منتديات فرسان المعرفة

أهلا وسهلا زائرنا الكريم ومرحبا بك في منتديات فرسان المعرفة منتديات التميز والابداع ونتمنى أن تكون زيارتك الأولى مفتاحا للعودة إليه مرة أخرى والانضمام إلى أسرة المنتدى وأن تستفيد إن كنت باحثا وتفيد غيرك إن كنت محترفا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات فرسان المعرفة

أهلا وسهلا زائرنا الكريم ومرحبا بك في منتديات فرسان المعرفة منتديات التميز والابداع ونتمنى أن تكون زيارتك الأولى مفتاحا للعودة إليه مرة أخرى والانضمام إلى أسرة المنتدى وأن تستفيد إن كنت باحثا وتفيد غيرك إن كنت محترفا

منتديات فرسان المعرفة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الشمول والتنوع والتميز والإبداع

قال تعالى ( يا أيها الذين أمنوا اذكروا الله كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا)أ
عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(من قال صبيحة يوم الجمعة قبل صلاة الغداة , أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفرالله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)
عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يدعو بهذا الدعاء "اللهم! اغفر لي خطيئتي وجهلي. وإسرافي في أمري. وما أنت أعلم به مني. اللهم! اغفر لي جدي وهزلي. وخطئي وعمدي. وكل ذلك عندي. اللهم! اغفر لي ما قدمت وما أخرت. وما أسررت وما أعلنت. وما أنت أعلم به مني. أنت المقدم وأنت المؤخر. وأنت على كل شيء قدير". رواه مسلم في صحيحه برقم (2719)
عن عقبة بن عامر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة)رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحة
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اللهم! أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري. وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي. وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي. واجعل الحياة زيادة لي في كل خير. واجعل الموت راحة لي من كل شر". رواه مسلم في صحيحه برقم (2720)
عن أبي الأحوص، عن عبدالله رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يقول "اللهم! إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى". رواه مسلم في صحيحه برقم(2721)
عن زيد بن أرقم رضى الله عنه. قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان يقول "اللهم! إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر. اللهم! آت نفسي تقواها. وزكها أنت خير من زكاها. أنت وليها ومولاها. اللهم! إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها". رواه مسلم في صحيحه برقم(2722)
عن عبدالله رضى الله عنه قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال "أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لا إله إلا الله وحده لا شريك له". قال: أراه قال فيهن "له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. رب! أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها. وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها. رب! أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر. رب! أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر". وإذا أصبح قال ذلك أيضا "أصبحنا وأصبح الملك لله". رواه مسلم في صحيحه برقم(2723)
عن عبدالرحمن بن يزيد، عن عبدالله رضى الله عنه . قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال "أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لا إله إلا الله وحده. لا شريك له. اللهم! إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها. وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها. اللهم! إني أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر. وفتنة الدنيا وعذاب القبر". رواه مسلم في صحيحه برقم(2723)
عن أبي موسى رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت) رواه البخاري.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله, ورجل قلبه معلق بالمساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه, ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه, ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه, ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله , ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) متفق عليه
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) روه الشيخان والترمذي.
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الطهور شطر الإيمان والحمدلله تملأ الميزان وسبحان الله والحمدلله تملأ أو تملآن ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه أو موبقها) رواه مسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من قال سبحان الله وبحمده في يومه مائة مرة حُطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر)رواه البخاري ومسلم.
عن أبي سعيد رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( استكثروا من الباقيات الصالحات ) قيل وما هن يارسول الله؟ قال ( التكبير والتهليل والتسبيح والحمدلله ولا حول ولاقوة إلابالله ) رواه النسائي والحاكم وقال صحيح الاسناد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحب الكلام إلى الله أربع- لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ). رواه مسلم

    شروط رئيس الدولة (الإمامة العظمى)

    alsaidilawyer
    alsaidilawyer
    مدير المنتدى
    مدير المنتدى


    الجنس : ذكر
    الابراج : الدلو
    عدد المساهمات : 4030
    نقاط : 81110
    السٌّمعَة : 2684
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    العمر : 53
    الموقع : الجمهورية اليمنية - محافظة إب

    شروط رئيس الدولة (الإمامة العظمى) Empty شروط رئيس الدولة (الإمامة العظمى)

    مُساهمة من طرف alsaidilawyer السبت 20 سبتمبر 2014 - 12:18

    شروط رئيس الدولة (الإمامة العظمى)


    من كتاب السياسة الشرعية
    مناهج جامعة المدينة العالمية
    مرحلة الماجستير


    الشروط التي يجب توافرها في رئيس الدولة، نقول:
    أجمع علماء الأمة الإسلامية على أن منصب الرئيس الأعلى للدولة لا يورث، وأنه لا بدّ من وجوب صفاتٍ معينة فيمن يُرشح لتولي هذا المنصب الخطير، سوى فرقة الإمامية؛ فإنهم شذّوا على إجماع الأمة، وذهبوا إلى التوارث فيه، وهو الرأي الذي سنتعرض إليه عند الكلام عن طرق انعقاد الرئاسة، وأما من عداهم من جماهير الأمة الإسلامية فلا يُجيزون أن تكون الوارثة طريقًا إلى تولى هذا المنصب.
    وثمّة أمر هامّ يجب أن نلاحظه، هو أن الشروط التي اشترطها العلماء فيمن يراد توليته رياسة الدولة الإسلامية، هي شروط يجب مراعاتها في الحال، التي تكون صفة الاختيار متوافرة للأمة فيها، فيجب عليها في هذه الحال ألا تولِّي أمورَها إلا من تحقّقت فيه هذه الشروط، وأما إذا انتفت حال الاختيار، وألجئت الأمة إلى حالٍ لا اختيار لها فيها، كتغلب البعض ممن لا يصلحون للإمامة العظمة بالانقلابات العسكرية، فالعلماء في هذا الحال يبيّنون أن التمسك بالشروط الواجب هنا قد يؤدي إلى فتنٍ يجب أن تصان الأمة عن الدخول في شرورها، وحينئذٍ يجوز شرعًا إقرار هذه الحال مؤقتًا إلى أن تحين فرصة التغير لمن هو مستوفٍ للشروط المطلوبة، وسنبيّن هذه الشروط ووجهة النظر في اشتراطها فيما يلي:
    أول شرط من الشروط التي يجب توافرها في الإمام هو
    شرط: الإسلام:
    يقول البعض: أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافرٍ، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر -أي بعد تولى الخلافة- انعزل، وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- يقول: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} (النساء: من الآية: 141) وهل هناك من سبيل أعظم من ولاية الإمام الأعظم؟ وأيضا لأن الله -سبحانه وتعالى- أمر بقتال غير المسلمين حتى يسلموا أو يعطوا الجزية، فكيف يمكن لغير المسلم أن يتزعّم، ويقود الحرب التي يشنّها المسلمون على غير المسلمين؛ وعلى هذا فلا يجوز أن تعقد رياسة الدولة لكافرٍ أصليٍّ أو مرتدٍّ؛ لان معنى إقامة دولة إسلامية هو أن تلتزم بالقانون الإسلامي، تطبقه، وتعيش حياتها على وفق تعاليمه، وهذا القانون الإسلامي لا يُتَصوّر تطبيقه إلا من أناسٍ يدينون بالولاء والخضوع التام لهذا القانون، إن أيّ نظام -مهما كان نوعه- لا يمكن أن يقبل أن يسند المركز الأول فيه -أو أي مركز هام- إلّا إلى شخص يؤمن تمام الإيمان بهذا النظام ويسعى جاهدًا لنصرته.


    ***********
    الشرط الثاني من الشروط التي يجب توافرها في الإمام أو رئيس الدولة، هو شرط أجمعت الأمة أيضًا عليه:
    وهو البلوغ
    إلا الإمامية فإنهم شذُّوا عن هذا الإجماع، وجوّزوا أن يكون الإمام طفلًا، لكن هذا القول من الإمامية إنما هو قولٌ لا يعتدّ به، ويبقى الإجماع قائمًا على أنه لا يجوز تولية رياسة الدولة لغير البالغ.
    وهنا قد يرد سؤال هو: ما الحكم إذا فرض الصبي في حال ضرورةٍ فعلًا؟ يعني: إذا كان الفقهاء قد اتفقوا على أنه لا يجوز أن يتولّى رياسة الدولة أو الإمامة العظمى طفلٌ غيرُ بالغٍ، فلو فرض أن هذا الطفل قد فرض عليهم ليكون إمامًا أعظم أو ليكون خليفةً ... فما العمل في هذه الحالة؟ ما الحكم إذا فُرِض هذا الصبي في حال ضرورة؟ أي بأن لم يكن هناك رضًا من الشعب، ولكنه فرض عليهم قسرًا وقهرًا، كأن ألزم الشعب به حاشية أبيه الذين يملكون السلطة ووسائل قهر الأمة؟
    والجواب: أن هذه فعلًا هي حال ضرورة، وعندئذٍ يجب على أهل الحل والعقد في الأمة إعلان أن هذا أمر غير شرعي، ويجب على الأمة أن تؤيّدهم في هذا، والمطالبة بتولي مستوفي الشروط، فإذا استمرّ فرضُ هذا الصغير على الأمّة فعندئذٍ لا يُتصوّر تعطيلُ مصالح الأمة، فيجب نصب والٍ -كما يقول الحنفية- لهذا الصغير، ولكن يجب أن يكون مستوفيًا شروط الإمامة، فإن تمادى الذين لهم مقدرة فرض هذا الصغير ونصّبوا واليًا غير مستوفٍ للشروط، فيكون هذا أيضًا حال ضرورة تخضع لها الأمة مؤقتًا؛ حتى لا تتعطّل المصالح الدينية والدنيوية لأفراد الشعب، ولكن ليس للأمة أن ترضى بهذا الوضع باعتباره وضعًا يجب أن يستمر، بل على الأمة -وبخاصة أهل الحل والعقد- انتهاز كل فرصة يمكن أن تساعد على تغير هذا الوضع، وتوليه مستوفي الشروط، إذا لم تكن فتنة من محاولة التغيير هذه، أما أن ترضى الرعية وتتّفق على تولية ابنٍ صغيرٍ للإمام مكان والده بدون قسر ولا إكراه من السلطة، فهي ليست حال ضرورة، وهذا هو الخطأ الذي لا مبرِّر له.


    ***********************
    ثم ننتقل الآن إلى الشرط الثالث من شروط الإمام:
    وهو العقل:
    وهذا شرط بدهيٌّ، فلا تنعقد رياسة ذاهب العقل بجنون أن بغيره كالخبل؛ إذ أن ذاهب العقل يحتاج هو نفسه إلى وليٍّ ليصرف له أموره، فكيف توكل إليه أمور غيره؟! وإذا كان الصبي محروم من تولي هذا المنصب لهذا السبب فذاهب العقل من باب أولى.
    وقد قسّم الإمام الماوردي في كتابه (الأحكام السلطانية) إلى سببين:
    الأول: ما يُرجى زواله كالإغماء.
    والثاني: ما لا يرجه زواله كالجنون.
    فأما الأول -وهو ما يرجى زواله كالإغماء-: فهذا لا يمنع انعقاد الإمامة، وكذلك لا يمنع من استدامتها؛ لأنه مرض قليل اللّبث سريع الزوال.
    وأما الثاني وهو اللازم -يعني الجنون اللازم الذي لا يرجى زواله كالجنون والخبل-: فهو على قسمين:
    أحدهما: أن يكون مطبقًا لا تتخلله إفاقة، فهذا يمنع انعقاد الإمامة، وإذا طرأ على الإمام بعد توليه منصبه يعني إذا طرأ هذا الشيء أو هذا الجنون عليه بعد توليه منصبه، استحق العزل إذا تحققنا من وجوب هذا المرض وقطعنا به فيه.
    والقسم الثاني من اللازم -يعني المرض اللازم الملازم للإنسان- الذي يرجى زواله، هو ألا يكون ذلك المرض ملازمًا له في كل أوقاته، بل تتخلّله أوقات إفاقة يعود بها إلى حال سلامته، وحينئذٍ ينظر؛ فإن كان زمن المرض أكثر من زمان الإفاقة، فهذا كالمرض الدائم يمنع انعقاد الإمامة، وإذا طرأ على الإمام بعد انعقاد الإمامة له سليمًا استحق العزل به، وإن كان العكس وهو الذي يحدث، بمعنى أن يكون زمان الإفاقة أكثر من زمان المرض، فقد اتفق العلماء على انعقاد الإمامة معه، واختلفوا فيما إذا طرأ على الإمام هذا المرض بعد توليه منصبه: هل يمنع استدامتها أو لا يمنع؟
    رأيان في المسألة:
    الأول يقول: بأنه يمنع من استدامتها -أي استدامة الإمامة- كما يمنع من ابتدائها؛ لأن من واجب الإمام النظر في مصالح الأمة، وهذا المرض مع تكرّره يخل بهذا الواجب.
    الرأي الثاني: يرى أنه لا يمنع من استدامة الإمامة، وإن كان يمنع انعقادها في الابتداء؛ لأن المطلوب وقت عقد الإمامة هو السلامة الكاملة، وعند الخروج منها هو النقص الكامل.
    ونرى أن الرأي الأول هو الأولى بالاعتبار؛ إذ أنه يجوز أن تجيء نوبة المرض في وقت تحتاج الأمة فيه إلى رأي الإمام، وبَتِّه في مسائل هامة، كأمور الحرب مثلًا، ولا يتصور أن تتعطل أمثال هذه الأمور حتى يفيق الإمام،
    وقد بيّن الإمام الماوردي في كتابه (الأحكام السلطانية) عند الكلام على الشروط التي يجب توافرها فيمن يتولّى القضاء -ومنها العقل-: أنه لا بد من توافر الفطنة فيه، ولا يُكتفى فيه بالعقل الذي يتعلّق به التكليف من علمه بالمدركات الضرورية؛ حتى يكون صحيح التميز، جيد الفطنة، بعيدًا عن السهو والغفلة، يتوصّل بذكائه إلى إيضاح ما أشكل، وفصل ما أعضل، وإذا كان هذا هو الشرط في الاعتداد بصفة العقل في القاضي فالإمام الأعظم من باب أولى. فالإمام الماوردي يبيّن لنا أنه لا يكتفى بمجرد العقل الذي يميّز به صاحبه بين الأشياء والنافع والضار، بل لا بدّ أن يكون جيد الفطنة، يعني عقل من نوع خاص، له فطنة، وله ذكاء. إذا كان الأمام الماوردي يشترط ذلك في القاضي؛ فينبغي اشتراطه في الإمام الأعظم من باب أولى.
    *********
    والشرط الرابع من شروط الإمام:
    الحرية:
    فلا تنعقد إمامة العبد، سواء أكان قنًّا -يعني لا شيبة فيه من الحرية- أو مُبَعّضًا -يعني بعضه حر وبعضه عبد- أو معلّقًا عتقه بصفة؛ لأن المفروض في العبد شرعًا أن يكون كل وقته وجهده في خدمة سيده، وهو مكلّف بإطاعة الأوامر الصادرة له من هذا السيد ما دامت في طاقته، وإذا كانت أموره تسير بأوامر غيره: فكيف يمكن أن توكّل إليه أمور الأمة؟ يقول البعض: لئلّا يشغله خدمة السيد عن وظائف الإمامة، ولئلّا يحتقر فيعصى، فإنّ الأحرار يستحقرون العبيد ويستنكفون عن طاعتهم. ويقول البعض مبررًا لماذا اشترطت الحرية في الإمامة العظمى، يبين ذلك بقوله: أن العبد لا ولاية له على نفسه، فيكيف تكون له الولاية على غيره؟ والولاية المتعدية فرع للولاية القائمة؟ هذا هو الشرط اشترطه -كما قلنا- جمهور العلماء.
    **********
    الشرط الخامس من الشروط التي يجب توافرها في الإمام الأعظم أو رئيس الدولة:
    الذكورة:
    وقد اشترطها العلماء بالإجماع فيمن يرشّح لتولي منصب رياسة الدولة. يقول البعض: فلا تنعقد الإمامة لامرأة، وإن اتصفت بجميع خلال الكمال وصفات الاستقلال، وكيف تترشّح امرأة لمنصب الإمامة وليس لها منصب القضاء، ولا منصب الشهادة في أكثر الحكومات. وقد احتج العلماء على ذلك بما رواه البخاري من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- أنه قال: نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيام الجمل، بعدما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم، قال: لمّا بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أهل فارس ملّكوا بنت كسرى عليهم -أي جعلوها ملكةً- قال -صلى الله عليه وسلم-: ((لن يفلح قوم ولّوْا أمرهم امرأة)) هذا حديث صحيح والمعنى في ذلك أو معنى الحديث أن الإمام لا يستغني على الاختلاط بالرجال والمشاورة معه في الأمور، يعني المعنى الذي من أجله أنه لا يجوز للمرأة أن تكون رئيسةً للدولة، المعنى في ذلك أن الإمام لا يستغني عن الاختلاط بالرجال والمشاورة في الأمور، والمرأة ممنوعة من ذلك؛ ولأن المرأة ناقصة في أمر نفسها، حتى لا تملك النكاح، فلا تُجعل إليها الولاية على غيرها.
    ويقول البعض مبررًا لماذا لا تصلح النساء للإمامة العظمى أو لرئاسة الدولة، يبرر ذلك بقوله: بأن النساء أمرن بالقرار في البيوت، فكان مبنى حالهن على الستر، وإليه أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: ((كيف يفلح قوم تملِكهم امرأة)) واشتراط الذكورة لبيان أن إمامة المرأة لا تصح؛ إذ النساء ناقصات عقل ودين، كما ثبت به الحديث الصحيح، ممنوعاتٌ إلى الخروج إلى مشاهد الحكم ومعارك الحرب. ومع أن العلماء قد اختلفوا في جواز تولي المرأة القضاء، فبعضهم منعها بإطلاق، وبعضهم أباح لها القضاء في الأمور التي تشهد فيها، وبعضهم أباح لها القضاء بإطلاق، نقول: مع أن العلماء قد اختلفوا في هذا -وهو موضوع تولية المرأة القضاء- إلا أنّهم قد أجمعوا على عدم جواز توليتها منصب رياسة الدولة، وليس هذا تعصبًا من أئمة الفقه الإسلامي؛ بل لأن طبيعة المرأة وتكوينها الجسماني يتنافى مع قيامها بأعباء هذا المنصب الخطير؛ لأنه قد يُطلب من الرئيس أن يتولّى قيادةَ الجيوش بنفسه، والاشتراك في الحرب، وتحمل أهوالها ... وغير ذلك من الأعمال التي تتطلب قدرةً خاصّةً، وكفاءةً جسمانيّةً معيّنةً، وهو ما لا يتّفق مع طبيعة المرأة. والملاحظ أن هذا الرأي هو المتفق -يعني الرأي القائل بأنه لا يجوز أنه لا يجوز تولى المرأة رياسة الدولة- متفق مع طبيعة المرأة الجسمي، والنفسي، والعقلي، ولا أدلّ على ذلك من استقراء حال الناس في كافّة الأعصر قديمها وحديثها. وملاحظة أن النابغين في تولي القيادة العامّة في كافة الشعوب، كانت الغالبية العظمى منهم من الرجال، ولم يظهر نبوغ النساء في قيادة الشعوب إلا في ظروف نادرة، ولأسباب لا تتكرّر كثيرًا، ولا يصحّ إرجاع ذلك إلى أن الرّجل كان متفوِّقًا على المرأة في هذا الميدان باستعمال قوته التي يفوق المرأة فيها؛ مما أتاح له الفرص التي حُرمت المرأة منها، أو لأنه منعها من التعليم سنوات طويلة مما جعلها تقنع بدور التابع للرجل، لا يصح أن يقال هذا؛ لأن استعمال الرجل قوته في إبراز جانب التفوق، إن كان طريقًا عاديًّا متبعًا في العصور الماضية، فقد انعدم هذا الطريق -أو كاد أن ينعدم- في العصر الحديث، ومع ذلك فالقيادات ما زالت في أيدي الرجال إلا ما ندر، في الوقت الذي أتيحت للمرأة فرصة التعلم المتاحة للرجل. وكذلك لا يصحّ إرجاع قيادات أكثر للرجل إلى الكثرة العددية في لرجال دون النساء؛ إذ أنه في بعض البلاد التي تدل في إحصاءات على الكثرة العددية في اجانب النساء، كما حدث في ألمانيا بعد الحرب العالمية، فإن عدد الرجال كان قليلًا بالنسبة إلى عدد النساء؛ لأن الحرب أفنت من الرجال أكثر، ومع ذلك، ومع كون الفرصة متاحة للمرأة لإثبات تفوقها على الرجل، فالنبوغ القياديّ والفكريّ والعلميّ في جميع المجالات كان متحققًا في جانب الرجل أكثر منه في جانب المرأة، مع أن المرأة في ألمانيا بعد الحرب لم يقم أيّ مانع في سبيل تفتحها على جميع آفاق المعرفة، والتعليل الوحيد لتفوّق الرجل على المرأة في مجالات القيادة، والسياسة، والعلوم، والفنون، والآداب، إنما هو تكوين طبيعة كلٍّ من الرجل والمرأة، وليس عيبًا أن يطالب الإنسان بالأمور المتفقة مع طبيعته واستعداده، وإنما العيب أن يطالب بما يتعارض مع ذلك.
    *********
    alsaidilawyer
    alsaidilawyer
    مدير المنتدى
    مدير المنتدى


    الجنس : ذكر
    الابراج : الدلو
    عدد المساهمات : 4030
    نقاط : 81110
    السٌّمعَة : 2684
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    العمر : 53
    الموقع : الجمهورية اليمنية - محافظة إب

    شروط رئيس الدولة (الإمامة العظمى) Empty رد: شروط رئيس الدولة (الإمامة العظمى)

    مُساهمة من طرف alsaidilawyer السبت 20 سبتمبر 2014 - 12:51

    الشرط السادس من الشروط الواجب توافرها في الإمام الأعظم:
    هو الاجتهاد:
    نقول: جمهور العلماء على أن هذا الشرط لا بدّ توافره فيمن يرشّح للإمامة العظمى، الجمهور على أن أهل الإمامة ومستحقها من هو مجتهد في الأصول والفروع؛ ليقوم بأمور الدين، متمكنًا من إقامة الحجج وحل الشبه في العقائد الدينية، مستقلًّا بالفتوى في النوازل وأحكام الوقائع نصًّا واستنباطًا؛ لأن أهم مقاصد الإمامة حفظ العقائد، وفصل الحكومات، ورفع المخاصمات، ولن يتمّ ذلك بدون هذا الشرط، وهو الاجتهاد.
    وقد ذهب الحنفية إلى عدم اشتراط الاجتهاد في الإمام، فنراهم عندما يبيّنون شروط الإمامة العظمى لا يعدّون منها شرط الاجتهاد، وهذا هو الرأي الذي يمثّل المذهب الحنفي، وإن كان بعض علماء الأحناف -مثل الكمال بن الهمام، وهو من أئمة الحنفية- عدّ العلم، يعني جعل العلم شرطًا من الشروط الواجبة في الإمامة العظمى، لكنه لم يُرِدْ به علم المجتهد كما هو المراد به عند أكثر العلماء، عندما يعبرون عن شرط الاجتهاد بالعلم، فإن جمهور العلماء إذا ذكروا العلم من بين الشروط الواجب توافرها في الإمامة، يبيّنون أن مرادهم بذلك هو علم المجتهد، فسواء عبروا بالمجتهد أو عبّروا بالعلم سيان عندهم، فكلمة العلم تساوي المجتهد، وهذا بخلاف الأحناف الذين يجعلون العلم شيئًا والاجتهاد شيئًا آخر؛ ولذلك قلنا: الرأي المعمول به عندهم أنهم لا يشترطون في الإمام الأعظم أو رئيس الدولة أن يكون مجتهدًا. نقول فالعلماء الذين يعدون الاجتهاد شرطًا من شروط الإمامة، تارةً يعبّرون عن هذا الشرط بالاجتهاد، وتارةً يذكرون العلم ويريدون به علم المجتهد -كما بينا- وأما الكمال بن الهمام -وهو من أئمة الفقه الحنفي- فلم يرد به علم المجتهد، بل أراد به علم المقنت في الأصول والفروع، وهذا فرقٌ بين العلم والاجتهاد عندهم.
    ثم أن جمهور العلماء باشتراطهم الاجتهاد في الإمام، فإنما يعنون بذلك أن يتحقّق فيه الأمور الآتية بعد توافر شرط الإسلام، يعني لا بد من توافر الأمور الآتية حتى نقول على الإمام أنه مجتهد:
    أَوّلًا: أن يكون عارفًا باللغة العربية المقدار الذي يستطيع بواسطته فَهم آيات الأحكام وأحاديثها؛ وذلك لأن القرآن والسنة -وهما المصدران الأولان للأحكام الشرعية- عربيان -أي باللغة العربية- ولا يستطيع المجتهدُ أن يفهم الأدلّة إلّا إذا كان على علمٍ باللّغة العربية.
    ثانيًا: أن يكون على علم بآيات الأحكام، فيعرف معناها، وما يتعلق بها من عموم وخصوص، وإجمال وتفصيل، وإطلاق وتقييد، وحقيقة ومجاز، وناسخ ومنسوخ ... إلى غير ذلك، لا بدّ وأن يكونَ على علم بهذه الآيات.
    وقد بيّن العلماء أن ليس المراد من علمه بآيات الأحكام أن يكون حافظًا لها عن ظهر قلب، وإنما مرادهم بذلك أن يكون على معرفة بكيفية الرجوع إليها عندما يريد أن يستنبط حكمًا من الأحكام.
    ثالثًا: أن يكون على علمٍ بأحاديث الأحكام، فيعرف سندها من: تواترٍ، وآحاد، ومشهور، وأن يكون على معرفة بحال راوي الحديث من الجرح والتعديل؛ حتى يمكنه من معرفة الأحاديث الصحيحة من غيرها، ولما كانت المدة الزمنية الفاصلة بيننا الآن وبين هؤلاء الرواة طويلة، فقد اكتفى العلماء بتعديل الأئمة الكبار الذين توافرت فيهم الثقة بالنسبة لعلم الحديث، كالبخاري ومسلم ... وغيرهما من علماء الحديث، يعني أنه يكفي هذا المجتهد أن يرجع إلى هذه الكتب، فإذا ذهب إلى صحيح البخاري وقال له: الراوي فلان عدل، فيكتفي بذلك، وليس مطلوبًا منه أن يبحث في تاريخ هذا الراوي، فينبغي علينا أن نقتصر؛ حتى لا تكون هناك مشقة، يعنى لو اقتصرنا على هذه الكتب الصحاح في تعديلها للرواة فهذا كافٍ ولا شيء في ذلك. وأيضًا ويجب كذلك أن يكون المجتهد على معرفةٍ بمتن أحاديث الأحكام، من النواحي التي سبقت، من عموم وخصوص، وإجمال وتفصيل ... وغير ذلك.
    رابعًا: نظرًا إلى أن استنباط الأحكام محتاج إلى معرفة القواعد الأصولية التي يمكن بواسطتها استنباط هذه الأحكام؛ فإنه يجب أن يكون عالمًا بقواعد أصول الفقه.
    خامسًا: يجب أن يكون عالمًا بالمسائل التي أجمع الفقهاء عليها؛ كي لا يخالف باجتهاده ما أجمع عليه العلماء في إحدى المسائل، فيؤدي ذلك إلى ارتكابه فعلًا محرمًا؛ لأن مخالفة إجماعه العلماء أمرٌ محرمٌ شرعًا.
    ويجب أن نعلم أنه إذا ما توافرت صفة في الإمام، ثم أُصيب بعد تولّيه منصبه بمرضٍ أفقده هذه الصفة، فإنه في هذه الحال مستحقٌّ للعزل عند من يرون اشتراط صفة العلم في الإمام.
    استدلال الجمهور ومخالفيهم على ما ذهبوا إليه: قلنا أن جمهور الفقهاء يشترطون في الإمام أن يكون مجتهدًا، وعلمنا الأمور التي يكون بها مجتهدًا، وهو معرفته باللغة العربية، وبآيات الأحكام، وبأحاديث الأحكام، وبعلم أصول الفقه، إلى غير ذلك من الأمور التي ذكرناها، لكن ما هي الأدلة التي استدلّ بها جمهور الفقهاء على أنه يجب أن يكون الإمام مجتهدًا؟ أو ما هي أدلّتهم على شرط الاجتهاد في الإمام؟
    نقول: يعتمد جمهور العلماء فيما يذهبون إليه في وجوب تحقق الاجتهاد في الإمام الأعظم، على ناحيتين: الأولى: القياس، والثانية: طبيعة العمل الموكول إلى الإمام الأعظم، وما يستلزمه من أوصافٍ خاصّة حتى يؤدى على الوجه الذي أوجبه الشارع. أما فيما يختصّ بالناحية الأولى -وهو القياس- فقد قاسوا منصب الإمامة العظمى على منصب القضاء، فإذا كان القاضي يشترط فيه أن يكون مجتهدًا فكذلك الإمام من باب أولى، ليقول البعض بعد أن عدّ الاجتهاد شرطًا من الشروط الواجبة في الإمام: لأن القاضي الذي يكون من قبله يفتقر إلى ذلك فالإمام أولى. يعني كأنّ جمهور الفقهاء يقيسون الإمام على القاضي، فإذا كان يشترط في القاضي أن يكون مجتهدًا فمن باب أولى يشترط في الإمام الأعظم أن يكون مجتهدًا، لأن الإمام الأعظم هو الذي يولي القاضي، ويُشترط في القاضي أن يكون مجتهدًا، فمن باب أولى يجب في الإمام الأعظم أن يكون مجتهدًا.
    وأما يما يختص بالناحية الثانية، فقد قال البعض: لأنه محتاج بأن يصرف الأمور على النهج القويم، ويجريها على الصراط المستقيم، ولأن يعلم الحدود، ويستوفي الحقوق، ويفصل الخصومات بين الناس، وإذا لم يكن عالمًا مجتهدًا لم يقدر على ذلك.
    ويقول البعض: إنما اشترط الاجتهاد في الإمام؛ ليتمكّن بذلك من إقامة الحجج وحل الشبه في العقائد الدينية، ويستقل بالفتوى في النوازل وأحكام الوقائع نصًّا واستنباطًا؛ لأن أهم مقاصد الإمامة حفظ العقائد، وفصل الحكومات، ورفع الخصومات.
    وأما الذين ذهبوا إلى عدم وجوب هذا الشرط -وهم الأحناف كما قلنا- فقد بَنَوا رأيهم على أن اجتماع هذا الشرط مع غيره من الشروط المطلوبة في واحد أمر نادر، ويمكنه أن يفوض غيره من المجتهدين في الحكم في الأمور التي تستدعي الاجتهاد، أو يحكم بعد أن يستفتي العلماء. فهؤلاء هم الأحناف الذين لا يشترطون في الإمام أن يكون مجتهدًا، إنما يقولون: يُكتفى منه بأن يَسأل أهل العلم أو أهل الاجتهاد في أي مسألة من المسائل التي تُعرض عليه، ويبنى حكمه بناءً على ذلك؛ لأنه ربّما لا يتحقّق هذا الشرط مع الشروط الأخرى، ويكون اشتراطه من الأمور المعجزة؛ ولذلك يكتفون بالقول بأنه يرجع إلى غيره من المختصين؛ وبذلك لا يشترطون في الإمام الأعظم أن يكون مجتهدًا.
    ********


    الشرط السابع من شروط الإمام الأعظم أو ورئيس الدولة: هو أن يكون عدلًا...
    والعدالة ملكة في النفس تمنع صاحبها من ارتكاب الكبيرة, والإصرار على الصغيرة, وقد اختلف تعبير العلماء عن هذا الشرط, فالأكثرون يعبرون عنه بالعدالة, والبعض يعبر عنه بالصلاح في الدين, وبعضهم يعبر عنه بالورع, وقد اشترط الماوردي عدة شروط حتى تتحقق العدالة المطلوبة فقال في (ولاية القضاء):
    والعدالة أن يكون صادق اللهجة, ظاهر الأمانة, عفيفًا عن المحارم, متوقيًا المآثم, بعيدًا من الريب, مأمونًا في الرضا والغضب, مستعملًا لمروءة مثله في دينه ودنياه.
    واعتبار العدالة في الإمام قال به الجمهور من علماء الأمة؛ إذ إن هذا الشرط مطلوب في الشاهد, والقاضي, أي أنه يشترط في الشاهد حتى تقبل شهادته أن يكون عدلًا, ويشترط في القاضي حتى ينفذ حكمه أن يكون عدلًا, فإذا كان ذلك مطلوبًا في الشاهد, والقاضي, فينبغي أن يكون مطلوبًا من باب أولى في من يتولى الإمامة العظمى؛ لأن الإمامة العظمى أعلى منزلة من الشهادة, والقضاء, والفسق هو نقيض العدالة, وإذا كان هذا مانعًا من تقليد القضاء, والشهادة, أي الفسق, فبأن يكون مانعًا من تولي الإمامة العظمى من باب أولى, وإذا كان مطلوبًا من الإمام أن ينظر في مصالح المسلمين, فكيف يتم ذلك وهو بفسقه لم ينظر في أمور نفسه.
    يقول البعض: والفاسق لا يصلح لأمر الدين, ولا يوثق بأوامره ونواهيه, والظالم يختل به أمر الدين والدنيا, وكيف يصلح للولاية, وما الوالي إلا لدفع شره.
    ولم يخالف أحد الجمهور في القول باشتراط العدالة في الإمام إلا الحنفية, فإنهم لم يعدوها شرطًا من الشروط الواجبة, وأجازوا أن يلي الفاسق أمر الأمة, ولكنهم يكرهون ذلك, وهم يستندون فيما ذهبوا إليه, وهو أن العدالة ليست بشرط في الإمام الأعظم, يستندون في ذلك إلى أنه قد ثبت أن الصحابة صلوا خلف أئمة الجور من بني أمية, ورضوا بتقلدهم رياسة الدولة.
    والرد على ذلك أن هؤلاء كانوا ملوكًا تغلبوا على الأمة, فتولوا هذا المنصب بالقهر, لا بالرضى والاختيار, وحال التغلب حال ضرورة, فلا يصح الاستدلال بها, ولو قلنا بعدم صحة ولاية المتغلب الذي ليس بعدل لتعطلت مصالح الأمة الدينية والدنيوية, من الفصل في الخصومات, وجهاد الكفار, وغير ذلك.
    يقول البعض: وليس من شرط صحة الصلاة خلف الإمام عدالته, فقد روى أبو داود من حديث أبي هريرة: ((الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برًّا كان أو فاجرًا, والصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم برًّا كان أو فاجرًا, وإن عمل الكبائر)) والحكمة في أن العدالة لا تشترط في إمامة الصلاة, وتشترط في الإمامة العظمى, أن الصلاة لا تتعلق بحقوق الغير, بخلاف الإمامة, فإنها تتعلق بحقوق الغير.
    يقول البعض: ومن حق الإمام أن يقوم بالحقوق كالحدود, والأحكام, والإنصاف, والانتصاف, وأخذ الأموال من وجوهها, وصرفها في حقها, والفاسق لا يؤتمن على ذلك, فقياس الإمامة العظمى على إمامة الصلاة إنما هو قياس مع الفارق ,ولذلك سقط ما استدل به الأحناف على أنه لا تشترط العدالة في الإمام الأعظم أو رئيس الدولة.
    وقد قسم الإمام الماوردي في كتاب (الأحكام السلطانية) الفسق الذي تزول به العدالة إلى قسمين: الأول: ما تابع فيه شهوته, الثاني: ما تعلق فيه بشبهة.
    فأما الأول: وهو ما تابع فيه شهوته, فيحصل باجترائه على ما نهى الله عنه, واتباعه هواه, فيرتكب المحظورات غير مبال بوعيد الله -سبحانه- فهذا فسق يمنع -في نظر الماوردي- انعقاد الإمامة له, وإذا طرأ بعد عقدها له فقد خرج -عند الماوردي عن الإمامة.
    وأما الثاني من قسمي الفسق: فهو ما يتعلق بالاعتقاد المخالف للحق, بعروض شبهة, وقد اختلف العلماء في ذلك, فذهب البعض إلى أنه يمنع انعقاد الإمامة, وإذا طرأ على من عُقدت له استحق العزل به, وعللوا ذلك بأنه لما استوي حكم الكفر بتأويل وغير تأويل, وجب أن يستوي حال الفسق بتأويل وغير تأويل, وذكر الإمام الماوردي أن كثيرًا من علماء البصرة ذهبوا إلى أنه لا يمنع من انعقاد الإمامة, ولو طرأ عليه بعد توليه الإمامة لا يخرج به منها, كما لا يمنع ذلك من تولي القضاء, وقبول الشهادة.
    ثم إن الفسق الذي تذهب به العدالة تارة يكون ظاهرًا, بمعنى أن يعرفه الناس بالانتشار بينهم, أو بشهادة العدول عليه, وتارة يكون الشخص في الظاهر عدلًا, وفي الباطن فاسقًا, على عكس ما يعتقده الناس, فإذا كان يبطن الفسق, واختاره أهل الحل والعقد للإمامة, فهل يحل له قبول هذا المنصب, أم أن الواجب عليه أن يمتنع عن قبوله؟
    قال بعض العلماء: إن الواجب عليه أن يتوب مما يعمله, ومما يعلمه من نفسه, ويقبل هذا المنصب بشرط أن يكون واثقًا من صلاحه واستقامته, وعدم عودته إلى ما يجرح عدالته, فإن لم يكن واثقًا من ذلك لزمه إظهار حاله على الجملة, ووجب على أهل الحل والعقد أن يقبلوا ذلك منه, ويرشحوا غيره للإمامة.
    ولكن ما الحكم لو تعذر وجود العدالة؟
    تعذر العدالة في الإمام يتحقق بأحد أمرين: إما باستيلاء من هو فاقد العدالة على هذا المنصب بالقوة, فلم يكن لأهل الحل والعقد اختيار في استيلائه على الإمامة, وإما بتعذر وجود العدالة فيما يستعرضه أهل الحل والعقد أمامهم من الذين تتوافر فيهم الشروط الأخرى, ويمكن صلوحهم لتولى هذا المنصب غير أن العدالة غير متحققة فيهم, وكلا الأمرين متحقق فيه معنى الضرورة نقصد الأمر الأول, وهو أن يستولى على الإمامة من ليس بعدل, والأمر الثاني وهو أن أهل الحل والعقد لا يجدون شرط العدالة متوفرًا فيمن يصلحون للإمامة, نقول: وكلا الأمرين متحقق فيه معنى الضرورة؛ إذ لا سبيل إلى جبر الأول الذي استولى على الحكم بالقوة, لا سبيل لجبره عن التخلي عن الرياسة إلا باستعمال القوة, وهو ما يؤدي إلى وقوع الفتنة, وانتشار الفساد, وهي حال لا يرضاها الشرع, وحينئذ فينظر إلى أخف الضررين: ضرر وجود فاقد العدالة رئيسًا أعلى للأمة, وضرر انتشار الفتنة بين الناس عند محاولة إقصائه بالقوة, فيحتمل الضرر الأخف, وهو وجود فاقدها حتى تحين الفرصة لإقصائه عند أمن الفتنة, ووقوع الضرر.
    يقول البعض: لو تعذر وجود العلم, والعدالة, فيمن تصدى للإمامة, بأن تغلب عليها جاهل بالأحكام, أو فاسق, وكان في صرفه عنها إثارة فتنة لا تطاق, حكمنا بانعقاد إمامته؛ كي لا يكون بصرفنا إياه, وإثارة الفتنة التي لا تطاق, كمن يبني قصرًا ويهدم مصرًا, وبين الفقهاء أنه ما دمنا نحكم بنفوذ القضايا التي حكم فيها قضاة أهل البغي في دارهم, التي غلبهم أهل العدل عليها؛ لحاجة الناس إلى تنفيذ هذه الأحكام, فلا بد أن نحكم بصحة إمامة من فقد الشرط, وإلا لزم وقوع الفوضى بين الناس, وعدم صحة أحكام قضاتهم بناء على أنهم يولَّون القضاء من الإمام.
    وكذلك الحال الثانية: وهي الحال التي لا يكون فيها فاقد العدالة قد استولى على الإمامة بالقوة, بل إن أهل الحل والعقد بتصفحهم أحوال من يصلح للإمامة عند إرادتهم اختيار الإمام, لم يجدوا من يتوافر فيه شرط العدالة, نقول: هذه الحال أيضًا حال ضرورة, أفتى فيها الفقهاء بجواز ولاية الفاسق, إلا أنه يلاحظ وجوب تقديم الأمثل فالأمثل, بمعنى أن الأقل فسقًا مقدم على غيره وهكذا.
    وهنا يأتي سؤال: هل تجب عصمة الإمام عن الخطأ والذنوب؟
    نقول: مما سبق علمنا أنه يشترط توافر صفة العدالة في الإمام, بمعنى أن يكون الشخص غير مرتكب للكبيرة, وليس مصرًّا على الصغيرة, فلا تؤثر الهفوات الصغيرة على عدالة الإمام, ما دام غير مصر عليها, وبناء على ذلك فلا يجب عصمته عن الخطأ والذنوب, وإنما تجب عدالته الظاهرة, فإذا ظهرت منه هذه العدالة كان إمامته صحيحة, ومتى زاغ عن ذلك وقفت له الأمة تبين له خطأه, وهذا ما يقول به الجماهير الكثيرة من الأمة الإسلامية, من أهل السنة, والمعتزلة, والزيدية, والخوارج, وشذت الاثنا عشرية, والإسماعيلية, من الشيعة فقالتا بوجوب أن يكون الإمام معصومًا عن الذنوب.
    معنى العصمة:
    قبل أن نذكر شبههم في ذلك, أي شبه الذين يقولون بأن الإمام يجب أن يكون معصومًا عن الذنوب, قبل أن نذكر هذه الشبه ورد أهل السنة, ومن معهم عليها, نوضح أولًا معنى العصمة فنقول:
    فسر البعض العصمة بأنها خاصية في نفس الشخص, أو في بدنه, يمتنع بسببها صدور الذنب عنه.
    وفسرها البعض أيضًا بـ: أن لا يخلق الله في العبد الذنب, مع بقاء قدرته واختياره.
    وقد أوجب الاثنا العشرية, والإسماعيلية -كما ذكرنا- أوجبوا العصمة للأئمة على معنى أنهم مطهرون من كل دنس, وأنهم لا يذنبون ذنبًا صغيرًا, ولا كبيرًا, ولا يعصون الله ما أمرهم, ويفعلون ما يؤمرون, بل إنهم يساوون الأئمة بالأنبياء والرسل في هذه العصمة, والفرق بين الإمام, والنبي عندهم, هو أن النبي يوحى إليه, والإمام لا يوحى إليه, بل نرى بعض الشيعة يغالون في ذلك, فيجوزون الخطأ على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الوقت الذي لا يجوزون فيه الخطأ على الإمام, فعندهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- جائز عليه أن يعصي الله, وأن النبي قد عصى في أخذ الفداء يوم بدر, فأما الأئمة فلا يجوز ذلك عليهم, لأن الرسول إذا عصى فالوحي يأتيه من قبل الله, والأئمة لا يوحى إليهم, ولا تهبط الملائكة عليهم, وهم معصومون, فلا يجوز عليهم أن يسهوا, ولا يغلطوا, وإن جاز على الرسول العصيان, هذه هي معتقداتهم, الاثنا عشرية, والإسماعيلية.
    ونذكر الشبه التي استندوا إليها في هذا, وهي شبه التي يدعون بها وجوب العصمة للأئمة:
    يستدلون على على وجوب العصمة للأئمة بقول الله -سبحانه وتعالى- لإبراهيم -عليه السلام-: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (البقرة: 124) فدلت هذه الآية الكريمة على أن عهد الإمامة لا يصل إلى من كان ظالمًا, وكل من ارتكب ذنبًا فهو ظالم, انظر إلى قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} (فاطر: من الآية 32) وإذا كان الأمر كذلك فالآية صريحة في أن من ارتكب ذنبًا, سواء أكان الذنب ظاهرًا أم باطنًا, فهو غير مستحق لأن يكون إمامًا, فثبت أن الإمام يجب أن يكون معصومًا.
    ويمكن أن نرد عليهم في هذا: بأن الآية الكريمة دلت على أن الإمام يجب ألا يكون مشتغلًا بالذنب, فأما كونه واجب العصمة, فلا دلالة في الآية عليه, هكذا أجاب الفقهاء عن هذه الشبهة بقولهم: لا نسلم أن الظالم من ليس بمعصوم, بل هو من ارتكب معصية مسقطة للعدالة, مع عدم التوبة, والإصلاح.
    ومن الشبه التي استندوا إليها يقولون: ثبت بالدليل أن العصمة واجبة للنبوة, فبالقياس عليها نقول بوجوب العصمة للأئمة بجامع أن الكل مقيم للشريعة, ومنفذ لأحكام الله تعالى, هذه هي الشبهة الأخرى التي استندوا إليها, والتي يثبتون بها العصمة للأئمة, وهم يقيسون الأئمة على النبوة, بجامع أن الكل مقيم للشريعة, ومنفذ لأحكام الله تعالى.
    والجواب عن هذه الشبهة:
    أولًا: أن الفرق واضح بين النبي والإمام, فإن النبي مبعوث من الله -سبحانه- مؤيد منه بالمعجزات الدالة على عصمته من الكذب, وسائر الأمور التي تتنافى مع النبوة, ومنصب الرسالة, والإمام ليس كذلك, فلم يولَّ الإمامة إلا بطريق العباد, الذين لا يستطيعون الاطلاع على عصمته ومعرفة استقامة سريرته, فلا وجه لاشتراطها.
    ثانيًا: أن النبي يأتي بالشريعة التي لا يعلم الناس عنها شيئًا إلا من جهته, فلو لم يكن معصومًا عن الكذب في تبليغها وارتكاب المعاصي, مع أننا مأمورون باتباعه في أمره ونهيه, واعتقاد أن ما يأتيه من الأفعال مباح, لكانت المعجزة التي أقامها الله -سبحانه- لتصديقه في ادعائه الرسالة, وصلاح أمر الدنيا والآخرة مفضية إلى ارتكاب المعاصى, واختلال حال العاجلة, والآخرة, يعني كأنه هناك فرق, هم يقيسون الإمامة على النبوة, لكن الفقهاء يردون عليهم بأن هناك فرق واضح بين النبي, وبين الإمام, ولذلك هذا قياس مع الفارق, فالنبي مبعوث من الله -سبحانه وتعالى- مؤيد منه بالمعجزات الدالة على عصمته, وليس الإمام كذلك, فالذي ولَّى الإمام إنما هو الناس, أو أهل الحل والعقد, وهذا يختلف عن النبوة, وكذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتي بشريعة لا نعلم عنها شيئًا, فإذا لم يكن معصومًا فإن ذلك قد يؤدي إلى الوقوع في المعاصي والذنوب, ويأبى الله ذلك.
    من الشبه التي استندوا إليها يقولون: إن طاعة الإمام واجبة بالنص, والإجماع, قال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء: من الآية 60) وكل واجب الطاعة واجب العصمة, وإلا فلو لم يكن واجب العصمة لجاز أن يكذب في أوامر الله -سبحانه- ونواهيه, ويأمر بالمنكرات وينهى عن الطاعات, وبما أن طاعاته واجبة فيلزم وجوب اجتناب الطاعات وارتكاب المعاصي, واللازم باطل فبطل ما أدى إليه وهو عدم كونه واجب العصمة, فثبت نقيضه وهو كونه واجب العصمة.
    لكن يرد عليهم أيضًا في ذلك بأن الإمام إنما تجب طاعته فيما لا يخالف الشرع فيه, أما إذا خالف الشرع فلا تجب له الطاعة عملًا بقول الحق -سبحانه وتعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُول} (النساء: من الآية 59) وقد كان يمكن قبول دعوى وجوب العصمة لو كانت طاعته واجبة بمجرد قوله, ولكن الأمر غير ذلك؛ إذ تجب طاعته لأن ذلك حكم الله ورسوله, وإذا كان الأمر كذلك فيكفي عدم كذبه في بيان الأحكام اشتراط الإسلام والعدالة, فيه كالقاضي, والوالي, بالنسبة إلى الناس, والشاهد بالنسبة إلى القاضي, وكالمفتي بالنسبة للمقلد, وأمثال ذلك.
    ومن الشبه الذي استندوا إليها أيضًا أن الإمام حافظٌ للشرعية, فلو جوزنا الخطأ عليه لكان ناقضًا لها لا حافظًا, فيعود على موضوعه بالنقض.
    ويرد عليهم في ذلك بأن الإمام ليس حافظًا للشريعة بذاته, بل بالكتاب والسنة وإجماع الأمة واجتهاده الصحيح, فإذا اخطأ في اجتهاده, أو ارتكب إحدى المعاصي فالمجتهدونمن الأمة يصححون له اجتهاده, والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر يصدونه عن ضلالته, وإن لم يفعلوا أيضًا على فرض ذلك فلا نقض للشريعة.
    وبعد فقد بان فساد ما استدل به الشيعة الاثنا العشرية, والإسماعيلية على وجوب العصمة للأئمة.
    ويهمنا الآن أن نشير إلى أن الباعث إليهم على إيجاب هذه الصفة على ِأئمتهم إنما هو المبالغة في إجلالهم وتقديسهم لدرجة أن وصلوا بهم إلى مرتبة فوق مراتب سائر البشر, وقربوهم من مراتب الرسل بإظهار المعجزة على أيديهم وعصمتهم من الذنوب, ولم يفرقوا بين الأئمة والرسل إلا في أن الرسول ينزل إليه الوحي, والإمام لا يوحَى إليه, وكان السبب في خلع هذه القداسية على الأئمة دخول أفواج كثيرة من الفرس في الدين الإسلامي بعد الفتح, الذين يعتقدون في قداسة ملوكهم, وصاحبهم هذا الاعتقاد بعد دخولهم إلى الدين الجديد, فأحاطوا عليًّا بهالة من القداسة والسمو كان أسلافهم قد ألفوا أن يحيطوا بها ملوكهم, وكما تعود أسلافهم أن يلقبوا كسرى يلقب الملك المقدس ابن السماء, وأن يصفوه في كتبهم بأنه السيد والمرشد, كذلك فعل هؤلاء الذين اعتنقوا الإسلام فلقبوا عليًّا بالإمام, وعلى الرغم من بساطة اللقب فإن عظمة معناه واضحة جلية؛ إذ يفيد أن صاحبه قد جمع بين ناحيتين خطيرتين هما السلطان الدنيوي, والتوجيه العقلي, ومع أن الشيعة مبالغةً منهم في تقديس أئمتهم قد نزهوهم عن الكذب, فقالوا بعصمتهم عنه, فإننا نراهم يتناقضون مع هذا المبدأ فيبيحون للإمام إذا خاف على نفسه أن يقول: لستُ بإمام, وهو إمام, هذا هو معنى التقية, وكان الواجب إذا ما كانت العصمة عن الكذب ثابتة له ألا يكون في بعض أحواله صادقًا وفي البعض الآخر كاذبًا, بل يلازمه الصدق في كل أحواله.
    وبما مر من شبههم نجدهم يتعسفون أحيانًا في التدليل على ما ذهبوا إليه في العصمة.
    هذه هي شبه الاثنا العشرية, والإسماعيلية, من الشيعة في العصمة للأئمة, وقد بينا هذه الشبه, وقمنا بالرد عليها.
    ********************************
    alsaidilawyer
    alsaidilawyer
    مدير المنتدى
    مدير المنتدى


    الجنس : ذكر
    الابراج : الدلو
    عدد المساهمات : 4030
    نقاط : 81110
    السٌّمعَة : 2684
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    العمر : 53
    الموقع : الجمهورية اليمنية - محافظة إب

    شروط رئيس الدولة (الإمامة العظمى) Empty رد: شروط رئيس الدولة (الإمامة العظمى)

    مُساهمة من طرف alsaidilawyer السبت 20 سبتمبر 2014 - 12:55

    الشرط الثامن
    صحة الرأي في السياسة, والإدارة, والحرب
    وننتقل الآن إلى الشرط الثامن من شروط الرئيس وهو صحة الرأي في السياسة, والإدارة, والحرب, نقول:
    لما كان من أهم أعمال الرئيس الأعلى للدولة هو البت في الأمور الهامة التي تمس مصالح الأمة اعتبر الفقهاء أن من ألزم الشروط أن يكون الإمام على مقدار كبير من صحة الرأي, والمعرفة بأمور السياسة والحرب, وعلى كفاءة عالية من إدارة أمور الدولة, ولذلك فإن العلماء يشترطون الرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح, كما عبر الماوردي, أو كما يقول بعضهم: ذو رأي وبِصارة بتدبير الحرب والسلم, وترتيب الجيوش, وحفظ الثغور ليقوم بأمر الملك, ويعلل البعض اشتراط الرأي بقوله: ليسوس به الرعية, ويدير مصالحهم الدينية والدنيوية, وعلى هذا فإن الإمام إذا لم يكن على جانب كبير من صحة الرأي في نواحي السياسة والإدارة والحرب لا يصلح في نظر جمهور الفقهاء لتولي هذا المنصب الخطير, ولذلك يقول البعض: فلا تنعقد إمامة ضعيف الرأي لأن الحوادث التي تكون في دار الإسلام ترفع إليه, ولا يتبين له طريق المصلحة إلا إذا كان ذا رأي صحيح وتدبير سائغ, هذا هو ما يذهب إليه جمهور العلماء من وجوب أن يكون بصيرًا بتدبير أمر الحرب والسلم, خبيرًا بتنظيم الجيوش وحماية أطراف الدولة, عارفًا كيف تساس الرعية وتدبر المصالح.
    إلا أن هناك من العلماء ما يشترطون هذا الشرط مجوزين الاكتفاء بأن يستشير الإمام أصحاب الآراء الصائبة في كل ما يحتاج إلى البت فيه من الأمور الهامة, معللين ذلك بأنه يندر بأن يتوافر هذا الشرط مع الشروط الأخرى المطلوبة في الإمامة من الاجتهاد وغيره.
    ونرى أن اشتراط أن يكون الرئيس صاحب رأي, بمعنى أن يكون ملمًّا بأحوال الحرب كقادتها, ومتخصصًا في السياسة كأحد حاذقيها فيه من المبالغة بعض الشيء؛ لأن هذا وإن كان متيسر الحصول في بعض الأفراد في العصور الماضية قبل أن تعقد العلوم شتى نواحي الحياة, فإنه الآن غير متيسر بهذه البساطة, وأصبح الالتزام بأن يكون الرئيس ذا خبرة ورأي فيما يتصل بالنواحي السياسية والنواحي الإدارية وأمور الحرب لمما يعز اجتماعه في هذا العصر في شخص واحد؛ فإن المسائل السياسة والحربية لم تعد بهذه البساطة التي كانت عليها في عصور مضت, فكل ناحية من هذه النواحي تحتاج إلى تفرغ مجموعات كثيرة من الحائزين على الثقات العالية في الفروع المختلفة من العلم, وإلى تضافر جهود المتخصصين في دراسة مشكلة من مشاكل السياسة, أو الحرب, أو الإدارة, وإعداد البحوث والدراسات المتصلة بها.
    وإذا كان اشتراط الرأي بالمعنى السابق فيه من المبالغة بعض الشيء, فإننا لا نقول -كما يقول البعض- بالاستغناء عن هذا الشرط مطلقًا, والاكتفاء باستشارة أصحاب الآراء الصائبة؛ إذ إن الرئيس في كل حال مطالب بالسير على مبدأ الشورى, فالاستشارة من واجباته المفروضة عليه, بل نقول: لا بد في الرئيس من وجود صفة الرأي بمعنى أن تكون عنده مقدرة اتخاذ الحكم الصائب عند وضوح المشاكل السياسية والحرب والإدارة أمامه, وذلك بعد استشارة المتفرغين لهذه المشاكل من رجال الحرب والإدارة والسياسة, وبعد الاطلاع على كافة البحوث التي تتعلق بمشكلة ما من المشاكل التي تعترض الأمة, فمن المشاهد الآن أن أمور الدول سائرة سيرها الطبيعي مع استعانة رؤسائها بالأجهزة المختلفة في شتى نواحي الإدارة والحرب, وللرئيس الأعلى بعد ذلك الرأي النهائي بعد وضوح ما يتصل بمسألة من المسائل أمامه, وسواء في ذلك الدول التي تقف الآن على قمة الحضارة الإنسانية, والدول التي لا زالت تحبو على طريق المدنية والتقدم, ولا خروج بهذا الرأي على قاعدة شرعية, أو على حكم مقرر من الشرع؛ إذ إن شروط الإمامة ليس فيها شروط نص عليها الشرع سوى شرط واحد وهو شرط القرشية, وما عدا هذا الشرط فقد اشترطه العلماء نظرًا إلى الحاجة إليه, وتختلف وجهات النظر في كون الحاجة ماسة أم لا, ولذلك جاء الاختلاف في اشتراط بعض الشروط بين بعض أهل السنة وبعضهم الآخر.
    ثم إنه يجب أن ننبه إلى أن هذا ليس معناه عدم اشتراط هذا الشرط بالمعني الذي حدده الفقهاء, وهو أن يكون ذا رأي وبصيرة بتدبير الحرب والسلم, وترتيب
    الجيوش, وحفظ الثغور, بل نؤكد أنه إذا اتفق وجود من تحقق فيه هذا الشرط بهذا المعنى مع الشروط الأخرى المطلوبة في الرياسة فلا يجوز العدول عنه إلى غيره ممن لم يتوافر فيه هذا الشرط بهذا المعنى؛ سيرًا على قاعدة الأمثل فالأمثل, وأما إذا لم يوجد من تحقق فيه هذا المعنى فالذي نراه أنه لا بد فيه من توافر مقدرة البت الصائب في الأمور, بعد وضوح الآراء التي يمده بها المتخصصون في النواحي المختلفة, وأما القول بالاستغناء عن اشتراط الرأي الصائب في الرياسة, والاكتفاء باستشارة أصحاب الآراء الصائبة فلا نقول به.
    *************
    الشرط التاسع
    الكفاية الجسمية، والكفاية النفسية
    وننتقل الآن إلى الشرط التاسع من شروط الإمامة العظمى, أو الشروط التي يجب توافرها في الخليفة, أو الإمام الأعظم, أو رئيس الدولة, وهو الكفاية الجسمية:
    والمقصود بهذا الشرط هو سلامة الحواس والأعضاء, مما يؤثر في الرأي والعمل, فمن ناحية سلامة الحواس اشترط العلماء أن يكون سميعًا بصيرًا ناطقًا, فلا تنعقد إمامة الأصم؛ لأن صممه يمنعه عن سماع مصالح الشعب, ولأنه إذا كان مانعًا من تولي القضاء فالإمامة من باب أولى, ولا تنعقد إمامة الأعمى يقول الماوردي: إن ذهاب البصر من عقد الإمامة واستدامتها, فإذا طرأ بطلت به الإمامة؛ لأنه لما أبطل ولاية القضاء ومنع من جواز الشهادة فأولى أن يمنع من صحة الإمامة, ثم قال الماوردي: وأما عشاء العين وهو أن لا يبصر عند دخول الليل فلا يمنع من عقد الإمامة في عقد ولا استدامة؛ لأنه مرض في زمان الدعة يرجى زواله, وكذلك الأخرس لا تنعقد إمامته؛ لأن في خرسه تعطيلًا لمصالح الأمة, وقد اختلف العلماء في طروء الخرس أو الصمم على الإمام, يعني طرأ عليه بعد ما تولى الإمامة, فذهب طائفة إلى وجوب خروج الإمام عن الإمامة إذا طرأ عليه خرس, أو صمم, كما يخرج إذا فقد بصره؛ لأن كلًّا من الخرس, والصمم له تأثيره في التدبير والعمل, وقالت طائفة أخرى: لا يخرج بطروء الصمم أو الخرس من الإمامة؛ لقيام الإشارة مقامهما, وقالت طائفة ثالثة: إن كان يحسن الكتابة لا يخرج, وإن لم يكن محسنًا لها خرج من الإمامة؛ لأن الكتابة مفهومة, والإشارة موهومة.
    وقد صحح الماوردي بعد أن ذكر هذه الآراء الرأيَ الأول, وهو وجوب خروج الإمام عن الإمامة إذا طرأ عليه أحدهما.
    ولا يضر ثقل السمع وضعف البصر إذا لم يمنعه من تمييز الأشخاص من انعقاد الإمامة أو دوامها.
    وأما من ناحية سلامة الأعضاء فقد قسم الماوردي فقد الأعضاء إلي أربعة أقسام:
    القسم الأول: ما لا يمنع من صحة عقد الإمامة, ولا من استدامتها, وهو ما لا يؤثر فقده في رأي ولا عمل ولا نهوض, ولا يشين في المنظر, مثل قطع الذكر, أو الأنثيين, فإنهما لا مدخل لهما في الرأي, وليس لهما من تأثير إلا في التناسل, فيجري ذلك مجرى العنة والإنسان العنين هو الذي لا يستطيع إتيان النساء, وقد مدح الله -سبحانه- نبيه يحيى بن زكريا -عليهما السلام- فقال: {وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ} (آل عمران: من الآية: 39) وفي معنى الحصور رأيان: أحدهما: أنه العنين الذي لا يستطيع إتيان النساء, وثانيهما: أنه من لا ذكر له يغشى به النساء, أو له ذكر كالنواة.
    والقسم الثاني: ما يمنع من عقد الإمامة, ومن استدامتها, وهو فقد ما له تأثير في العمل, كفقد اليدين, أو له تأثير في النهوض كفقد الرجلين, فإن ذلك يؤدي إلى عجزه عن القيام بحقوق الأمة في العمل, أو النهوض, وبذلك يكون ذلك مانعًا من عقد الإمامة ابتداء, ومن استدامتها لو حدث ذلك بعد أن تولى الإمامة.
    والقسم الثالث: ما يمنع بعض العمل, أو بعض النهوض, كفقد بعض اليدين, أو إحدى الرجلين, وذلك مانع من عقد الإمامة ابتداء؛ لأنه عاجز عن كمال التصرف في أمور الأمة, ولم يذكر الإمام الماوردي رأيًا يخالف ذلك.
    وأما إذا طرأ ذلك على الإمام بعد انعقاد الإمامة له ففيه رأيان, أحدهما: يمنع من استدامتها؛ لأنه عجز مانع من ابتدائها, فكذلك هو مانع من استدامتها.
    والثاني: لا يؤثر في استدامتها, وإن كان مانعًا من انعقادها ابتداء؛ لأن المعتبر في انعقادها كمال السلامة, وفي الخروج منها كمال النقص.
    القسم الرابع: ما لا يمنع في فقده من استدامتها -أي الإمامة- واختلف في منعها ابتداء, وهو ما شان وقبح ولا أثر له في رأي, أو نهوض, أو عمل, وذلك كجدع أنف, أو فقئ إحدى العينين, فقد اتفق العلماء على أن ذلك لا يمنع من استدامة الإمامة؛ لأنه لا أثر له في شيء من حقوقها, واختلفوا في منع ذلك من عقد الإمامة ابتداء على رأيين:
    أحدهما: أنه لا يؤثر في عقد الإمامة ابتداء؛ لأنه لا يخل بشيء من حقوق الإمامة.
    ثانيهما: أن ذلك مانع من عقد الإمامة, والسلامة فيه شرط في صحة عقد الإمامة؛ حتى يسلم الأئمة من كل عيب يخل بتمام الهيبة التي يؤدي نقصانها إلى نفور عن الطاعة, وما أدى إلى هذا فهو نقص في حقوق الأمة.
    وننتقل بعد ذلك إلى الشرط العاشر من شروط الإمامة العظمى, أو الشروط التي يجب توافرها في رئيس الدولة, وهذا الشرط هو الكفاية النفسية, نقول:
    اختلفت تعابير العلماء في هذا الشرط, فبينما نجد البعض منهم يعبرون عن هذا الشرط بالشجاعة, نجد البعض الآخر عبر عنه بالكفاءة, وعلى كل حال فهذا الشرط سواء عُبر عنه بالشجاعة, أو جمع بينها وبين صحة الرأي وعبر عنهما بالكفاية قد اشترطه جمهور الفقهاء في الإمام, وعللوه -كما سبق- بأن من واجبات الإمام إقامة الحدود على مستحقيها, ولو كان جبانًا لأعجزه جبنه عن إقامتها, وحتى يمكنه اقتحام الحروب, وتجهيز الجيوش, إذن جمهور الفقهاء يرون شرط الشجاعة, أو الكفاية في الإمام الأعظم أو من يتولى الخلافة أو رياسة الدولة لماذا؟ قالوا: لأنه لو كان جبانًا لأصبح عاجزًا عن إقامة الحدود وإلا أصبح عاجز عن اقتحام الحروب وتجهيز الجيوش, وهذا من شأنه إلحاق الضرر بالدولة الإسلامية.
    وقد خالف بعض العلماء في ذلك فقالوا بعدم اشتراط صفة الشجاعة في الإمام معليين ذلك بأنه يندر اجتماع هذه الصفة مع الصفات الأخرى المطلوبة في الإمام, ويمكن تفويض مقتضيات الشجاعة -أي الأمور التي تقتضي كون الإمام شجاعًا من الاقتصاص, وإقامة الحدود, وقود الجيوش إلى العدو إلى غيره- يعني بعض الفقهاء أو بعض العلماء لم يشترط هذا الشرط, لم يشترط في الإمام أن يكون شجاعًا, بل يقولون بأنه يُكتفى بذلك بأن يفوض غيره في القيام بهذه الأمور, سواء بالنسبة لتنفيذ الأحكام, أو إقامة الحدود, أو قيادة الجيوش, وتجهيز الجيوش وغير ذلك, فهو يقولون: يُكفتى بذلك, يعني الإمام يفوض غيره في هذه الأمور التي تعتمد على الشجاعة, ولا يضر عدم وجود هذا الشرط عند الإمام, وهم يقولون بأنه قلما نجد هذا الشرط مع بقية الشروط الأخرى.
    والواقع أن اشتراط صفة الشجاعة في الإمام حتى يدافع عن حوزة المسلمين بالثبات في المعارك, وحتى لا يجبن عن إقامة الحدود على مستحقيها, كما علل بذلك بعض الفقهاء,
    نقول: هذا أمر زائد عن الحاجة؛ إذ يكفي -في رأينا- أن يكون الإمام صائب الرأي بالمعنى الذي وضحناه آنفًا عند الكلام على شرط الرأي؛ حتى يفوض عنه أمور الحرب إلى القادة الأكفاء الذين يثق في مقدرتهم على القيام بما هو موكول إليهم من التخطيط للحرب وخوض المعارك, فمصالح الأمة قد تعددت وتنوعت وكل ناحية فيها تحتاج إلى متخصصين متفرغين للقيام بالواجب في شأنها, وإذا كان الأمر كذلك فباستطاعة الإمام أن يفوض إلى القادة المشهود لهم بالكفاءة ما يتصل بأمر الحرب من تجهيز الجيوش, وخوض المعارك وغير ذلك, وأن يفوض ما يتصل بالقصاص وإقامة الحدود إلى سلطات خاصة, كما هو متبع الآن في العقوبات, إذ تقوم بها وتشرف علي كل ما يتصل بها السلطات القضائية والتنفيذية في الدولة.
    ولكن ليس معنى ذلك جواز تولية من يعتريه الجبن أو ينتابه الخور عندما يصبح لزامًا عليه أن يقدم على إصدار أوامر تحتاج إلى رباطة الجأش, كإعلان الحرب على عدو مثلًا مع تحمل تبعاتها, بل إن هذا الوصف لو كان فيه لكان كافيًا لإقصائه عن منصب الإمامة, حتى لو توافرت فيه الشروط الأخرى؛ إذ إنه بجبنه وضعفه يكون عاملًا من عوامل طمع الأعداء في دولة الإسلام, في حين أن من المفروض على الإمام الحفاظ على الدين وعلى أرض المسلمين.


    ****************************


    الشرط العاشر والشرط الحادي عشر
    شرط القرشية, وتولية الأفضل


    فبالنسبة لشرط القرشية, بمعنى أن يكون الإمام من قريش, فنقول -وبالله التوفيق:
    هذا الشرط هو أحد الشروط الذي اختلف العلماء فيها اختلافًا كبيرًا, حتى أن فرقة مشهورة من فرق المسلمين هي فرقة الخوارج, صار أحد ما يشتهر به هو قولها بعدم وجوب هذا الشرط, وسنبين آراء العلماء في ذلك, ثم نبين الأدلة الذي استندوا إليها.
    آراء العلماء في اشتراط القرشية:
    يرى أهل السنة, وأكثر العلماء, أنه يشترط في الإمام أنه يكون من قريش, وذهب الخوارج إلى أن الإمامة تجوز للقرشي, وغير القرشي, لا فرق في ذلك بين أحد وأحد؛ لنسبه, أو لجنسه, أو للونه, فالكل سواء في صلوحه لها, مادام ملتزمًا بكتاب الله, وسنة رسوله, ومادام يستطيع القيام بها.
    وبالنسبة للأدلة نقول:
    استدل أهل السنة على شرط النسب القرشي, بالسنة, والإجماع.
    فأما السنة: فقد استدلوا بأحاديث كثيرة, مذكورة في كتب السنة المتعددة, في كتب الأحكام, وأبواب الإمارة, والمناقب, وغيرها, من هذه الأحاديث ما رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الناس تبع لقريش في هذا الشأن, مسلمهم لمسلمهم, وكافرهم لكافرهم)) وفي رواية أخرى: ((الناس تبع لقريش في الخير والشر)) وفي رواية ثالثة: ((لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان)) ويقول -صلى الله عليه وسلم- أيضًا: ((إن هذا الأمر في قريش, لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين)).
    وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل أن أبا بكر, وعمر, لما ذهبا إلى سقيفة بني ساعدة, حيث اجتمع الأنصار لاختيار خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تكلم أبو بكر, ولم يترك شيئًا أُنزل في الأنصار, ولا ذكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من شأنهم إلا وذكره, وقال: ولقد علمتم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لو سلك الناس واديًا, وسلكت الأنصار واديًا, سلكتُ وادي الأنصار)) ولقد علمت -يا سعد- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال -وأنت قاعد-: ((قريش ولاة هذا الأمر, فبر الناس تبع لبرهم, وفاجرهم تبع لفاجرهم, فقال له: صدقت نحن الوزراء, وأنتم الأمراء)).
    وبهذا يتبين أن السنة قد أوجبت هذا الشرط بروايات متعددة, هذا فضلًا عن الإجماع, فقد انعقد الإجماع في زمن الصحابة, وكذلك بعدهم على أن الأئمة من قريش.
    هذا هو ما استدل به أصحاب الرأي الأول, وهم جمهور العلماء القائلون بأنه يشترط في الإمام أن يكون من قريش.
    ولو نظرنا إلى أدلة الرأي الآخر, وهم الخوارج, القائلون بأنه لا يشترط هذا الشرط, فلهم أدلة على ما ذهبوا إليه.
    فقد احتجوا في عدم اشتراط القرشية بأحاديث مروية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبقولٍ منسوب إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه, وبدليل عقلي.
    فأما الأحاديث التي تثبت أن القرشية ليست شرطًا من شروط الإمامة, فمنها ما رواه مسلم, عن أبي ذر, قال: ((إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع, وإن كان عبدًا مجدع الأطراف)) أي أن أسمع وأطيع, ولو كان عبدًا خسيسًا, قد قطعت أطرافه, فما دام هو ولي الأمر فطاعته واجبة, وروى مسلم أيضًا عن يحيى بن حصين قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع: ((ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا)) وقال -صلى الله عليه وسلم- أيضًا: ((اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة)).
    فهذه الأحاديث تفيد أن القرشية ليست شرطًا في الإمام؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بطاعة العبد حين يكون وليًّا للمسلمين, ومعروف أن قريشًا ليس بهم رقيق يتصل نسبهم بها, بل في أحدها -أي في أحد هذه الأحاديث- وجوب السمع
    والطاعة للعبد الحبشي, فدل ذلك على أن الإمام قد لا يكون قرشيًا, وهو ما يدعيه أصحاب الرأي القائلون بأنه لا يشترط أن يكون الإمام من قريش.
    وأما استدلالهم بالقول المنسوب إلى عمر -رضي الله عنه- فقد روي عنه أنه لما طُعن طلب المسلمون منه أن يستخلف عليهم من يرضاه لهم, حتى لا يختلفوا بعده, فقالوا له: بين لنا من يلي أمورنا, فقال -رضي الله عنه-: لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيًّا استخلفته, وروي عنه أيضًا قوله: إن أدركني أجلي وأبو عبيدة حي استخلفته, فإن أدركني أجلي وقد مات أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل.
    فدل هذا القول من عمر على أنه لا يرى وجوب شرط القرشية, حيث كان ينوي استخلاف سالم مولى أبي حذيفة, أو معاذ بن جبل, وكلاهما ليس قرشيًا, بل الأول ليس عربيًا, والثاني أنصاري لا نسب له في قريش.
    وأما الدليل العقلي على انتفاء شرط القرشية في الإمام, فيقولون فيه:
    إن الأنساب لا اعتبار لها عند الشارع في القيام بأمور الدين, فلا شرف ولا خسة إلا بالعمل الصالح, وحسن الصلة بالله -سبحانه- أو بعدمها, قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات: من الآية: 13) فالإسلام قد جاء بمبدأ المساواة بين الناس جميعًا, أبيضهم, وأسودهم, وأحمرهم, شريفهم, وحقيرهم, لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى, واشتراط القرشية اتجاه إلى العصبية, وإلى أن تسود طائفة من الناس على سائر الأمة, وهو ما يمقته ويبغضه الشرع الحكيم.
    وبعد فإن المرأ ليحار حقًا في التوفيق بين الأدلة القائمة على وجوب القرشية في الإمام, ومنها الأحاديث المتعددة المروية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإجماع المسلمين على ذلك, نقول: ليحار في التوفيق بين هذا كله, وبين قول عمر في سالم مولى أبي حذيفة, وفي معاذ بن جبل, على أنه في النهاية يجب أن يكون الميل إلى إلى الأدلة التي أثبتت شرط القرشية؛ ذلك أنها نصوص أفادت وجوب هذا الشرط كما سبق بيانه, وقد أكدها إجماع الصحابة, فلا مفر من التسليم بما أدت إليه كل هذه الأدلة, وبخاصة وأن الحكم أصبح قطعيًا بالإجماع, لا يحتمل أدنى ريب في وجوب هذا الشرط.
    وأما ما قاله الخوارج الذين لا يشترطون في الإمام أن يكون قرشيًّا, نقول: ما قالوه من أن الإسلام نهى عن العصبية, وأن تسود طائفة معينة على سائر المسلمين, وأنه جاء بالمساواة بين الناس جميعًا, وهذا ما يعارض جعل الخلافة في قريش, فإننا نقول -ردًّا عليهم:
    إن الإسلام باشتراطه أن يكون الإمام قرشيًّا لم يكن بذلك داعيًا إلى العصبية التي نهى عنها, فإن الحاكم الأعلى في الدولة الإسلامية ليس له أي مزية على سائر أفراد الأمة, وليس لأسرته كذلك أدنى حق زائد على الحقوق التي كفلها الشارع لسائر أفراد المسلمين, فالإمام, وأفراد المسلمين, كلهم سواء أمام القانون الإسلامي, يخضعون لأحكامه, بل إن الإمام متحمل من التبعات ما يجعله من أشد الناس حملًا, وأثقلهم حسابًا يوم القيامة؛ لأنه مسئول عن رعيته, كما نص على ذلك رسولنا -صلى الله عليه وسلم- ولم يكن لأي من الأسر التي ينتمي إليها أبو بكر, أو عمر, لم يكن لهم أدنى امتياز على أي فرد من أفراد المسلمين في زمن خلافتهما, ونزوان بني أمية على حقوق المسلمين زمن خلافة عثمان لم يكن نتاج العصبية من عثمان, وإنما كان لضعفه -رضي الله عنه- وعدم توفيقه في اختيار من يتولون أمور الناس من قِبله, حتى كان ذلك سببًا في إيقاظ الفتنة التي اجتاحت العالم الإسلامي آنذاك, وتلاقَى الغوغاء, وذوو الأهواء, والدساسون للإسلام, تلاقوا في تجمع هائج أدى في النهاية إلى مصرع الخليفة في داره وهو يقرأ القرآن الكريم,
    فالإسلام لا يسود طائفة, يعني لا يجعل لها سيادة, لا يجعل السيادة لطائفة من الناس على من عداهم من أفراد الأمة, وإذا كان الإمام من قريش فليس معنى ذلك أن تتبوأ قريش مكانة عالية دونها مكانة سائر المسلين؛ لأن الإسلام -كما قلنا- لم يفرق بين قرشي, وغير قرشي, ولم يفرق بين حاكم, ومحكوم, والأمة بالتزامها القانون الإسلامي هي صاحبة الحق في السيطرة على الخليفة, وهي التي تخلعه متى رأت ذلك من مصلحتها, وليس في الإسلام سلطة دينية سوى سلطة الموعظة الحسنة, والدعوة إلى الخير, والتنفير عن الشر, وهذه سلطة خولها الله لأدنى المسلمين.
    وبهذا نكون قد أجبنا عن الشبهات التي تمسك بها الخوارج, ومن معهم, في القول بعدم اشتراط القرشية في الإمام.
    لكن ما هي الحكمة في اشتراط القرشية؟
    نبادر بأن نقول: إن القرشية شرط قد ثبت بالأحاديث الكثيرة, وبإجماع المسلمين عليه في خير القرون -كما بينا ذلك آنفًا- وعلى ذلك فإذا ما أردنا أن نلتمس الحكمة من هذا الشرط, فقد نصيب في ذلك, وقد نخطئ, وفي هذه الحال لا يؤثر ذلك في أن هذا الشرط ثابت, لا يقوى معارضوه على نفيه؛ لأن الأمر في أمثال هذا موقوف على قيام الدليل وثبوته, فإذا ما قام الدليل على أمر من الأمور وجب الامتثال, ولا يجب في كل حكم أن يكون معللًا, أو ظاهر الحكمة, كما يجب أن يعلم أن الحكمة في اشتراط القرشية ليست هي القرابة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأن للقرابة أحكام خاصة من ميراث, أو تحريم نكاح, إلى غير ذلك, لكن ليس للقرابة مدخل في الإمامة, كما لا مدخل لها في تولية والٍ على ناحية من النواحي, وقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يولي من تربطه به صلة القرابة, ومن لا تربطه به هذه الصلة.
    وقد حاول العلماء التماس الحكمة من اشتراط القرشية في الإمام, فكان غالب اجتهادهم يدور حول المكانة التي تتمتع بها قريش بين العرب عامة, مما يسهل انقياد الناس لهم؛ لما لهم من الشرف والرياسة, وأن تخصيص قريش بالإمامة عامل هام من عوامل حراسة هذا الدين؛ لأنه جاء بلغتهم, ورسوله -أي رسول هذا الدين- منهم, مما يجعلهم مدفوعين طبيعيًّا إلى صيانته وإلى نشره.
    وأخيرًا نقول: إن الإسلام قد اشترط في الإمام الأعظم أن يكون من قريش, وسواء أظهرت لنا الحكمة في ذلك, أم أخطأنا في فهمها, فإن ذلك لا يؤثر في كون هذا شرطًا اشترطه الشارع, كما قلنا ذلك سابقًا.
    ثم نتحدث الآن عن الشرط الآخر, الذي وعدنا بالحديث عنه, وهو أن يكون الإمام أفضل من غيره فنقول:
    نحب أن نبين في البدء أن الجميع قد اتفقوا على أن الإمامة العظمى إذا عقدت لشخص, ثم ظهر من هو أفضل منه, فلا يعدل عن الإمام إلى الأفضل, والعلة في ذلك ظاهرة؛ إذ إن ظهور الأفضل محتمل في كل آن, فلو جُوِّز العدول إلى الأفضل, لأدى ذلك إلى حال من عدم استقرار الحكم في الدولة, المؤدي إلى الفوضى, التي لا يرضى عنها الشارع الحكيم, وكذلك لا خلاف بين العلماء في جواز تولية المفضول إذا كانت كلمة الأمة قد اتفقت عليه, ولم ترض بغيره بديلًا, أو كان هناك عذر يمنع تولية الأفضل, كغيبته, أو مرضه, أو كان المفضول أطوع في الناس, وأقرب إلى قلوب الشعب.
    واختلف العلماء في حال وجود شخصين توافرت في كل منها الشروط المطلوبة في الإمامة العظمى, إلا أن أحدهما أفضل من الآخر, ولم يحظ المفضول باتفاق الأمة على اختياره, ولم يوجد من الأعذار ما يبرر العدول عن الأفضل إلى
    المفضول, هل يجوز في هذه الحالة عقد الإمامة له, أي للمفضول حينئذ أم لا يجوز ذلك, ويجب عقد الإمامة للأفضل؟
    وقبل أن نذكر الآراء في ذلك, وما استندت إليه هذه الآراء, نرى أن نبين بعض الوجوه التي يمكن أن يفاضل بين اثنين على أساس وجودها, أو عدمها.
    من ذلك مثلًا: أن يشترك أكثر من واحد في الصفات المطلوبة في الإمامة, إلا أن صفة من هذه الصفات المطلوبة كالعلم, أو الشجاعة -مثلًا- تظهر واضحة في أحدهم, ويتفوق على غيره فيها, فهل يجوز حينئذ ترك الأفضل في هذه الصفة, وتولية المفضول, أم لا يجوز ذلك؟ وهذا ما سنوضحه بالنسبة لآراء العلماء.
    آراء العلماء في انعقاد الرئاسة للمفضول:
    ذهب أبو الحسن الأشعري إلى أن الإمام يجب أن يكون أفضل أهل زمانه في شروط الإمامة, ولا تنعقد الإمامة لأحد مع وجود من هو أفضل فيها, فإن عقدها قوم للمفضول كان المعقود له من الملوك دون الأئمة, يعني كأنه استولى على السلطة بدون سند من الشرع.
    وذهب الأكثر من الفقهاء, والمتكلمين, إلى أن الإمامة تجوز للمفضول حال وجود الأفضل, ولا يمنع وجود الأفضل انعقاد الإمامة للمفضول ما دام مستوفيًا شروط الإمامة.
    أدلة القائلين بعدم جواز إمامة المفضول:
    استدل القائلون بعدم جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل بما يلي:
    أولًا: أن الصحابة قد عقدوا الإمامة للأفضل فالأفضل, فالخلفاء الأربعة أفضلهم أبو بكر, ثم عمر, ثم عثمان, ثم علي, وهذا الدليل قد احتج به أبو الحسن الأشعري.
    ثانيًا: أن العقل يقضي بقبح تقديم المفضول على الأفضل في إقامة قوانين الشريعة, وحفظ حوزة الإسلام.
    ثالثًا: أن الأفضل أقرب إلى انقياد الجماهير له, واجتماع الآراء على متابعته.
    هذه هي أدلة القائلين بعدم جواز إمامة المفضول.
    أدلة القائلين بجواز إمامة المفضول:
    استدل القائلون بجواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل بأدلة:
    أولًا: قالوا: إن الستة الذين رشحهم عمر للخلافة بعده, كان فيهم -بإجماع الأمة- الفاضل, والأفضل, ومع ذلك فقد أجاز عمر أن يعقد لواحد منهم إذا اجتمعوا عليه, ورأوا مصحلتهم في توليته, وهذا يدل على أنه لا يشترط أن يكون الإمام أفضل الناس.
    ثانيًا: أجمع العلماء على انعقاد الإمامة بعد الخلفاء الأربعة لبعض القرشيين, كمعاوية مثلًا, مع أنه كان في بقايا الصحابة من هو أفضل منه ممن أنفق من قبل الفتح وقاتل.
    ثالثًا: أن الأفضلية أمر خفي قد لا يتطلع عليها أهل الحل والعقد, وربما يؤدي تحري الأفضلية إلى وقوع النزاع, وتشويش الأمر.
    هذه هي أدلة القائلين بأنه يجوز تولية المفضول مع وجود الأفضل.
    وبعد فإننا نرى بعد استعراض أدلة كل من الفريقين, أنه يجب أن يصار إلى القول بأنه يجب تقديم الأفضل, وإذا كنا نقول بوجوب تقديم الأفضل فإننا نقول: إنه إذا لم يتم ذلك وقدم المفضول فبايعه أهل الحل والعقد, وهم الذين يمثلون الأمة, فإن الإمامة حينئذ منعقدة له, ولا نقول بعدم انعقادها؛ لئلا يؤدي ذلك إلى وقوع الفتن, وإلى وقوع الفساد.
    وبهذا نكون قد انتهينا من الحديث عن الشروط الواجب توافرها في الإمام الأعظم أو رئيس الدولة.


    _________________

    *******************************************

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 21 نوفمبر 2024 - 1:39