تصرفه عند وفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم
عن ابن شهاب قال: أخبرني أنس رضي الله عنه، قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم بكى الناس، فقام عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، خطيبا في المسجد، فقال:
لا أسمعن أحدا يقول أن محمدا قد مات، ولكنه أرسل الله إليه، كما أرسل إلى موسى بن عمران، فلبث عن قومه أربعين ليلة، و الله إني لأرجو أن تقطع أيدي رجال و أرجلهم، يزعمون أنه قد مات.
أبرني بمعاداة عدوك!
عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان أول خطبة خطبها أمير المؤمنين عمر رضوان الله عليه، الليلة التي دفن فيها أبوبكر رضوان الله عليه، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: إن الله نهج سبيله، و كفانا برسوله، فلم يبق إلاّ الدعاء و الاقتداء، فالحمد لله الذي ابتلاني بكم و ابتلاكم بي، و الحمد لله الذي أبقاني فيكم، بعد صاحبيّ كنفر ثلاثة اغتربوا الطية، فأخذ أحدهم مهلة إلى داره و قراره، فسلك أرضا مضلة، متشايهة الأسباب و الأعلام، فلم يزل على السبيل، و لم يخرم عنه حتى أسلمه إلى أهله، فأفضى إليهم سالماً، ثم تلاه الآخر، فسلك سبيله و اتبع أثره، فأفضى إليه سالما، و لقي صاحبه، ثم تلاه الثالث، فإن سلك سبيلهما و اتبع أثرهما، أفضى إليهما سالماً و لاقاهما، و إن هو زلّ يميناً أو شمالاٍ، لم يجامعهما أبدا، إلا أن العرب جمل أنف فلا عطيت بخطامه، الا و إني حامله على المحجة، مستعين بالله، ألا و إني داع فأمنوا، اللهم إني شحيح فسخّنّي، اللهم إني غليظ فلينّي، اللهم إني ضعيف فقوني، اللهم أوجب لي موالاتك، و موالاة أوليائك و ولايتك و معونتك، و أبرني بمعاداة عدوك من الآفات.
وصية الجيش
عن حيوة بن شريح، أن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، كان إذا بعث الجيوش أوصاهم بتقوى الله، ثم قال عند عقد الألوية: بسم الله و على عون الله، امضو بتأييد الله، و النصر و لزوم الحق و الصبر، قاتلوا في سبيل الله، من كفر بالله، و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، ثم لا تجبنوا عند اللقاء، و لا تمثلوا عند القدرة، و لا تسرفوا عند الظهور، و لا تتكلموا عند الجهاد، و لا تقتلوا امرأة و لا هرما و لا وليدا، و تَوَقَوا قتلهم إذا التقى الجمعان،. و عند حمة النهضات، و في شن الغارات، و لا تغلوا عند الغناء، و نزهوا الجهاد عن عرض الدنيا، و أبشروا بالأرباح في البيع الذي بايعتم به، و ذلك هو الفوز العظيم.
عزة الإسلام
خطب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه فقال: أنتم مستخلفون في الأرض، قاهرون لأهلها، قد نصر الله دينكم، فلم تصبح أمة مخالفة لدينكم إلا امتان، أمة مستعبدة للإسلام و أهله، و أمة تنتظر وقائع الله و سطواته في كل يوم و ليلة، قد ملأ الله قلوبهم رعبا، فليس لهم معقل يلجئون إليه، و لا مهرب يتقون به، قد دهمتهم جنود الله عز و جل و نزلت بساحتهم مع رفاغة العيش و استفاضة المال و تتابع البعوث و سد الثغور بإذن الله، في العافية الجليلة العامة التي لم تكن منها هذه الأمة على أحسن منها مذ كان الإسلام، و الله المحمود، مع الفتوح العظام في كل بلد فما عسى أن يبلغ مع هذا شكر الشاكرين.
شكر النعمة
من خطبه رضوان الله عليه: أذكركم الله الحائل بينكم و بين قلوبكم، إلا ما عرفتم حق الله فعملتم له و قسرتم أنفسكم على طاعته، و جمعتم مع السرور بالنعم خوفا لزوالها و لانتقالها، و وجلا من تحويلها، فإنه لا شيء أسلب للنعمة من كفرانها، و إن الشكر أمن للغيَر و نماء للنعمة و استجلاب للزيادة.
خطبة رمضان
عن عبد الله بن حكيم الجهني، قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذا دخل رمضان، صلى لنا صلاة المغرب، ثم تشهد بخطبة خفيفة، ثم قال:
أما بعد: فإن هذا الشهر، شهر كتب الله عليكم صيامه، و لم يكتب عليكم قيامه، من استطاع أن يقوم فإنها من نوافل الخير، التي قال الله عز و جل، و من لم يستطع منكم أن يقوم، فلينم على فراشه، و ليتق إنسان منكم أن يقول: أصوم إن صام فلان، و أقوم إن قام فلان، من صام منكم أو قام فيجعل ذلك لله عز و جل، و أقلوا اللغو في بيوت الله، و اعلموا أن أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة، ألا لا يتقدم الشهر منكم أحد،(كررها ثلاث مرات) ألا لا تصوموا حتى تروه، ثم تصوموه حتى تروه، ألا و إن غم عليكم، فلن يغم عليكم العدد، فعدوا ثلاثين ثم افطروا، ألا و لا تفطروا حتى تروا الغسق على الظراب.
مفتاح العدالة
عندما أرسل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بالجنود من المدينة إلى أرض فارس خطبهم فقال: إن الله ضرب لكم الأمثال، و صرف لكم الأقوال، ليحيي بها القلوب، فإن القلوب ميتة في صدورها حتى يحييها الله….، من علم شيئا فلينتفع به، و إن للعدل أمارات و تباشير، فأما الأمارات فالحياء و السخاء، و الهين و اللين، و أما التباشير فالرحمة….، و قد جعل الله لكل أمر بابا، و يسر لكل باب مفتاحا، فباب العدل الاعتبار و مفتاحه الزهد، و الاعتبار ذكر الموت بتذكر الأموات، و الاستعداد له بتقديم الأعمال، و الزهد أخذ الحق من كل أحد قبله حق، و تأدية الحق إلى كل أحد له حق، و لا تصانع في ذلك أحدا، و اكتف بما يكفيه من الكفاف، فإن لم يكفه الكفاف لم ينفعه شيء.إني بينكم و بين الله، و ليس بيني و بينه شي، و إن الله ألزمني رفع الدعاء عنه، فانهوا شكائكم إلينا، فمن لا يستطع فإلى من يبلغناها، نأخذ له الحق غير متعتع.
الكفاف و القوت
خطب بعد فتح القادسية فقال:
إني حريص على ألا أدع حاجة إلا سددتها، ما اتسع بعضنا البعض، فإذا عجز ذلك عنا تآسينا في عيشنا، حتى نستوي في الكفاف.
رئيس الدولة رضي الله عنه يخاطب الولاة و الأمة
من خطبه رضي الله عنه لجنود الإسلام و ضباطه رضي الله عنهم جميعا فقال:
ألا و إني لم أبعثكم أمراء و لا جبارين، ولكن بعثتكم أئمة الهدى، يقتدى بكم، فأدرؤا على المسلمين حقوقهم، و لا تضربوهم فتذلوهم، و لا تحمدوهم فتفتنوهم، و لا تغلقوا الأبواب دونهم فياكل قويهم ضعيفهم.
ثم خاطب الأمة فقال:
أيها الناس، إني أشهدكم على أمراء ال**ار، أني لم أبعثهم إلا ليفقهوا الناس دينهم، و يقسموا عليهم فيئهم، و يحكموا بينهم، فإن أشكل عليهم شيئا دفعوه اليّ.
أهم شيئ للدولة
من خطبة له فقال فيها:
إن أحق ما تعهد الراعي من رعيته، تعهدهم بالذي لله عليهم، في وظايف دينهم الذي أهداهم الله له، و إنما علينا أن نأمركم بما أمركم الله به من طاعته، و أن ننهاكم عما نهاكم الله عنه من معصيته، و أن نقيم أمر الله في قريب الناس و بعيدهم، و لا نبالي على من كان الحق.
الحذر من التخمة
من خطبه رضي الله عنه:
بئس الجار الغني، يأخذك بما لا يعطيك من نفسه، فإن أبيت لم يعذرك، إياكم و البطنة، فإنها مكسلة عن الصلاة، و مفسدة للجسم، و مؤدية إلى السقم، و عليكم بالقصد في قوتكم، فهو أبعد عن السرف، و أصح للبدن، و أقوى على العبادة.
عمر رضي الله عنه و السياسة
عمر رضي الله عنه يوصي الخليفة من بعده فيقول:
أوصيك بتقوى الله، لا شريك له، و أوصيك بالمهاجرين الأولين خيرا، و أن تعرف سابقتهم، و أوصيك بالأنصار خيرا، فاقبل من محسنهم و تجاوز عن مسيئهم، و أوصيك بأهل ال**ار خيرا، فإنهم ردء الإسلام، و غيظ العدو، و حياة الفيء، لا تحمل فيئهم إلا عن فضل منهم، و أوصيك بأهل البادية خيرا، فإنهم أصل العرب، و قادة الإسلام، أن تأخذ من حواشي أموال أغنيائهم فترد على فقرائهم، و أوصيك بأهل الذمة خيرا،أن تقاتل من ورائهم، و لا تكلفهم فوق ملاقنهم إذا أدوا ما عليهم للمؤمنين طوعا، أو عن يد و هم صاغرون. و أوصيك بتقوى الله، و شدة الحذر منه، و مخافة مقته، أن يطّلع منك على ريبة، و أوصيك أن تخشى الله في الناس، و لا تخشى الناس في الله، و أوصيك بالعدل في الرعية، و التفرغ لحوائجهم و ثغورهم، لا توثر غنيهم على فقيرهم، فإن ذلك بإذن الله سلامة لقلبك، و حط لوزرك، و خير في عاقبة أمرك، حتى تقضي من ذلك إلى من يعرف سريرتك، و يحول بينك و بين قلبك، و آمرك أن تشتذ في أمر الله، و في حدوده، و معاصيه، و على قريب الناس و بعيدهم، ثم لا تأخذك في أحد رأفة، حتى يُنتَهك مثل ما انتهك من حرمة الله، و اجعل الناس عندك سواء، لا تبالي على من وجب الحق، ثم لا تأخذك في الله لومة لائم، و إياك و الأثرة، و المحاباة فيما ولاك الله، مما أفاء الله على المؤمنين فتجور و تظلم، و تحرم نفسك من ذلك، ما قد وسعه الله إليك، و قد أصبحت بمنزلة من منازل الدنيا و الآخرة، فإن اقترفت لدنياك عدلاو عفة، و عما بسط الله لك، اقترفت به إيمانا و رضوانا، و إن غلبك الهوى اقترفت به سخط الله، و أوصيك ألا ترخص لنفسك و لا لغيرك في ظلم أهل الذمة، و قد أوصيتك و خصصتك، أو نصحتك فأبتغ بذلك وجه الله و الدار الآخرة، و افترت من دلالتك ما كنت دالا عليه نفسي و ولدي، فإن عملت بالذي وعظتك، و انتهيت إلى الذي أمرتك، أخذت به نصيبا وافرا و خطا وافيا، و إن لم تقبل ذلك لم يحمك، و لم تنزل معاظم الأمور عند الذي يرضي الله به عنك، يكن ذلك انتقاصا، و رأيك فيه مدخولا، لأن الأهواء مشتركة. رأس كل خطيئة إبليس، و هو داع إلى كل هلكة، و قد أضل القرون السالفة قبلك فأوردهم النار، و لبئس الثمن أن يكون حظ امريء موالاة عدو الله، الداعي إلى معاصيه، ثم اركب الحق و خض إليه الغمرات، و كن واعظا لنفسك، أنشدك الله لما ترحمت على جماعة المسلمين، فأجللت كبيرهم و رحمت صغيرهم و وقرت عالمهم، و لا تضربهم فيذلوا، و لا تستأثر عليهم بالفيء فتغضبهم، و لا تحرمهم عطاياهم عند محلها فتعقرهم، و لا تجمدهم في البعوث فتقطع نسلهم. و لا تجعل الأموال دولة بين الأغنياء منهم، و لا تغلق بابك، و أشهد الله عليك، و السلام.
تذكر عام
كان امير المؤمنين عمر رضي الله عنه عند ما يبعث واليا يشيعه لخارج المدينة و يوصيه قائلا:
إني لم أسلطك على دماء المسلمين، و لا على أبشارهم، ولكني استعملتك لتقيم فيهم الصلاة، و تقسم فيئهم فيهم، و تحكم بينهم بالعدل، و تقضي بينهم بالحق. و لا تجلد العرب فتذلها، و لا تجهلها فتفتنها، و جوِّد القرآن، و أقل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، و اتق الله، أنا شريكك، فانطلق.
وعظ عام
عن أبي فراس قال: خطب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال:
يا أيها الناس ألا إنا إنما كنا نعرفكم إذ بين ظهرانينا النبي صلى الله عليه و سلم،و إذ ينزل عليه الوحي، و إذ نبئنا الله من أخباركم، ألا و أن النبي صلى الله عليه و سلم قد انطلق و انقطع الوحي، ألا و إنما نقول بما نعرفكم، نقول لكم: من أظهر منكم خيراً ظننا به خيرا، و أحببناه عليه، و من أظهر لنا شراً، ظننا به شراً و أبغضناه عليه، سرائركم بينكم و بين ربكم، ألا إنه قد أتى على حين، و أنا أحسب من قرأ القرآن يريد الله ما عنده، فقد خيل لي بآخرة، أن رجالا قد قرأوه يريدون به ما عند الناس، فأريدوا الله بقراءتكم و أريدوه بأعمالكم. ألا و إني و الله ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم، و لا ليأخذوا أموالكم، و لكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم و سنتكم، فمن فعل به سوى ذلك فليرفعه إليَّ فو الذي نفسي بيده لأقصنه منه.
فوثب عمرو بن العاص رضي الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين! أفرأيت إن كان رجل من المسلمين على رعية فأدب بعض رعيته، إنك لتقصَّنه منه؟
قال عمر: إي و الذي نفس عمر بيده، إذاً لأقصنَّه منه، إذاً لأقصنَّه منه، أنا لا أقص منه، و قد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقص من نفسه، الا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، و لا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم، و لا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم.
توزيع المهام
عن موسى بن علي، عن أبيه، أن أمير المؤمنن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، خطب الناس بالجابية، فقال:
من أراد أن يسأل عن القرآن، فليأت أبي بن كعب رضي الله عنه، و من أراد أن يسأل عن الفرائض، فليأت زيد بن ثابت رضي الله عنه، و من أراد أن يسأل عن الفقه، فليأت معاذ بن جبل رضي الله عنه، و من اراد أن يسأل عن المال فليأتني، فإن الله جعلني خازنا و قاسما، و إني بادي بأزواج النبي صلى الله عليه و سلم، و معطيهن، ثم المهاجرين الأولين، أنا و أصحابي أخرجنا من مكة من ديارنا و أموالنا، ثم الأنصار، الذين تبؤوا الدار و الإيمان من قبلهم.
ثم قال: فمن أسرع من الهجرة أُسرع به إلى العطاء، و من أبطأ عن الهجرة أُبطئ به العطاء، و لا يلوم رجل إلا مناخ راحلته.
جعلني خازنا
عن ياسرة بن سمي المزني قال: سمعت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، يوم الجابية، و هو يخطب الناس فقال:
إن الله عز وجل، جعلني خازنا لهذا المال و قاسمه.
ثم قال: بل الله يقسمه، و أنا بادئ بأهل النبي صلى الله عليه و سلم، ثم أشرفهم.
ففرض لأزواج النبي صلى الله عليه و سلم ألف درهم ( و المعروف أعطاهن عشرة آلاف درهم كما في رواات أخرى. المؤلف ) إلا جويرية و صفية و ميمونة.
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يعدل بيننا.
فعدل بينهن عمر ثم قال:
إني بادئ بأصحابي المهاجرين الأولين، فإنا أُخرجنا من ديارنا ظلما و عدوانا، ثم أشرفهم.
ففرض لأصحاب بدر منهم، خمسة آلاف، و لمن كان شهد بدرا من الأنصار أربعة آلاف.
ثم قال: و من أسرع في الهجرة أُسرع به العطاء، و من أبطأ في الهجرة أُبطأ به العطاء، فلا يلومن رجل إلا مناخ راحلته، و إني أعتذر إليكم من خالد بن الوليد، إني أمرته أن يحبس هذا المال، على ضعفة المهاجرين، فأعطاه ذا البأس، و ذا الشرف و ذا اللسان، فنزعته و أمرت أبا عبيدة بن الجراح.
أولى الناس
عن علي بن رباح عن ناشرة، قال: سمعت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، يقول يوم الجابية، و هو يخطب الناس: إن الله جعلني خازنا لهذا المال و قاسما له.
ثم قال: بل الله يقسمه، و أنا بادئ بأهل النبي صلى الله عليه و سلم. قال: ففرض لأزواج النبي رضوان الله عليهن، عشرة آلاف، عشرة آلاف، إلا جويرية و صفية و ميمونة. فقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم، كان يعدل بيننا. فعدل عمر رضوان الله عليه بينهن، ثم قال: إني بادئ بأصحابي المهاجرين الأولين، فإنا أُخرجنا من ديارنا ظلما و عدوانا.
ثم أشركهم، ففرض لأصحاب بدر منهم خمسة آلاف خمسة آلاف، و لمن شهد بدرا من الأنصار أربعة آلاف أربعة آلاف، و فرض لمن شهد الحديبية ثلاثة آلاف ثلاثة آلاف.
و قال: من أسرع في الهجرة، أسرع به العطاء، و من أبطأ في الهجرة، أبطأ به العطاء، فلا يلومن رجل إلا مناخ راحلته. و إني أعتذر إليكم من خالد بن الوليد، فإني أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين، فأعطى ذا البأس، و ذا الشرف و ذا اللسان، فنزعته و أمَّرت أبا عبيدة بن الجراح.
فقام أبو عمرو بن حفص بن المغيرة، فقال: و الله ما أعذرت يا عمر!، و لقد نزعت غلاماً استعمله رسول الله صلى الله عليه و سلم، و أغمدت سيفاً سلّه رسول الله صلى الله عليه و سلم، و وضعت أمراً نصبه رسول الله صلى الله عليه و سلم، و قطعت رحما، و حسدت بني العم.
فقال عمر بن الخطاب رضوان الله عليه: إنك قريب القرابة، حديث السن، تغضب في ابن عم.
الحلم و الجهل و العافية
عن عبد الرحمن بن سابط قال: بلغ أمير المؤمنين عمر رضوان الله عليه، أن عمالا من عماله اشتكوا، فأمرهم أن يوافوه فلما أتوه قام، فحمد الله و أثنى عليه. ثم قال:
أيتها الرعية!! إن لنا عليكم حقا: النصيحة بالغيب، و المعاونة على الخير، أيتها الرعاة!! إن للرعية عليكم حقا، إعلموا أنه لا حِلم إلى الله، أحب و لا أعم نفعا، من حلم إمام و رفقه، و أنه ليس جهلٌ أبغض إلى الله، و لا أعم من جهل إمام و خرقه. إعلموا أنه من يأخذ بالعافية ممن بين ظهرانيه، يرزق العافية ممن هو دونه.
أصحاب الراى
عن عبد الله بن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن جده، قال: قال عمر بن الخطاب رضوان الله عليه على المنبر:
ألا إن أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، فافتوا برأيهم، فضلوا و أضلوا، ألا و إنا نقتدي و لا نبتدي، و نتبع و لا نبتدع، ما نضل ما تمسكنا بالأثر.
تعليمات عامة
عن أبي عثمان النهدي، أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه قال:
اتزروا و ارتدوا و انتعلوا، و ألقوا الخفاف و السراويلات، و ألقوا الركب، و انزوا نزوا، و عليكم بالمعدية و ارموا الأغراض، و ذروا التنعم و زي العجم، و إياكم و الحرير! فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد نهى عنه، و لا تلبسوا من الحرير إلا ما كان هكذا و أشار رسول الله صلى الله عليه و سلم بإصبعيه.
فليأتنا به
عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قال: أراد عمر بن الخطاب رضوان الله عليه أن يجمع القرآن، فقام في الناس فقال:
من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه و سلم، شيئا من القرآن فلياتنا به، و كانوا قد كتبوا ذلك في الصحف و الألواح و العسب، و كان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان.
صدقات النساء
عن مسروق بن الأجدع قال: ركب عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، منبر رسول الله صلى الله عليه و سلم فخطب الناس فقال:
أيها الناس، ما أكثاركم في صدقات النساء! فقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه رضوان الله عليهم يقللون، و إنما الصدقات ما بين أربعمائة فما دون، و لو كان الإكثار في ذلك تقوى أو في مكرمة لم يسبقوهم إليها، فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم.
ثم نزل، فاعترضته امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين! أنهيت الناس أن يزيدوا النساء صدقاتهن على أربعمائة درهم؟.
قال: و ما ذاك؟
قالت: أوَ ما سمعت ما أنزل الله في القرآن؟
قال: و أي ذاك؟
قالت: أو ما سمعت الله يقول: { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } ( النساء 20 ).
فقال: اللهم اغفر، كل إنسان أفقه من عمر.
ثم رجع فركب المنبر، ثم قال: أيها الناس! إني نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب، و طابت به نفسه فليفعل.
إظهار الشكر
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: نادى عمر رضي الله عنه، في الناس الصلاة جامعة، ثم جلس على المنبر، فما تكلم حتى امتلأ المسجد، ثم قام فقال:
الحمد لله، لقد رأيتُني أؤاجر نفسي بطعام، ثم أصبحت على ما ترون.
ثم نزل، قيل له: ما حملك على ذلك؟
قال: إظهار الشكر.
أذل نفسي
عن محارب بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: صعد عمر المنبر فجلس و نودي الصلاة جامعة، فما زالوا يردون حتى امتلأ المسجد، فقام عمر رضي الله عنه فقال:
أحمد الله إليكم، إني كنت آجر نفسي، ثم أصبحتُ يضرب الناس تحيتي، ليس فوقي أحد.
ثم نزل. فقال له ابنه: يا أمير المؤمنين ما حملك على ما قلت؟
قال: إن أباك أعجبته نفسه، فأحب أن يضعها.
اكتشفوا عيوبي
عن عبد الجبار بن عبد الواحد التنوخي، قال: قال أمير المؤمنين عمر رضوان الله عليه، و هو على المنبر:
أنشدكم الله، لا يعلم أحد مني عيبا إلا عابه.
فقال رجل: نعم يا أمير المؤمنين! فيك عيبان!!.
قال: و ما هما؟
قال: تديل بين البردين، و تجمع بين الأدمين. و لا يسع ذلك الناس.
قال: فما أدال بين بردين و لا جمع بين أدمين حتى لقي الله تعالى.
سارية الجبل
عن أسلم و يعقوب قالا: خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، يوم الجمعة إلى الصلاة، فصعد المنبر ثم صاح: يا سارية بن زنيم الجبل! يا سارية بن زنيم الجبل! ظلم من استرعى الذئب الغنم.
قال: خطب حتى فرغ، فجاء كتاب سارية بن زنيم، إلى عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، أن الله فتح علينا، يوم الجمعة الساعة كذا و كذا، لتلكم الساعة التي خرج فيها عمر فتكلم على المنبر، قال سارية: فسمعت صوتاً: يا سارية بن زنيم الجبل، ظلم من استرعى الذئب الغنم، فعلوت أصحابي الجبل، و نحن قبل ذلك في بطن واد، و نحن محاصروا العدو، ففتح الله علينا.
فقيل لعمر بن الخطاب رضوان الله عليه: ما ذاك الكلام؟ قال: و الله ما ألقيت له بالاً، شيء أُتِيَ به على لساني.
الخصال الحسان
عن عبد الله بن حكيم قال: قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه: إنه لا حلم أحب إلى الله من حلم إمام و رفقه، و لا جهل أبغض إلى الله من جهل إمام و خرقه، و من يعمل بالعفو بين ظهرانيه، تأته العافية من فوقه، و من ينصف الناس من نفسه، يعطى الظفر في أمره، و الذل في طاعة أقرب إلى البر من التعزز في المعصية
الطمع
عن عروة عن أبيه قال: قال أمير المؤمنين عمر رضوان الله عليه في خطبته: الطمع فقر و أن المرء إذ أيس من شيء استغنى عنه، و في رواية: عليكم باليأس مما في أيدي الناس، فما يئس عبد من شيء إلا استغنى عنه، و إياكم و الطمع، فإن الطمع فقر.
إياكم و البطنة!
عن مجاهد قال: قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه: أيها الناس، إياكم و البطنة من الطعام، فإنها مكسلة عن الصلاة، مفسدة للجسد، مورثة للسقم، و إن الله عز و جل يبغض الحبر السمين، ولكن عليكم بالقصد في قوتكم، فإنه أدنى من الإصلاح، و أبعد من السرف، و أقوى على عبادة الله عز و جل، و لن يهلك عبد، حتى يؤثر شهوته على دينه.
حق الرعاة و الرعية
عن سلمة بن شهاب العبدي قال: قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه: أيها الرعية إن لنا عليكم حقاً، النصيحة بالغيب، و المعاونة على الخير، و أنه ليس شيء أحب إلى الله تعالى و أعم نفعاً من حلم إمام و رفقه، و ليس أبغض إلى الله تعالى من جهل إمام و خرقه.
نأخذ بالظاهر
عن أبي فراس قال: قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه: أيها الناس! إنما كنا نعرفكم إذ بين أظهرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، و إذ ينزل الوحي، و لإنما نعرفكم بها. فأقول لكم: من أظهر منكم خيراً ظننا به خيراً، و أحببناه عليه، و من أظهر منكم شراً ظننا به شرا و أبغضناه عليه، سراءركم بينكم و بين ربكم، الا و أنه قد على حين، و أنا أرى أنه من قرأ القرآن، إنما يريد الله و ماعنده و قد خيل إلي باخره، و أن رجالا يقرأونه يريدون به ما عند الناس، فأريدوا الله بقراءتكم و أعمالكم.
خطبة شاملة
عن عدي بن سهيل النصاري قال: قام عمر في الناس خطيباً، فحمد الله و أثنى عليه، و قال: أما بعد، فإني أوصيكم بتقوى الله الذي يبقى و يفنى سواه، و الذي بطاعته ينفع أولياه، و يضر بمعصيته أعداه، فإنه ليس لهالك هلك عذر في بعض ضلالة حسبها هدى، و لا ترك حق حسبه ضلالة، قد ثبتت الحجة، و انقطع العذر، و لا حجة لأحد على الله عزّ و جلّ، إلاّ أن أحق ما تعاهد الراعي رعيته، أن يتعاهدهم بالذي لله عزّ و جلّ عليهم من وظائف دينهم الذي هداهم به، و إنما علينا أن نأمركم، بالذي أمركم الله من طاعته، و أن ننهاكم عما نهاكم الله عنه من معصيته، و أن نقيم أمر الله في قريب الناس و بعيدهم، لا نبالي على من مال الحق، ليتعلم الجاهل و يتعظ المفرط و ليقتدي المقتدي، و قد علمت أن أقواما منهم من يقول بما أمر به و فعله متول عن ذلك، و أن أقواما يتمنون في أنفسهم و يقولون: نحن نصلي مع المصلين، و نجاهد مع المجاهدين، و ننتحل الهجرة و نقاتل العدو، و كل ذلك يفعله أقوام لا يحتملونه بحقه، فإن الإيمان ليس بالتمني، و لكنه بالحقائق، فمن قام على الفرائض و سدد نيته و خشيته، فذالكم الناجي. و من ازداد اجتهاداً، وجد عند الله مزيداً، و أن الجهاد سنام العمل. و إنما المهاجرون الذين يهجرون السيئات، و من يأتي بها و يقول أقوام جاهدوا، و إنما الجهاد في سبيل الله، اجتناب المحارم مع مجاهدة العدو، و أن الأمر جدٌ فجدوا. و قد تقاتل اقوام لا يريدون غير الأجر، و آخرون لا يريدون غير الذكر، و أن الله عزّ و جلّ رضي منكم باليسير، و أثابكم على اليسير الكثير، الوظائف الوظائف أدوها، تؤد بكم إلى الجنة. السنّة السنّة أكرموها، تنجيكم من البدعة. تعلموا و لا تعجزوا فإنه من عجز تكلف، و أن شرار الأمور محدثاتها، و أن الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في الضلالة، فافهموا ما توعظون به، فإن الحريب من حرب دينه، و أن السعيد من وعظ بغيره، و أن الشقي من شقي في بطن أمه، و عليكم بالسمع و الطاعة، فإن الله قضى لهما بالعز، و إياكم و المعصية و التفرق، فإن الله قضى لهما بالذل، و أن للناس نفرة عن سلطانهم، فعائذ بالله أن تدركني.
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال أمير المؤمنين عمر بنالخطاب رضوان الله عليه: أدنوا الخيل، و تسوكوا و انتضلوا، و اقعدوا في الشمس، و لا يجاورنكم الخنازير، و لا يرفع فيكم صليب، و لا تأكلوا في مائدة يشرب عليها الخمر، و إياكم و أخلاق العجم، و لا يحل لمؤمن أن يدخل الحمام إلا بمئزر، و لا يحل لمرأة أن تدخل الحمام إل من سقم. فإن عائشة أم المؤمنين حدثتني قالت: حدثني خليلي رسول الله صلى الله عليه و سلم على مفرشي هذا، قال: إذا وضعت المرأة خمارها في غير بيت زوجها هتكت سترها بينها و بين الله.
قال: و كان يكره أن يصور الرجل نفسه كما تصور المرأة نفسها، و أن لا يزال كل يوم مكتحلاً، و أن يحف لحيته و شاربه، كما تحف المرأة.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه فقال: إن أخوف ما أخاف عليكم، تغير الزمان و زيغة عالم و جدال منافق بالقرآن و أئمة مضلون، يضلون الناس بغير علم.
لولا عهدك
عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، خطب الناس بالجابية، فقال: إن الله تعالى يضل من يشاء و يهدي من يشاء.
فقال القس: الله أعدل أن يضل أحداً.
فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، فبعث إليه: بل الله أضلك، و لولا عهدك لضربت عنقك.
فلا تعودوا فيه
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: خطبنا أمير المؤمنين عمر رضوان الله عليه فقال: أيها الناس إن الله جعل ما أخطأت أيديكم، رحمة لفقرائكم، فلا تعودوا فيه، قال بقية ما أخطأ المنجل.
تعلموا أنسابكم
عن جبير بن مطعم رضي الله عنه، أنه سمع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه قول على المنبر: تعلموا أنسابكم، ثم صلوا أرحامكم، و الله إنه ليكون بن الرجل و بين أخيه شيء، و لو يعلم الذي بينه و بينه من داخل الرحم لوزعه ( منعه ) ذلك عن انتهاكه.
طنطنة
عن عبيد بن أم كلاب، أنه سمع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه يخطب الناس يقول: لا يعجبنكم من الرجل طنطنته، ولكن من أدى الأمانة إلى من ائتمنه، و من سلم الناس من يده و لسانه.
دعاء من القلب
عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه، أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، لما أفاض من مُنى، أناخ بالأبطح، ثم كوم كومة من بطحاء، و ألقى عليها طرف ردائه، ثم استلقى عليها، و رفع يديه إلى السماء، ثم قال: اللهم كبرت سني، و ضعفت قوتي، و انتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع و لا مفرط.
فلما قدم المدينة، خطب الناس فقال: أيها الناس، قد فُرِضَت لكم الفرائضُ، و سُنِّنَت لكم السنن، و تُرِكتُم على الواضحة.
ثم صفق بيمينه على شماله، فقال: إلا أن تضلوا بالناس يميناً و شمالاً، ثم إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم، و أن يقول قائل لا نَحُدُُّّ حدين في كتاب الله، فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم، رجم و رجمنا بعده، فو الله لولا أن يقول الناس: أحدث في كتاب الله لكتبتها في الصحف، فقد قرأناها ( و الشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما ).
فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن فمات.
رأيت رؤيا
عن معد بن أبي طلحة العمري، أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، قام على المنبر يوم جمعة،
فحمد الله و أثنى عليه، ثم ذكر النبي صلى الله عليه و سلم، و ذكر أبا بكر رضوان الله عليه، ثم قال: رأيت رؤيا لا أراها إلا بحضور أجلي، رأيت ديكا نقرني نقرتين، فقصصتها على أسماء بنت عميس، فقالت: يقتلك رجل من العجم.
ثم قال: و إن الناس يأمرونني أستخلف، و أن الله عز وجل، لم يكن ليضيع دينه، و خلافته التي بعث بها نبيه صلى الله عليه و سلم. و أن يعجل في الأمر، فإن الشورى في هؤلاء الستة، الذين مات نبي الله و هو عنهم راض، فمن بايعتم منهم فاسمعوا له و أطيعوا، و إني أعلم أن ناسا سيطعنون في هذا الأمر، أنا قاتلتهم بيدي هذه على الإسلام، أولئك أعداء الله، الضلال الكفار، و إني أشهد الله على أمراء الأنصار إني إنما بايعتهم، ليعلموا الناس دينهم، و ليبينوا لهم سنة نبيهم صلى الله عليه و سلم، و يرفعوا إليّ ما عمي عليهم.
قال: فيخطب الناس و أصيب يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة.
أوصنا!
عن جويرية بن قدامة قال: حججت فأتيت المدينة، العام الذي أصيب فيه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فخطب فقال: إني رأيت ديكأ أحمر نقرني نقرتين أو نقرة، فكان من أمره، و كان من أمره، أنه طُعِن فأذن للناس إليه، فكان أول من دخل إليه أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم، ثم أهل المدينة، ثم أهل العراق، فدخلت فيمن دخل. قال: مكان كلما دخل عليه قوم، أثنوا عليه و بكوا عليه، قال: فلما دخلنا عليه قال: و قد عصب بطنه بعمامة سوداء، و الدم يسيل، قال: فقلنا: أوصنا. قال: و ما سأله الوصية أحد غيرنا، فقال: عليكم بكتاب الله، فإنكم لن تضلوا ما اتبعتموه.
فقلنا: أوصنا. فقال: أوصيكم بالمهاجرين، فإن الناس سيكثرون، و يقلون، و أوصيكم بالأنصار، فإنهم عب الإسلام، الذي لُجِأ إليه، و أوصيكم بالأعراب، فإنهم أصلكم و مادتكم، و أوصيكم بأهل ذمتكم، فإنهم عهد نبيكم صلى الله عليه و سلم، و رزق عيالكم، قوموا عني.
فما زادنا على هؤلاء الكلمات.