كتاب الطلاق
(1) باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، وأنه لو خالف وقع الطلاق ويؤمر برجعتها
1 - (1471) حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال: قرأت على مالك بن أنس عن نافع، عن ابن عمر ؛ أنه طلق امرأته وهي حائض. في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مره فليراجعها. ثم ليتركها حتى تطهر. ثم تحيض. ثم تطهر. ثم، إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس. فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها النساء".
(1471) حدثنا يحيى بن يحيى وقتيبة وابن رمح (واللفظ ليحيى). (قال قتيبة: حدثنا ليث. وقال الآخران: أخبرنا الليث بن سعد) عن نافع، عن عبدالله ؛ أنه طلق امرأة له وهي حائض. تطليقة واحدة. فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر. ثم تحيض عنده حيضة أخرى. ثم يمهلها حتى تطهر من حيضتها. فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها. فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء. وزاد ابن رمح في روايته: وكان عبدالله إذا سئل عن ذلك، قال لأحدهم: أما أنت طلقت امرأتك مرة أو مرتين. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بهذا. وإن كانت طلقتها ثلاثا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك. وعصيت الله فيما أمرك من طلاق امرأتك. قال مسلم: جود الليث في قوله: تطليقة واحدة.
2 - (1471) حدثنا محمد بن عبدالله بن نمير. حدثنا أبي. حدثنا عبيدالله عن نافع، عن ابن عمر. قال: طلقت امرأتي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض. فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: "مرة فليراجعها. ثم ليدعها حتى تطهر. ثم تحيض حيضة أخرى. فإذا طهرت فليطلقها قبل أن يجامعها. أو يمسكها. فإنها العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء". قال عبيدالله: قلت لنافع: ما صنعت التطليقة ؟ قال: واحدة اعتد بها.
(1471) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وابن المثنى. قالا: حدثنا عبدالله بن إدريس عن عبيدالله، بهذا الإسناد، نحوه. ولم يذكر قول عبيدالله لنافع. قال ابن المثنى في روايته: فليرجعها. وقال أبو بكر: فليراجعها.
3 - (1471) وحدثني زهير بن حرب. حدثنا إسماعيل عن أيوب، عن نافع ؛ أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض. فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم. فأمره أن يرجعها ثم يمهلها حتى تحيض حيضة أخرى. ثم يمهلها حتى تطهر. ثم يطلقها قبل أن يمسها. فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء. قال: فكان ابن عمر إذا سئل عن الرجل يطلق امرأته وهي حائض يقول: أما أنت طلقتها واحدة أو اثنتين. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يرجعها. ثم يمهلها حتى تحيض حيضة أخرى. ثم يمهلها حتى تطهر. ثم يطلقها قبل أن يمسها. وأما أنت طلقتها ثلاثا. فقد عصيت ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك. وبانت منك.
4 - (1471) حدثني عبد بن حميد. أخبرني يعقوب بن إبراهيم. حدثنا محمد (وهو ابن أخي الزهري) عن عمه. أخبرنا سالم بن عبدالله ؛ أن عبدالله بن عمر قال: طلقت امرأتي وهي حائض. فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم. فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال: "مره فليراجعها. حتى تحيض حيضة أخرى مستقبلة، سوى حيضتها التي طلقها فيها. فإن بدا له أن يطلقها، فليطلقها طاهرا من حيضتها. قبل أن يمسها. فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله". وكان عبدالله طلقها تطليقة واحدة. فحسبت من طلاقها. وراجعها عبدالله كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1471) وحدثنيه إسحاق بن منصور. أخبرنا يزيد بن عبدربه. حدثنا محمد بن حرب. حدثني الزبيدي عن الزهري، بهذا الإسناد. غير أنه قال: قال ابن عمر: فراجعتها. وحسبت لها التطليقة التي طلقتها.
5 - (1471) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير. (واللفظ لأبي بكر) قالوا: حدثنا وكيع عن سفيان، عن محمد ابن عبدالرحمن، (مولى آل طلحة) عن سالم، عن ابن عمر ؛ أنه طلق امرأته وهي حائض. فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال: "مره فليراجعها. ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا".
6 - (1471) وحدثني أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي. حدثنا خالد بن مخلد. حدثني سليمان (وهو ابن بلال). حدثني عبدالله ابن دينار عن ابن عمر ؛ أنه طلق امرأته وهي حائض. فسأل عمر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: "مره فليراجعها حتى تطهر. ثم تحيض حيضة أخرى. ثم تطهر. ثم يطلق بعد، أو يمسك".
7 - (1471) وحدثني علي بن حجر السعدي. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب، عن ابن سيرين. قال: مكثت عشرين سنة يحدثني من لا أتهم ؛ أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثا وهي حائض. فأمر أن يراجعها. فجعلت لا أتهمهم، ولا أعرف الحديث، حتى لقيت أبا غلاب، يونس بن جبير الباهلي. وكان ذا ثبت. فحدثني ؛ أنه سأل ابن عمر. فحدثه ؛ أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض. فأمر أن يرجعها. قال قلت: أفحسبت عليه ؟ قال: فمه. أو إن عجز واستحمق ؟.
(1471) وحدثناه أبو الربيع وقتيبة قالا: حدثنا حماد عن أيوب، بهذا الإسناد، نحوه. غير أنه قال: فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم. فأمره.
8 - (1471) وحدثنا عبدالوارث بن عبدالصمد. حدثني أبي عن جدي، عن أيوب، بهذا الإسناد. وقال في الحديث: فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ فأمره أن يراجعها حتى يطلقها طاهرا من غير جماع. وقال: "يطلقها في قبل عدتها".
9 - (1471) وحدثني يعقوب بن إبراهيم الدورقي عن ابن علية، عن يونس، عن محمد بن سيرين، عن يونس بن جبير. قال: قلت لابن عمر: رجل طلق امرأته وهي حائض. فقال: أتعرف عبدالله بن عمر ؟ فإنه طلق امرأته وهي حائض. فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فسأله ؟ فأمره أن يرجعها. ثم تستقبل عدتها. قال فقلت له: إذا طلق الرجل امرأته وهي حائض، أتعتد بتلك التطليقة ؟ فقال: فمه. أو إن عجز واستحمق ؟.
10 - (1471) حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن قتادة. قال: سمعت يونس ابن جبير قال: سمعت ابن عمر يقول: طلقت امرأتي وهي حائض. فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليراجعها. فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها". قال فقلت لابن عمر أفحتسبت بها ؟ قال: ما يمنعه. أرأيت إن عجز واستحمق ؟.
11 - (1471) حدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا خالد بن عبدالله عن عبدالملك، عن أنس بن سيرين. قال: سألت ابن عمر عن امرأته التي طلق ؟ فقال: طلقتها وهي حائض. فذكر ذلك لعمر. فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال: "مره فليراجعها. فإذا طهرت فليطلقها لطهرها" قال: فراجعتها ثم طلقتها لطهرها. قلت: فاعتددت بتلك التطليقة التي طلقت وهي حائض ؟ قال: ما لي لا أعتد بها ؟ وإن كنت عجزت واستحمقت.
12 - (1471) حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن أنس بن سيرين ؛ أنه سمع ابن عمر قال: طلقت امرأتي وهي حائض. فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره. فقال: "مره فليراجعها. ثم إذا طهرت فليطلقها" قلت لابن عمر: أفاحتسبت بتلك التطليقة ؟ قال: فمه.
(1471) وحدثنيه يحيى بن حبيب. حدثنا خالد بن الحارث. ح وحدثنيه عبدالرحمن بن بشر. حدثنا بهز. قالا: حدثنا شعبة، بهذا الإسناد. غير أن في حديثهما "ليرجعها". وفي حديثهما: قال: قلت له: أتحتسب بها ؟ قال: فمه.
13 - (1471) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عبدالرزاق. أخبرنا ابن جريج. أخبرني ابن طاوس عن أبيه ؛ أنه سمع ابن عمر يسأل عن رجل طلق امرأته حائضا ؟ فقال: أتعرف عبدالله بن عمر ؟ قال: نعم. قال: فإنه طلق امرأته حائضا. فذهب عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر. فأمره أن يراجعها. قال: لم أسمعه يزيد على ذلك (لأبيه).
14 - (1471) وحدثني هارون بن عبدالله. حدثنا حجاج بن محمد. قال: قال ابن جريج. أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع عبدالرحمن ابن أيمن (مولى عزة) يسأل ابن عمر ؟ وأبو الزبير يسمع ذلك. كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضا ؟ فقال: طلق ابن عمر امرأته وهي حائض. على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إن عبدالله بن عمر طلق امرأته وهي حائض. فقال له النبي الله صلى الله عليه وسلم: "ليراجعها". فردهاوقال: " إذا طهرت فليطلق أو ليمسك". قال ابن عمر: وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم:{يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن} [ 65 / الطلاق / الآية 1].
(1471) وحدثني هارون بن عبدالله. حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن ابن عمر. نحو هذه القصة.
(1471) وحدثنيه محمد بن رافع. حدثنا عبدالرزاق. أخبرنا ابن جريج. أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع عبدالرحمن بن أيمن (مولى عروة) يسأل ابن عمر ؟ وأبو الزبير يسمع. بمثل حديث حجاج. وفيه بعض الزيادة.
قال مسلم: أخطأ حيث قال: عروة. إنما هو مولى عزة.
(2) باب طلاق الثلاث
15 - (1472) حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع. (واللفظ لابن رافع) (قال إسحاق: أخبرنا. وقال ابن رافع: حدثنا عبدالرزاق). أخبرنا معمر عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس. قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة. فلو أمضيناه عليهم ! فأمضاه عليهم.
16 - (1472) حدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا روح بن عبادة. أخبرنا ابن جريج. ح وحدثنا ابن رافع (واللفظ له). حدثنا عبدالرزاق. أخبرنا ابن جريج. أخبرني ابن طاوس عن أبيه ؛ أن أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم أنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وثلاثا من إمارة عمر ؛ فقال ابن عباس: نعم.
17 - (1472) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس ؛ أن أبا الصهباء قال لابن عباس: هات من هناتك. ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر واحدة ؟ فقال: قد كان ذلك. فلما كان في عهد عمر تتايع الناس في الطلاق. فأجازه عليهم.
(3) باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق
18 - (1473) وحدثنا زهير بن حرب. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن هشام (يعني الدستوائي) قال: كتب إلي يحيى بن أبي كثير يحدث عن يعلى بن حكيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ؛ أنه كان يقول، في الحرام: يمين يكفرها. وقال ابن عباس: { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [ 33/الأحزاب/ 21].
19 - (1473) حدثنا يحيى بن بشر الحريري. حدثنا معاوية. (يعني ابن سلام) عن يحيى بن أبي كثير ؛ أن يعلى بن حكيم أخبره ؛ أن سعيد بن جبير أخبره ؛ أنه سمع ابن عباس قال: إذا حرم الرجل عليه امرأته فهي يمين يكفرها. وقال: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.
20 - (1474) وحدثني محمد بن حاتم. حدثنا حجاج بن محمد. أخبرنا ابن جريج. أخبرني عطاء ؛ أنه سمع عبيد بن عمير يخبر ؛ أنه سمع عائشة تخبر النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا. قالت ؛ فتواطيت أنا وحفصة ؛ أن أيتنا مادخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل ؛ أني أجد منك ريح مغافير. أكلت مغافير ؟ فدخل على إحداهما فقالت ذلك له. فقال: "بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له" فنزل: {لم تحرم ما أحل الله لك} [66 /التحريم/ 1] إلى قوله: إن تتوبا (لعائشة وحفصة) [ 66 / التحريم / 4 ] وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا (لقوله: بل شربت عسلا) [66/التحريم/ 3].
21 - (1474) حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء وهارون بن عبدالله. قالا: حدثنا أبو أسامة عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل. فكان، إذا صلى العصر، دار على نسائه. فيدنو منهن. فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس. فسألت عن ذلك، فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عكة من عسل. فسقت رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شربة. فقلت: أما والله ! لنحتالن له. فذكرت ذلك لسودة. وقلت: إذا دخل عليك فإنه سيدنو منك. فقولي له: يا رسول الله ! أكلت مغافير ؟ فإنه سقول لك: لا. فقولي له: ما هذه الريح. (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح) فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل. فقولي له: جرست نحلة العرفط. وسأقول ذلك له. وقوليه أنت يا صفية. فلما دخل على سودة. قالت تقول سودة: والذي لا إله إلا هو ! لقد كدت أنا أبادئه بالذي قلت لي. وإنه لعلى الباب، فرقا منك. فلما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله ! أكلت مغافير ؟ قال: "لا" قالت: فما هذه الريح ؟ قال: "سقتني حفصة شربة عسل" قالت: جرست نحله العرفط. فلما دخل علي قلت له مثل ذلك. ثم دخل على صفية فقالت بمثل ذلك فلما دخل على حفصة قالت: يا رسول الله ! ألا أسقيك منه ؟ قال: "لا حاجة لي به". قالت تقول سودة: سبحان الله ! والله ! لقد حرمناه. قالت قلت لها: اسكتي.
(1474) قال أبو إسحاق إبراهيم. حدثنا الحسن بن بشر بن القاسم. ححدثنا أبو أسامة، بهذا، سواء. وحدثنيه سويد بن سعيد. حدثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد، ونحوه.
(4) باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية
22 - (1475) وحدثني أبو الطاهر. حدثنا ابن وهب. ح وحدثني حرملة بن يحيى التجيبي (واللفظ له). أخبرنا عبدالله بن وهب. أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب. أخبرني أبو سلمة بن عبدالرحمن بن عوف ؛ أن عائشة قالت: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي. فقال: "إني ذاكر لك أمرا. فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك" قالت: قد علم أن أبوى لم يكونا ليأمراني بفراقه. قالت: ثم قال: إن الله عز وجل قال: { يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا. وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما} [33 /الأحزاب/ 28 و 29] قال فقلت: في أي هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. قالت: ثم فعل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت.
23 - (1476) حدثنا سريج بن يونس. حدثنا عباد بن عباد عن عاصم، عن معاذة العدوية، عن عائشة. قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذننا. إذا كان في يوم المرأة منا. بعد ما نزلت: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} [33 /الأحزاب/ 51] فقالت له معاذة: فما كنت تقولين لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنك ؟ قالت: كنت أقول: إن كان ذاك إلي لم أوثر أحدا على نفسي.
(1476) وحدثناه الحسن بن عيسى. أخبرنا ابن المبارك. أخبرنا عاصم، بهذا الإسناد، نحوه.
24 - (1477) حدثنا يحيى بن يحيى التميمي. أخبرنا عبثر عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي، عن مسروق قال: قالت عائشة: قد خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نعده طلاقا.
25 - (1477) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا علي بن مسهر عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن مسروق. قال: ما أبالي خيرت امرأتي واحدة أو مائة أو ألفا. بعد أن تختارني. ولقد سألت عائشة فقالت: قد خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفكان طلاقا ؟.
26 - (1477) حدثنا محمد بن بشار. حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن عاصم، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير نسائه. فلم يكن طلاقا.
27 - (1477) وحدثني إسحاق بن منصور. أخبرنا عبدالرحمن عن سفيان، عن عاصم الأحول وإسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي عن مسروق، عن عائشة. قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاخترناه. فلم يعده طلاقا.
28 - (1477) حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب (قال يحيى: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا أبو معاوية) عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة. قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه. فلم يعددها علينا شيئا.
(1477) وحدثني أبو الربيع الزهراني. حدثنا إسماعيل بن زكرياء. حدثنا الأعمش عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة. وعن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة. بمثله.
29 - (1478) وحدثنا زهير بن حرب. حدثنا روح بن عبادة. حدثنا زكرياء بن إسحاق. حدثنا أبو الزبير عن جابر بن عبدالله. قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فوجد الناس جلوسا ببابه. لم يؤذن لأحد منهم. قال: فأذن لأبي بكر. فدخل. ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له. فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسا، حوله نساؤه. واجما ساكتا. قال فقال: لأقولن شيئا أضحك النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: يا رسول الله ! لو رأيت بنت خارجة ! سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "هن حولي كما ترى. يسألنني النفقة. فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها. فقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها. كلاهما يقول: تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده. فقلن: والله ! لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا ليس عنده. ثم اعتزلهن شهرا أو تسعا وعشرين. ثم نزلت عليه هذه الآية: {يا أيها النبي قل لأزواجك، حتى بلغ، للمحسنات منكن أجرا عظيما}. قال: فبدأ بعائشة. فقال: "يا عائشة ! إني أريد أن أعرض عليك أمرا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك". قالت: وما هو ؟ يا رسول الله ! فتلا عليها الآية. قالت: أفيك، يا رسول الله ! استشير أبوى ؟ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة. وأسألك أن لا تخبر امرأة من نساءك بالذي قلت. قال: "لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها. إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا. ولكن بعثني معلما ميسرا".
(5) باب في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن، وقوله تعالى: {وإن تظاهرا عليه}
30 - (1479) حدثني زهير بن حرب. حدثنا عمر بن يونس الحنفي. حدثنا عكرمة بن عمار عن سماك أبي زميل. حدثني عبدالله ابن عباس. حدثني عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه قال: دخلت المسجد. فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه. وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب. فقال عمر فقلت: لأعلمن ذلك اليوم. قال: فدخلت على عائشة. فقلت: يا بنت أبي بكر ! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: مالى ومالك يا ابن الخطاب ؟ عليك بعيبتك. قال: فدخلت على حفصة بنت عمر. فقلت لها: يا حفصة ! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ والله ! لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك. ولولا أنا لطلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبكت أشد البكاء. فقلت لها: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: هو في خزانته في المشربة. فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا على أسكفة المشربة. مدل رجليه على نقير من خشب. وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر. فناديت: يا رباح ! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنظر رباح إلى الغرفة. ثم نظر إلي فلم يقل شيئا. ثم قلت: يا رباح ! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنظر رباح إلى الغرفة. ثم نظر إلي. فلم يقل شيئا. ثم رفعت صوتي فقلت: يا رباح ! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل حفصة. والله ! لئن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها لأضربن عنقها. ورفعت صوتي. فأومأ إلي أن ارقه. فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير. فجلست. فأدنى عليه إزاره. وليس عليه غيره. وإذا الحصير قد أثر في جنبه. فنظرت ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع. ومثلها قرظا في ناحية الغرفة. وإذا أفيق معلق. قال: فابتدرت عيناي. قال:
"ما يبكيك ؟ يا ابن الخطاب!" قلت: يا نبي الله ! وما لي لا أبكي ؟ وهذا الحصير قد أثر في جنبك. وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى. وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار. وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوته. وهذه خزانتك. فقال "يا ابن الخطاب ! ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا ؟" قلت: بلى. قال: ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب. فقلت: يا رسول الله ! ما يشق عليك من شأن النساء ؟ فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك. وقلما تكلمت، وأحمد الله، بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول. ونزلت هذه الآية. آية التخيير: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن} [66 /التحريم/5] {وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير} [66 /التحريم/4] وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم. فقلت: يا رسول الله ! أطلقتهن ؟ قال "لا" قلت: يا رسول الله ! إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى. يقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه. أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن ؟ قال "نعم. إن شئت" فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه. وحتى كثر فضحك. وكان من أحسن الناس ثغرا. ثم نزل نبي الله صلى الله عليه وسلم ونزلت. فنزلت أتشبث بالجذع ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده. فقلت: يا رسول الله ! إنما كنت في الغرفة تسعة وعشرين. قال "إن الشهر يكون تسعا وعشرين" فقمت على باب المسجد. فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه. ونزلت هذه الآية: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [4 /النساء/83] فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر. وأنزل الله عز وجل آية التخيير.
31 - (1479) حدثنا هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا عبدالله بن وهب. أخبرني سليمان (يعني ابن بلال). أخبرني يحيى. أخبرني عبيد ابن حنين ؛ أنه سمع عبدالله بن عباس يحدث. قال: مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية. فما أستطيع أن أسأله هيبة له. حتى خرج حاجا فخرجت معه. فلما رجع، فكنا ببعض الطريق، عدل إلى الأراك لحاجة له. فوقفت له حتى فرغ. ثم سرت معه. فقلت: يا أمير المؤمنين ! من اللتان تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه ؟ فقال: تلك حفصة وعائشة. قال فقلت له: والله ! إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة لك. قال: فلا تفعل. ما ظننت أن عندي من علم فسلني عنه. فإن كنت أعلمه أخبرتك. قال: وقال عمر: والله ! إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء م أمرا. حتى أنزل الله تعالى فيهن ما أنزل. وقسم لهن ما قسم. قال: فبينما أنا في أمر أأتمره، إذ قالت لي امرأتي: لو صنعت كذا وكذا ! فقلت لها: ومالك أنت ولما ههنا ؟ وما تكلفك في أمر أريده ؟ فقالت لي: عجبا لك، يا ابن الخطاب ! ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان. قال عمر: فآخذ ردائي ثم أخرج مكاني. حتى أدخل على حفصة. فقلت لها: يا بنية ! إنك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان. فقالت حفصة: والله ! إنا لنراجعه. فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله. يا بنية ! لا يغرنك هذه التي قد أعجبها حسنها. وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها. ثم خرجت حتى أدخل على أم سلمة. لقرابتي منها. فكلمتها. فقالت لي أم سلمة: عجبا لك يا ابن الخطاب ! قد دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه ! قال: فأخذتني أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد. فخرجت من عندها. وكان لي صاحب من الأنصار. إذا غبت أتاني بالخبر. وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر. ونحن حينئذ نتخوف ملكا من ملوك غسان. ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا. فقد امتلأت صدورنا منه. فأتى صاحبي الأنصاري يدق الباب. وقال: افتح. افتح. فقلت: جاء الغساني ؟ فقال: أشد من ذلك. اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه. فقلت: رغم أنف حفصة وعائشة. ثم آخذ ثوبي فأخرج. حتى جئت. فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشربة له يرتقى إليها بعجلة. وغلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسود على رأس الدرجة. فقلت: هذا عمر. فأذن لي. قال عمر: فقصصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث. فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء. وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف. وإن عند رجليه قرظا مضبورا. وعند رأسه أهبا معلقة. فرأيت أثر الحصير في جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبكيت. فقال: "ما يبكيك ؟" فقلت: يا رسول الله ! إن كسرى وقيصر فيما هما فيه. وأنت رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما ترضى أن تكون لهما الدنيا ولك الآخرة ؟".
32 - (1479) وحدثنا محمد بن المثنى. حدثنا عفان. حدثنا حماد بن سلمة. أخبرني يحيى بن سعيد عن عبيد بن حنين، عن ابن عباس. قال: أقبلت مع عمر. حتى إذا كنا بمر الظهران. وساق الحديث بطوله. كنحو حديث سليمان بن بلال. غير أنه قال قلت: شأن المرأتين ؟ قال: حفصة وأم سلمة. وزاد فيه: وأتيت الحجر فإذا في كل بيت بكاء. وزاد أيضا: وكان آلى منهن شهرا. فلما كان تسعا وعشرين نزل إليهن.
33 - (1479) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب (واللفظ لأبي بكر) قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد. سمع عبيد بن حنين (وهو مولى العباس) قال: سمعت ابن عباس يقول: كنت أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلبثت سنة ما أجد له موضعا. حتى صحبته إلى مكة. فلما كان بمر الظهران ذهب يقضي حاجته. فقال: أدركني بإداوة من ماء. فأتيته بها. فلما قضى حاجته ورجع ذهبت أصب عليه. وذكرت فقلت له: يا أمير المؤمنين ! من المرأتان؟ فما قضيت كلامى حتى قال: عائشة وحفصة.
34 - (1479) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ومحمد بن أبي عمر (وتقاربا في لفظ الحديث) (قال ابن أبي عمر: حدثنا. وقال إسحاق: أخبرنا عبدالرزاق). أخبرنا معمر عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله بن أبي ثور، عن ابن عباس. قال: لم أزل حريصا أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} [66 /التحريم/ 4]. حتى حج عمر وحججت معه. فلما كنا ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة. فتبرز. ثم أتاني فسكبت على يديه. فتوضأ. فقلت: يا أمير المؤمنين ! من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله عز وجل لهما: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ؟} قال عمر: واعجبا لك يا ابن عباس ! (قال الزهري: كره، والله ! ما سأله عنه ولم يكتمه) قال: هي حفصة وعائشة. ثم أخذ يسوق الحديث. قال: كنا، معشر قريش، قوما نغلب النساء. فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم. فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم. قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيد، بالعوالي. فتغضبت يوما على امرأتي. فإذا هي تراجعني. فأنكرت أن تراجعني. فقالت: ما تنكر أن أراجعك ؟ فوالله ! إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه. وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. فانطلقت فدخلت على حفصة. فقلت: أتراجععين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت: نعم. فقلت: أتهجره إحداكن اليوم إلى الليل ؟ قالت: نعم. قلت: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر. أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم. فإذا هي قد هلكت. لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئا. وسليني ما بدا لك. ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك (يريد عائشة).
قال: وكان لي جار من الأنصار. فكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فينزل يوما وأنزل يوما. فيأتيني بخبر الوحي وغيره. وآتيه بمثل ذلك. وكنا نتحدث ؛ أن غسان تنعل الخيل لتغزونا. فنزل صاحبي. ثم أتاني عشاء فضرب بابي. ثم ناداني. فخرجت إليه. فقال: حدث أمر عظيم. قلت: ماذا ؟ أجاءت غسان ؟ قال: لا. بل أعظم من ذلك وأطول. طلق النبي صلى الله عليه وسلم نساءه. فقلت: قد خابت حفصة وخسرت. قد أظن هذا كائنا. حتى إذا صليت الصبح شددت على ثيابي. ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي. فقلت: أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت: لا أدري. ها هو ذا معتزل في هذه المشربة. فأتيت غلاما له أسود. فقلت: استأذن لعمر. فدخل ثم خرج إلي. فقال: قد ذكرتك له فصمت. فانطلقت حتى انتهيت إلى المنبر فجلست. فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم. فجللست قليلا. ثم غلبني ما أجد. ثم اتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر. فدخل ثم خرج إلي. فقال: قد ذكرتك له فصمت. فوليت مدبرا. فإذا الغلام يدعوني. فقال: ادخل. فقد أذن لك. فدخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا هو متكئ على رمل حصير. قدأ في جنبه. فقلت: أطلقت، يا رسول الله ! نساءك ؟ فرفع رأسه إلي وقال "لا" فقلت: الله أكبر ! لو رأيتنا، يا رسول الله ! وكنا، معشر قريش، قوما نغلب النساء. فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم. فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم. فتغضبت على امرأتي يوما. فإذا هي تراجعني. فأنكرت أن تراجعني. فقالت: ما تنكر أن أراجعك ؟ فوالله ! إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه. وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر. أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم. فإذا هي قد هلكت ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: يا رسول الله ! قد دخلت على حفصة فقلت: لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم منك وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك. فتبسم أخرى فقلت: أستأنس. يا رسول الله ! قال "نعم" فجلست. فرفعت رأسي في البيت. فوالله ! ما رأيت فيه شيئا يرد البصر، إلا أهبا ثلاثة. فقلت: ادع الله يا رسول الله ! أن يوسع على أمتك. فقد وسع على فارس والروم. وهم لا يعبدون الله. فاستوى جالسا ثم قال " أفي شك أنت ؟ يا ابن الخطاب ! أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا". فقلت: استغفر لي. يا رسول الله ! وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن. حتى عاتبه الله عز وجل.
35 - (1475) قال الزهري: فأخبرني عروة عن عائشة. قالت: لما مضى تسع وعشرون ليلة، دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. بدأ بي. فقلت: يا رسول الله ! إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا. وإنك دخلت من تسع وعشرين. أعدهن. فقال: "إن الشهر تسع وعشرون" ثم قال "يا عائشة ! إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمرى أبويك". ثم قرأ علي الآية: يا أيها النبي قل لأزواجك. حتى بلغ: أجرا عظيما. قالت عائشة: قد علم، والله ! أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه. قالت فقلت: أو في هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة.
قال معمر: فأخبرني أيوب ؛ أن عائشة قالت: لا تخبر نساءك أني اخترتك. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله أرسلني مبلغا ولم يرسلني متعنتا". قال قتادة: صغت قلوبكما، مالت قلوبكما.
(1) باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، وأنه لو خالف وقع الطلاق ويؤمر برجعتها
1 - (1471) حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال: قرأت على مالك بن أنس عن نافع، عن ابن عمر ؛ أنه طلق امرأته وهي حائض. في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مره فليراجعها. ثم ليتركها حتى تطهر. ثم تحيض. ثم تطهر. ثم، إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس. فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها النساء".
(1471) حدثنا يحيى بن يحيى وقتيبة وابن رمح (واللفظ ليحيى). (قال قتيبة: حدثنا ليث. وقال الآخران: أخبرنا الليث بن سعد) عن نافع، عن عبدالله ؛ أنه طلق امرأة له وهي حائض. تطليقة واحدة. فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر. ثم تحيض عنده حيضة أخرى. ثم يمهلها حتى تطهر من حيضتها. فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها. فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء. وزاد ابن رمح في روايته: وكان عبدالله إذا سئل عن ذلك، قال لأحدهم: أما أنت طلقت امرأتك مرة أو مرتين. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بهذا. وإن كانت طلقتها ثلاثا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك. وعصيت الله فيما أمرك من طلاق امرأتك. قال مسلم: جود الليث في قوله: تطليقة واحدة.
2 - (1471) حدثنا محمد بن عبدالله بن نمير. حدثنا أبي. حدثنا عبيدالله عن نافع، عن ابن عمر. قال: طلقت امرأتي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض. فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: "مرة فليراجعها. ثم ليدعها حتى تطهر. ثم تحيض حيضة أخرى. فإذا طهرت فليطلقها قبل أن يجامعها. أو يمسكها. فإنها العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء". قال عبيدالله: قلت لنافع: ما صنعت التطليقة ؟ قال: واحدة اعتد بها.
(1471) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وابن المثنى. قالا: حدثنا عبدالله بن إدريس عن عبيدالله، بهذا الإسناد، نحوه. ولم يذكر قول عبيدالله لنافع. قال ابن المثنى في روايته: فليرجعها. وقال أبو بكر: فليراجعها.
3 - (1471) وحدثني زهير بن حرب. حدثنا إسماعيل عن أيوب، عن نافع ؛ أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض. فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم. فأمره أن يرجعها ثم يمهلها حتى تحيض حيضة أخرى. ثم يمهلها حتى تطهر. ثم يطلقها قبل أن يمسها. فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء. قال: فكان ابن عمر إذا سئل عن الرجل يطلق امرأته وهي حائض يقول: أما أنت طلقتها واحدة أو اثنتين. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يرجعها. ثم يمهلها حتى تحيض حيضة أخرى. ثم يمهلها حتى تطهر. ثم يطلقها قبل أن يمسها. وأما أنت طلقتها ثلاثا. فقد عصيت ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك. وبانت منك.
4 - (1471) حدثني عبد بن حميد. أخبرني يعقوب بن إبراهيم. حدثنا محمد (وهو ابن أخي الزهري) عن عمه. أخبرنا سالم بن عبدالله ؛ أن عبدالله بن عمر قال: طلقت امرأتي وهي حائض. فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم. فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال: "مره فليراجعها. حتى تحيض حيضة أخرى مستقبلة، سوى حيضتها التي طلقها فيها. فإن بدا له أن يطلقها، فليطلقها طاهرا من حيضتها. قبل أن يمسها. فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله". وكان عبدالله طلقها تطليقة واحدة. فحسبت من طلاقها. وراجعها عبدالله كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1471) وحدثنيه إسحاق بن منصور. أخبرنا يزيد بن عبدربه. حدثنا محمد بن حرب. حدثني الزبيدي عن الزهري، بهذا الإسناد. غير أنه قال: قال ابن عمر: فراجعتها. وحسبت لها التطليقة التي طلقتها.
5 - (1471) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير. (واللفظ لأبي بكر) قالوا: حدثنا وكيع عن سفيان، عن محمد ابن عبدالرحمن، (مولى آل طلحة) عن سالم، عن ابن عمر ؛ أنه طلق امرأته وهي حائض. فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال: "مره فليراجعها. ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا".
6 - (1471) وحدثني أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي. حدثنا خالد بن مخلد. حدثني سليمان (وهو ابن بلال). حدثني عبدالله ابن دينار عن ابن عمر ؛ أنه طلق امرأته وهي حائض. فسأل عمر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: "مره فليراجعها حتى تطهر. ثم تحيض حيضة أخرى. ثم تطهر. ثم يطلق بعد، أو يمسك".
7 - (1471) وحدثني علي بن حجر السعدي. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب، عن ابن سيرين. قال: مكثت عشرين سنة يحدثني من لا أتهم ؛ أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثا وهي حائض. فأمر أن يراجعها. فجعلت لا أتهمهم، ولا أعرف الحديث، حتى لقيت أبا غلاب، يونس بن جبير الباهلي. وكان ذا ثبت. فحدثني ؛ أنه سأل ابن عمر. فحدثه ؛ أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض. فأمر أن يرجعها. قال قلت: أفحسبت عليه ؟ قال: فمه. أو إن عجز واستحمق ؟.
(1471) وحدثناه أبو الربيع وقتيبة قالا: حدثنا حماد عن أيوب، بهذا الإسناد، نحوه. غير أنه قال: فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم. فأمره.
8 - (1471) وحدثنا عبدالوارث بن عبدالصمد. حدثني أبي عن جدي، عن أيوب، بهذا الإسناد. وقال في الحديث: فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ فأمره أن يراجعها حتى يطلقها طاهرا من غير جماع. وقال: "يطلقها في قبل عدتها".
9 - (1471) وحدثني يعقوب بن إبراهيم الدورقي عن ابن علية، عن يونس، عن محمد بن سيرين، عن يونس بن جبير. قال: قلت لابن عمر: رجل طلق امرأته وهي حائض. فقال: أتعرف عبدالله بن عمر ؟ فإنه طلق امرأته وهي حائض. فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فسأله ؟ فأمره أن يرجعها. ثم تستقبل عدتها. قال فقلت له: إذا طلق الرجل امرأته وهي حائض، أتعتد بتلك التطليقة ؟ فقال: فمه. أو إن عجز واستحمق ؟.
10 - (1471) حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن قتادة. قال: سمعت يونس ابن جبير قال: سمعت ابن عمر يقول: طلقت امرأتي وهي حائض. فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليراجعها. فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها". قال فقلت لابن عمر أفحتسبت بها ؟ قال: ما يمنعه. أرأيت إن عجز واستحمق ؟.
11 - (1471) حدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا خالد بن عبدالله عن عبدالملك، عن أنس بن سيرين. قال: سألت ابن عمر عن امرأته التي طلق ؟ فقال: طلقتها وهي حائض. فذكر ذلك لعمر. فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال: "مره فليراجعها. فإذا طهرت فليطلقها لطهرها" قال: فراجعتها ثم طلقتها لطهرها. قلت: فاعتددت بتلك التطليقة التي طلقت وهي حائض ؟ قال: ما لي لا أعتد بها ؟ وإن كنت عجزت واستحمقت.
12 - (1471) حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن أنس بن سيرين ؛ أنه سمع ابن عمر قال: طلقت امرأتي وهي حائض. فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره. فقال: "مره فليراجعها. ثم إذا طهرت فليطلقها" قلت لابن عمر: أفاحتسبت بتلك التطليقة ؟ قال: فمه.
(1471) وحدثنيه يحيى بن حبيب. حدثنا خالد بن الحارث. ح وحدثنيه عبدالرحمن بن بشر. حدثنا بهز. قالا: حدثنا شعبة، بهذا الإسناد. غير أن في حديثهما "ليرجعها". وفي حديثهما: قال: قلت له: أتحتسب بها ؟ قال: فمه.
13 - (1471) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عبدالرزاق. أخبرنا ابن جريج. أخبرني ابن طاوس عن أبيه ؛ أنه سمع ابن عمر يسأل عن رجل طلق امرأته حائضا ؟ فقال: أتعرف عبدالله بن عمر ؟ قال: نعم. قال: فإنه طلق امرأته حائضا. فذهب عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر. فأمره أن يراجعها. قال: لم أسمعه يزيد على ذلك (لأبيه).
14 - (1471) وحدثني هارون بن عبدالله. حدثنا حجاج بن محمد. قال: قال ابن جريج. أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع عبدالرحمن ابن أيمن (مولى عزة) يسأل ابن عمر ؟ وأبو الزبير يسمع ذلك. كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضا ؟ فقال: طلق ابن عمر امرأته وهي حائض. على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إن عبدالله بن عمر طلق امرأته وهي حائض. فقال له النبي الله صلى الله عليه وسلم: "ليراجعها". فردهاوقال: " إذا طهرت فليطلق أو ليمسك". قال ابن عمر: وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم:{يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن} [ 65 / الطلاق / الآية 1].
(1471) وحدثني هارون بن عبدالله. حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن ابن عمر. نحو هذه القصة.
(1471) وحدثنيه محمد بن رافع. حدثنا عبدالرزاق. أخبرنا ابن جريج. أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع عبدالرحمن بن أيمن (مولى عروة) يسأل ابن عمر ؟ وأبو الزبير يسمع. بمثل حديث حجاج. وفيه بعض الزيادة.
قال مسلم: أخطأ حيث قال: عروة. إنما هو مولى عزة.
(2) باب طلاق الثلاث
15 - (1472) حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع. (واللفظ لابن رافع) (قال إسحاق: أخبرنا. وقال ابن رافع: حدثنا عبدالرزاق). أخبرنا معمر عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس. قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة. فلو أمضيناه عليهم ! فأمضاه عليهم.
16 - (1472) حدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا روح بن عبادة. أخبرنا ابن جريج. ح وحدثنا ابن رافع (واللفظ له). حدثنا عبدالرزاق. أخبرنا ابن جريج. أخبرني ابن طاوس عن أبيه ؛ أن أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم أنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وثلاثا من إمارة عمر ؛ فقال ابن عباس: نعم.
17 - (1472) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس ؛ أن أبا الصهباء قال لابن عباس: هات من هناتك. ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر واحدة ؟ فقال: قد كان ذلك. فلما كان في عهد عمر تتايع الناس في الطلاق. فأجازه عليهم.
(3) باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق
18 - (1473) وحدثنا زهير بن حرب. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن هشام (يعني الدستوائي) قال: كتب إلي يحيى بن أبي كثير يحدث عن يعلى بن حكيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ؛ أنه كان يقول، في الحرام: يمين يكفرها. وقال ابن عباس: { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [ 33/الأحزاب/ 21].
19 - (1473) حدثنا يحيى بن بشر الحريري. حدثنا معاوية. (يعني ابن سلام) عن يحيى بن أبي كثير ؛ أن يعلى بن حكيم أخبره ؛ أن سعيد بن جبير أخبره ؛ أنه سمع ابن عباس قال: إذا حرم الرجل عليه امرأته فهي يمين يكفرها. وقال: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.
20 - (1474) وحدثني محمد بن حاتم. حدثنا حجاج بن محمد. أخبرنا ابن جريج. أخبرني عطاء ؛ أنه سمع عبيد بن عمير يخبر ؛ أنه سمع عائشة تخبر النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا. قالت ؛ فتواطيت أنا وحفصة ؛ أن أيتنا مادخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل ؛ أني أجد منك ريح مغافير. أكلت مغافير ؟ فدخل على إحداهما فقالت ذلك له. فقال: "بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له" فنزل: {لم تحرم ما أحل الله لك} [66 /التحريم/ 1] إلى قوله: إن تتوبا (لعائشة وحفصة) [ 66 / التحريم / 4 ] وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا (لقوله: بل شربت عسلا) [66/التحريم/ 3].
21 - (1474) حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء وهارون بن عبدالله. قالا: حدثنا أبو أسامة عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل. فكان، إذا صلى العصر، دار على نسائه. فيدنو منهن. فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس. فسألت عن ذلك، فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عكة من عسل. فسقت رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شربة. فقلت: أما والله ! لنحتالن له. فذكرت ذلك لسودة. وقلت: إذا دخل عليك فإنه سيدنو منك. فقولي له: يا رسول الله ! أكلت مغافير ؟ فإنه سقول لك: لا. فقولي له: ما هذه الريح. (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح) فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل. فقولي له: جرست نحلة العرفط. وسأقول ذلك له. وقوليه أنت يا صفية. فلما دخل على سودة. قالت تقول سودة: والذي لا إله إلا هو ! لقد كدت أنا أبادئه بالذي قلت لي. وإنه لعلى الباب، فرقا منك. فلما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله ! أكلت مغافير ؟ قال: "لا" قالت: فما هذه الريح ؟ قال: "سقتني حفصة شربة عسل" قالت: جرست نحله العرفط. فلما دخل علي قلت له مثل ذلك. ثم دخل على صفية فقالت بمثل ذلك فلما دخل على حفصة قالت: يا رسول الله ! ألا أسقيك منه ؟ قال: "لا حاجة لي به". قالت تقول سودة: سبحان الله ! والله ! لقد حرمناه. قالت قلت لها: اسكتي.
(1474) قال أبو إسحاق إبراهيم. حدثنا الحسن بن بشر بن القاسم. ححدثنا أبو أسامة، بهذا، سواء. وحدثنيه سويد بن سعيد. حدثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد، ونحوه.
(4) باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية
22 - (1475) وحدثني أبو الطاهر. حدثنا ابن وهب. ح وحدثني حرملة بن يحيى التجيبي (واللفظ له). أخبرنا عبدالله بن وهب. أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب. أخبرني أبو سلمة بن عبدالرحمن بن عوف ؛ أن عائشة قالت: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي. فقال: "إني ذاكر لك أمرا. فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك" قالت: قد علم أن أبوى لم يكونا ليأمراني بفراقه. قالت: ثم قال: إن الله عز وجل قال: { يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا. وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما} [33 /الأحزاب/ 28 و 29] قال فقلت: في أي هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. قالت: ثم فعل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت.
23 - (1476) حدثنا سريج بن يونس. حدثنا عباد بن عباد عن عاصم، عن معاذة العدوية، عن عائشة. قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذننا. إذا كان في يوم المرأة منا. بعد ما نزلت: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} [33 /الأحزاب/ 51] فقالت له معاذة: فما كنت تقولين لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنك ؟ قالت: كنت أقول: إن كان ذاك إلي لم أوثر أحدا على نفسي.
(1476) وحدثناه الحسن بن عيسى. أخبرنا ابن المبارك. أخبرنا عاصم، بهذا الإسناد، نحوه.
24 - (1477) حدثنا يحيى بن يحيى التميمي. أخبرنا عبثر عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي، عن مسروق قال: قالت عائشة: قد خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نعده طلاقا.
25 - (1477) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا علي بن مسهر عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن مسروق. قال: ما أبالي خيرت امرأتي واحدة أو مائة أو ألفا. بعد أن تختارني. ولقد سألت عائشة فقالت: قد خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفكان طلاقا ؟.
26 - (1477) حدثنا محمد بن بشار. حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن عاصم، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير نسائه. فلم يكن طلاقا.
27 - (1477) وحدثني إسحاق بن منصور. أخبرنا عبدالرحمن عن سفيان، عن عاصم الأحول وإسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي عن مسروق، عن عائشة. قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاخترناه. فلم يعده طلاقا.
28 - (1477) حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب (قال يحيى: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا أبو معاوية) عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة. قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه. فلم يعددها علينا شيئا.
(1477) وحدثني أبو الربيع الزهراني. حدثنا إسماعيل بن زكرياء. حدثنا الأعمش عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة. وعن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة. بمثله.
29 - (1478) وحدثنا زهير بن حرب. حدثنا روح بن عبادة. حدثنا زكرياء بن إسحاق. حدثنا أبو الزبير عن جابر بن عبدالله. قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فوجد الناس جلوسا ببابه. لم يؤذن لأحد منهم. قال: فأذن لأبي بكر. فدخل. ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له. فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسا، حوله نساؤه. واجما ساكتا. قال فقال: لأقولن شيئا أضحك النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: يا رسول الله ! لو رأيت بنت خارجة ! سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "هن حولي كما ترى. يسألنني النفقة. فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها. فقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها. كلاهما يقول: تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده. فقلن: والله ! لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا ليس عنده. ثم اعتزلهن شهرا أو تسعا وعشرين. ثم نزلت عليه هذه الآية: {يا أيها النبي قل لأزواجك، حتى بلغ، للمحسنات منكن أجرا عظيما}. قال: فبدأ بعائشة. فقال: "يا عائشة ! إني أريد أن أعرض عليك أمرا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك". قالت: وما هو ؟ يا رسول الله ! فتلا عليها الآية. قالت: أفيك، يا رسول الله ! استشير أبوى ؟ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة. وأسألك أن لا تخبر امرأة من نساءك بالذي قلت. قال: "لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها. إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا. ولكن بعثني معلما ميسرا".
(5) باب في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن، وقوله تعالى: {وإن تظاهرا عليه}
30 - (1479) حدثني زهير بن حرب. حدثنا عمر بن يونس الحنفي. حدثنا عكرمة بن عمار عن سماك أبي زميل. حدثني عبدالله ابن عباس. حدثني عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه قال: دخلت المسجد. فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه. وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب. فقال عمر فقلت: لأعلمن ذلك اليوم. قال: فدخلت على عائشة. فقلت: يا بنت أبي بكر ! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: مالى ومالك يا ابن الخطاب ؟ عليك بعيبتك. قال: فدخلت على حفصة بنت عمر. فقلت لها: يا حفصة ! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ والله ! لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك. ولولا أنا لطلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبكت أشد البكاء. فقلت لها: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: هو في خزانته في المشربة. فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا على أسكفة المشربة. مدل رجليه على نقير من خشب. وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر. فناديت: يا رباح ! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنظر رباح إلى الغرفة. ثم نظر إلي فلم يقل شيئا. ثم قلت: يا رباح ! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنظر رباح إلى الغرفة. ثم نظر إلي. فلم يقل شيئا. ثم رفعت صوتي فقلت: يا رباح ! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل حفصة. والله ! لئن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها لأضربن عنقها. ورفعت صوتي. فأومأ إلي أن ارقه. فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير. فجلست. فأدنى عليه إزاره. وليس عليه غيره. وإذا الحصير قد أثر في جنبه. فنظرت ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع. ومثلها قرظا في ناحية الغرفة. وإذا أفيق معلق. قال: فابتدرت عيناي. قال:
"ما يبكيك ؟ يا ابن الخطاب!" قلت: يا نبي الله ! وما لي لا أبكي ؟ وهذا الحصير قد أثر في جنبك. وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى. وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار. وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوته. وهذه خزانتك. فقال "يا ابن الخطاب ! ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا ؟" قلت: بلى. قال: ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب. فقلت: يا رسول الله ! ما يشق عليك من شأن النساء ؟ فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك. وقلما تكلمت، وأحمد الله، بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول. ونزلت هذه الآية. آية التخيير: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن} [66 /التحريم/5] {وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير} [66 /التحريم/4] وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم. فقلت: يا رسول الله ! أطلقتهن ؟ قال "لا" قلت: يا رسول الله ! إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى. يقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه. أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن ؟ قال "نعم. إن شئت" فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه. وحتى كثر فضحك. وكان من أحسن الناس ثغرا. ثم نزل نبي الله صلى الله عليه وسلم ونزلت. فنزلت أتشبث بالجذع ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده. فقلت: يا رسول الله ! إنما كنت في الغرفة تسعة وعشرين. قال "إن الشهر يكون تسعا وعشرين" فقمت على باب المسجد. فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه. ونزلت هذه الآية: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [4 /النساء/83] فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر. وأنزل الله عز وجل آية التخيير.
31 - (1479) حدثنا هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا عبدالله بن وهب. أخبرني سليمان (يعني ابن بلال). أخبرني يحيى. أخبرني عبيد ابن حنين ؛ أنه سمع عبدالله بن عباس يحدث. قال: مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية. فما أستطيع أن أسأله هيبة له. حتى خرج حاجا فخرجت معه. فلما رجع، فكنا ببعض الطريق، عدل إلى الأراك لحاجة له. فوقفت له حتى فرغ. ثم سرت معه. فقلت: يا أمير المؤمنين ! من اللتان تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه ؟ فقال: تلك حفصة وعائشة. قال فقلت له: والله ! إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة لك. قال: فلا تفعل. ما ظننت أن عندي من علم فسلني عنه. فإن كنت أعلمه أخبرتك. قال: وقال عمر: والله ! إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء م أمرا. حتى أنزل الله تعالى فيهن ما أنزل. وقسم لهن ما قسم. قال: فبينما أنا في أمر أأتمره، إذ قالت لي امرأتي: لو صنعت كذا وكذا ! فقلت لها: ومالك أنت ولما ههنا ؟ وما تكلفك في أمر أريده ؟ فقالت لي: عجبا لك، يا ابن الخطاب ! ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان. قال عمر: فآخذ ردائي ثم أخرج مكاني. حتى أدخل على حفصة. فقلت لها: يا بنية ! إنك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان. فقالت حفصة: والله ! إنا لنراجعه. فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله. يا بنية ! لا يغرنك هذه التي قد أعجبها حسنها. وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها. ثم خرجت حتى أدخل على أم سلمة. لقرابتي منها. فكلمتها. فقالت لي أم سلمة: عجبا لك يا ابن الخطاب ! قد دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه ! قال: فأخذتني أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد. فخرجت من عندها. وكان لي صاحب من الأنصار. إذا غبت أتاني بالخبر. وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر. ونحن حينئذ نتخوف ملكا من ملوك غسان. ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا. فقد امتلأت صدورنا منه. فأتى صاحبي الأنصاري يدق الباب. وقال: افتح. افتح. فقلت: جاء الغساني ؟ فقال: أشد من ذلك. اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه. فقلت: رغم أنف حفصة وعائشة. ثم آخذ ثوبي فأخرج. حتى جئت. فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشربة له يرتقى إليها بعجلة. وغلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسود على رأس الدرجة. فقلت: هذا عمر. فأذن لي. قال عمر: فقصصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث. فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء. وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف. وإن عند رجليه قرظا مضبورا. وعند رأسه أهبا معلقة. فرأيت أثر الحصير في جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبكيت. فقال: "ما يبكيك ؟" فقلت: يا رسول الله ! إن كسرى وقيصر فيما هما فيه. وأنت رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما ترضى أن تكون لهما الدنيا ولك الآخرة ؟".
32 - (1479) وحدثنا محمد بن المثنى. حدثنا عفان. حدثنا حماد بن سلمة. أخبرني يحيى بن سعيد عن عبيد بن حنين، عن ابن عباس. قال: أقبلت مع عمر. حتى إذا كنا بمر الظهران. وساق الحديث بطوله. كنحو حديث سليمان بن بلال. غير أنه قال قلت: شأن المرأتين ؟ قال: حفصة وأم سلمة. وزاد فيه: وأتيت الحجر فإذا في كل بيت بكاء. وزاد أيضا: وكان آلى منهن شهرا. فلما كان تسعا وعشرين نزل إليهن.
33 - (1479) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب (واللفظ لأبي بكر) قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد. سمع عبيد بن حنين (وهو مولى العباس) قال: سمعت ابن عباس يقول: كنت أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلبثت سنة ما أجد له موضعا. حتى صحبته إلى مكة. فلما كان بمر الظهران ذهب يقضي حاجته. فقال: أدركني بإداوة من ماء. فأتيته بها. فلما قضى حاجته ورجع ذهبت أصب عليه. وذكرت فقلت له: يا أمير المؤمنين ! من المرأتان؟ فما قضيت كلامى حتى قال: عائشة وحفصة.
34 - (1479) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ومحمد بن أبي عمر (وتقاربا في لفظ الحديث) (قال ابن أبي عمر: حدثنا. وقال إسحاق: أخبرنا عبدالرزاق). أخبرنا معمر عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله بن أبي ثور، عن ابن عباس. قال: لم أزل حريصا أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} [66 /التحريم/ 4]. حتى حج عمر وحججت معه. فلما كنا ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة. فتبرز. ثم أتاني فسكبت على يديه. فتوضأ. فقلت: يا أمير المؤمنين ! من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله عز وجل لهما: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ؟} قال عمر: واعجبا لك يا ابن عباس ! (قال الزهري: كره، والله ! ما سأله عنه ولم يكتمه) قال: هي حفصة وعائشة. ثم أخذ يسوق الحديث. قال: كنا، معشر قريش، قوما نغلب النساء. فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم. فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم. قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيد، بالعوالي. فتغضبت يوما على امرأتي. فإذا هي تراجعني. فأنكرت أن تراجعني. فقالت: ما تنكر أن أراجعك ؟ فوالله ! إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه. وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. فانطلقت فدخلت على حفصة. فقلت: أتراجععين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت: نعم. فقلت: أتهجره إحداكن اليوم إلى الليل ؟ قالت: نعم. قلت: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر. أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم. فإذا هي قد هلكت. لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئا. وسليني ما بدا لك. ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك (يريد عائشة).
قال: وكان لي جار من الأنصار. فكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فينزل يوما وأنزل يوما. فيأتيني بخبر الوحي وغيره. وآتيه بمثل ذلك. وكنا نتحدث ؛ أن غسان تنعل الخيل لتغزونا. فنزل صاحبي. ثم أتاني عشاء فضرب بابي. ثم ناداني. فخرجت إليه. فقال: حدث أمر عظيم. قلت: ماذا ؟ أجاءت غسان ؟ قال: لا. بل أعظم من ذلك وأطول. طلق النبي صلى الله عليه وسلم نساءه. فقلت: قد خابت حفصة وخسرت. قد أظن هذا كائنا. حتى إذا صليت الصبح شددت على ثيابي. ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي. فقلت: أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت: لا أدري. ها هو ذا معتزل في هذه المشربة. فأتيت غلاما له أسود. فقلت: استأذن لعمر. فدخل ثم خرج إلي. فقال: قد ذكرتك له فصمت. فانطلقت حتى انتهيت إلى المنبر فجلست. فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم. فجللست قليلا. ثم غلبني ما أجد. ثم اتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر. فدخل ثم خرج إلي. فقال: قد ذكرتك له فصمت. فوليت مدبرا. فإذا الغلام يدعوني. فقال: ادخل. فقد أذن لك. فدخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا هو متكئ على رمل حصير. قدأ في جنبه. فقلت: أطلقت، يا رسول الله ! نساءك ؟ فرفع رأسه إلي وقال "لا" فقلت: الله أكبر ! لو رأيتنا، يا رسول الله ! وكنا، معشر قريش، قوما نغلب النساء. فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم. فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم. فتغضبت على امرأتي يوما. فإذا هي تراجعني. فأنكرت أن تراجعني. فقالت: ما تنكر أن أراجعك ؟ فوالله ! إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه. وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر. أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم. فإذا هي قد هلكت ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: يا رسول الله ! قد دخلت على حفصة فقلت: لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم منك وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك. فتبسم أخرى فقلت: أستأنس. يا رسول الله ! قال "نعم" فجلست. فرفعت رأسي في البيت. فوالله ! ما رأيت فيه شيئا يرد البصر، إلا أهبا ثلاثة. فقلت: ادع الله يا رسول الله ! أن يوسع على أمتك. فقد وسع على فارس والروم. وهم لا يعبدون الله. فاستوى جالسا ثم قال " أفي شك أنت ؟ يا ابن الخطاب ! أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا". فقلت: استغفر لي. يا رسول الله ! وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن. حتى عاتبه الله عز وجل.
35 - (1475) قال الزهري: فأخبرني عروة عن عائشة. قالت: لما مضى تسع وعشرون ليلة، دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. بدأ بي. فقلت: يا رسول الله ! إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا. وإنك دخلت من تسع وعشرين. أعدهن. فقال: "إن الشهر تسع وعشرون" ثم قال "يا عائشة ! إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمرى أبويك". ثم قرأ علي الآية: يا أيها النبي قل لأزواجك. حتى بلغ: أجرا عظيما. قالت عائشة: قد علم، والله ! أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه. قالت فقلت: أو في هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة.
قال معمر: فأخبرني أيوب ؛ أن عائشة قالت: لا تخبر نساءك أني اخترتك. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله أرسلني مبلغا ولم يرسلني متعنتا". قال قتادة: صغت قلوبكما، مالت قلوبكما.