مصطفى باشا كامل
هو الوطني الكبير. مصطفى بن علي أفندي محمد المهندس المولود بالقاهرة في 14 أغسطس سنة 1874. ولما بلغ السادسة من عمره أدخله والده المكاتب الأولية، ثم انتقل إلى مدرسة والدة عباس باش الأول، وفي أثناء وجوده في هذه المدرسة توفي والده فانتقل إلى مدرسة القربية فأتم فيها الدراسة الابتدائية سنة 1887، ثم تحول إلى المدارس الثانوية ونال في نهايتها شهادة البكالوريا بتفوق باهر وذكاء نادر ألفت إليه نظر المرحوم علي باشا مبارك وزير المعارف فاختصه بمرتب شهري يصرف إليه مساعدة له، وكان منظوراً إليه بعين الإجلال والاحترام من إخوانه ومعلميه ورؤسائه لما امتاز به من حسن الإلقاء وفصاحة اللسان وصراحة القول واستقلال الفكر ومناقشته في المسائل العلمية والاجتماعية والكل يعجبون به ويتوقعون له مستقبلاً مجيداً. ثم دخل مدرسة الحقوق الخديوية نهاراً ومدرسة الحقوق الفرنسية ليلاً فكان يتلقى دروسهما حتى نال الكفاية منها فذهب إلى طولون بفرنسا وأدى فيها الامتحان ونال الشهادة النهائية. وفي أثناء دراسته للحقوق تنبه خاطره للمسائل السياسية وأصبح همه إنقاذ مصر من الاحتلال. وكان يتردد على الجرائد الوطنية ليكتب فيها آيات الوطنية. وأنشأ المجلة المدرسية، وألف كتاب المسألة الشرقية ورواية فتح الأندلس وكتاباً في حياة الأمم والرق عند الرومان. كلها ترمي إلى تحبيب الاستقلال وإحياء الشعور الوطني في أفكار المصريين. واجتمع مصطفى بالمرحوم عبد الله النديم الخطيب المفوه والكاتب البليغ ومشعل نار الوطنية من قبل فاقتبس مصطفى منه الأساليب والتعليمات العظيمة وأضاف إلى معلوماته الماضية. ونهض نهضة الأسد إلى فريسته وأذكى أوار الوطنية في عقول الشباب الناهض وتطورت مصر الفتاة إلى يومنا هذا في مراقي التقدم والنجاح. وقد صار صيته في الآفاق وأصبح اسمه مرادفاً للشمس في رائعة النهار. وحدث عن شجاعته وفصاحته وقوة معارضته مما لا يمكن لقلم وصفه. وقد أنشأ جرائد اللواء العرب والفرنسي والإنكليزي لهذا الغرض. وتوفي يوم الأربعاء 10 فبراير سنة 1908، وشيعت جنازته باحتفال كبير لم يسبق له مثيل، واشترك فيه عشرات الألوف من جميع طبقات القطر المصري، وعم الخزن الشديد على جميع المصريين. ورثاه الكتاب والشعراء وجميع جرائد العالم. وطيرت نعيه الشركات البرقية الأجنبية في الممالك الأوروبية. وخطبه الظنانة كثيرة لا نطيل بذكرها.