أبواب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1 - باب ما جاء في فضل شهر رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
677 - حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب أخبرنا أبو بكر ابن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النيران فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر. ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة".
وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وسلمان.
678 - حدثنا هناد أخبرنا عبدة والمحاربي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان وقامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".
هذا حديث صحيح.
قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة الذي رواه أبو بكر بن عياش حديث غريب لا نعرفه من رواية أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة إلا من حديث أبي بكر. وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: أخبرنا الحسن ابن الربيع أخبرنا أبو الأحوص عن الأعمش عن مجاهد قوله قال: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان" فذكر الحديث، قال محمد: وهذا أصح عندي من حديث أبي بكر ابن عياش.
2 - باب ما جاء لا تتقدموا الشهر بصوم
679 - حدثنا أبو كريب أخبرنا عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا الشهر بيوم ولا بيومين إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم. صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ثم أفطروا".
وفي الباب عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو هذا.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم: كرهوا أن يتعجل الرجل بصيام قبل دخول شهر رمضان لمعنى رمضان وإن كان رجل يصوم صوما فوافق صيامه ذلك فلا بأس به عندهم.
680 - حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا شهر رمضان بصيام قبله بيوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صوما فليصمه".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
3 - باب ما جاء في كراهية صوم يوم الشك
681 - حدثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج أخبرنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر قال:
- "كنا عند عمار بن ياسر فأتى بشاة مصلية فقال: كلوا فتنحى بعض القوم فقال: إني صائم، فقال عمار: من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى أبا القاسم".
وفي الباب عن أبي هريرة وأنس.
قال أبو عيسى: حديث عمار حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين. وبه يقول سفيان الثوري ومالك بن أنس وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق:كرهوا أن يصوم الرجل اليوم الذي يشك فيه، ورأى أكثرهم إن صامه وكان من شهر رمضان أن يقضي يوما مكانه.
4 - باب ما جاء في إحصاء هلال شعبان لرمضان
682 - حدثنا مسلم بن حجاج أخبرنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو معاوية عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحصوا هلال شعبان لرمضان".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث أبي معاوية. والصحيح ما روي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقدموا شهر رمضان بيوم ولا بيومين" وهكذا روي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة نحو حديث محمد بن عمرو والليثي.
5 - باب ما جاء أن الصوم لرؤية الهلال والإفطار له
683 - حدثنا قتيبة أخبرنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصوموا قبل رمضان، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن حالت دونه غياية؟؟ فأكملوا ثلاثين يوما".
وفي الباب عن أبي هريرة وأبي بكرة وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح. وقد روي عنه من غير وجه.
6 - باب ما جاء أن الشهر يكون تسعا وعشرين
684 - حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: أخبرني عيسى بن دينار عن أبيه عن عمرو بن الحارث بن أبي ضرار عن ابن مسعود قال:
- "ما صمت مع النبي صلى الله عليه وسلم تسعا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين".
وفي الباب عن عمر وأبي هريرة وعائشة وسعد بن أبي وقاص وابن عباس وابن عمر وأنس وجابر وأم سلمة وأبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الشهر يكون تسعا وعشرين".
685 - حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس أنه قال:
- "آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه شهرا فأقام في مشربة تسعا وعشرين يوما، قالوا يا رسول الله إنك آليت شهرا فقال: الشهر تسع وعشرون".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
7 - باب ما جاء في الصوم بالشهادة
686 - حدثنا محمد بن إسماعيل أخبرنا محمد بن الصباح أخبرنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال:
- " جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال، فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، قال: يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غدا".
687 - حدثنا أبو كريب أخبرنا حسين الجعفي عن زائدة عن سماك ابن حرب نحوه.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس فيه اختلاف. وروى سفيان الثوري وغيره عن سماك بن حرب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وأكثر أصحاب سماك رووا عن سماك عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم، قالوا تقبل شهادة رجل واحد في الصيام. وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد. وقال إسحاق: لا يصام إلا بشهادة رجلين ولم يختلف أهل العلم في الإفطار أنه لا يقبل فيه إلا شهادة رجلين.
8 - باب ما جاء شهرا عيد لا ينقصان
688 - حدثنا يحيى بن خلف البصري أخبرنا بشر بن المفضل عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شهرا عيد لا ينقصان: رمضان وذو الحجة".
قال أبو عيسى: حديث أبي بكرة حديث حسن.
وقد روي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
قال أحمد: معنى هذا الحديث "شهرا عيد لا ينقصان" يقول: لا ينقصان معا في سنة واحدة: شهر رمضان وذو الحجة إن نقص أحدهما تم الآخر.
وقال إسحاق: معناه لا ينقصان، يقول وإن كان تسعا وعشرين فهو تمام غير نقصان. وعلى مذهب إسحاق يكون ينقص الشهران معا في سنة واحدة.
9 - باب ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم
689 - حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر أخبرنا محمد بن أبي حرملة أخبرني كريب
- "أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي هلال رمضان وأنا بالشام فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني ابن عباس ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته ليلة الجمعة؟ فقلت رآه الناس فصاموا وصام معاوية، فقال: لكن رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين يوما أو نراه، فقلت ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ قال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح غريب.
والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل أهل بلد رؤيتهم.
10 - باب ما جاء ما يستحب عليه الإفطار
690 - حدثنا محمد بن عمر بن علي المقدمي أخبرنا سعيد بن عامر أخبرنا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وجد تمرا فليفطر عليه ومن لا فليفطر على ماء فإن الماء طهور".
وفي الباب عن سلمان بن عامر.
قال أبو عيسى: حديث أنس لا نعلم أحدا رواه عن شعبة مثل هذا غير سعيد بن عامر. وهو حديث غير محفوظ ولا نعلم له أصلا من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس. وقد روى أصحاب شعبة هذا الحديث عن شعبة عن عاصم الأحول عن حفصة ابنة سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا أصح من حديث سعيد بن عامر. وهكذا رووا عن شعبة عن عاصم عن حفصة ابنة سيرين عن سلمان بن عامر ولم يذكر فيه شعبة عن الرباب. والصحيح ما روى سفيان الثوري وابن عيينة وغير واحد عن عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر. وابن عون يقول: عن أم الرائح بنت صليع عن سلمان بن عامر. والرباب هي أم الرائح.
691 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا وكيع أخبرنا سفيان عن عاصم الأحول حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن عاصم الأحول عن حفصة ابنة سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور".
قال أبو عيسى: هذا حديثحسن صحيح.
692 - حدثنا محمد بن رافع أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس بن مالك قال:
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
11 - باب ما جاء أن الفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون
693 - حدثنا محمد بن إسماعيل أخبرنا إبراهيم بن المنذر أخبرنا إسحاق بن جعفر بن محمد قال: حدثني عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب حسن وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا، الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس.
12 - باب ما جاء إذا أقبل الليل وأدبر النهار فقد أفطر الصائم
694 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني أخبرنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عاصم بن عمر عن عمر بن الخطاب قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغابت الشمس فقد أفطرت".
وفي الباب عن ابن أبي أوفى وأبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث عمر حديث حسن صحيح.
13 - باب ما جاء في تعجيل الإفطار
695 - حدثنا بندار أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي حازم وأخبرنا أبو مصعب قراءة عن مالك بن أنس عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر".
وفي الباب عن أبي هريرة وابن عباس وعائشة وأنس بن مالك.
قال أبو عيسى: حديث سهل بن سعد حديث حسن صحيح. وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم استحبوا تعجيل الفطر. وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق.
696 - حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري أخبرنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا".
697 - حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا أبو عاصم وأبو المغيرة عن الأوزاعي نحوه.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
698 - حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي عطية قال:
- دخلت أنا ومسروق على عائشة فقلنا يا أم المؤمنين رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحدهما يعجل الفطر ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة. قالت: أيهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قلنا عبد الله بن مسعود، قالت: هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم. والآخر أبو موسى".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وأبو عطية اسمه مالك بن أبي عامر الهمداني. ويقال مالك بن عامر الهمداني وهو أصح.
14 - باب ما جاء في تأخير السحور
699 - حدثنا يحيى بن موسى أبو داود الطيالسي أخبرنا هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس عن زيد بن ثابت قال:
- تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة قالت: قلت كم كان قدر ذاك؟ قال: قدر خمسين آية".
700 - حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن هشام بنحوه إلا أنه قال: "قدر قراءة خمسين آية".
وفي الباب عن حذيفة.
قال أبو عيسى: حديث زيد بن ثابت حديث حسن صحيح. وبه يقول الشافعي وأحمد استحبوا تأخير السحور.
15 - باب ما جاء في بيان الفجر
701 - حدثنا هناد أخبرنا ملازم بن عمرو قال حدثني عبد الله بن النعمان عن قيس ابن طلق بن علي قال حدثني أبي طلق بن علي
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كلوا واشربوا يهيدنكم الساطع المصعد وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر".
وفي الباب عن عدي بن حاتم وأبي ذر وسمرة.
قال أبو عيسى: حديث طلق بن علي حديث حسن غريب من هذا الوجه. والعمل على هذا عند أهل العلم أنه لا يحرم على الصائم الأكل والشرب حتى يكون الفجر الأحمر المعترض. وبه يقول عامة أهل العلم أخبرنا هناد ويوسف بن عيسى قالا أخبرنا وكيع عن أبي هلال عن سوادة بن حنظلة عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
16 - باب ما جاء في التشديد في الغيبة للصائم
702 - حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى أخبرنا عثمان بن عمر قال وحدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة بأن يدع طعامه وشرابه".
وفي الباب عن أنس.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
17 - باب ما جاء في فضل السحور
703 - حدثنا قتيبة أخبرنا أبو عوانة عن قتادة وعبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تسحروا فإن في السحور بركة".
وفي الباب عن أبي هريرة وعبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله وابن عباس وعمرو بن العاص والعرباض بن سارية وعتبة بن عبد وأبي الدرداء.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر".
704 - حدثنا بذلك قتيبة أخبرنا الليث عن موسى بن علي عن أبيه عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
وهذا حديث حسن صحيح.
وأهل مصر يقولون: موسى بن علي، وأهل العراق يقولون: موسى ابن علي بن رباح اللخمي.
18 - باب ما جاء في كراهية الصوم في السفر
705 - حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم وصام الناس معه، فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام وإن الناس ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه فأفطر بعضهم وصام بعضهم، فبلغه أن ناسا صاموا، فقال أولئك هم العصاة".
وفي الباب عن كعب بن عاصم وابن عباس وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث جابر حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس من البر الصيام في السفر".
واختلف أهل العلم في الصوم في السفر، فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن الفطر في السفر أفضل، حتى رأى بعضهم عليه الإعادة إذا صام في السفر. واختار أحمد وإسحاق الفطر في السفر.
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إن وجد قوة فصام فحسن وهو أفضل، وإن أفطر فحسن، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وعبد الله بن المبارك.
وقال الشافعي: إنما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "ليس من البر الصيام في السفر" وقوله حين بلغه أن ناسا صاموا فقال: "أولئك العصاة" فوجه هذا إذا لم يحتمل قلبه قبول رخصة الله تعالى، فأما من رأى الفطر مباحا وصام وقوي على ذلك فهو أعجب إلي.
19 - باب ما جاء في الرخصة في الصوم في السفر
706 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني أخبرنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
- أن حمزة بن عمرو الأسلمي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر وكان يسرد الصوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن شئت فصم وإن شئت فأفطر".
وفي الباب عن أنس بن مالك وأبي سعيد وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وأبي الدرداء وحمزة بن عمرو الأسلمي.
قال أبو عيسى: حديث عائشة أن حمزة بن عمرو الأسلمي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حديث حسن صحيح.
707 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي أخبرنا بشر بن المفضل عن سعيد بن يزيد أبي مسلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال:
- "كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان فما يعاب على الصائم صومه ولا على المفطر فطره".
708 - حدثنا نصر بن علي أخبرنا يزيد بن زريع أخبرنا الجريري وأخبرنا سفيان بن وكيع أخبرنا عبد الأعلى عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال:
- : كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا الصائم ومنا المفطر فلا يجد المفطر على الصائم ولا الصائم على المفطر، وكانوا يرون أنه من وجد قوة فصام فحسن، ومن وجد ضعفا فأفطر فحسن".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
20 - باب ما جاء في الرخصة للمحارب في الإفطار
709 - حدثنا قتيبة أخبرنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن معمر بن أبي حيية عن ابن المسيب
- "أنه سأله عن الصوم في السفر فحدث أن عمر بن الخطاب قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان غزوتين يوم بدر والفتح فأفطرنا فيهما".
وفي الباب عن أبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث عمر لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وقد روي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه أمر بالفطر في غزوة غزاها". وقد روي عن عمر بن الخطاب نحو هذا، أنه رخص في الإفطار عند لقاء العدو. وبه يقول بعض أهل العلم.
21 - باب ما جاء في الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع
711 - حدثنا أبو كريب ويوسف بن عيسى قال أخبرنا وكيع أخبرنا أبو هلال عن عبد الله بن سوادة عن أنس بن مالك رجل من بني عبد الله بن كعب قال:
- "أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يتغدى، فقال: ادن فكل، فقلت: إني صائم، فقال: ادن أحدثك عن الصوم أو الصيام: إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم أو الصيام. والله لقد قالهما النبي صلى الله عليه وسلم كليهما أو أحدهما، فيا لهف نفسي أن لا أكون طعمت من طعام النبي صلى الله عليه وسلم ".
وفي الباب عن أبي أمية.
قال أبو عيسى: حديث أنس بن مالك الكعبي حديث حسن. ولا نعرف لأنس بن مالك هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث الواحد.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم.
وقال بعض أهل العلم: الحامل والمرضع يفطران ويقضيان ويطعمان. وبه يقول سفيان ومالك والشافعي وأحمد. وقال بعضهم: يفطران ويطعمان ولا قضاء عليهما، وإن شاءتا قضتا ولا إطعام عليهما. وبه يقول إسحاق.
22 - باب ما جاء في الصوم عن الميت
712 - حدثنا أبو سعيد الأشج أخبرنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن سلمة بن كهيل ومسلم البطين عن سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد عن ابن عباس قال:
- جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أختي ماتت وعليها صوم شهرين متتابعين؟ قال: "أرأيت لو كان على أختك دين أكنت تقضينه؟ قالت: نعم، قال: فحق الله أحق".
وفي الباب عن بريدة وابن عمر وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
713 - حدثنا أبو كريب أخبرنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش بهذا الإسناد نحوه. قال محمد: وقد روى غير أبي خالد عن الأعمش مثل رواية أبي خالد.
قال أبو عيسى: وروى أبو معاوية وغير واحد هذا الحديث عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا فيه عن سلمة بن كهيل ولا عن عطاء ولا عن مجاهد.
23 - باب ما جاء في الكفارة
714 - حدثنا قتيبة أخبرنا عبثر عن أشعث عن محمد عن نافع عن ابن عمر
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا".
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه. والصحيح عن ابن عمر موقوف. قوله واختلف أهل العلم في هذا، فقال بعضهم يصام عن الميت، وبه يقول أحمد وإسحاق قالا: إذا كان على الميت نذر صيام يصام عنه، وإذا كان عليه قضاء رمضان أطعم عنه. وقال مالك وسفيان والشافعي لا يصوم أحد عن أحد. وأشعث هو ابن سوار. ومحمد هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
24 - باب ما جاء في الصائم يذرعه القيء
715 - حدثنا محمد بن عبيد المحاربي أخبرنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة والقيء والاحتلام".
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد الخدري غير محفوظ.
وقد روى عبد الله بن زيد بن أسلم وعبد العزيز بن محمد وغير واحد هذا الحديث عن زيد بن أسلم مرسلا ولم يذكروا فيه عن أبي سعيد. وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم يضعف في الحديث. سمعت أبا داود السجزي يقول: سألت أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فقال: أخوه عبد الله بن زيد لا بأس به. وسمعت محمدا يذكر عن علي بن عبد الله قال: عبد الله بن زيد بن أسلم ثقة. وعبد الرحمن ابن زيد بن أسلم ضعيف. قال محمد: ولا أروي عنه شيئا.
25 - باب ما جاء في من استقاء عمدا
716 - حدثنا علي بن حجر أخبرنا عيسى بن يونس عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمدا فليقض".
وفي الباب عن أبي الدرداء وثوبان وفضالة بن عبيد.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث عيسى بن يونس. وقال محمد: لا أراه محفوظا.
قال أبو عيسى: وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح إسناده. وروي عن أبي الدرداء وثوبان وفضالة بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر.
وإنما معنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان صائما متطوعا فقاء فضعف فأفطر لذلك هكذا روي في بعض الحديث مفسرا.
والعمل عند أهل العلم على حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصائم إذا ذرعه القيء فلا قضاء عليه، وإذا استقاء عمدا فليقض. وبه يقول الشافعي وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق.
26 - باب ما جاء في الصائم يأكل ويشرب ناسيا
717 - حدثنا أبو سعيد الأشج أخبرنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن قتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل أو شرب ناسيا فلا يفطر فإنما هو رزق رزقه الله".
718 - حدثنا أبو سعيد أخبرنا أبو أسامة عن عوف عن ابن سيرين وخلاس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أو نحوه.
وفي الباب عن أبي سعيد وأم إسحاق الغنوية.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم. وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق.
وقال مالك بن أنس: إذا أكل في رمضان ناسيا فعليه القضاء. والأول أصح.
27 - باب ما جاء في الإفطار متعمدا
719 - حدثنا بندار أخبرنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي قالا أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت أخبرنا أبو المطوس عن أبيه عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض عنه صوم الدهر كله وإن صامه".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وسمعت محمدا يقول: أبو المطوس اسمه يزيد بن المطوس ولا أعرف له غير هذا الحديث.
28 - باب ما جاء في كفارة الفطر في رمضان
720 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي وأبو عمار، المعنى واحد واللفظ لفظ أبي عمار قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال:
- "أتاه رجل فقال: يا رسول الله هلكت، قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا؟ قال: فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا؟ قال: اجلس فجلس، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، والعرق المكتل الضخم، قال: فتصدق به، فقال: ما بين لابتيها أحد أفقر منا، قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، قال: خذه فأطعمه أهلك". وفي الباب عن ابن عمر وعائشة وعبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم في من أفطر في رمضان متعمدا من جماع.
وأما من أفطر متعمدا من أكل أو شرب فإن أهل العلم قد اختلفوا في ذلك، فقال بعضهم: عليه القضاء والكفارة، وشبهوا الأكل والشرب بالجماع. وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وإسحاق.
وقال بعضهم: عليه القضاء ولا كفارة عليه، لأنه إنما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم الكفارة في الجماع ولم يذكر عنه في الأكل والشرب، وقالوا: لا يشبه الأكل والشرب الجماع. وهو قول الشافعي وأحمد.
وقال الشافعي: وقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أفطر فتصدق عليه "خذه فأطعمه أهلك" يحتمل هذا معاني، يحتمل أن تكون الكفارة على من قدر عليها، وهذا رجل لم يقدر على الكفارة فلما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا وملكه قال الرجل "ما أحد أفقر إليه منا" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "خذه فأطعمه أهلك" لأن الكفارة إنما تكون بعد الفضل عن قوته. واختار الشافعي لمن كان على مثل هذا الحال أن يأكله، وتكون الكفارة عليه دينا فمتى ما ملك يوما كفر.
29 - باب ما جاء في السواك للصائم
721 - حدثنا محمد بن بشار أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي أخبرنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال:
- "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم".
وفي الباب عن عائشة.
قال أبو عيسى: حديث عامر بن ربيعة حديث حسن. والعمل على هذا عند أهل العلم لا يرون بالسواك للصائم بأسا إلا أن بعض أهل العلم كرهوا السواك للصائم بالعود الرطب وكرهوا له السواك آخر النهار. ولم ير الشافعي بالسواك بأسا أول النهار وآخره. وكره أحمد وإسحاق السواك آخر النهار.
30 - باب ما جاء في الكحل للصائم
722 - حدثنا عبد الأعلى بن واصل أخبرنا الحسن بن عطية أخبرنا أبو عاتكة عن أنس بن مالك قال:
- "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: اشتكت عيني أفأكتحل وأنا صائم؟ قال: نعم".
وفي الباب عن أبي رافع.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث إسناده ليس بالقوي ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء. وأبو عاتكة يضعف.
واختلف أهل العلم في الكحل للصائم، فكرهه بعضهم، وهو قول سفيان وابن المبارك وأحمد وإسحاق. ورخص بعض أهل العلم في الكحل للصائم، وهو قول الشافعي.
31 - باب ما جاء في القبلة للصائم
723 - حدثنا هناد وقتيبة قالا أخبرنا أبو الأحوص عن زياد بن علاقة عن عمرو بن ميمون عن عائشة
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل في شهر الصوم".
وفي الباب عن عمر بن الخطاب وحفصة وأبي سعيد وأم سلمة وابن عباس وأنس وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
واختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في القبلة للصائم فرخص بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في القبلة للشيخ ولم يرخصوا للشاب مخافة أن لا يسلم له صومه. والمباشرة عندهم أشد وقد قال: بعض أهل العلم: القبلة تنقص الأجر ولا تفطر الصائم، ورأوا أن للصائم إذا ملك نفسه أن يقبل، وإذا لم يأمن على نفسه ترك القبلة ليسلم له صومه. وهو قول سفيان الثوري والشافعي.
32 - باب ما جاء في مباشرة الصائم
724 - حدثنا ابن أبي عمر أخبرنا وكيع أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عائشة قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشرني وهو صائم وكان أملككم لأربه".
725 - حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عائشة قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لأربه".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح وأبو ميسرة اسمه عمرو بن شرحبيل. ومعنى لأربه يعني لنفسه.
33 - باب ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل
726 - حدثنا إسحاق بن منصور أخبرنا ابن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب عن عبد الله أبي بكر عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له".
قال أبو عيسى: حديث حفصة حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه وقد روي عن نافع عن ابن عمر قوله وهو أصح: وإنما معنى هذا عند بعض أهل العلم: لا صيام لمن لم يجمع الصيام قبل طلوع الفجر في رمضان أو في قضاء رمضان أو في صيام نذر إذا لم ينوه من الليل لم يجزه.
وأما صيام التطوع فمباح له أن ينويه بعدما أصبح. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
34 - باب ما جاء في إفطار الصائم المتطوع
727 - حدثنا قتيبة وأخبرنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن ابن أم هانئ عن أم هانئ قالت:
- "كنت قاعدة عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بشراب فشرب منه ثم ناولني فشربت منه فقلت إني أذنبت فاستغفر لي قال: وما ذاك؟ قالت كنت صائمة فأفطرت، فقال: أمن قضاء كنت تقضينه؟ قالت: لا، قال: فلا يضرك".
وفي الباب عن أبي سعيد وعائشة.
حديث أم هانئ في إسناده مقال والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أن الصائم المتطوع إذا أفطر فلا قضاء عليه إلا أن يحب أن يقضيه. وهو قول سفيان الثوري وأحمد وإسحاق والشافعي.
728 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا أبو داود أخبرنا شعبة قال: كنت أسمع سماك بن حرب يقول:
- "أحد بني أم هانئ حدثني فلقيت أنا أفضلهم وكان اسمه جعدة، وكانت أم هانئ جدته فحدثني عن جدته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فدعا بشراب فشرب ثم ناولها فشربت، فقالت: يا رسول الله أما إني كنت صائمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصائم المتطوع أمين نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر".
قال شعبة: قلت له: أنت سمعت هذا من أم هانئ؟ قال: لا أخبرني أبو صالح وأهلنا عن أم هانئ.
وروى حماد بن سلمة هذا الحديث عن سماك فقال عن هارون بن بنت أم هانئ عن أم هانئ. ورواية شعبة أحسن. هكذا حدثنا محمود بن غيلان عن أبي داود، فقال "أمين نفسه" وحدثنا غير محمود عن أبي داود فقال: "أمير نفسه أو أمين نفسه" على الشك. وهكذا روي من غير وجه عن شعبة "أمير أو أمين نفسه" على الشك.
729 - حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن طلحة بن يحيى عن عمته عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت:
- "دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: هل عندكم شيء؟ قالت: قلت: لا، قال: فإني صائم".
730 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا بشر بن السري عن سفيان عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت:
- "إن كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيني فيقول أعندك غداء؟ فأقول: لا، فيقول: إني صائم، قالت: فأتاني يوما فقلت: يا رسول الله إنه قد أهديت لنا هدية، قال: وما هي؟ قلت: حيس، قال: أما إني أصبحت صائما، قالت: ثم أكل".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
35 - باب ما جاء في إيجاب القضاء عليه
731 - حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا كثير بن هشام أخبرنا جعفر بن برقان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت:
- "كنت أنا وحفصة صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدرتني إليه حفصة وكانت ابنة أبيها، فقالت: يا رسول الله إنا كنا صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه، قال: اقضيا يوما آخر مكانه".
قال أبو عيسى: وروى صالح بن أبي الأخضر ومحمد بن أبي حفصة هذا الحديث عن الزهري عن عروة عن عائشة مثل هذا. وروى مالك بن أنس ومعمر وعبيد الله ابن عمر وزياد بن سعد وغير واحد من الحفاظ عن الزهري عن عائشة مرسلا ولم يذكروا فيه عن عروة وهذا أصح لأنه روي عن ابن جريح قال: سألت الزهري فقلت أحدثك عروة عن عائشة؟ قال: لم أسمع من عروة في هذا شيئا، ولكن سمعت في خلافة سليمان بن عبد الملك من ناس عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث.
732 - حدثنا بهذا علي بن عيسى بن يزيد البغدادي أخبرنا روح بن عبادة عن ابن جريح فذكر الحديث.
وقد ذهب قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى هذا الحديث فرأوا عليه القضاء إذا أفطر، وهو قول مالك بن أنس.
36 - باب ما جاء في وصال شعبان برمضان
733 - حدثنا بندار أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن منصور عن سالم ابن أبي الجعد عن أبي سلمة عن أم سلمة قالت:
- "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان".
وفي الباب عن عائشة.
قال أبو عيسى: حديث أم سلمة حديث حسن.
وقد روي هذا الحديث أيضا عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت: "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان، كان يصومه إلا قليلا بل كان يصومه كله".
734 - حدثنا بذلك هناد أخبرنا عبدة عن محمد بن عمرو أخبرنا أبو سلمة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
وروى سالم أبو النضر وغير واحد هذا الحديث عن أبي سلمة عن عائشة نحو رواية محمد بن عمرو.
وروي عن ابن المبارك أنه قال في هذا الحديث: وهو جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقال صام الشهر كله، ويقال: قام فلان ليلته أجمع ولعله تعشى واشتغل ببعض أمره، كأن ابن المبارك قد رأى كلا الحديثين متفقين، يقول: إنما معنى هذا الحديث أنه كان يصوم أكثر الشهر.
37 - باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الباقي من شعبان لحال رمضان
735 - حدثنا قتيبة أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ.
ومعنى هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن يكون الرجل مفطرا فإذا بقي شيء من شعبان أخذ في الصوم لحال شهر رمضان.
وقد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يشبه قوله، وهذا حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا شهر رمضان بصيام إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم". وقد دل في هذا الحديث إنما الكراهية على من يتعمد الصيام لحال رمضان.
38 - باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان
736 - حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا الحجاج بن أرطأة عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة قالت:
- "فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فخرجت فإذا هو بالبقيع، فقال: أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قلت: يا رسول الله ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: إن الله تبارك وتعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب".
وفي الباب عن أبي بكر الصديق.
قال أبو عيسى: حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج. وسمعت محمدا يقول يضعف هذا الحديث. وقال يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة. قال محمد: والحجاج لم يسمع من يحيى بن أبي كثير.
39 - باب ما جاء في صوم المحرم
737 - حدثنا قتيبة أخبرنا أبو عوانة عن أبي بشر عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد صيام شهر رمضان شهر الله المحرم".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن.
738 - حدثنا علي بن حجر قال أخبرنا علي بن مسهر عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي قال:
- "سأله رجل فقال: أي شهر تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان؟ فقال له: ما سمعت أحدا يسأل عن هذا إلا رجلا سمعته يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قاعد عنده فقال يا رسول الله: أي شهر تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان؟ قال: إن كنت صائما بعد شهر رمضان فصم المحرم فإنه شهر الله، فيه يوم تاب الله فيه على قوم ويتوب فيه على قوم آخرين".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
1 - باب ما جاء في فضل شهر رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
677 - حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب أخبرنا أبو بكر ابن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النيران فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر. ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة".
وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وسلمان.
678 - حدثنا هناد أخبرنا عبدة والمحاربي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان وقامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".
هذا حديث صحيح.
قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة الذي رواه أبو بكر بن عياش حديث غريب لا نعرفه من رواية أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة إلا من حديث أبي بكر. وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: أخبرنا الحسن ابن الربيع أخبرنا أبو الأحوص عن الأعمش عن مجاهد قوله قال: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان" فذكر الحديث، قال محمد: وهذا أصح عندي من حديث أبي بكر ابن عياش.
2 - باب ما جاء لا تتقدموا الشهر بصوم
679 - حدثنا أبو كريب أخبرنا عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا الشهر بيوم ولا بيومين إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم. صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ثم أفطروا".
وفي الباب عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو هذا.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم: كرهوا أن يتعجل الرجل بصيام قبل دخول شهر رمضان لمعنى رمضان وإن كان رجل يصوم صوما فوافق صيامه ذلك فلا بأس به عندهم.
680 - حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا شهر رمضان بصيام قبله بيوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صوما فليصمه".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
3 - باب ما جاء في كراهية صوم يوم الشك
681 - حدثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج أخبرنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر قال:
- "كنا عند عمار بن ياسر فأتى بشاة مصلية فقال: كلوا فتنحى بعض القوم فقال: إني صائم، فقال عمار: من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى أبا القاسم".
وفي الباب عن أبي هريرة وأنس.
قال أبو عيسى: حديث عمار حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين. وبه يقول سفيان الثوري ومالك بن أنس وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق:كرهوا أن يصوم الرجل اليوم الذي يشك فيه، ورأى أكثرهم إن صامه وكان من شهر رمضان أن يقضي يوما مكانه.
4 - باب ما جاء في إحصاء هلال شعبان لرمضان
682 - حدثنا مسلم بن حجاج أخبرنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو معاوية عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحصوا هلال شعبان لرمضان".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث أبي معاوية. والصحيح ما روي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقدموا شهر رمضان بيوم ولا بيومين" وهكذا روي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة نحو حديث محمد بن عمرو والليثي.
5 - باب ما جاء أن الصوم لرؤية الهلال والإفطار له
683 - حدثنا قتيبة أخبرنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصوموا قبل رمضان، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن حالت دونه غياية؟؟ فأكملوا ثلاثين يوما".
وفي الباب عن أبي هريرة وأبي بكرة وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح. وقد روي عنه من غير وجه.
6 - باب ما جاء أن الشهر يكون تسعا وعشرين
684 - حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: أخبرني عيسى بن دينار عن أبيه عن عمرو بن الحارث بن أبي ضرار عن ابن مسعود قال:
- "ما صمت مع النبي صلى الله عليه وسلم تسعا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين".
وفي الباب عن عمر وأبي هريرة وعائشة وسعد بن أبي وقاص وابن عباس وابن عمر وأنس وجابر وأم سلمة وأبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الشهر يكون تسعا وعشرين".
685 - حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس أنه قال:
- "آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه شهرا فأقام في مشربة تسعا وعشرين يوما، قالوا يا رسول الله إنك آليت شهرا فقال: الشهر تسع وعشرون".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
7 - باب ما جاء في الصوم بالشهادة
686 - حدثنا محمد بن إسماعيل أخبرنا محمد بن الصباح أخبرنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال:
- " جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال، فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، قال: يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غدا".
687 - حدثنا أبو كريب أخبرنا حسين الجعفي عن زائدة عن سماك ابن حرب نحوه.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس فيه اختلاف. وروى سفيان الثوري وغيره عن سماك بن حرب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وأكثر أصحاب سماك رووا عن سماك عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم، قالوا تقبل شهادة رجل واحد في الصيام. وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد. وقال إسحاق: لا يصام إلا بشهادة رجلين ولم يختلف أهل العلم في الإفطار أنه لا يقبل فيه إلا شهادة رجلين.
8 - باب ما جاء شهرا عيد لا ينقصان
688 - حدثنا يحيى بن خلف البصري أخبرنا بشر بن المفضل عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شهرا عيد لا ينقصان: رمضان وذو الحجة".
قال أبو عيسى: حديث أبي بكرة حديث حسن.
وقد روي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
قال أحمد: معنى هذا الحديث "شهرا عيد لا ينقصان" يقول: لا ينقصان معا في سنة واحدة: شهر رمضان وذو الحجة إن نقص أحدهما تم الآخر.
وقال إسحاق: معناه لا ينقصان، يقول وإن كان تسعا وعشرين فهو تمام غير نقصان. وعلى مذهب إسحاق يكون ينقص الشهران معا في سنة واحدة.
9 - باب ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم
689 - حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر أخبرنا محمد بن أبي حرملة أخبرني كريب
- "أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي هلال رمضان وأنا بالشام فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني ابن عباس ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته ليلة الجمعة؟ فقلت رآه الناس فصاموا وصام معاوية، فقال: لكن رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين يوما أو نراه، فقلت ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ قال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح غريب.
والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل أهل بلد رؤيتهم.
10 - باب ما جاء ما يستحب عليه الإفطار
690 - حدثنا محمد بن عمر بن علي المقدمي أخبرنا سعيد بن عامر أخبرنا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وجد تمرا فليفطر عليه ومن لا فليفطر على ماء فإن الماء طهور".
وفي الباب عن سلمان بن عامر.
قال أبو عيسى: حديث أنس لا نعلم أحدا رواه عن شعبة مثل هذا غير سعيد بن عامر. وهو حديث غير محفوظ ولا نعلم له أصلا من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس. وقد روى أصحاب شعبة هذا الحديث عن شعبة عن عاصم الأحول عن حفصة ابنة سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا أصح من حديث سعيد بن عامر. وهكذا رووا عن شعبة عن عاصم عن حفصة ابنة سيرين عن سلمان بن عامر ولم يذكر فيه شعبة عن الرباب. والصحيح ما روى سفيان الثوري وابن عيينة وغير واحد عن عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر. وابن عون يقول: عن أم الرائح بنت صليع عن سلمان بن عامر. والرباب هي أم الرائح.
691 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا وكيع أخبرنا سفيان عن عاصم الأحول حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن عاصم الأحول عن حفصة ابنة سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور".
قال أبو عيسى: هذا حديثحسن صحيح.
692 - حدثنا محمد بن رافع أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس بن مالك قال:
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
11 - باب ما جاء أن الفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون
693 - حدثنا محمد بن إسماعيل أخبرنا إبراهيم بن المنذر أخبرنا إسحاق بن جعفر بن محمد قال: حدثني عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب حسن وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا، الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس.
12 - باب ما جاء إذا أقبل الليل وأدبر النهار فقد أفطر الصائم
694 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني أخبرنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عاصم بن عمر عن عمر بن الخطاب قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغابت الشمس فقد أفطرت".
وفي الباب عن ابن أبي أوفى وأبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث عمر حديث حسن صحيح.
13 - باب ما جاء في تعجيل الإفطار
695 - حدثنا بندار أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي حازم وأخبرنا أبو مصعب قراءة عن مالك بن أنس عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر".
وفي الباب عن أبي هريرة وابن عباس وعائشة وأنس بن مالك.
قال أبو عيسى: حديث سهل بن سعد حديث حسن صحيح. وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم استحبوا تعجيل الفطر. وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق.
696 - حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري أخبرنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا".
697 - حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا أبو عاصم وأبو المغيرة عن الأوزاعي نحوه.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
698 - حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي عطية قال:
- دخلت أنا ومسروق على عائشة فقلنا يا أم المؤمنين رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحدهما يعجل الفطر ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة. قالت: أيهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قلنا عبد الله بن مسعود، قالت: هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم. والآخر أبو موسى".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وأبو عطية اسمه مالك بن أبي عامر الهمداني. ويقال مالك بن عامر الهمداني وهو أصح.
14 - باب ما جاء في تأخير السحور
699 - حدثنا يحيى بن موسى أبو داود الطيالسي أخبرنا هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس عن زيد بن ثابت قال:
- تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة قالت: قلت كم كان قدر ذاك؟ قال: قدر خمسين آية".
700 - حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن هشام بنحوه إلا أنه قال: "قدر قراءة خمسين آية".
وفي الباب عن حذيفة.
قال أبو عيسى: حديث زيد بن ثابت حديث حسن صحيح. وبه يقول الشافعي وأحمد استحبوا تأخير السحور.
15 - باب ما جاء في بيان الفجر
701 - حدثنا هناد أخبرنا ملازم بن عمرو قال حدثني عبد الله بن النعمان عن قيس ابن طلق بن علي قال حدثني أبي طلق بن علي
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كلوا واشربوا يهيدنكم الساطع المصعد وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر".
وفي الباب عن عدي بن حاتم وأبي ذر وسمرة.
قال أبو عيسى: حديث طلق بن علي حديث حسن غريب من هذا الوجه. والعمل على هذا عند أهل العلم أنه لا يحرم على الصائم الأكل والشرب حتى يكون الفجر الأحمر المعترض. وبه يقول عامة أهل العلم أخبرنا هناد ويوسف بن عيسى قالا أخبرنا وكيع عن أبي هلال عن سوادة بن حنظلة عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
16 - باب ما جاء في التشديد في الغيبة للصائم
702 - حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى أخبرنا عثمان بن عمر قال وحدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة بأن يدع طعامه وشرابه".
وفي الباب عن أنس.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
17 - باب ما جاء في فضل السحور
703 - حدثنا قتيبة أخبرنا أبو عوانة عن قتادة وعبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تسحروا فإن في السحور بركة".
وفي الباب عن أبي هريرة وعبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله وابن عباس وعمرو بن العاص والعرباض بن سارية وعتبة بن عبد وأبي الدرداء.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر".
704 - حدثنا بذلك قتيبة أخبرنا الليث عن موسى بن علي عن أبيه عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
وهذا حديث حسن صحيح.
وأهل مصر يقولون: موسى بن علي، وأهل العراق يقولون: موسى ابن علي بن رباح اللخمي.
18 - باب ما جاء في كراهية الصوم في السفر
705 - حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله
- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم وصام الناس معه، فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام وإن الناس ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه فأفطر بعضهم وصام بعضهم، فبلغه أن ناسا صاموا، فقال أولئك هم العصاة".
وفي الباب عن كعب بن عاصم وابن عباس وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث جابر حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس من البر الصيام في السفر".
واختلف أهل العلم في الصوم في السفر، فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن الفطر في السفر أفضل، حتى رأى بعضهم عليه الإعادة إذا صام في السفر. واختار أحمد وإسحاق الفطر في السفر.
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إن وجد قوة فصام فحسن وهو أفضل، وإن أفطر فحسن، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وعبد الله بن المبارك.
وقال الشافعي: إنما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "ليس من البر الصيام في السفر" وقوله حين بلغه أن ناسا صاموا فقال: "أولئك العصاة" فوجه هذا إذا لم يحتمل قلبه قبول رخصة الله تعالى، فأما من رأى الفطر مباحا وصام وقوي على ذلك فهو أعجب إلي.
19 - باب ما جاء في الرخصة في الصوم في السفر
706 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني أخبرنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
- أن حمزة بن عمرو الأسلمي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر وكان يسرد الصوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن شئت فصم وإن شئت فأفطر".
وفي الباب عن أنس بن مالك وأبي سعيد وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وأبي الدرداء وحمزة بن عمرو الأسلمي.
قال أبو عيسى: حديث عائشة أن حمزة بن عمرو الأسلمي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حديث حسن صحيح.
707 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي أخبرنا بشر بن المفضل عن سعيد بن يزيد أبي مسلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال:
- "كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان فما يعاب على الصائم صومه ولا على المفطر فطره".
708 - حدثنا نصر بن علي أخبرنا يزيد بن زريع أخبرنا الجريري وأخبرنا سفيان بن وكيع أخبرنا عبد الأعلى عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال:
- : كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا الصائم ومنا المفطر فلا يجد المفطر على الصائم ولا الصائم على المفطر، وكانوا يرون أنه من وجد قوة فصام فحسن، ومن وجد ضعفا فأفطر فحسن".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
20 - باب ما جاء في الرخصة للمحارب في الإفطار
709 - حدثنا قتيبة أخبرنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن معمر بن أبي حيية عن ابن المسيب
- "أنه سأله عن الصوم في السفر فحدث أن عمر بن الخطاب قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان غزوتين يوم بدر والفتح فأفطرنا فيهما".
وفي الباب عن أبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث عمر لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وقد روي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه أمر بالفطر في غزوة غزاها". وقد روي عن عمر بن الخطاب نحو هذا، أنه رخص في الإفطار عند لقاء العدو. وبه يقول بعض أهل العلم.
21 - باب ما جاء في الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع
711 - حدثنا أبو كريب ويوسف بن عيسى قال أخبرنا وكيع أخبرنا أبو هلال عن عبد الله بن سوادة عن أنس بن مالك رجل من بني عبد الله بن كعب قال:
- "أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يتغدى، فقال: ادن فكل، فقلت: إني صائم، فقال: ادن أحدثك عن الصوم أو الصيام: إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم أو الصيام. والله لقد قالهما النبي صلى الله عليه وسلم كليهما أو أحدهما، فيا لهف نفسي أن لا أكون طعمت من طعام النبي صلى الله عليه وسلم ".
وفي الباب عن أبي أمية.
قال أبو عيسى: حديث أنس بن مالك الكعبي حديث حسن. ولا نعرف لأنس بن مالك هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث الواحد.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم.
وقال بعض أهل العلم: الحامل والمرضع يفطران ويقضيان ويطعمان. وبه يقول سفيان ومالك والشافعي وأحمد. وقال بعضهم: يفطران ويطعمان ولا قضاء عليهما، وإن شاءتا قضتا ولا إطعام عليهما. وبه يقول إسحاق.
22 - باب ما جاء في الصوم عن الميت
712 - حدثنا أبو سعيد الأشج أخبرنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن سلمة بن كهيل ومسلم البطين عن سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد عن ابن عباس قال:
- جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أختي ماتت وعليها صوم شهرين متتابعين؟ قال: "أرأيت لو كان على أختك دين أكنت تقضينه؟ قالت: نعم، قال: فحق الله أحق".
وفي الباب عن بريدة وابن عمر وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
713 - حدثنا أبو كريب أخبرنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش بهذا الإسناد نحوه. قال محمد: وقد روى غير أبي خالد عن الأعمش مثل رواية أبي خالد.
قال أبو عيسى: وروى أبو معاوية وغير واحد هذا الحديث عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا فيه عن سلمة بن كهيل ولا عن عطاء ولا عن مجاهد.
23 - باب ما جاء في الكفارة
714 - حدثنا قتيبة أخبرنا عبثر عن أشعث عن محمد عن نافع عن ابن عمر
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا".
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه. والصحيح عن ابن عمر موقوف. قوله واختلف أهل العلم في هذا، فقال بعضهم يصام عن الميت، وبه يقول أحمد وإسحاق قالا: إذا كان على الميت نذر صيام يصام عنه، وإذا كان عليه قضاء رمضان أطعم عنه. وقال مالك وسفيان والشافعي لا يصوم أحد عن أحد. وأشعث هو ابن سوار. ومحمد هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
24 - باب ما جاء في الصائم يذرعه القيء
715 - حدثنا محمد بن عبيد المحاربي أخبرنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة والقيء والاحتلام".
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد الخدري غير محفوظ.
وقد روى عبد الله بن زيد بن أسلم وعبد العزيز بن محمد وغير واحد هذا الحديث عن زيد بن أسلم مرسلا ولم يذكروا فيه عن أبي سعيد. وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم يضعف في الحديث. سمعت أبا داود السجزي يقول: سألت أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فقال: أخوه عبد الله بن زيد لا بأس به. وسمعت محمدا يذكر عن علي بن عبد الله قال: عبد الله بن زيد بن أسلم ثقة. وعبد الرحمن ابن زيد بن أسلم ضعيف. قال محمد: ولا أروي عنه شيئا.
25 - باب ما جاء في من استقاء عمدا
716 - حدثنا علي بن حجر أخبرنا عيسى بن يونس عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمدا فليقض".
وفي الباب عن أبي الدرداء وثوبان وفضالة بن عبيد.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث عيسى بن يونس. وقال محمد: لا أراه محفوظا.
قال أبو عيسى: وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح إسناده. وروي عن أبي الدرداء وثوبان وفضالة بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر.
وإنما معنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان صائما متطوعا فقاء فضعف فأفطر لذلك هكذا روي في بعض الحديث مفسرا.
والعمل عند أهل العلم على حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصائم إذا ذرعه القيء فلا قضاء عليه، وإذا استقاء عمدا فليقض. وبه يقول الشافعي وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق.
26 - باب ما جاء في الصائم يأكل ويشرب ناسيا
717 - حدثنا أبو سعيد الأشج أخبرنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن قتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل أو شرب ناسيا فلا يفطر فإنما هو رزق رزقه الله".
718 - حدثنا أبو سعيد أخبرنا أبو أسامة عن عوف عن ابن سيرين وخلاس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أو نحوه.
وفي الباب عن أبي سعيد وأم إسحاق الغنوية.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم. وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق.
وقال مالك بن أنس: إذا أكل في رمضان ناسيا فعليه القضاء. والأول أصح.
27 - باب ما جاء في الإفطار متعمدا
719 - حدثنا بندار أخبرنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي قالا أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت أخبرنا أبو المطوس عن أبيه عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض عنه صوم الدهر كله وإن صامه".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وسمعت محمدا يقول: أبو المطوس اسمه يزيد بن المطوس ولا أعرف له غير هذا الحديث.
28 - باب ما جاء في كفارة الفطر في رمضان
720 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي وأبو عمار، المعنى واحد واللفظ لفظ أبي عمار قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال:
- "أتاه رجل فقال: يا رسول الله هلكت، قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا؟ قال: فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا؟ قال: اجلس فجلس، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، والعرق المكتل الضخم، قال: فتصدق به، فقال: ما بين لابتيها أحد أفقر منا، قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، قال: خذه فأطعمه أهلك". وفي الباب عن ابن عمر وعائشة وعبد الله بن عمرو.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم في من أفطر في رمضان متعمدا من جماع.
وأما من أفطر متعمدا من أكل أو شرب فإن أهل العلم قد اختلفوا في ذلك، فقال بعضهم: عليه القضاء والكفارة، وشبهوا الأكل والشرب بالجماع. وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وإسحاق.
وقال بعضهم: عليه القضاء ولا كفارة عليه، لأنه إنما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم الكفارة في الجماع ولم يذكر عنه في الأكل والشرب، وقالوا: لا يشبه الأكل والشرب الجماع. وهو قول الشافعي وأحمد.
وقال الشافعي: وقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أفطر فتصدق عليه "خذه فأطعمه أهلك" يحتمل هذا معاني، يحتمل أن تكون الكفارة على من قدر عليها، وهذا رجل لم يقدر على الكفارة فلما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا وملكه قال الرجل "ما أحد أفقر إليه منا" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "خذه فأطعمه أهلك" لأن الكفارة إنما تكون بعد الفضل عن قوته. واختار الشافعي لمن كان على مثل هذا الحال أن يأكله، وتكون الكفارة عليه دينا فمتى ما ملك يوما كفر.
29 - باب ما جاء في السواك للصائم
721 - حدثنا محمد بن بشار أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي أخبرنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال:
- "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم".
وفي الباب عن عائشة.
قال أبو عيسى: حديث عامر بن ربيعة حديث حسن. والعمل على هذا عند أهل العلم لا يرون بالسواك للصائم بأسا إلا أن بعض أهل العلم كرهوا السواك للصائم بالعود الرطب وكرهوا له السواك آخر النهار. ولم ير الشافعي بالسواك بأسا أول النهار وآخره. وكره أحمد وإسحاق السواك آخر النهار.
30 - باب ما جاء في الكحل للصائم
722 - حدثنا عبد الأعلى بن واصل أخبرنا الحسن بن عطية أخبرنا أبو عاتكة عن أنس بن مالك قال:
- "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: اشتكت عيني أفأكتحل وأنا صائم؟ قال: نعم".
وفي الباب عن أبي رافع.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث إسناده ليس بالقوي ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء. وأبو عاتكة يضعف.
واختلف أهل العلم في الكحل للصائم، فكرهه بعضهم، وهو قول سفيان وابن المبارك وأحمد وإسحاق. ورخص بعض أهل العلم في الكحل للصائم، وهو قول الشافعي.
31 - باب ما جاء في القبلة للصائم
723 - حدثنا هناد وقتيبة قالا أخبرنا أبو الأحوص عن زياد بن علاقة عن عمرو بن ميمون عن عائشة
- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل في شهر الصوم".
وفي الباب عن عمر بن الخطاب وحفصة وأبي سعيد وأم سلمة وابن عباس وأنس وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح.
واختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في القبلة للصائم فرخص بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في القبلة للشيخ ولم يرخصوا للشاب مخافة أن لا يسلم له صومه. والمباشرة عندهم أشد وقد قال: بعض أهل العلم: القبلة تنقص الأجر ولا تفطر الصائم، ورأوا أن للصائم إذا ملك نفسه أن يقبل، وإذا لم يأمن على نفسه ترك القبلة ليسلم له صومه. وهو قول سفيان الثوري والشافعي.
32 - باب ما جاء في مباشرة الصائم
724 - حدثنا ابن أبي عمر أخبرنا وكيع أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عائشة قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشرني وهو صائم وكان أملككم لأربه".
725 - حدثنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عائشة قالت:
- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لأربه".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح وأبو ميسرة اسمه عمرو بن شرحبيل. ومعنى لأربه يعني لنفسه.
33 - باب ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل
726 - حدثنا إسحاق بن منصور أخبرنا ابن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب عن عبد الله أبي بكر عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له".
قال أبو عيسى: حديث حفصة حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه وقد روي عن نافع عن ابن عمر قوله وهو أصح: وإنما معنى هذا عند بعض أهل العلم: لا صيام لمن لم يجمع الصيام قبل طلوع الفجر في رمضان أو في قضاء رمضان أو في صيام نذر إذا لم ينوه من الليل لم يجزه.
وأما صيام التطوع فمباح له أن ينويه بعدما أصبح. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
34 - باب ما جاء في إفطار الصائم المتطوع
727 - حدثنا قتيبة وأخبرنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن ابن أم هانئ عن أم هانئ قالت:
- "كنت قاعدة عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بشراب فشرب منه ثم ناولني فشربت منه فقلت إني أذنبت فاستغفر لي قال: وما ذاك؟ قالت كنت صائمة فأفطرت، فقال: أمن قضاء كنت تقضينه؟ قالت: لا، قال: فلا يضرك".
وفي الباب عن أبي سعيد وعائشة.
حديث أم هانئ في إسناده مقال والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أن الصائم المتطوع إذا أفطر فلا قضاء عليه إلا أن يحب أن يقضيه. وهو قول سفيان الثوري وأحمد وإسحاق والشافعي.
728 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا أبو داود أخبرنا شعبة قال: كنت أسمع سماك بن حرب يقول:
- "أحد بني أم هانئ حدثني فلقيت أنا أفضلهم وكان اسمه جعدة، وكانت أم هانئ جدته فحدثني عن جدته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فدعا بشراب فشرب ثم ناولها فشربت، فقالت: يا رسول الله أما إني كنت صائمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصائم المتطوع أمين نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر".
قال شعبة: قلت له: أنت سمعت هذا من أم هانئ؟ قال: لا أخبرني أبو صالح وأهلنا عن أم هانئ.
وروى حماد بن سلمة هذا الحديث عن سماك فقال عن هارون بن بنت أم هانئ عن أم هانئ. ورواية شعبة أحسن. هكذا حدثنا محمود بن غيلان عن أبي داود، فقال "أمين نفسه" وحدثنا غير محمود عن أبي داود فقال: "أمير نفسه أو أمين نفسه" على الشك. وهكذا روي من غير وجه عن شعبة "أمير أو أمين نفسه" على الشك.
729 - حدثنا هناد أخبرنا وكيع عن طلحة بن يحيى عن عمته عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت:
- "دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: هل عندكم شيء؟ قالت: قلت: لا، قال: فإني صائم".
730 - حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا بشر بن السري عن سفيان عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت:
- "إن كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيني فيقول أعندك غداء؟ فأقول: لا، فيقول: إني صائم، قالت: فأتاني يوما فقلت: يا رسول الله إنه قد أهديت لنا هدية، قال: وما هي؟ قلت: حيس، قال: أما إني أصبحت صائما، قالت: ثم أكل".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
35 - باب ما جاء في إيجاب القضاء عليه
731 - حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا كثير بن هشام أخبرنا جعفر بن برقان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت:
- "كنت أنا وحفصة صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدرتني إليه حفصة وكانت ابنة أبيها، فقالت: يا رسول الله إنا كنا صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه، قال: اقضيا يوما آخر مكانه".
قال أبو عيسى: وروى صالح بن أبي الأخضر ومحمد بن أبي حفصة هذا الحديث عن الزهري عن عروة عن عائشة مثل هذا. وروى مالك بن أنس ومعمر وعبيد الله ابن عمر وزياد بن سعد وغير واحد من الحفاظ عن الزهري عن عائشة مرسلا ولم يذكروا فيه عن عروة وهذا أصح لأنه روي عن ابن جريح قال: سألت الزهري فقلت أحدثك عروة عن عائشة؟ قال: لم أسمع من عروة في هذا شيئا، ولكن سمعت في خلافة سليمان بن عبد الملك من ناس عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث.
732 - حدثنا بهذا علي بن عيسى بن يزيد البغدادي أخبرنا روح بن عبادة عن ابن جريح فذكر الحديث.
وقد ذهب قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى هذا الحديث فرأوا عليه القضاء إذا أفطر، وهو قول مالك بن أنس.
36 - باب ما جاء في وصال شعبان برمضان
733 - حدثنا بندار أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن منصور عن سالم ابن أبي الجعد عن أبي سلمة عن أم سلمة قالت:
- "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان".
وفي الباب عن عائشة.
قال أبو عيسى: حديث أم سلمة حديث حسن.
وقد روي هذا الحديث أيضا عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت: "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان، كان يصومه إلا قليلا بل كان يصومه كله".
734 - حدثنا بذلك هناد أخبرنا عبدة عن محمد بن عمرو أخبرنا أبو سلمة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
وروى سالم أبو النضر وغير واحد هذا الحديث عن أبي سلمة عن عائشة نحو رواية محمد بن عمرو.
وروي عن ابن المبارك أنه قال في هذا الحديث: وهو جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقال صام الشهر كله، ويقال: قام فلان ليلته أجمع ولعله تعشى واشتغل ببعض أمره، كأن ابن المبارك قد رأى كلا الحديثين متفقين، يقول: إنما معنى هذا الحديث أنه كان يصوم أكثر الشهر.
37 - باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الباقي من شعبان لحال رمضان
735 - حدثنا قتيبة أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ.
ومعنى هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن يكون الرجل مفطرا فإذا بقي شيء من شعبان أخذ في الصوم لحال شهر رمضان.
وقد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يشبه قوله، وهذا حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا شهر رمضان بصيام إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم". وقد دل في هذا الحديث إنما الكراهية على من يتعمد الصيام لحال رمضان.
38 - باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان
736 - حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا الحجاج بن أرطأة عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة قالت:
- "فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فخرجت فإذا هو بالبقيع، فقال: أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قلت: يا رسول الله ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: إن الله تبارك وتعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب".
وفي الباب عن أبي بكر الصديق.
قال أبو عيسى: حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج. وسمعت محمدا يقول يضعف هذا الحديث. وقال يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة. قال محمد: والحجاج لم يسمع من يحيى بن أبي كثير.
39 - باب ما جاء في صوم المحرم
737 - حدثنا قتيبة أخبرنا أبو عوانة عن أبي بشر عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد صيام شهر رمضان شهر الله المحرم".
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن.
738 - حدثنا علي بن حجر قال أخبرنا علي بن مسهر عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي قال:
- "سأله رجل فقال: أي شهر تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان؟ فقال له: ما سمعت أحدا يسأل عن هذا إلا رجلا سمعته يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قاعد عنده فقال يا رسول الله: أي شهر تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان؟ قال: إن كنت صائما بعد شهر رمضان فصم المحرم فإنه شهر الله، فيه يوم تاب الله فيه على قوم ويتوب فيه على قوم آخرين".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.