(فصل فِي الْحَضَانَة)
من كتاب
البهجة في شرح التحفة ((شرح تحفة الحكام))
المؤلف
علي بن عبد السلام بن علي، أبو الحسن التُّسُولي
مَأْخُوذَة من حضَانَة الطير إِذا غطى أَوْلَاده بأجنحته وَهِي فِي الشَّرْع الْكفَالَة والتربية وَالْقِيَام بِأُمُور الْمَحْضُون، وَإِلَيْهِ يرجع قَول ابْن عَرَفَة: هِيَ محصول قَول الْبَاجِيّ حفظ الْوَلَد فِي مبيته
(1/644)
________________________________________
وَمؤنَة طَعَامه ولباسه ومضجعه وتنظيف جِسْمه أه. وَهِي وَاجِبَة إِجْمَاعًا لِأَن فِي تَركهَا تضييعاً للْوَلَد. ابْن رشد: لِأَنَّهُ خلق ضَعِيف يفْتَقر لكافل يربيه حَتَّى يقوم بِنَفسِهِ فَهِيَ فرض كِفَايَة إِن قَامَ بهَا قَائِم سقط عَن البَاقِينَ وَلَا تتَعَيَّن إِلَّا على الْأَب وَالأُم فِي حَولي رضاعه إِن لم يكن لَهُ أَب، أَو كَانَ وَلَا يقبل غَيرهَا. الحَقُّ لِلْحَاضِنِ فِي الحَضَانَه وَحَالُ هَذَا الْقَوْلِ مُسْتَبَانَه (الْحق للحاضن فِي الْحَضَانَة. وَحَال هَذَا القَوْل) أَي وَوَجهه وَدَلِيله (مستبانة) أَي بَيِّنَة وَالْحَال يذكر وَيُؤَنث وَلذَا أخبر عَنهُ بالمؤنث. لِكَوْنِهِ يُسْقِطُهَا فَتَسْقُطُ وقيلَ بِالْعَكْسِ فَمَا إنْ تَسْقُطُ (لكَونه يُسْقِطهَا) بِضَم الْيَاء من أسقط الرباعي (فَتسقط) بِفَتْح التَّاء من سقط الثلاثي وَالضَّمِير الْمُضَاف إِلَيْهِ كَون يعود على الحاضن أَي إِنَّمَا كَانَ حَال هَذَا القَوْل بَينا لكَون الحاضن إِذا أسقط الْحَضَانَة بعوض الْخلْع أَو بِغَيْر عوض أصلا فَإِنَّهَا تسْقط وَلَو كَانَت حَقًا للمحضون أَو حَقًا لله أَو لَهما مَا سَقَطت بإسقاطه ولكونه أَيْضا لَا أُجْرَة للحاضن على الْحَضَانَة إِذْ الْإِنْسَان لَا يَأْخُذ أجرا على فعل شَيْء وَاجِب عَلَيْهِ، وَلَو كَانَت حَقًا للمحضون لكَانَتْ لَهُ الْأُجْرَة. وَهَذَا على الْمَشْهُور من أَنه لَا أُجْرَة لَهُ كَمَا قَالَ (خَ) : وَلَا شَيْء لحاضن لأَجلهَا أَي لأجل مُجَرّد الْحَضَانَة الَّتِي هِيَ حفظ الْوَلَد فِي بَيته كَمَا تقدم، وَأما خدمته من طحن وعجن وَسقي مَاء وطبخ وَغسل ثِيَاب فلهَا الْأُجْرَة على ذَلِك لِأَن الْأَب يلْزمه إخدام وَلَده. وَفِي وَصَايَا الْمُتَيْطِيَّة مَا نَصه: وَلَا أُجْرَة للحاضنة على الْحَضَانَة وَإِنَّمَا لَهَا الْأُجْرَة إِن كفته مُؤنَة الْخدمَة اه. وَنَحْوه فِي الْبُرْزُليّ قَائِلا، وَأما كلفة الْمُؤْنَة فلهَا الْأُجْرَة إِن خدمتهم وَإِن اسْتغنى الْوَلَد بالخادم عَن خدمتها فَلَا شَيْء لَهَا من أُجْرَة الْكفَالَة. (وَقيل بِالْعَكْسِ) وَهُوَ أَن الْحق للمحضون وَعَلِيهِ (فَمَا) نَافِيَة (أَن) زَائِدَة (تسْقط) أَي فَلَا تسْقط بإسقاطه وهما رِوَايَتَانِ. وَقيل: الْحق لَهما وَهُوَ اخْتِيَار الْبَاجِيّ وَابْن مُحرز، واستظهره
(1/645)
________________________________________
الشَّارِح، وَقيل: الْحق لله تَعَالَى وَعَلَيْهِمَا فَلَا تسْقط وَمِمَّا بنوه على الْخلاف إِذا قبضت الحاضنة كسْوَة الْوَلَد وَنَفَقَته فادعت أَنَّهُمَا تلفا فعلى الثَّانِي تحلف وهما على الْأَب وعَلى الأول ضمانهما مِنْهَا إِلَّا بِبَيِّنَة على الضّيَاع، وَعَلِيهِ الْعَمَل كَمَا فِي ابْن عَاتٍ. وَنَقله ابْن عَرَفَة وَمِمَّا بنوه عَلَيْهِ أَيْضا إِذا طلق الرجل امْرَأَته، ثمَّ أخذت بعد ذَلِك عوضا عَن إِسْقَاط الْحَضَانَة فعلى أَن الْحق لَهَا يجوز وَلَا رُجُوع لَهَا فِيهِ وَهُوَ الْمُعْتَمد، وعَلى أَنه حق للْوَلَد لَا يلْزمهَا ذَلِك وَلها الرُّجُوع فِي الْعِوَض كَمَا فِي الْبُرْزُليّ عَن ابْن رشد، وَمِمَّا بنوه أَيْضا أَن الْأُم إِذا أسقطت الْحَضَانَة للْأَب مثلا فَإِن الْجدّة للْأُم تَأْخُذهُ، وَهَذَا إِنَّمَا يتَفَرَّع على الثَّانِي دون الأول، وَمن ذَلِك أَيْضا إِذا قَالَ الْأَبْعَد: أَنا أنْفق عَلَيْهِ مَالِي وَلَا أبيع لَهُ شَيْئا من أمتعته بل تبقى مَوْقُوفَة لَهُ إِلَى بُلُوغه، وَلَا أرجع عَلَيْهِ بِشَيْء وأبى الْأَقْرَب إلاّ بيع أمتعته وإنفاقها عَلَيْهِ فَالَّذِي رَجحه ابْن لب وَغَيره نقل الْحَضَانَة للأبعد حَيْثُ لَا ضَرَر على الْمَحْضُون وَلَا نقص مرفق لظُهُور الْمصلحَة الْعُظْمَى بصون مَاله، وَهَذَا إِنَّمَا يتَفَرَّع على الثَّانِي أَيْضا دون الأول. تَنْبِيه: تقدم أَن الحاضن إِذا كَانَت لَهُ خدمَة غير الْحَضَانَة، فَلهُ الْأُجْرَة على ذَلِك، وَأما الْمَحْضُون إِذا كَانَت لَهُ خدمَة فَهَل يرجع بهَا الْأَب على الحاضنة أم لَا؟ فَفِي الْبُرْزُليّ عَن ابْن الرماح: أَن المحضونة إِذا كَانَت تخْدم نَفسهَا فَلَا مقَال لأَبِيهَا وَإِن كَانَت تخْدم الحاضنة خدمَة لَهَا بَال فَيرجع على الحاضنة بِأُجْرَة مثلهَا اه. الْبُرْزُليّ: هَذَا بيِّن إِن لم تكن الحاضنة أمهَا فَإِن كَانَت فَالصَّوَاب أَن لَا أُجْرَة لَهَا كَمَا تجب على أمهَا إِن كَانَ للمحجورة مَال وَأما لَو كَانَت لَهَا صناعَة من غزل أَو غَيره فَإِنَّهُ يرجع بذلك على الحاضنة اه. يُرِيد الحاضنة غير الْأُم بِدَلِيل مَا فِي المعيار من أَنه اخْتلف ابْن عتاب وَابْن الْقطَّان فِي الصبية المحضونة إِذا كَانَت لَهَا صَنْعَة فَاجْتمع لَهَا من صنعتها دَنَانِير، فَأَرَادَتْ أمهَا المختلعة المتحملة أَن تستعين بهَا فِي نَفَقَتهَا فَقَالَ ابْن عتاب: إِن ذَلِك للْأُم تستعين بِهِ فِي نَفَقَتهَا. وَقَالَ ابْن الْقطَّان: لَا يكون لَهَا بل يُوقف للابنة، وَقَول ابْن عتاب أولى، وَفِيه أَيْضا لَا كسب للمحضون بِمَعْنى أَن كَسبه ينْفق عَلَيْهِ، وَقيل لَا ينْفق عَلَيْهِ وَهُوَ أصح اه. فَفرق بَين الْأُم وَغَيرهَا فالأم تستعين بِخِدْمَة الْمَحْضُون دون غَيرهَا كَمَا ترى. وَصَرْفُهَا إلَى النِّسَاءِ ألْيَقُ لأَنَهُنَّ فِي الأُمُورِ أَشْفَقُ (وصرفها) أَي الْحَضَانَة (إِلَى النِّسَاء أليق لِأَنَّهُنَّ فِي الْأُمُور) أَي فِي أُمُور الْحَضَانَة أعرف من الرِّجَال لِأَن الْحَضَانَة من مقتضيات طباعهن، فَلذَلِك قدمهن الشَّارِع صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ على غَيْرهنَّ لِأَنَّهُنَّ (أشْفق) بالمحضون وأرأف وأدرى بمصالحه، وَقَاعِدَة الشَّرْع كَمَا للقرافي أَن يقدم فِي كل ولَايَة من هُوَ أدرى بمصالحه، فَفِي الْحَرْب من هُوَ شُجَاع يسوس النَّاس، وَفِي
(1/646)
________________________________________
الْقَضَاء من هُوَ فَقِيه متأيد بِالدّينِ والفراسة، وَفِي ولَايَة الْأَيْتَام من هُوَ عَارِف بتنمية المَال، وَقد يكون الْمُقدم فِي بَاب مُؤَخرا فِي غَيره، فالمرأة مؤخرة فِي الْإِمَامَة مُقَدّمَة فِي الْحَضَانَة لمزيد شفقتها وصبرها فَهِيَ أقوم بمصالح الطِّفْل. وَكَوْنُهُنَّ مِنْ ذَوَاتِ الرَّحِمِ شَرْطٌ لَهُنَّ وَذَوَاتِ مَحْرَمِ (وكونهن من ذَوَات الرَّحِم شَرط لَهُنَّ) خبر عَن كَون (وَذَات محرم) مَعْطُوف على ذَوَات الرَّحِم أَي شَرط حضَانَة النِّسَاء أَن يكن ذَوَات رحم من الْمَحْضُون كالأم وَالْخَالَة وَالْجدّة ونحوهن، وَأَن يكن مُحرمَات عَلَيْهِ كالخالة وَمن مَعهَا فَإِن لم يكن ذَوَات رحم مِنْهُ كالأم وَالْأُخْت من الرَّضَاع وَزَوْجَة أَبِيه وَنَحْوهَا من الْمُحرمَات بالصهر فَلَا حضَانَة لَهُنَّ، وَكَذَلِكَ إِن كن ذَوَات رحم مِنْهُ وَلم يكن مُحرمَات عَلَيْهِ كبنتي الْخَالَة والعمة وَنَحْوهمَا فَلَا حضَانَة لَهُنَّ أَيْضا، وَفهم مِنْهُ أَن هَذَا الشَّرْط خَاص بِالنسَاء، وَأما الرِّجَال فيستحقون الْحَضَانَة بِمُجَرَّد الْولَايَة وَلَا يشْتَرط فيهم إِلَّا الشُّرُوط الْآتِيَة فِي قَوْله: وَشَرطهَا الصِّحَّة والصيانة الخ. فالرجال يستحقونها بِالشُّرُوطِ الْآتِيَة كَانُوا من ذَوي رَحمَه الْمحرم كالجد وَالْعم، أَو من ذَوي رَحمَه الَّذِي لَيْسَ بِمحرم كَابْن الْعم، أَو لم يَكُونُوا من ذَوي رَحمَه أصلا كالوصي وَالْمولى ومقدم القَاضِي، وَهَذَا الْبَيْت تَقْيِيد للْعُمُوم فِي الْبَيْت قبله أَي إِنَّمَا يَلِيق صرفهَا للنِّسَاء بِشَرْط كونهن من ذَات رَحمَه وَذَوَات محرم مِنْهُ. وَهْيَ إِلَى الإثْغَارِ فِي الذُّكُورِ والاحْتِلاَمُ الحَدُّ فِي المَشْهُورِ (وَهِي) أَي الْحَضَانَة أَي حَدهَا مُسْتَمر (إِلَى الإثغار فِي الذُّكُور) أَي فِي قَول أبي مُصعب وَمن مَعَه وَهُوَ ضَعِيف بِدَلِيل قَوْله: (والاحتلام) مُبْتَدأ خَبره (الْحَد فِي الْمَشْهُور) (خَ) : وحضانة الذّكر للبلوغ وَالْأُنْثَى كَالنَّفَقَةِ الخ. وَهُوَ معنى قَوْله: وَفِي الإنَاثِ لِلدُّخُولِ المنتهَى والأُمُّ أَوْلَى ثُمَّ أُمُّهَا بِهَا (وَفِي الْإِنَاث للدخول الْمُنْتَهى) مُبْتَدأ خَبره فِي الْمَجْرُور قبله أَي تستمر الْحَضَانَة فِي الْأُنْثَى
(1/647)
________________________________________
لدُخُول زَوجهَا بهَا كَمَا تستمر نَفَقَتهَا لدخولها كَمَا قَالَ فِي النَّفَقَات: فَفِي الذُّكُور للبلوغ يتَّصل وَفِي الْإِنَاث بِالدُّخُولِ ينْفَصل فتزف المحضونة لزَوجهَا من بَيت حاضنتها وَلَا مقَال للْأَب بِخِلَاف الْخِتَان، فَإِنَّهُ يختن الْوَلَد عِنْد أَبِيه ثمَّ يرد إِلَى حاضنته. ابْن عَرَفَة: ومستحقها أَبُو الْوَلَد زوجان هما وَفِي افتراقهما أَصْنَاف. الأول الْأُم ونساؤها من لَهَا عَلَيْهِ ولادَة بِسَبَبِهَا، وَأول فصل مِنْهَا أَي من هَذِه الَّتِي لَهَا عَلَيْهِ ولادَة، فالخالة أَحَق من الْجدّة للْأَب لِأَنَّهَا أول فصل مِمَّن لَهَا عَلَيْهِ ولادَة. الثَّانِي: نسَاء الْأَب من لَهَا عَلَيْهِ أمومة كَمَا مر. الثَّالِث: الْوَصِيّ. الرَّابِع: الْعصبَة اه. وَالضَّمِير فِي هما خبر عَن قَوْله مستحقها. وَجُمْلَة وَأَبُو الْوَلَد زوجان مُبْتَدأ وَخبر حَالية خلت من الْوَاو، وَفهم مِنْهُ أَن الْأَصْنَاف الْمَذْكُورَة هِيَ على التَّرْتِيب الْمَذْكُور فَلَا كَلَام للصنف الثَّانِي مَعَ وجود الأول، وَهَكَذَا. وَأما تَرْتِيب أَفْرَاد كل صنف فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ النَّاظِم بقوله: (فالأم أولى) من بَاقِي قرابتها وَأَحْرَى من الْأَصْنَاف الَّتِي بعْدهَا (ثمَّ) إِن لم تكن أم أَو تزوجت أَجْنَبِيّا ف (أمهَا) وَهِي جدة الطِّفْل أولى (بهَا) أَي الْحَضَانَة فَإِن لم تكن أَو تزوجت. فأُمُّهَا فَخَالَةٌ فَأُمُّ الأبْ ثُمَّ أبٌ فَأُمُّ مَنْ لَهُ انْتَسَبْ (فأمها) أَي أم أمهَا أَو أم أَبِيهَا فَإِن اجتمعتا فَأم أمهَا أَحَق بهَا أَي بالحضانة من أم أَبِيهَا فَإِن لم تكن وَاحِدَة مِنْهُمَا فَأم أم أمهَا أَو أم أم أَبِيهَا أَو أم أبي أَبِيهَا أَو أم أبي أمهَا، فَإِن اجْتمع الْأَرْبَع فَأم أم أمهَا أَحَق ثمَّ أم أبي الْأُم وَأم أم الْأَب بِمَنْزِلَة وَاحِدَة ثمَّ أم أبي الْأَب، وعَلى هَذَا التَّرْتِيب أمهاتهن مَا علون قَالَه ابْن عَرَفَة. فَإِن لم تكن وَاحِدَة مِمَّن تقدم. (فخالة) وَهِي أُخْت الْأُم الشَّقِيقَة ثمَّ الَّتِي للْأُم ثمَّ الَّتِي للْأَب فَإِن لم تكن وَاحِدَة مِنْهُنَّ فأخت جدة الطِّفْل وَهِي خَالَة أمه وَخَالَة خَالَته الشَّقِيقَة ثمَّ الَّتِي للْأُم، ثمَّ الَّتِي للْأَب كَمَا مر فِي أُخْت الْأُم. وَهِي خَالَة الطِّفْل، فَإِن لم تكن وَاحِدَة مِنْهُنَّ فأخت الْجد للْأُم وَهِي عمَّة الْأُم وعمة الْخَالَة، وعَلى هَذَا التَّرْتِيب مَا بعد النّسَب من الْأُم. وَهنا انْتهى الْكَلَام على تَرْتِيب الصِّنْف الأول وَهُوَ مقدم على الصِّنْف الثَّانِي الَّذِي بعده إِجْمَاعًا. تَنْبِيهَانِ. الأول: كل من انْتَقَلت لَهُ الْحَضَانَة من هَذِه الْأَفْرَاد يشْتَرط فِي اسْتِحْقَاقه للحضانة أَن لَا يسكن مَعَ من سَقَطت حضانته بتزوج أَو غَيره كَمَا فِي (خَ) وَغَيره. الثَّانِي: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَة: وَللْأَب تعاهد وَلَده عِنْد أمه وأدبه وَبَعثه للمكتب وَلَا يبيت إِلَّا عِنْد أمه. ابْن عَرَفَة: وَيجب كَون الظّرْف الَّذِي هُوَ عِنْد أمه فِي مَوضِع الْحَال من وَلَده لِأَنَّهُ مَعْمُول للفظ تعاهد لِأَن ذَلِك ذَرِيعَة لاتصاله بمطلقته مَعَ زِيَادَة ضَرَر زَوجهَا بذلك.
(1/648)
________________________________________
قلت: وَمِنْه يعلم الحكم فِيمَا يَقع كثيرا من تنَازع الزَّوْج ومطلقته فِي الْوَلَد الصَّغِير كالرضيع والفطيم فتريد هِيَ أَن يَأْتِي إِلَيْهِ أَبوهُ لينْظر حَالَته وَمَا هُوَ عَلَيْهِ عِنْدهَا وَيطْلب هُوَ أَن ترسله إِلَيْهِ لينْظر ذَلِك، فَالْقَوْل لَهُ لَا لَهَا كَمَا يدل عَلَيْهِ قَوْله لِأَن ذَلِك ذَرِيعَة لاتصاله بمطلقته الخ. وَبِه كنت أَفْتيت لما سَأَلَني عَن ذَلِك بعض أَوْلَاد الْأُمَرَاء حِين تنَازع مَعَ مطلقته فِي ذَلِك. ثمَّ أَشَارَ إِلَى تَرْتِيب أَفْرَاد الصِّنْف الثَّانِي بقوله: (فَأم الْأَب) أَي جدة الطِّفْل من جِهَة أَبِيه (ثمَّ) إِن لم تكن أمه أَو كَانَ لَهَا زوج أَجْنَبِي ف (أَب) فَإِن لم يكن (فَأم من لَهُ انتسب) وَهِي جدة الْأَب من أمه أَو أَبِيه وَإِن علت، وَهَذَا على مَا فِي ابْن سَلمُون من أَن الْمَشْهُور أَن الْأَب مقدم على غَيره من قرَابَته، وَمذهب الْمُدَوَّنَة أَن الْأَب مُؤخر عَن أمه وَعَن أم أمه وَأم أَبِيه وَأم أمه أَحَق من أم أَبِيه إِن اجتمعتا، فَإِن لم تكن لَهُ وَاحِدَة مِنْهُمَا فَأم أم أمه أَو أم أم أَبِيه أَو أم أَب أَبِيه أَو أم أبي أمه كَمَا مرّ فِي قَرَابَات الْأُم فَإِن لم تكن وَاحِدَة مِنْهُنَّ فالأب حِينَئِذٍ هَذَا مذهبها وَهُوَ الْمَشْهُور، وَبِه أفتى (خَ) ثمَّ جدة الْأَب ثمَّ الْأَب الخ. وَعَلِيهِ فَلَو قَالَ النَّاظِم: ثمَّ بعيد جدة ثمَّ الْأَب لوافق الْمَذْهَب. فَالأَخْتُ فَالعَمَّةُ ثمَّ ابنَةُ الأَخْ فابْنَةُ أُخْتٍ فَأَخٌ بَعْدُ رَسَخْ (فالأخت) للطفل على مذهبها أَيْضا (فالعمة) لَهُ أَي وَهِي أُخْت الْأَب فَإِن لم تكن فعمة الْأَب فَإِن لم تكن فخالة الْأَب فَإِن لم تكن (فابنة الْأَخ) وَقد علمت أَن النَّاظِم أسقط خَالَة الْأَب كخليل مَعَ أَنَّهَا مُقَدّمَة على ابْنة الْأَخ كَمَا فِي الْمُقدمَات وَغَيرهَا. فَإِن لم تُوجد بنت الْأَخ أَو قَامَ بهَا مَانع (فابنة الْأُخْت) على الْمُعْتَمد كَمَا يفِيدهُ نقل (ق) وَإِن كَانَ (خَ) حكى أقوالاً فِي كَونهَا تقدم على بنت الْأَخ أَو تُؤخر أَو لَا حضَانَة لَهَا من غير تَرْجِيح لشَيْء مِنْهَا فَإِن لم تكن أَو قَامَ بهَا مَانع انْتقل الْحق للصنف الثَّالِث وَهُوَ الْوَصِيّ لِأَنَّهُ أَحَق من الْعصبَة كَمَا يَأْتِي فَإِن لم يكن الْوَصِيّ وَلَا وَصِيّ وَصِيّه انْتقل الْحق للصنف الرَّابِع، وَأَشَارَ إِلَى تَرْتِيب أَفْرَاده بقوله: (فأخ) للطفل (بعد رسخ) أَي ثَبت بعد من ذكر. وَالعصَبَاتُ بَعْدُ وَالْوَصِيُّ أَحَقُّ والسِّنُّ بهَا مَرْعِيُّ (والعصبات) أَي بَقِيَّتهمْ (بعد) الْأَخ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب فالجد من قبل الْأَب بعد الْأَخ ثمَّ ابْن
(1/649)
________________________________________
الْأَخ ثمَّ الْعم ثمَّ ابْنه ثمَّ الْمولى الْأَعْلَى ثمَّ الْأَسْفَل وَهُوَ عَتيق أبي الْمَحْضُون (وَالْوَصِيّ أَحَق) أَي من الْأَخ وَسَائِر الْعصبَة، وَظَاهره كَانَ الْوَصِيّ ذكرا أَو أُنْثَى وَهُوَ كَذَلِك إِلَّا أَنه إِذا كَانَ أُنْثَى فَلهُ الْحَضَانَة مُطلقًا، وَأما إِن كَانَ ذكرا فَإِنَّمَا لَهُ حضَانَة الذّكر أَو الْأُنْثَى الَّتِي لَا تطِيق الْوَطْء أَو أطاقته وَلكنه تزوج بأمها أَو بجدتها حَتَّى صَار محرما، وَإِلَّا فَلَا حضَانَة لَهُ على أحد قَوْلَيْنِ مرجحين، وَهُوَ الَّذِي يجب اعْتِمَاده فِي زمننا هَذَا من غير نظر لكَونه مَأْمُونا أم لَا لغَلَبَة الْفساد، بل وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي فِي العاصب الَّذِي لَيْسَ بِمحرم كَابْن الْعم وَنَحْوه فبقاء المطيقة مَعَ زوج أمهَا أحسن لِأَنَّهُ ذُو محرم مِنْهَا. وَالْوَصِيّ وَابْن الْعم كِلَاهُمَا غير محرم. وَفِي الْمُتَيْطِيَّة التَّصْرِيح بذلك فِي الْوَصِيّ وَابْن الْعم كَذَلِك فِيمَا يظْهر، وَتَأمل مَا يَأْتِي عِنْد قَوْله: وَالسّن بهَا مرعي وَالله أعلم. وَشَمل قَوْله: وَالْوَصِيّ الخ مقدم القَاضِي فَإِنَّهُ يقدم على الْعصبَة كَمَا فِي أقضية الزّرْقَانِيّ، وَلَكِن أَنْت خَبِير بِفساد قُضَاة الْوَقْت كَمَا تقدم فِي الْأَقْضِيَة والشهادات، فيقدمون من لَا يسْتَحق التَّقْدِيم، بل وَلَا تكون فِيهِ شُرُوط تَوْلِيَة الْقَضَاء متوفرة فِي الْغَالِب وَعَلِيهِ فَلَا يَنْبَغِي أَن يقدم مقدمه على الْعصبَة وَالله أعلم. (وَالسّن بهَا مرعي) أَي إِذا تعدد الحاضن وَهُوَ فِي دَرَجَة وَاحِدَة كأخوين أَو أُخْتَيْنِ مثلا، فالأكبر سنا مقدم على من هُوَ أَصْغَر مِنْهُ لِأَنَّهُ أقرب للصبر والرفق بالمحضون، وَكَذَا إِذا تعدد بِوُجُود الشَّقِيق، وَالَّذِي للْأُم فَإِنَّهُ يقدم الشَّقِيق، ثمَّ الَّذِي للْأُم ثمَّ الَّذِي للْأَب فَتقدم الْعمة الشَّقِيقَة، ثمَّ الَّتِي للْأُم ثمَّ الَّتِي للْأَب، وَهَكَذَا (خَ) وَقدم الشَّقِيق ثمَّ للْأُم ثمَّ للْأَب فِي الْجَمِيع، فَإِن تساووا فَيقدم الصيِّن الأسن فَإِن تساووا قدم الأسن فَإِن تساووا فالقرعة، فَإِن كَانَ فِي أَحدهمَا صِيَانة، وَفِي الآخر شَفَقَة فَيقدم الصيِّن على الأشفق، فَإِن تساووا قدم الأسن، فَإِن تزوجت أمه عَمه فَأَرَادَ عَمه الأشفق أَخذه لم يكن لَهُ ذَلِك لِأَن كَونه مَعَ أمه وَعَمه أولى من كَونه عِنْد عَم لَهُ زَوْجَة أَجْنَبِيَّة، وَإِن تزوجت خَالَته عَمه فَأَرَادَ أَبوهُ أَخذه لم يكن لَهُ ذَلِك لِأَن كَونه مَعَ أمه وَعَمه أحسن من كَونه عِنْد أَبِيه الَّذِي زَوجته أَجْنَبِيَّة، لِأَن الْغَالِب مِنْهَا عَلَيْهِ الْجفَاء، وَالْغَالِب من الْأَب أَن يكله إِلَيْهَا قَالَه (ز) وَهُوَ دَاخل فِي قَول النَّاظِم: وَفِي الْإِنَاث عدم الزَّوْج عدا جدا لمحضون بهَا زوجا غَدا وَفِي قَول (خَ) عاطفاً على مَا تسْقط بِهِ الْحَضَانَة أَو يكون محرما، وَأَن لَا حضَانَة لَهُ كالخال أَو وليا كَابْن الْعم الخ.
(1/650)
________________________________________
وَشَرْطُهَا الصَّحَةُ والصِّيَانَهْ وَالحِرْزُ وَالتَّكْلِيفُ وَالديّانَهْ (وَشَرطهَا) أَي الْحَضَانَة زِيَادَة على مَا تقدم فِي قَوْله: وكونهن من ذَوَات الرَّحِم شَرط الخ. (الصِّحَّة) أَي صِحَة جسم الحاضن فالمريض الضَّعِيف الْقُوَّة لَا حضَانَة لَهُ، وَكَذَا الْأَعْمَى والأصم والأخرس والمقعد لِأَنَّهُ لَا يقوم بمصلحة نَفسه، فَكيف يقوم بمصلحة غَيره؟ اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون عِنْده من يحضن كَمَا يفِيدهُ الزّرْقَانِيّ فِي المقعد، وَالظَّاهِر أَن غَيره مِمَّن ذكر كَذَلِك، وَكَذَا من يخَاف من مَرضه الْعَدْوى على مَا جرت بِهِ الْعَادة كالجذام والبرص والجرب الدامي والحكة، وَمن ذَلِك الْمُسَمّى عندنَا بِالْمرضِ الْكَبِير وَهُوَ حب الإفرنج، وَلَو كَانَ فِي الْمَحْضُون مثله لِأَنَّهُ قد تحصل زِيَادَة بانضمامه لمن بِهِ ذَلِك، وَلَو كَانَ عِنْده من يحضن لاحْتِمَال اتِّصَاله بالمحضون بِخِلَاف الْقسم الأول الَّذِي قبله. (والصيانة) فَلَا حضَانَة لغير الصيِّن للحوق المعرة بِعَدَمِ الصون وَظَاهر كَلَامهم وَلَو كَانَ عِنْده من يحضن (والحرز) أَي مَكَان حرز لِئَلَّا يلْحقهُ الضّيَاع كَأَن يكون بِطرف الْعِمَارَة بِحَيْثُ يخْشَى عَلَيْهِ من السبَاع وتصيبه المتوقعات المحذورة كسارق يسرقه أَو يسلبه ثِيَابه وكدخول الْفُسَّاق على الْبِنْت أَو الْوَلَد (والتكليف) فَلَا حضَانَة لغير عَاقل وَلَا لغير بَالغ لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون الْمَحْضُون مَعَهُمَا فِي حفظ وصيانة. وَفِي الْفَائِق: أَن الصَّبِي الصَّغِير لَهُ الْحَضَانَة وحاضنه يحضن لَهُ قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيم الْأَعْرَج: وَبِه الْفَتْوَى اه بِنَقْل (تت) وَمثله فِي (ز) عِنْد قَول المُصَنّف: ورشد لَا إِسْلَام الخ. وَكَذَا ذكره طفي عِنْد قَول المُصَنّف، وَشرط الحاضن الْعقل الخ. ونظمه فِي الْعَمَل الْمُطلق. قلت: وَلَعَلَّ هَذَا خَاص بالحاضن الذّكر، وَأما الْأُنْثَى فَلَا لِأَنَّهُ قد تكون حضانتها لَيست محرما من محضون الصَّبِي وَلَا أشْفق عَلَيْهِ إِلَّا أَن تكون حاضنته مِمَّن تسْتَحقّ حضَانَة الصَّبِي الْمَحْضُون إِلَّا أَنَّهَا مُتَأَخِّرَة فِي الْمرتبَة فَتَأَمّله. (والديانة) فَلَا حضَانَة لفاسقة وَلَا لفَاسِق، فَرب أَب شريب يذهب يشرب الْخمر وَيتْرك ابْنَته يدْخل عَلَيْهَا الرِّجَال وَلَا يشْتَرط كَون الحاضنة مسلمة على الْمَشْهُور، بل للذمية من الْحَضَانَة مَا للمسلمة إِن كَانَت فِي حرز وَلم يخْش عَلَيْهَا من تغذيتهم الْخمر وَالْخِنْزِير كَمَا فِي (ح) وشروحه.
(1/651)
________________________________________
تَنْبِيهَانِ. الأول: ظَاهر قَول النَّاظِم والتكليف والديانة الخ. أَنه لَا يشْتَرط فِي الحاضنة أَن تكون رَشِيدَة، وَهُوَ كَذَلِك حَيْثُ كَانَت حافظة لما تقبضه من نَفَقَة محضونها، أَو كَانَ لَهَا ولي وإلاَّ فَلَا كَمَا أفتى بِهِ ابْن هَارُون، وَهُوَ الصَّوَاب كَمَا فِي ابْن عَرَفَة. انْظُر شرَّاح الْمَتْن ونظم الْعَمَل الْمُطلق. الثَّانِي: ظَاهر النّظم أَيْضا أَن الحاضن إِذا نوزع فِي شَرط من هَذِه الشُّرُوط فَإِن عَلَيْهِ إثْبَاته لِأَن الأَصْل عدم الشُّرُوط حَتَّى يثبت وجودهَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي صرح بِهِ (خَ) فِي الْأَمَانَة حَيْثُ قَالَ: وأثبتها أَي يجب على الحاضن أَن يثبت الْأَمَانَة إِن نوزع فِيهَا، وَلَا مَفْهُوم للأمانة بل غَيرهَا من الشُّرُوط مِمَّا عدا الصِّحَّة كَذَاك، وَأما الصِّحَّة فَإِن القَوْل لمدعيها لِأَنَّهَا الأَصْل فِي النَّاس ومدعي خلَافهَا عَلَيْهِ الْإِثْبَات. وَقد اقْتصر ابْن رحال فِي حَاشِيَته هُنَا لما فِي (خَ) من وجوب الْإِثْبَات مُصَرحًا بِأَنَّهُ الْمَذْهَب. قلت: وَهُوَ الظَّاهِر لِأَنَّهُ الَّذِي تشهد لَهُ الْقَوَاعِد والظواهر، وَاعْتِرَاض الشَّيْخ الرهوني عَلَيْهِ فِي حَاشِيَته على الْمُخْتَصر بِأَنَّهُ لَا مُسْتَند لخليل إِلَّا كَلَام ابْن الْقصار وَابْن الْهِنْدِيّ وَابْن فتوح، وَمن وافقهم. وَهَؤُلَاء إِنَّمَا اعتمدوا فِي ذَلِك على أَخذهم إِيَّاه من الْمُدَوَّنَة وَلَيْسَ أَخذهم مِنْهَا بِمُسلم الخ. غير ظَاهر كَمَا يعلم ذَلِك بمراجعة المطولات وملاحظة الْقَوَاعِد واعتراضه أَيْضا بِأَنَّهُ لَو كلف الحاضن بِإِثْبَات الْأَمَانَة لكلف بذلك الْأَب عِنْد انْتِقَال الْحَضَانَة إِلَيْهِ يرد بِأَن الْأَب هُوَ الأَصْل لما جبل عَلَيْهِ من الحنانة والشفقة، وَلِأَنَّهُ الدَّافِع لِلْمَالِ، وَقد كَانَ الْوَلَد فِي حفظه وَنَفَقَته فَلَا يلْزمه دفع الْوَلَد وَالنَّفقَة للحاضنة، أما كَانَت أَو غَيرهَا حَتَّى تثبت أمانتها وديانتها لِئَلَّا يضيع عَلَيْهِ مَاله أَو وَلَده، فَلَا يُقَال: إِن إِثْبَات ذَلِك لَازم لَهُ أَيْضا إِذا أَرَادَ الْحَضَانَة بِنَفسِهِ لأَنا نقُول الْكَلَام إِنَّمَا هُوَ فِي نقل الشَّيْء عَن أَصله أَي: فَلَا ينْقل عَنهُ وَلَا يحكم عَلَيْهِ الشَّرْع بِدَفْعِهِ إِلَّا لمن يوثق بِهِ، وَلَو كَانَ هُوَ مسخوطاً غير مرضِي الْحَال، وإلاَّ لزم الْخُرُوج من سخطَة إِلَى مثلهَا أَو أقبح مِنْهَا، وَذَلِكَ من الْعَبَث الَّذِي لَا يحكم بِهِ الشَّرْع وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ للطفل، وَأما بِالنِّسْبَةِ للنَّفَقَة فَلَا إِشْكَال أَنه لَا يلْزمه دَفعهَا إِلَّا لموثوق بِهِ كَمَا مر، وَهَكَذَا أَيْضا يُقَال فِي كل من طلب انتقالها إِلَيْهِ لِأَن الْكَلَام إِنَّمَا هُوَ مَفْرُوض عِنْد التشاح والحائز للْوَلَد إِن مَاتَ الْأَب مثلا لَا يلْزمه دفع الْوَلَد إِلَّا لموثوق بِهِ لكَون الشَّارِع أمره بذلك لِئَلَّا يُوقع الْوَلَد فِي مضيعة فَلَا يخرج الْوَلَد من يَد من ثَبت لَهُ عَلَيْهِ مُحَافظَة وَلَو لَحْظَة إِلَى أَمر مُحْتَمل مَشْكُوك فِي كَونه أَسْوَأ حَالا من الْحَائِز أَو مثله وَالله أعلم. وَفِي الإنَاثِ عَدَمُ الزَّوْج عَدَا جدًّا لِمَحْضُونٍ لهَا زَوْجاً غَدَا (و) شَرطهَا (فِي الْإِنَاث) بخصوصهن زِيَادَة على مَا تقدم (عدم الزَّوْج) فَإِن الحاضنة إِذا تزوجت وَدخل بهَا زَوجهَا سَقَطت حضانتها (عدا) فعل دَال على الِاسْتِثْنَاء، وَمَعْنَاهُ جَاوز وفاعله ضمير عَائِد على الْمصدر الْمَفْهُوم من الْكَلَام السَّابِق (جدا) مفعول بعدا (لمحضون) صفة لجد (لَهَا)
(1/652)
________________________________________
صفة فِي الأَصْل للنكرة بعده إِلَّا أَنه لما قدم عَلَيْهَا يعرب حَالا لِأَن الصّفة لَا تتقدم على الْمَوْصُوف (زوجا) مفعول لقَوْله (غَدا) وَالْجُمْلَة صفة لجد أَيْضا، وَالتَّقْدِير وَشَرطهَا فِي الْإِنَاث عدم الزَّوْج، فَإِن وجد سَقَطت وَجَاوَزَ السُّقُوط جد الْمَحْضُون صَار زوجا لَهَا أَي للحاضنة وَيلْحق بالجد كل ولي للمحضون وَلَو ولي المَال، وَإِن لم يكن محرما لَهُ كَابْن الْعم وَالْوَصِيّ وكل محرم، وَإِن لم تكن لَهُ الْحَضَانَة كالخال، فَإِن تزوج الحاضنة بِوَاحِد من هَؤُلَاءِ كتزوجها بالوصي أَو ابْن الْعم أَو كتزوج عمَّة الطِّفْل بخالة لَا يسْقط حضانتها وَلَو كَانَ للمحضون هُنَاكَ حاضنة أقرب إِلَيْهِ مِنْهَا فارغة من الزَّوْج كَمَا مر عِنْد قَوْله: وَالسّن بهَا مرعي خلافًا لما فِي اليزناسني هُنَا. وَلما فِي (ز) عِنْد قَول (خَ) أَو وليا كَابْن الْعم. وَبَيَانه أَنا إِذا قُلْنَا: إِنَّمَا تبقى حضانتها بعد تزَوجهَا بالولي الْمحرم إِذا لم يكن هُنَاكَ من يَسْتَحِقهَا قبل ابْن الْعم مثلا كَمَا يَقُوله اليزناسني و (ز) كَانَ الِاسْتِثْنَاء فِي النّظم و (خَ) ضائعاً وَلَو قَالَ النَّاظِم: وَفِي الْإِنَاث عدم الزَّوْج عدا وليا محرما لَهَا زوجا غَدا لشمل كل ولي وكل محرم، وَيكون لفظ محرما مَعْطُوفًا بِحَذْف العاطف وَضمير عدا يعود حِينَئِذٍ على من ذكر. وَحَاصِله: أَن الزَّوْج الثَّانِي إِمَّا أَن يكون محرما أَو لَا. وَفِي كل مِنْهُمَا إِمَّا أَن تكون لَهُ الْحَضَانَة أَو لَا. فالأقسام أَرْبَعَة تسْقط حضَانَة المتزوجة بِوَاحِد وَهُوَ مَا إِذا كَانَ غير محرم وَلَا حضَانَة لَهُ كَابْن الْخَال وَالْأَجْنَبِيّ وَلَا تسْقط فِي الْبَاقِي وَهُوَ الْمحرم الَّذِي لَهُ الْحَضَانَة كالعم، وَالَّذِي لَا حضَانَة لَهُ كالخال وَغير الْمحرم الَّذِي لَهُ الْحَضَانَة كَابْن الْعم (خَ) : وللذكر من يحضن وللأنثى الْخُلُو عَن زوج دخل إِلَّا أَن يعلم ويسكت الْعَام أَو يكون محرما وَأَن لَا حضَانَة لَهُ كالخال أَو وليا كَابْن الْعم الخ فَقَوله: وللذكر من يحضن أَي يشْتَرط فِي الحاضن الذّكر أَن يكون عِنْده من يحضن لَهُ من زَوْجَة أَو سَرِيَّة أَو متبرعة، وَأَن يكون الْمَحْضُون ذكرا أَو أُنْثَى غير مطيقة، وَأما المطيقة للْوَطْء فَلَا حضَانَة لَهُ عَلَيْهَا وَلَو مَأْمُونا ذَا أهل خلافًا لأصبغ، وَقَوله: إِلَّا أَن يعلم مُسْتَثْنى من مَفْهُوم دخل كَمَا أَن الِاسْتِثْنَاء فِي النّظم من مَفْهُوم عدم الزَّوْج كَمَا قَررنَا، وَمَفْهُومه أَنه إِذا لم يعلم مُسْتَحقّ الْحَضَانَة بعْدهَا بتزوجها ودخولها، أَو علم وَلم يسكت أَو سكت أقل من عَام لم تسْقط حضانته، وَهُوَ كَذَلِك كَمَا فِي اللَّخْمِيّ وَغَيره، وَانْظُر لَو علم بتزوجها ودخولها وَسكت عَاما إِلَّا أَنه جهل كَون سُكُوته مسْقطًا لحقه فَفِي (ز) أَن ذَلِك عذر يُوجب لَهُ عدم سُقُوط حَقه فِي الْحَضَانَة، وَاعْتَرضهُ الشَّيْخ الرهوني فِي حَاشِيَته بِأَنَّهُ لم يره مَنْصُوصا قَالَ: والجاري على مَا يَأْتِي من سكُوت الشَّفِيع أَنه لَا يعْذر بِالْجَهْلِ بالحكم اه. قلت: قد يُقَال من حفظ حجَّة على من لم يحفظ وَلَا يُقَاس سكُوت الحاضنة على سكُوت الشَّفِيع لشهرة حكم سكُوت الشَّفِيع عِنْد النَّاس دون حكم سكُوت الحاضنة وَالله أعلم. ثمَّ إِذا سكت الْعَام فَهَل تسْقط حضانتها وحضانة من علم أَيْضا وَهُوَ فِي الْمرتبَة بعْدهَا كَمَا قَالُوا فِي
(1/653)