مفهوم الحكومة الديمقراطية
________________________________________
خطة البحــــــث
المقدمة :
الإشكالية
المبحث الأول : ماهية الديمقراطية
المطلب الأول : تعريف ومضمون الديمقراطية
الفرع الأول : تعريف الديمقراطية
الفرع الثاني : مضمون الديمقراطية
المطلب الثاني : تطور مفهوم الديمقراطية
الفرع الأول : المفهوم التقليدي
الفرع الثاني: المفهوم المعاصر
المطلب الثالث : مبادئ وأهداف الديمقراطية
الفرع الأول : أهداف الديمقراطية
الفرع الثاني : مبادئ الديمقراطية
المبحث الثاني : صور من التطبيقات الديمقراطية
المطلب الأول : الديمقراطية المباشرة
المطلب الثاني : الديمقراطية الغير المباشرة ( النيابية)
المطلب الثالث : الديمقراطية الشعبية
المبحث الثالث : مميزات الديمقراطية
المطلب الأول : تطور التمثيل الشعبي
الفرع الأول : مضمون الإنتخاب
الفرع الثاني : أنواع النظم إنتخابية
المطلب الثاني: المعارضة السياسية
الفرع الأول : الأحزاب السياسية
الفرع الثاني : الجماعات الضاغطة
الخاتمة
المــقــدمة
قيل عن الديمقراطية الكثير فقد أضحت مرادفا لحقوق الإنسان وحرياته
الأساسية وبقدر ما تبدو هذه الحقوق والحريات مكبوته أو مسلوبه أو معدلة
بقدر ما تشتد الحاجة الكيانية إلى الديمقراطية وهي تتمحور في حدها الأدنى
حول إعتبار الإنسان قيمة في ذاته وحقه فرد أو جماعة في التعبير عن ٍايه
وفي المشاركة في وضع القرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي من أجل تحقيق
تقدمه وسعادته ونهضة الوطن ورقيه.
إن الديمقراطية لا تعني إغتضاب حقوق
المجتمع ولا تعني السلبية والإهمال والتسيب وإنما نعني الحوار الديمقراطي
المتكافئ فهو صمام الأمان في مواجهة تحديات المستقبل .
فما هي المفاهيم التي عرفتها الديمقراطية ؟ وصور التي اكتسبتها عبر مختلف مراحل تطورها ؟ وما مدى نجاعتها في تسير نظم الحكم .
المبحث الأول
ماهية الديمقراطية
المطلب الأول
تعريف ومضمون الديمقراطية
الفرع الأول
تعريف الديمقراطية
الشائع في الفقه أن كلمة الديمقراطية تجد أصلها الإغريقي القديم وهي تتكون
من مقطعين يونانيين " Demod " ومعناها " الشعب" و"Kartod" ومعناها "
السلطة " وبالتالي فالديمقراطية هي سلطة الشعب أو حكم الشعب حسب التعبير
الحديث(1) .
وقد ظهر الكثير من التعريفات لهذا المصطلح فقد عرفها
الرئيس الأمريكي السابق " أبراهام لتكون في إحدى خطبه بأنها : حكم الشعب
بواسطة الشعب ومن أجل الشعب وتدل كلمة الشعب على أن يكون الحكم ملكا للشعب
ويختص به وتشير عبارة الشعب إلى إشراك المواطنين في وضع السياسة وممارسة
الرقابة على ممثليهم أو نوابهم وتعني عبارة من أجل الشعب أن الحكومة في
خدمة الشعب ليس مجرد درعا لهذه الحكومة وذهب " لورد برايس" إلى أن
الديمقراطية شكل من أشكال الحكم تكون فيه السلطة الحاكمة في الدول ممثلة
قانونيا في أعضاء الجماعة ككل وليس في طبقة أو طبقات معينة، وعرفها " جون
نسيوارت " قبله بأنها شكل من أشكال الحكم يمارس فيه الشعب كله أو القسم
الأكبر منه سلطة الحكم من خلال نواب ينتخبونه بأنفسهم بصورة دورية وعرفها
" سيالي" بأنها الحكم الذي يشـارك فيه كل فرد من أفراد المجتمع .
--------
(1) – د/ سعيد بوشعير، ( القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة )، ح2 ،ط5 ، الجزائر ، ديوان المطبوعات الجامعية ، 2003، ص 49
الفرع الثاني
مضمون الديمقراطية
إن مضمون الديمقراطية السياسي والدستوري بالديمقراطية يكمن في المشاكل
الفعلية والمباشرة و المستمرة للمواطنين في تحديد إختيارات وسياسة البلاد
وفي تطبيقها ضمان الحريات الفردية والجماعية العامة وهي سياسة تسمح
للمواطنين بمراقبة السلطة الحاكمة والتعبير عن رفضهم لسياستها عند الحاجة
وبعزلها إن إستدعى الأمر ذلك ويمتد ضمان الحريات إلى حرية الإعلام الذي
يجب أن يعبر عن كافة الآراء والإتجاهات التعددية السياسية فعن طريقها يصبح
ممكن تعدد الإختيارات والبدائل والحلول لمختلف المشاكل ، العمل برأي الأغلبية الذي يجب أن إليه غير أن ذلك لا يعني إضطهاد ومحو وجهة نظر الأقل بل لابد
من إحترام رأيها كمعارضة وهي ضرورية للديمقراطية فهي تحقق التوازن و تسمح
بمراقبة الأغلبية وتطبق تطرفها إذ أمكن ذلك ويمكن القول أن كل أغلبية ليس
لها معارضة دليل على قمع للآراء وإنعدام حرية التعبير تعدد المؤسسات
الممارسة للسلطة من أجل منع الإستبدال لا يجب تركيز ،كامل السلطة السياسية
بيد شخص واحد أو هيئة واحدة بل يجب توزيع السلطة على مؤسسات متعددة تراقب
بعضها وتمنع إستحواذ إحداها على السلطة وفي هذا الإطار يلعب مبدأ الفصل
بين السلطات دور أساسي على المستوى الدستوري لتحقيق هذه الغاية .
المطلب الثاني
تطور المفهوم الديمقراطي
لقد عرف مصطلح الديمقراطية تداولا واسعا ومدلولات متعددة ومتعارضة أحيانا
حتى أصبح شعارا يرفع على كل الجبهات وإشارة يجعلها كل من يبحث عن شرعية
الحكم أو شرعية المعارضة مما أدى إلى الصعوبة في إيجاد معنى واضح ودقيق
للديمقراطية في أكثر الدراسات دقة وأدقها تحليلا حيث ورد في قاموس السياسة
أن الديمقراطية هي المصطلح الأكثر تقديرا والأكثر غموضا من بين المصطلحات
السياسية في العالم المعاصر..... إن الكلمة اليونانية القديمة تعني الحكم
بواسطة الشعب ، إن الديمقراطية في ذاتها تعني أكثر قليلا من أن السلطة
السياسية وبمعنى عام هي بأيدي البالغين من السكان وأن ما من فئة صغيرة لها
الحق أن تحكم ، أما الدكتور " ناجي علوش" فيعرف الديمقراطية على أنها حكم
الشعب أي حكم العامة لا الأباطرة ولا القياصرة ولا رجال الدين وهو الحكم
الذي يعبر عن إرادة الشعب ويخدم مصالحة .
غير أن الوقوف على المعنى الحقيقي للديمقراطية يقتضي معرفة الظروف و الملابسات التي صاحبت نشأة هذا المفهوم وتطوره (1(
--------------
(1) – العلجة مناع "دروس في الفقه الدستوري والنظم السياسية " ،المركز الجامعي خميس مليانة ، 2009
الفرع الأول
المفهوم التقليدي
فقد ارتبطت نشأة الديمقراطية بتطور المجتمعات والنظم السياسية التي إنتقلت
من الحكم بمقتضى العادات والتقاليد إلى الحكم بمقتضى القانون بدأ من قانون
حمورابي ليصبح مهما في مرحلة ثانية البحث عن صيغ حكم عادلة ، ولقد كانت
آخر مراحل هذا التطور مرحلة الديمقراطي في قلب المنظمة الأرستقراطية والملكية التي كانت تسود أوربا
قبل الثورة الفرنسية وقد أفضى هذا التطور إلى المنظومة الديمقراطية
الرأسمالية التي سندتها الثورات الفرنسية والأمريكية بقوة إعلامية هائلة .
إن الديمقراطية في مفهومها القديم تحمل في جوهرها مثلا أعلى هو المساواة
وأن النظام والمؤسسات والعلاقات التي تلقب بالديمقراطية هي تلك التي تعظم
المساواة بين البشر في فرض الحياة لقد كانت الديمقراطية بهذا المفهوم سلاح
الفقراء والضعفاء لينتزعوا حقوقهم السياسية والإجتماعية من الصفات
المتميزة وهي بذات المفهوم تعود بجذورها إلى " سقراط " و" أفلاطون" و"
أرسطو" وإلى التطبيق الأثيني والمدن الإغريقية والرومانية القديمة .
غير أن الديمقراطية الليبرالية التي تعتبر الأساس الفلسفي للديمقراطية
الغربية والتي تبلورت في القرنين السابع والثامن عشر تؤكد على أن
الديمقراطية هي شكل من أشكال أنظمة الحكم ولا تتعلق بالمضمون الإجتماعي
وأن جوهرها هو الحرية وليست المساواة التي لا تدخل فيها إلا بمعنى
المساواة السياسية بين المواطنين فمنذ القرن الثامن عشر والديمقراطية تموج
بين مفهومين متناغمين الأول بتأثير " مونتسكيو" والثاني بتأثير من " روسو"
.
ــ "فمونتيكيو" تعتبر السلطة السياسية شرا لا بد منه ويعتبر الشعب
مجموعة أفراد أو تجمعات خاصة يجب حمايتها وحماية مصالحها من تعديات السلطة
فأصبح غاية المؤسسات هو ضمان أعضاء المجتمع المدني ضد السلطة على الأصول
الشرعية التي تحد من نطاق السلطة وأفضل نظام هو ذلك يؤمن هذا التقليد عن
طريق تنظيم عملي للوظيفة الحكومية كالفصل بين السلطات فحرية المواطنين لا
تنتج إلا عن المقاومة العنيدة لإمتداد السلطة .
ــ أما " روسو " فيذهب
إلى ضرورة البحث عن تعريف إيجابي لا سلبي للحرية السياسية من خلال
المشاركة في السلطة شريطة أن تكون هذه المشاركة ناتجة عن الرضا ولم تفرضها
القوة أو الدعاية ومن هنا يكون المواطن الذي يشارك في سماه " روسو"
الإدارة الجماعية أكثر من المواطن الذي يقاوم قرارات السلطة السياسية وإن
كان هناك من يرى عدم إمكانية المشاركة الفعلية للمواطنين والجماعات في
ممارسة السلطة كما أشار إلى ذلك "شوفاليه" بقوله : بما أنه جلي أن المجتمع
لا يستطيع في الحقيقة والوقائع أن يواجه نفسه بنفسه وأن الجماعة التي
تديره تبقى في الحقيقة والواقع متميزه عن الجماعة الواسعة التي تطيع ،فإن
الدولة في الحقيقة والواقع تستمر في كونها هو وهم مع استمرارها كونها نحن
في حقل التجريد .
-------------
(1) – نفس المرجع
الفرع الثاني
المفهوم الحديث للديمقراطية
لقد ساد في الوقت الحالي المفهوم الليبرالي للديمقراطية لكن هذا المفهوم
يحاول أن يأخذ بعين الإعتبار بعض جوانب المفهوم الإشتراكي خاصة الجانب
الإقتصادي والإجتماعي ، فلم تعد الديمقراطية ذات مضمون سياسي فقط بل أصبح
لها مضمون إقتصادي واجتماعي حتى في الفكر الليبرالي .
أ- المضمون
الإقتصادي والإجتماعي : أي أن يكون للديمقراطية غاية اجتماعية تتمثل في
التحرير الإنسان من الحاجة والقيود واللمسات الإقتصادية لذا يتم توجيه
الإقتصاد من أجل توزيع أفضل للدخل الوطني للثروة الوطنية واشتراك العمال
والأجراء لتسيير المؤسسات الإقتصادية والاجتماعية إلى جانب قيام الدولة
لضمان حد أدنى من المستوى المعيشي لكافة المواطنين من خلال الضمان
الإجتماعي والمنح المختلفة ومن خلال توفير التعليم والصحة والنقل والسكن
إلى غير ذلك من الإمكانيات التي تسمح لأي مواطن أن شارك في الحياة
السياسية بشكل فعال(1(
ب- المضمون السياسي والدستوري : يتجلى المضمون السياسي للديمقراطية الليبرالية أساسا فيما يلي :
1- المشاركة الفعلية والمباشرة والمستمرة للمواطنين في تحديد إختيارات وسياسة البلاد وفي تطبيقاتها .
2- ضمان الحريات الفردية والجماعية الخاصة والعامة لأنها وسيلة تسمح للمواطن
بمراقبة السلطة الحاكمة والتعبير عن رفضهم لسياستها عند الحاجة وبعزلها
الأمر ذلك وباختيار أحسن الحلول للبلاد من بين عدة بدائل ويمتد ضمان
الحريات إلى حرية الإعلام الذي يعبر عن كافة الآراء والإتجاهات.
3- التعددية السياسية في أي الليبرالي أنه يستحيل ممارسة الشعب لسيادته بدون تعددية سياسية .
رفض الهيمنة الإيديولوجية فالديمقراطية ترفض كل إيديولوجيا أو مذهب سياسي أو
غيره يرفض نفسه بإعتباره دائما وخالدا وثابتا ولا يقبل الإختلاف مثلما
يزعم ذلك الفكر الماركسي بل كل شيء منظور ونسبي .
4- الحل بٍاي الأغلبية التي يجب أن تنصاع إليه الأقلية ويمكن القول أم كل
الأغلبية التي ليس لها معارض دليلا على قمع للآراء وإنعدام لحرية التعبير .
5-تعدد المؤسسات الممارسة للسلطة حيث لا يجب تركيز كامل السلطة السياسية بيد
شخص واحد أو هيئة واحدة بل يجب توزيع السلطات على مؤسسات متعدده تراقب
بعضها البعض وتمـنع إستحواذ إحداها على السلطة من أجل(2) منع الإستبداد
--------
(1) – د/ الأمين شريط،( لوجيز في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية المقارنة، ط2، الجزائر ديوان المطبوعات الجامعية، 2002، ص 122
(2) – نفس المرجع ، ص185