سنن الترمذي – أبواب النكاح
1 - باب ما جاء في فضل التزويج والحث عليه.
1086 - حدثنا سفيان بن وكيع. أخبرنا حفص بن غياث، عن الحجاج، عن مكحول، عن أبي الشمال، عن أبي أيوب قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أربع من سنن المرسلين: الحياء والتعطر والسواك والنكاح".
وفي الباب عن عثمان وثوبان وابن مسعود وعائشة وعبد الله بن عمرو وجابر وعكاف. حديث أبي أيوب حديث حسن غريب.
حدثنا محمود بن خداش. أخبرنا عباد بن العوام، عن الحجاج عن مكحول، عن أبي الشمال، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحو حديث حفص.
وروى هذا الحديث هشيم ومحمد بن يزيد الواسطي وأبو معاوية وغير واحد عن الحجاج، عن مكحول، عن أبي أيوب. ولم يذكروا فيه (عن أبي الشمال) .
وحديث حفص بن غياث وعباد بن العوام أصح.
1087 - حدثنا محمود بن غيلان. أخبرنا أبو أحمد. أخبرنا سفيان عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود قال:
- خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شباب لا نقدر على شيء. فقال: "يا معشر الشباب! عليكم بالباءة. فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فمن لم يستطع منكم الباءة فعليه بالصوم. فإن الصوم له وجاء".
هذا حديث حسن صحيح.
حدثنا الحسن بن علي الخلال. أخبرنا عبد الله بن نمير. أخبرنا الأعمش عن عمارة، نحوه. وقد روى غير واحد عن الأعمش بهذا الإسناد، مثل هذا. وروى أبو معاوية والمحاربي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه.
2 - باب ما جاء في النهي عن التبتل.
1088 - حدثنا الحسن بن علي الخلال وغير واحد قالوا: أخبرنا عبد الرزاق. أخبرنا معمر عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، أن سعد بن أبي وقاص قال: "رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل. ولو أذن له لاختصينا".
هذا حديث حسن صحيح.
1089 - حدثنا أبو هشام الرفاعي وزيد بن أخزم وإسحاق بن إبراهيم البصري، قالوا: أخبرنا معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة؛ " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل".
وزاد زيد بن أخزم في حديثه وقرأ قتادة: {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية}.
وفي الباب عن سعد وأنس بن مالك وعائشة وابن عباس.
حديث سمرة حديث حسن غريب. وروى الأشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن، عن سعد بن هشام، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. ويقال: كلا الحديثين صحيح.
3 - باب ما جاء فيمن ترضون دينه فزوجوه.
1090 - حدثنا قتيبة. أخبرنا عبد الحميد بن سليمان عن ابن عجلان، عن ابن وثيمة النصري، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه. إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض". وفي الباب عن أبي حاتم المزني وعائشة. حديث أبي هريرة، قد خولف عبد الحميد بن سليمان في هذا الحديث، فرواه الليث بن سعد عن ابن عجلان. عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلا. قال محمد: وحديث الليث أشبه. ولم يعد حديث عبد الحميد محفوظا.
1091 - حدثنا محمد بن عمرو. أخبرنا حاتم بن إسماعيل عن عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن محمد وسعيد ابني عبيد، عن أبي حاتم المزني قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد".
قالوا يا رسول الله! وإن كان فيه؟
قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه "ثلاث مرات". هذا حديث حسن غريب. وأبو حاتم المزني له صحبة. ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث.
4 - باب ما جاء في من تنكح على ثلاث خصال.
1092 - حدثنا أحمد بن محمد بن موسى. أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق. أخبرنا عبد الملك عن عطاء، عن جابر؛
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن المرأة تنكح على دينها ومالها وجمالها. فعليك بذات الدين. تربت يداك".
وفي الباب عن عوف بن مالك وعائشة وعبد الله بن عمرو وأبي سعيد. حديث جابر حديث حسن صحيح.
5 - باب ما جاء في النظر إلى المخطوبة.
1093 - حدثنا أحمد بن منيع. أخبرنا ابن أبي زائدة حدثني عاصم بن سليمان عن بكر بن عبد الله المزني، عن المغيرة بن شعبة؛ أنه خطب امرأة،
- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما".
وفي الباب عن محمد بن مسلمة وجابر وأنس وأبي حميد وأبي هريرة.
هذا حديث حسن. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث، وقالوا: لا بأس أن ينظر إليها ما لم ير منها محرما. وهو قول أحمد وإسحاق. ومعنى قوله (أحرى أن يؤدم بينكما) قال: أحرى أن تدوم المودة بينكما.
6 - باب ما جاء في إعلان النكاح.
1094 - حدثنا أحمد بن منيع. أخبرنا هشيم. أخبرنا أبو بلج عن محمد بن حاطب الجمحي. قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فصل ما بين الحرام والحلال الدف والصوت". وفي الباب عن عائشة وجابر والربيع بنت معوذ. حديث محمد بن حاطب حديث حسن.
وأبو بلج اسمه يحيى بن سليم، ويقال ابن سليم أيضا.
ومحمد بن حاطب قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام صغير.
1095 - حدثنا أحمد بن منيع. أخبرنا يزيد بن هارون. أخبرنا عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف". هذا حديث حسن غريب في هذا الباب. وعيسى ابن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث.
وعيسى بن ميمون الذي يروي عن ابن نجيح التفسير هو ثقة.
1096 - حدثنا حميد بن مسعدة البصري أخبرنا بشر بن المفضل. أخبرنا خالد بن ذكوان، عن الربيع بنت معوذ قالت:
- " جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل علي غداة بني بي. فجلس على فراشي كمجلسك مني، وجويريات لنا يضربن بدفوفهن ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر. إلى أن قالت إحداهن: (وفينا نبي يعلم ما في غد) فقال لها " أسكتي عن هذه، وقولي الذي كنت تقولين قبلها".
وهذا حديث حسن صحيح.
7 - باب ما جاء ما يقال للمتزوج.
1097 - حدثنا قتيبة أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ الإنسان، إذا تزوج قال: "بارك الله وبارك عليك. وجمع بينكما في الخير". وفي الباب عن عقيل بن أبي طالب.
حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
8 - باب ما جاء في ما يقول إذا دخل على أهله.
1098 - حدثنا ابن أبي عمر أخبرنا سفيان بن عيينة عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدكم، إذا أتى أهله، قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا؛ فإن قضى الله بينهما ولدا لم يضره الشيطان".
هذا حديث حسن صحيح.
9 - باب ما جاء في الأوقات التي يستحب فيها النكاح.
1099 - حدثنا بندار أخبرنا يحيى بن سعيد. حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أمية، عن عبد الله بن عروة، عن عروة، عن عائشة قالت: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وبني بي في شوال".
وكانت عائشة تستحب أن يبنى بنسائها في شوال.
هذا حديث حسن صحيح. لا نعرفه إلا من حديث الثوري عن إسماعيل.
10 - باب ما جاء في الوليمة.
1100 - حدثنا قتيبة أخبرنا حماد بن زيد عن ثابت، عن أنس بن مالك؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة. فقال: "ما هذا؟ " فقال: إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب. فقال "بارك الله لك. أولم ولو بشاة".
وفي الباب عن ابن مسعود وعائشة وجابر وزهير بن عثمان.
حديث أنس حديث حسن صحيح.
وقال أحمد بن حنبل: وزن نواة من ذهب: وزن ثلاثة دراهم وثلث. وقال إسحاق: هو وزن خمسة دراهم وثلث.
1101 - حدثنا ابن أبي عمر: أخبرنا سفيان بن عيينة عن وائل بن داود عن ابنه نوف، عن الزهري، عن أنس بن مالك: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفية بنت حيي بسويق وتمر".
هذا حديث حسن غريب.
1102 - حدثنا محمد بن يحيى. أخبرنا الحميدي، عن سفيان، نحو هذا. وقد روى غير واحد هذا الحديث عن ابن عيينة، عن الزهري عن أنس. ولم يذكروا فيه (عن وائل عن ابنه نوف) .
وكان سفيان بن عيينة يدلس في هذا الحديث. فربما لم يذكر فيه (عن وائل عن ابنه) وربما ذكره.
1103 - حدثنا محمد بن موسى البصري. أخبرنا زياد بن عبد الله أخبرنا عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن، عن ابن مسعود قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " طعام أول يوم حق. وطعام يوم الثاني سنة. وطعام يوم الثالث سمعة. ومن سمع سمع الله به".
حديث ابن مسعود لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث زياد بن عبد الله وزياد بن عبد الله كثير الغرائب والمناكير.
سمعت محمد بن إسماعيل يذكر عن محمد بن عقبة قال: قال وكيع: زياد بن عبد الله، مع شرفه، يكذب في الحديث.
11- باب ما جاء في إجابة الداعي.
1104 - حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف. أخبرنا بشر بن المفضل عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ائتوا الدعوة إذا دعيتم ".
وفي الباب عن علي وأبي هريرة والبراء وأنس وأبي أيوب. حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
12- باب ما جاء فيمن يجيئ إلى الوليمة بغير دعوة.
1105 - حدثنا هناد. أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن أبي مسعود قال: جاء رجل يقال له أبو شعيب إلى غلام له لحام، فقال: اصنع لي طعاما يكفي خمسة. فإني رأيت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع. فصنع طعاما، ثم أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه و جلساءه الذين معه. فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم اتبعهم رجل لم يكن معهم حين دعوا. فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الباب، قال لصاحب المنزل :
- "إنه اتبعنا رجل لم يكن معنا حين دعوتنا، فإن أذنت له دخل ". قال فقد أذنا له، فليدخل. هذا حديث حسن صحيح. وفي الباب عن ابن عمر.
13- باب ما جاء في تزويج الأبكار.
1106 - حدثنا قتيبة أخبرنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله قال: تزوجت امرأة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
- " أتزوجت يا جابر؟ " فقلت: نعم. فقال: "بكرا أم ثيبا " ؟ فقلت لا بل ثيبا. فقال هلا جارية تلاعبها وتلاعبك " ؟ فقلت يا رسول الله! إن عبد الله مات وترك سبع بنات أو تسعا. فجئت بمن يقوم عليهن. فدعا لي " وفي الباب عن أبي بن كعب وكعب بن عجرة. حديث جابر حديث حسن صحيح.
14- باب ما جاء لا نكاح إلا بولي.
1107 - حدثنا علي بن حجر. أخبرنا شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق. وحدثنا قتيبة. أخبرنا أبو عوانة عن أبي إسحاق. وحدثنا بندار. حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل، عن أبي إسحاق. وحدثنا عبد الله بن أبي زياد. أخبرنا زيد بن حباب عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي".
وفي الباب عن عائشة وابن عباس وأبي هريرة وعمران بن حصين وأنس.
1108 - حدثنا ابن أبي عمر. أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن سليمان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل. فنكاحها باطل. فنكاحها باطل. فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها. فإن اشتجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له".
هذا حديث حسن. وقد روى يحيى بن سعيد الأنصاري ويحيى بن أيوب وسفيان الثوري وغير واحد من الحفاظ عن ابن جريج، نحو هذا.
وحديث أبي موسى حديث فيه اختلاف. رواه إسرائيل وشريك بن عبد الله وأبو عوانة وزهير بن معاوية وقيس بن الربيع عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه أسباط بن محمد وزيد بن حباب عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى أبو عبيدة الحداد عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بردة عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. ولم يذكر فيه " عن أبي إسحاق".
وقد روي عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى شعبة والثوري عن أبي إسحاق، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي".
وقد ذكر بعض أصحاب سفيان عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى. ولا يصح.
ورواية هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لا نكاح إلا بولي" عندي أصح. لأن سماعهم من أبي إسحاق في أوقات مختلفة. وإن كان شعبة والثوري أحفظ وأثبت من جميع هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق هذا الحديث. فإن رواية هؤلاء عندي أشبه وأصح. لأن شعبة والثوري سمعا هذا الحديث من أبي إسحاق في مجلس واحد. ومما يدل على ذلك ما حدثنا محمود بن غيلان: أخبرنا أبو داود: أنبأنا شعبة قال: سمعت سفيان الثوري يسأل أبا إسحاق: أسمعت أبا بردة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا نكاح إلا بولي" ؟ فقال: نعم.
فدل هذا الحديث على أن سماع شعبة والثوري هذا الحديث في وقت واحد. وإسرائيل هو ثبت في أبي إسحاق.
سمعت محمد بن المثنى يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما فاتني الذي فاتني من حديث الثوري عن أبي إسحاق، إلا لما اتكلت به على إسرائيل، لأنه كان يأتي به أتم.
وحديث عائشة في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا نكاح إلا بولي" حديث حسن. ورواه ابن جريج عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه الحجاج بن أرطأة وجعفر بن ربيعة عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وقد تكلم بعض أهل الحديث في حديث الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن جريج: ثم لقيت الزهري فسألته فأنكره. فضعفوا هذا الحديث من أجل هذا. وذكر عن يحيى بن معين، أنه قال: لم يذكر هذا الحرف عن ابن جريج إلا إسماعيل بن إبراهيم. قال يحيى بن معين: وسماع إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج ليس بذاك. إنما صحح كتبه على كتب عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد وما سمع من ابن جريج.
وضعف يحيى رواية إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج.
والعمل في هذا الباب على حديث النبي صلى الله عليه وسلم "لا نكاح إلا بولي" عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد اللهبن عباس وأبو هريرة وغيرهم.
وهكذا روى عن بعض فقهاء التابعين؛ أنهم قالوا: لا نكاح إلا بولي. منهم سعيد بن المسيب والحسن البصري وشريح وإبراهيم النخعي و عمر بن عبد العزيز وغيرهم.
وبهذا يقول سفيان الثوري والأوزاعي ومالك وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق.
15 - باب ما جاء لا نكاح إلا ببينة.
1109 - حدثنا يوسف بن حماد المعني البصري أخبرنا عبد الأعلى عن سعيد، عن قتادة، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس؛
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة".
قال يوسف بن حماد: رفع عبد الأعلى هذا الحديث في التفسير. وأوقفه في كتاب الطلاق، ولم يرفعه.
1110 - حدثنا قتيبة. أخبرنا غندر. عن سعيد، نحوه ولم يرفعه. وهذا أصح.
هذا حديث غير محفوظ. لا نعلم أحدا رفعه إلا ما روى عن عبد الأعلى عن سعيد، عن قتادة مرفوعا.
وروى عن عبد الأعلى عن سعيد هذا الحديث موقوفا.
والصحيح ما روى عن ابن عباس قوله (لا نكاح إلا ببينة) .
وهكذا روى غير واحد عن سعيد بن أبي عروبة، نحو هذا، موقوفا.
وفي الباب عن عمران بن حصين وأنس وأبي هريرة.
والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم من التابعين وغيرهم. قالوا: لا نكاح إلا بشهود. لم يختلفوا في ذلك عندنا من مضى منهم، إلا قوما من المتأخرين من أهل العلم. وإنما اختلف أهل العلم في هذا إذا أشهد واحد بعد واحد، فقال أكثر أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم: لا يجوز النكاح حتى يشهد الشاهدان معا عند عقدة النكاح. وقد رأى بعض أهل المدينة إذا أشهد واحد بعد واحد، أنه جائز، إذا أعلنوا ذلك.
وهو قول مالك بن أنس. وهكذا قال إسحاق بن إبراهيم فيما حكى عن أهل المدينة. وقال بعض أهل العلم: شهادة رجل وامرأتين تجوز في النكاح. وهو قول أحمد وإسحاق.
16 - باب ما جاء في خطبة النكاح.
1111 - حدثنا قتيبة. أخبرنا عبثر بن القاسم عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة والتشهد في الحاجة.
- قال "التشهد في الصلاة: التحيات لله والصلوات والطيبات. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. والتشهد في الحاجة، إن الحمد لله نستعينه ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد أي الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله". قال ويقرأ ثلاث آيات.
قال عبثر: ففسرها سفيان الثوري: اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. { اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}. {اتقوا الله وقولوا قولا سديدا}. الآية. وفي الباب عن عدي بن حاتم.
حديث عبد الله حديث حسن رواه الأعمش عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه شعبة عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وكلا الحديثين صحيح. لأن إسرائيل جمعهما فقال: عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص وأبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد قال بعض أهل العلم: إن النكاح جائز بغير خطبة. وهو قول سفيان الثوري وغيره من أهل العلم.
1112 - حدثنا أبو هشام الرفاعي. أخبرنا ابن فضيل عن عاصم بن كليب، عن أبيه؛ عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء". هذا حديث حسن غريب.
17 - باب ما جاء في استئمار البكر والثيب.
1113 - حدثنا إسحاق بن منصور. أخبرنا محمد بن يوسف. أخبرنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنكح الثيب حتى تستأمر. ولا تنكح البكر حتى تستأذن. وإذنها الصموت) .
وفي الباب عن عمر وابن عباس وعائشة والعرس بن عميرة. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم، أن الثيب لا تزوج حتى تستأمر. وإن زوجها الأب من غير أن يستأمرها، فكرهت ذلك، فالنكاح مفسوخ عند عامة أهل العلم.
واختلف أهل العلم في تزويج الأبكار إذا زوجهن الآباء. فرأى أكثر أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم، أن الأب إذا زوج البكر وهي بالغة، بغير أمرها، فلم ترض بتزويج الأب، فالنكاح مفسوخ. وقال بعض أهل المدينة: تزويج الأب على البكر جائز. وإن كرهت ذلك. وهو قول مالك بن أنس والشافعي وأحمد وإسحاق.
1114 - حدثنا قتيبة أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير بن مطعم؛ عن ابن عباس؛
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الأيم أحق بنفسها من وليها. والبكر تستأذن في نفسها. وإذنها صماتها".
هذا حديث حسن صحيح. وقد روى شعبة وسفيان الثوري هذا الحديث عن مالك بن أنس.
احتج بعض الناس- في إجازة النكاح بغير ولي - بهذا الحديث؛ وليس في هذا الحديث ما احتجوا به. لأنه قد روي - من غير وجه - عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لا نكاح إلا بولي". وهكذا أفتى به ابن عباس بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "لا نكاح إلا بولي". وإنما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الأيم أحق بنفسها من وليها" - عند أكثر أهل العلم - : أن الولي لا يزوجها إلا برضاها و أمرها؛ فإن زوجها فالنكاح مفسوخ: على حديث خنساء بنت خدام، حيث زوجها أبوها وهي ثيب، فكرهت ذلك، فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحه.
18 - باب ما جاء في إكراه اليتيمة على التزويج.
1115 - حدثنا قتيبة أخبرناعبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اليتيمة تستأمر في نفسها، فإن صمتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها".
وفي الباب: عن أبي موسى، وابن عمر. قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن.
واختلف أهل العلم في تزويج اليتيمة، فرأى بعض أهل العلم: أن اليتيمة إذا زوجت فالنكاح موقوف حتى تبلغ، فإذا بلغت فلها الخيار في إجازة النكاح أو فسخه. وهو قول بعض التابعين وغيرهم. وقال بعضهم: لا يجوز نكاح اليتيمة حتى تبلغ، ولا يجوز الخيار في النكاح. وهو قول سفيان الثوري والشافعي وغيرهما من أهل العلم.
وقال أحمد وإسحاق: إذا بلغت اليتيمة تسع سنين فزوجت فرضيت، فالنكاح جائز، ولا خيار لها إذا أدركت. واحتجا بحديث عائشة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى بها وهي بنت تسع سنين" وقد قالت عائشة " إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة".
19 - باب ما جاء في الوليين يزوجان.
1116 - حدثنا قتيبة أخبرنا غندر أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب،
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما، ومن باع بيعا من رجلين فهو للأول منهما".
هذا حديث حسن. والعمل على هذا عند أهل العلم، لا نعلم بينهم في ذلك اختلافا: إذا زوج أحد الوليين قبل الآخر، فنكاح الأول جائز، ونكاح الآخر مفسوخ. وإذا زوجا جميعا فنكاحهما جميعا مفسوخ. وهو قول الثوري وأحمد وإسحاقض.
20 - باب ما جاء في نكاح العبد بغير إذن سيده.
1117 - حدثنا علي بن حجر أخبرنا الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد. عن عبد الله بن محمد ابن عقيل عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم:
- "أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر".
وفي الباب: عن ابن عمر. حديث جابر حديث حسن. وروى بعضهم هذا الحديث عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ولا يصح. والصحيح: عن عبد الله ابن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله.
والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: أن نكاح العبد بغير إذن سيده لا يجوز؛ وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما.
1119 - حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي أخبرنا أبي أخبرنا ابن جريج عن عبد الله بن محمد ابن عقيل عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- " أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهوعاهر".
هذا حديث حسن صحيح.
21 - باب ما جاء في مهور النساء.
1120 - حدثنا محمد بن بشار أخبرنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن جعفر، قالوا: أخبرنا شعبة عن عاصم بن عبد الله، قال: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه:
- أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ قالت: نعم. قال: فأجازه".
وفي الباب: عن عمر وأبي هريرة وسهل بن سعد وأبي سعيد وأنس وعائشة وجابر وأبي حدرد الأسلمي. حديث عامر بن ربيعة حديث حسن صحيح.
واختلف أهل العلم في المهر، فقال بعضهم: المهر على ما تراضوا عليه، وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق. وقال مالك بن أنس: لا يكون المهر أقل من ربع دينار. وقال بعض أهل الكوفة: لا يكون المهر أقل من عشرة دراهم.
1121 - حدثنا الحسن بن علي الخلال أخبرنا إسحاق بن عيسى وعبد الله بن نافع، قالا: أخبرنا مالك بن أنس عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي:
- " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت إني وهبت نفسي لك. فقامت طويلا، فقال رجل: يا رسول الله، زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة. فقال: هل عندك من شيء تصدقها؟ فقال: ما عندي إلا إزاري هذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إزارك إن أعطيتها جلست ولا إزار لك فالتمس شيئا. فقال: ما أجد. قال التمس ولو خاتما من حديد. (قال) : فالتمس فلم يجد شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم سورة كذا، وسورة كذا (بسور سماها) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: زوجتكها بما معك من القرآن".
هذا حديث حسن صحيح. وقد ذهب الشافعي إلى هذا الحديث، فقال إن لم يكن له شيء يصدقها، فتزوجها على سورة من القرآن - فالنكاح جائز، ويعلمها سورة من القرآن. وقال بعض أهل العلم: النكاح جائز، ويجعل لها صداق مثلها. وهو قول أهل الكوفة وأحمد وإسحاق.
1122 - حدثنا ابن أبي عمر أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي العجفاء قال: قال عمر بن الخطاب: " إلا لا تغالوا صدقة النساء. فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، لكان أولاكم بها نبي الله صلى الله عليه وسلم. ما علمت رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح شيئا من نسائه، ولا أنكح شيئا من بناته - على أكثر من ثنتي عشرة أوقية".
هذا حديث حسن صحيح. وأبو العجفاء السلمي، اسمه: هرم. و" الوقية" - عند أهل العلم - : أربعون درهما، و "ثنتا عشرة وقية" هو: أربعمائة وثمانون درهما.