الشّباب العربي اليوم
عمر بلقاضي / الجزائر
***
قرأت لعنترة بن شداد :
حَكِّم سُيوفَكَ في رِقابِ العُذَّلِ
وَإِذا نَزَلتَ بِدارِ ذُلٍّ فَاِرحَلِ
وَإِذا بُليتَ بِظالِمٍ كُن ظالِما
وَإِذا لَقيتَ ذَوي الجَهالَةِ فَاِجهَلي
وَإِذا الجَبانُ نَهاكَ يَومَ كَريهَةٍ
خَوفاً عَلَيكَ مِنَ اِزدِحامِ الجَحفَلِ
فَاِعصِ مَقالَتَهُ وَلا تَحفِل بِه
وَاِقدِم إِذا حَقَّ اللِقا في الأَوَّلِ
وَاِختَر لِنَفسِكَ مَنزِلاً تَعلو بِهِ
أَو مُت كَريماً تَحتَ ظُلِّ القَسطَلِ
فَالمَوتُ لا يُنجيكَ مِن آفاتِهِ
حِصنٌ وَلَو شَيَّدتَهُ بِالجَندَلِ
مَوتُ الفَتى في عِزَّةٍ خَيرٌ لَهُ
مِن أَن يَبيتَ أَسيرَ طَرفٍ أَكحَلِ
إِن كُنتَ في عَدَدِ العَبيدِ فَهِمَّتي
فَوقَ الثُرَيّا وَالسِماكِ الأَعزَلِ
فأجبتُه قائلا :
إنَّ الشّبابَ مُخنَّثٌ يا عَنتره
قد صار يَلمعُ زِينةً في المَحْفلِ
لا يعرفُ السَّيفَ الذي أدْمنتَهُ
بلْ إنَّهُ يخشى هوامَ المنزلِ
قد صار ذيلا للعدى لا يُرتَجى
منه الإبا مثل الزَّمانِ الأوّلِ
أحلامُه مرهونةٌ في لهوِهِ
وعزُّه مدنَّسٌ في الأسفلِ
مُعطَّلٌ لا يُحسنُ البلوى إذا
جار العِدى أو في فنون المَعمَلِ
هَشٌّ رقيقٌ خائفٌ مُستعطِفٌ
مثل الصَّبايا في بيوتِ المَوصِلِ
أعراضُه تَدمَى ولا يأبى الأذى
من خصمِه المُستهتِرِ المُستغوِلِ
قدْسُ الهُدى ضاعت ولم يُبدِ الإبَا
يا ليته يُعنَى بفنِّ المِغزلِ
إنَّ الهوانَ مُسلَّطٌ في عصْرنا
باسم الحضارة ِوالسُّلوكِ الأمثلِ
كُرَةٌ تقودُ مصائرَ الجيلِ الذي
يأبى الهُدى نحو البوارِ الأكحلِ
إنفاقُها يكفي لتحصينِ الحِمى
في حاضرِ الأيامِ او مُستقبَلِ
لكنَّنا رغم الهدى في غفلةٍ
كبرى أصابت عِزَّنا في مَقتلِ
صرنا عبيداً لْ لْ يَ هُ و دِ وللأُلى
عبَدوا البهائمَ في ضلالٍ مُخجِلِ
أحلامُنا صُغرى تدكُّ مَصيرَنا
في عالمٍ مُتآمرٍ مُتكتِّلِ
ابن العروبة ضائعٌ يا عَنتره
مثل الذّليلِ المُستغلِّ المُهملِ
نسي الكرَامة والهداية والإبا
فالخصْمُ يُدمي وجهَهُ بالأرجلِ