دروسٌ من كورونا
عبد الله ضراب الجزائري
***
سَلُوا أهلَ المنابرِ والنَّوادي ... سَلُوا أهلَ المعارفِ والمِدادِ
سلوهم عن كرونا في شعوبٍ ... تدنَّتْ في الوسائلِ والمُرادِ
فأضحت كالبهائم غافلاتٍ ... برغبتها تُسوَّقُ في المَزادِ
مقاصدُها المطامعُ والمَحاشي ... فتُركبُ كالحميرِ وكالجيادِ
وتُحشرُ كالقطيعِ ليوم ذبحٍ ... وتُهلكُ كالجنادبِ والجرادِ
ألا إنَّ المصائبَ باعثاتٌ ... نفوسًا قد تمادتْ في الرُّقادِ
لقد جاءت كرونا كي تربِّي ... وتهدي الغافلينَ من العبادِ
فقد تبدو الحقائقُ في المآسي ... وتنهمرُ المعارفُ في الحِدادِ
فآلامُ الحياةِ تُعدُّ غَيثاً ... لإحياء المشاعرِ في الفؤادِ
تَجُرُّ الجامدين على الدَّنايا ... إلى دربِ الطَّهارة والرَّشادِ
فلا تخشَ المنيَّة يا مَهُوساً ... بأعداد الجنائز في البلادِ
إذا متنا فانَّ الموتَ فتح ٌ... من الرّحمن في زمنِ الفسادِ
لقد عمَّ التَّكبرُ في الحنايا ... تحجَّرتِ القلوبُ من العِنادِ
وأضحى الكفرُ عنوان السَّجايا ... وأمواجُ الخطيئة في ازْديادِ
وأظلمتِ العقولُ فلا تراها ... سوى طيشاً يُمرِّغ ُفي السَّوادِ
مشاعلُنا المنيرةُ أخمدتها ... نفوسٌ خامداتٌ كالرَّمادِ
فلا دينٌ ولا خُلُقٌ يُزكِّي ... ولا رُشْدٌ يقودُ إلى السَّدادِ
بل اشتدَّ الضَّلالُ فصارَ عُرْفاً ... لدى أهل المدائنِ والبَوادي
أواصرنا يُمزِّقُها صراعٌ ... فما أبقى ملاذا للودادِ
دماءُ الأبرياء تصبُّ صباًّ ... كأمطار العواصفِ والغوادي
فأشياخُ الجهالةِ سَيَّبوها ... لقد خلَطوا الجريمةَ بالجهادِ
بنو صهيون خطُّوا دربَ تَيهٍ ... لجيلٍ لا يتوقُ إلى المَعادِ
لقد خسرَ المعيشة َفي غُرورٍ ... ويخسرُ خاسئاً يومَ التَّنادي
زرعتَ الشَّرَّ يا جيلا تردَّى ... ففز بالشَّرِّ في زمنِ الحصادِ
دعوا ذاك الوباء يؤزُّ جيلا ... تهاوى في الجحودِ وفي العنادِ
دعوا الأرزاءَ تهدي من تعامى ... تعلَّقَ بالمعيشة كالقرادِ
يُغيظُ الله بالعصيان جهرا ... فيفجرُ في الدُّروبِ وفي النَّوادي
***
فيا شِبْلَ الهدايةِ صرتَ غَرْضاً ... فترمى في الدُّنوِّ وفي البِعادِ
رسالتُكَ الهدايةُ في البرايا ... ولو مُلئتْ حياتُك بالنّكادِ
لقد سادَ الظّلام فكن شهابا ... ولا تركنْ إلى ظلِّ الحيادِ
وقاومْ بالبيانِ فسادَ جيلٍ ... تردَّى في مهاوي الإرتدادِ
فربُّ النَّاسِ يفتحُ بالبلايا ... سدودَ الحقِّ عند الإنسدادِ
ويُدني بالمصائبِ من تناءى ... عن الإسلام عنوانِ الرَّشادِ