بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
تمهيد
في
القرون الأخيرة سادت في العالم مذاهب مادية الحادية تنفي الأديان باسم
العلم, وتعتبرها خرافات وأفيونا للشعوب, حتى كان الإلحاد علامة على العلم
والثقافة ,هذه المذاهب ظهرت في أوربا لأسباب خاصة بالمجتمع الأوربي, لكنها
انتقلت مع الاستدمار الى الوطن الإسلامي , فركب موجتها أدعياء علم واثأروا
زوابع شكوك في القلوب والعقول كادت تعصف بالإيمان الإسلامي, لولا أن الله
عز وجل قيض لهم رجالا تولوا الدفاع عنه بقوة الفكر وصدق الالتزام , فجاهدوا
في سبيل إعلاء كلمة الله بالحجة الدامغة والعبارة البليغة , نذكر منهم
جمال الدين الأفغاني , محمد عبدو , رشيد رضا , ابن باديس , مالك بن نبي ,
وحيد الدين خان , المودودي , الشعراوي , محمد الغزالي , البوطي , عبد
المجيد الزنداني , هارون يحي ........ وغيرهم كثير في السابقين والمتأخرين,
منهم من قضى نحبه- رحمه الله- ومنهم من ينتظر - حفظه الله - فكشفوا عوار
تلك المذاهب والأفكار , ونزعوا عنها غطاء العلم , وأعادوا لواءه الى الدين ,
وهاهو هذا القرن يطل علينا وعقيدة الإلحاد بائدة , وحجة الإيمان سائدة ,
ولم يبق على ما كان إلا أصحاب العقول الجامدة. يقول احد الشيوخ (هداه الله
وخلصه من شرك اليهود واعوانهم الاعراب) في كتابه الإيمان والحياة
" إن
بعض الذين ينتسبون الى العلم يعيشون بعقلية قرن مضى أو قرنين ولا يتابعون
التطور الهائل الذي حدث في ميدان العلم والفكر في هذا القرن (القرن 20) ,
فهم أولى من يستحق اسم الرجعيين المتخلفين لأنهم سجناء نظريات أثبت العلم
بطلانها , فالعلم عاد الى أحضان الدين , وهذا ما يقوله العلماء في هذا
العصر لا أشباه المتعلمين " (كتاب الإيمان والحياة)
نعم
لقد ولى والحمد لله عصر التشكيك في الدين باسم العلم , وهذا القرن هو قرن
العودة الى الدين و باسم العلم الراسخ الذي تجاوز القشور الى التغلغل في
أعماق الحقائق , لكن : أي دين ؟
الإسلام هو الدّين الذي يبشّر به العلم في هذا العصر
إن
الإسلام وحده - لو ينصفون - هو المعني بهذه البشارة العلمية للأديان ,
لأنه هو الدين الوحيد الذي يوافق التوجهات العلمية والإنسانية للإنسان
المعاصر, ولأن الإلحاد ما قام إلا كرد فعل على جهالات الكنيسة التي حجرت
العقل البشري , وقمعت الفكر المتحرر, وأفسدت فطرة الإنسان , فتطلب التخلص
من أغلالها خوض معركة مريرة , كانت كلفتها كبيرة , جعلت الإنسان في الغرب
يذهب بعيدا في معاداته للأديان, الى دركة الإنكار لوجود الديان , إلا أن
الكثير من الذين ألحدوا في أوربا باسم العلم لم ينكروا وجود الخالق سبحانه
الذي شعروا بوجوده بفطرتهم السليمة ومن خلال نتائج بحوثهم وتأملاتهم
العلمية , إنما أنكروا الإله الثلاثي الذي تصوره الكنيسة , والذي باسمه
يقمع من يقول بكروية الأرض الى درجة الحكم بحرقه حيا , والذي ينصب باسمه
سماسرة بينه وبين الناس التائبين ليأخذوا منهم الرشاوى من أجل مغفرة ذنوبهم
, والذي يدعو الناس أن يتقربوا إليه بالأوساخ والقذارة , والذي باسمه تقام
محاكم التفتيش لتعقب العلماء والصلحاء لتعذيبهم أو تصفيتهم بسبب آرائهم
العلمية و عقائدهم الدينية.
فهل
العودة الى الدين تعني الرجوع الى تلك التعاليم الكنسية المثبتة في كتبها
المقدسة , مما يعني عودة الظلامية والهمجية والتخلف ؟ أم أن الكنيسة ستعمل
على تحريف تلك الكتب مرة أخرى لتنسجم
إن
الإسلام وحده هو الذي يساير الوثبة العلمية المتطورة , والروح الفكرية
المتحررة , والطموحات الإنسانية المتحضرة للإنسان المعاصر, انه الدين
الوحيد الذي يبني عقيدته على أساس العلم, ويتخذ من البحث العلمي وسيلة
لإثبات حقائقه , ويرفرف بالإنسان في معارج الكمال المادي والسمو الروحي
الأخلاقي , وهو وحده المؤهل للمحافظة على مكتسبات الحضارة الحديثة في
ميادين العلم الكوني والاجتماع والسياسة .
إن
العلم الحقيقي يدعو منذ عقود مضت وبإلحاح الى العودة الى الدين الذي أثبتت
البحوث العلمية المعمقة والنزيهة أنه الحق , وهو دين الفطرة – الإسلام -
يقول هرشل العالم الفلكي الانجليزي :" كلما
اتسع نطاق العلم ازدادت البراهين الدامغة القوية على وجود خالق أزلي لا حد
لقدرته ولا نهاية , فالجيولوجيون والرياضيون والفلكيون والطبيعيون قد
تعاونوا وتضامنوا على تشييد صرح العلم وهو صرح عظمة الله وحده "
ويقول هربرت سبنسر في رسالته التربية :" العلم يناقض الخرافات ولكنه لا يناقض الدين نفسه
يوجد
في الكثير من العلم الطبيعي الشائع روح الزندقة , لكن العلم الصحيح الذي
تجاوز المعلومات السطحية , ورسب في أعماق الحقائق بريء من هذه الروح ,
والعلم الطبيعي لا ينافي الدين , والتوجه الى العلم الطبيعي عبادة صامتة
واعتراف صامت بنفاسة الأشياء التي نعاينها وندرسها , ثم بقدرة خالقها, فليس
ذلك التوجه تسبيحا شفهيا , بل هو تسبيح عملي" (من كتاب الإيمان والحياة للقرضاوي )
وهذه
هي الحقيقة ذاتها التي جاء بها القرآن وبالطريقة التي دعا إليها في
البرهنة على صحة الدين , إن هدى الإسلام يتلاقى دائما مع الفكرة المستقيمة
النيرة , والفطرة السليمة الخيرة , في كل عصر ومصر.
يقول عز وجل:" سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفََاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ " (53 فصلت )
ويقول عز من قائل :" إِنَّ
فِي خَلْقِ السَّمَاوِاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ الليلِ وَالنَّهَارِ
لآياتٍ لأولِي الألبَابِ الذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً
وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
رَبَّناَ مَا خَلَقْتَ هذاَ بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ
النَّارِ " (آل عمران 191)
ويقول سبحانه :" قُلِ انظُرُوا مَاذاَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ" (يونس 101 )
ويقول جل جلاله :" إِنَّ
فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وَفِي خَلْقِكُمْ
وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ وَاخْتِلافِ
اللَّيلِ وَالنَّهارِ وَمَا أنزَلَ اللهُ مِنَ السَّماَءِ مِن رٍّزْقٍ
فَأحيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهاَ وَتَصْرِيفِ الرِّياَحِ آيَاتٌ
لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ تِلكَ آيَاتُ اللهِ نَتْلوهاَ عَلَيْكَ بِالحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآيَاتِهِ يُؤمِنُون َ؟ " ( الجاثية من الآية 3 الى 6 )
ويقول أيضا : " إنما يخشى الله من عباده العلماء " ( فاطر 28 )
وهو ما عبر عنه شاعر معاصر حين قال موجها خطابه للملحدين والمثلثين
اللهُ ربِّـي ربُّـكـمْ iiوَمُـحـمَّدُ
شَـهِـد الوجودُ بصدقِه iiلِحقائق
حُـجَـجُ العقيدةِ عنده بمعارف
لا لن يَصُدَّ عن الهُدى إلاَّ العمى
فَدَعُوا الخُرافَة والهوى وَتَقرَّبوا
الواحدِ الفَرْدِ الذِي خَلقَ iiالوَرَى
سُـبـحـانَـه لم يتَّخذْ ابنا iiولا
سـبحانه ، سبحانه ، ثم iiالصّلا
مـبـعـوثُ خالقناَ بلا iiاسْتئثارِ
فـي الـنَّـفس والآفاقِ iiوالآثارِ
غـزتِ العقولَ بِفَيضِها iiالموَّارِ
وسـفـاهـةِ الجُهَّالِ iiوالأشرَارِ
مـن ربِّـنا ذي الرَّحمة iiالغَفَّارِ
مُـتَـنَزِّهاً عنْ شِرْكَةِ iiالأغْيارِ
زوجـاً كـما يهذي بنُو iiالكُفارِ
عـلـى الـنّبي الخاتِم iiالمُختارِ
وقال في نفس القصيدة معاتبا أبناء المسلمين الذين تردوا في غياهب الإلحاد أو التثليث
أوَ تـنـزلـون لـردَّةٍ iiوجهالةٍ
فـي عـالمٍ أبدى الخفيَّ iiبِمُجْهِرٍ
أوَ ما علمتمْ في الورى من زانكمْ
أوَ مـا نظرتُم حولكمْ ؟ كم آية iiٍ
فـي عـالم التَّصويرِ iiبالأقمارِ؟
أدْنَـى الـبـعـيدَ بقوَّةِ iiالمنظارِ
بـالـعقلِ والأسماعِ iiوالأبصارِ؟
في الأرضِ والأحياءِ iiوالأنهارِ؟
إن
الإنسان النزيه الباحث عن الحق في هذا القرن لا يفصله عن الإسلام إلا جهله
به , وبمجرد أن يتعرف عليه يعتنقه بشغف , ومما يثبت ذلك إقبال النخبة
المثقفة في الغرب (أوربا وأمريكا) والشرق (اليابان ) على الدخول في الإسلام
أفواجا , رغم افتقار الدعوة الإسلامية لأجهزة متخصصة تمارس الدعوة الى
الإسلام بأسلوب مدروس ومركز, يستعمل الوسائل العصرية, وينتشر في أكبر رقعة
من العالم, كما هو الحال عند المسيحيين , فالدعوة الى الإسلام مازالت فردية
عفوية غير منظمة , فكيف لو كانت لها هيآت متخصصة متفرغة للعمل الدعوي
بالوسائل العصرية اللازمة ؟ إن هذا الإقبال على الإسلام رغم سوء حال
المنتسبين إليه هو الذي أفقد سدنة الكنيسة وساسة الاستعلاء في الغرب رشدهم,
وجعلهم يقومون بردود أفعال كلها طيش وحمق , كتهجمهم على خير البرية نبي
الإسلام عليه الصلاة والسلام, وكأنهم " يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم "
لما بهرهم أواره , وهذا يبين لنا نقطة ضعفهم الأساسية , فما تمكن الباطل
في العالم إلا بسبب غياب الدعوة الجادة المركزة الى الحق (الإسلام) , وكل
مسلم قادر مسئول على ذلك أمام الله والتاريخ والإنسانية .
صاحب المقالة : عمر بلقاضي من الجزائر
المصدر : زنقتنا ...منتديات شباب ليبيا الاحرار: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
تمهيد
في
القرون الأخيرة سادت في العالم مذاهب مادية الحادية تنفي الأديان باسم
العلم, وتعتبرها خرافات وأفيونا للشعوب, حتى كان الإلحاد علامة على العلم
والثقافة ,هذه المذاهب ظهرت في أوربا لأسباب خاصة بالمجتمع الأوربي, لكنها
انتقلت مع الاستدمار الى الوطن الإسلامي , فركب موجتها أدعياء علم واثأروا
زوابع شكوك في القلوب والعقول كادت تعصف بالإيمان الإسلامي, لولا أن الله
عز وجل قيض لهم رجالا تولوا الدفاع عنه بقوة الفكر وصدق الالتزام , فجاهدوا
في سبيل إعلاء كلمة الله بالحجة الدامغة والعبارة البليغة , نذكر منهم
جمال الدين الأفغاني , محمد عبدو , رشيد رضا , ابن باديس , مالك بن نبي ,
وحيد الدين خان , المودودي , الشعراوي , محمد الغزالي , البوطي , عبد
المجيد الزنداني , هارون يحي ........ وغيرهم كثير في السابقين والمتأخرين,
منهم من قضى نحبه- رحمه الله- ومنهم من ينتظر - حفظه الله - فكشفوا عوار
تلك المذاهب والأفكار , ونزعوا عنها غطاء العلم , وأعادوا لواءه الى الدين ,
وهاهو هذا القرن يطل علينا وعقيدة الإلحاد بائدة , وحجة الإيمان سائدة ,
ولم يبق على ما كان إلا أصحاب العقول الجامدة. يقول احد الشيوخ (هداه الله
وخلصه من شرك اليهود واعوانهم الاعراب) في كتابه الإيمان والحياة
" إن
بعض الذين ينتسبون الى العلم يعيشون بعقلية قرن مضى أو قرنين ولا يتابعون
التطور الهائل الذي حدث في ميدان العلم والفكر في هذا القرن (القرن 20) ,
فهم أولى من يستحق اسم الرجعيين المتخلفين لأنهم سجناء نظريات أثبت العلم
بطلانها , فالعلم عاد الى أحضان الدين , وهذا ما يقوله العلماء في هذا
العصر لا أشباه المتعلمين " (كتاب الإيمان والحياة)
نعم
لقد ولى والحمد لله عصر التشكيك في الدين باسم العلم , وهذا القرن هو قرن
العودة الى الدين و باسم العلم الراسخ الذي تجاوز القشور الى التغلغل في
أعماق الحقائق , لكن : أي دين ؟
الإسلام هو الدّين الذي يبشّر به العلم في هذا العصر
إن
الإسلام وحده - لو ينصفون - هو المعني بهذه البشارة العلمية للأديان ,
لأنه هو الدين الوحيد الذي يوافق التوجهات العلمية والإنسانية للإنسان
المعاصر, ولأن الإلحاد ما قام إلا كرد فعل على جهالات الكنيسة التي حجرت
العقل البشري , وقمعت الفكر المتحرر, وأفسدت فطرة الإنسان , فتطلب التخلص
من أغلالها خوض معركة مريرة , كانت كلفتها كبيرة , جعلت الإنسان في الغرب
يذهب بعيدا في معاداته للأديان, الى دركة الإنكار لوجود الديان , إلا أن
الكثير من الذين ألحدوا في أوربا باسم العلم لم ينكروا وجود الخالق سبحانه
الذي شعروا بوجوده بفطرتهم السليمة ومن خلال نتائج بحوثهم وتأملاتهم
العلمية , إنما أنكروا الإله الثلاثي الذي تصوره الكنيسة , والذي باسمه
يقمع من يقول بكروية الأرض الى درجة الحكم بحرقه حيا , والذي ينصب باسمه
سماسرة بينه وبين الناس التائبين ليأخذوا منهم الرشاوى من أجل مغفرة ذنوبهم
, والذي يدعو الناس أن يتقربوا إليه بالأوساخ والقذارة , والذي باسمه تقام
محاكم التفتيش لتعقب العلماء والصلحاء لتعذيبهم أو تصفيتهم بسبب آرائهم
العلمية و عقائدهم الدينية.
فهل
العودة الى الدين تعني الرجوع الى تلك التعاليم الكنسية المثبتة في كتبها
المقدسة , مما يعني عودة الظلامية والهمجية والتخلف ؟ أم أن الكنيسة ستعمل
على تحريف تلك الكتب مرة أخرى لتنسجم
إن
الإسلام وحده هو الذي يساير الوثبة العلمية المتطورة , والروح الفكرية
المتحررة , والطموحات الإنسانية المتحضرة للإنسان المعاصر, انه الدين
الوحيد الذي يبني عقيدته على أساس العلم, ويتخذ من البحث العلمي وسيلة
لإثبات حقائقه , ويرفرف بالإنسان في معارج الكمال المادي والسمو الروحي
الأخلاقي , وهو وحده المؤهل للمحافظة على مكتسبات الحضارة الحديثة في
ميادين العلم الكوني والاجتماع والسياسة .
إن
العلم الحقيقي يدعو منذ عقود مضت وبإلحاح الى العودة الى الدين الذي أثبتت
البحوث العلمية المعمقة والنزيهة أنه الحق , وهو دين الفطرة – الإسلام -
يقول هرشل العالم الفلكي الانجليزي :" كلما
اتسع نطاق العلم ازدادت البراهين الدامغة القوية على وجود خالق أزلي لا حد
لقدرته ولا نهاية , فالجيولوجيون والرياضيون والفلكيون والطبيعيون قد
تعاونوا وتضامنوا على تشييد صرح العلم وهو صرح عظمة الله وحده "
ويقول هربرت سبنسر في رسالته التربية :" العلم يناقض الخرافات ولكنه لا يناقض الدين نفسه
يوجد
في الكثير من العلم الطبيعي الشائع روح الزندقة , لكن العلم الصحيح الذي
تجاوز المعلومات السطحية , ورسب في أعماق الحقائق بريء من هذه الروح ,
والعلم الطبيعي لا ينافي الدين , والتوجه الى العلم الطبيعي عبادة صامتة
واعتراف صامت بنفاسة الأشياء التي نعاينها وندرسها , ثم بقدرة خالقها, فليس
ذلك التوجه تسبيحا شفهيا , بل هو تسبيح عملي" (من كتاب الإيمان والحياة للقرضاوي )
وهذه
هي الحقيقة ذاتها التي جاء بها القرآن وبالطريقة التي دعا إليها في
البرهنة على صحة الدين , إن هدى الإسلام يتلاقى دائما مع الفكرة المستقيمة
النيرة , والفطرة السليمة الخيرة , في كل عصر ومصر.
يقول عز وجل:" سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفََاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ " (53 فصلت )
ويقول عز من قائل :" إِنَّ
فِي خَلْقِ السَّمَاوِاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ الليلِ وَالنَّهَارِ
لآياتٍ لأولِي الألبَابِ الذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً
وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
رَبَّناَ مَا خَلَقْتَ هذاَ بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ
النَّارِ " (آل عمران 191)
ويقول سبحانه :" قُلِ انظُرُوا مَاذاَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ" (يونس 101 )
ويقول جل جلاله :" إِنَّ
فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وَفِي خَلْقِكُمْ
وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ وَاخْتِلافِ
اللَّيلِ وَالنَّهارِ وَمَا أنزَلَ اللهُ مِنَ السَّماَءِ مِن رٍّزْقٍ
فَأحيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهاَ وَتَصْرِيفِ الرِّياَحِ آيَاتٌ
لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ تِلكَ آيَاتُ اللهِ نَتْلوهاَ عَلَيْكَ بِالحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآيَاتِهِ يُؤمِنُون َ؟ " ( الجاثية من الآية 3 الى 6 )
ويقول أيضا : " إنما يخشى الله من عباده العلماء " ( فاطر 28 )
وهو ما عبر عنه شاعر معاصر حين قال موجها خطابه للملحدين والمثلثين
اللهُ ربِّـي ربُّـكـمْ iiوَمُـحـمَّدُ
شَـهِـد الوجودُ بصدقِه iiلِحقائق
حُـجَـجُ العقيدةِ عنده بمعارف
لا لن يَصُدَّ عن الهُدى إلاَّ العمى
فَدَعُوا الخُرافَة والهوى وَتَقرَّبوا
الواحدِ الفَرْدِ الذِي خَلقَ iiالوَرَى
سُـبـحـانَـه لم يتَّخذْ ابنا iiولا
سـبحانه ، سبحانه ، ثم iiالصّلا
مـبـعـوثُ خالقناَ بلا iiاسْتئثارِ
فـي الـنَّـفس والآفاقِ iiوالآثارِ
غـزتِ العقولَ بِفَيضِها iiالموَّارِ
وسـفـاهـةِ الجُهَّالِ iiوالأشرَارِ
مـن ربِّـنا ذي الرَّحمة iiالغَفَّارِ
مُـتَـنَزِّهاً عنْ شِرْكَةِ iiالأغْيارِ
زوجـاً كـما يهذي بنُو iiالكُفارِ
عـلـى الـنّبي الخاتِم iiالمُختارِ
وقال في نفس القصيدة معاتبا أبناء المسلمين الذين تردوا في غياهب الإلحاد أو التثليث
أوَ تـنـزلـون لـردَّةٍ iiوجهالةٍ
فـي عـالمٍ أبدى الخفيَّ iiبِمُجْهِرٍ
أوَ ما علمتمْ في الورى من زانكمْ
أوَ مـا نظرتُم حولكمْ ؟ كم آية iiٍ
فـي عـالم التَّصويرِ iiبالأقمارِ؟
أدْنَـى الـبـعـيدَ بقوَّةِ iiالمنظارِ
بـالـعقلِ والأسماعِ iiوالأبصارِ؟
في الأرضِ والأحياءِ iiوالأنهارِ؟
إن
الإنسان النزيه الباحث عن الحق في هذا القرن لا يفصله عن الإسلام إلا جهله
به , وبمجرد أن يتعرف عليه يعتنقه بشغف , ومما يثبت ذلك إقبال النخبة
المثقفة في الغرب (أوربا وأمريكا) والشرق (اليابان ) على الدخول في الإسلام
أفواجا , رغم افتقار الدعوة الإسلامية لأجهزة متخصصة تمارس الدعوة الى
الإسلام بأسلوب مدروس ومركز, يستعمل الوسائل العصرية, وينتشر في أكبر رقعة
من العالم, كما هو الحال عند المسيحيين , فالدعوة الى الإسلام مازالت فردية
عفوية غير منظمة , فكيف لو كانت لها هيآت متخصصة متفرغة للعمل الدعوي
بالوسائل العصرية اللازمة ؟ إن هذا الإقبال على الإسلام رغم سوء حال
المنتسبين إليه هو الذي أفقد سدنة الكنيسة وساسة الاستعلاء في الغرب رشدهم,
وجعلهم يقومون بردود أفعال كلها طيش وحمق , كتهجمهم على خير البرية نبي
الإسلام عليه الصلاة والسلام, وكأنهم " يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم "
لما بهرهم أواره , وهذا يبين لنا نقطة ضعفهم الأساسية , فما تمكن الباطل
في العالم إلا بسبب غياب الدعوة الجادة المركزة الى الحق (الإسلام) , وكل
مسلم قادر مسئول على ذلك أمام الله والتاريخ والإنسانية .
صاحب المقالة : عمر بلقاضي من الجزائر
المصدر : زنقتنا ...منتديات شباب ليبيا الاحرار: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]