شعراء العصر الجاهلي - الأعشى
قصيدة رَحَلَتْ سُمَيّة ُ، غُدوَة ً، أجمالَها
-----------------------------------
رَحَلَتْ سُمَيّة ُ، غُدوَة ً، أجمالَها،
غضبى عليكَ، فما تقولُ بدا لها
هذا النّهارُ بَدَا لهَا مِنْ هَمّها،
ما بالها باللّيلِ زالَ زوالها
سَفَهاً، وَمَا تَدْرِي سُمَيّة ُ، وَيحها،
أنْ ربّ غانية ٍ صرمتُ وصالها
ومصابِ غادية ٍ كأنّ تجارها
نشرتْ عليهِ برودها ورحالها
قَدْ بِتُّ رَائِدَهَا، وَشَاة ِ مُحَاذِرٍ
حَذَراً يُقِلّ بِعَيْنِهِ أغْفَالَهَا
فظلتُ أرعاها، وظلّ يحوطها،
حتى دنوتُ إذا الظّلامُ دنا لها
فَرَمَيْتُ غَفْلَة َ عَيْنِهِ عَنْ شَاتِهِ،
فَأصَبْتُ حَبّة َ قَلْبِهَا وَطِحَالَهَا
حفظَ النّهارَ وباتَ عنها غافلاً،
فخلتْ لصاحبِ لذّة ٍ وخلا لها
وسبيئة ٍ ممّا تعتّقُ بابلٌ،
كَدَمِ الذّبِيحِ سَلَبْتُهَا جِرْيَالَهَا
وَغَرِيبَة ٍ تَأتي المُلُوكَ حَكِيمَة ٍ،
قَدْ قُلْتُهَا لِيُقَالَ مَنْ ذا قَالَهَا
وَجَزُورِ أيْسَارٍ دَعَوْتُ لحَتْفِهَا،
وَنِيَاطِ مُقْفِرَة ٍ أخَافُ ضَلالَهَا
يهماءَ موحشة ٍ، رفعتُ لعرضها
طرفي لأقدرَ بينها أميالها
بِجُلالَة ٍ سُرُحٍ كَأنّ بِغَرْزِهَا
هِرّاً إذا انْتَعَلَ المَطِيُّ ظِلالَهَا
عسفاً وإرقالَ الهجيرِ ترى لها
خَدَماً تُسَاقِطُ بالطّرِيقِ نِعَالَهَا
كانتْ بقيّة َ أربعٍ فاعتمتها
لَمّا رَضِيتُ مَعَ النّجَابَة ِ آلَهَا
فتركتها، بعدَ المراحِ، رذية ً،
وَأمِنْتُ بَعْدَ رُكُوبِهَا إعْجَالَهَا
فتناولتْ قيساً بحرّ بلادهِ،
فَأتَتْهُ بَعْدَ تَنُوفَة ٍ، فَأنَالهَا
فَإذَا تُجَوّزُهَا حِبَالَ قَبِيلَة ٍ،
أخذتْ من الأخرى إليكَ حبالها
قيلَ امرءٍ طلقِ اليدينِ مباركٍ،
ألفى أباهُ بنجوة ٍ فسما لها
فَكَأنّهَا لَمْ تَلْقَ سِتّة َ أشْهُرٍ
ضراً إذا وضعتْ إليكَ جلالها
ولقد نزلتُ بخيرِ من وطئَ الحصى
قيسٍ فأثبتَ نعلها وقبالها
ما النّيلُ أصبحَ زاجراً منْ مدّهِ،
جادتْ لهُ ريحُ الصَّبا فجرى لها
زبداً ببابلَ، فهو يسقي أهلها،
رغداً تفجرهُ النّبيطُ خلالها
يَوْماً بِأجْوَدَ نَائِلاً مِنْهُ، إذَا
نفسُ البخيلِ تجهمتْ سؤّالها
الوَاهِبُ المِائَة َ الهِجَانَ وَعَبْدَهَا،
عُوذاً تُزَجّي خَلْفَهَا أطْفَالَهَا
والقارحَ العدّا، وكلَّ طمرّة ٍ،
ما إنْ تنالُ يدُ الطّويلِ قذالها
وَكَأنّمَا تَبِعَ الصُّوَارَ بِشَخْصِهَا
عَجْزَاءُ تَرْزُقُ بِالسُّلَيّ عيَالَهَا
طَلَباً حَثِيثاً بِالوَلِيدِ تَبُزُّهِ،
حتى توسطَ رمحهُ أكفالها
عودتَ كندة َ عادة ً، فاصبر لها،
اغْفِرْ لجَاهِلِهَا، وَرَوّ سِجَالَهَا
وَكُنْ لَهَا جَمَلاً ذَلُولاً ظَهْرُهِ،
احملْ، وكنتَ معاوداً تحمالها
وإذا تحلّ منَ الخطوبِ عظيمة ٌ،
أهْلي فِداؤكَ، فاكْفِهِمْ أثْقَالَهَا
فَلَعَمْرُ مَنْ جَعَلَ الشّهُورَ عَلامة ً
قدراً، فبيّنَ نصفها وهلالها
مَا كنْتَ في الحَرْبِ العَوَانِ مُغَمَّراً،
إذْ شَبّ حَرُّ وَقُودِهَا أجْزَالَهَا
وسعى لكندة َ غيرَ سعي مواكلٍ
قيسٌ فضرّ عدوَّها وبني لها
وأهانَ صالحَ مالهِ لفقيرها،
وأَسَا وَأصْلَحَ بَيْنَهَا، وَسَعَى لَهَا
ما إنْ تغيبُ لها كما غابَ امرؤٌ
هانتْ عشيرتهُ عليهِ، فغالها
وَتَرَى لَهُ ضُرّاً عَلى أعْدَائِهِ؛
وَتَرَى لِنِعْمَتِهِ عَلى مَنْ نَالَهَا
أثراً منَ الخيرِ المزيِّنِ أهلهُ،
كالغيثِ صابَ ببلدة ٍ، فأسالها
ثَقِفٌ، إذَا نَالَتْ يَدَاهُ غَنِيمَة ً،
شدَّ الرّكابَ لمثلها لينالها
بالخيلِ شعثاً ما تزالُ جيادها
رُجُعاً تُغادِرُ بِالطّرِيقِ سِخَالَهَا
أُمّا لِصَاحِبِ نِعْمَة ٍ طَرّحْتَهَا،
ووصالِ رحمٍ قد نضحتَ بلالها
طالّ القيادُ بها فلمْ ترَ تربعاً
للخيلِ ذا رسنٍ، ولا أعطالها
وَسَمِعْتُ أكْثَرَ ما يُقالُ لها اقدَمي،
والنّصُّ والإيجافُ كانَ صقالها
حَتّى إذا لَمَع الدّلِيلُ بِثَوْبِهِ،
سقيتْ، وصبَّ رواتها أشوالها
فكَفَى العَضَارِيطُ الرّكابَ فبُدّدَتْ
منهُ لأمرِ مؤمَّلٍ، فأجالها
فَتَرَى سَوَابِقَهَا يُثِرْنَ عَجَاجَة ً،
مِثْلَ السّحابِ، إذا قَفَوْتَ رِعالَهَا
متبارياتٍ في الأعنّة ِ قطَّباً،
حَتّى تُفِيءَ عَشِيّة ً أنْفَالَهَا
فأصَبْنَ ذا كَرَمٍ، وَمَنْ أخطأنَهُ
جَزَّأ المَقِيظَة َ خَشْيَة ً أمْثَالَهَا
وَلَبُونِ مِعْزَابٍ حَوَيتَ فأصْبَحتْ
نهبى ، وآزلة ٍ قضبتَ عقالها
ولقدْ جررتَ إلى الغنى ذا فاقة ٍ،
وأصابَ غزوكَ إمّة ً فأزالّها
وإذا تجيءُ كتيبة ٌ ملمومة ٌ
خرساءُ تغثي من يذودُ نهالها
تأوي طوائفها إلى مخضرّة ٍ،
مكروهة ٍ يخشى الكماة ُ نزالها
كنتَ المقدَّمَ غيرَ لابسِ جنّة ٍ،
بالسّيْفِ تَضْرِبُ مُعْلِماً أبْطَالَهَا
وعلمتَ أنّ النّفسَ تلقى حتفها،
ما كانَ خالِقُها المَلِيكُ قَضَى لَهَا
قصيدة رَحَلَتْ سُمَيّة ُ، غُدوَة ً، أجمالَها
-----------------------------------
رَحَلَتْ سُمَيّة ُ، غُدوَة ً، أجمالَها،
غضبى عليكَ، فما تقولُ بدا لها
هذا النّهارُ بَدَا لهَا مِنْ هَمّها،
ما بالها باللّيلِ زالَ زوالها
سَفَهاً، وَمَا تَدْرِي سُمَيّة ُ، وَيحها،
أنْ ربّ غانية ٍ صرمتُ وصالها
ومصابِ غادية ٍ كأنّ تجارها
نشرتْ عليهِ برودها ورحالها
قَدْ بِتُّ رَائِدَهَا، وَشَاة ِ مُحَاذِرٍ
حَذَراً يُقِلّ بِعَيْنِهِ أغْفَالَهَا
فظلتُ أرعاها، وظلّ يحوطها،
حتى دنوتُ إذا الظّلامُ دنا لها
فَرَمَيْتُ غَفْلَة َ عَيْنِهِ عَنْ شَاتِهِ،
فَأصَبْتُ حَبّة َ قَلْبِهَا وَطِحَالَهَا
حفظَ النّهارَ وباتَ عنها غافلاً،
فخلتْ لصاحبِ لذّة ٍ وخلا لها
وسبيئة ٍ ممّا تعتّقُ بابلٌ،
كَدَمِ الذّبِيحِ سَلَبْتُهَا جِرْيَالَهَا
وَغَرِيبَة ٍ تَأتي المُلُوكَ حَكِيمَة ٍ،
قَدْ قُلْتُهَا لِيُقَالَ مَنْ ذا قَالَهَا
وَجَزُورِ أيْسَارٍ دَعَوْتُ لحَتْفِهَا،
وَنِيَاطِ مُقْفِرَة ٍ أخَافُ ضَلالَهَا
يهماءَ موحشة ٍ، رفعتُ لعرضها
طرفي لأقدرَ بينها أميالها
بِجُلالَة ٍ سُرُحٍ كَأنّ بِغَرْزِهَا
هِرّاً إذا انْتَعَلَ المَطِيُّ ظِلالَهَا
عسفاً وإرقالَ الهجيرِ ترى لها
خَدَماً تُسَاقِطُ بالطّرِيقِ نِعَالَهَا
كانتْ بقيّة َ أربعٍ فاعتمتها
لَمّا رَضِيتُ مَعَ النّجَابَة ِ آلَهَا
فتركتها، بعدَ المراحِ، رذية ً،
وَأمِنْتُ بَعْدَ رُكُوبِهَا إعْجَالَهَا
فتناولتْ قيساً بحرّ بلادهِ،
فَأتَتْهُ بَعْدَ تَنُوفَة ٍ، فَأنَالهَا
فَإذَا تُجَوّزُهَا حِبَالَ قَبِيلَة ٍ،
أخذتْ من الأخرى إليكَ حبالها
قيلَ امرءٍ طلقِ اليدينِ مباركٍ،
ألفى أباهُ بنجوة ٍ فسما لها
فَكَأنّهَا لَمْ تَلْقَ سِتّة َ أشْهُرٍ
ضراً إذا وضعتْ إليكَ جلالها
ولقد نزلتُ بخيرِ من وطئَ الحصى
قيسٍ فأثبتَ نعلها وقبالها
ما النّيلُ أصبحَ زاجراً منْ مدّهِ،
جادتْ لهُ ريحُ الصَّبا فجرى لها
زبداً ببابلَ، فهو يسقي أهلها،
رغداً تفجرهُ النّبيطُ خلالها
يَوْماً بِأجْوَدَ نَائِلاً مِنْهُ، إذَا
نفسُ البخيلِ تجهمتْ سؤّالها
الوَاهِبُ المِائَة َ الهِجَانَ وَعَبْدَهَا،
عُوذاً تُزَجّي خَلْفَهَا أطْفَالَهَا
والقارحَ العدّا، وكلَّ طمرّة ٍ،
ما إنْ تنالُ يدُ الطّويلِ قذالها
وَكَأنّمَا تَبِعَ الصُّوَارَ بِشَخْصِهَا
عَجْزَاءُ تَرْزُقُ بِالسُّلَيّ عيَالَهَا
طَلَباً حَثِيثاً بِالوَلِيدِ تَبُزُّهِ،
حتى توسطَ رمحهُ أكفالها
عودتَ كندة َ عادة ً، فاصبر لها،
اغْفِرْ لجَاهِلِهَا، وَرَوّ سِجَالَهَا
وَكُنْ لَهَا جَمَلاً ذَلُولاً ظَهْرُهِ،
احملْ، وكنتَ معاوداً تحمالها
وإذا تحلّ منَ الخطوبِ عظيمة ٌ،
أهْلي فِداؤكَ، فاكْفِهِمْ أثْقَالَهَا
فَلَعَمْرُ مَنْ جَعَلَ الشّهُورَ عَلامة ً
قدراً، فبيّنَ نصفها وهلالها
مَا كنْتَ في الحَرْبِ العَوَانِ مُغَمَّراً،
إذْ شَبّ حَرُّ وَقُودِهَا أجْزَالَهَا
وسعى لكندة َ غيرَ سعي مواكلٍ
قيسٌ فضرّ عدوَّها وبني لها
وأهانَ صالحَ مالهِ لفقيرها،
وأَسَا وَأصْلَحَ بَيْنَهَا، وَسَعَى لَهَا
ما إنْ تغيبُ لها كما غابَ امرؤٌ
هانتْ عشيرتهُ عليهِ، فغالها
وَتَرَى لَهُ ضُرّاً عَلى أعْدَائِهِ؛
وَتَرَى لِنِعْمَتِهِ عَلى مَنْ نَالَهَا
أثراً منَ الخيرِ المزيِّنِ أهلهُ،
كالغيثِ صابَ ببلدة ٍ، فأسالها
ثَقِفٌ، إذَا نَالَتْ يَدَاهُ غَنِيمَة ً،
شدَّ الرّكابَ لمثلها لينالها
بالخيلِ شعثاً ما تزالُ جيادها
رُجُعاً تُغادِرُ بِالطّرِيقِ سِخَالَهَا
أُمّا لِصَاحِبِ نِعْمَة ٍ طَرّحْتَهَا،
ووصالِ رحمٍ قد نضحتَ بلالها
طالّ القيادُ بها فلمْ ترَ تربعاً
للخيلِ ذا رسنٍ، ولا أعطالها
وَسَمِعْتُ أكْثَرَ ما يُقالُ لها اقدَمي،
والنّصُّ والإيجافُ كانَ صقالها
حَتّى إذا لَمَع الدّلِيلُ بِثَوْبِهِ،
سقيتْ، وصبَّ رواتها أشوالها
فكَفَى العَضَارِيطُ الرّكابَ فبُدّدَتْ
منهُ لأمرِ مؤمَّلٍ، فأجالها
فَتَرَى سَوَابِقَهَا يُثِرْنَ عَجَاجَة ً،
مِثْلَ السّحابِ، إذا قَفَوْتَ رِعالَهَا
متبارياتٍ في الأعنّة ِ قطَّباً،
حَتّى تُفِيءَ عَشِيّة ً أنْفَالَهَا
فأصَبْنَ ذا كَرَمٍ، وَمَنْ أخطأنَهُ
جَزَّأ المَقِيظَة َ خَشْيَة ً أمْثَالَهَا
وَلَبُونِ مِعْزَابٍ حَوَيتَ فأصْبَحتْ
نهبى ، وآزلة ٍ قضبتَ عقالها
ولقدْ جررتَ إلى الغنى ذا فاقة ٍ،
وأصابَ غزوكَ إمّة ً فأزالّها
وإذا تجيءُ كتيبة ٌ ملمومة ٌ
خرساءُ تغثي من يذودُ نهالها
تأوي طوائفها إلى مخضرّة ٍ،
مكروهة ٍ يخشى الكماة ُ نزالها
كنتَ المقدَّمَ غيرَ لابسِ جنّة ٍ،
بالسّيْفِ تَضْرِبُ مُعْلِماً أبْطَالَهَا
وعلمتَ أنّ النّفسَ تلقى حتفها،
ما كانَ خالِقُها المَلِيكُ قَضَى لَهَا