الهدف الأساسي لتشريع الجهاد
الجهاد في سبيل الله
إن النية هي روح كل عمل, وأهم أركانه التي يقوم عليها وأساس قبوله من المولى عزوجل, فإذا تجرد العمل منها, ولم يكن خالصاً لله سبحانه وتعالى, كان عملاً ميتاً لا وزن له ولا قبول عند الله سبحانه وتعالى, فعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ مانوى) متفق عليه.
والجهاد هو أحد الأعمال التي يجب إخلاص النية فيه لله سبحانه وتعالى, فلا يسمى جهاداً حقيقياً إلا إذا قصد به وجه الله وأريد به إعلاء كلمته والدفاع عن دينه ونشره في الأرض ومحاربة الباطل وأهله, والدفاع عن المسلمين وأعراضهم, وبذل المال والنفس في سبيل مرضاة الله, فإذا إريد به شئ دون ذلك من حظوظ الدنيا فإنه لا يسمى جهاداً بمعناه الحقيقي, ولا ينفع صاحبه بشئ يوم القيامة, فمن قاتل ليحظى بمنصب أو يظفر بمغنم أو يظهر شجاعة, أو لينال شهرة, أو من أجل تولي سلطة , فإنه لا نصيب له في الأجر ولا حظ له في الثواب يوم القيامة, ولا يعد من المجاهدين في سبيل الله الذين أخبر عنهم المولى عزوجل بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون..
فعن أبى موسى رضى الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الرجل يقاتل للمغنم, والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه, فمن في سبيل الله؟ فقال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)..
وروى أبو داوود والنسائي: أن رجلاً قال يارسول الله أرايت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر , ماله؟ فقال صلى الله عليه وسلم (لا شئ) فاعادها عليه ثلاث مرات, فقال: (لاشئ له.. إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وأبتغى به وجهه).
فالإخلاص في النية هو الذي يعطي الأعمال قيمتها الحقيقية,ومن ثم فإن المرء يبلغ بالإخلاص درجة الشهداء ولو لم يستشهد, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه).
وإذا لم يكن الإخلاص هو الباعث على الجهاد, وإذا لم يكن الجهاد خالصاً لوجه الله تعالى ومن أجل إعلاء كلمة الله والدفاع عن دينه, والفوز بمراضاته يوم القيامة, وكان الباعث شئياً أخر من ملذات الدنيا وأعراضها وشهواتها, فإن ذلك لا يحرم المجاهد الأجر والثواب فقط,وأنما يعرضه للعذاب يوم القيامة ويكون وبالاَ عليه, فعن أبي هريرة رضى الله , قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول الناس يقضى يوم القيامة رجل استشهد,فأتى به فعرفه نعمه فعرفها, قال:ما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جرئ, فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى إلقى في النار) رواه مسلم