دخول الشهر القمري بين رؤية الهلال والحساب الفلكي
إعداد :
فهد بن علي الحسون
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، الحمد لله القائل : {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} (36) سورة التوبة ، الحمد لله القائل : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (3) سورة المائدة ، الحمد لله الذي أنزل هذا الدين الكامل الصالح لكل زمان ومكان ، الحمد لله الذي أنعم علينا بكوننا منتسبين إلى هذا الدين العظيم ، والصلاة والسلام على النبي الصادق الأمين ، الذي بيّن ما أنزل إليه غاية التبيين عملاً بقول الله الحكيم العليم : {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (44) سورة النحل ، وقوله جل جلاله : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (67) سورة المائدة ، فبيّن – عليه الصلاة والسلام – للأمة جميع أمور دينها ، وتركهم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، ومن جملة ما بيّنه لهم أن بيّن لهم كيف يحسبون الشهور والأعوام ، وكيف يعرفون أن هذا الشهر خرج ، وذاك دخل ، حتى عرف المسلمون ذلك عـلى أكمل وجه ، حتى استغـنى المسلمون بما بـينـه لهم نـبيـهم – صلى الله عـليه وسلم – عن غيره ؛ لأنه لم يترك موضع نقـص ولا خـلل ، بل بيّن لهـم أمور ديـنهـم عـلى أكـمـل وجه ، بحيث لا يحـتاجـون بعـد ذلـك إلى اخـتـراع في أمور دينهم ؛ لذلك قال الفـقـهـاء : [الأصل في العـبادات الحضر] ، وضل المؤمنون الصادقون ما يزيد على أربعة عشر قرناً آخذين بتلك التعليمات ، ولم يشعروا في يوم من الأيام أنها عاجزة عن الإيفاء بالغرض ، فصلاة الله وسلامه على أشرف الأنبياء والمرسلين ، النبي المصطفى الأمين ، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمـعـين.
وبعد :
فقد استعنت بالله سبحانه وتعالى على كتابة هذا البحث ، ولله الحمد على أن أعانني ووفقني لإتمام هذا البحث ، والحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وعنوان البحث هو " دخول الشهر القمري بين رؤية الهلال والحساب الفلكي".
ولا تخفى الأهمية الكبيرة لهذا الموضوع ، حيث يتوقف على إثبات دخول الشهر القمري جميع العبادات المؤقتة ، وعليه فلو أخطأ المسلم في تحديد دخول الشهر القمري فإنه يترتب على ذلك إيقاع العبادة في غير موضعها (1)، يُضاف إلى ذلك كثرة الشوشرة في هذا الموضوع ، وكثرة من خاض فيه من العالم والجاهل ، فلذلك كله اخترت هذا الموضوع.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أتقدم بالشكر لكل من ساهم معي في إخراج هذا البحث , وأسأل الله لهم الأجر والمثوبة.
خطة البحث :
قد قسمت البحث إلى : مقدمة ، وتمهيد ، وفصلين ، وخاتمة ، وفهارس:
• التمهيد ويتضمن أربعة مباحث :
1- تعريف الشهر القمري.
2- تعريف رؤية الهلال.
3- تعريف الحساب الفلكي.
4- ما يترتب على دخول الشهر القمري.
_______________
(1) لمزيد من الإيضاح عن أهمية هذا الموضوع انظر (صـ 10- 11).
• الفصل الأول بعنوان " بمَ يثبت دخول الشهر القمري" ويتضمن ثلاثة مباحث :
1- دخول الشهر بثبوت رؤية الهلال..
2- دخول الشهر بإتمام الشهر السابق ثلاثين يوماً.
3- دخول الشهر بالحساب الفلكي.
قد قسمت البحث إلى : مقدمة ، وتمهيد ، وفصلين ، وخاتمة ، وفهارس:
• التمهيد ويتضمن أربعة مباحث :
1- تعريف الشهر القمري.
2- تعريف رؤية الهلال.
3- تعريف الحساب الفلكي.
4- ما يترتب على دخول الشهر القمري.
_______________
(1) لمزيد من الإيضاح عن أهمية هذا الموضوع انظر (صـ 10- 11).
• الفصل الأول بعنوان " بمَ يثبت دخول الشهر القمري" ويتضمن ثلاثة مباحث :
1- دخول الشهر بثبوت رؤية الهلال..
2- دخول الشهر بإتمام الشهر السابق ثلاثين يوماً.
3- دخول الشهر بالحساب الفلكي.
• الفصل الثاني بعنوان " ثبوت دخول الشهر القمري بالحساب الفلكي" ، وذكرت فيه الخلاف في هذه المسألة ، وذكرت فيه المطالب التالية :
1- منشأ الخلاف.
2- الأقوال في المسألة.
3- القول الأول.
4- أدلة القول الأول.
5- القول الثاني.
6- أدلة القول الثاني.
7- القول الثالث.
8- أدلة القول الثالث.
9- تفنيد الخلاف الحادث في هذه المسألة.
10- الحساب الفلكي في إثباته للشهور القمرية ظني.
11- الترجيح.
1- منشأ الخلاف.
2- الأقوال في المسألة.
3- القول الأول.
4- أدلة القول الأول.
5- القول الثاني.
6- أدلة القول الثاني.
7- القول الثالث.
8- أدلة القول الثالث.
9- تفنيد الخلاف الحادث في هذه المسألة.
10- الحساب الفلكي في إثباته للشهور القمرية ظني.
11- الترجيح.
• الخاتمة ، وتشتمل على :
1- النتائج.
2- التوصيات.
• الفهارس وهي :
1- فهرس المصادر والمراجع.
2- فهرس الآيات.
3- فهرس الأحاديث.
4- فهرس الأعلام.
5- فهرس الموضوعات.
1- النتائج.
2- التوصيات.
• الفهارس وهي :
1- فهرس المصادر والمراجع.
2- فهرس الآيات.
3- فهرس الأحاديث.
4- فهرس الأعلام.
5- فهرس الموضوعات.
منهج البحث :
المنهج الذي سرت عليه في هذا البحث هو كما يلي :
1- أوثق الأقوال التي أنقلها من كتب القائلين بها أنفسهم ما استطعت ، وإلا ذكرت الكتب التي ذكرت ذلك النقل.
2- في المذاهب الفقهية الأربعة ، أوثق قول كل مذهب من كتب المذهب نفسه.
3- اذكر الآية القرآنية بين القوسين التاليين : { ... } ، وألتزم ذكر رقم الآية ، والسورة التي وردت فيها تلك الآية.
4- اذكر الحديث النبوي بين القوسين التاليين : « ... » ، وألتزم تخريجه من الكتب السبعة : صحيح البخاري ، صحيح مسلم ، سنن أبي داود ، سنن الترمذي ، سنن النسائي ، سنن ابن ماجه ، مسند الإمام أحمد ، وإن لم يكن الحديث في الصحيحين بيّنت درجة ذلك الحديث بأقوال الأئمة.
5- إذا نقلت قولا من أقوال العلماء أو غيرهم ، فإن وضعت الإشارتين التاليتين : " ... " فمعنى ذلك أني ألتزم بنقل القول حرفياً ، وأما إن نقلت قولا بدون تلك الإشارتين ، فمعنى ذلك أني سوف أنقله بالمعنى.
6- ما استفدته من عالم أو كاتب أو كتاب فإني أوثق ذلك بذكر الشخص الذي استفدت منه ذلك المعنى ، وما لم اذكر فيه توثيقاً فإني لم استفده من أحد.
المنهج الذي سرت عليه في هذا البحث هو كما يلي :
1- أوثق الأقوال التي أنقلها من كتب القائلين بها أنفسهم ما استطعت ، وإلا ذكرت الكتب التي ذكرت ذلك النقل.
2- في المذاهب الفقهية الأربعة ، أوثق قول كل مذهب من كتب المذهب نفسه.
3- اذكر الآية القرآنية بين القوسين التاليين : { ... } ، وألتزم ذكر رقم الآية ، والسورة التي وردت فيها تلك الآية.
4- اذكر الحديث النبوي بين القوسين التاليين : « ... » ، وألتزم تخريجه من الكتب السبعة : صحيح البخاري ، صحيح مسلم ، سنن أبي داود ، سنن الترمذي ، سنن النسائي ، سنن ابن ماجه ، مسند الإمام أحمد ، وإن لم يكن الحديث في الصحيحين بيّنت درجة ذلك الحديث بأقوال الأئمة.
5- إذا نقلت قولا من أقوال العلماء أو غيرهم ، فإن وضعت الإشارتين التاليتين : " ... " فمعنى ذلك أني ألتزم بنقل القول حرفياً ، وأما إن نقلت قولا بدون تلك الإشارتين ، فمعنى ذلك أني سوف أنقله بالمعنى.
6- ما استفدته من عالم أو كاتب أو كتاب فإني أوثق ذلك بذكر الشخص الذي استفدت منه ذلك المعنى ، وما لم اذكر فيه توثيقاً فإني لم استفده من أحد.
هذا هو مضمون البحث ، فما كان فيه من إصابة فهي من الله ، وما كان فيه من خطأ فهو من نفسي والشيطان ، والله ورسوله منه بريئان.
وفي الختام أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرزقنا السداد والإعانة ، وأن يرزقنا الإخلاص في الأقوال والأعمال ، وأن يجعل هذا العمل في موازين حسناتنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه
فهد بن علي الحسون
في يوم الأربعاء 5\10\1425هـ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
فهد بن علي الحسون
في يوم الأربعاء 5\10\1425هـ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
تـمـهـيـد
ويتضمن أربعة مباحث :
• تعريف الشهر القمري.
• تعريف رؤية الهلال.
• تعريف الحساب الفلكي.
• ما يترتب على دخول الشهر القمري.
المبحث الأول
تعريف الشهر
• تعريف الشهر القمري.
• تعريف رؤية الهلال.
• تعريف الحساب الفلكي.
• ما يترتب على دخول الشهر القمري.
المبحث الأول
تعريف الشهر
الشهر في اللغة : وضوح في الأمر وإضاءة ، قال ابن فارس : " الشين والهاء والراء أصل صحيح يدل على وضوح في الأمر وإضاءة ، من ذلك الشهر ، وهو في كلام العرب الهلال ، ثم سُمي كل ثلاثين يوماً باسم الهلال ، فقيل شهر"(1).
وفي الشرع : يراد بالشهر عند الإطلاق : الشهر الهلالي ، قال تعالى : {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} (36) سورة التوبة(2).
_______________
(1) [معجم مقاييس اللغة] لابن فارس (3\222).
(2) [الموسوعة الفقهية الكويتية] (26\261).
المبحث الثاني
تعريف رؤية الهلال
(1) [معجم مقاييس اللغة] لابن فارس (3\222).
(2) [الموسوعة الفقهية الكويتية] (26\261).
المبحث الثاني
تعريف رؤية الهلال
الرؤية هي : النظر والإبصار ، بعين أو بصيرة(1).
والهلال هو : غرة القمر ، قال ابن منظور : والهلال غرة القمر حين يُهله الناس في غرة الشهر ، وقيل : يسمى هلالاً لليلتين من الشهر ، ثم لا يسمى به إلى أن يعود في الشهر الثاني ، وقيل : يسمى به ثلاث ليال ٍ ثم يسمى قمراً ، قال أبو إسحاق : الذي عندي وما عليه الأكثر أن يسمى هلالاً ابن ليلتين ، فإنه في الثالثة يتبين ضوءه. والجمع أهلة ، وأهللنا شهر كذا رأينا هلاله ، وأهل الشهر واستهل ظهر هلاله وتبين ، قال أبو العباس : وسمي الهلال هلالاً لأن الناس يرفعون أصواتهم بالإخبار عنه(2).
والمراد برؤية الهلال في الشرع : مشاهدته بالعين بعد غروب شمس يوم التاسع والعشرين من الشهر السابق ممن يعتمد خبر وتقبل شهادته ، فيثبت دخول الشهر برؤيته(3).
_______________
(1) [معجم مقاييس اللغة] لابن فارس (2\472).
(2) [لسان العرب] لابن منظور (11\703).
(3) [الموسوعة الفقهية الكويتية] (22\23).
المبحث الثالث
تعريف الحساب الفلكي
(1) [معجم مقاييس اللغة] لابن فارس (2\472).
(2) [لسان العرب] لابن منظور (11\703).
(3) [الموسوعة الفقهية الكويتية] (22\23).
المبحث الثالث
تعريف الحساب الفلكي
الحساب هو : العد ، ومنه قوله تعالى : {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} (5) سورة الرحمن(1).
والفلك في اللغة هو : مدار النجوم ، قال ابن منظور : الفلك : مدار النجوم ، والجمع أفلاك ، والفلك واحد أفلاك النجوم ، ويجوز أن يجمع على [فـُعْـل] ، مثل : أَسـد وأُسْد ، وخَـشَب وخـُشْب(2).
واصطلاحاً هو : العلم الذي يبحث عن أحوال الأجرام السماوية ، أو هو العلم الذي يدرس ما في السماء من نجوم وكواكب(3).
واصطلاحاً هو : العلم الذي يبحث عن أحوال الأجرام السماوية ، أو هو العلم الذي يدرس ما في السماء من نجوم وكواكب(3).
وينبغي التنبه إلى أن [علم الفلك] كان يطلق عليه قديماً [علم الهيئة] ، ولا فرق بين الاثنين(4).
وبناءاً على ما سبق ، يكون الحساب الفلكي هو : معرفة مسارات النجوم والكواكب ، وعد أيام سيرها ، ومعرفة مواقيت سيرها ، وغيابها وظهورها.
_______________
(1) [معجم مقاييس اللغة] لابن فارس (2\59).
(2) [لسان العرب] لابن منظور (10\478).
(3) [علم الفلك] ، للدكتور يحيى شامي (صـ 46).
(4) [علم الفلك] ، للدكتور يحيى شامي (صـ 46).
المبحث الرابع
ما يترتب على دخول الشهر القمري
(1) [معجم مقاييس اللغة] لابن فارس (2\59).
(2) [لسان العرب] لابن منظور (10\478).
(3) [علم الفلك] ، للدكتور يحيى شامي (صـ 46).
(4) [علم الفلك] ، للدكتور يحيى شامي (صـ 46).
المبحث الرابع
ما يترتب على دخول الشهر القمري
يترتب على دخول الشهر الهجري أحكام كثيرة من أحكام الإسلام ، وكذلك مهمة جداً ، ومنها على سبيل المثال :
1- صيام شهر رمضان ، قال تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (185) سورة البقرة.
2- الزكاة ، وذلك أن الزكاة تجب في المال الذي قد بلغ النصاب إذا حال عليه الحول ، والمسلم إنما يعرف مُضي الحول على ماله بمضي اثنا عشر شهراً قمرياً.
3- الحج ، قال تعالى : {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (197) سورة البقرة ، وأشهر الحج هي : شوال ، ذي القعدة ، ذي الحجة.
4- مدة الإيلاء ، قال تعالى : {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} (226) سورة البقرة.
5- صوم الكفارة ، قال تعالى : {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} (92) سورة النساء.
6- عدة المتوفى عنها زوجها ، قال تعالى : {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (234) سورة البقرة.
7- عدة اليائسة من الحيض ، وكذلك التي لم تحض ، قال تعالى : {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} (4) سورة الطلاق.
8- الأشهر الحرم التي يحرم القتال فيها ، وهي : رجب ، ذي القعدة ، ذي الحجة ، محرم ، قال تعالى : {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} (36) سورة التوبة.
بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فما ثبت من المؤقتات بشرع أو شرط ، فالهلال ميقات له"(1).
_______________
(1) [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية] (25\134).
بل إن الشرائع السابقة كذلك كانت أحكامها معلقة بالأهلة ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "وقد بلغني أن الشرائع قبلنا أيضاً إنما علقت الأحكام بالأهلة ، وإنما بدل من بدل من أتباعهم"(2).
1- صيام شهر رمضان ، قال تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (185) سورة البقرة.
2- الزكاة ، وذلك أن الزكاة تجب في المال الذي قد بلغ النصاب إذا حال عليه الحول ، والمسلم إنما يعرف مُضي الحول على ماله بمضي اثنا عشر شهراً قمرياً.
3- الحج ، قال تعالى : {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (197) سورة البقرة ، وأشهر الحج هي : شوال ، ذي القعدة ، ذي الحجة.
4- مدة الإيلاء ، قال تعالى : {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} (226) سورة البقرة.
5- صوم الكفارة ، قال تعالى : {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} (92) سورة النساء.
6- عدة المتوفى عنها زوجها ، قال تعالى : {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (234) سورة البقرة.
7- عدة اليائسة من الحيض ، وكذلك التي لم تحض ، قال تعالى : {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} (4) سورة الطلاق.
8- الأشهر الحرم التي يحرم القتال فيها ، وهي : رجب ، ذي القعدة ، ذي الحجة ، محرم ، قال تعالى : {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} (36) سورة التوبة.
بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فما ثبت من المؤقتات بشرع أو شرط ، فالهلال ميقات له"(1).
_______________
(1) [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية] (25\134).
بل إن الشرائع السابقة كذلك كانت أحكامها معلقة بالأهلة ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "وقد بلغني أن الشرائع قبلنا أيضاً إنما علقت الأحكام بالأهلة ، وإنما بدل من بدل من أتباعهم"(2).
فمما مضى تتضح الأهمية الكبيرة للشهر القمري ، خصوصاً أنه تتوقف عليه أحكام ثلاثة أركان من أركان الإسلام هي : (الصيام ، الزكاة ، الحج) وغيرها من الأحكام المهمة في حياة المسلم ، وإذا اتضحت تلك الأهمية اتضحت أيضاً أهمية بحث هذا الموضوع ، وتنقيحه وتوضيحه.
_______________
(1) [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية] (25\134).
(1) [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية] (25\134).
الفصل الأول
بمَ يثبت دخول الشهر القمري ؟
بمَ يثبت دخول الشهر القمري ؟
ويتضمن ثلاثة مباحث :
• دخول الشهر بثبوت رؤية الهلال.
• دخول الشهر بإتمام الشهر السابق ثلاثين يوماً.
• دخول الشهر بالحساب الفلكي.
المبحث الأول
دخول الشهر برؤية الهلال
يثبت دخول الشهر إذا رُؤي هلاله ؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم – في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – : «صُوموا لِرُؤْيتهِ وأفطِروا لرُؤيته»(1) ، ولقوله – صلى الله عليه وسلم – في حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – : «إذا رَأيتُموهُ فصوموا، وإِذا رأَيتُموهُ فأفطِروا. فإن غُمَّ عليكم فاقْدُرُوا له»(2) ، ولقـوله – صلى الله عليه وسلم – في حذيفة – رضي الله عنه – : «لاَ تُقَدِّمُوا الشَّهْرَ حتى تَرَوْا الهِلاَلَ أوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثُمَّ صُومُوا حتى تَرَوْا الهِلاَلَ أوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ»(3).
الرؤية التي يثبت بها دخول الشهر :
المطلوب في رؤية الهلال هو رؤيته بالعين المجردة ، أما رؤيته بالآلات الحديثة - كالمكبرات- فظاهر كلام الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - أن الاستعانة بها جائزة ، ولكن العـمدة عـلى
________________
(1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الصوم / باب قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : «إذا رأيتمُ الهلالَ فصوموا، وإذا رأيتُموهُ فأفطِروا» (1888) ، ومسلم في صحيحه في كتاب الصيام / باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفطر لرؤية الهلال ، وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما (2468) ، والترمذي في سننه في كتاب الصوم / باب ما جاء لا تقدموا الشهر (678) ، والنسائي في سننه في كتاب الصيام / باب إكمال شعبان ثلاثين إذا كان غيم (2118) ، وأحمد في مسنده (9696).
(2) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم / باب هل يُقالُ رَمضانُ أو شهرُ رمضانَ، ومَن رأَى كلَّهُ وَاسِعاً (1879) ، ومسلم في صحيحه في كتاب الصيام / باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفطر لرؤية الهلال ، وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما (2457) ، والنسائي في سننه في كتاب الصيام / باب ذكر الاختلاف على الزهري في هذا الحديث (2121) ، وابن ماجه في سننه في كتاب الصيام / باب ما جاء في «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» (1704) ، وأحمد في مسنده (6307)
(3) أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصيام / باب إذا أغمي الشهر (2327) ، والنسائي في سننه في كتاب الصيام / باب ذكر الاختلاف على منصور في حديث ربعي فيه (2127) ، قال الألباني : صحيح [صحيح سنن أبي داود للإمام الألباني (2\50) رقم الحديث (2326)].
رؤية العين حيث قال حين سئل عن استخدام الدربيل في رؤية الهلال : " إن استعان به فلا بأس ، ولكن العمدة على رؤية العين"(1) ، وقال في موضع آخر : " أمـــا الآلات فظاهر الأدلة الشرعية عدم تكليف الناس بالتماس الهلال بها ، بل تكفي رؤية العين ، ولكن من طالع الهلال بها ، وجزم بأنه رآه بواسطتها بعد غروب الشمس وهو مسلم عدل فلا أعلم مانعاً من العمل برؤيته الهلال ؛ لأنها من رؤية العين لا من الحساب"(2).
العدد المطلوب لرؤية الهلال :
تنقسم الشهور بالنسبة لهذه المسألة إلى قسمين :
1- شهر رمضان : ويكفي في ثبوته شهادة شخص واحد.
ويدل لذلك حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : «تَرَاءى النَّاسُ الهِلاَلَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ الله – صلى الله عليه وسلم – أنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ»(3) ، ويدل له كذلك حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : «جَاءَ أعْرَابِيٌّ إلَى النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقالَ : إنِّي رَأَيْتُ الهِلاَلَ ، فَقالَ : أتَشْهَدُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ الله؟ ، قال : نَعَمْ ، قالَ : أتَشْهَدُ أنَّ مُحمَّداً رَسُولُ الله؟ ، قال : نَعَمْ ، قالَ : يَا بِلاَلُ أذِّنْ في النَّاسِ فَلْيَصُوموا غَداً»(4).
وهذا هو قول الحنابلة(5) والشافعية(6).
وعـلى مـذهـب الحـنابلة لا يـُشترط كـون الشاهـد هنا ذكـراً ولا حـراً ، ولا أن تكـون بلـفـظ
_______________
(1) [مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله –] (15\70).
(2) [مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله –] (15\69).
(3) أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصيام / باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان (2343) ، قـال الألــبـانـي : صحيح [صحيح سنن أبي داود للإمام الألباني (2\55) رقم الحديث (2342)] ، وقال ابن حجر : صححه ابن حزم [تلخيص الحبير لابن حجر (2\187) رقم الحديث (879)].
(4) أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصيام / باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان (2341) ، والترمذي في سننه في كتاب الصوم / بابُ ما جَاء في الصَّوْمِ بالشَّهَادَة (685) ، والنسائي في سننه في كتاب الصيام / باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان وذكر الاختلاف فيه على سفيان في حديث سماك (2113) ، وابن مـاجـه في سننه في كتاب الصيام / باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهلال (1702) ، قال عنه الألباني : ضعيف [ضعيف سنن أبي داود للإمام الألباني (صـ 182) رقم الحديث (2340)].
(5) [الإنصاف] للمرداوي (3\194).
(6) [المجموع] للنووي (6\184).
الشهادة(1).
وأما مذهب الشافعية فلا يقبلون هنا شهادة المرأة ولا العبد(2).
وأما مذهب المالكية فلا يقبلون هنا إلا أن يشهد عدلان بذلك(3).
وأما مذهب الحنفية ففيه تفصيل : إن كان بالسماء علة – أي غيم أو قتر أو نحوهما – فشهادة الواحد على هلال رمضان مقبولة ، وفي هذه الحالة لا يشترطون كـونه ذكراً ولا حـراً ، وإن لم يكن بالسماء علة فلا تقبل إلا شهادة جع كثير يقع العلم بخبرهم ، وتقدير ذلك الجمع مفوّض إلى الإمام(4).
2- الشهور الباقية غير رمضان : لا تثبت إلا بشهادة ذكرين.
ويدل لذلك ما رواه النسائي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ : «أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يـُشَـكُّ فـِيـهِ ، فَـقَالَ : أَلاَّ إنِّي جَالَـسـْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عـليه وسـلـم – وَسَاءَلْتُهُمْ ، وَأَنَّهُمْ حَدَّثُونِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : صُومُوا لِرُؤيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لـِرُؤيـَـتـِهِ وَانـْسُكُوا لَهَا فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثَلاَثِينَ فَإنْ شَـهِـدَ شَـاهِـدَانِ فَـصُـومـُوا وَأَفْطِرُوا»(5) ، ولما رواه أبو داود عن حُسَيْنُ بنُ الحارثِ الْجَدَلِيُّ : «أنَّ أمِيرَ مَكَّةَ خَطَبَ ثُمَّ قال: عَهِدَ إلَيْنا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ نَنْسُكَ لِلرُّؤْيَةِ، فإنْ لم نَرَهُ وَشَهِدَ شَاهِدَا عَدْلٍ نَسَكْنَا بِشَهَادَتِهِمَا»(6) ، ولما رواه أبو داود كذلك عن رِبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ عن رَجُلٍ من أصْحَابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم – قال : «اخْتَلَفَ النَّاسُ في آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَـقَـدِمَ أعرَابِيَّانِ فَشَهِـدَا عِنْدَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلـم - بِاللَّهِ لأَهَلاَّ الهِـلاَلَ أمْـسِ
_______________
(1) [الإنصاف] للمرداوي (3\194- 195).
(2) [المجموع] للنووي (6\184).
(3) [المدونة الكبرى] للإمام مالك (1\193).
(4) [الفتاوى الهندية] للهمام مولانا الشيخ نظام (1\217- 218).
(5) أخرجه النسائي في سننه في كتاب الصيام / باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان وذكر الاختلاف فيه على سفيان في حديث سماك (2117) وأحمد في مسنده (18540) ، قال الألباني : صحيح [أرواء الغليل للإمام الألباني (4\16) رقم الحديث (909)].
(6) أخـرجـه أبـو داود في سننه في كـتاب الصيام / باب شهادة رجـلين عـلى رؤية هلال شـوال (2339) ، وقـال الألـبانــي : صحيح [صحيح سنن أبي داود للإمام الألباني (2\54) رقم الحديث (2338)] ، وقال الدارقطني : هذا إسناد متصل صحيح [سنن الدارقطني (2\267)]
عَشِيَّةً، فأمَرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ أن يُفْطرُوا»(1) ، وقد أجمع المسلمون على أن شهور السنة غير رمضان لا تقبل بأقل من شهادة عدلين(2).
ويدل لذلك ما رواه النسائي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ : «أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يـُشَـكُّ فـِيـهِ ، فَـقَالَ : أَلاَّ إنِّي جَالَـسـْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عـليه وسـلـم – وَسَاءَلْتُهُمْ ، وَأَنَّهُمْ حَدَّثُونِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : صُومُوا لِرُؤيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لـِرُؤيـَـتـِهِ وَانـْسُكُوا لَهَا فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثَلاَثِينَ فَإنْ شَـهِـدَ شَـاهِـدَانِ فَـصُـومـُوا وَأَفْطِرُوا»(5) ، ولما رواه أبو داود عن حُسَيْنُ بنُ الحارثِ الْجَدَلِيُّ : «أنَّ أمِيرَ مَكَّةَ خَطَبَ ثُمَّ قال: عَهِدَ إلَيْنا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ نَنْسُكَ لِلرُّؤْيَةِ، فإنْ لم نَرَهُ وَشَهِدَ شَاهِدَا عَدْلٍ نَسَكْنَا بِشَهَادَتِهِمَا»(6) ، ولما رواه أبو داود كذلك عن رِبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ عن رَجُلٍ من أصْحَابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم – قال : «اخْتَلَفَ النَّاسُ في آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَـقَـدِمَ أعرَابِيَّانِ فَشَهِـدَا عِنْدَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلـم - بِاللَّهِ لأَهَلاَّ الهِـلاَلَ أمْـسِ
_______________
(1) [الإنصاف] للمرداوي (3\194- 195).
(2) [المجموع] للنووي (6\184).
(3) [المدونة الكبرى] للإمام مالك (1\193).
(4) [الفتاوى الهندية] للهمام مولانا الشيخ نظام (1\217- 218).
(5) أخرجه النسائي في سننه في كتاب الصيام / باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان وذكر الاختلاف فيه على سفيان في حديث سماك (2117) وأحمد في مسنده (18540) ، قال الألباني : صحيح [أرواء الغليل للإمام الألباني (4\16) رقم الحديث (909)].
(6) أخـرجـه أبـو داود في سننه في كـتاب الصيام / باب شهادة رجـلين عـلى رؤية هلال شـوال (2339) ، وقـال الألـبانــي : صحيح [صحيح سنن أبي داود للإمام الألباني (2\54) رقم الحديث (2338)] ، وقال الدارقطني : هذا إسناد متصل صحيح [سنن الدارقطني (2\267)]
عَشِيَّةً، فأمَرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ أن يُفْطرُوا»(1) ، وقد أجمع المسلمون على أن شهور السنة غير رمضان لا تقبل بأقل من شهادة عدلين(2).
الشروط المشترطة فيمن يرى الهلال :
1- أن يكون عدلاً(3)، والعدالة هي : القيام بالوجبات واجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر(4).
ويرى الشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – أن الصحيح أن الشهادة تقبل في هذا الموضع إذا ترجح أنها حق وصدق ، حيث قال : " ولو قلنا بقول الفقهاء لم نجد عدلاً ، فمن يسلم من الغيبة والسخرية بالناس والتهاون بالواجبات وأكل المحرم وغير ذلك ، ولهذا كان الصحيح بالنسبة للشهادة أنه يقبل منها ما يترجح أنه حق وصدق ؛ لقوله تعالى : {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء} (282) سورة البقرة ، ولأن الله لم يأمرنا برد شهادة الفاسق ، بل أمرنا بالتبين فقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} (6) سورة الحجرات"(5).
2- أن يكون مكلفاً ، والمكلف هو : البالغ العاقل(6).
3- أن يكون قوي البصر ، بحيث يحتمل صدقه فيما ادعاه ، فإن كان ضعيف البصر لم تقبل شهادته ، حتى وإن كان عدلاً ؛ لأنه إذا كان ضعيف البصر وهو عدل فإننا نعلم أنه متوهم ، وممن قال بذلك الشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – وقال : " والدليل على ذلك أن القوة والأمانة شرطان أساسيان في العمل ، ففي قصة موسى مع صاحب مدين ، قالت إحدى ابنتيه:{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ }(26) سورة القصص ،
_______________
(1) أخرجه أبو داود في سننه في كـتاب الصيام / باب شهادة رجـلين عـلى رؤية هلال شـوال (2340) ، وقـال الألـبانــي : صحيح [صحيح سنن أبي داود للإمام الألباني (2\54) رقم الحديث (2339)].
(2) حكى هذا الإجماع ابن رشد ، حيث قال : " وأجمعوا على أنه لا يقبل في الفطر إلا اثنان ، إلا أبا ثور فإنه لم يفرق في ذلك بين الصوم والفطر" [بداية المجتهد] لابن رشد (2\559) وقول ابن رشد : " إلا أبا ثور فإنه لم يفرق في ذلك بين الصوم والفطر" ، يقصد به : أن أبا ثور لم يشترط في الفطر إلا واحداً كما أن الصوم يثبت بواحد كذلك.
(3) [الإنصاف] للمرداوي (3\194).
(4) [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\313).
(5) [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\314-315).
(6) [الإنصاف] للمرداوي (3\195).
وقال العفريت من الجن الذي التزم أن يأتي بعرش ملكة سبأ : {وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} (39) سورة النمل ، ومن ذلك الشهادة ، ولابد فيها من الأمانة التي تقتضيها العدالة ، ولابد فيها من القوة التي يحصل بها إدراك المشهود به"(1).
مسألة : إذا غم على الهلال ليلة الثلاثين من شعبان فما الحكم ؟
تحرير محل النزاع :
اتفقوا على أنه إذا رُؤي الهلال ليلة الثلاثين وجب الصوم ، وعلى أنه إذا لم يُرى الهلال ليلة الثلاثين وكان صحواً لم يجب الصوم ، وإذا لم يُرى الهلال ليلة الثلاثين مع وجود غيم أو قتر فهذا هو موضع الخلاف ، وقد اختلف العلماء على أقوال أشهرها :
اتفقوا على أنه إذا رُؤي الهلال ليلة الثلاثين وجب الصوم ، وعلى أنه إذا لم يُرى الهلال ليلة الثلاثين وكان صحواً لم يجب الصوم ، وإذا لم يُرى الهلال ليلة الثلاثين مع وجود غيم أو قتر فهذا هو موضع الخلاف ، وقد اختلف العلماء على أقوال أشهرها :
القول الأول :
أن صوم يوم الثلاثين هنا منهي عنه ، وقد اختلف أصحاب هذا القول ، فمنهم من قال منهي عنه نهي تحريم ، ومنهم من قال منهي عنه نهي تنزيه ، وهذا هو قول المالكية(2) والشافعية(3) ، ورواية عن أحمد(4) اختارها بعض أصحابه(5).
أن صوم يوم الثلاثين هنا منهي عنه ، وقد اختلف أصحاب هذا القول ، فمنهم من قال منهي عنه نهي تحريم ، ومنهم من قال منهي عنه نهي تنزيه ، وهذا هو قول المالكية(2) والشافعية(3) ، ورواية عن أحمد(4) اختارها بعض أصحابه(5).
أدلة القول الأول :
1- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : «لا يَتقدَّمنَّ أحدُكم رمضانَ بصومِ يومٍ أو يومَينِ إلاّ أن يكونَ رجُـلٌ كان يـصومُ صومَـهُ فـلـيَصُمْ ذلك
_______________
(1) [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\315).
(2) [حاشية الخرشي على مختصر سيدي خليل] للخرشي (3\11).
(3) [الحاوي الكبير] للماوردي (3\109).
(4) [الإنصاف] للمرداوي (3\192).
(5) نقل شيخ الإسلام ابن تيمية في [مجموع الفتاوى] (25\98-99) هذا القول عن أبي الخطاب ، وابن عقيل ، وأبي القاسم بن منده الاصفهاني ، وقال به من المعاصرين الحنابلة الشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – [الشرح الممتع للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\307)].
اليومَ»(1).
وجه الدلالة : أنه إن لم يكن يصوم صوماً ، فصام هذا اليوم الذي فيه شك ، فقد تقدم رمضان بيوم(2).
2- عن عمار بن ياسر – رضي الله عنهما – قال : «من صامَ يومَ الشَّك فقد عَصىٰ أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -»(3).
وجه الدلالة : أن هذا اليوم هو اليوم الذي يشك فيه ؛ لوجود الغيم والقتر(4).
3- عن عبدِ اللّهِ بنِ عمرَ – رضيَ الله عنهما – أن رسولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم – قال : «الشهرُ تِسعٌ وعشرونَ ليلةً، فلا تصومُوا حتّى تَرَوهُ، فإِنْ غُمَّ عليكم فأكمِلوا العِدَّةَ ثلاثين»(5).
وجه الدلالة : أن قوله : «فأكمِلوا العِدَّةَ ثلاثين» أمـر ، والأصـل في الأمـر الـوجوب ، فإذا وجب إكمال شعبان ثلاثين يوماً حرم صوم يوم الشك(6).
_______________
(1) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم / باب لا يُتَقدَّمَنَّ رمضانَ بصومِ يومٍ ولا يومين (1893) ، ومسلم في صحيحه في كتاب الصيام / باب لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين (2471) ، وأبو داود في سننه في كتاب الصيام / باب في من يصل شعبان برمضان (2336) ، والترمذي في سننه في كتاب الصوم / بابُ ما جاءَ لا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ بِصَوْمٍ (678) ، والنسائي في سننه في كتاب الصيام / باب التقدم قبل شهر رمضان (2173) ، وابن ماجه في سننه في كتاب الصيام / باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بـصـومٍ، إلا مـن صام صوماً فوافقه (1700) ، وأحمد في مسنده (7740).
(2) [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\305).
(3) رواه البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم في كتاب الصوم / باب قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأيتمُ الهلالَ فصوموا، وإذا رأيتُموهُ فأفطِروا» ، ووصله أبو داود في سننه في كتاب الصيام / باب كراهية صوم يوم الشك (2335) ، والترمذي في سننه في كتاب الصوم / بابُ ما جاءَ في كَرَاهَيةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ (680) ، والنسائي في سننه في كتاب الصيام / باب صيام يوم الشك (2189) ، وابن ماجه في سننه في كتاب الصيام / باب ما جاء في صيام يوم الشك (1695).
(4) انظر [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\305).
(5) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم / باب قولِ النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – : «إذا رأيتمُ الهلالَ فصوموا، وإذا رأيتُموهُ فأفطِروا» (1886) ، ومسلم في صحيحه في كتاب الصيام / باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفطر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما (2455) ، وأبو داود في سننه في كتاب الصيام / باب الشهر يكون تسعاً وعشرين (2321) ، والنسائي في سننه في كـتاب الصيام / باب ذكر الاختلاف على عبـــيد الله بن عمر في هذا الحديث (2123)، وأحمد مسنده (4483).
(6) [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\306)
1- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : «لا يَتقدَّمنَّ أحدُكم رمضانَ بصومِ يومٍ أو يومَينِ إلاّ أن يكونَ رجُـلٌ كان يـصومُ صومَـهُ فـلـيَصُمْ ذلك
_______________
(1) [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\315).
(2) [حاشية الخرشي على مختصر سيدي خليل] للخرشي (3\11).
(3) [الحاوي الكبير] للماوردي (3\109).
(4) [الإنصاف] للمرداوي (3\192).
(5) نقل شيخ الإسلام ابن تيمية في [مجموع الفتاوى] (25\98-99) هذا القول عن أبي الخطاب ، وابن عقيل ، وأبي القاسم بن منده الاصفهاني ، وقال به من المعاصرين الحنابلة الشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – [الشرح الممتع للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\307)].
اليومَ»(1).
وجه الدلالة : أنه إن لم يكن يصوم صوماً ، فصام هذا اليوم الذي فيه شك ، فقد تقدم رمضان بيوم(2).
2- عن عمار بن ياسر – رضي الله عنهما – قال : «من صامَ يومَ الشَّك فقد عَصىٰ أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -»(3).
وجه الدلالة : أن هذا اليوم هو اليوم الذي يشك فيه ؛ لوجود الغيم والقتر(4).
3- عن عبدِ اللّهِ بنِ عمرَ – رضيَ الله عنهما – أن رسولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم – قال : «الشهرُ تِسعٌ وعشرونَ ليلةً، فلا تصومُوا حتّى تَرَوهُ، فإِنْ غُمَّ عليكم فأكمِلوا العِدَّةَ ثلاثين»(5).
وجه الدلالة : أن قوله : «فأكمِلوا العِدَّةَ ثلاثين» أمـر ، والأصـل في الأمـر الـوجوب ، فإذا وجب إكمال شعبان ثلاثين يوماً حرم صوم يوم الشك(6).
_______________
(1) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم / باب لا يُتَقدَّمَنَّ رمضانَ بصومِ يومٍ ولا يومين (1893) ، ومسلم في صحيحه في كتاب الصيام / باب لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين (2471) ، وأبو داود في سننه في كتاب الصيام / باب في من يصل شعبان برمضان (2336) ، والترمذي في سننه في كتاب الصوم / بابُ ما جاءَ لا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ بِصَوْمٍ (678) ، والنسائي في سننه في كتاب الصيام / باب التقدم قبل شهر رمضان (2173) ، وابن ماجه في سننه في كتاب الصيام / باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بـصـومٍ، إلا مـن صام صوماً فوافقه (1700) ، وأحمد في مسنده (7740).
(2) [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\305).
(3) رواه البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم في كتاب الصوم / باب قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأيتمُ الهلالَ فصوموا، وإذا رأيتُموهُ فأفطِروا» ، ووصله أبو داود في سننه في كتاب الصيام / باب كراهية صوم يوم الشك (2335) ، والترمذي في سننه في كتاب الصوم / بابُ ما جاءَ في كَرَاهَيةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ (680) ، والنسائي في سننه في كتاب الصيام / باب صيام يوم الشك (2189) ، وابن ماجه في سننه في كتاب الصيام / باب ما جاء في صيام يوم الشك (1695).
(4) انظر [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\305).
(5) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم / باب قولِ النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – : «إذا رأيتمُ الهلالَ فصوموا، وإذا رأيتُموهُ فأفطِروا» (1886) ، ومسلم في صحيحه في كتاب الصيام / باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفطر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما (2455) ، وأبو داود في سننه في كتاب الصيام / باب الشهر يكون تسعاً وعشرين (2321) ، والنسائي في سننه في كـتاب الصيام / باب ذكر الاختلاف على عبـــيد الله بن عمر في هذا الحديث (2123)، وأحمد مسنده (4483).
(6) [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\306)
4- عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ – صلى الله عليه وسلم – : «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ»(1).
وجه الدلالة : أن إيجاب صوم هذا اليوم هو من باب التنطع في العبادة ، والاحتياط لها في غير محله(2).
وجه الدلالة : أن إيجاب صوم هذا اليوم هو من باب التنطع في العبادة ، والاحتياط لها في غير محله(2).
القول الثاني :
وجوب صوم ذلك اليوم ، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة(3) ، وهو قول جمع من الصحابة والتابعين(4).
وهذا القول يقال أنه أشهر الروايات عن أحمد ، ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية حقق أن الإمام أحمد كان يرى استحباب صوم هذا اليوم لا الوجوب ، حيث قال : وهذا (5) يقال أنه أشهر الروايات عن أحمد ، لكن الثابت عن أحمد لمن عرف نصوصه ، وألفاظه أنه كان يستحب صيام يوم الغيم ، وأما إيجاب صومه فلا أصل له في كلام أحمد ، ولا كلام أحد من أصحابه ، لكن كثير من أصحابه اعتقدوا أن مذهبه إيجاب صومه ، ونصروا ذلك القول(6).
وجوب صوم ذلك اليوم ، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة(3) ، وهو قول جمع من الصحابة والتابعين(4).
وهذا القول يقال أنه أشهر الروايات عن أحمد ، ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية حقق أن الإمام أحمد كان يرى استحباب صوم هذا اليوم لا الوجوب ، حيث قال : وهذا (5) يقال أنه أشهر الروايات عن أحمد ، لكن الثابت عن أحمد لمن عرف نصوصه ، وألفاظه أنه كان يستحب صيام يوم الغيم ، وأما إيجاب صومه فلا أصل له في كلام أحمد ، ولا كلام أحد من أصحابه ، لكن كثير من أصحابه اعتقدوا أن مذهبه إيجاب صومه ، ونصروا ذلك القول(6).
أدلة القول الثاني :
1- عن نافع عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : «إِنَّمَا الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَلاَ تَصُومُوا حَتَّىٰ تَرَوْهُ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّىٰ تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ»(7).
قال نافع : فَكَانَ ابنُ عُمَرَ إذَا كان شَعْبَانُ تِسْعاً وَعِشْرِينَ نُظِرَ لَهُ فَإن رُئِيَ فَذَاكَ وَإن يُرَ وَلَمْ
_______________
(1) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب العلم / باب هلك المتنطعون (6735) ، وأبو داود في سننه في كتاب السنة / باب في لزوم السنة (4600) ، وأحمد في مسنده (3656).
(2) [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\306).
(3) [الإنصاف] للمرداوي (3\191).
(4) نقله ابن قدامة عن عمر وابنه ، وعمرو بن العاص ، وأبي هريرة ، وأنس ، ومعاوية ، وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر ، وبكر بن عبد الله ، وأبو عثمان النهدي ، وابن أبي مريم ، ومطرف ، وميمون بن مهران ، وطاووس ، ومجاهد – رحم الله الجميع ورضي عنهم – [المغني لابن قدامة (4\330)]
(5) الإشارة إلى القول بالوجوب.
(6) [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية] (25\99).
(7) سبق تخريجه في (صـ 18)
يَحُلْ دُون مَنْظَرِهِ سَحَابٌ وَلاَ قَتَرَةٌ أصْبَحَ مُفْطِراً، فَإنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ أوْ قَتَرَةٌ أصـْبَحَ
صَائِماً(1).
وجه الدلالة : من وجهين :
أ – أن معنى قوله – صلى الله عليه وسلم – : «فَاقْدِرُوا لَهُ» أي : ضيقوا له العدد من قوله تعالى : {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} (7) سورة الطلاق ، أي ضُيق عليه ، وقوله : {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ} (26) سورة الرعد ، والتضييق له أن يُجعل شعبان تسعة وعشرين يوماً.
ب – أن ابن عمر – رضي الله عنهما – قد فسر الحديث بفعله ، وهو راويه وأعلم بمعناه فيجب الرجوع إلى تفسيره(2).
والجواب عن استدلالهم بهذا الحديث ما يأتي :
أولاً : الجواب عن الوجه الأول من وجهي استدلالهم : والجواب عنه من وجهين :
أ- لا نسلم لكم أن معنى قوله – صلى الله عليه وسلم – : «فَاقْدِرُوا لَهُ» ضيقوا له : بل المراد بالقدر هنا ما فسرته الأحاديث الأخرى ، وهو إكمال شعبان ثلاثين يوماً إن كان الهلال لرمضان وإكمال رمضان ثلاثين يوماً إن كان الهلال لشوال.
ب- وإن سلمنا لكم ما قلتم فلماذا لا نقول القدر أن يجعل رمضان تسعة وعشرين فتجعل التضييق على رمضان لأنه لم يهل هلاله إلى الآن ، فليس له حق في الوجود فيبقى مُضيقاً عليه.
ثانياً : الجواب عن الوجه الثاني من وجهي استدلالهم : أن أثر ابن عمر – رضي الله عنهما – لا دليل فيه على الوجوب ؛ لأن ابن عمر – رضي الله عنهما – قد فعله على سبيل الاستحباب ، أو الاحتياط ؛ لأنه لو كان على سبيل الوجوب لأمر الناس به ، ولو أهله على الأقل(3).
1- عن نافع عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : «إِنَّمَا الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَلاَ تَصُومُوا حَتَّىٰ تَرَوْهُ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّىٰ تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ»(7).
قال نافع : فَكَانَ ابنُ عُمَرَ إذَا كان شَعْبَانُ تِسْعاً وَعِشْرِينَ نُظِرَ لَهُ فَإن رُئِيَ فَذَاكَ وَإن يُرَ وَلَمْ
_______________
(1) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب العلم / باب هلك المتنطعون (6735) ، وأبو داود في سننه في كتاب السنة / باب في لزوم السنة (4600) ، وأحمد في مسنده (3656).
(2) [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\306).
(3) [الإنصاف] للمرداوي (3\191).
(4) نقله ابن قدامة عن عمر وابنه ، وعمرو بن العاص ، وأبي هريرة ، وأنس ، ومعاوية ، وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر ، وبكر بن عبد الله ، وأبو عثمان النهدي ، وابن أبي مريم ، ومطرف ، وميمون بن مهران ، وطاووس ، ومجاهد – رحم الله الجميع ورضي عنهم – [المغني لابن قدامة (4\330)]
(5) الإشارة إلى القول بالوجوب.
(6) [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية] (25\99).
(7) سبق تخريجه في (صـ 18)
يَحُلْ دُون مَنْظَرِهِ سَحَابٌ وَلاَ قَتَرَةٌ أصْبَحَ مُفْطِراً، فَإنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ أوْ قَتَرَةٌ أصـْبَحَ
صَائِماً(1).
وجه الدلالة : من وجهين :
أ – أن معنى قوله – صلى الله عليه وسلم – : «فَاقْدِرُوا لَهُ» أي : ضيقوا له العدد من قوله تعالى : {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} (7) سورة الطلاق ، أي ضُيق عليه ، وقوله : {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ} (26) سورة الرعد ، والتضييق له أن يُجعل شعبان تسعة وعشرين يوماً.
ب – أن ابن عمر – رضي الله عنهما – قد فسر الحديث بفعله ، وهو راويه وأعلم بمعناه فيجب الرجوع إلى تفسيره(2).
والجواب عن استدلالهم بهذا الحديث ما يأتي :
أولاً : الجواب عن الوجه الأول من وجهي استدلالهم : والجواب عنه من وجهين :
أ- لا نسلم لكم أن معنى قوله – صلى الله عليه وسلم – : «فَاقْدِرُوا لَهُ» ضيقوا له : بل المراد بالقدر هنا ما فسرته الأحاديث الأخرى ، وهو إكمال شعبان ثلاثين يوماً إن كان الهلال لرمضان وإكمال رمضان ثلاثين يوماً إن كان الهلال لشوال.
ب- وإن سلمنا لكم ما قلتم فلماذا لا نقول القدر أن يجعل رمضان تسعة وعشرين فتجعل التضييق على رمضان لأنه لم يهل هلاله إلى الآن ، فليس له حق في الوجود فيبقى مُضيقاً عليه.
ثانياً : الجواب عن الوجه الثاني من وجهي استدلالهم : أن أثر ابن عمر – رضي الله عنهما – لا دليل فيه على الوجوب ؛ لأن ابن عمر – رضي الله عنهما – قد فعله على سبيل الاستحباب ، أو الاحتياط ؛ لأنه لو كان على سبيل الوجوب لأمر الناس به ، ولو أهله على الأقل(3).
2- عن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللّهُ عَنْهُما - أَنَّ رَسُولَ اللّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ لَهُ
_______________
(1) أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصيام / باب الشهر يكون تسعاً وعشرين (2321) ، وأحمد في مسنده (4483) ، قال الألباني عن حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – : صحيح دون قوله (فكان ابن عمر) [صحيح سنن أبي داود للإمام الألباني (2\49) رقم الحديث (2320)].
(2) [المغني] لابن قدامة (4\331-332).
(3) [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\304-305).
أَوْ لآِخَرَ : «أَصُمْتَ مِنْ سُرَرِ شَعْبَانَ؟» ، قَالَ : لاَ ، قَالَ : «فَإِذَا أَفْطَرْتَ، فَصُمْ يَوْمَيْنِ»(1).
وجه الدلالة : أن سرر الشهر آخره ، ليالي يستسر الهلال فلا يظهر(2).
والجواب عن استدلالهم بالحديث : قيل : أن المراد بسرر الشهر أوله ، وقيل : أن المراد بسرر الشهر آخره ؛ لأن السرر جمع سرة ، وسرة الشيء وسطه ، وهذان القولان فيهما ضعف ؛ لأن الراجح أن المراد بسرر الشهر آخر ، وهذا ما عليه الجمهور والحامل لمن حمل سرر الشهر على غير ظاهره وهو آخر الشهر الفرار من المعارضة لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن تقدم رمضان بيوم أو يومين ، والجمع بين الحديثين ممكن ، وذلك بحمل النهي على من ليست له عادة بذلك وحمل الأمر على من له عادة بذلك(3).
_______________
(1) أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصيام / باب الشهر يكون تسعاً وعشرين (2321) ، وأحمد في مسنده (4483) ، قال الألباني عن حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – : صحيح دون قوله (فكان ابن عمر) [صحيح سنن أبي داود للإمام الألباني (2\49) رقم الحديث (2320)].
(2) [المغني] لابن قدامة (4\331-332).
(3) [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\304-305).
أَوْ لآِخَرَ : «أَصُمْتَ مِنْ سُرَرِ شَعْبَانَ؟» ، قَالَ : لاَ ، قَالَ : «فَإِذَا أَفْطَرْتَ، فَصُمْ يَوْمَيْنِ»(1).
وجه الدلالة : أن سرر الشهر آخره ، ليالي يستسر الهلال فلا يظهر(2).
والجواب عن استدلالهم بالحديث : قيل : أن المراد بسرر الشهر أوله ، وقيل : أن المراد بسرر الشهر آخره ؛ لأن السرر جمع سرة ، وسرة الشيء وسطه ، وهذان القولان فيهما ضعف ؛ لأن الراجح أن المراد بسرر الشهر آخر ، وهذا ما عليه الجمهور والحامل لمن حمل سرر الشهر على غير ظاهره وهو آخر الشهر الفرار من المعارضة لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن تقدم رمضان بيوم أو يومين ، والجمع بين الحديثين ممكن ، وذلك بحمل النهي على من ليست له عادة بذلك وحمل الأمر على من له عادة بذلك(3).
3- الاحتياط ، وذلك لأن هذا اليوم شك في أحد طرفي الشهر لم يظهر أنه من غير رمضان ، فوجب الصوم ، قالت عائشة : لأن أصوم يوماً من شعبان أحب إليَّ من أن أفطر يوماً من رمضان(4) ، وذلك لأن الصوم يحتاط له ؛ ولذلك وجب الصوم بخبر واحد ، ولم يفطر إلا بشهادة اثنين(5).
الجواب عن هذا الدليل : قال الشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – : " ما كان سبيله الاحتياط فقد ذكر الإمام أحمد وغيره أنه ليس بلازم ، وإنما هو على سبيل الورع والاستحباب ؛ وذلك لأننا إذا احتطنا وأوجبنا فإننا وقعنا في غير الاحتياط من حيث تأثيم الناس بالترك ، والاحتياط هو : ألا يؤثم الناس إلا بدليل يكون حجة عند الله تعالى"(6).
الجواب عن هذا الدليل : قال الشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – : " ما كان سبيله الاحتياط فقد ذكر الإمام أحمد وغيره أنه ليس بلازم ، وإنما هو على سبيل الورع والاستحباب ؛ وذلك لأننا إذا احتطنا وأوجبنا فإننا وقعنا في غير الاحتياط من حيث تأثيم الناس بالترك ، والاحتياط هو : ألا يؤثم الناس إلا بدليل يكون حجة عند الله تعالى"(6).
_______________
(1) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم / باب الصومِ من آخِرِ الشَّهر (1960) ، ومسلم في صحيحه في كتاب الصيام / باب صوم سرر شعبان (2704) ، وأبو داود في سننه في كتاب الصيام / باب في التقدم (2329) ، وأحمد في مسنده (19612)
(2) [المغني] لابن قدامة (4\332).
(3) [فتح الباري] لابن حجر (4\294).
(4) أخرجه أحمد في مسنده (24552) : عن عبد الله بن أبي موسى قال : أرسلني مُدْرِك أو ابن مدرك إلى عائشة أسألها عن أشياء ... وسألتها عن اليوم الذي يختلف فيه من رمضان ؟ ، فقالت : لأن أصوم يوماً من شعبان أحب إليَّ من أن أفطر يوماً من رمضان، قال : فخرجت ، فسألت ابن عمر وأبا هريرة ، فكل واحد منهما قال : أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أعلم بذاك منا.
(5) [المغني] لابن قدامة (4\332-333).
(6) [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\304-305).
القول الثالث :
أنه يجوز صومه ، ويجوز فطره ، وهذا هو مذهب الحنفية(1) ، وهو رواية عن أحمد(2) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقال : " وهو مذهب أحمد المنصوص الصريخ عنه ، وهو مذهب كثير من الصحابة والتابعين أو أكثرهم"(3).
(1) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم / باب الصومِ من آخِرِ الشَّهر (1960) ، ومسلم في صحيحه في كتاب الصيام / باب صوم سرر شعبان (2704) ، وأبو داود في سننه في كتاب الصيام / باب في التقدم (2329) ، وأحمد في مسنده (19612)
(2) [المغني] لابن قدامة (4\332).
(3) [فتح الباري] لابن حجر (4\294).
(4) أخرجه أحمد في مسنده (24552) : عن عبد الله بن أبي موسى قال : أرسلني مُدْرِك أو ابن مدرك إلى عائشة أسألها عن أشياء ... وسألتها عن اليوم الذي يختلف فيه من رمضان ؟ ، فقالت : لأن أصوم يوماً من شعبان أحب إليَّ من أن أفطر يوماً من رمضان، قال : فخرجت ، فسألت ابن عمر وأبا هريرة ، فكل واحد منهما قال : أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أعلم بذاك منا.
(5) [المغني] لابن قدامة (4\332-333).
(6) [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – (6\304-305).
القول الثالث :
أنه يجوز صومه ، ويجوز فطره ، وهذا هو مذهب الحنفية(1) ، وهو رواية عن أحمد(2) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقال : " وهو مذهب أحمد المنصوص الصريخ عنه ، وهو مذهب كثير من الصحابة والتابعين أو أكثرهم"(3).
دليل القول الثالث :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ذكر أن هذا اليوم يجوز صومه وفطره : " وهذا كما أن الإمساك عند الحائل عن رؤية الفجر جائز ، فإن شاء أمسك ، وإن شاء أكل حتى يتقن طلوع الفجر ، وكذلك إذا شك هل أحدث أم لا ، إن شاء توضأ وإن شاء لم يتوضأ ، وكذلك إذا شك هل حال حول الزكاة أو لم يحل ، وإذا شك هل الزكاة الواجبة عليه مائة أو مائة وعشرون فأدى الزيادة ، وأصول الشريعة كلها مستقرة على أن الاحتياط ليس بواجب ولا محرم"(4).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ذكر أن هذا اليوم يجوز صومه وفطره : " وهذا كما أن الإمساك عند الحائل عن رؤية الفجر جائز ، فإن شاء أمسك ، وإن شاء أكل حتى يتقن طلوع الفجر ، وكذلك إذا شك هل أحدث أم لا ، إن شاء توضأ وإن شاء لم يتوضأ ، وكذلك إذا شك هل حال حول الزكاة أو لم يحل ، وإذا شك هل الزكاة الواجبة عليه مائة أو مائة وعشرون فأدى الزيادة ، وأصول الشريعة كلها مستقرة على أن الاحتياط ليس بواجب ولا محرم"(4).
القول الرابع :
أن الناس تبع للإمام ، فإن صام صاموا ، وإن أفطر أفطروا ، وهذا القول رواية عن أحمد(5) ، وهو قول الحسن وابن سيرين(6).
أن الناس تبع للإمام ، فإن صام صاموا ، وإن أفطر أفطروا ، وهذا القول رواية عن أحمد(5) ، وهو قول الحسن وابن سيرين(6).
دليل القول الرابع :
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : «َفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَأضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ»(7).
_______________
(1) [البحر الرائق] لابن نجيم (2\462) و[الهداية شرح بداية المبتدئ] لبرهان الدين المرغيناني (2\531-532).
(2) [الإنصاف] للمرداوي (3\191).
(3) [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية] (25\99-100).
(4) [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية] (25\100).
(5) [المغني] لابن قدامة (4\330).
(6) نقل هذا القول عن الحسن وابن سيرين ابن قدامة في [المغني] (4\330).
(7) أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصوم / باب إذا أخطأ القوم الهلال (2325) ، وابن ماجه في سننه في كتاب الصيام / باب ما جاء في شهري العيد (1710) ، وقال عنه الألباني : صحيح [صحيح سنن أبي داود للإمام الألباني (2\50) رقم الحديث (2324)].
الترجيح :
بعد استعراض الأقوال والأدلة بدا لي أن الراجح يدور بين القول بالإباحة ، والقول بالتحريم ، أما القول بالوجوب فبعيد ؛ لعدم الدليل الذي ينتهض على تأثيم من لا يصوم ذلك اليوم ، وفي ظني
أن ما جعلهم يقولون بذلك هو احتياطهم للعبادة ، وتقدم معنا أن الاحتياط إنما يفيد الورع والاستحباب ، ولا يقوى على الإيجاب ، الذي يأثم بموجبه من ترك ذلك الفعل ، ففي رأيي أن صيام هذا اليوم إما أنه محرم أو مكروه ؛ لأنه هو يوم الشك ، أو أنه مباح كمن شك في طلوع الفجر مع وجود الحائل ، فله أن يمسك ، وله أن يأكل حتى يتيقن طلوع والفجر ، والله أعلم.
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : «َفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَأضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ»(7).
_______________
(1) [البحر الرائق] لابن نجيم (2\462) و[الهداية شرح بداية المبتدئ] لبرهان الدين المرغيناني (2\531-532).
(2) [الإنصاف] للمرداوي (3\191).
(3) [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية] (25\99-100).
(4) [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية] (25\100).
(5) [المغني] لابن قدامة (4\330).
(6) نقل هذا القول عن الحسن وابن سيرين ابن قدامة في [المغني] (4\330).
(7) أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصوم / باب إذا أخطأ القوم الهلال (2325) ، وابن ماجه في سننه في كتاب الصيام / باب ما جاء في شهري العيد (1710) ، وقال عنه الألباني : صحيح [صحيح سنن أبي داود للإمام الألباني (2\50) رقم الحديث (2324)].
الترجيح :
بعد استعراض الأقوال والأدلة بدا لي أن الراجح يدور بين القول بالإباحة ، والقول بالتحريم ، أما القول بالوجوب فبعيد ؛ لعدم الدليل الذي ينتهض على تأثيم من لا يصوم ذلك اليوم ، وفي ظني
أن ما جعلهم يقولون بذلك هو احتياطهم للعبادة ، وتقدم معنا أن الاحتياط إنما يفيد الورع والاستحباب ، ولا يقوى على الإيجاب ، الذي يأثم بموجبه من ترك ذلك الفعل ، ففي رأيي أن صيام هذا اليوم إما أنه محرم أو مكروه ؛ لأنه هو يوم الشك ، أو أنه مباح كمن شك في طلوع الفجر مع وجود الحائل ، فله أن يمسك ، وله أن يأكل حتى يتيقن طلوع والفجر ، والله أعلم.