من أجمل ما قاله الحكماء الأوائل في الملك والولاية
مختارات من كتاب العقد الفريد
- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يصلح لهذا الأمر إلا اللين من غير ضعف القوي من غير عنف.
- وقال أردشير لابنه: يا بني: إن الملك والعدل أخوان لا غنى بأحدهما عن الآخر فالملك أس والعدل حارس.
والبناء ما لم يكن له أس فمهدوم والملك ما لم يكن له حارس فضائع.
يا بني اجعل حديثك مع أهل المراتب وعطيتك لأهل الجهاد وبشرك لأهل الدين وسرك لمن عناه ما عناك من ذوي العقول.
- وكتب إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله بعض عماله يستأذنه في تحصين مدينته. فكتب إليه: حصنها بالعدل ونق طرقها من الظلم.
- وقالت بعض الحكماء السلطان زمام الأمور ونظام الحقوق وقوام الحدود والقطب الذي عليه مدار الدنيا وهو حمى الله في بلاده وظله الممدود على عباده به يمتنع حريمهم وينتصر مظلومهم وينقمع ظالمهم ويأمن خائفهم.
- وقالت الحكماء: إمام عادل خير من مطر وابل وإمام غشوم خير من فتنة تدوم ولما يزع الله بالسلطان أكثر ما يزع بالقرآن.
- وقال كعب الأحبار: مثل الإسلام والسلطان والناس مثل الفسطاط والعمود والأطناب والأوتاد فالفسطاط الإسلام والعمود السلطان والأطناب والأوتاد الناس. ولا يصلح بعضها إلا ببعض.
- قال ابن المقفع: ينبغي لمن خدم السلطان أن لا يغتر به إذا رضي ولا يتغير له إذا سخط ولا يستقل ما حمله ولا يلحف في مسألته.
- وقال أيضاً: لا تكن صحبتك للسلطان إلا بعد رياضة منك لنفسك على طاعتهم فإن كنت حافظاً إذا أولوك حذراً إذا قربوك أميناً إذا ائتمنوك ذليلاً إذا صرموك راضياً إذا أسخطوك تعلمهم وكأنك تتعلم منهم وتؤدبهم وكأنك تتأدب بهم وتشكرهم ولا تكلفهم الشكر وإلا فالبعد منهم كل البعد والحذر منهم كل الحذر.
- وقال المأمون: الملوك تتحمل كل شيء إلا ثلاثة أشياء: القدح في الملك وإفشاء السر والتعرض للحرم.
- وقال ابن المقفع: إذا نزلت من السلطان بمنزلة الثقة فلا تلزم الدعاء له في كل كلمة فإن ذلك يوجب الوحشة ويلزم الانقباض.
- وقال الأصمعي: توصلت بالملح وأدركت بالغريب.
- وقال أبو حازم الأعرج لسليمان بن عبد الملك: إنما السلطان سوق فما نفق عند حمل إليه.
- وقالت الحكماء: مما يجب على السلطان أن يلتزمه العدل في ظاهر أفعاله لإقامة أمر سلطانه وفي ضميره لإقامة أمر دينه.
فإذا فسدت السياسة ذهب السلطان ومدار السياسة كلها على العدل والإنصاف لا يقوم سلطان لأهل الكفر والإيمان إلا بهما ولا يدور إلا عليهما مع ترتيب الأمور مراتبها وإنزالها منازلها.
وينبغي لمن كان سلطاناً أن يقيم على نفسه حجة الرعية ومن كان رعية أن يقيم على نفسه حجة السلطان.
وليكن حكمه على غيره مثل حكمه على نفسه.
وإنما يعرف حقوق الأشياء من يعرف مبلغ حدودها ومواقع أقدارها.
ولا يكون أحد سلطان حتى يكون قبل ذلك رعية.
- وقال عبد الملك بن مروان لبنيه: كلكم يترشح لهذا الأمر ولا يصلح له منكم إلا من كان له سيف مسلول ومال مبذول وعدل تطمئن إليه القلوب.
ووصف بعض الملوك سياسته فقال: لم أهزل في وعد ولا وعيد ولا أمر ولا نهي ولا عاقبت للغضب واستكفيت وأثبت على الغناء لا للهوى وأودعت القلوب هيبة لم يشبها مقت ووداً لم تشبه جرأة وعممت بالقوت ومنعت الفضول.
- وذكر أعرابي أمير فقال: كان إذا ولي لم يطابق بين جفونه وأرسل العيون على عيونه فهو غائب عنهم شاهد معهم فالمحسن راج والمسيء خائف.
- وقال الوليد بن عبد الملك لأبيه: يا أبت ما السياسة قال: هيبة الخاصة مع صدق مودتها وكتب أرسطوطاليس إلى الإسكندر: أن املك الرعية بالإحسان إليها تظفر بالمحبة منها فإن طلبك ذلك منها بإحسانك هو أدوم بقاء منه باعتسافك.
وأعلم أن تقول قدرت على أن تفعل فاجتهد ألا تقول تسلم من أن تفعل.
- وقال أردشير لأصحابه: إني إنما أملك الأجساد لا النيات وأحكم بالعدل لا بالرضا وأفحص عن الأعمال لا عن السرائر.
وكان عمرو بن العاص يقول في معاوية: اتقوا أكرم قريش وابن كريمها من يضحك في الغضب ولا ينام إلا على الرضا ويتناول ما فوقه من تحته.
- وقال معاوية: إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت أبداً.
فقيل له: وكيف ذلك قال: كنت إذا مدوها أرخيتها وإذا أرخوها مددتها.
- وقالت الحكماء: أسوس الناس لرعيته من قاد أبدانها بقلوبها وقلوبها بخواطرها وخواطرها بأسبابها من الرغبة والرهبة.
- وقال المهدي للربيع بن أبي الجهم وهو والي أرض فارس: يا ربيع آثر الحق والزم القصد وابسط العدل وارفق بالرعية واعلم أن أعدل الناس من أنصف من نفسه وأظلمهم من ظلم الناس لغيره.
- وقال ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة قال: استعمل ابن عامر عمرو بن أصبغ على الأهواز فلما عزله قال له: ما جئت به قال له: ما معي إلا مائة درهم وأثواب. قال: كيف ذلك قال: أرسلتني إلى بلد أهله رجلان: رجل مسلم له ما لي وعليه ما علي ورجل له ذمة الله ورسوله فوالله ما دريت أين أضع يدي. قال: فأعطاه عشرين ألفاً.
- وقال أكثم بن صيفي : إن أفضل الأشياء أعاليها وأعلى الرجال ملوكها وأفضل الملوك أعمها نفعاً وخير الأزمنة أخصبها وأفضل الخطباء أصدقها.
- الصدق منجاة والكذب مهواة والشر لجاجة والحزم مركب صعب والعجز مركب وطيء آفة الرأي الهوى والعجز مفتاح الفقر وخير الأمور الصبر.
- إصلاح فساد الرعية خير من إصلاح فساد الراعي.
- من فسدت بطانته كان الغاص بالماء.
- شر البلاد بلاد لا أمير بها.
- شر الملوك من خافه البريء.