أروع المواقف وأجمل الطرائف
(1)
المصدر: أخبار الظراف والمتماجنين – تأليف أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي
1 - أطال الجلوس يوماً عند الواثق حسينٌ الخادم فقال له ألك حاجة ٌ قال أمّا إلى أمير المؤمنين فلا ولكن إلى الله تعالى أن يطيل بقاءه ويديم عزّه
2 - جاء رجلٌ إلى أبي خازم القاضي فقال إنّ الشيطان يأتيني فيقول إنّك قد طلّقت امرأتك فيشككني فقال له أو ليس قد طلقّتها قال لا قال ألم تأتني أمس فتطلّقها عندي فقال والله ما جئتك إلا اليوم ولا طلّقتها بوجهٍ من الوجوه قال فاحلف للشيطان كما حلفت لي وأنت في عافية ٍ
3 - مرّ الشّعبي بخيّاط فقال يا خيّاط عندنا راقود قد انكسر تخيطه فقال له الخيّاط إن كان عندك خيوطٌ من ريحٍ خطته لك
4 - لمّا حاصر خالد بن الوليد أهل الحيرة قال ابعثوا لي رجلاً من عقلائكم فبعثوا عبد المسيح بن عمروٍ وكان نصرانياً فجاء فقال لخالد أنعم صباحاً أيها الملك فقال قد أغنانا الله عن تحيّتك هذه فمن أين أقصى أثرك أيها الشيخ قال من ظهر أبي قال فمن أين خرجت قال من بطن أمي قال فعلام أنت قال على الأرض قال ففيم أنت قال في ثيابي قال أتعقل قال أي والله وأقيّد قال ابن كم أنت قال أبن رجلٍ واحدٍ قال خالدٌ ما رأيت كاليوم أسألك الشيء وتنحو في غيره فقال ما أنبأتك إلا عما سألتني
5 - قال المبرّد قال رجلٌ لهشام بن عمروٍ الفوطي كم تعدّ قال من واحدٍ إلى ألف ألف قال لم أرد هذا قال فما أردت قال كم تعدّ من السّنّ قال اثنان وثلاثون ستة عشر من أعلى وستة عشر من أسفل قال لم أرد هذا قال فما أردت قال كم لك من السنين قال ما لي منها شيءٌ كلها لله عز وجل قال فما سنّك قال عظمٌ قال فابن كم أنت قال ابن اثنين أبٌ وأمٌ قال فكم أتى عليك قال لو أتى عليٌ شيءٌ لقتلني قال فكيف أقول قال قل كم مضى من عمرك
6 - لقي الخوارجٌ رجلاً فهمّوا بقتله فقال أعهد إليكم في اليهود شيء قالوا لا قال فامضوا راشدين
7 - قال الرشيد لأبي يوسف ما تقول في الفالوذج واللوزينج أيهما أطيب فقال يا أمير المؤمنين لا أقضي بين غائبين فأمر بإحضارهما فجعل أبو يوسف يأكل من هذا لقمة ً ومن هذا لقمة ً حتى نصف جاميهما ثمّ قال يا أمير المؤمنين ما رأيت خصمين أجدل منهما كلما أردت أن أسجل لأحدهما أدلى الآخر بحجّته
8 - عن مطر الورّاق قال إذا سألت العالم عن مسالة ٍ فحكّ رأسه فاعلم أنّ حماره قد بلغ القنطرة
9 - وعنه أيضاً أنّه قال غضب عليّ أبي فأسلمني إلى الحاكة نصف يومٍ فأنا أعرف ذلك في عقلي
10 - قال ابن خلفٍ حدّثني بعض أصحابنا قال بلغني أنّ الرشيد خرج متنزهاً فانفرد من عسكره والفضل بن الرّبيع خلفه فإذا هو بشيخٍ قد ركب حماراً وفي يده لجامٌ كأنّه مبعرٌ محشوٌ فنظر إليه فإذا رطب العينين فغمز الفضل عليه فقال له الفضل أين تريد قال حائطاً لي فقال هل لك أن أدلك على شيء تداوي به عينيك فتذهب هذه الرطوبة قال ما أحوجني إلى ذلك فقال له خذ عيدان الهواء وغبار الماء وورق الكمأة فصيّره في قشر جوزة ٍ واكتحل فإنّه يذهب عينيك قال فاتكأ على قربوسه فضرط ضرطة طويلة ٌ ثمّ قال تأخذ أجرة ٌ لصفتك فإن نفعتنا زدناك قال فاستضحك الرشيد حتى كاد يسقط عن ظهر دابّته
11 - قال المهدي لشريك لو شهد عندك عيسى كنت تقبله وأراد أن يغري بينهما فقال من شهد عندي سألت عنه ولا يسأل عن عيسى إلا أمير المؤمنين فإن زكيّته قبلته
12 - دخل الوليد بن يزيد على هشام بن عبد الملك وعلى الوليد عمامة ٌ وشي فقال هشام بكم أخذتها قال بألف درهم فقال هذا كثيرٌ قال إنّها لأكرم أطرافي وقد اشتريت جارية ً بعشرة آلافٍ لأخسّ أطرافك
13 - وقعت على يزيد بن المهلّب حية ٌ فلم يدفعها عنه فقال له أبوه ضيّعت العقل من حيث حفظت الشجاعة.
14 - قال عمارة بن عقيل قال ابن أبي حفصة الشاعر أعلمت أنّ أمير المؤمنين يعني المأمون - لا يبصر الشعر فقلت من ذا يكون أفرس منه والله إنّا لننشد أوّل البيت فيسبق إلى آخره من غير أن يكون سمعه قال إنّي أنشدته بيتاً أجدت فيه فلم أره تحرك له وهذا البيت فاسمعه أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلاً
بالدّين والنّاس بالدّنيا مشاغيل
فقلت له ما زدت أن جعلته عجوزاً في محرابها في يدها سبحة ٌ فمن يقوم بأمر الدّنيا إذا كان مشغولاً عنها وهو المطرق لها ألا قلت كما قال عمّك جريرٌ لعبد العزيز بن الوليد فلا هو في الدنيا مضيعٌ نصيبه
ولا عرضٌ الدنيا عن الدين شاغله
15 - بلغنا عن الرّشيد أنّه كان في داره حزمة ٌ خيزران فقال لوزيره الفضل بن الرّبيع ما هذه فقال عروق الرماح يا أمير المؤمنين ولم يرد أن يقول الخيزران لموافقته اسم أم الرّشيد
16 - قيل للحسن بن سهل وقد كثر عطاؤه على اختلال حاله ليس في السرف خيرٌ فقال ليس في الخير سرفٌ
17 - رأى الفتح بن خاقان شيئاً في لحية المتوكل فنادى يا غلام مرآة أمير المؤمنين فجيء بها فقابل بها وجهه حتى أخذ ذلك الشيء بيده
18 - قال الحسن بن علي بن مقلة كان أبو علي ابن مقلة يوماً يأكل فلمّا رفعت المائدة وغسل يده رأى على ثوبه نقطة ً صفراء من الحلواء التي كان يأكلها ففتح الدواة واستمد منها ونقطها على الصفرة حتى لم يبق لها أثرٌ وقال ذلك عيبٌ وهذا أثر صناعة ٍ ثم أنشد إنّما الزّعفران عطر العذارى
ومداد الدّوي عطر الرجال
19 - قال السلامي الشاعر دخلت على عضد الدولة فمدحته فأجزل عطيّتي من الثياب والدّنانير وبين يديه جامٌ فرآني ألحظه فرمى به إليّ وقال خذه فقلت وكل خيرٍ عندنا من عنده فقال عضد الدولة ذاك أبوك فبقيت متحيّراً لا أدري ما أراد فجئت أستاذا لي فشرحت له الحال فقال ويحك قد أخطأت خطيئة عظيمة ً لأن هذه الكلمة لأبي نواس يصف كلباً حيث يقول أنعت كلباً أهله في كدّه
قد سعدت جدودهم بجدّه
( وكل خيرٍ عندهم من عنده
قال فعدت متّشحاً بكساء ووقفت بين يدي الملك أرعد فقال ما لك قلت حممت الساعة قال هل تعرف سبب حمّاك قلت نظرت في شعر أبي نواس فحممت قال لا تخف لا بأس عليك من هذه الحمى فسجدت له وانصرفت
20 - قال يموت بن المزرّع جلس الجمّاز يأكل على مائدة ٍبين يدي جعفر بن القاسم وجعفر يأكل على مائدة ٍ أخرى مع قومٍ وكانت الصحفة ترفع من بين يدي جعفر فتوضع بين يديّ الجمّاز ومن معه فربّما جاء قليل وربما لم يجيء شيءٌ فقال الجمّاز أصلح الله الأمير ما نحن اليوم إلا عصبة ٌ ربّما فضل لنا بعض المال وربّما أخذه أهل السهام ولا يبقى لنا شيءٌ
21- كتب بعض ملوك فارس على بابه تحتاج أبواب الملوك إلى عقلٍ ومالٍ وصبرٍ فكتب بعض الحكماء تحته من كان عنده واحدة ٌ من هذه الثلاث لم يحتج إلى أبواب الملوك فرفع خبره إلى الملك فقال زه وأمر بإجازته ومحو الكتابه من الباب.
(1)
المصدر: أخبار الظراف والمتماجنين – تأليف أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي
1 - أطال الجلوس يوماً عند الواثق حسينٌ الخادم فقال له ألك حاجة ٌ قال أمّا إلى أمير المؤمنين فلا ولكن إلى الله تعالى أن يطيل بقاءه ويديم عزّه
2 - جاء رجلٌ إلى أبي خازم القاضي فقال إنّ الشيطان يأتيني فيقول إنّك قد طلّقت امرأتك فيشككني فقال له أو ليس قد طلقّتها قال لا قال ألم تأتني أمس فتطلّقها عندي فقال والله ما جئتك إلا اليوم ولا طلّقتها بوجهٍ من الوجوه قال فاحلف للشيطان كما حلفت لي وأنت في عافية ٍ
3 - مرّ الشّعبي بخيّاط فقال يا خيّاط عندنا راقود قد انكسر تخيطه فقال له الخيّاط إن كان عندك خيوطٌ من ريحٍ خطته لك
4 - لمّا حاصر خالد بن الوليد أهل الحيرة قال ابعثوا لي رجلاً من عقلائكم فبعثوا عبد المسيح بن عمروٍ وكان نصرانياً فجاء فقال لخالد أنعم صباحاً أيها الملك فقال قد أغنانا الله عن تحيّتك هذه فمن أين أقصى أثرك أيها الشيخ قال من ظهر أبي قال فمن أين خرجت قال من بطن أمي قال فعلام أنت قال على الأرض قال ففيم أنت قال في ثيابي قال أتعقل قال أي والله وأقيّد قال ابن كم أنت قال أبن رجلٍ واحدٍ قال خالدٌ ما رأيت كاليوم أسألك الشيء وتنحو في غيره فقال ما أنبأتك إلا عما سألتني
5 - قال المبرّد قال رجلٌ لهشام بن عمروٍ الفوطي كم تعدّ قال من واحدٍ إلى ألف ألف قال لم أرد هذا قال فما أردت قال كم تعدّ من السّنّ قال اثنان وثلاثون ستة عشر من أعلى وستة عشر من أسفل قال لم أرد هذا قال فما أردت قال كم لك من السنين قال ما لي منها شيءٌ كلها لله عز وجل قال فما سنّك قال عظمٌ قال فابن كم أنت قال ابن اثنين أبٌ وأمٌ قال فكم أتى عليك قال لو أتى عليٌ شيءٌ لقتلني قال فكيف أقول قال قل كم مضى من عمرك
6 - لقي الخوارجٌ رجلاً فهمّوا بقتله فقال أعهد إليكم في اليهود شيء قالوا لا قال فامضوا راشدين
7 - قال الرشيد لأبي يوسف ما تقول في الفالوذج واللوزينج أيهما أطيب فقال يا أمير المؤمنين لا أقضي بين غائبين فأمر بإحضارهما فجعل أبو يوسف يأكل من هذا لقمة ً ومن هذا لقمة ً حتى نصف جاميهما ثمّ قال يا أمير المؤمنين ما رأيت خصمين أجدل منهما كلما أردت أن أسجل لأحدهما أدلى الآخر بحجّته
8 - عن مطر الورّاق قال إذا سألت العالم عن مسالة ٍ فحكّ رأسه فاعلم أنّ حماره قد بلغ القنطرة
9 - وعنه أيضاً أنّه قال غضب عليّ أبي فأسلمني إلى الحاكة نصف يومٍ فأنا أعرف ذلك في عقلي
10 - قال ابن خلفٍ حدّثني بعض أصحابنا قال بلغني أنّ الرشيد خرج متنزهاً فانفرد من عسكره والفضل بن الرّبيع خلفه فإذا هو بشيخٍ قد ركب حماراً وفي يده لجامٌ كأنّه مبعرٌ محشوٌ فنظر إليه فإذا رطب العينين فغمز الفضل عليه فقال له الفضل أين تريد قال حائطاً لي فقال هل لك أن أدلك على شيء تداوي به عينيك فتذهب هذه الرطوبة قال ما أحوجني إلى ذلك فقال له خذ عيدان الهواء وغبار الماء وورق الكمأة فصيّره في قشر جوزة ٍ واكتحل فإنّه يذهب عينيك قال فاتكأ على قربوسه فضرط ضرطة طويلة ٌ ثمّ قال تأخذ أجرة ٌ لصفتك فإن نفعتنا زدناك قال فاستضحك الرشيد حتى كاد يسقط عن ظهر دابّته
11 - قال المهدي لشريك لو شهد عندك عيسى كنت تقبله وأراد أن يغري بينهما فقال من شهد عندي سألت عنه ولا يسأل عن عيسى إلا أمير المؤمنين فإن زكيّته قبلته
12 - دخل الوليد بن يزيد على هشام بن عبد الملك وعلى الوليد عمامة ٌ وشي فقال هشام بكم أخذتها قال بألف درهم فقال هذا كثيرٌ قال إنّها لأكرم أطرافي وقد اشتريت جارية ً بعشرة آلافٍ لأخسّ أطرافك
13 - وقعت على يزيد بن المهلّب حية ٌ فلم يدفعها عنه فقال له أبوه ضيّعت العقل من حيث حفظت الشجاعة.
14 - قال عمارة بن عقيل قال ابن أبي حفصة الشاعر أعلمت أنّ أمير المؤمنين يعني المأمون - لا يبصر الشعر فقلت من ذا يكون أفرس منه والله إنّا لننشد أوّل البيت فيسبق إلى آخره من غير أن يكون سمعه قال إنّي أنشدته بيتاً أجدت فيه فلم أره تحرك له وهذا البيت فاسمعه أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلاً
بالدّين والنّاس بالدّنيا مشاغيل
فقلت له ما زدت أن جعلته عجوزاً في محرابها في يدها سبحة ٌ فمن يقوم بأمر الدّنيا إذا كان مشغولاً عنها وهو المطرق لها ألا قلت كما قال عمّك جريرٌ لعبد العزيز بن الوليد فلا هو في الدنيا مضيعٌ نصيبه
ولا عرضٌ الدنيا عن الدين شاغله
15 - بلغنا عن الرّشيد أنّه كان في داره حزمة ٌ خيزران فقال لوزيره الفضل بن الرّبيع ما هذه فقال عروق الرماح يا أمير المؤمنين ولم يرد أن يقول الخيزران لموافقته اسم أم الرّشيد
16 - قيل للحسن بن سهل وقد كثر عطاؤه على اختلال حاله ليس في السرف خيرٌ فقال ليس في الخير سرفٌ
17 - رأى الفتح بن خاقان شيئاً في لحية المتوكل فنادى يا غلام مرآة أمير المؤمنين فجيء بها فقابل بها وجهه حتى أخذ ذلك الشيء بيده
18 - قال الحسن بن علي بن مقلة كان أبو علي ابن مقلة يوماً يأكل فلمّا رفعت المائدة وغسل يده رأى على ثوبه نقطة ً صفراء من الحلواء التي كان يأكلها ففتح الدواة واستمد منها ونقطها على الصفرة حتى لم يبق لها أثرٌ وقال ذلك عيبٌ وهذا أثر صناعة ٍ ثم أنشد إنّما الزّعفران عطر العذارى
ومداد الدّوي عطر الرجال
19 - قال السلامي الشاعر دخلت على عضد الدولة فمدحته فأجزل عطيّتي من الثياب والدّنانير وبين يديه جامٌ فرآني ألحظه فرمى به إليّ وقال خذه فقلت وكل خيرٍ عندنا من عنده فقال عضد الدولة ذاك أبوك فبقيت متحيّراً لا أدري ما أراد فجئت أستاذا لي فشرحت له الحال فقال ويحك قد أخطأت خطيئة عظيمة ً لأن هذه الكلمة لأبي نواس يصف كلباً حيث يقول أنعت كلباً أهله في كدّه
قد سعدت جدودهم بجدّه
( وكل خيرٍ عندهم من عنده
قال فعدت متّشحاً بكساء ووقفت بين يدي الملك أرعد فقال ما لك قلت حممت الساعة قال هل تعرف سبب حمّاك قلت نظرت في شعر أبي نواس فحممت قال لا تخف لا بأس عليك من هذه الحمى فسجدت له وانصرفت
20 - قال يموت بن المزرّع جلس الجمّاز يأكل على مائدة ٍبين يدي جعفر بن القاسم وجعفر يأكل على مائدة ٍ أخرى مع قومٍ وكانت الصحفة ترفع من بين يدي جعفر فتوضع بين يديّ الجمّاز ومن معه فربّما جاء قليل وربما لم يجيء شيءٌ فقال الجمّاز أصلح الله الأمير ما نحن اليوم إلا عصبة ٌ ربّما فضل لنا بعض المال وربّما أخذه أهل السهام ولا يبقى لنا شيءٌ
21- كتب بعض ملوك فارس على بابه تحتاج أبواب الملوك إلى عقلٍ ومالٍ وصبرٍ فكتب بعض الحكماء تحته من كان عنده واحدة ٌ من هذه الثلاث لم يحتج إلى أبواب الملوك فرفع خبره إلى الملك فقال زه وأمر بإجازته ومحو الكتابه من الباب.