عشقٌ زمن المشيب
علي عبد الله البسامي / الجزائر
***
رَاقبْ فؤادَك إنَّ وجْدَكَ يَصدُقُ
وخواطر الأفكار قد تَتحقَّقُ
عِللُ النُّفوسِ لها جدورٌ في الهوى
والقلبُ قد يقفو الغرامَ فيفسُقُ
لا تعجبنَّ لعاشق ذي شيبةٍ
فمع الهوى لا يستقيمُ المنطقُ
وإذا سألتَ عن الذي أودى به
قلتُ الغزالُ الفاتن المُتخلِّق ُ
***
أبديعةَ البسماتِ إنِّي ذاهلٌ
أرنو إليكِ بلهفةٍ وأحدِّقُ
الشّمسُ أنتِ وليست الشّمسُ التي
في كلِّ صبحٍ بعد ليلٍ تُشرقُ
جبليةٌ قد أجَّجتْ قلباً هوى
عشقَ المحاسنَ في طباعٍ تصدُقُ
تلكَ الجمالُ بإسمها وسِماتِها
مثل الغواربِ في المحبَّةِ تُغرِقُ
وأنا صمتُّ تهيُّباً وتأدُّباً
لكنَّ وجدي بالملامحِ ينطقُ
لمَّا كتمتُ مودَّتي مُتعفِّفاً
ألفيتُها بين الجوانحِ تُورِقُ
ووجدتُ شِعري غيمة ًمُكتظةً
تَهْمي بحرفٍ بالصَّبابة يُغدِقُ
لا تعجبي إن كنتُ أرنو ذاهلا
أُبدي الهوى في الشِّعرِ أو أتملَّقُ
فلقد رأيتُك فتنةً لذوي الهوى
أنتِ الشُّجونُ لكلِّ قلبٍ يَعشقُ
وأنا طويتُ على الجِمارِ جوانحي
ولظى الهوى فيها يفورُ ويُحرِقُ
عَصبُ المفاصل قد تراخى وانثنى
لكنَّ قلبي بالمشاعرِ يعبقُ
فالحبُّ يبقى لا يخورُ مع الذي
خارتْ قِواه ُوفيه قلبٌ يخفقُ
إنَّ القلوبَ تحنُّ حتَّى بعدما
تهوي إلى قبرٍ يظمُّ ويُطْبِقُ
أوَ ليسَ في الجنَّات حبٌّ عارمٌ
أهلُ التُّقى بالحوريات تعلَّقوا
***
يبقى الجمالُ مُؤثِّراً نرقى به
أو نرتمي في الموبقات ونَعلَقُ
يبقى الجمالُ مُحفِّزاً يسمو بنا
نحو الهدى أو نُسْتزَلُّ فنمرُقُ
من لا يحنُّ إلى الجمال فإنَّه
حجَرٌ جمادٌ أو إناء مُغلقُ
في كلِّ شيءٍ في الوجودِ محاسنٌ
تهدي النُّفوسَ إلى اليقينِ فتُعتِقُ
والقلبُ يجرفه البَها لكنَّه
يرعى الحدودَ فيستعفُّ ويرفقُ
فإذا رأيتم عاشقاً مُتعفِّفاً
فلتعذروه على الصَّبابة ، أشفقوا
فالعشقُ مثل مصائب الدنيا : قَدَرْ
والله يُكرم بالجمالِ ويرزُقُ