كسب الملكية بالحيازة في القانون السوداني
عثمان الطيب
بحث فيما جاء في
قانون المعاملات المدنية لسنة 1984 عن كسب الملكية بالحيازة أو بعبارة التقادم
المكسب للملكية أو المسقط وهو مقارنة بما اشتمل عليه قانون التقادم المكسب للملكية
والمسقط لسنة 1928م الذي ألغاه القانون الأخير المذكور
. الاكتساب والإسقاط : على حسب علمي توجد نظريتان قانونيتان : أحدهما
اكتساب الحق بالتقادم، والثانية سقوط الحق بالتقادم، بمعنى أن الحيازة إذا استوفت
شروطها تجعل الحائز مالكاً . فإن كان الشيء الذي وقعت عليه الحيازة عقاراً يكون
الحائز مالكاً لذلك العقار ملكاً لا ينازعه فيه أحد . وإن كان العقار في منطقة
خاضعة للتسجيل ، وأن التسجيل هو مظهر وكمال الملكية، فإنه يسجل باسم الحائز . وأما
التقادم المسقط ، فهو إسقاط حق المالك، أي إسقاط حقه في التعرض للحائز في استرداد
الحق منه، سواء كان بتدخله الشخصي أو برفع دعوى قضائية ، وفي هذه الحالة يكون
الحائز الذي استوفت حيازته شروطها القانونية مالكاً للحق . إن النتيجة واحدة، إلا ما يوجد من فرق بين العقار القابل للتسجيل وما
عليه من حقوق وبين العقار غير القابل للتسجيل والمنقولات والحقوق الشخصية الأخرى .
لأن العقار القابل للتسجيل فإن الملكية فيه تتم بالتسجيل ، وأما غيره فإن ملكيتها
تتم بالاستمرار في الحيازة أو الاستمرار في التمتع بها من غير أن يكون للمالك أو
صاحب الحق من حق في استردادها . اتخذ القانون الجديد النظرية الثانية، وهي نظرية
سقوط الحق بالتقادم واتخذ القانون الملغي قانون التقادم المكسب للملكية والمسقط
لسنة 1928م النظرية الثانية وهي نظرية اكتساب الحق بالتقادم . وما دمن في السودان نعمل بنظام تسجيل الأراضي ، فإن النظرية المذكورة
أخيراً أولى بالتطبيق بل هي واجبة التطبيق . لأن المالك تكون الأرض مسجلة باسمه
وتقع عليها حيازة الحائز ، فإذا هو أي المالك رفع دعوى لاستردادها وفشلت دعواه
بسبب قواعد التقادم . وصدر الحكم لمصلحة الحائز . فيجب أن يعدل السجل لاسم المحكوم
له . ولا يمكن أن يتصور أن يظل اسم المالك السابق موجوداً في السجل مع إثبات حق
الملكية للحائز . وبهذا نص القانون الملغي على إرسال صورة الحكم لمكتب التسجيلات
المختصة لتعديله من اسم المحكوم ضده على اسم المحكوم له . وفرق آخر بين القانونين
هو أن القانون الجديد يجعل الحق في إقامة الدعوى القضائية للمالك لاسترداد حقه من
الحائز وليس للحائز الحق في رفع الدعوى لإثبات ملكه ، فقط يعطيه الحق لإقامة
الدعوى لإثبات ملكيته يتبعها تعديل تسجيل الأرض . وهذا هو المنطق القانوني ......
السليم لأنه لا يعقل أن يقال للحائز عليك أن تستمر في حيازتك من غير أن يغطي الرصة
ليثبت أنها انتقلت من حيازة إلى ملكية قابلة للتسجيل . ومما يستحق الذكر هنا أن كل
من القانون الإنجليزي والقانون الهندي يتخذان نظرية إسقاط الحق بالتقادم ون
قوانينهما ليست قوانين اكتساب حق بل هي قوانين إسقاط في كل منهما تبدأ مواد
القانون بعبارة لا ترفع دعوى لاسترداد حق بعد نهاية المدة ... )
Noaction shall be brought by any other person to recover land aftee the
exipration of … ) هذا مقال من قانون ( المملكة المتحدة )
التقادم المسقط لسنة 1939 The
(U.K)Limtitatio Act 1939 ذكرت هذا
لأقرر أن قانون السودان لم يكن مستمداً من القانونين المذكورين علاه ولم يكن
متأثراً بهما، كما يمكن أن يظن . وقد سبق أن ذكرت في البحث السابق عن الملكية
العقارية وأنواعها ، أن كل قوانين الأراضي السودانية نبعت من الأعراف والتقاليد
السودانية ولم تستجلب من بلاد أجنبية وهذا ينطبق على قانون التقادم . إنه معروف في
السودان منذ أزمنة عابرة، وتطلق عبارة ( وضع اليد ) على الحيازة المستمرة . وربما تكون ابلغ من
اكتساب الملكية من العبارات الأخرى . ويعرف الناس القانون بقانون وضع اليد على مثل هذه الأراضي ولانتفاع
بها بالزراعة أو السكنى أو غيرها افضل من تركها خراباً . لأن المنافع مفضلة عن
غيرها . وطول الإقامة الذي يربط الإنسان بالأرض ويركز حياته ومعايشه عليها يجعله
أولى بها من غيره . ونرى أن نظرية الإسقاط التي جاء بها القانون الجديد لا سند لها
ولا مبرر لها، وأنها ليست إلا طمساً لحقائق ونظم استقرت عرفياً في أذهان الناس
جميعاً، والقانونيين بصفة خاصة ولأنهال صدرت فيها سوابق قضائية كثيرة مفسرة وموضحة
، حسب ما جاءت في قانون 1928 الذي ألغاه القانون الجديد . والحق الذي يجب أن يبقى
هو قانون 1928 والذي يلغى هن القانون الجديد. نظرة عامة لمواد القانون :
موضوع بحثنا هو الفصل
الثالث عشر،وعنوانه هو كسب الملكية بالحيازة ويبتدئ من المادة 361 إلى المادة 654
.
يبدأ بتعريف الحيازة
ثم يذهب إلى أوصاف الحيازة : الحيازة بالتسامح، الحيازة بالوساطة، حيازة عديم
الأهلية، الحيازة لحساب الغير ، الحيازة بالإكراه أو خفية، الحيازة بين فترتين ،
تنازع المعقودين في الحيازة، افتراض بقاء الحيازة على صفتها ، الحائز حسن النية،
الحائز سيئ النية، نقل الحيازة، حق الخلف للسلف، نق الحيازة بتسليم المستندات،
زوال الحيازة وانقطاعها، طلب استرداد الحيازة، حق الحائز في جني الثمار، ما بين
المالك الذي يسترد الحيازة والحائز، المسئولية عن الهلاك .
وبعد كل هذا يأتي
...بالمادة الأساسية في الموضوع وهي المادة 649 التي تقرأ : 1- منحاز بحسن نية
وبسبب صحيح منقولاً أو عقاراً أو حقاً مبنياً على منقول أو عقار باعتباره مالكاً
له دون انقطاع لمدة عشر سنوات فلا تسمع عليه عند الإنكار دعوى الملك أو دعوى الحق
العيني من شخص ليس بذي عذر شرعي . 2- يجب أن يتوافر حسن النية طول مدة الحيازة . 3- لأغراض البند (1)
يعني السبب الصحيح : ( أ ) الاستيلاء على الأراضي الموات . (ب) انتقال الملك
بالإرث أو الوصية . (ج) البيع الرسمي أو العرفي . ونستمر فيما جاء في هذا الفصل
بعد هذه المادة ذكر سقوط حق الإرث والأموال والعقارات المملوكة للدولة، وسريان
قواعد التقادم المانع وحيازة حق على منقول أو سند وخيراً استرداد المنقول أو السند
. نقف هنا على ملاحظتين ولاهما تتعلق بالصياغة . إن الصياغة القانونية السليمة هي
أن يأتي بالمادة الأساسية ( المادة 649 المذكورة أعلاه ) ولاً ثم يأتي بعده تعريف
الحيازة وأنواعها وأوصافها وشروطها، ومعنى حسن النية وسوء النية ولحيازة بالتسامح
وبالوساطة ومعنى الإكراه والخفاء، ومعنى استمرار الحيازة وانقطاعها وزوالها إلى
غير ذلك .إذا كان قد فعل هذا يكون قد سهل للدارس للقانون أن يتتبعه بذهن وضح
وبطريقة علمية، ولكن المشرع هنا قد اختار طريقة الخلط والارتباك كعادته . والملاحظة الثنية هي
الخلط وعدم التمييز في الأحكام بين العقار والمنقول . وهي من مساوئ هذا القانون
الكبيرة . وأكثر ما يتجلى فيه هذا السوء هنا في قانون التقادم . يقول في المادة
649 ( منقولاً أو عقاراً و حقً عينياً على منقول أو عقار ) على أنه تسقط المطالبة
بها إذا استمرت حيازتها لمدة عشر سنوات لا أعتقد أنه يوجد قانون في أي ملة من
الملل أو مذهب من المذاهب تضع العقار والمنقول في موضع وحد في مثل هذه الظروف .
يفترض في العقار الاستدامة والتأييد ولذلك تمتد مدة التقادم بشأنه إلى عشر سنوات
أو أكثر والمنقول والحقوق التي ترد عليه يفترض فيه الاستهلاك والتآكل والذوبان
والصدأ والكسر ولتلف، ولذلك تحدد مدة التقادم بشأنه بما لا يزيد عن خمس سنوات . لقد ابتدع هذا المشرع
شيئاً لا سند له من عقل ولا وضع . وبمقارنة بسيطة بين هذا القانون وقانون 1928 في
الملاحظتين المذكورتين أعلاه مباشرة .
أولاً من ناحية
الصياغة . نجد أن قانون 1928 يضع المدة الأساسية في أول القانون . وهي المادة 3
التي تقرأ : ( يجوز لأي شخص بشرط أن ألا يكون منتفعاً أن يكسب ملكية ارض إذا حازها
حيازة هادئة وظاهرة ومستمرة لمدة عشر سنوات ) وبعدها في المادة 4 بين ا لقانون
مبادئ الحيازة أي أنواعها ... .. وأوصافها ، الحيازة بين فترتين، والحيازة باستلام
الأجر والمنافع والحيازة بالإنابة عن المدعي ولعلاقة بين الطرفين وصلتها بالحيازة،
والحيازة المقيدة بشروط وانقطاع الحيازة وزوالها، والأفعال التي تنقطع بها الحيازة
وأخيراً الحيازة بصفة ائتمانية . وهذا هو المنهج العلمي في الصياغة الذي يجعل
الدارس ينتقل من خطوة إلى خطوة وهو ثابت الفهم والتفكير . والملاحظة الثانية هي أن
المادة ركزت على الأرض وليس غير الأرض، ولم تخلط بينها وبين المنقول كما فعلت مادة
قانون 1984م وكما سبق أن ذكرنا أن العقار والمنقول لا يمكن ن يجتمعا في الأحكام
خاصة في هذا القانون .
الحيازة بإكراه أو
خفية : في المادة 635 وتحت العنوان الذي يقول ( أثر الحيازة المعيبة ) جاء النص
الآتي : ( إذا حصلت الحيازة بإكراه أو حصلت خفية أو كان فيها لبس فلا يكون لها أثر
قبل من وقع عليه الإكراه أو أخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها إلا من الوقت
الذي تزول فيه من هذه العيوب) . من ناحية الصياغة نذكر أن عبارة ( أو كان فيها لبس
) ليست عبارة تشريعية، لأنها ذاتها فيها لبس .
إن اللبس معناه الخلط
و الإشكال أو الغموض وإذا كان هذا هو معناها فإنها تدخل في معنى الخفية، وكلمة (
المعيبة ) في وصف الحيازة وكلمة ( العيوب ) أرى أنهما غير موفقتين
. إن العيب في الحيازة يمكن أن يقع لأسباب غير الإكراه والخفية . مثلاً
فإن الحيازة المنقطعة والحيازة بالنيابة عن المالك والحيازة بالتسامح وغيرها،
فإنها قد تكون عيوباً ن على الأصح أسباباً لا تكون للحيازة معها اثر قبل المالك .
وارى أن يكون العنوان المناسب للمادة هو ( الحيازة بالإكراه أو خفية ) في آخر
المادة يحسن أن تأتي عبارة مثل ( إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه الأسباب ) . فإذا
حذفنا من المادة عبارة ( أو كان فيها لبس ) فإنه يبقى معنا : حصول الحيازة بإكراه
أو خفية . والإكراه أو الخفية يقع من قبل الحائز بأن يدخل في الحيازة باستعمال
القوة المادية أو الإرهاب أو التهديد ضد صاحب الأرض . أو اتخذ من الأسباب ما يخفي به حيازته عن المالك ولا يكون للحيازة
بهذا الوصف أثراً لاكتساب الحق أو إسقاط الحق إلا بعد زوال الإكراه أو الإخفاء .
إن الإكراه هو ضد الهدوء والسلمية، والخفية هي ضد الظهور والعلنية . وإذا يصح
القول بأن الحيازة التي تحصل بهدوء ومسالمة أو تحصل بطريقة ظاهرة وعلنية يكون لها
أثرها الفعال في اكتساب الحق أو إسقاطه وربما تبدأ الحيازة بالإكراه أو الخفية
ولكنها يجوز أن تصبح هادئة وظاهرة بزوال الإكراه أو الخفية ولعكس يصح أيضاً بأن
تبدأ الحيازة هادئة وظاهرة وفيما بعد يأتيها عامل الإكراه أن الخفية بالنسبة
للاستمرار فيها . جاء النص في هذا القانون بالأسلوب السلبي ، حيث قال إن الحيازة
بالإكراه أنو الخفية لا أثر لها . وجاء النص في قانون 1928 بالأسلوب الإيجابي ، حيث نص على أن الحيازة
الهادئة والظاهرة تكسب الحق والاكتساب بالتقادم يأتي من قبل الحائز بفعله الإيجابي
الذي هو الحيازة ودعواه تقوم على الادعاء ...... بأنه جاء بطريقة هادئة وظاهرة
ومستمرة في أثناء المدة القانونية . والإسقاط بالتقادم يحصل سلبياً من جانب المالك
أي بالترك أي يترك حقه بدون مباشرة حتى تمر عليه مدة التقادم . ومهم يكن الترك
فإنه لا يسقط الحق إلا إذا وجدت في الجانب الآخر الحيازة في حلة التقادم المكسب
فالمدعي يدعي الحيازة الهادئة والعلنية وللمدعى عليه الذي هو المالك أن يدفع بما
يتيسر له من الوقائع كأن يدفع بالإكراه و الخفية أو التسامح أو الإنابة أو غيرها .
أما في حالة التقادم المسقط فليس للحائز ن يعارض برفع الدعوى لإثبات ملكيته، وإنما
إنشاء الدعوى للمالك بطلب استرداد ملكه وهنا للحائز أن يعارض ويدفع بسقوط الدعوى
على أساس أنه حاز حيازة هادئة وعلنية . ويعيد المالك الدفع بما يرى من الدفوع . إن
إجراءات التقادم المكسب فيها تسهيل واضح لتقاضي خاصة في تحديد نقاط النزاع وعبء
الإثبات .
الحيازة بحسن نية وبسوء
نية : تحت هذا العنوان جاء بالمادتين 637 و 638 ونص الأولى هو كالآتي
: 1- يعتبر الحائز حسن النية إذا كان يجهل أنه
يعتدي على حق الغير، إلا إذا كان هذا الجهل ناشئاً عن خطأ جسيم .
2- إذا كان الحائز شخصً اعتبارياً فالعبرة بنية
من يمثله .
3- حسن النية يفترض ما لم يقم الدليل على عكس
ذلك أو ينص القانون على خلاف ذلك . والمادة الثانية تنص على الآتي :
1- يصبح الحائز سيئ النية من الوقت الذي يعلم
فيه أن حيازته اعتداء على حق الغير .
2- يعتبر الحائز سيئ النية من وقت إعلانه في
صحيفة الدعوى بما يفيد أن حيازته اعتداء على حق الغير، كما يعتبر سيئ النية إذا
اغتصب الحيازة بإكراه من غيره .
وضعت هذه النصوص في
عبارات مرتبكة ومختلطة كعادة هذا القانون . إنها تجول حول الجهل والعلم بالاعتداء
على حق الغير .
أي أن الحائز حسن النية هو الذي يجهل أنه يحوز
على حق الغير، والحائز سيئ النية هو الذي يعلم أنه يحوز على حق الغير
. وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يأتي بكلمات ( الاعتداء واغتصاب الحيازة
بالإكراه ) إن أفعال لاعتداء ولاغتصاب هي أقوى وأظهر الأفعال للعلم بأن الحائز
يحوز حق غيره وليس معها جهل ، وكان يكفي هذا الكاتب أو المشرع أن يقول ( يعتبر الحائز
حسن النية إذا كان يجهل أنه يحوز حق الغير ويعتبر سيئ النية إذا كان لا يجل ذلك )
.
وثانياً فإن عبارة (
إلا إذا كان الجهل ناشئاً عن خطأ جسيم ) هي ليست عبارة تشريعية إن الجهل هو في
ذاته بصفة عامة خطأ ولا ينسب الجهل إلى الجهل ولا الخطأ إلى الخطأ ونسبة أحدهما
على الآخر لا تؤدي إلى معنى مستقيم إن الجهل أو الخطأ له أسباب ينسب إليها ويخال
الإنسان على تلك الأسباب للنظر فيها ليتجنب الجهل أو الخطأ فإذا لم ينظر فيها ووقع
في الجهل أو الخطأ فلا يلومن إلا نفسه والعبارة التشريعية التي ربما تكون مناسبة
في مثل هذه الظروف ( إلا إذا كان له من الأسباب ما يجعله يعلم أن الأرض مملوكة
للغير ) ..
ونقطة ثالثة من ناحية
الصياغة ، قوله : يعتبر سيئ النية من وقت إعلانه في صحيفة الدعوى بما يفيد أن
حيازته اعتداء على حق الغير . مفهوم هذه العبارة هو حصر العلم في إقامة الدعوى ضد الحائز وإعلانه
بها . إن طرق العلم كثيرة ، وإن إقامة الدعوى ليس إلا واحداً منها . ليس واضحاً
المقصود . أننا نعلم أن رفع الدعوى هو واحد من أسباب انقطاع الحيازة كم سيأتي فيما
بعد .
ونقطة رابعة من ناحية
الصياغة ، ذكر افتراض حسن النية إلى أن يثبت العكس ثم ى بالعبارة ( أو ينص القانون على
خلاف ذلك ) هذه العبارة حشو . لا معنى لها . لا نعرف إن كان يوجد نص قانون يعارض
افتراض حسن النية، وأنه إن وجد فلنرجع إليه لنستخلص منه الخلاف، وإن لم يوجد
فلماذا نتيه في الخيال؟
حسن النية
وسوء النية :
إن حسن النية وسوء
النية هما من خلجات الضمائر والقلوب ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ). وعندما يتصلان بفعل
خارجي فإنه يدخل في مجال الخير والشر . من ينوي الخير ويفعله فإنه يكسب الخير ومن
ينوي الشر ويفعله فإنه يكسب الشر . إ
ن حسن النية و نية
الخير كلها خير . أما سوء النية أو نية الشر في هذا المجال الذي هو مجال المعاملات
فإنها تدخل في مجال العش والتدليس والخيانة .
جاء في هذه المادة أن
الحائز حسن النية هو من يجهل أنه يحوز حق الغير ون الحائز سيئ النية هو الذي يعلم
.
هذا بمعنى أن الحائز
سيئ النية فإن حيازته لا أثر لها في اكتساب الحق أو سقوطه . وذكرنا عن المادة 635
أن الحيازة التي لا أثر لها هي التي تحصل بالإكراه أو خفية وبالمقارنة مع المادة 3
من قانون 1928 لنجد أن الحيازة ذات الأثر الفعال هي التي تحصل بهدوء ومسالمة
وبطريقة ظاهرة وعلنية . ويظهر لنا أن لهدوء والمسالمة تنفي وجود التعدي أن الاغتصاب
أو الإكراه ، وأن الظهور أو العلانية تنفي وجود الإخفاء .
إن علم الحائز أو
جهله بأن الأرض أو غيرها لتي يحوزها مملوكة للغير ليس هو أساس نظرية التقادم
لاكتساب حق أو إسقاطه، إنما الأساس هو الحيازة === صفاتها وشروطها . ومتى ما كانت الحيازة
مسمرة بهدوء وعلنية للمدة القانونية فهي تكو الإأو ون سبباً لملكية مال لم ترد
عليها الدفوع مثل علاقة الطرفين أو الإنابة أو غيرها . ولا أثر لحسن النية أو
سوئها بمعنى جهل أو علم الحائز بملكيته لحق غيره .
إن علم الحائز بملكية
غيره لا تفيده إذا استعمل الغش أو إخفاء حق المالك وهذا يحصل إذا كان الحائز يعرف
شخصية المالك وكان المال يجهل أنه مالك، وإن الحائز بأي أسلوب من أساليب الغش جعل
المالك يغط في نومه ولا يعلم بملكيته ففي مثل هذه الحالة لا يستمر التقادم لمصلحة
الحائز إلا من بعد علم المالك أنه المالك، أي بعد أن ينكشف له الغش . جاء النص على
هذا في المادة 6 من قانون 1928 التي تقرأ : ...... ( لا يكتسب شخص أي حق في الأرض ولا يتملكها
بالتقادم إذا كان قد استعمل الغش بنفسه أو بواسطة غيره نيابة عنه لأغراض ذلك
التملك ما لم يكن مدعي الأرض عالماً أو كان يمكنه ببذل جهد معقول أن يعلم بذلك
الغش في تلك الحالة تسري مدة التقادم من التاريخ الذي علم فيه بالغش أو الذي كان
يمكنه فيه العلم ببذل جهد معقول . ففي غير هذه الحالة التي هي حالة الغش لا يمكن أن يتصور سوء النية في
الحيازة ومن ناحية أخرى فإن نظرية العلم والجهل بملكية الغير لا تؤدي إلا إلى
الارتباك وغموض في تطبيق المبادئ الأساسية في القانون . من المعلوم علماً عاماً أن كل الأراضي الموجودة على شواطئ النيل
وأراضي المدن فإنها مملوكة ومسجلة ولا يستطيع الحائز أن يدعي الجهل بهذا . إنه قد
يجهل من هو الشخص المالك ولكنه لا يجهل ملكيتها لشخص ما .
وعدم حماية حق مثل
هذا الحائز تعارض على خط مستقيم مع المبدأ الأساسي الذي هو مبدأ الحيازة الهادئة
والظاهرة والمستمرة . العلم بأن كل شي مملوك هو الشيء الطبيعي ولمبدأ العام .
بمعنى أن الأشياء كلها إما أن تكون مملوكة للأفراد وإما أن تكون مملوكة للدولة وأن
المملوك للدولة نصت القوانين على عدم امتلاكه بالتقادم . وأما المملوك للأفراد
يجوز للفرد أن يكون حائزاً له بنفسه حيازة فعلية . هذا لا دخل للقانون به . وحيازة
الغير تأخذ أشكالاً كثيرة ، ولكننا نريد أن نأخذ حالة واحدة على سبيل المثال : زيد
يمتلك قطعة أرض .مرت عليه ظروف جعلته يستغني عنها ويتركها لم يحوزها . حازها عمرة
واستمر في استغلالها بطريقة هادئة وعلنية وبدون انقطاع للمدة القانونية وكان لها
تأثير على حياته اقتصادياً أو اجتماعياً وكان يعلم أن المالك هو زيد . فما هو الرأي
القانوني، وكيف يدخل حسن النية و سوء النية في هذه الحيازة . ففيما أرى لا مكان لهما . وبصفة عامة فإن الجهل بملكية الغير في
الأراضي المسجلة يكاد يكون مستحيلاً . إن نظرية التقادم تقوم أساساً على سلوك
الطرفين المالك والحائز . سلوك المالك هو سلوك سلبي أن يكون استغنى عن حقه أو ملكه
ابتعد عنه أو تركه أو تنازل عنه لغيره . ومن جانب الحائز فإن سلوكه هو سلوك إيجابي
بأن استولى وحاز واستغل ذلك الملك وظهر بمظهر المالك وتأثرت حياته الاقتصادية أو
لاجتماعية به . واستغناء المالك أو تركه أو تنازله عن حقه ربما يكون صراحة أو
ضمنياً . والضمني يستنتج من الظروف المحيطة . وليس لمن ترك حقه أو تنازل عنه أن
يعود للمطالبة به من يد الحائز الذي سمحت له الظروف بالظهور بمظهر المالك وتغيرت
به حياته الاقتصادية أو الاجتماعية وأن المالك قد أعطى الفرصة للحائز ليصبح مالكاً
.
تعريف
الحيازة : في بداية الفصل
الثالث عشر وتحت هذا العنوان تأتي المادة 631 التي تقرأ : ( الحيازة سلطة فعلية يباشرها الحائز بنفسه أو بواسطة غيره على شيء مادي
بحيث تكون في مظهرها الخارجي وفي قصد الحائز مزاولة للملكية أو لحق عيني آخر ) وفي
الفقرة الثانية من نفس المادة قال : ( لا تقوم الحيازة بعمل يأتيه الشخص على أنه
من المباحات أو بعمل يتحمله الغير على سبيل التسامح ) .في المادة التي بعده 632قال
( تكون الحيازة بالوساطة متى كان الوسيط يباشر السيطرة على الشيء لحساب الحائز ) .
وفي المادة التي بعدها 632 قال : ( يجوز لعدم الأهلية أو ناقصها أن يكسب الحيازة
عن طريق من ينوب عنه ) . أريد أن أشير إلى أنه ما دام ذكر في المادة 631 أن
الحيازة يمكن أن تباشر بالوساطة لم يعد هناك مجال للمادتين 632 و 633 . من المعلوم
أن الوسيط هو الذي يباشر السيطرة لحساب الغير . أي لذلك الغير الذي يعتبر حائزاً
وبعبارة أخرى أن الحيازة بالوساطة هي الاعتراف بحق الشخص الذي له حق الحيازة . وعن
عديم الأهلية و ناقصها أنه من المعلوم أنه له الامتلاك . وما دام الأمر كذلك فإن
حيازته يمكن أن تمارس بالوساطة أي يقوم الوصي عنه بالحيازة نيابة عنه . وكلمات
الوساطة أو بواسطة أو الوسيط المستعملة في هذا القانون ليست هي الكلمات التشريعية
السليمة بل هي الإنابة وبالإنابة ومن ينوب عن غيره، وفي حالة عديم الأهلية أو
ناقصها يقال لا بد من الوسيط أو الوصي أو القيم أو من هو في مقامها .
شروط
الحيازة :
فيما سبق ذكر أن
الحيازة سلطة فعلية يباشرها الحائز ، وأنها يجوز أن تكون بالإنابة عن الغير، وذكر
الحيازة التي يأتيها الشخص على أنها من المباحات أو على سبيل التسامح ستأتي مناقشة
هذه المسائل فيما بعد . ونواصل النظر في المواد الأخرى التي تتناول شروط الحيازة . في المادة
634 تحت العنوان الحيازة لحساب الغير قال : 1- ليس لمن يحوز لحساب غيره أن يعبر
بنفسه لنفسه صفة حيازته . 2- يجوز أن تتغير الصفة إما بفعل الغير وإما بفعل الحائز
يعتبر معارضة لحق المالك ولا تبدأ الحيازة بصفتها الجديدة إلا من وقت هذا التغيير
. يوجد تعارض واضح بين الفقرتين . في الأولى نص جازم على عدم جواز تغيير الحائز
بالإنابة صفة الحيازة بنفسه لنفسه . والفقرة الثانية يقول يجوز تغيير صفة الحيازة
إما بفعل الغير أو بعل الحائز نفسه . المادة 635 تتحدث عن الحيازة بإكراه أو خفية
وقد سبق نقاش هذا الموضوع فيما سبق . وتأتي المادة 636 تحت العنوان إثبات الحيازة
ونصها كالآتي : 1- إذا ثبت قيام الحيازة في وفت سابق وكانت قائمة حالاً وكان ذلك
قرينة على قيامها في المدة ما بين الزمنين ما لم يقم الدليل على العكس . 3- تبقى
الحيازة محتفظة بالصفة التي بدأت بها وقت كسبها ما لم يقم الدليل على عكس ذلك . إن
عنوان المادة لا يدل على محتوياتها ، والتي هي الحيازة بين فترتين وتنازعه الأشخاص
المتعددين على الحيازة وبقاء الحيازة بالصفة التي بدأت بها سيأتي فيا بعد نقاش
الحيازة بين فترتين .
وصاحب الحيازة
المادية هو أحق بها من غيره على أن يثبت العكس وهو افتراض بحكم الواقع ولا تحتاج
إلى نص قانوني ولا يحتاج على نقاش وأما بقاء الحيازة بالصفة التي بدأت بها ما لم
يثبت العكس فإنه مماثل لما جاء في ...... المادة 634 من جواز أو عدم جز تغيير صفة الحيازة وأما تغييرها والنص
على واحد منهما يكفي لفهم الآخر . والحالة في كل واحد من الحالتين افتراض . وتأتي
المادتان 637 و 637 وهما عن حسن النية وسوء النية في الحيازة وسبق الحديث عنهما .
وتأتي بعد هذا المادة 639 تحت عنوان ( انتقال الحيازة ) وهي تشتمل على خمس فقرات :
الأولى تنص على انتقال الحيازة من الخلف بصفاتها على أنه يجوز أن تتغير الصفة في
حالة ما إذا كان السلف سيئ النية وكان الخلف حسن النية، فإنه يجوز للأخير أن يتمسك
بحسن النية وفي الفقرة الثانية نص على انتقال الحيازة إلى شخص ثالث إذا اتفق الخلف
والسلف على ذلك ولو لم يكن هناك تسليم مادي للشيء ... وفي الفقرة الثالثة نص على (
يجوز نقل الحيازة دون تسليم مادي إذا استمر الخلف واضعاً يده لحساب من يخلفه في
الحيازة واستمر الخلف واضعاً يده ولكن لحساب نفسه ) وفي الفقرة الرابعة نص على
انتقال الحيازة بتسليم مستندات البضائع وفي الفقرة الخامسة والأخيرة جاء النص
الآتي : ( يجوز للخلف الخاص أن يضم إلى حيازة سلفة كل ما يرتبه القانون على
الحيازة من أثر . سبق أن ذكرنا ونكرر مرة ومرات أن من أعظم مساوئ هذا القانون أنه
خلط خلطاً شنيعاً بين أحكام العقار والمنقول مما يجعله ليس مقبولاً ولا مستساغاً .
بالنظر إلى هذه المادة نجد أن أغلب أو ظهر ما جاء فيها خاص بالمنقولات ، ويرتبك
الدارس ويضطرب عما يكون فيها خاصاً بالعقار وبحيازته وانتقالها من شخص إلى آخر .
وما دام بحثنا خاص بالتقادم والراضي، فإنه لا حاجة بنا أن نناقش ما في هذه المادة
ولكن سيأتي البحث في آثار انتقال حيازة الأرض من شخص لآخر فيما بعد . شروط الحيازة
في قانون التقادم لسنة 1928م : لخصنا فيما سبق شروط وأوصاف الحيازة التي وردت في قانون 1984م في
تعليقات بسيطة أغلبها خاص بالصياغة ، وعلى سبيل المقارنة سنناقش فيما يلي شروط
وأوصاف الحيازة الواردة في قانون 1928م . هذا القانون نص في المادة 3 بأسلوب علمي
واضح أن الحيازة للأرض الهادئة العلنية بدون انقطاع للمدة القانونية تكسب الحائز
الملكية , وأعقب هذا في المادة 4 شروط وأوصاف الحيازة ووقفة قصيرة هنا لنقول أن
الهدوء (Peacaeable ) يقصد به السلم والمسالمة أي نفي للإرهاب والإكراه واستعمال القوة
واستمرار الحيازة للمدة القانونية أهم في هذا الموضوع من بدء الحيازة أنه إذا بدأت
الحيازة بالإرهاب والإكراه وعند زوالهما تصبح حيازة هادئة .
والحيازة العلنية هي
الظاهرة أي ليست مخفية ولا تمارس خفية سبق هذا النقاش عن المادة 635 . لا يحتو
قانون 1928 مادة لتعريف الحيازة وأما قانون 1984 فقد عرف الحيازة في المادة 831
التي سبق ذكرها، والجزء المهم من هذا التعريف الذي ينطبق على العقار هو الذي يقول
أن الحيازة هي سلطة فعلية يباشرها الحائز بحيث تكون في مظهرها الخارجي وفي قصد
الحائز مزولة للملكية أن هذا التعريف يفهم من قانون 1928 من جانب شرط ووصاف
الحيازة ومن طبيعة الأشياء . الحيازة ...... مقصود بها استغلال الأرض والانتفاع
بها على ما تصلح له من أنواع الانتفاع . الأراضي الزراعية تستغل بالزراعة وأراضي
السكن تشتغل بالسكنى . وفي إحدى القضايا كانت الأرض مستغلة لاستعمالها مطمورة لخزن
العيش، أنها كانت عالية بالنسبة للأراضي التي حولها وكانت أصلح للمطمورة من غيرها
. وإذا أمعنا النظر في تعريف الحيازة المذكورة أعلاه ما هو الغرض منه وماذا يقصد
به الحيازة التي تؤدي إلى اكتساب الملكية . أظنه هو المقصود منه خاصة وأنه جاء في
أول الفصل المعنون ( اكتساب الملكية بالحيازة ) وبجانب هذا القول عن الحيازة أنها سلطة فعلية يباشرها الحائز بحيث
تكون في مظهرها وفي قصد الحائز مزاولة للملكية . فإذا كان الأمر كذلك فكان على
الكاتب أو المشرع أن يضع في آخر المادة عبارة تفيد أن الحائز يكتسب الملكية . ولا
عليه بعد هذا من ذكر حسن النية وسوء النية . لأن السلطة الفعلية في وصف الحيازة
تؤدي معنى الهدوء والمسالمة وعبارة المظهر الخارجي تؤدي معنى العلنية وحيازة ( في
قصد الحائز مزاولة الملكية ) تؤدي معنى حيازة الحائز لنفسه مع علمه بأنه لا يحوز
أرضاً مملوكة لغيره . ونبدأ الحديث عن شروط لحيازة في قانون 1928 أولها الفقرة (1)
من المادة 4 التي تقرأ : ( إذا تبين أن شخصاً كان حائزاً أرضاَ وكان يستلم إيجارها
أو فوائدها في فترتين منفصلتين فيفترض أنه حازها أو استلم إيجارها أو فوائدها بصفة
مستمرة بين هذين الفترتين إلى أن يثبت العكس ) هذه الفقرة تتضمن مبدأين أولاهما
استمرار الحيازة على امتداد المدة القانونية فيما بين فترتين أو أكثر وطبقت في الأراضي
التي تروى وتزرع بالفيضان الطبيعي إنه إذا كان الفيضان عالياً ورويت وزرعت وإذا
كان منخفضاًَ لم ترو ولم تزرع وقد ينحسر عنها الماء سنة أو أكثر ويغمره سنة أو
أكثر فإذا زرعها الحائز كلما رويت بالماء يفترض أن حيازته مستمرة معنى هذا أن
المبدأ جاء في المادة 636(1) ولكنه فيه عوج بإدخال العبارة التي تقول ( وكانت قائمة حالا) وحالاً
يشير بها إلى وقت النزاع أن وقت التقاضي يجوز أن يكون الحائز حائزاً بمعنى أنه كان
يزرع بين الفترات باستمرار ولكن في وقت النزاع لم يزرع لأن الأرض لم ترو بماء
الفيضان ولم تكن صالحة للزراعة بناء على هذا النص فإنه لا يستطيع أن يتمسك بحيازته
المستمرة السابقة هذا هو العوج ولارتباك .
المبدأ الثاني هو
استلام أجرة الأرض ومنافعها على اعتبار أنه يقوم بالحيازة أن الشخص الذي يؤجر
الأرض ويستلم الأجرة أو الذي يعقد اتفاق تزرعه مع آخر ويستلم نصيبه من المحصول فهو
صاحب سلطة فعلية على الأرض وظاهر فها بمظهر المالك هذا المبدأ ناشئ من العرف
السوداني أن صاحب الأرض تكون أوسع من مقدرته على زراعتها يسمح بجزء منها للزارع
الذي ليس له أرض ليزرعها ويعطي صاحب الأرض جزءاً من المحصول الذي يسمى بأسماء
مختلفة منه حق التزرعة وحق الأرض والنقتدي وحق المسوق وهكذا كان النص علي ليمثل
الحيازة هذا المبدأ لا يوجد في قانون 1984م بالنص ، وإن كان يمكن أن يقال أنه
مشمول في معنى الحيازة بالوساطة في معناها الواسع جداً . ومهما يكن من أمر فإنها
لا تعطيه الأهمية التي يتميز بها وهذا من بعض الاعوجاج والارتباك الذي يوجد في هذا
القانون . ..... ونأتي إلى الفقرة (2) من المادة 4 وهي تنص على الآتي : (حيازة أرض
أو استلام إيجارها وفوائدها بواسطة شخص عن طريقه يطالب المدعى على حق الملكية
تعتبر تلك الحيازة كأنها حيازة المدعى ويعتبر استلام الأجرة أو الفوائد كأنه
استلام المدعى) .
إن المبدأ الذي تتحدث
عنه هذه الفقرة هو انتقال الحيازة من السلف إلى الخلف الذين توجد بينهما علاقة تبر
اعتبار حيازة الأول هي حيازة الثاني ، بمعنى جواز انتقال الحق من أحدهما للآخر
وطبقت في حالة المورث وورثته وكن ذلك في حالتين : الحالة الأولى أن المورث قد حاز
أرضاً الحيازة الهامة والظاهرة بدون انقطاع للمدة القانونية واصبح مالكاً وتوفي
قبل أن يتخذ الإجراءات القضائية لإثبات ملكيته وخلفه في الحيازة ورثته الشرعيون
فإنهم بحكم الإرث اصبحوا الملاك لنفس الحق أي حق الملكية الذي اكتمل لمورثهم .
والحالة الثانية هي أن المورث قد حاز أرضاً حيازة هادئة وعلنية بدون انقطاع ولكنه
توفي قبل إتمام المدة القانونية وخلفه ورثته الشرعيون . فإنهم لهما لحق في إرث ذك
الجزء من الحيازة التي مارسها مورثهم وإذا ما واصلوا نفس الحيازة واستمروا فيها حتى
إتمام المدة القانونية ، يكون لهم حق اكتساب الملكية . كما سبق أن ذكرنا جاء القول عن انتقال الحيازة في المادة 639 وقد
وصفناها بالارتباك والخلط الشنيع بين أحكام العقار والمنقول . ومهما يكن من أمر
فإنه يظهر أن مبدأ الانتقال للحيازة المذكور أعلاها يوجد فيها وقوله في الفقرة (5)
بأن للخلف أن يضم إلى حيازة سلفه كل ما يرتبه القانون على الحيازة من أثر ، يتفق
مع مبدأ الانتقال ، إن كان يقصد أن للخلف الحق في أن يرث الحق الذي ثبت واكتمل أو
في طريقة الثبوت والاكتمال للسلف الذي هو المورث . ونهاية القول أن نص الفقرة (2)
المادة 4 أوضح وأشمل وابسط من نص المادة 639 بفقراتها الخمس لتي يحفها الغموض
والتطويل والخلط
عثمان الطيب
بحث فيما جاء في
قانون المعاملات المدنية لسنة 1984 عن كسب الملكية بالحيازة أو بعبارة التقادم
المكسب للملكية أو المسقط وهو مقارنة بما اشتمل عليه قانون التقادم المكسب للملكية
والمسقط لسنة 1928م الذي ألغاه القانون الأخير المذكور
. الاكتساب والإسقاط : على حسب علمي توجد نظريتان قانونيتان : أحدهما
اكتساب الحق بالتقادم، والثانية سقوط الحق بالتقادم، بمعنى أن الحيازة إذا استوفت
شروطها تجعل الحائز مالكاً . فإن كان الشيء الذي وقعت عليه الحيازة عقاراً يكون
الحائز مالكاً لذلك العقار ملكاً لا ينازعه فيه أحد . وإن كان العقار في منطقة
خاضعة للتسجيل ، وأن التسجيل هو مظهر وكمال الملكية، فإنه يسجل باسم الحائز . وأما
التقادم المسقط ، فهو إسقاط حق المالك، أي إسقاط حقه في التعرض للحائز في استرداد
الحق منه، سواء كان بتدخله الشخصي أو برفع دعوى قضائية ، وفي هذه الحالة يكون
الحائز الذي استوفت حيازته شروطها القانونية مالكاً للحق . إن النتيجة واحدة، إلا ما يوجد من فرق بين العقار القابل للتسجيل وما
عليه من حقوق وبين العقار غير القابل للتسجيل والمنقولات والحقوق الشخصية الأخرى .
لأن العقار القابل للتسجيل فإن الملكية فيه تتم بالتسجيل ، وأما غيره فإن ملكيتها
تتم بالاستمرار في الحيازة أو الاستمرار في التمتع بها من غير أن يكون للمالك أو
صاحب الحق من حق في استردادها . اتخذ القانون الجديد النظرية الثانية، وهي نظرية
سقوط الحق بالتقادم واتخذ القانون الملغي قانون التقادم المكسب للملكية والمسقط
لسنة 1928م النظرية الثانية وهي نظرية اكتساب الحق بالتقادم . وما دمن في السودان نعمل بنظام تسجيل الأراضي ، فإن النظرية المذكورة
أخيراً أولى بالتطبيق بل هي واجبة التطبيق . لأن المالك تكون الأرض مسجلة باسمه
وتقع عليها حيازة الحائز ، فإذا هو أي المالك رفع دعوى لاستردادها وفشلت دعواه
بسبب قواعد التقادم . وصدر الحكم لمصلحة الحائز . فيجب أن يعدل السجل لاسم المحكوم
له . ولا يمكن أن يتصور أن يظل اسم المالك السابق موجوداً في السجل مع إثبات حق
الملكية للحائز . وبهذا نص القانون الملغي على إرسال صورة الحكم لمكتب التسجيلات
المختصة لتعديله من اسم المحكوم ضده على اسم المحكوم له . وفرق آخر بين القانونين
هو أن القانون الجديد يجعل الحق في إقامة الدعوى القضائية للمالك لاسترداد حقه من
الحائز وليس للحائز الحق في رفع الدعوى لإثبات ملكه ، فقط يعطيه الحق لإقامة
الدعوى لإثبات ملكيته يتبعها تعديل تسجيل الأرض . وهذا هو المنطق القانوني ......
السليم لأنه لا يعقل أن يقال للحائز عليك أن تستمر في حيازتك من غير أن يغطي الرصة
ليثبت أنها انتقلت من حيازة إلى ملكية قابلة للتسجيل . ومما يستحق الذكر هنا أن كل
من القانون الإنجليزي والقانون الهندي يتخذان نظرية إسقاط الحق بالتقادم ون
قوانينهما ليست قوانين اكتساب حق بل هي قوانين إسقاط في كل منهما تبدأ مواد
القانون بعبارة لا ترفع دعوى لاسترداد حق بعد نهاية المدة ... )
Noaction shall be brought by any other person to recover land aftee the
exipration of … ) هذا مقال من قانون ( المملكة المتحدة )
التقادم المسقط لسنة 1939 The
(U.K)Limtitatio Act 1939 ذكرت هذا
لأقرر أن قانون السودان لم يكن مستمداً من القانونين المذكورين علاه ولم يكن
متأثراً بهما، كما يمكن أن يظن . وقد سبق أن ذكرت في البحث السابق عن الملكية
العقارية وأنواعها ، أن كل قوانين الأراضي السودانية نبعت من الأعراف والتقاليد
السودانية ولم تستجلب من بلاد أجنبية وهذا ينطبق على قانون التقادم . إنه معروف في
السودان منذ أزمنة عابرة، وتطلق عبارة ( وضع اليد ) على الحيازة المستمرة . وربما تكون ابلغ من
اكتساب الملكية من العبارات الأخرى . ويعرف الناس القانون بقانون وضع اليد على مثل هذه الأراضي ولانتفاع
بها بالزراعة أو السكنى أو غيرها افضل من تركها خراباً . لأن المنافع مفضلة عن
غيرها . وطول الإقامة الذي يربط الإنسان بالأرض ويركز حياته ومعايشه عليها يجعله
أولى بها من غيره . ونرى أن نظرية الإسقاط التي جاء بها القانون الجديد لا سند لها
ولا مبرر لها، وأنها ليست إلا طمساً لحقائق ونظم استقرت عرفياً في أذهان الناس
جميعاً، والقانونيين بصفة خاصة ولأنهال صدرت فيها سوابق قضائية كثيرة مفسرة وموضحة
، حسب ما جاءت في قانون 1928 الذي ألغاه القانون الجديد . والحق الذي يجب أن يبقى
هو قانون 1928 والذي يلغى هن القانون الجديد. نظرة عامة لمواد القانون :
موضوع بحثنا هو الفصل
الثالث عشر،وعنوانه هو كسب الملكية بالحيازة ويبتدئ من المادة 361 إلى المادة 654
.
يبدأ بتعريف الحيازة
ثم يذهب إلى أوصاف الحيازة : الحيازة بالتسامح، الحيازة بالوساطة، حيازة عديم
الأهلية، الحيازة لحساب الغير ، الحيازة بالإكراه أو خفية، الحيازة بين فترتين ،
تنازع المعقودين في الحيازة، افتراض بقاء الحيازة على صفتها ، الحائز حسن النية،
الحائز سيئ النية، نقل الحيازة، حق الخلف للسلف، نق الحيازة بتسليم المستندات،
زوال الحيازة وانقطاعها، طلب استرداد الحيازة، حق الحائز في جني الثمار، ما بين
المالك الذي يسترد الحيازة والحائز، المسئولية عن الهلاك .
وبعد كل هذا يأتي
...بالمادة الأساسية في الموضوع وهي المادة 649 التي تقرأ : 1- منحاز بحسن نية
وبسبب صحيح منقولاً أو عقاراً أو حقاً مبنياً على منقول أو عقار باعتباره مالكاً
له دون انقطاع لمدة عشر سنوات فلا تسمع عليه عند الإنكار دعوى الملك أو دعوى الحق
العيني من شخص ليس بذي عذر شرعي . 2- يجب أن يتوافر حسن النية طول مدة الحيازة . 3- لأغراض البند (1)
يعني السبب الصحيح : ( أ ) الاستيلاء على الأراضي الموات . (ب) انتقال الملك
بالإرث أو الوصية . (ج) البيع الرسمي أو العرفي . ونستمر فيما جاء في هذا الفصل
بعد هذه المادة ذكر سقوط حق الإرث والأموال والعقارات المملوكة للدولة، وسريان
قواعد التقادم المانع وحيازة حق على منقول أو سند وخيراً استرداد المنقول أو السند
. نقف هنا على ملاحظتين ولاهما تتعلق بالصياغة . إن الصياغة القانونية السليمة هي
أن يأتي بالمادة الأساسية ( المادة 649 المذكورة أعلاه ) ولاً ثم يأتي بعده تعريف
الحيازة وأنواعها وأوصافها وشروطها، ومعنى حسن النية وسوء النية ولحيازة بالتسامح
وبالوساطة ومعنى الإكراه والخفاء، ومعنى استمرار الحيازة وانقطاعها وزوالها إلى
غير ذلك .إذا كان قد فعل هذا يكون قد سهل للدارس للقانون أن يتتبعه بذهن وضح
وبطريقة علمية، ولكن المشرع هنا قد اختار طريقة الخلط والارتباك كعادته . والملاحظة الثنية هي
الخلط وعدم التمييز في الأحكام بين العقار والمنقول . وهي من مساوئ هذا القانون
الكبيرة . وأكثر ما يتجلى فيه هذا السوء هنا في قانون التقادم . يقول في المادة
649 ( منقولاً أو عقاراً و حقً عينياً على منقول أو عقار ) على أنه تسقط المطالبة
بها إذا استمرت حيازتها لمدة عشر سنوات لا أعتقد أنه يوجد قانون في أي ملة من
الملل أو مذهب من المذاهب تضع العقار والمنقول في موضع وحد في مثل هذه الظروف .
يفترض في العقار الاستدامة والتأييد ولذلك تمتد مدة التقادم بشأنه إلى عشر سنوات
أو أكثر والمنقول والحقوق التي ترد عليه يفترض فيه الاستهلاك والتآكل والذوبان
والصدأ والكسر ولتلف، ولذلك تحدد مدة التقادم بشأنه بما لا يزيد عن خمس سنوات . لقد ابتدع هذا المشرع
شيئاً لا سند له من عقل ولا وضع . وبمقارنة بسيطة بين هذا القانون وقانون 1928 في
الملاحظتين المذكورتين أعلاه مباشرة .
أولاً من ناحية
الصياغة . نجد أن قانون 1928 يضع المدة الأساسية في أول القانون . وهي المادة 3
التي تقرأ : ( يجوز لأي شخص بشرط أن ألا يكون منتفعاً أن يكسب ملكية ارض إذا حازها
حيازة هادئة وظاهرة ومستمرة لمدة عشر سنوات ) وبعدها في المادة 4 بين ا لقانون
مبادئ الحيازة أي أنواعها ... .. وأوصافها ، الحيازة بين فترتين، والحيازة باستلام
الأجر والمنافع والحيازة بالإنابة عن المدعي ولعلاقة بين الطرفين وصلتها بالحيازة،
والحيازة المقيدة بشروط وانقطاع الحيازة وزوالها، والأفعال التي تنقطع بها الحيازة
وأخيراً الحيازة بصفة ائتمانية . وهذا هو المنهج العلمي في الصياغة الذي يجعل
الدارس ينتقل من خطوة إلى خطوة وهو ثابت الفهم والتفكير . والملاحظة الثانية هي أن
المادة ركزت على الأرض وليس غير الأرض، ولم تخلط بينها وبين المنقول كما فعلت مادة
قانون 1984م وكما سبق أن ذكرنا أن العقار والمنقول لا يمكن ن يجتمعا في الأحكام
خاصة في هذا القانون .
الحيازة بإكراه أو
خفية : في المادة 635 وتحت العنوان الذي يقول ( أثر الحيازة المعيبة ) جاء النص
الآتي : ( إذا حصلت الحيازة بإكراه أو حصلت خفية أو كان فيها لبس فلا يكون لها أثر
قبل من وقع عليه الإكراه أو أخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها إلا من الوقت
الذي تزول فيه من هذه العيوب) . من ناحية الصياغة نذكر أن عبارة ( أو كان فيها لبس
) ليست عبارة تشريعية، لأنها ذاتها فيها لبس .
إن اللبس معناه الخلط
و الإشكال أو الغموض وإذا كان هذا هو معناها فإنها تدخل في معنى الخفية، وكلمة (
المعيبة ) في وصف الحيازة وكلمة ( العيوب ) أرى أنهما غير موفقتين
. إن العيب في الحيازة يمكن أن يقع لأسباب غير الإكراه والخفية . مثلاً
فإن الحيازة المنقطعة والحيازة بالنيابة عن المالك والحيازة بالتسامح وغيرها،
فإنها قد تكون عيوباً ن على الأصح أسباباً لا تكون للحيازة معها اثر قبل المالك .
وارى أن يكون العنوان المناسب للمادة هو ( الحيازة بالإكراه أو خفية ) في آخر
المادة يحسن أن تأتي عبارة مثل ( إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه الأسباب ) . فإذا
حذفنا من المادة عبارة ( أو كان فيها لبس ) فإنه يبقى معنا : حصول الحيازة بإكراه
أو خفية . والإكراه أو الخفية يقع من قبل الحائز بأن يدخل في الحيازة باستعمال
القوة المادية أو الإرهاب أو التهديد ضد صاحب الأرض . أو اتخذ من الأسباب ما يخفي به حيازته عن المالك ولا يكون للحيازة
بهذا الوصف أثراً لاكتساب الحق أو إسقاط الحق إلا بعد زوال الإكراه أو الإخفاء .
إن الإكراه هو ضد الهدوء والسلمية، والخفية هي ضد الظهور والعلنية . وإذا يصح
القول بأن الحيازة التي تحصل بهدوء ومسالمة أو تحصل بطريقة ظاهرة وعلنية يكون لها
أثرها الفعال في اكتساب الحق أو إسقاطه وربما تبدأ الحيازة بالإكراه أو الخفية
ولكنها يجوز أن تصبح هادئة وظاهرة بزوال الإكراه أو الخفية ولعكس يصح أيضاً بأن
تبدأ الحيازة هادئة وظاهرة وفيما بعد يأتيها عامل الإكراه أن الخفية بالنسبة
للاستمرار فيها . جاء النص في هذا القانون بالأسلوب السلبي ، حيث قال إن الحيازة
بالإكراه أنو الخفية لا أثر لها . وجاء النص في قانون 1928 بالأسلوب الإيجابي ، حيث نص على أن الحيازة
الهادئة والظاهرة تكسب الحق والاكتساب بالتقادم يأتي من قبل الحائز بفعله الإيجابي
الذي هو الحيازة ودعواه تقوم على الادعاء ...... بأنه جاء بطريقة هادئة وظاهرة
ومستمرة في أثناء المدة القانونية . والإسقاط بالتقادم يحصل سلبياً من جانب المالك
أي بالترك أي يترك حقه بدون مباشرة حتى تمر عليه مدة التقادم . ومهم يكن الترك
فإنه لا يسقط الحق إلا إذا وجدت في الجانب الآخر الحيازة في حلة التقادم المكسب
فالمدعي يدعي الحيازة الهادئة والعلنية وللمدعى عليه الذي هو المالك أن يدفع بما
يتيسر له من الوقائع كأن يدفع بالإكراه و الخفية أو التسامح أو الإنابة أو غيرها .
أما في حالة التقادم المسقط فليس للحائز ن يعارض برفع الدعوى لإثبات ملكيته، وإنما
إنشاء الدعوى للمالك بطلب استرداد ملكه وهنا للحائز أن يعارض ويدفع بسقوط الدعوى
على أساس أنه حاز حيازة هادئة وعلنية . ويعيد المالك الدفع بما يرى من الدفوع . إن
إجراءات التقادم المكسب فيها تسهيل واضح لتقاضي خاصة في تحديد نقاط النزاع وعبء
الإثبات .
الحيازة بحسن نية وبسوء
نية : تحت هذا العنوان جاء بالمادتين 637 و 638 ونص الأولى هو كالآتي
: 1- يعتبر الحائز حسن النية إذا كان يجهل أنه
يعتدي على حق الغير، إلا إذا كان هذا الجهل ناشئاً عن خطأ جسيم .
2- إذا كان الحائز شخصً اعتبارياً فالعبرة بنية
من يمثله .
3- حسن النية يفترض ما لم يقم الدليل على عكس
ذلك أو ينص القانون على خلاف ذلك . والمادة الثانية تنص على الآتي :
1- يصبح الحائز سيئ النية من الوقت الذي يعلم
فيه أن حيازته اعتداء على حق الغير .
2- يعتبر الحائز سيئ النية من وقت إعلانه في
صحيفة الدعوى بما يفيد أن حيازته اعتداء على حق الغير، كما يعتبر سيئ النية إذا
اغتصب الحيازة بإكراه من غيره .
وضعت هذه النصوص في
عبارات مرتبكة ومختلطة كعادة هذا القانون . إنها تجول حول الجهل والعلم بالاعتداء
على حق الغير .
أي أن الحائز حسن النية هو الذي يجهل أنه يحوز
على حق الغير، والحائز سيئ النية هو الذي يعلم أنه يحوز على حق الغير
. وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يأتي بكلمات ( الاعتداء واغتصاب الحيازة
بالإكراه ) إن أفعال لاعتداء ولاغتصاب هي أقوى وأظهر الأفعال للعلم بأن الحائز
يحوز حق غيره وليس معها جهل ، وكان يكفي هذا الكاتب أو المشرع أن يقول ( يعتبر الحائز
حسن النية إذا كان يجهل أنه يحوز حق الغير ويعتبر سيئ النية إذا كان لا يجل ذلك )
.
وثانياً فإن عبارة (
إلا إذا كان الجهل ناشئاً عن خطأ جسيم ) هي ليست عبارة تشريعية إن الجهل هو في
ذاته بصفة عامة خطأ ولا ينسب الجهل إلى الجهل ولا الخطأ إلى الخطأ ونسبة أحدهما
على الآخر لا تؤدي إلى معنى مستقيم إن الجهل أو الخطأ له أسباب ينسب إليها ويخال
الإنسان على تلك الأسباب للنظر فيها ليتجنب الجهل أو الخطأ فإذا لم ينظر فيها ووقع
في الجهل أو الخطأ فلا يلومن إلا نفسه والعبارة التشريعية التي ربما تكون مناسبة
في مثل هذه الظروف ( إلا إذا كان له من الأسباب ما يجعله يعلم أن الأرض مملوكة
للغير ) ..
ونقطة ثالثة من ناحية
الصياغة ، قوله : يعتبر سيئ النية من وقت إعلانه في صحيفة الدعوى بما يفيد أن
حيازته اعتداء على حق الغير . مفهوم هذه العبارة هو حصر العلم في إقامة الدعوى ضد الحائز وإعلانه
بها . إن طرق العلم كثيرة ، وإن إقامة الدعوى ليس إلا واحداً منها . ليس واضحاً
المقصود . أننا نعلم أن رفع الدعوى هو واحد من أسباب انقطاع الحيازة كم سيأتي فيما
بعد .
ونقطة رابعة من ناحية
الصياغة ، ذكر افتراض حسن النية إلى أن يثبت العكس ثم ى بالعبارة ( أو ينص القانون على
خلاف ذلك ) هذه العبارة حشو . لا معنى لها . لا نعرف إن كان يوجد نص قانون يعارض
افتراض حسن النية، وأنه إن وجد فلنرجع إليه لنستخلص منه الخلاف، وإن لم يوجد
فلماذا نتيه في الخيال؟
حسن النية
وسوء النية :
إن حسن النية وسوء
النية هما من خلجات الضمائر والقلوب ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ). وعندما يتصلان بفعل
خارجي فإنه يدخل في مجال الخير والشر . من ينوي الخير ويفعله فإنه يكسب الخير ومن
ينوي الشر ويفعله فإنه يكسب الشر . إ
ن حسن النية و نية
الخير كلها خير . أما سوء النية أو نية الشر في هذا المجال الذي هو مجال المعاملات
فإنها تدخل في مجال العش والتدليس والخيانة .
جاء في هذه المادة أن
الحائز حسن النية هو من يجهل أنه يحوز حق الغير ون الحائز سيئ النية هو الذي يعلم
.
هذا بمعنى أن الحائز
سيئ النية فإن حيازته لا أثر لها في اكتساب الحق أو سقوطه . وذكرنا عن المادة 635
أن الحيازة التي لا أثر لها هي التي تحصل بالإكراه أو خفية وبالمقارنة مع المادة 3
من قانون 1928 لنجد أن الحيازة ذات الأثر الفعال هي التي تحصل بهدوء ومسالمة
وبطريقة ظاهرة وعلنية . ويظهر لنا أن لهدوء والمسالمة تنفي وجود التعدي أن الاغتصاب
أو الإكراه ، وأن الظهور أو العلانية تنفي وجود الإخفاء .
إن علم الحائز أو
جهله بأن الأرض أو غيرها لتي يحوزها مملوكة للغير ليس هو أساس نظرية التقادم
لاكتساب حق أو إسقاطه، إنما الأساس هو الحيازة === صفاتها وشروطها . ومتى ما كانت الحيازة
مسمرة بهدوء وعلنية للمدة القانونية فهي تكو الإأو ون سبباً لملكية مال لم ترد
عليها الدفوع مثل علاقة الطرفين أو الإنابة أو غيرها . ولا أثر لحسن النية أو
سوئها بمعنى جهل أو علم الحائز بملكيته لحق غيره .
إن علم الحائز بملكية
غيره لا تفيده إذا استعمل الغش أو إخفاء حق المالك وهذا يحصل إذا كان الحائز يعرف
شخصية المالك وكان المال يجهل أنه مالك، وإن الحائز بأي أسلوب من أساليب الغش جعل
المالك يغط في نومه ولا يعلم بملكيته ففي مثل هذه الحالة لا يستمر التقادم لمصلحة
الحائز إلا من بعد علم المالك أنه المالك، أي بعد أن ينكشف له الغش . جاء النص على
هذا في المادة 6 من قانون 1928 التي تقرأ : ...... ( لا يكتسب شخص أي حق في الأرض ولا يتملكها
بالتقادم إذا كان قد استعمل الغش بنفسه أو بواسطة غيره نيابة عنه لأغراض ذلك
التملك ما لم يكن مدعي الأرض عالماً أو كان يمكنه ببذل جهد معقول أن يعلم بذلك
الغش في تلك الحالة تسري مدة التقادم من التاريخ الذي علم فيه بالغش أو الذي كان
يمكنه فيه العلم ببذل جهد معقول . ففي غير هذه الحالة التي هي حالة الغش لا يمكن أن يتصور سوء النية في
الحيازة ومن ناحية أخرى فإن نظرية العلم والجهل بملكية الغير لا تؤدي إلا إلى
الارتباك وغموض في تطبيق المبادئ الأساسية في القانون . من المعلوم علماً عاماً أن كل الأراضي الموجودة على شواطئ النيل
وأراضي المدن فإنها مملوكة ومسجلة ولا يستطيع الحائز أن يدعي الجهل بهذا . إنه قد
يجهل من هو الشخص المالك ولكنه لا يجهل ملكيتها لشخص ما .
وعدم حماية حق مثل
هذا الحائز تعارض على خط مستقيم مع المبدأ الأساسي الذي هو مبدأ الحيازة الهادئة
والظاهرة والمستمرة . العلم بأن كل شي مملوك هو الشيء الطبيعي ولمبدأ العام .
بمعنى أن الأشياء كلها إما أن تكون مملوكة للأفراد وإما أن تكون مملوكة للدولة وأن
المملوك للدولة نصت القوانين على عدم امتلاكه بالتقادم . وأما المملوك للأفراد
يجوز للفرد أن يكون حائزاً له بنفسه حيازة فعلية . هذا لا دخل للقانون به . وحيازة
الغير تأخذ أشكالاً كثيرة ، ولكننا نريد أن نأخذ حالة واحدة على سبيل المثال : زيد
يمتلك قطعة أرض .مرت عليه ظروف جعلته يستغني عنها ويتركها لم يحوزها . حازها عمرة
واستمر في استغلالها بطريقة هادئة وعلنية وبدون انقطاع للمدة القانونية وكان لها
تأثير على حياته اقتصادياً أو اجتماعياً وكان يعلم أن المالك هو زيد . فما هو الرأي
القانوني، وكيف يدخل حسن النية و سوء النية في هذه الحيازة . ففيما أرى لا مكان لهما . وبصفة عامة فإن الجهل بملكية الغير في
الأراضي المسجلة يكاد يكون مستحيلاً . إن نظرية التقادم تقوم أساساً على سلوك
الطرفين المالك والحائز . سلوك المالك هو سلوك سلبي أن يكون استغنى عن حقه أو ملكه
ابتعد عنه أو تركه أو تنازل عنه لغيره . ومن جانب الحائز فإن سلوكه هو سلوك إيجابي
بأن استولى وحاز واستغل ذلك الملك وظهر بمظهر المالك وتأثرت حياته الاقتصادية أو
لاجتماعية به . واستغناء المالك أو تركه أو تنازله عن حقه ربما يكون صراحة أو
ضمنياً . والضمني يستنتج من الظروف المحيطة . وليس لمن ترك حقه أو تنازل عنه أن
يعود للمطالبة به من يد الحائز الذي سمحت له الظروف بالظهور بمظهر المالك وتغيرت
به حياته الاقتصادية أو الاجتماعية وأن المالك قد أعطى الفرصة للحائز ليصبح مالكاً
.
تعريف
الحيازة : في بداية الفصل
الثالث عشر وتحت هذا العنوان تأتي المادة 631 التي تقرأ : ( الحيازة سلطة فعلية يباشرها الحائز بنفسه أو بواسطة غيره على شيء مادي
بحيث تكون في مظهرها الخارجي وفي قصد الحائز مزاولة للملكية أو لحق عيني آخر ) وفي
الفقرة الثانية من نفس المادة قال : ( لا تقوم الحيازة بعمل يأتيه الشخص على أنه
من المباحات أو بعمل يتحمله الغير على سبيل التسامح ) .في المادة التي بعده 632قال
( تكون الحيازة بالوساطة متى كان الوسيط يباشر السيطرة على الشيء لحساب الحائز ) .
وفي المادة التي بعدها 632 قال : ( يجوز لعدم الأهلية أو ناقصها أن يكسب الحيازة
عن طريق من ينوب عنه ) . أريد أن أشير إلى أنه ما دام ذكر في المادة 631 أن
الحيازة يمكن أن تباشر بالوساطة لم يعد هناك مجال للمادتين 632 و 633 . من المعلوم
أن الوسيط هو الذي يباشر السيطرة لحساب الغير . أي لذلك الغير الذي يعتبر حائزاً
وبعبارة أخرى أن الحيازة بالوساطة هي الاعتراف بحق الشخص الذي له حق الحيازة . وعن
عديم الأهلية و ناقصها أنه من المعلوم أنه له الامتلاك . وما دام الأمر كذلك فإن
حيازته يمكن أن تمارس بالوساطة أي يقوم الوصي عنه بالحيازة نيابة عنه . وكلمات
الوساطة أو بواسطة أو الوسيط المستعملة في هذا القانون ليست هي الكلمات التشريعية
السليمة بل هي الإنابة وبالإنابة ومن ينوب عن غيره، وفي حالة عديم الأهلية أو
ناقصها يقال لا بد من الوسيط أو الوصي أو القيم أو من هو في مقامها .
شروط
الحيازة :
فيما سبق ذكر أن
الحيازة سلطة فعلية يباشرها الحائز ، وأنها يجوز أن تكون بالإنابة عن الغير، وذكر
الحيازة التي يأتيها الشخص على أنها من المباحات أو على سبيل التسامح ستأتي مناقشة
هذه المسائل فيما بعد . ونواصل النظر في المواد الأخرى التي تتناول شروط الحيازة . في المادة
634 تحت العنوان الحيازة لحساب الغير قال : 1- ليس لمن يحوز لحساب غيره أن يعبر
بنفسه لنفسه صفة حيازته . 2- يجوز أن تتغير الصفة إما بفعل الغير وإما بفعل الحائز
يعتبر معارضة لحق المالك ولا تبدأ الحيازة بصفتها الجديدة إلا من وقت هذا التغيير
. يوجد تعارض واضح بين الفقرتين . في الأولى نص جازم على عدم جواز تغيير الحائز
بالإنابة صفة الحيازة بنفسه لنفسه . والفقرة الثانية يقول يجوز تغيير صفة الحيازة
إما بفعل الغير أو بعل الحائز نفسه . المادة 635 تتحدث عن الحيازة بإكراه أو خفية
وقد سبق نقاش هذا الموضوع فيما سبق . وتأتي المادة 636 تحت العنوان إثبات الحيازة
ونصها كالآتي : 1- إذا ثبت قيام الحيازة في وفت سابق وكانت قائمة حالاً وكان ذلك
قرينة على قيامها في المدة ما بين الزمنين ما لم يقم الدليل على العكس . 3- تبقى
الحيازة محتفظة بالصفة التي بدأت بها وقت كسبها ما لم يقم الدليل على عكس ذلك . إن
عنوان المادة لا يدل على محتوياتها ، والتي هي الحيازة بين فترتين وتنازعه الأشخاص
المتعددين على الحيازة وبقاء الحيازة بالصفة التي بدأت بها سيأتي فيا بعد نقاش
الحيازة بين فترتين .
وصاحب الحيازة
المادية هو أحق بها من غيره على أن يثبت العكس وهو افتراض بحكم الواقع ولا تحتاج
إلى نص قانوني ولا يحتاج على نقاش وأما بقاء الحيازة بالصفة التي بدأت بها ما لم
يثبت العكس فإنه مماثل لما جاء في ...... المادة 634 من جواز أو عدم جز تغيير صفة الحيازة وأما تغييرها والنص
على واحد منهما يكفي لفهم الآخر . والحالة في كل واحد من الحالتين افتراض . وتأتي
المادتان 637 و 637 وهما عن حسن النية وسوء النية في الحيازة وسبق الحديث عنهما .
وتأتي بعد هذا المادة 639 تحت عنوان ( انتقال الحيازة ) وهي تشتمل على خمس فقرات :
الأولى تنص على انتقال الحيازة من الخلف بصفاتها على أنه يجوز أن تتغير الصفة في
حالة ما إذا كان السلف سيئ النية وكان الخلف حسن النية، فإنه يجوز للأخير أن يتمسك
بحسن النية وفي الفقرة الثانية نص على انتقال الحيازة إلى شخص ثالث إذا اتفق الخلف
والسلف على ذلك ولو لم يكن هناك تسليم مادي للشيء ... وفي الفقرة الثالثة نص على (
يجوز نقل الحيازة دون تسليم مادي إذا استمر الخلف واضعاً يده لحساب من يخلفه في
الحيازة واستمر الخلف واضعاً يده ولكن لحساب نفسه ) وفي الفقرة الرابعة نص على
انتقال الحيازة بتسليم مستندات البضائع وفي الفقرة الخامسة والأخيرة جاء النص
الآتي : ( يجوز للخلف الخاص أن يضم إلى حيازة سلفة كل ما يرتبه القانون على
الحيازة من أثر . سبق أن ذكرنا ونكرر مرة ومرات أن من أعظم مساوئ هذا القانون أنه
خلط خلطاً شنيعاً بين أحكام العقار والمنقول مما يجعله ليس مقبولاً ولا مستساغاً .
بالنظر إلى هذه المادة نجد أن أغلب أو ظهر ما جاء فيها خاص بالمنقولات ، ويرتبك
الدارس ويضطرب عما يكون فيها خاصاً بالعقار وبحيازته وانتقالها من شخص إلى آخر .
وما دام بحثنا خاص بالتقادم والراضي، فإنه لا حاجة بنا أن نناقش ما في هذه المادة
ولكن سيأتي البحث في آثار انتقال حيازة الأرض من شخص لآخر فيما بعد . شروط الحيازة
في قانون التقادم لسنة 1928م : لخصنا فيما سبق شروط وأوصاف الحيازة التي وردت في قانون 1984م في
تعليقات بسيطة أغلبها خاص بالصياغة ، وعلى سبيل المقارنة سنناقش فيما يلي شروط
وأوصاف الحيازة الواردة في قانون 1928م . هذا القانون نص في المادة 3 بأسلوب علمي
واضح أن الحيازة للأرض الهادئة العلنية بدون انقطاع للمدة القانونية تكسب الحائز
الملكية , وأعقب هذا في المادة 4 شروط وأوصاف الحيازة ووقفة قصيرة هنا لنقول أن
الهدوء (Peacaeable ) يقصد به السلم والمسالمة أي نفي للإرهاب والإكراه واستعمال القوة
واستمرار الحيازة للمدة القانونية أهم في هذا الموضوع من بدء الحيازة أنه إذا بدأت
الحيازة بالإرهاب والإكراه وعند زوالهما تصبح حيازة هادئة .
والحيازة العلنية هي
الظاهرة أي ليست مخفية ولا تمارس خفية سبق هذا النقاش عن المادة 635 . لا يحتو
قانون 1928 مادة لتعريف الحيازة وأما قانون 1984 فقد عرف الحيازة في المادة 831
التي سبق ذكرها، والجزء المهم من هذا التعريف الذي ينطبق على العقار هو الذي يقول
أن الحيازة هي سلطة فعلية يباشرها الحائز بحيث تكون في مظهرها الخارجي وفي قصد
الحائز مزولة للملكية أن هذا التعريف يفهم من قانون 1928 من جانب شرط ووصاف
الحيازة ومن طبيعة الأشياء . الحيازة ...... مقصود بها استغلال الأرض والانتفاع
بها على ما تصلح له من أنواع الانتفاع . الأراضي الزراعية تستغل بالزراعة وأراضي
السكن تشتغل بالسكنى . وفي إحدى القضايا كانت الأرض مستغلة لاستعمالها مطمورة لخزن
العيش، أنها كانت عالية بالنسبة للأراضي التي حولها وكانت أصلح للمطمورة من غيرها
. وإذا أمعنا النظر في تعريف الحيازة المذكورة أعلاه ما هو الغرض منه وماذا يقصد
به الحيازة التي تؤدي إلى اكتساب الملكية . أظنه هو المقصود منه خاصة وأنه جاء في
أول الفصل المعنون ( اكتساب الملكية بالحيازة ) وبجانب هذا القول عن الحيازة أنها سلطة فعلية يباشرها الحائز بحيث
تكون في مظهرها وفي قصد الحائز مزاولة للملكية . فإذا كان الأمر كذلك فكان على
الكاتب أو المشرع أن يضع في آخر المادة عبارة تفيد أن الحائز يكتسب الملكية . ولا
عليه بعد هذا من ذكر حسن النية وسوء النية . لأن السلطة الفعلية في وصف الحيازة
تؤدي معنى الهدوء والمسالمة وعبارة المظهر الخارجي تؤدي معنى العلنية وحيازة ( في
قصد الحائز مزاولة الملكية ) تؤدي معنى حيازة الحائز لنفسه مع علمه بأنه لا يحوز
أرضاً مملوكة لغيره . ونبدأ الحديث عن شروط لحيازة في قانون 1928 أولها الفقرة (1)
من المادة 4 التي تقرأ : ( إذا تبين أن شخصاً كان حائزاً أرضاَ وكان يستلم إيجارها
أو فوائدها في فترتين منفصلتين فيفترض أنه حازها أو استلم إيجارها أو فوائدها بصفة
مستمرة بين هذين الفترتين إلى أن يثبت العكس ) هذه الفقرة تتضمن مبدأين أولاهما
استمرار الحيازة على امتداد المدة القانونية فيما بين فترتين أو أكثر وطبقت في الأراضي
التي تروى وتزرع بالفيضان الطبيعي إنه إذا كان الفيضان عالياً ورويت وزرعت وإذا
كان منخفضاًَ لم ترو ولم تزرع وقد ينحسر عنها الماء سنة أو أكثر ويغمره سنة أو
أكثر فإذا زرعها الحائز كلما رويت بالماء يفترض أن حيازته مستمرة معنى هذا أن
المبدأ جاء في المادة 636(1) ولكنه فيه عوج بإدخال العبارة التي تقول ( وكانت قائمة حالا) وحالاً
يشير بها إلى وقت النزاع أن وقت التقاضي يجوز أن يكون الحائز حائزاً بمعنى أنه كان
يزرع بين الفترات باستمرار ولكن في وقت النزاع لم يزرع لأن الأرض لم ترو بماء
الفيضان ولم تكن صالحة للزراعة بناء على هذا النص فإنه لا يستطيع أن يتمسك بحيازته
المستمرة السابقة هذا هو العوج ولارتباك .
المبدأ الثاني هو
استلام أجرة الأرض ومنافعها على اعتبار أنه يقوم بالحيازة أن الشخص الذي يؤجر
الأرض ويستلم الأجرة أو الذي يعقد اتفاق تزرعه مع آخر ويستلم نصيبه من المحصول فهو
صاحب سلطة فعلية على الأرض وظاهر فها بمظهر المالك هذا المبدأ ناشئ من العرف
السوداني أن صاحب الأرض تكون أوسع من مقدرته على زراعتها يسمح بجزء منها للزارع
الذي ليس له أرض ليزرعها ويعطي صاحب الأرض جزءاً من المحصول الذي يسمى بأسماء
مختلفة منه حق التزرعة وحق الأرض والنقتدي وحق المسوق وهكذا كان النص علي ليمثل
الحيازة هذا المبدأ لا يوجد في قانون 1984م بالنص ، وإن كان يمكن أن يقال أنه
مشمول في معنى الحيازة بالوساطة في معناها الواسع جداً . ومهما يكن من أمر فإنها
لا تعطيه الأهمية التي يتميز بها وهذا من بعض الاعوجاج والارتباك الذي يوجد في هذا
القانون . ..... ونأتي إلى الفقرة (2) من المادة 4 وهي تنص على الآتي : (حيازة أرض
أو استلام إيجارها وفوائدها بواسطة شخص عن طريقه يطالب المدعى على حق الملكية
تعتبر تلك الحيازة كأنها حيازة المدعى ويعتبر استلام الأجرة أو الفوائد كأنه
استلام المدعى) .
إن المبدأ الذي تتحدث
عنه هذه الفقرة هو انتقال الحيازة من السلف إلى الخلف الذين توجد بينهما علاقة تبر
اعتبار حيازة الأول هي حيازة الثاني ، بمعنى جواز انتقال الحق من أحدهما للآخر
وطبقت في حالة المورث وورثته وكن ذلك في حالتين : الحالة الأولى أن المورث قد حاز
أرضاً الحيازة الهامة والظاهرة بدون انقطاع للمدة القانونية واصبح مالكاً وتوفي
قبل أن يتخذ الإجراءات القضائية لإثبات ملكيته وخلفه في الحيازة ورثته الشرعيون
فإنهم بحكم الإرث اصبحوا الملاك لنفس الحق أي حق الملكية الذي اكتمل لمورثهم .
والحالة الثانية هي أن المورث قد حاز أرضاً حيازة هادئة وعلنية بدون انقطاع ولكنه
توفي قبل إتمام المدة القانونية وخلفه ورثته الشرعيون . فإنهم لهما لحق في إرث ذك
الجزء من الحيازة التي مارسها مورثهم وإذا ما واصلوا نفس الحيازة واستمروا فيها حتى
إتمام المدة القانونية ، يكون لهم حق اكتساب الملكية . كما سبق أن ذكرنا جاء القول عن انتقال الحيازة في المادة 639 وقد
وصفناها بالارتباك والخلط الشنيع بين أحكام العقار والمنقول . ومهما يكن من أمر
فإنه يظهر أن مبدأ الانتقال للحيازة المذكور أعلاها يوجد فيها وقوله في الفقرة (5)
بأن للخلف أن يضم إلى حيازة سلفه كل ما يرتبه القانون على الحيازة من أثر ، يتفق
مع مبدأ الانتقال ، إن كان يقصد أن للخلف الحق في أن يرث الحق الذي ثبت واكتمل أو
في طريقة الثبوت والاكتمال للسلف الذي هو المورث . ونهاية القول أن نص الفقرة (2)
المادة 4 أوضح وأشمل وابسط من نص المادة 639 بفقراتها الخمس لتي يحفها الغموض
والتطويل والخلط