من أجمل ما قاله الحكماء الأوائل في العلم والتعلم والعلماء
مختارات من كتاب العقد الفريد
- قالت الحكماء: العِلمُ قائد والعَقل سائق والنَّفس ذَوْد فإذا كان قائد بلا سائق هلكت " الماشية " وإن كان سائق بلا قائد أخذتْ يميناً وشمالا وإذا اجتمعا أنابت طَوْعاً أو كَرْهاً.
- قال بعضُ الحُكماء: لستً أَطلب العلْم طمعاً في غايته والوقوف على نِهايته ولكن التماسَ مالا يسع جَهلُه فهذا وَجهٌ لما ذكرت.
- وقال آخرون: عِلْم المُلوك والنَّسب والخَبَر وعِلمُ أصحاب الحُروب درْس كُتبِ الأيَّام والسِّير وعِلم التجَّار الكِتاب والحساب فأما أن يُسمَّى الشيء عِلماً وًينهى عنه من غير أن يُسأل عما هو أنفع منه فلا.
- وقال محمد بن إدريس رضي الله عنه: العِلم علمان: عِلم الأبدان وعِلم الأديان.
- وقال عبد الله بن مُسلم بن قُتيبة: من أراد أن يكون عالماً فليطلب فنًا واحداً ومن أراد أن يكون أديباً فَلْيتسع في العلوم.
- وقال أبو يوسُف القاضي: ثلاثة لا يَسلمون من ثلاثة: مَن طلب الدِّين بالفلسفة لمِ يَسلم من الزَّنْدَقَة ومَن طلب " المالَ " بالكِيمياء لم يَسلم من الفَقْر ومن طلب غرائبَ الحديث لم يَسلم من الكذب.
- وقال ابن سِيرين رحمه اللهّ تعالى: العِلْم أكثرُ من أن يُحاط به فخُذوا من كلِّ شيء أحسنه.
- وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما: كَفَاك من عِلم الدِّين أن تَعرف مالا يسع جهلُه وكفاك من عِلم الأدب أن تَرْوِي الشاهد والمَثل قال الشاعر: وما من كاتب إلا ستبقى كِتابتهُ وإن فنيت يدَاه فلا تكتب بكفِّك غير شيء يَسرّك في القِيامة أن تَراه وقالوا: مَن أكثر من النَّحْو حَمّقه ومن أكثر من الشعر بذَّله ومن أكثر من الفِقه شرَفه.
- وقال أبو نُواس الحسن بن هانئ: كم من حَديث مُعْجِب عندي لكا لو قد نبذتَ به إليك لسركا ممَّا تَخَيَّره الرواة مُهذّب كالدُّرِّ مُنتظماً بِنحْرٍ فَلَّكَا أَتتبع العُلماءَ أكتبُ عنهمُ كيما أُحدِّثَ من لقيتُ فَيَضْحكا الحض على طلب العلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزال الرجلُ عالماً ما طَلب العِلم فإذا ظَنَّ أنه قد عَلِم فقد جَهل.
- وقال داود لابنه سُليمان عليهما السلام: لفَّ العِلْم حولَ عُنقك واكتُبه في ألواح قَلبك.
- وقال أيضاً: اجعل العِلْم مالَكَ والأدب حِلْيتك.
- وقيل لأبي عمرو بن العَلاء: هل يَحْسُن بالشَيخ أن يتعلًم قال: إن كان يَحسن به أن يعيش فإنه يحسن به أن يتعلم.
- وقال عُرْوة بن الزُّبير رحمه اللهّ تعالى " لبنيه ": يا بنيَّ اطلبوا العِلم فإن تكونوا صِغار " قوم " لا يُحتاج إليكم فعسى أن تكونوا كبارَ قوم آخرين لا يستغني عنكم.
- وقال ملك الْهِند لولده وكان له أربعون ولداً: يا بني أكثِروا من النظر في الكتب وازدادوا في كل يوم حرفاً فإن ثلاثةً لا يَستوْحشون في غُربة: الفقِيه العالم والبَطَل الشجاع والحُلوُ اللسان الكثير مخارج الرأي.
- وقال المُهَلّب لبَنِيه: إياكم أن تجلسوا في الأسواق إلا عند زَرَّاد أو وَرَّاق أراد الزرَّاد للحرب والورَّاق للعلم.
- وقال الشاعر: نِعْمَ الأنيسُ إذا خلوْتَ كِتَابُ**** تَلْهو به إن خانَكَ الأحبابُ
لا مُفْشِياً سرّا إذا استودعتَه**** وتُفاد منهُ حكمةٌ وصَوَابُ
- وقال " آخر ": ولكلِّ طالب لذّة مُتنزَه ****وألذُّ نُزهة عالمٍ في كُتْبهِ
- ومَرَّ رجل بعبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر وهو جالس في المَقْبرة وبيده كتاب فقال له: ما أَجلسك هاهنا قال: إنه لا أوْعظَ " مِن " قبر ولا أَمتع من كتاب.
- وقال رُؤْبة بن العجَّاج: قال لي النسِّابة البَكْري: يا رُؤبة لعلك من قوم إن سَكَتُّ عنهم لم يَسأَلوني وإن حَدَّثتُهم لم يَفْهموني قلتُ: إني أرجو أن لا أكون كذلك.
قال: فما آفة العلم ونَكَده وهُجْنته قلت: تُخبرني قال: آفتُه النسيان ونَكَده الكذب وهُجْنته نشره عند غير أهله.