تَعْويذَةٌ مِن لَعْنَةِ التّفَرْعُنِ
عمر أبو عبد النّور الجزائري
يبدو أن لعنة التفرعن كُتبت على أهل مصر ، فهي تخزيهم بالذل والهوان منذ عهد الفرعون الأول الذي رسم معالمها والمتمثلة في :عمر أبو عبد النّور الجزائري
1- الغباء، للاعتداد والاستعداء بالسلطة التافهة
"ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون " 51 الزخرف ،
وكم يساوي ملك مصر بالنسبة إلى مُلك الجبّار لكن الفرعون جاهل وغبي
2- قلب موازين ومقاييس الصّلاح والفساد، فإذا بالفرعون من المصلحين وموسى النبي عليه السلام من المفسدين "
"وقال فرعون ذروني اقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدّل دينكم وان يظهر في الأرض الفساد " غافر 26
3- الاستبداد بالرّأي والجبروت في الحكم
وقال فرعون ما أُريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرّشاد " 49 غافر
" آمنتم به قبل ان آذن لكم ... "
4- البطش بالمخالفين واضطهادهم رغم ظهور حجتهم
لاقطعنّ أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنّكم أجمعين " 29 الشعراء
5-التأله : أي ادعاء الإلوهية مقالا أو حالا
لئن اتّخذت إلها غيري لأجعلنّك من المسجونين " الشعراء"
لو أسقطنا معالم السياسة الفرعونية على سياسة نظام الحكم الحالي في مصر لوجدناها على المقاس ، متطابقة في تسيير شؤون الناس ، وما تغيرت إلا المصطلحات والظروف ، والفرق الوحيد بين السياستين هو أن الفرعون الأول كان سيفا مسلولا على بني إسرائيل وهم أهل حق آنذاك ، أما فرعون اليوم فهو خادم ذليل مهين لهم وهم على باطل وفساد وإفساد
.والقصيدة
تعويذة من لعنة التفرعن في مصر الحبيبة وفي كل قطر إسلامي أو عربي .
***
فرعونُ مصرَ .. فكم فرعون قد عرفتْ = أرجاءُ مصر فشاء الله وانقرضُوا
اهرامهم في الحمى تحكي مصائرَهم ْ= فالخلقُ مهما طغوا بالضّعف قد مُحِضُوا
وقفتَ تكدح ضدّ الله متَّبعا = شرّ اليهود بإيحاء وما فرضُوا
غدا ستمضي وتُنسى في الوجود كما = ولّى الذين على اقوامهم فُرِضُوا
الموت ُحقٌّ ويوم الحقِّ مُقترب ٌ= فالجسم ينخره الايَّام والمرَضُ
فكم ذوي دجَلٍ علَوْا كأغبرة ٍ= على الشعوب وهانوا في الورى .. نُفِضُوا
وكم ذوي دغَلٍ آذوا بسطوتهم ْ= فكفَّ سطوتهم شعبٌ أبَى .. دُحِضُوا
لا يُطغينَّك لِينٌ في الالى صمتوا = راموا السّلام لشعبٍ مُثخنٍ فَرضوْا
كم من رجالٍ على وقْع الأذى رقدوا = لمّا تمادى العدى في ظلمهم نهضُوا
لا تخدعنّك رايات وألوية ٌ = لآل صهيون أو من نحوهم ركضُوا
فالنَّصر للحقِّ مهما اشتدَّ شانئُه = والعار غاية من ثوبَ الحياء نَضَوْا
تأبى الكرامة في درب تعزُّ به = وتقتفي الوهمَ في درب الألى رُفِضُوا
تنحطُّ بالذلِّ للأعداءِ في طمعٍ = والشعب يطحنه الإعنات ُوالكظَظُ
اتخدم الضدَّ مجّانا ؟ اتعبده ؟ = فما هو الهدف المقصود والغرضُ ؟
توريثُ عرشٍ بغيضٍ بالأذى ؟ سفه ٌ= هل الكرامة من عرش الخنا عِوَض ُ؟
لو كنت تعدل أو تُدْنِي الكرامَ لما = أعاقَ قصدَك من يأبى ويعترِضُ
بل يهتف الشّعب للوُرَّاث في جذل ٍ= حُباًّ لسالفهمْ ، سما بهم فرضُوا
لكنَّ من سامَهم ْبالخزي مُنتعَلا = فدون غايته الإزراء ُوالمضَضُ
الشعبُ يهتف للإسلام هل فهمت ْ= أذيال امَّتنا قصدَ الألى اعترَضُوا
فرعونُ مصرَ أيا.. أرسل ذوي قيَمٍ = أعلوا مكارمَنا في الناَّس ما خفَضُوا
اركَنْ اليهم عصا الإعزازِ في يدهمْ = ينشقُّ بحر الونى بالعزِّ ان نهضُوا
الشأن يرفعه أهلُ الفضائل مَن ْ= على الجِمار لأجل الحقِّ قد قبَضُوا
لا ليس يرفعه قوم ٌزنادقة ٌ= لعهد خالقهم بالفسقِ قد نقَضُوا
حازوا العروشَ فصاغوها لخدمتهمْ = فما أقاموا بها حقاًّ وما حَفظُوا
بل سخَّروها لأعداءٍ ذوي دَغَلٍ = هبُّوا لزحزحة الإسلام وانتفضُوا
آهٍ على منطقِ الأخلاق في بلَدٍ = فيه الأسودُ رجالُ الحقِّ قد ربَضُوا
فالمفسدون به أهلُ الصَّلاحِ ومَنْ = راموا الصَّلاح بعنوان الرَّدى عُرِضُوا