المرأة بين التحرير والتغرير
د. نهى قاطرجيالحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، وبعد ،
لقد أخذت قضية تحرير المرأة حيزاً مهماً من تفكير الناس في العصر الحالي حتى عُقدت من أجل هذه القضية المؤتمرات والندوات التي تطالب برفع الظلم عن المرأة وإعطائها حقوقها التي حرمتها منها الأديان والأعراف والتقاليد .
وقد استفحل هذا الأمر حتى خرج عن إطار اللهو والتسلية لبعض النساء الفارغات عن أي عمل لتنعكس آثاره الخطيرة على المرأة بالدرجة الأولى ، وإذا كنَّا في لحظة من اللحظات أُعجبنا بامرأة شابة تعمل شرطية على الطريق أو جندية تحمل السلاح ووجدنا في هذا الأمر قوة إرادة وتحدٍّ عند من فعلن هذا ، فإن الأمر خرج عن إطار التسلية عندما أصبحنا نرى امرأة أخرى عجوزاً تبحث في القمامة أو تجوب الشوارع تجر عربتها الثقيلة لتؤمن رغيف خبزها .
إن الأمر ، لم يعد لعبة ومزحة تتسلى بها الفتاة التي تخرجت من الجامعة لتثبت للناس أنه لا فرق بينها وبين الرجل في الذكاء والعطاء فتنافس الرجل في وظيفة وتتساوى معه في أجر أو حتى تسلبه وظيفة بأجر أقل لتنفق ما تقبضه على الزينة والتبرج والترف بينما يكون الرجل الذي نافسته مسؤولاً عن أسرة ، أو على الأقل يسعى لبناء أسرة .
إن العمل بالنسبة للفتاة يبقى في إطار تمضية الوقت وإثبات الذات فترة طويلة من الزمن ، حتى تصبح ذات يوم فتجد أن الوظيفة التي كانت تتسلى بها أصبحت تأخذ منها كل وقتها (من الفجر إلى النجر ) فلا حياة اجتماعية ولا أصدقاء ولا فرصة حتى للتعرف على فتى الأحلام ، فهي تعود من العمل متعبة فتنام كالقتيل ، هذا الأمر لم يعد يرضي أحداً ! كيف ستمضي بقية عمرها ! وكيف ستتعرف على فتى أحلامها الآتي على حصان أبيض ! الأمر قد يطول على هذه الحالة ! ولكن لا بديل آخر ، فهي لا تستطيع أن تترك العمل وقد اعتادت أن تجد المال بين يديها ولا تستطيع أيضاً أن تعيش الفراغ في المنزل تنتظر فارس الأحلام الذي قد يتأخر في المجيء أو حتى لا يجيء ! أما إذا جاء فانه يجيء بشروط ، ففيما كان هو الذي يأتي على حصان أبيض لينقذ المرأة من وضعها الأسري، اختلف الوضع اليوم فأصبحت المرأة هي التي تأتي على حصان أبيض لتقدم للرجل حلولاً لمشاكله المادية ، فيعملان معاً ( من الفجر إلى النجر ) لكي يصبح العمل بالنسبة للمرأة واجباً وليس تطوعاً .
ما ورد كان نموذجاً عن وضع من أوضاع المرأة المتحررة اليوم ، ذكرتها كمقدمة للحديث عن قضية تحرير المرأة .
لقد أخذت قضية تحرير المرأة حيزاً مهماً من تفكير الناس في العصر الحالي حتى عُقدت من أجل هذه القضية المؤتمرات والندوات التي تطالب برفع الظلم عن المرأة وإعطائها حقوقها التي حرمتها منها الأديان والأعراف والتقاليد .
وقد استفحل هذا الأمر حتى خرج عن إطار اللهو والتسلية لبعض النساء الفارغات عن أي عمل لتنعكس آثاره الخطيرة على المرأة بالدرجة الأولى ، وإذا كنَّا في لحظة من اللحظات أُعجبنا بامرأة شابة تعمل شرطية على الطريق أو جندية تحمل السلاح ووجدنا في هذا الأمر قوة إرادة وتحدٍّ عند من فعلن هذا ، فإن الأمر خرج عن إطار التسلية عندما أصبحنا نرى امرأة أخرى عجوزاً تبحث في القمامة أو تجوب الشوارع تجر عربتها الثقيلة لتؤمن رغيف خبزها .
إن الأمر ، لم يعد لعبة ومزحة تتسلى بها الفتاة التي تخرجت من الجامعة لتثبت للناس أنه لا فرق بينها وبين الرجل في الذكاء والعطاء فتنافس الرجل في وظيفة وتتساوى معه في أجر أو حتى تسلبه وظيفة بأجر أقل لتنفق ما تقبضه على الزينة والتبرج والترف بينما يكون الرجل الذي نافسته مسؤولاً عن أسرة ، أو على الأقل يسعى لبناء أسرة .
إن العمل بالنسبة للفتاة يبقى في إطار تمضية الوقت وإثبات الذات فترة طويلة من الزمن ، حتى تصبح ذات يوم فتجد أن الوظيفة التي كانت تتسلى بها أصبحت تأخذ منها كل وقتها (من الفجر إلى النجر ) فلا حياة اجتماعية ولا أصدقاء ولا فرصة حتى للتعرف على فتى الأحلام ، فهي تعود من العمل متعبة فتنام كالقتيل ، هذا الأمر لم يعد يرضي أحداً ! كيف ستمضي بقية عمرها ! وكيف ستتعرف على فتى أحلامها الآتي على حصان أبيض ! الأمر قد يطول على هذه الحالة ! ولكن لا بديل آخر ، فهي لا تستطيع أن تترك العمل وقد اعتادت أن تجد المال بين يديها ولا تستطيع أيضاً أن تعيش الفراغ في المنزل تنتظر فارس الأحلام الذي قد يتأخر في المجيء أو حتى لا يجيء ! أما إذا جاء فانه يجيء بشروط ، ففيما كان هو الذي يأتي على حصان أبيض لينقذ المرأة من وضعها الأسري، اختلف الوضع اليوم فأصبحت المرأة هي التي تأتي على حصان أبيض لتقدم للرجل حلولاً لمشاكله المادية ، فيعملان معاً ( من الفجر إلى النجر ) لكي يصبح العمل بالنسبة للمرأة واجباً وليس تطوعاً .
ما ورد كان نموذجاً عن وضع من أوضاع المرأة المتحررة اليوم ، ذكرتها كمقدمة للحديث عن قضية تحرير المرأة .
أصل القضية
بدأت القضية مع المرأة الغربية ، وهذا لا يعني أن المرأة المسلمة لم تكن تعاني من المشاكل والهموم ، فلو كان هذا الأمر صحيحاً لما وجد هؤلاء الغربيون ثغرة يدخلون بها إلى مجتمعاتنا، ولكن الفرق بين الشرق والغرب شاسع ، ذلك أن المرأة في العالم الإسلامي لم يكن لها قضية خاصة إنما كانت القضية الحقيقية هي تخلف المجتمع وانحرافه عن حقيقة الإسلام ،" وما نتج عن هذا التخلف في جميع مجالات الحياة ، وما تحقير المرأة وإهانتها وعدم إعطائها وصفها الإنساني الكريم إلا مجال من المجالات التي وقع فيها التخلف عن الصورة الحقيقة للإسلام" .
إن الصورة الحقيقية للإسلام ممكن أن تُقرأ واضحة في كتب السِّيَر والتاريخ الإسلامي التي ذكرت كيف كان للمرأة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كيان مستقل عن الرجل تطالب بحقها الذي أعطاها إياه الإسلام بكل جرأة ، فها هي تقف في وجه عمر بن الخطاب رضي الله عنه تطالب بحقها في صلاة الجماعة في المسجد كما فعلت عاتكة بن زيد ، وها هي تمارس حقها بإدارة أموالها بمعزل عن زوجها كما فعلت ميمونة أم المؤمنين بجاريتها دون علم رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكما فعلت أم سليم بنت ملحان التي أهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرسه هدية باسمها لا باسم زوجها ، فقالت : " يا أنس ، اذهب بهذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل: بعثت بهذا إليك أمي ، وهي تقرؤك السلام وتقول : إنّ هذا منّا قليل يا رسول الله " .
هذا في الإسلام أما في الغرب فإنه كان للمرأة بالفعل قضية ومعاناة ، إذ أنها كانت " في اعتقاد وعقيدة الأوروبيين حتى مئتي سنة مطيّة الشيطان، وهي العقرب الذي لا يتردد قط عن لدغ أي إنسان ، وهي الأفعى التي تنفث السم الرعاف ... في أوروبا ( أيتها الأخوات ) انعقد مؤتمر في فرنسة عام 568م ، أي أيام شباب النبي صلى الله عليه وسلم ، للبحث هل تعدّ المرأة إنساناً أم غير إنسان ؟ وأخيراً قرروا : إنها إنسان خلقت لخدمة الرجل فحسب !
والقانون الإنكليزي حتى عام 1805 م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته بستة بنسات فقط، حتى الثورة الفرنسية التي أعلنت تحرير الإنسان من العبودية والمهانة لم تشمل المرأة بحنوِّها ، والقاصرون في عرفها : الصبي والمجنون والمرأة ، واستمر ذلك حتى عام 1938 م ، حيث عُدِّ لت هذه النصوص لصالح المرأة " .
إن أصل القضية في الغرب يعود لاحتقار الكنيسة النصرانية للمرأة احتقاراً جعل رجالها يبحثون إذا كان ممكناً أن يكون للمرأة روح ، وهذا ما حصل " في مؤتمر " ماكون Macon " وما شفع بالمرأة آنذاك هو كون مريم أم يسوع امرأة ولا يجوز أن تكون أم يسوع بلا روح " .
إن أصل القضية إذاً بدأ من الديانة النصرانية حيث أساءت الكنيسة كمؤسسة في فهم الدين المسيحي في روحيته وأخذت تطبقه وفقاً لذهنية القائمين عليها ، ومن هؤلاء القديس بولس الذي قال : إن المرأة خُلقت للرجل، والقديس توما الأكويني الذي ذهب إلى أبعد من ذلك إذ صنّف المرأة بعد العبيد .
ولقد استمرت الكنيسة النصرانية في تغيير التعاليم الدينية وَفْقاً للمفاهيم والاعتبارات السائدة في البلدان التي كانت تريد السيطرة عليها فقدّست " مفهوم الأمومة مثلاً عندما أرادت السيطرة على الحضارة اليونانية ، وألغت هذا التقديس عندما انتقلت إلى السيطرة على الحضارة الجرمانية ، واستبدلته بالاعتبارات المعمول بها في هذه الحضارة حيث كان التقديس للملكية الخاصة ولاعتبار المرأة ملك الرجل وفي مصاف القاصرين " .
من هنا يمكن أن نستشف أن الفرق بين المرأة الغربية والمرأة المسلمة يعود إلى الجذور ، ومن هنا عدم صحة إسقاط الحلول الغربية على الوضع الإسلامي ، فالوضع بين الحضارتين مختلف ، والمرأة هنا غير المرأة هناك ،وقد أكدت الراهبة "كارين أرمسترونغ "هذا الاختلاف بين ماضي المرأتين بما يلي: " إن رجال الغرب النصراني حين حبسوا نساءهم ومنعوهم من مخالطة الرجال ووضعوهن في غرف منعزلة في جوف البيوت إنما فعلوا ذلك لأنهم يكرهونهن ويخافونهن ولا يأمنون لهن وَيَرَوْنَ الخطيئة والغواية كامنة فيهن ، فهم يخرجوهن من الحياة بهذا الحبس إلى خارجها أو هامشها ، بينما حجز المسلمون نساءهم في البيوت ولم يخرجوهن إلى الشوارع تقديراً لهن ولأنهم يعتبرون زوجاتهم وأمهاتهم وبناتهم حَرَماً خاصاً وذاتاً مصونة وجواهر مقدسة يصونونهن ويحملون عنهن عبء الامتهان في الأسواق والطرق " .
إن هذا الاختلاف لم يفهمه دعاة التحرر الذين حاولوا إسقاط حلول المجتمع الغربي على المجتمع الإسلامي ، فلم يفهموا حرص الرجل على زوجته وحمايته لها بل اعتبروا أن حجاب المرأة وعدم اختلاطها بالرجل يعود إلى عدم ثقة الرجل بالمرأة وخوفه منها ، الأمر الذي جعلهم يرون أن المرأة مظلومة قد ظلمها الرجل عندما فرض عليها الحجاب وحرمها من إنسانيتها وقد تناسوا أنه " لم يكن الرجل هو الذي فرض الحجاب على المرأة فترفع المرأة قضيتها ضده لتتخلص من الظلم الذي أوقعه عليها ، كما كان وضع القضية في أوروبا بين المرأة والرجل ، إنما الذي فرض الحجاب على المرأة هو ربها وخالقها الذي لا تملك إن كانت مؤمنة أن تجادله سبحانه فيما أمر به ، ويكونَ لها الخِيَرَةُ من الأمر " .
إن الصورة الحقيقية للإسلام ممكن أن تُقرأ واضحة في كتب السِّيَر والتاريخ الإسلامي التي ذكرت كيف كان للمرأة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كيان مستقل عن الرجل تطالب بحقها الذي أعطاها إياه الإسلام بكل جرأة ، فها هي تقف في وجه عمر بن الخطاب رضي الله عنه تطالب بحقها في صلاة الجماعة في المسجد كما فعلت عاتكة بن زيد ، وها هي تمارس حقها بإدارة أموالها بمعزل عن زوجها كما فعلت ميمونة أم المؤمنين بجاريتها دون علم رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكما فعلت أم سليم بنت ملحان التي أهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرسه هدية باسمها لا باسم زوجها ، فقالت : " يا أنس ، اذهب بهذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل: بعثت بهذا إليك أمي ، وهي تقرؤك السلام وتقول : إنّ هذا منّا قليل يا رسول الله " .
هذا في الإسلام أما في الغرب فإنه كان للمرأة بالفعل قضية ومعاناة ، إذ أنها كانت " في اعتقاد وعقيدة الأوروبيين حتى مئتي سنة مطيّة الشيطان، وهي العقرب الذي لا يتردد قط عن لدغ أي إنسان ، وهي الأفعى التي تنفث السم الرعاف ... في أوروبا ( أيتها الأخوات ) انعقد مؤتمر في فرنسة عام 568م ، أي أيام شباب النبي صلى الله عليه وسلم ، للبحث هل تعدّ المرأة إنساناً أم غير إنسان ؟ وأخيراً قرروا : إنها إنسان خلقت لخدمة الرجل فحسب !
والقانون الإنكليزي حتى عام 1805 م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته بستة بنسات فقط، حتى الثورة الفرنسية التي أعلنت تحرير الإنسان من العبودية والمهانة لم تشمل المرأة بحنوِّها ، والقاصرون في عرفها : الصبي والمجنون والمرأة ، واستمر ذلك حتى عام 1938 م ، حيث عُدِّ لت هذه النصوص لصالح المرأة " .
إن أصل القضية في الغرب يعود لاحتقار الكنيسة النصرانية للمرأة احتقاراً جعل رجالها يبحثون إذا كان ممكناً أن يكون للمرأة روح ، وهذا ما حصل " في مؤتمر " ماكون Macon " وما شفع بالمرأة آنذاك هو كون مريم أم يسوع امرأة ولا يجوز أن تكون أم يسوع بلا روح " .
إن أصل القضية إذاً بدأ من الديانة النصرانية حيث أساءت الكنيسة كمؤسسة في فهم الدين المسيحي في روحيته وأخذت تطبقه وفقاً لذهنية القائمين عليها ، ومن هؤلاء القديس بولس الذي قال : إن المرأة خُلقت للرجل، والقديس توما الأكويني الذي ذهب إلى أبعد من ذلك إذ صنّف المرأة بعد العبيد .
ولقد استمرت الكنيسة النصرانية في تغيير التعاليم الدينية وَفْقاً للمفاهيم والاعتبارات السائدة في البلدان التي كانت تريد السيطرة عليها فقدّست " مفهوم الأمومة مثلاً عندما أرادت السيطرة على الحضارة اليونانية ، وألغت هذا التقديس عندما انتقلت إلى السيطرة على الحضارة الجرمانية ، واستبدلته بالاعتبارات المعمول بها في هذه الحضارة حيث كان التقديس للملكية الخاصة ولاعتبار المرأة ملك الرجل وفي مصاف القاصرين " .
من هنا يمكن أن نستشف أن الفرق بين المرأة الغربية والمرأة المسلمة يعود إلى الجذور ، ومن هنا عدم صحة إسقاط الحلول الغربية على الوضع الإسلامي ، فالوضع بين الحضارتين مختلف ، والمرأة هنا غير المرأة هناك ،وقد أكدت الراهبة "كارين أرمسترونغ "هذا الاختلاف بين ماضي المرأتين بما يلي: " إن رجال الغرب النصراني حين حبسوا نساءهم ومنعوهم من مخالطة الرجال ووضعوهن في غرف منعزلة في جوف البيوت إنما فعلوا ذلك لأنهم يكرهونهن ويخافونهن ولا يأمنون لهن وَيَرَوْنَ الخطيئة والغواية كامنة فيهن ، فهم يخرجوهن من الحياة بهذا الحبس إلى خارجها أو هامشها ، بينما حجز المسلمون نساءهم في البيوت ولم يخرجوهن إلى الشوارع تقديراً لهن ولأنهم يعتبرون زوجاتهم وأمهاتهم وبناتهم حَرَماً خاصاً وذاتاً مصونة وجواهر مقدسة يصونونهن ويحملون عنهن عبء الامتهان في الأسواق والطرق " .
إن هذا الاختلاف لم يفهمه دعاة التحرر الذين حاولوا إسقاط حلول المجتمع الغربي على المجتمع الإسلامي ، فلم يفهموا حرص الرجل على زوجته وحمايته لها بل اعتبروا أن حجاب المرأة وعدم اختلاطها بالرجل يعود إلى عدم ثقة الرجل بالمرأة وخوفه منها ، الأمر الذي جعلهم يرون أن المرأة مظلومة قد ظلمها الرجل عندما فرض عليها الحجاب وحرمها من إنسانيتها وقد تناسوا أنه " لم يكن الرجل هو الذي فرض الحجاب على المرأة فترفع المرأة قضيتها ضده لتتخلص من الظلم الذي أوقعه عليها ، كما كان وضع القضية في أوروبا بين المرأة والرجل ، إنما الذي فرض الحجاب على المرأة هو ربها وخالقها الذي لا تملك إن كانت مؤمنة أن تجادله سبحانه فيما أمر به ، ويكونَ لها الخِيَرَةُ من الأمر " .
تطور القضية
ساعدت الثورة العلمية التي حصلت في أوائل القرن الماضي الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص على المطالبة بالتحرر من الظلم الذي وقع عليها من الكنيسة ، حيث كان لاستعانة الثورة الصناعية بالنساء من أجل التحرر من مطالب الرجال المالية دور مهم في خروج المرأة من قمقمها وسعيها لتغيير واقعها المعاش ، فلم تجد عدواً تواجهه وتعتبره سبباً مباشراً لمعاناتها إلا الكنيسة التي كانت تحمي الرجال وتحثهم على ظلم النساء ، مما جعل عدو النساء الأول هو الدين ، فالمرأة هي التي " تدفع ضريبة الانتماء الديني في هذا الواقع وتتحمل مآسيه أكثر من الرجل" . ومن هنا جاءت ضرورة نبذ الدين وتأييد النظريات العلمانية الحديثة التي تعتبر أن " الدين هو أفيون الشعوب"، وأن السبيل للنهوض بالأمم يكون بفصل الدين عن الدولة ، هذا الأمر الذي دعا إليه المسيح عليه السلام نفسه عندما قال : " دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله " .
فالعلمنة إذاً هي نبذ الدين و " إحلال العلم ، في نموذجه الطبيعي ، محل النص والإله في تفسير كل ما يختص ويتصل بالإنسان " ، وقد بالغ كثير من العلماء في تقديس العلم إلى حد أَن اعتبروه ديناً جديداً ، فقال أحدهم : " العلم الحديث هو إنجيل الحضارة الحديثة " ، وقال آخر : "العلم الصحيح ، أي العلم الاختياري ، دين أيضاً" .
وهكذا وجاءت نظرية التطور لـ " دارون " لتقول أن أصل الإنسان قرد تطور مع الزمن إلى أن وصل إلى الحالة التي هو عليها الآن ، لتعتمد على إيحاءين خطيرين كان لهما أثر في نصر نظرية المرأة الغربية الداعية إلى نبذ الدين ، وهذان الإيحاءان هما :
1- الإيحاء بالتطور الدائم الذي يلغي فكرة الثبات .
2- الإيحاء بحيوانية الإنسان وماديته وإرجاعه إلى الأصل الحيواني وإغفال الجانب الروحي إغفالاً تاماً .
وهكذا أصبح الإنسان الغربي بعد هذه النظرية العلمانية " لا يستطيع تجنب اعتبار نفسه حيواناً " كما أصبح " التفسير التطوري لكل شيء هو العقيدة الجديدة للغرب " .
وقد استفادت المرأة ومن تبعها من دعاة التحرر من الرجال من هذه العقيدة الجديدة استفادة كبيرة ،فاعتبرت أن النصوص التشريعية التي تختص بها لم تعد تصلح لهذا الزمن المتطور ، وقالوا بنسبية القوانين والتشريعات والأخلاق مما يعني عدم صلاحية هذه التشريعات للتطبيق في هذا الزمن ، لذلك كانت الدعوة من أجل الثورة ، هذه الثورة التي وإن كانت ممكنة بالنسبة للمرأة النصرانية التي تدرك تماماً أن التشريع الكنسي تابع لأقوال العلماء إلا أنها صعبة بالنسبة للمرأة المسلمة التي تدرك أن التشريعات الإسلامية مستمدة من النصوص القرآنية ، لذلك دعا أنصار تحرير المرأة إلى رفع راية التطور التاريخي في حال أرادت المرأة مهاجمة النصوص الدينية ، تقول إحدى دعاتهن : أنه " إذا ثارت المرأة اللبنانية وتعاونت المرأة المسيحية مع المرأة المحمدية استطاعتا رفض الدين الأولى باسم الدين نفسه والثانية بموجب الإيمان بسنة التطور التاريخي " .
وهذه الدعوة إلى الإيمان بالتطور التاريخي لوضع المرأة ذكره أحد دعاتهم وهو سلامة موسى مخاطباً المرأة : " أنت ثمرة ألف مليون سنة من التطور " .
وبناء على ذلك كان " طبيعياً أن يفسر حجاب المرأة وعدم مخالفتها للرجل بأنه أثر من آثار الأمم الوحشية ونتيجة لتطور وظهور نظام العائلة ودخول المرأة فيه ، ووقوعها بذلك تحت سيطرة الرجل ، وهو التفسير الذي ذكره كل من تكلم من رواد تحرير المرأة " .
فالعلمنة إذاً هي نبذ الدين و " إحلال العلم ، في نموذجه الطبيعي ، محل النص والإله في تفسير كل ما يختص ويتصل بالإنسان " ، وقد بالغ كثير من العلماء في تقديس العلم إلى حد أَن اعتبروه ديناً جديداً ، فقال أحدهم : " العلم الحديث هو إنجيل الحضارة الحديثة " ، وقال آخر : "العلم الصحيح ، أي العلم الاختياري ، دين أيضاً" .
وهكذا وجاءت نظرية التطور لـ " دارون " لتقول أن أصل الإنسان قرد تطور مع الزمن إلى أن وصل إلى الحالة التي هو عليها الآن ، لتعتمد على إيحاءين خطيرين كان لهما أثر في نصر نظرية المرأة الغربية الداعية إلى نبذ الدين ، وهذان الإيحاءان هما :
1- الإيحاء بالتطور الدائم الذي يلغي فكرة الثبات .
2- الإيحاء بحيوانية الإنسان وماديته وإرجاعه إلى الأصل الحيواني وإغفال الجانب الروحي إغفالاً تاماً .
وهكذا أصبح الإنسان الغربي بعد هذه النظرية العلمانية " لا يستطيع تجنب اعتبار نفسه حيواناً " كما أصبح " التفسير التطوري لكل شيء هو العقيدة الجديدة للغرب " .
وقد استفادت المرأة ومن تبعها من دعاة التحرر من الرجال من هذه العقيدة الجديدة استفادة كبيرة ،فاعتبرت أن النصوص التشريعية التي تختص بها لم تعد تصلح لهذا الزمن المتطور ، وقالوا بنسبية القوانين والتشريعات والأخلاق مما يعني عدم صلاحية هذه التشريعات للتطبيق في هذا الزمن ، لذلك كانت الدعوة من أجل الثورة ، هذه الثورة التي وإن كانت ممكنة بالنسبة للمرأة النصرانية التي تدرك تماماً أن التشريع الكنسي تابع لأقوال العلماء إلا أنها صعبة بالنسبة للمرأة المسلمة التي تدرك أن التشريعات الإسلامية مستمدة من النصوص القرآنية ، لذلك دعا أنصار تحرير المرأة إلى رفع راية التطور التاريخي في حال أرادت المرأة مهاجمة النصوص الدينية ، تقول إحدى دعاتهن : أنه " إذا ثارت المرأة اللبنانية وتعاونت المرأة المسيحية مع المرأة المحمدية استطاعتا رفض الدين الأولى باسم الدين نفسه والثانية بموجب الإيمان بسنة التطور التاريخي " .
وهذه الدعوة إلى الإيمان بالتطور التاريخي لوضع المرأة ذكره أحد دعاتهم وهو سلامة موسى مخاطباً المرأة : " أنت ثمرة ألف مليون سنة من التطور " .
وبناء على ذلك كان " طبيعياً أن يفسر حجاب المرأة وعدم مخالفتها للرجل بأنه أثر من آثار الأمم الوحشية ونتيجة لتطور وظهور نظام العائلة ودخول المرأة فيه ، ووقوعها بذلك تحت سيطرة الرجل ، وهو التفسير الذي ذكره كل من تكلم من رواد تحرير المرأة " .
قضية تحرير المرأة المسلمة
هبط الغرب على العالم الإسلامي بجيوشه وعساكره وهو يعلم بتجربة الحروب الصليبية أن تطويع هذا العالم لن يكون بالحروب بل يكون بإيجاد جيل جديد ينتمي إليه فكراً وعقيدة ، فعمدوا من أجل ذلك إلى إنشاء المدارس الغربية التي تدرِّس اللغة والتاريخ والثقافة الغربية ، وبعد ذلك عمدوا إلى إرسال خريجي هذه المدارس في بعثات خارجية إلى الجامعات التي تكفلت بما بقي من العقول الإسلامية كما تكفل الفساد المنتشر في البلاد التي سافرت إليها العقول بتضييع البقية الباقية من جيل شباب عاد ليخرب الأمة ويعمل على تحويل المجتمعات العربية الإسلامية إلى صورة من المجتمعات التي عاد منها .
وكان من بين الخريجين "قاسم أمين" المخرب الأول الذي عاد من الغرب بكل مفاهيمه ليطبقها على مجتمع لا يمت إليه بصلة ، فطالب بتعليم المرأة وتحريرها على المنهج ذاته الذي وضعه الغرب لهدم الإسلام ،" وقاسم أمين شاب نشأ في أسرة تركية مصرية فيه ذكاء غير عادي ، حصل على ليسانس الحقوق الفرنسية من القاهرة وهو في سن العشرين ... ومن هناك التقطه الذين يبحثون عن الكفاءات النادرة والعبقريات الفذة ليفسدوها ، ويفسدوا الأمة من ورائها ! التقطوه وابتعثوه إلى فرنسا ... اطلع قبل ذهابه إلى فرنسا على رسالة لمستشرق يتهم الإسلام باحتقار المرأة وعدم الاعتراف بكيانها الإنساني ، وغلى الدم في عروقه ، كما يصف في مذكراته ، وقرر أن يرد على هذا المستشرق ويفند افتراءاته على الإسلام . ولكنه عاد بوجه غير الذي ذهب به ! لقد أثرت رحلته إلى فرنسا في هذه السن المبكرة تأثيراً بالغاً في كيانه كله ، فعاد إلى مصر بفكر جديد ووجهة جديدة ، عاد يدعو إلى تعليم المرأة وتحريرها على المنهج ذاته الذي وضعه المستشرقون وهم يخططون لهدم الإسلام " .
عاد ليطالب بنزع حجاب المرأة ... عاد ليطالب بتعليم المرأة وخروجها من بيتها... عاد ليطالب باختلاط المرأة بالرجل...
لقد أدرك قاسم أمين أن الوصول إلى الغاية لن تأتي مرة واحدة ، لذلك عمد هو ومن تبعه إلى أسلوبين :
1- أسلوب التدرج حيث أنه لم يطالب في البداية بنزع حجاب الرأس كلياً ، بل نادى بسفور الوجه فقط ، ولم يطالب بتعليم المرأة لتصل إلى مستوى جامعي بل نادي بالتعليم الابتدائي ، ولكنه كان حريصاً في كل ما يكتب على أن يضع كلمة "الآن" التي تعني الاكتفاء بهذا الحد من المطلب وقت مطالبته به إلى آن آخر فيقول: " ربما يتوهم ناظر أنني أرى ( الآن ) رفع الحجاب بالمرة .. إنني لا أقصد رفع الحجاب (الآن ) دفعة واحدة والنساء على ما هن عليه اليوم.. وإنما أطلب (الآن ) ولا أتردد في الطلب أن توجد هذه المساواة في التعليم الابتدائي " .
وهكذا تتطور الدعوة مع الزمن فمن المطالبة " بالمساواة في التعليم إلى المطالبة بالمساواة في الميراث ، ومن المطالبة بحريتها في الدخول والخروج والتنزه إلى المطالبة بحريتها في السفر وقضاء السنوات الطوال منفردة ، وافق زوجها أو لم يوافق ، ومن المطالبة بتقييد حق الرجل في التعدد إلى المطالبة بحقها هي في التعدد ثم حقها أن يكون لها الصديق التي ترتضيه " .
2- التشكيك بالنصوص القرآنية والدعوة إلى اللحاق بركب التطور ومن هنا كانت دعواهم إلى إعادة قراءة النصوص قراءة جديدة مراعين مبدأ تاريخية النصوص ونسبيتها ، حيث أن كثيراً من الأحكام لم تعد تلائم العصر المتطور الحالي ، فكما كان هناك رجال فقهاء اجتهدوا وفهموا النصوص القرآنية فهماً يوافق عصرهم يوجد في عصرنا الحالي رجال " بل ونساء " ممكن أن يجتهدوا بالنصوص اجتهاداً معاصراً ، لذلك كثيراً ما رفع هؤلاء شعار " هؤلاء رجال ونحن رجال " لرفض اجتهادات مثل اجتهاد الشافعي ومالك وغيرهما من الفقهاء واعتماد فتوى معاصرة مثل فتوى محمد شحرور الذي يرى أن الجيب الذي ورد في القرآن هو شِقُّ الإبط .
ومن النماذج المعاصرة عن هجومهم على النصوص القرآنية قول أحدهم : " اعتبرت الشريعة المرأة نصف إنسان ، فشهادة امرأتين بشهادة رجل ونصيب الرجل من الميراث نصيب امرأتين ، كان ذلك طفرة في العصر الذي نزلت فيه الشريعة الإسلامية ، بل إنه أكثر من طفرة ، غير أن 15 قرناً من الزمان كافية في الواقع أن تهيئ العقلية الإنسانية إلى خطوات أخرى في التشريع للمرأة " .
هذا باختصار السبيل الذي سلكوه من أجل الوصول إلى ما سَمَّوْهُ تحرير المرأة تحريراً كاملاً يجعلها متساوية مع الرجل في كل المجالات دون مراعاة للفروقات البيولوجية بين الإثنين ، ودون مراعاة لشرع أو دين ، لأن الشرائع تتطور أحكامها كما سبق أن أسلفنا .
أما أبرز ما دعا إليه هؤلاء فيكمن في نبذ كل ما يمنع هذه المساواة بين الجنسين ويكرس التفرقة على أساس الجنس ، لهذا رَأَوْا في بنود المساواة رفع حجاب المرأة ، اختلاطها بالرجال ، وتعليمها .
وكان من بين الخريجين "قاسم أمين" المخرب الأول الذي عاد من الغرب بكل مفاهيمه ليطبقها على مجتمع لا يمت إليه بصلة ، فطالب بتعليم المرأة وتحريرها على المنهج ذاته الذي وضعه الغرب لهدم الإسلام ،" وقاسم أمين شاب نشأ في أسرة تركية مصرية فيه ذكاء غير عادي ، حصل على ليسانس الحقوق الفرنسية من القاهرة وهو في سن العشرين ... ومن هناك التقطه الذين يبحثون عن الكفاءات النادرة والعبقريات الفذة ليفسدوها ، ويفسدوا الأمة من ورائها ! التقطوه وابتعثوه إلى فرنسا ... اطلع قبل ذهابه إلى فرنسا على رسالة لمستشرق يتهم الإسلام باحتقار المرأة وعدم الاعتراف بكيانها الإنساني ، وغلى الدم في عروقه ، كما يصف في مذكراته ، وقرر أن يرد على هذا المستشرق ويفند افتراءاته على الإسلام . ولكنه عاد بوجه غير الذي ذهب به ! لقد أثرت رحلته إلى فرنسا في هذه السن المبكرة تأثيراً بالغاً في كيانه كله ، فعاد إلى مصر بفكر جديد ووجهة جديدة ، عاد يدعو إلى تعليم المرأة وتحريرها على المنهج ذاته الذي وضعه المستشرقون وهم يخططون لهدم الإسلام " .
عاد ليطالب بنزع حجاب المرأة ... عاد ليطالب بتعليم المرأة وخروجها من بيتها... عاد ليطالب باختلاط المرأة بالرجل...
لقد أدرك قاسم أمين أن الوصول إلى الغاية لن تأتي مرة واحدة ، لذلك عمد هو ومن تبعه إلى أسلوبين :
1- أسلوب التدرج حيث أنه لم يطالب في البداية بنزع حجاب الرأس كلياً ، بل نادى بسفور الوجه فقط ، ولم يطالب بتعليم المرأة لتصل إلى مستوى جامعي بل نادي بالتعليم الابتدائي ، ولكنه كان حريصاً في كل ما يكتب على أن يضع كلمة "الآن" التي تعني الاكتفاء بهذا الحد من المطلب وقت مطالبته به إلى آن آخر فيقول: " ربما يتوهم ناظر أنني أرى ( الآن ) رفع الحجاب بالمرة .. إنني لا أقصد رفع الحجاب (الآن ) دفعة واحدة والنساء على ما هن عليه اليوم.. وإنما أطلب (الآن ) ولا أتردد في الطلب أن توجد هذه المساواة في التعليم الابتدائي " .
وهكذا تتطور الدعوة مع الزمن فمن المطالبة " بالمساواة في التعليم إلى المطالبة بالمساواة في الميراث ، ومن المطالبة بحريتها في الدخول والخروج والتنزه إلى المطالبة بحريتها في السفر وقضاء السنوات الطوال منفردة ، وافق زوجها أو لم يوافق ، ومن المطالبة بتقييد حق الرجل في التعدد إلى المطالبة بحقها هي في التعدد ثم حقها أن يكون لها الصديق التي ترتضيه " .
2- التشكيك بالنصوص القرآنية والدعوة إلى اللحاق بركب التطور ومن هنا كانت دعواهم إلى إعادة قراءة النصوص قراءة جديدة مراعين مبدأ تاريخية النصوص ونسبيتها ، حيث أن كثيراً من الأحكام لم تعد تلائم العصر المتطور الحالي ، فكما كان هناك رجال فقهاء اجتهدوا وفهموا النصوص القرآنية فهماً يوافق عصرهم يوجد في عصرنا الحالي رجال " بل ونساء " ممكن أن يجتهدوا بالنصوص اجتهاداً معاصراً ، لذلك كثيراً ما رفع هؤلاء شعار " هؤلاء رجال ونحن رجال " لرفض اجتهادات مثل اجتهاد الشافعي ومالك وغيرهما من الفقهاء واعتماد فتوى معاصرة مثل فتوى محمد شحرور الذي يرى أن الجيب الذي ورد في القرآن هو شِقُّ الإبط .
ومن النماذج المعاصرة عن هجومهم على النصوص القرآنية قول أحدهم : " اعتبرت الشريعة المرأة نصف إنسان ، فشهادة امرأتين بشهادة رجل ونصيب الرجل من الميراث نصيب امرأتين ، كان ذلك طفرة في العصر الذي نزلت فيه الشريعة الإسلامية ، بل إنه أكثر من طفرة ، غير أن 15 قرناً من الزمان كافية في الواقع أن تهيئ العقلية الإنسانية إلى خطوات أخرى في التشريع للمرأة " .
هذا باختصار السبيل الذي سلكوه من أجل الوصول إلى ما سَمَّوْهُ تحرير المرأة تحريراً كاملاً يجعلها متساوية مع الرجل في كل المجالات دون مراعاة للفروقات البيولوجية بين الإثنين ، ودون مراعاة لشرع أو دين ، لأن الشرائع تتطور أحكامها كما سبق أن أسلفنا .
أما أبرز ما دعا إليه هؤلاء فيكمن في نبذ كل ما يمنع هذه المساواة بين الجنسين ويكرس التفرقة على أساس الجنس ، لهذا رَأَوْا في بنود المساواة رفع حجاب المرأة ، اختلاطها بالرجال ، وتعليمها .
مفهوم المساواة
إن أصل هذا المطلب بدأ أيضاً مع الثورة النسوية في أوروبا حيث كان للمرأة بالفعل قضية، قضية المساواة في الأجر مع الرجل الذي يعمل معها في المصنع نفسه وفي ساعات العمل نفسها بينما تتقاضى هي نصف ما يتقاضاه الرجل من الأجر .
هذا المطلب كان في البداية يمثل منتهى العدل ، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان ، أما بعد ذلك فقد تطور هذا المطلب ليشمل المساواة في كل شيء ، وهذا أمر ، كما تعلمون ، مستحيل هذا ببساطة لأن بينهما اختلافات حقيقية جسمية ونفسية ، حتى ولو نجحت بعض النساء في تبوء المراكز العالية وفي القيام بأعمال جسدية شاقة إلا أن هذا لا يعني أن كافة النساء يمكنهن أداء ذلك العمل أو يرغبن فيه . فمهما ارتقت " المرأة في مستواها العلمي والثقافي ومهما كانت دوافعها النفسية أو الاقتصادية للخروج إلى العمل ، تبقى رغبة المشاركة في تكوين أسرة إحدى أهم مكونات فطرتها الأصلية ، كما يشير الاستبيان الذي أُجْرِي بين الفتيات في بعض الدول العربية " .
وقد أكدت الدكتورة إلهام منصور، إحدى مناصرات تحرير المرأة ، على هذا الأمر فقالت : " إن الثقافة كما لم تفعل بعد في الرجل اللبناني فهي كذلك لم تفعل بعد في المرأة اللبنانية التي تعتبر مثقفة لأن أغلب النساء المثقفات هن راضيات بوضعهن ، ويعملن على ترسيخه ، وينادين بوجوب إعطاء حقوق للرجل تفوق حقوق المرأة ، وهذا الواقع يدلنا دلالة مباشرة واضحة أن العلم بالنسبة للمرأة اللبنانية ليس سوى وسيلة للحصول على الزوج الأفضل وذلك لأن أغلب الشبان قد أصبحوا اليوم مثقفين ويفضلون الزوجات المثقفات ، والثقافة هنا تأخذ طابع الزيادة الخارجية عند المرأة فهي لا تنصهر مع شخصيتها كي تغيرها من الداخل " .
هذه الحقيقة في تباين أهداف المرأة والرجل أكد عليها الفيلسوف " أوجست كونت" أحد فلاسفة الغرب المعاصرين حيث يقول : " إن الرجل والمرأة يهدفان إلى آيات متباينة في الحياة ، فمرمى الرجل هو العمل وآية المرأة الحب والحنان " ، ويقول الفيلسوف أيضاً : " حتى في الزواج لا يوجد مساواة بين الرجل والمرأة ، لأن لهما حقوقاً وواجبات مختلفة فالرجل قَوّامٌ على البيت وهو الذي يعول المرأة ، لأن المرأة يجب أن تجرّد من هموم المادة " .
هذا الكلام الذي ورد على لسانهن ولسان فلاسفتهن يعتبر أكبر دليل على أن ما يطالبون به مخالف لفطرة الله سبحانه وتعالى ، والإسلام إنما جاء ليثبت هذه الحقيقة لا ليدعُوَ إلى أمر لا أساس له من الصحة ، فالإسلام كدين لا يهتم بمصالح فرد دون آخر ، وهو عندما بيَّن للمرأة حقوقها وواجباتها فرض على الرجل أيضاً حقوقاً وواجبات مغايرة تتناسب مع تركيب كل منهما البيولوجي والنفسي والجسدي ، كما تتناسب مع قواعد العدل والتوازن لا المساواة المطلقة ، فالمساواة المطلقة كما قلنا عدوة الفطرة ، "بينما العدل هو الذي يضع الموازين القسط لكل شيء ، ولكل علاقة ، فيعطي لكل شيء حقه ، حسب فطرته وأهليته ووظيفته التي وجد من أجلها .
فللمرأة إذن وظيفة تتناسب مع فطرتها التي فطرها الله عليها ، " وعناصر تكوينها أنها ذات بطن يلد وحضن يربي ، ومكانتها الفذة هي فيما فُطرت عليه فقط ، ومن الممكن توفير المساواة المطلوبة بينها وبين الرجل .. ولكن ذلك يكون على حساب امتيازاتها .. والنتيجة تحويلها إلى نوع جديد من الرجال ".
ويمكن أن أختم فكرة المساواة بلطيفة وردت في القرآن الكريم تدل على قمة المساواة والعدل وعدم التفرقة بين المرأة والرجل حيث وردت كلمة رجل مفردة 24 مرة ، ووردت كلمة امرأة مفردة 24 مرة أيضاً ، قمة المساواة .
هذا المطلب كان في البداية يمثل منتهى العدل ، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان ، أما بعد ذلك فقد تطور هذا المطلب ليشمل المساواة في كل شيء ، وهذا أمر ، كما تعلمون ، مستحيل هذا ببساطة لأن بينهما اختلافات حقيقية جسمية ونفسية ، حتى ولو نجحت بعض النساء في تبوء المراكز العالية وفي القيام بأعمال جسدية شاقة إلا أن هذا لا يعني أن كافة النساء يمكنهن أداء ذلك العمل أو يرغبن فيه . فمهما ارتقت " المرأة في مستواها العلمي والثقافي ومهما كانت دوافعها النفسية أو الاقتصادية للخروج إلى العمل ، تبقى رغبة المشاركة في تكوين أسرة إحدى أهم مكونات فطرتها الأصلية ، كما يشير الاستبيان الذي أُجْرِي بين الفتيات في بعض الدول العربية " .
وقد أكدت الدكتورة إلهام منصور، إحدى مناصرات تحرير المرأة ، على هذا الأمر فقالت : " إن الثقافة كما لم تفعل بعد في الرجل اللبناني فهي كذلك لم تفعل بعد في المرأة اللبنانية التي تعتبر مثقفة لأن أغلب النساء المثقفات هن راضيات بوضعهن ، ويعملن على ترسيخه ، وينادين بوجوب إعطاء حقوق للرجل تفوق حقوق المرأة ، وهذا الواقع يدلنا دلالة مباشرة واضحة أن العلم بالنسبة للمرأة اللبنانية ليس سوى وسيلة للحصول على الزوج الأفضل وذلك لأن أغلب الشبان قد أصبحوا اليوم مثقفين ويفضلون الزوجات المثقفات ، والثقافة هنا تأخذ طابع الزيادة الخارجية عند المرأة فهي لا تنصهر مع شخصيتها كي تغيرها من الداخل " .
هذه الحقيقة في تباين أهداف المرأة والرجل أكد عليها الفيلسوف " أوجست كونت" أحد فلاسفة الغرب المعاصرين حيث يقول : " إن الرجل والمرأة يهدفان إلى آيات متباينة في الحياة ، فمرمى الرجل هو العمل وآية المرأة الحب والحنان " ، ويقول الفيلسوف أيضاً : " حتى في الزواج لا يوجد مساواة بين الرجل والمرأة ، لأن لهما حقوقاً وواجبات مختلفة فالرجل قَوّامٌ على البيت وهو الذي يعول المرأة ، لأن المرأة يجب أن تجرّد من هموم المادة " .
هذا الكلام الذي ورد على لسانهن ولسان فلاسفتهن يعتبر أكبر دليل على أن ما يطالبون به مخالف لفطرة الله سبحانه وتعالى ، والإسلام إنما جاء ليثبت هذه الحقيقة لا ليدعُوَ إلى أمر لا أساس له من الصحة ، فالإسلام كدين لا يهتم بمصالح فرد دون آخر ، وهو عندما بيَّن للمرأة حقوقها وواجباتها فرض على الرجل أيضاً حقوقاً وواجبات مغايرة تتناسب مع تركيب كل منهما البيولوجي والنفسي والجسدي ، كما تتناسب مع قواعد العدل والتوازن لا المساواة المطلقة ، فالمساواة المطلقة كما قلنا عدوة الفطرة ، "بينما العدل هو الذي يضع الموازين القسط لكل شيء ، ولكل علاقة ، فيعطي لكل شيء حقه ، حسب فطرته وأهليته ووظيفته التي وجد من أجلها .
فللمرأة إذن وظيفة تتناسب مع فطرتها التي فطرها الله عليها ، " وعناصر تكوينها أنها ذات بطن يلد وحضن يربي ، ومكانتها الفذة هي فيما فُطرت عليه فقط ، ومن الممكن توفير المساواة المطلوبة بينها وبين الرجل .. ولكن ذلك يكون على حساب امتيازاتها .. والنتيجة تحويلها إلى نوع جديد من الرجال ".
ويمكن أن أختم فكرة المساواة بلطيفة وردت في القرآن الكريم تدل على قمة المساواة والعدل وعدم التفرقة بين المرأة والرجل حيث وردت كلمة رجل مفردة 24 مرة ، ووردت كلمة امرأة مفردة 24 مرة أيضاً ، قمة المساواة .
حجاب المرأة
إن أول حاجز حاول الغربيون وأتباعهم من أنصار تحرير المرأة اختراقه هو حاجز الحجاب ، إذ اعتبروا أن في ستر الرأس إهانة للمرأة ولكرامتها الإنسانية وعائقاً يمنعها من مشاركة الرجل في نهضته الفكرية والثقافية والاجتماعية ، ودعموا مزاعمهم بحالة التخلف الفكري والثقافي عند المرأة المتحجبة اليوم في بعض أقطار الجزيرة العربية والخليج العربي ، والواقع أنه لا تلازم بين الاثنين فلا مجال للربط بين حجاب المرأة وتخلفها لأن ما حصل لهؤلاء النسوة ليس سببه الإسلام بل يعود إلى "ظروف استعمارية وفكرية معينة ، وليس أسهل على المصلحين إذا أرادوا الإصلاح الحقيقي من أن يفصلوا بين الواقعين بوعي إسلامي سديد ، يؤيد الستر والاحتشام ويدفع إلى التزود من العلوم والثقافة النافعة ، ويجعل من كل منهما عوناً للآخر " .
وأكبر دليل على هذا الفصل هو تفوق كثير من فتياتنا الجامعيات المتحجبات بحجاب الإسلام، المستمسكات بحكم الله عز وجل ، وهنّ مع ذلك " أسبق إلى النهضة العلمية والثقافية والنشاط الفكري والاجتماعي من سائر زميلاتهن المتحررات ... وإن كل مُطَّلِع على التاريخ يعلم أن تاريخنا الإسلامي مليء بالنساء المسلمات اللواتي جمعن بين الإسلام أدباً واحتشاماً وستراً ، وعلماً وثقافة وفكراً ، وذلك بدءاً من عصر الصحابة فما دون ذلك إلى عصرنا الذي نعيش فيه " .
أما ثاني مزاعمهم فهو رفضهم الربط بين الحجاب والعفة ، فيقولون : إن عفة الفتاة حقيقة كامنة في ذاتها ، وليست غطاء يلقى ويسدل على جسمها ، وكم من فتاة متحجبة عن الرجال في ظاهرها هي تمارس معهم البغي والفجور في سلوكها ، وكم من فتاة حاسرة الرأس سافرة الوجه لا يعرف السوء سبيلاً إلى نفسها وسلوكها . إن هذا الكلام فيه شيء من الصحة فما كان للثياب أن تنسج لصاحبها عفة مفقودة ، ولا أن تخلق له استقامة معدومة ، وربّ فاجرة سترت فجورها بمظهر سترها ، ولكن من هذا الذي زعم أن الله إنما شرع الحجاب لجسم المرأة لتخلق الطهارة في نفسها أو العفة في أخلاقها ؟ ومن هذا الذي يزعم أن الحجاب إنما شرعه الله ليكون إعلاناً بأن كل من تلتزمه فهي فاجرة تنحط في وادي الغواية مع الرجال ؟
إن الله عز وجل إنما فرض الحجاب على المرأة محافظة على عفة الرجال الذين قد تقع أبصارهم عليها ، لا حفاظاً على عفتها من الأعين التي تراها … .
فالمرأة عندما تستر زينتها بالحجاب ولا تتبرج تبرج الجاهلية تكون بذلك قد سدَّت باب الفتنة من ناحيتها ويكون لغض بصر الرجل دور في إخماد الفتنة ومنع تأجج الشهوات التي تؤدي إلى ارتكاب الفواحش والمنكرات ، ثم لنتساءل : هل المرأة التي لا تلتزم بالشرع وتخرج من بيتها سافرة قد غطت وجهها بالمساحيق ، هل هي حقاً حرة ؟" أم أنها أسيرة من حيث لا تدري ، وإلا فبماذا نفسر عدم قدرتها على مغادرة المنزل إلا بعد أن تسحق بشرتها بأنواع السحوق ..." .
وبماذا نفسر العري الإباحي الذي يأبى أن يستر إلا مساحة قليلة من الجسد ، هل يدل تصرف مثل هذا على التحرر الفكري لمن تمارسه ، أم يدل على سعي حثيث للفت نظر شباب يجدون في اتباع موضة رخيصة تحرراً وعصرنة ؟ ويعتبرون من تحافظ على حشمتها مثالاً للرجعية والتخلف ؟
إن مثل هذا النوع من النساء نوع جاهل إذ تعتقد الواحدة منهن أن ما تفعله من تبرج وزينة يمكن أن يجلب إليها الأنظار أو يجلب لها الأزواج ، لا ، إن الواقع غير هذا تماماً ، فالرجل الشرقي قد يعجب بالشكل واللباس الإباحي لمتعة النظر واللمس أحياناً أما عند الزواج فإن الأمر يختلف ، وقد وصف د. محمد سعيد رمضان البوطي حال رجل اليوم بقوله : إن الرجال اليوم " نظروا فوجدوا فرص المتعة الخلفية المستورة قد كثرت أمامهم بفعل بحث النساء عن أزواج لهن في المجتمع ، وأعجبهم الوضع .. فازدادوا تثاقلاً وزهداً في الزواج ، لتزداد النساء بحثاً عنهم وسعياً وراءهم ، وهكذا كان سعي المرأة في البحث عن الزوج أهم سبب من أسباب فقدها له " .
وأكبر دليل على هذا الفصل هو تفوق كثير من فتياتنا الجامعيات المتحجبات بحجاب الإسلام، المستمسكات بحكم الله عز وجل ، وهنّ مع ذلك " أسبق إلى النهضة العلمية والثقافية والنشاط الفكري والاجتماعي من سائر زميلاتهن المتحررات ... وإن كل مُطَّلِع على التاريخ يعلم أن تاريخنا الإسلامي مليء بالنساء المسلمات اللواتي جمعن بين الإسلام أدباً واحتشاماً وستراً ، وعلماً وثقافة وفكراً ، وذلك بدءاً من عصر الصحابة فما دون ذلك إلى عصرنا الذي نعيش فيه " .
أما ثاني مزاعمهم فهو رفضهم الربط بين الحجاب والعفة ، فيقولون : إن عفة الفتاة حقيقة كامنة في ذاتها ، وليست غطاء يلقى ويسدل على جسمها ، وكم من فتاة متحجبة عن الرجال في ظاهرها هي تمارس معهم البغي والفجور في سلوكها ، وكم من فتاة حاسرة الرأس سافرة الوجه لا يعرف السوء سبيلاً إلى نفسها وسلوكها . إن هذا الكلام فيه شيء من الصحة فما كان للثياب أن تنسج لصاحبها عفة مفقودة ، ولا أن تخلق له استقامة معدومة ، وربّ فاجرة سترت فجورها بمظهر سترها ، ولكن من هذا الذي زعم أن الله إنما شرع الحجاب لجسم المرأة لتخلق الطهارة في نفسها أو العفة في أخلاقها ؟ ومن هذا الذي يزعم أن الحجاب إنما شرعه الله ليكون إعلاناً بأن كل من تلتزمه فهي فاجرة تنحط في وادي الغواية مع الرجال ؟
إن الله عز وجل إنما فرض الحجاب على المرأة محافظة على عفة الرجال الذين قد تقع أبصارهم عليها ، لا حفاظاً على عفتها من الأعين التي تراها … .
فالمرأة عندما تستر زينتها بالحجاب ولا تتبرج تبرج الجاهلية تكون بذلك قد سدَّت باب الفتنة من ناحيتها ويكون لغض بصر الرجل دور في إخماد الفتنة ومنع تأجج الشهوات التي تؤدي إلى ارتكاب الفواحش والمنكرات ، ثم لنتساءل : هل المرأة التي لا تلتزم بالشرع وتخرج من بيتها سافرة قد غطت وجهها بالمساحيق ، هل هي حقاً حرة ؟" أم أنها أسيرة من حيث لا تدري ، وإلا فبماذا نفسر عدم قدرتها على مغادرة المنزل إلا بعد أن تسحق بشرتها بأنواع السحوق ..." .
وبماذا نفسر العري الإباحي الذي يأبى أن يستر إلا مساحة قليلة من الجسد ، هل يدل تصرف مثل هذا على التحرر الفكري لمن تمارسه ، أم يدل على سعي حثيث للفت نظر شباب يجدون في اتباع موضة رخيصة تحرراً وعصرنة ؟ ويعتبرون من تحافظ على حشمتها مثالاً للرجعية والتخلف ؟
إن مثل هذا النوع من النساء نوع جاهل إذ تعتقد الواحدة منهن أن ما تفعله من تبرج وزينة يمكن أن يجلب إليها الأنظار أو يجلب لها الأزواج ، لا ، إن الواقع غير هذا تماماً ، فالرجل الشرقي قد يعجب بالشكل واللباس الإباحي لمتعة النظر واللمس أحياناً أما عند الزواج فإن الأمر يختلف ، وقد وصف د. محمد سعيد رمضان البوطي حال رجل اليوم بقوله : إن الرجال اليوم " نظروا فوجدوا فرص المتعة الخلفية المستورة قد كثرت أمامهم بفعل بحث النساء عن أزواج لهن في المجتمع ، وأعجبهم الوضع .. فازدادوا تثاقلاً وزهداً في الزواج ، لتزداد النساء بحثاً عنهم وسعياً وراءهم ، وهكذا كان سعي المرأة في البحث عن الزوج أهم سبب من أسباب فقدها له " .
الاختلاط
كلمة اختلاط لفظ مستحدث في عصرنا ، فهذه الكلمة لم تستعمل في أي موضع من القرآن الكريم سواء بلفظها أو مدلولها ، ولم ترد في أي حديث نبوي ولا في أي كتاب من كتب الفقه والتشريع ، ولكن بدأ الكلام يكثر عن الاختلاط بعد أن رأى رجال الإصلاح من المسلمين ما هي عليه المرأة الأوروبية من زينة وتجمل " وحرية في الحركة والجولة ونشاط زائد في الاجتماع الغربي ، ولما رَأَوْا كل هذا بعيون مسحورة وعقول مندهشة تمنوا بدافع الطبيعة أن يجدوا مثل ذلك في نسائهم أيضاً ، حتى يجاري تمدنهم تمدن الغرب ، ثم أثّرت فيهم النظريات الجديدة من حرية المرأة وتعليم الإناث ومساواة الصنفين " .
إن المطالبين بحرية المرأة واختلاطها بالرجل هم فريقين، " فريق يعلم جيداً أن الطريق الذي تسير فيه القضية سيؤدي إلى انحلال أخلاق المجتمع وتفككه كما حدث في أوروبا ، وهو يريد ذلك ويسعى إليه جاهداً لأنه من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، وفريق آخر مخدوع مستغفَل لأنه مستعبَد للغرب لا يرى إلا ما يراه الغرب … وهذا وذاك مسخران معاً لخدمة الصليبية في المجتمع الإسلامي ، وخدمة اليهودية العالمية كذلك " .
إن مخطط الغرب في تدمير الإسلام ليس مخططاً حديثاً ، فقد شرح " شكيب أرسلان" في مقالة نشرتها المنار 1925 م. هدف دعاة الحرية والمساواة المطلقة بين المرأة والرجل بقوله : "عند إعلان الدستور العثماني سنة 1908 م قال أحمد رضا بك من زعماء أحرار الترك : ما دام الرجل التركي لا يقدر أن يمشي علناً مع المرأة التركية على جسر " غلطة " وهي سافرة الوجه فلا أعد في تركيا دستوراً ولا حرية " .
لقد عمل هؤلاء منذ تلك الفترة على تنفيذ مخططاتهم التدميرية فنجحوا ، بعد أن أبعدوا المسلم عن دينه وعقيدته، في بث الشكوك والتساؤلات حول القضايا الاجتماعية مستعينين بالنصوص الإسلامية من ناحية وبالجدل من ناحية أخرى .
أما النصوص الإسلامية فقد اعتبروها حجة على المعارضين للاختلاط بحجة أن الإسلام أباح للمرأة الخروج للصلاة في المسجد كما سمح لها بالجهاد مع الرجال ومداواة الجرحى ، إن الرد على هذا الأمر بسيط ، ذلك أن مفهوم الاختلاط المباح في الإسلام هو ذلك الاختلاط " المأمون ، وهو الذي يكون لأسباب طبيعية . وتتحقق خلاله مصالح اجتماعية أو اقتصادية ، وقد كفل الإسلام للمرأة حقوقها في طلب هذه المصالح في ظل الآداب والأخلاق ، وليس هو الاختلاط العابث الماجن المستهتر الذي من شأنه مضيعة الوقت والعبث بالفضيلة والانطلاق العابث بغير حدود وقيود " ، فإن مثل هذا النوع من الاختلاط لا يقره أي دين مهما بلغت درجة تقدمه وانفتاحه .
أما أسلوب الجدل فاستخدموه لإثبات نظرياتهم النفسية الجنسية الحديثة التي لا ترضى عنها الشرائع ولا الأخلاق ، فيقولون :" إنه إذا شاع الاختلاط بين الرجل والمرأة تهذبت طباع كل منهما وقامت بينهما بسبب ذلك صداقات بريئة لا تتجه إلى جنس ولا تنحرف نحو سوء ! أما إذا ضُرب بينهما بسور من الاحتجاب فإن نوازع الجنس تلتهب بينهما وتغري كُلاًّ منهما بصاحبه ! فتُشيع في ذلك الكبت في النفوس والسوء في الطباع .
و( الجواب على هذا القول ) : إنه صحيح أن مظاهر الإغراء قد تفقد بعض تأثيراتها بسبب طول الاعتياد وكثرة الشيوع ، ولكنها إنما تفقد ذلك عند أولئك الذين خاضوا غمارها وجنوا من ثمارها خلال فترة طويلة من الزمن ، فعادوا بعد ذلك وهم لا يحفلون بها ، وبديهي أن ذلك ليس لأنهم قد تساموا بها بل لأنهم يشبعون كل يوم منها .
من هنا نؤكد على أهمية اجتناب الاختلاط بغير سبب خاصة في الحفلات العامة والحفلات الخاصة ، والابتعاد عن مواطن الشبهات ومزالق الشهوات خاصة أن كثيراً من حفلات الاختلاط تشوبها الخلوات ، والإسلام لا يجيز أن تخلو المرأة برجل أجنبي عنها ولو كانت محتشمة في لباسها ومظهرها ، وفي ذلك جاء الحديث الشريف " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ".
إن المطالبين بحرية المرأة واختلاطها بالرجل هم فريقين، " فريق يعلم جيداً أن الطريق الذي تسير فيه القضية سيؤدي إلى انحلال أخلاق المجتمع وتفككه كما حدث في أوروبا ، وهو يريد ذلك ويسعى إليه جاهداً لأنه من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، وفريق آخر مخدوع مستغفَل لأنه مستعبَد للغرب لا يرى إلا ما يراه الغرب … وهذا وذاك مسخران معاً لخدمة الصليبية في المجتمع الإسلامي ، وخدمة اليهودية العالمية كذلك " .
إن مخطط الغرب في تدمير الإسلام ليس مخططاً حديثاً ، فقد شرح " شكيب أرسلان" في مقالة نشرتها المنار 1925 م. هدف دعاة الحرية والمساواة المطلقة بين المرأة والرجل بقوله : "عند إعلان الدستور العثماني سنة 1908 م قال أحمد رضا بك من زعماء أحرار الترك : ما دام الرجل التركي لا يقدر أن يمشي علناً مع المرأة التركية على جسر " غلطة " وهي سافرة الوجه فلا أعد في تركيا دستوراً ولا حرية " .
لقد عمل هؤلاء منذ تلك الفترة على تنفيذ مخططاتهم التدميرية فنجحوا ، بعد أن أبعدوا المسلم عن دينه وعقيدته، في بث الشكوك والتساؤلات حول القضايا الاجتماعية مستعينين بالنصوص الإسلامية من ناحية وبالجدل من ناحية أخرى .
أما النصوص الإسلامية فقد اعتبروها حجة على المعارضين للاختلاط بحجة أن الإسلام أباح للمرأة الخروج للصلاة في المسجد كما سمح لها بالجهاد مع الرجال ومداواة الجرحى ، إن الرد على هذا الأمر بسيط ، ذلك أن مفهوم الاختلاط المباح في الإسلام هو ذلك الاختلاط " المأمون ، وهو الذي يكون لأسباب طبيعية . وتتحقق خلاله مصالح اجتماعية أو اقتصادية ، وقد كفل الإسلام للمرأة حقوقها في طلب هذه المصالح في ظل الآداب والأخلاق ، وليس هو الاختلاط العابث الماجن المستهتر الذي من شأنه مضيعة الوقت والعبث بالفضيلة والانطلاق العابث بغير حدود وقيود " ، فإن مثل هذا النوع من الاختلاط لا يقره أي دين مهما بلغت درجة تقدمه وانفتاحه .
أما أسلوب الجدل فاستخدموه لإثبات نظرياتهم النفسية الجنسية الحديثة التي لا ترضى عنها الشرائع ولا الأخلاق ، فيقولون :" إنه إذا شاع الاختلاط بين الرجل والمرأة تهذبت طباع كل منهما وقامت بينهما بسبب ذلك صداقات بريئة لا تتجه إلى جنس ولا تنحرف نحو سوء ! أما إذا ضُرب بينهما بسور من الاحتجاب فإن نوازع الجنس تلتهب بينهما وتغري كُلاًّ منهما بصاحبه ! فتُشيع في ذلك الكبت في النفوس والسوء في الطباع .
و( الجواب على هذا القول ) : إنه صحيح أن مظاهر الإغراء قد تفقد بعض تأثيراتها بسبب طول الاعتياد وكثرة الشيوع ، ولكنها إنما تفقد ذلك عند أولئك الذين خاضوا غمارها وجنوا من ثمارها خلال فترة طويلة من الزمن ، فعادوا بعد ذلك وهم لا يحفلون بها ، وبديهي أن ذلك ليس لأنهم قد تساموا بها بل لأنهم يشبعون كل يوم منها .
من هنا نؤكد على أهمية اجتناب الاختلاط بغير سبب خاصة في الحفلات العامة والحفلات الخاصة ، والابتعاد عن مواطن الشبهات ومزالق الشهوات خاصة أن كثيراً من حفلات الاختلاط تشوبها الخلوات ، والإسلام لا يجيز أن تخلو المرأة برجل أجنبي عنها ولو كانت محتشمة في لباسها ومظهرها ، وفي ذلك جاء الحديث الشريف " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ".
علم المرأة وعملها
لم يكن الذين يدعون إلى تحرير المرأة في بداية القرن يحلمون بالوصول إلى ما وصلت إليه المرأة اليوم من العلم ، بل إنهم كانوا يعترفون أن أقصى ما يطالبون به هو تعليم المرأة العلم الابتدائي الذي يساعدها على تربية أولادها ومساعدتهم على التعلم ، أما ما وصلت إليه المرأة الآن من الثقافة والعلم فهذا أمر لم يكن بالحسبان ، خاصة أن طموح المرأة لا يقف عند حد ، فهي تسعى لإزالة كل ما يمكن أن يؤدي إلى التفرقة في المساواة بينها وبين الرجل ، لهذا ليس من المستغرب أن نجد في بنود الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة بنوداً تتعلق بواجب الدول الموقعة على الاتفاقيات في إيجاد المساواة بين الرجل والمرأة عبر تهيئة " نفس الظروف للتوجيه الوظيفي والمهني ، وللوصول إلى الدراسات والحصول على الدرجات العلمية في المؤسسات التعليمية في جميع الفئات ، في المناطق الريفية والحضرية على السواء " .
والواقع أن هذه الاتفاقيات إذا كان يمكن أن تتماشى مع المجتمعات الغربية الأخرى فإنها لا تتماشى مع المجتمعات العربية التي لا زالت الفطرة تغلب على شريحة كبيرة من نسائها ، حيث لازالت الفتاة تتعلم لمجرد أن تنال شهادة ما تؤمن لها الزوج المناسب وتقيها عثرات الأيام ، هذا ما تؤكد عليه الدكتورة إلهام منصور حيث تقول عن المرأة اللبنانية : " إذا سألنا الأهل عن فائدة العلم بالنسبة للفتاة نسمع ، في أغلب الأحيان ، الجواب التالي : إن واجب المرأة الأول هو الزواج ، وإن لم توفق المرأة بزوج كما تريد ، أو إذا افتقر هذا الزوج أو إذا انقطع عن العمل لسبب من الأسباب فالمرأة المثقفة تستطيع العمل لتأمين العيش فقط ، فالعلم والعمل عند المرأة اللبنانية هما قوة احتياطية أكثر الأحيان لا تُستغل" .
لقد أنكر دعاة التحرر رغبات المرأة وحاجاتها الفطرية إلى تكوين الأسرة وإنجاب الأولاد ، وحاولوا الإثبات أنه ليس هناك فروق بيولوجية تمنع المرأة من العلم والعمل وإثبات الذات ، إنما الموانع هي موانع خارجية تتمثل في الإسلام الذي يقف حاجزاً في سبيل تعلم المرأة ، مع أن هذا مناف للحقيقة ، فالإسلام "لن يمنع المرأة من طلب العلم ، فهو الذي يدعوها إليه بل يفرضه عليها، ولكن الإسلام يشترط في تعليمها وفي نشاطها كله شرطين اثنين : أن تحافظ على تربيتها وأخلاقها ، وأن تحافظ على وظيفتها الأولى التي خلقها الله من أجلها ، وهي رعاية الأسرة وتنشئة الأجيال ، وفي حدود هذين الشرطين تتحرك حركتها كلها " .
هذا هو المطلوب فقط ، المطلوب التعامل مع الأولويات ومع حاجات المرأة بصراحة لا كبتها كما تطلب إحداهن من زميلاتها المتحررات حيث تقول : " المتحررة حقاً هي التي تستطيع أن ترفض أي تدبير يتنافى مع اكتمال شخصيتها وتحقيق استقلالها ، وبين الاستقلال والزواج تختار المرأة المدركة الواعية الاستقلال حتى ولو ضحت بحياتها الاجتماعية ، لأنها تعلم أن حياتها الحالية في حياة لا تحمل مقومات استمرارها إلا من حيث الناحية الحيوانية فقط " .
هل هذا الكلام مقبول ، لا ، إن الإصلاح لابد أن يراعي حاجات الإنسان والمجتمعات ، ولا يفكر في مصلحة فرد دون آخر ، فما ينفع النساء إن حصلن على الشهادات العالية وحُرمن من نعمة الأمومة ، التي لا تكتمل كيان المرأة إلا بها ، وصَدَقت يمان السباعي حين قالت : " ويل لأمة تفخر بنسائها في كليات الهندسة ورجالها على الأزقة لا يجدون عملاً ، ولا يفكرون في قضية ، ولا يحملون مسؤولية ، ويل لأمة أهانت رجالها لتثبت ذاتية نساء ضائعات " .
والواقع أن هذه الاتفاقيات إذا كان يمكن أن تتماشى مع المجتمعات الغربية الأخرى فإنها لا تتماشى مع المجتمعات العربية التي لا زالت الفطرة تغلب على شريحة كبيرة من نسائها ، حيث لازالت الفتاة تتعلم لمجرد أن تنال شهادة ما تؤمن لها الزوج المناسب وتقيها عثرات الأيام ، هذا ما تؤكد عليه الدكتورة إلهام منصور حيث تقول عن المرأة اللبنانية : " إذا سألنا الأهل عن فائدة العلم بالنسبة للفتاة نسمع ، في أغلب الأحيان ، الجواب التالي : إن واجب المرأة الأول هو الزواج ، وإن لم توفق المرأة بزوج كما تريد ، أو إذا افتقر هذا الزوج أو إذا انقطع عن العمل لسبب من الأسباب فالمرأة المثقفة تستطيع العمل لتأمين العيش فقط ، فالعلم والعمل عند المرأة اللبنانية هما قوة احتياطية أكثر الأحيان لا تُستغل" .
لقد أنكر دعاة التحرر رغبات المرأة وحاجاتها الفطرية إلى تكوين الأسرة وإنجاب الأولاد ، وحاولوا الإثبات أنه ليس هناك فروق بيولوجية تمنع المرأة من العلم والعمل وإثبات الذات ، إنما الموانع هي موانع خارجية تتمثل في الإسلام الذي يقف حاجزاً في سبيل تعلم المرأة ، مع أن هذا مناف للحقيقة ، فالإسلام "لن يمنع المرأة من طلب العلم ، فهو الذي يدعوها إليه بل يفرضه عليها، ولكن الإسلام يشترط في تعليمها وفي نشاطها كله شرطين اثنين : أن تحافظ على تربيتها وأخلاقها ، وأن تحافظ على وظيفتها الأولى التي خلقها الله من أجلها ، وهي رعاية الأسرة وتنشئة الأجيال ، وفي حدود هذين الشرطين تتحرك حركتها كلها " .
هذا هو المطلوب فقط ، المطلوب التعامل مع الأولويات ومع حاجات المرأة بصراحة لا كبتها كما تطلب إحداهن من زميلاتها المتحررات حيث تقول : " المتحررة حقاً هي التي تستطيع أن ترفض أي تدبير يتنافى مع اكتمال شخصيتها وتحقيق استقلالها ، وبين الاستقلال والزواج تختار المرأة المدركة الواعية الاستقلال حتى ولو ضحت بحياتها الاجتماعية ، لأنها تعلم أن حياتها الحالية في حياة لا تحمل مقومات استمرارها إلا من حيث الناحية الحيوانية فقط " .
هل هذا الكلام مقبول ، لا ، إن الإصلاح لابد أن يراعي حاجات الإنسان والمجتمعات ، ولا يفكر في مصلحة فرد دون آخر ، فما ينفع النساء إن حصلن على الشهادات العالية وحُرمن من نعمة الأمومة ، التي لا تكتمل كيان المرأة إلا بها ، وصَدَقت يمان السباعي حين قالت : " ويل لأمة تفخر بنسائها في كليات الهندسة ورجالها على الأزقة لا يجدون عملاً ، ولا يفكرون في قضية ، ولا يحملون مسؤولية ، ويل لأمة أهانت رجالها لتثبت ذاتية نساء ضائعات " .
الخاتمة
أسئلة لا بد من الإجابة عليها : ما هو مفهوم الحرية ؟ ومن هو الإنسان المتحرر ( رجلاً كان أم امرأة ) ؟ هل هو ذلك الإنسان الذي أطلق العِنان لنفسه وشهواته يفعل ما يشاء متى شاء وفي أي وقت شاء ؟ وهل الحرية تعني تفلت الإنسان من المسؤوليات والواجبات كي يصبح كالحيوان هدفه من الحياة إشباع غرائزه وشهواته؟
لا ، إن معنى التحرر هو ذلك " التفكير العقلي والمنطقي في التخطيط للحياة بعيداً عن غول المؤثرات الخارجية مثل الأجواء والبيئة والعادات والتقاليد ومتطلبات العصر وغيرها ، أو الداخلية مثل النفس ، والشهوات والغرائز وما شابه ، والتحرر أيضاً يعني العمل قدر الإمكان والمستطاع لإعطاء كل ذي حق حقه فللنفس حق.. وللغرائز حق .. وللمجتمع حق .. وحدود كل ذلك هو عدم تجاوز حقوق النفس والآخرين ، وعدم الإسراف في ذلك " .
هذا المعنى لم يفهمه بعض دعاة التحرر من المسلمين الذين اعتبروا التحرر إطلاق العِنان للغرائز والشهوات دون اعتبار لمصلحة المرأة أو مصلحة عائلتها ، لقد فهموا التحرر بأنه التهجم على القيم والأخلاق والإسلام الحامي لهذه القيم ، لذلك اعتبروه العدو الأول للمرأة دون تفكير أو دراسة لتاريخه وتشريعه مكتفين بترداد ما نقله المستشرقون الحاقدون دون تمحيص ، مما يسهل على المطلعين على أقوالهم انتقادهم بسهولة لما فيها من كذب وتدجيل ، من هؤلاء أتباع الحركة النسوية العربية حيث تقول إحداهن : أن المرأة في الجاهلية كانت تتمتع بمزايا وحقوق سلبها منه الإسلام (السعراوي، 1982 ) وتقول أخرى أن السيدة خديجة رضي الله عنها منحت الرسول أول عمل له ليتاجر في دمشق وكان عمره 12 عاما ( الحبري ،82) .
إن المشكلة التي تعاني منها المرأة العربية المعاصرة هي الفجوة الزمنية التي تفصلها عن العالم الغربي حيث تخطت الحركة النسوية العالمية feminism مرحلة تحرير المرأة والمطالبة بمساواتها بالرجل لتصل إلى مرحلة جديدة تسمى " مرحلة ما بعد الفمنزم " تحول فيها عمل المرأة العالمية إلى معالجة المشاكل الاجتماعية التي تسببت بها خروج المرأة إلى العمل وإهمالها لأسرتها .
لقد كان من آثار اتجاه المرأة نحو العمل ذلك التفكك الأسري الكبير الذي ترك بصماته على وضع المرأة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام ، فكان أول هذه النتائج غياب نموذج الأسرة التقليدية التي تشير الإحصائيات الغربية إلى أن نسبتها المئوية في تناقص كبير ، فنسبة الأسر التي يعمل الأب فيها بينما تبقى الأم في البيت لرعاية الأطفال ، أصبحت تمثل 30% من العوائل في أميركا و 11% في بريطانيا ، كما ارتفع في الوقت نفسه نسبة الذين يعيشون حياة زوجية دون رابطة قانونية ، ففي بريطانيا ازدادت نسبة النساء اللاتي يعشن مع رجل دون رابطة رسمية من 8 % علم 1981 إلى 20% عام 1988 .
وكان من هذه النتائج أيضاً تقليل معدلات الولادات ، ورفع نسبة الطلاق وانتشار ظاهرة الأمومة المنفردة والعنف المنزلي الذي كثيراً ما يستدعي تدخل الدولة لتخليص المعنفة ، وظهور مشكلة المسنين التي أصبحت أحدث مظهر من مظاهر تحلل روابط الأسرة التي لا تكن للمشاعر العائلية أي اعتبار .
أخيراً ، المرأة عندنا متخلفة ؟ نعم ،قد يكون ذلك واقعاً جزئياً وليس وهماً ، المرأة عندنا مهضومة الحقوق ؟ نعم ، فإنه في مجتمعات ابتعدت بصورة أو بأخرى عن هدي الإسلام لا بد أن يحدث مثل ذلك ، ولكن هل هي وحدها التي تعاني ؟ والرجل ما شأنه ؟ إنه أيضاً متخلف في عديد من مجالات الحياة ، إنه أيضاً مهضوم الحقوق في كثير من الصور ( ويعاني )... فليست مشكلة المرأة عندنا في حجابها ... ولا في قضية عملها ، ولا في قضية التزامها ببيتها وزوجها وأولادها ... إن مشكلة المرأة ومشكلة المجتمع بعامة عندنا تتلخص بأنه من الضروري أن يتنور كل من الرجل والمرأة وأن يتعلّما ، وينفّذا قواعد الإسلام ، وعندئذ يستطيع المجتمع المؤلَّف من الرجل والمرأة تحديد ما يريد بناء على بصيرة ونور من هدي رب العالمين " .
لا ، إن معنى التحرر هو ذلك " التفكير العقلي والمنطقي في التخطيط للحياة بعيداً عن غول المؤثرات الخارجية مثل الأجواء والبيئة والعادات والتقاليد ومتطلبات العصر وغيرها ، أو الداخلية مثل النفس ، والشهوات والغرائز وما شابه ، والتحرر أيضاً يعني العمل قدر الإمكان والمستطاع لإعطاء كل ذي حق حقه فللنفس حق.. وللغرائز حق .. وللمجتمع حق .. وحدود كل ذلك هو عدم تجاوز حقوق النفس والآخرين ، وعدم الإسراف في ذلك " .
هذا المعنى لم يفهمه بعض دعاة التحرر من المسلمين الذين اعتبروا التحرر إطلاق العِنان للغرائز والشهوات دون اعتبار لمصلحة المرأة أو مصلحة عائلتها ، لقد فهموا التحرر بأنه التهجم على القيم والأخلاق والإسلام الحامي لهذه القيم ، لذلك اعتبروه العدو الأول للمرأة دون تفكير أو دراسة لتاريخه وتشريعه مكتفين بترداد ما نقله المستشرقون الحاقدون دون تمحيص ، مما يسهل على المطلعين على أقوالهم انتقادهم بسهولة لما فيها من كذب وتدجيل ، من هؤلاء أتباع الحركة النسوية العربية حيث تقول إحداهن : أن المرأة في الجاهلية كانت تتمتع بمزايا وحقوق سلبها منه الإسلام (السعراوي، 1982 ) وتقول أخرى أن السيدة خديجة رضي الله عنها منحت الرسول أول عمل له ليتاجر في دمشق وكان عمره 12 عاما ( الحبري ،82) .
إن المشكلة التي تعاني منها المرأة العربية المعاصرة هي الفجوة الزمنية التي تفصلها عن العالم الغربي حيث تخطت الحركة النسوية العالمية feminism مرحلة تحرير المرأة والمطالبة بمساواتها بالرجل لتصل إلى مرحلة جديدة تسمى " مرحلة ما بعد الفمنزم " تحول فيها عمل المرأة العالمية إلى معالجة المشاكل الاجتماعية التي تسببت بها خروج المرأة إلى العمل وإهمالها لأسرتها .
لقد كان من آثار اتجاه المرأة نحو العمل ذلك التفكك الأسري الكبير الذي ترك بصماته على وضع المرأة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام ، فكان أول هذه النتائج غياب نموذج الأسرة التقليدية التي تشير الإحصائيات الغربية إلى أن نسبتها المئوية في تناقص كبير ، فنسبة الأسر التي يعمل الأب فيها بينما تبقى الأم في البيت لرعاية الأطفال ، أصبحت تمثل 30% من العوائل في أميركا و 11% في بريطانيا ، كما ارتفع في الوقت نفسه نسبة الذين يعيشون حياة زوجية دون رابطة قانونية ، ففي بريطانيا ازدادت نسبة النساء اللاتي يعشن مع رجل دون رابطة رسمية من 8 % علم 1981 إلى 20% عام 1988 .
وكان من هذه النتائج أيضاً تقليل معدلات الولادات ، ورفع نسبة الطلاق وانتشار ظاهرة الأمومة المنفردة والعنف المنزلي الذي كثيراً ما يستدعي تدخل الدولة لتخليص المعنفة ، وظهور مشكلة المسنين التي أصبحت أحدث مظهر من مظاهر تحلل روابط الأسرة التي لا تكن للمشاعر العائلية أي اعتبار .
أخيراً ، المرأة عندنا متخلفة ؟ نعم ،قد يكون ذلك واقعاً جزئياً وليس وهماً ، المرأة عندنا مهضومة الحقوق ؟ نعم ، فإنه في مجتمعات ابتعدت بصورة أو بأخرى عن هدي الإسلام لا بد أن يحدث مثل ذلك ، ولكن هل هي وحدها التي تعاني ؟ والرجل ما شأنه ؟ إنه أيضاً متخلف في عديد من مجالات الحياة ، إنه أيضاً مهضوم الحقوق في كثير من الصور ( ويعاني )... فليست مشكلة المرأة عندنا في حجابها ... ولا في قضية عملها ، ولا في قضية التزامها ببيتها وزوجها وأولادها ... إن مشكلة المرأة ومشكلة المجتمع بعامة عندنا تتلخص بأنه من الضروري أن يتنور كل من الرجل والمرأة وأن يتعلّما ، وينفّذا قواعد الإسلام ، وعندئذ يستطيع المجتمع المؤلَّف من الرجل والمرأة تحديد ما يريد بناء على بصيرة ونور من هدي رب العالمين " .