية,وذلك من خلال الاستثمار في إحدى مجالات التنمية والبناء,المتمثلة بالأتي:-
1-الاستثمار الجماعي في المجال الزراعي والتسويق الزراعي والحيواني,وتسمى هذه الجمعيات التي تمارس هذا النشاط بـ(الجمعيات التعاونية الزراعية).
2-الاستثمار الجماعي في مجال بيع وشراء السلع الاستهلاكية,وتسمى الجمعيات التي تمارس هذا النشاط بـ(الجمعيات التعاونية الإستهلاكية).
3-الاستثمار الجماعي في مجال الانتاج والتسويق السمكي,وتسمى الجمعيات التي تمارس هذا النشاط بـ(الجمعيات التعاونية السمكية).
4-الاستثمارالجماعي في بناء المساكن وبيعها وفي شراء الأراضي وتوزيعها بين أعضاءها, وتسمى الجمعيات التي تقوم بممارسة هذا النوع من الاستثمار بـ(الجمعيات التعاونية الإسكانية).
5- الاستثمار الجماعي في مجال الإنتاج الحرفي والصناعي وتسويقها وتسمى الجمعيات التي تمارس هذه الأنشطة بـ(الجمعيات التعاونية الحرفية )..
ونظراً لما تتمتع به الجمعيات والاتحادات التعاونية من أهمية قصوى في المجتمعات المدنية وفي المجتمعات المتجهة نحو المدنية ونحو التطور والتقدم والبناء,ونظراً لما تقوم به من دور فعال في خدمة اعضاءها وتحسين أوضاعهم المالية والمعيشية,وما تقوم به من دور فعال في دعم اقتصاد البلدان من خلال الانشطة التنموية والاستثمارات الجماعية التي تمارسها في شتئ مجالات التنمية والبناء المشار إليها سابقاً.
فقد أهتمت الجمهورية اليمنية إهتماماً كبيراً بالجمعيات والاتحادات التعاونية بمختلف أنواعها وأنشطتها, فمنحت للمواطنين الحق الكامل في إنشاء الجمعيات والاتحادات التعاونية وكفلت للجمعيات والاتحادات التعاونية جميع الحقوق في ممارسة الانشطة التنموية والاستثمارية التي أنشئت لاجلها , وتقديم كافة التسهيلات اللازمة لممارسة الجمعية نشاطاتها وتحقيق أهدافها , وقد أصدرت الحكومة اليمنية, العديد من القوانين المنظمة للجمعيات والاتحادات التعاونية ,منها قانون رقم (39) لسنة 1998م بشأن الجمعيات والإتحادات التعاونية, والذي تطرق إلى جميع الأمور المتعلقة بالجمعيات والإتحادات التعاونية من خلال الآتي:
أ)-أحكام تأسيس الجمعيات التعاونية وتسجيلها وإشهارها.
ب)-الأسس التي تقوم عليها الجمعيات التعاونية وأهدافها.
جـ)-أنواع وأختصاصات الجمعيات التعاونية.
د)-إدارة الجمعيات التعاونية ورأسمالها.
ر)-دمج وتجزئة وحل الجمعيات التعاونية.
هـ)-الإتحادات التعاونية وأهدافها.
و)-إشراف الحكومة على التعاونيات والإتحادات.
ي)-أحكام إنتقالية وختامية.
وقد يعتقد البعض أن الجمعيات التعاونية هي ذاتها الجمعيات والمؤسسات الأهلية (الخيرية)مما قد يجعله ينفرمن مجرد فكرة المساهمة في إنشاء جمعية تعاونية, بسبب قيام بعض الأشخاص الذين يتولون إدارة بعض الجمعيات الخيرية في جعل الجمعيات وسيلة لجمع الثروات وإستغلال مواردها المالية لأنفسهم وعدم القيام بواجباتهم في تحقيق أهداف الجمعية الخيرية على الأوجه الأكمل, وعدم صرف سوى الجزء البسيط من أموالها على الفقراء والمساكين والمحتاجين, حتى أنعدمت الثقة لدى أفراد المجتمع بالجمعيات الخيرية بشكل عام دون إستثناء وكأن النظرة السيئة أصبحت تعم جميع الجمعيات الخيرية..
مع أنه ليس هناك مايدعو للنفور من المشاركة في تأسيس جمعية أو الانظمام إلى عضويتها سواء كانت جمعية تعاونية أو جمعية أهلية (خيرية) كون جميعها, لها دور فعال في التنمية وفي البناء وفي تقديم الخدمات العديدة سواء لأعضاءها أو لغيرهم من المواطنين, إلا أن هناك فارق واضح بين الجمعيات التعاونية وبين الجمعيات والمؤسسات الأهلية(الخيرية), فالجمعيات التعاونية هي منظمات إقتصادية وإجتماعية ديمقراطية طوعية ذات شخصية إعتبارية مستقلة تنشأ وفق أحكام القانون رقم (39) لسنة 1998م(1)تهدف إلى تحقيق الأتي:
1-زيادة الإنتاج وتحسين مستوى العمل والمعيشة لأعضاءها وتقديم الخدمات الضرورية في منطقة اختصاصها ونشر الوعي التعاوني بين أعضائها وحثهم على النشاط في الأعمال المشتركة وتأهيلهم وتدريبهم بما يحقق أهداف التعاون وغرس وتنمية حب المساعدة المتبادلة بينهم وتربيتهم على أساس العمل التعاوني المتطور(2) .
2-المساهمة الفعلية في تطوير التنمية الأقتصادية والاجتماعية للوطن(3).
3-العمل على إيجاد وتنمية العلاقات التعاونية بين المواطنين في منطقة نشاطها التعاوني وتنمية الخبرات والمهارات الفنية والتنظيمية لأعضائها وتشجيع التعامل معها بكافة الوسائل المتاحة(4) .
4- رفع مستوى المزايا لأعضاء الجمعية التعاونية(5).
5- الدفاع عن حقوق أعضائها تجاه الغير(6).
6- العمل على تحسين أحوال أعضاء الجمعية الإقتصادية والإجتماعية بتنظيم جهودهم وفقاً لنوع نشاط الجمعية التعاونية(7) .
7- تنظيم الحصول على القروض بمختلف أنواعها طبقاً لحاجة أعضائها أو لتمويل أنشطتها(8) .
وأما الجمعيات الأهلية(الخيرية)فهى كل جمعية يتم تأسيسها طبقاً لأحكام القانون رقم(1) لسنة 2001م من قبل أشخاص طبيعيين لا يقل عددهم عن واحد وعشرين شخصاً عند طلب التأسيس و(41)شخصاً على الأقل عند الإجتماع التأسيسي وذلك لتحقيق منفعة مشتركة لفئة أجتماعية معينة ومزاولة أنشطة ذات نفع عام ولا تستهدف من نشاطها جني الربح المادي لأعضائها ويكون نظام العضوية فيها مفتوحاً وفقاً للشروط المحددة في نظامها الأساسي (9) .
وأما المؤسسات الأهلية(الخيرية)فقد أورد المشرع اليمني تعريفها بقوله(أي مؤسسة أهلية تم تأسيسها طبقاً لأحكام هذا القانون لمدة محددة أو غير محددة من قبل شخص طبيعي أو أعتباري أو أكثر لمزاولة أنشطة ذات نفع عام ودون أن نستهدف من نشاطها جني الربح المادي ويكون نظام العضوية فيها مقتصراً على مؤسسيها دون غيرهم) (11) .
بقلم المحامي / محمد قايد الصايدي
الهوامش/
(1) مادة (2) من القانون رقم (39)لسنة 1998م بشأن الجمعيات والاتحادات التعاونية.
(2) مادة (6) من القانون رقم (39)لسنة 1998م بشأن الجمعيات والاتحادات التعاونية.
(3) مادة (6) من القانون رقم (39)لسنة 1998م بشأن الجمعيات والاتحادات التعاونية.
(4) مادة ( 7) من القانون رقم (39)لسنة 1998م بشأن الجمعيات والاتحادات التعاونية.
(5) مادة (8) من القانون رقم (39)لسنة 1998م بشأن الجمعيات والاتحادات التعاونية.
(6) مادة (9) من القانون رقم (39)لسنة 1998م بشأن الجمعيات والاتحادات التعاونية.
(7) مادة (10) من القانون رقم (39)لسنة 1998م بشأن الجمعيات والاتحادات التعاونية.
(8) مادة (11) من القانون رقم (39)لسنة 1998م بشأن الجمعيات والاتحادات التعاونية.
(9) مادة (2) من القانون رقم ( 1)لسنة 2001م بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية.
(10) مادة (2) من القانون رقم ( 1)لسنة 2001م بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية.